“مهلا أيها الفرح ” إصدار مسرحي جديد للكاتب العراقي حسين السلمان بمقدمة للأكاديمي الكبير د. سامي عبد الحميد
المسرح نيوز ـ العراق| عبد الله جدعان
ـ
صدر عن دار النسيم للطباعة والنشر والتوزيع في القاهرة كتاب ( مهلا أيها الفرح ) للكاتب العراقي حسين السلمان وهو مجموعة مسرحيات تتحدث عن اشكاليات الانسان العربي.
وجاء في المقدمة التي كتبها الفنان المسرحي العراقي الكبير د. سامي عبد الحميد عرفت (حسين السلمان) مثقفا يهتم بالفن السابع ــ ومخرجا سينمائيا وكاتب سيناريو، وعرفته أخيرا كاتبا للنصوص المسرحية فقد صدرت له مجموعة مسرحية بعنوان (أصوات خارج الزمن) تظم ثلاث مسرحيات هي على التوالي (جذور الماء)،(شظايا الروح)، (لعبة متوحشة).
وها هو اليوم يصدر مجموعة أخرى تظم أربع مسرحيات هي (نوح) و (أنه القادم) و(أبناء الجمهوريات) و (رحلة الطيور). وعند قرائتي للنصوص المسرحية الاربع وجدت الكاتب (حسين السلمان) يمتلك خيالا واسعا يساعده في تاليف النص الذي هو أساس الفن المسرحي وأصعب عناصره من حيث أختيار الموضوعات والحبكات والشخصيات والبيئات وبناء عناصرها دراميا ،فالمسرحيات تكشف عن صراع بين الايجاب والسلب بين الشخصية الرئيسية وخصمها وصولا الى الهدف الاسمى ألا وهو الجوهر الفلسفي والفكري والعاطفي للنص.
ووجدت الكاتب (حسين السلمان) يمتلك قدرة جيدة وكافية لصياغة حوار جذاب وكثيرا ما يتصف بالبلاغة ويسمح للقاريء او للممثل أن يؤول ذلك الامر ..ووجدته ايضا في مسرحياته الاربع يجمع بين النثر والشعر ليمنح نصوصها جمالا وبهاء”،وأكتشفت أن المسرحيات الاربع تصنف كونها مسرحيات فكرية أكثر من أن تكون مسرحيات ذات أفعال محركة . وتبين لي أن هناك تنوعا في مضامين هذه المسرحيات وشخوصها وبنيانها.ولعل القاسم الفكري المشترك بين النصوص الاربع هو أدانة الحروب والاقتتال بين ابناء البشرية ، لذا حاول الكاتب (السلمان) في أكثر من موقع في هذه النصوص أن يسقط موضوعاتها على الواقع العراقي، وربما العربي ايضا وأن اضطر أحيانا الى استخدام الجمل الشعارية.
الصراع والاسطورة
في مسرحية (نوح) ركز المؤلف على الصراع بين الرجل والمرأة حول الوقوع في الخطأ وتاثير أحدهما على الاخر في السلوك وقد جاء بمثل لذلك مقاطع من ملحمة كلكامش. واضح من ثنايا النص أن المؤلف قد لجأ الى الاسطورة لكي يغلف موضوعته الرئيسية بغلاف سحري محدثا انزياحا كبيرا في تعرية الواقع فجاء نصا احترافيا يؤكد القدرة الفاعلة للمؤلف في التحكم في كل متطلبات النص المسرحي .
اللامعقول
في مسرحية (أنه القادم) ينحو(السلمان) منحى مسرح اللامعقول. فالانسان في هذا النص ضائع يدخل في متاهات ويحلم على الدوام ولا يجد الا السراب. ومن صفات مسرح اللامعقول استخدام الغموض في الحوار وهنا نرى المؤلف يتحول فجأة من العبثية الى الواقع العراقي ودخول المحتل محدثا غرائبية مثمرة لمضمون النص .
الاغتراب
في (أبناء الجمهوريات) يبتعد المؤلف عن المسرح الايهامي ويقترب من المسرح البرختي حيث الخطاب المباشر الموجه الى المتفرجين ومحاولة اشراكهم في الفعل الدرامي .وفي هذا النص وجدت أدانة للعرب في مواقفهم السلبية في العديد من الوقائع التاريخية في العراق وحيث شخصياته جعل منهم مرضى يرقدون في مستشفى لامراض مختلفة وكلهم سائرون نحو الظلام بدلا من النور والى الجهل بدلا من المعرفة وكأن المؤلف بهذه الادانة يريد ان يدفعهم الى التغير ، نحو ما هو أفضل .
الرمزية
في مسرحية (رحلة الطيور) حيث الرمزية في التشخيص وحيث الاستناد الى الاساطير متخيلا عالم الطيور تتنوع أشكال وأفعال وأفكار أفراده الذي يبحثون عمن ينظم حياتهم ويوحد أهدافهم .وتذكرنا هذه المسرحية بمسرحية قاسم محمد (رسالة الطير) من حيث الشكل البنائي للافكار وليس للافعال.
متعة القراءة
اقول على الرغم من طغيان عنصر السرد على أسلوب كتابة النصوص الاربع وأبتعادها قليلا عن الافعال المحركة للاحداث، أو الاصح ،للافكار فأن هناك متعة توفرها للقاريء ولكنها عصية على المنتج المسرحي وتحتاج الى حرفية عالية عند وضعها على خشبة المسرح وتجسيدها سمعيا وبصريا وحركيا .ولان (حسين السلمان) فنان سينمائي فقد وجدت من دواعي مهنته أن يدخل مقاطع من أفلام سينمائية تعرض على الشاشة عند عرض المسرحية على المسرح. أخير وليس آخرا لا يسعني ألا الاشادة بالجهد الكبير للاستاذ(حسين السلمان) لما قدمه من أضافة الى المكتبة المسرحية العربية واتمنى من صميم قلبي أن يستمر بعطائه الابداعي مطورا حرفياته في تأليف النصوص المسرحية أضافة الى أخراجه افلام سينمائية تتصف بخياله الواسع وحرفياته المتطورة.