نص مسرحية “أعطني الناي”ديودراما .. للكاتب السعودي.. “عبدالله إبراهيم عقيل”
المسرح نيوز ـ القاهرة | نصوص
ـ
ديودراما
أعطني الناي
* مسرحية من فصل واحد
عبدالله إبراهيم عقيل
تنويه
(أم الصبيان / أسطورة في جنوب وجنوب غرب المملكة العربية السعودية واليمن وأعلم أن هذه الأسطورة موجودة في كثير من بقاع العالم العربي فهناك من يسميها الغولة وهناك من يسميها أُمُّنا الغولة و تختلف مسمياتها وقد تختلف تفاصيل حكايتها..
تتحدث عن غولة تخطف الأطفال أحيانا وتسخط عتاة الرجال أحياناً أخر ، تحُكى بقصص مختلفة من مكان لآخر…)
(صخرتان تتوسطان فضاءً خالياً موحشاً….لا مؤشرات تدل على الحياة….يصل إلى هذا المكان الرجل (١) “يحمل على كتفه حقيبة صغيرة وقد تمكن منه التعب و الإرهاق” وهو يغني “أعطني الناي وغني…فالغنا سر الوجود….وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود
)يتعجب) …هل يعقل أن أقطع كل هذه المسافة دون توقف…دون أن أعطي نفسي مساحة راحة….(بضعف) … ولكنني وعدته أن أحضر له ماطلبه…(يخرج من جيبه قارورة) ولكن ماهي ياترى..لم يفصح لي…قال (يقلد صوت الآمر) اذهب ولاتكثر من الأسئلة ….لاتسأل عن أشياء إن تبد لك تسؤك …قلت سمعاً وطاعة…..سمعاً وطاعة…بت أكره هذه الكلمة….لاسؤال…لانقاش…لاوجهة نظر….لاتعبير…أوووه(بملل(
لاأريد أن أتذكر ماقال….(يسمع صوت همهمات ، يحاول أن ينصت ليسمع بوضوح)
الرجل ١ : هل يوجد أحد هنا….(لا إجابة(
يبدو أني أتخيل سماع هذه الأصوات …فلا وجود لها إلا في عقلي
) يغني…يرتفع صوت الهمهمات إلى أن يغطي علي صوت الغناء)
الرجل ٢: (صوت) من هناك ؟!
الرجل ١: (يلتفت بفزع) بسم الله بسم الله…أعوذ بالله من الشيطان
الرجل ٢: (صوت) قلت….من هناك
الرجل ١: (يرتبك ثم يهمس) أم الصبيان….أم الصبيان مالعمل (يختفي خلف إحدى الصخور)
الرجل ٢: (صوت) هل من الضروري أن أظهر لتٌعرّف بنفسك وسبب وجودك؟؟؟
الرجل ١: (باستغراب) أنت رجل إذن……لن تكون أم الصبيان
الرجل ٢: (صوت) ألا تعلم بأني أتشكل وأتلون حسب حاجتي؟؟؟؟
الرجل ١: أرجوك..لا تتشكل…فحياتنا مليئة بالمتشكلين…ولا تتلون فكثرتهم كرمال الصحراء
الرجل ٢: (صوت) إذن…قل من أنت ولماذا جئت؟؟؟؟
الرجل ١: (بخوف) وإذا رفضت ؟؟
الرجل ٢: (صوت) ستظهر لك أم الصبيان
الرجل ١: (يبلغ به الخوف مبلغه) ياربي….ياربي….مالعمل؟
الرجل ٢: (صوت) عش خوفك وهلعك….تطهر من أردان عقلك….ولكن تذكر….
الرجل ١: (يقاطعه) سأتذكر سأتذكر
الرجل ٢: (صوت) (بأمر) لا تقاطعني
الرجل ١: (يشير برأسه علامة إيجاب)
الرجل ٢: (صوت) تذكر بأنها قد حددت ليلة زفافك
الرجل ١: زفافي أنا !!؟؟
(لا يتلقي رداً وكأنه أمر وانقضى)
الرجل ١: (يتلعثم) ولكني رفضت هذا الزواج سابقاً عندما عرضه أبي..أجبته حينها بكل ثقة..هذا زواج شختك بختك*
- شختك بختك : كلمة عامية ، تطلق للتعبير عن نوع الحظ وتعني إما أن يكون حظك جيداً أو قد يكون سيئاً
الرجل ٢: (صوت) (بتعجب) شختك بختك…(كمن يلقي تعاويذ)أهيا شرهايا..أدوناي أصباون..لا يهمني…المهم…أم الصبيان في انتظارك
الرجل ١: (يصيح صيحة رعب ولا يعلم أي يختفي أو أين يهرب أو هل يرجو الرجل ٢ ليتركه في حال سبيله…تغزوه كثير من المشاعر المتناقضة ثم يقول)
الرجل ١: (بتعجب) حدد زفافي وأم الصبيان في انتظاري؟؟؟
الرجل ٢: (صوت) نعم
الرجل ١: (باستفهام) هكذا…دون أن تأخذ رأيي؟؟؟؟
الرجل ٢: (صوت) نحن وأم الصبيان لا نأخذ رأي أحد….نمارس اعتسافنا على من نريد…وكيف نريد
الرجل ١: يعني…لا رأي يشفع…..ولا شجاعة تنفع
الرجل ٢: (ببرود) نعم…نعم
الرجل ١: (يفكر) ولماذا أتزوج من لا أحبها ولا أعرفها؟؟
الرجل ٢: (صوت) ستتعرف عليها بعد عقد قرانكما
الرجل ١: (باستفهام) مغامرة أخرى نحو المجهول؟؟
الرجل ٢: (صوت) سيصبح المجهول معلوماً عند دراسة خارطته
الرجل ١: نحو المجهول ينعدم الوصول…كدوران في متاهة
الرجل ٢: (صوت) قلت…استعد….وكفى
الرجل ١: (يعود إليه رعبه السابق) ياويلي….ياويلي….مالعمل؟؟؟
الرجل ٢: (صوت) ماذا تفعل؟؟…هيا استعد
الرجل ١: أفكر
الرجل ٢: (صوت) في ماذا تفكر؟
الرجل ١: لن أخبرك
الرجل ٢: ستخبرني بالقوة إن لزم الأمر
الرجل ١: أفكاري ملكي..لن أسمح لأحد باختراقها…… وبث سمومه بين أركانها
الرجل ٢: (صوت) أفكارك ملكي…أنت ملكي…كل ماتراه هنا ملكي
الرجل ١: لم أكن يوماً ملكاً لأحد…أنا حر
الرجل ٢: (صوت) تصالح مع حريتك في مكان آخر…في زمن آخر أما هنا فلا
الرجل ١: ولم لا!!!؟؟
الرجل ٢: (صوت) أنت هنا..في مستعمرتي…في ملكي..في ملك أم الصبيان
الرجل ١: قلت…وأكرر…لست مملوكاً لأحد
الرجل ٢: (صوت) (بتهديد) هل أناديها؟؟؟
الرجل ١: تنادي من؟
الرجل ٢: (صوت) ما أسرع نسيانك؟؟
الرجل١: نسيان غير المهم يجلب المهم
الرجل ٢: (صوت) (بلا مبالاة) سأنادي…أم الصبيان
الرجل ١: لا…لا…أرجوك
الرجل ٢: (صوت) إذن…ستستمع لما أقول
الرجل ١: سأستمع
الرجل ٢: (صوت) ولن تعترض
الرجل ١: لن اعترض ….(بتردد)…دعني أفكر
الرجل ٢: (صوت) (بغضب) دون تفكير…هل فهمت
الرجل ١: (يحدث نفسه) نفذت كل الخيارات…إذن سأنفذ ما اعتزمته
(يحاول الهرب فيظهر أمامه الرجل الثاني بملابس قذرة وحالة يرثى لها ….يزداد رعباً وهلعاً فيغير اتجاه هروبه للجهة الأخرى …تنطلق صيحة من الرجل الثاني وهو واقف مكانه بثبات وثقة …..فيتوقف الرجل الأول كمن أصابه سهم الصيحة ….إظلام …صوت خطوات …تفتح الإضاءة والرجل الثاني أمامه مباشرة )
الرجل ٢: (يدور حول الرجل :١) هذه صيحة أقل بكثير من صيحة أم الصبيان…أقل بكثييير…هل تعلم ذلك ؟
الرجل ١: (يشير برأسه علامة الإيجاب)
الرجل ٢: إذن ستسمع وتعي ماأقول…واضح
الرجل ١: (يشير برأسه علامة الإيجاب)
الرجل ٢: جيد…والآن اذهب إلى تلك الصخرة ونظفها من الأتربة…لأني كما ترى نظيف ولا أحب الجلوس في الأماكن القذرة
الرجل ١: (يذهب بحركة آلية وبعد أن يجلس الرجل:٢ فوق الصخرة …يجلس بجانبه)
الرجل ٢: (يلتفت إلى الرجل :١ ويأمره بالجلوس بالأسفل بجانب رجله…كمن يهش بعوضة عن جسده ثم يقول)..ممتاز…(يُسوي جلسته)…هل أنت مرتاح
الرجل ١: لا
الرجل ٢: ممتاز…أنا هنا لراحتك….. هل أنت سعيد؟
الرجل ١: لا
الرجل ٢: ممتاز…أنا هنا لسعادتك…أسعدتني إجابتك وزادت كمية رضاي عن نفسي وها أنا أمنحك حياة كاملة
الرجل ١: لا شك في ذلك
الرجل ٢: أنا أعلم مدى رضاك…فهل ستجد في هذه الأيام من يعطيك… مأكلك…ومشربك…وسكنك…بالمجان
الرجل ١: لا لن أجد
الرجل ٢: وزوجة أيضاً
الرجل ١: إلا…هذااااا
الرجل ٢: لماذا؟؟
الرجل ١: من الذي يتزوج غولة ، واسمها أم الصبيان
الرجل ٢: أصمت…هل أناديها
الرجل ١: (يعود إليه هلعه) لا…لا تناديها
الرجل ٢: عندما ترفض في المرة القادمة…ستخطفك وستسخطك أم الصبيان
الرجل ١: أعوذ بالله منك
الرجل ٢: هذا ليس موضعاً للبس قميص التعوذ
الرجل ١: أنت تستمر في إخافتي
الرجل ٢: ليس ضرورياً أن تكون القمصان الجاهزة مناسبة لمقاسك
الرجل ١: وليس ضرورياً أن تجبرني على تجرع مالا أستسيغ
الرجل ٢: أنا أكبر منك وأعلم بمصلحتك
الرجل ١: أنت لست سوى ظل يقتل بتراكم السحب
الرجل ٢: قد أختفي ولكني أظهر..،قد أذهب ولكني أعود
الرجل ١: قد تغفل..عندها سأقلب الموازين وأتحرر (يحاول الهرب ولكنه يمسك به)
الرجل ٢: إلى أين أنت ذاهب؟
الرجل ١: (بتردد) كنت….كنت أعدل جلستي
الرجل ٢: هل تعتقد أن ذهابك سيحررك؟؟
الرجل ١: هل أنا سجين عندك؟
الرجل ٢: هل يوجد سجين ليلة زفافه؟
الرجل ١: هل يوجد زفاف دون قبول؟؟
الرجل ٢: هل هناك من يتجرأ لرفض أم الصبيان
الرجل ١: (بخوف) ياويلي ….ياويلي..ابحث لها عن غيري
الرجل ٢: هي من اختارتك ما أنا إلا….
الرجل ١: (يقاطعه) ما أنت إلا….من؟ من تكون؟
الرجل ٢: أنا..!!…أنا..أنا
الرجل ١: أقصد من تكون ولماذا أنت هنا
الرجل ٢: (كأنه فهم) أهاا..أكون أنا..ألا ترى استقلالي وكياني الخاص
الرجل ١: هل اعتسافك..استقلال وكيان؟
الرجل ٢: هناك من يحب أن يكون كياناً ثابتاً لا يتزحزح ……وهناك من يريد أن يكون شيئاً عابراً….هناك من يريد أن يستمر ويستمر ….وهناك من هو مجرد رقم كغيره من الأرقام.
الرجل ١: (بآلية) وأنت مستمر لا يتزحزح
الرجل ٢: أنا أحدد الاختيارات…وأنا أحدد المشيئة
الرجل ١: لا بل أنا من يحدد
الرجل ٢: هل …أنا هو أنت!!؟؟…أم….أم….أم….(يفكر) !!؟
الرجل ١: تتماهى الاختيارات وتتحول للعنات تتلصص عليك …وترمي بك في جحيمها
الرجل ٢: هي أسئلة تأمل ولكنك تدهسها بعجلات الإجابات الفارغة
الرجل ١: سأذهب يوماً ما…وعش أنت لعنة أسئلتك
الرجل ٢: لن تستطيع
الرجل ١: إذن…إذهب أنت
(يتجادلان)
الرجل ٢: هذا مكاني
الرجل ١: ليس مكانك
الرجل ٢: بل هو
الرجل ١: ليس هو
الرجل ٢: أنا وصلت قبلك
الرجل ١: وصولك أولاً لا يعني تملكك
الرجل ٢: بل يعني
الرجل ١: لا يعني
الرجل ٢: ستبقى هنا…وستمتثل لأوامري
الرجل ١: (برجاء وضعف) أأبقى على مضض؟…وأنت ترفض إخباري
الرجل ٢: بماذا؟
الرجل ١: هل أنت من أقارب أم الصبيان!!؟
الرجل ٢: الآن فهمت…وضح سؤالك كي أفهم..فلن تحصل على إجابات جيدة إلا بأسئلة جيدة
الرجل ١: لم تجب عن سؤالي؟
الرجل ٢: ألم تقل..عش وحدك لعنة أسئلتك
الرجل ١: ألم تقل…أني أدهس أسئلة التأمل بعجلات الإجابات الفارغة
الرجل ٢: أي سؤال تقصد؟
الرجل ١: (بصبر نافذ) هل أنت أحد أقارب أم الصبيان؟
الرجل ٢: (بغضب) احترم نفسك…تأدب… كن ذليلاً عندما تنطق اسم سيدتك
الرجل ١: (يعود لرعبه السابق ويقول باستغراب) سيدتي!
الرجل ٢: نعم سيدتك…لأنها سيدة هذا المكان (يخطئ في قوله…فيتبعه بتصحيح مرتبك) أقصد أنا سيد هذا المكان… وعليك أن تنفذ ما أقول
الرجل ١: (بتعجب) سيد هذا المكان!!!!…
(يلتفت فلا يرى سوى مكان فارغ…مجرد فضاء لا شيء حوله)
مكان جميل…ولو أنه قفر قليلاً…يبدو أن المارين به قد سرقوا كل شيء
الرجل ٢: اخجل من نفسك …واشكرني لسماحي لك بالجلوس في مكان أنا …أملكه
الرجل ١: لم أعلم أن الأمكنة تنصهر داخل الأسماء..تصبح مجرد رمز..قد يطمسه رمز آخر
الرجل ٢: لم تعد تنصهر…ولكن يتم تقميصها….وإلباسها أجمل الثياب…وتزيينها وإبراز مفاتنها في عرض يسرالناظرين
الرجل ١: كذبوا ورب الكعبة…هذا كذب…هذا تزويييير…هذا طمس للحقائق
الرجل ٢: هل توجد حقائق؟؟أين هي؟؟وكيف تكون؟(باقتناع) لا شيئ غير خداع مغلف بالوهم
الرجل ١: لقد تلفت أعصابي …هل ستسمح لي بالذهاب؟
الرجل ٢: لا…ولاتكرر هذا السؤال
الرجل ١: أرجووووك
الرجل ٢: لنفترض أني تركتك تذهب…حتماً ستكون أم الصبيان بانتظارك
الرجل ١: وما العمل…هنا ستتزوجني وهناك ستسخطني
الرجل ٢: ثق بي وسترى
الرجل ١: أثق بك؟؟
الرجل ٢: نعم..فهنا أنت ملكي..وكل مملوك يثق بسيده وإذا أعلنت عصيانك سلمتك لأم الصبيان
الرجل ١: أرجوك…لاتسلمني لها…سأكون خادمك المطيع
الرجل ٢: أبهذا الشكل تتوسل الرحمة وتتسول الغفران
الرجل ١: أتوسل ودك ورحمتك…وأتسول حمايتك وغفرانك…ضمني إلى جناحك…وضللني
بسديم أمنك
الرجل ٢: (لم يقتنع) أهكذا تقدم الرجاءات والتوسلات؟
الرجل ١: سأنفذ ماتأمرني به
الرجل ٢: زد رجاءاتك…أكثر من توسلاتك…اجعلها أكثر تأثيراً في عقلي…قد أقتنع!
الرجل ١: سيدي…قرة عيني…أنا خادمك المطيع…لن أتعب أو أسأم من طاعتك
أنا طاعة عمياء ماضية في دياج الظلمات..أنا رهن إشارتك…وسرك الذي لن يظهر
الرجل ٢: (يستمتع بخضوعه) أحسست بصدق كلماتك…والآن ادفع فدية جلوسك هنا
الرجل ١: (يتزلف له) كرمك وعطفك ورعايتك سمحت لي بالجلوس بجانب رجل كريم مثلك
الرجل ٢: ادفع ولا تعبث
الرجل ١: (يواصل تزلفه) رقة كلماتك كنسائم فجر ندية
الرجل ٢: وتستمر في عبثك
الرجل ١: (وهو مستمر بالانتشاء دون أن يقصد) نعم…نعم
الرجل ٢: (بغضب) هاااااا
الرجل ١: (يتلعثم) أقصد يا حكيم الزمان وسيد المكان…لن يجرؤ كائناً من كان بالعبث مع سيده
الرجل ٢: مادمت لا تعبث…قدم لي ماهو مميز
الرجل ١: لك كل الأماني والأحلام…لك كل مالم يخطر على قلوب البشر
الرجل ٢: ألمح تزلفاً في حديثك
الرجل ١: (يرتبك) أنت ذكي ياسيدي…وتعلم بأنه لا تقدم لك إلا التضحيات
الرجل ٢: أثبت لي صدق قولك
الرجل ١: لا يحتاج السادة لإثبات…فهم الآمرون….وهم الناهون
الرجل ٢: (بأمر) قدم فديتك
الرجل ١: (يستمر في تزلفه) إن شئت خذ عيناي…فهي لاتبصر إلا ماتبصره أنت…إن شئت
خذ عقلي فهو لايفكر إلا بك
الرجل ٢: (باستغراب) عقلك!!؟ لا..عقلك يحتاج لهذه(يخلع قبعته ويلبسها للرجل (١))
الرجل ١: (ينحني) هذا شرف لا أستحقه
الرجل ٢: اعتبرها بمثابة مترجم لما آمرك به
الرجل ١: سيسعدني أن أفهم وأنفذ ماتقوله بسرعة
الرجل ٢: (يأمره) اقترب
الرجل ١: (يقترب..ولكن رأسه يرفض البقاء بشكل مستقيم…كلما رفعه الرجل (٢) عاد وسقط وانحنى لأسفل)
الرجل ٢: إرفع رأسك
الرجل ١: في حضورك تصبح كل الأشياء خاضعة
الرجل ٢: تتهرب من دفع الفدية!؟
الرجل ١: لست ضد مشيئتك
الرجل ٢: مشيئتي تقتضي أن تدفع فدية بقاءك هنا
الرجل ١: سأقدم لك ماتريد
الرجل ٢: جيد…انزع ثوبك
الرجل ١: سيتشرف ثوبي بنزعه…سيرقص جسدي طرباً أمام سيادتك (يحدث نفسه) جاملته إلى أن أمر بنزع ثوبي…بماذا سيأخذ مني بعد ذلك
الرجل ٢: (لا يسمعه جيداً فيستوضح الأمر) ماذا تقول؟…ألديك اعتراض
الرجل ١: من ذا الذي يقول لك لا…أنا رهن إشارتك
الرجل ٢: أسرع…هيا
الرجل ١: ولكن….
الرجل ٢: ولكن…ماذا!!!؟
الرجل ١: لدي اقتراح أجمل
الرجل ٢: تختلف معايير الجمال لديك عن معاييري
الرجل ١: يبرز الجمال بالاختلاف
الرجل ٢: لا يبرز الجمال عندي إلا بحصولي على ماأريد
الرجل ١: تذكر…أنه لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع
الرجل ٢: تحدث بسرعة واترك المماطلة
الرجل ١: (يغني) أعطني الناي وغني فالغنا سر الوجود…
الرجل ٢: (يقاطعه) قلت لك تحدث…ماهو اقتراحك الأجمل؟
الرجل ١: هذا هو (يستمر بالغناء)
الرجل ٢: بئس الاقتراح
الرجل ١: بالعكس فالغناء…راحة…تهذيب للنفس…تحليق مع الجمال
الرجل ٢: الغناء للضعفاء والحالمين
الرجل ١: صفاء للروح…رؤية دون غبش…تفاؤل بالحياة
الرجل ٢: عش أحلامك وحدك.
الرجل ١:الغناء دوزنة لأوتار القلب…بوح بمكنوناته…نثار نور يضيء حجراته الخلفية من رواسب الظلمات
الرجل ٢: أنا أحصل على ما أريد بقوتي
الرجل ١: جرب ولن تخسر شيئاً
الرجل ٢: لا…والآن انزع ثوبك
الرجل ١: (بتردد وخوف) ولكن…..
الرجل ٢: عدنا لـ “ولكن” مرة أخرى
الرجل ١: أأنزعه أمام هذه الحشود؟
الرجل ٢: وماذا في الأمر؟
الرجل ١: (باستحياء) أصاب بحرج شديد
الرجل ٢: ألم تنزع ثوبك سابقاً؟
الرجل ١: لا أتذكر أني نزعته يوماً
الرجل ٢: ولا في خلوتك
الرجل ١: (ينحني باستحياء) قد يكون في أوقات…ليس الآن مجال ذكرها
الرجل ٢: هناك من لا ينزعه في خلوته…مثلي طبعاً
الرجل ١: لا شك في ذلك فأنت رب البيت وأنت المثل الأعلى
الرجل ٢: وهناك من ينزعه عند سفره
الرجل ١: لا أحب هؤلاء
الرجل ٢: وهناك من عامله كستارة…يزيحها عن النافذة إذا جن الليل…ويقفلها عند بزوغ الفجر
الرجل ١: وأنا لست من كل هؤلاء…هل لك أن تعذرني
الرجل ٢: لا عليك…لاعليك…البدايات دائماً صعبة
الرجل ١: (برجاء) دع نزع الثوب لوقت لاحق
الرجل ٢: أوامري تنفذ في الحال…والآن
الرجل ١: الآن…الآن
الرجل ٢: نعم…الآن
الرجل ١: ولكن…
الرجل ٢: (بصبر نافذ) وماذا بعد؟
الرجل ١:(يهمس) هل سيستمر نزع ثوبي طويلاً؟
الرجل ٢: (يفكر) لا…أعلم
الرجل ١: (يضحك) لا بد أنك تمزح
الرجل ٢: (بجدية) لست فارغاً لأعيش حياتي بين مزاح وضحك وغناء
الرجل ١: (يتوسل) ألا نؤجله لوقت لاحق
الرجل ٢: لا
الرجل ١: هل لي في أمنية أخيرة قبل نزعه؟
الرجل ٢: ماهي؟
الرجل ١: (يستمر في التوسل) عدني بتنفيذها؟
الرجل ٢: ليس كل ماتوعد به تحصل عليه…أحياناً ننتزع ما نريد بالقوة
الرجل ١: ستعيده بسرعة..أليس كذلك؟؟؟
الرجل ٢: ما ينزع لا يعاد لبسه
الرجل ١: (بخوف) كيف سأعيش دون ثوب؟كيف أعيش دونما غطاء؟
الرجل ٢: (يشجعه) بالتأكيد…ستكون أجمل وأحسن
الرجل ١: (باستفهام) دون ثوب؟
الرجل ٢: قد أهبك ماهو أفضل
الرجل ١: (ينظر إلى ثياب الرجل ٢ باشمئزاز ويحدث نفسه) سيهبني…ولم يهب نفسه
الرجل ٢: (يسمعه) قلت بأني لم أهب نفسي…صحيح؟؟؟
الرجل ١: (بارتباك) قلت بأنك ستهبني ماهو رائع مثلما وهبت نفسك
الرجل ٢: (يفتخر ويضحك) نعم…نعم… فالثياب دقيقة التفصيل…والخياطة…والتطريز..
تعطي مظهراً أجمل لمحبي المظهر…وقبل هذا لابد أن يكون المقاس مناسباً
الرجل ١: أنا بعيد عن عشاق المظاهر…ولكن أترى ثوبي فضفاض؟؟
الرجل ٢: جداً…جداً
الرجل ١: ماذا ينقصني في اعتقادك؟
الرجل ٢: ينقصك الكثير الكثير و….
الرجل ١: أرجوك أخبرني
الرجل ٢: في البداية ستحتاج لرتق الشقوق المنتشرة في ثوبك
الرجل ١: نعم…فالشقوق مافتأت تزداد يوماً بعد يوم
الرجل ٢: وستحتاج لتنظيفه أكثر…ليكون أنصع بياضاً وأجمل بريقاً
الرجل ١: أنت محق في ذلك
الرجل ٢: ستحتاج أيضاً لمقاس آخر يلاءم انحناءات وتعرجات ما خلفه الزمن على جسدك
الرجل ١: أنت على حق…ولكن…
الرجل ٢: عدنا إلى ولكن…هل ستنزعه أم أنزعه بالقوة
الرجل ١: ليس هذا مكان استعراض…فأنا أعرف قوتك وقوة أم الصبيان
الرجل ٢: هيا…لاتأخرني أكثر
الرجل ١: (ينزع الثوب باستحياء وخجل شديدين كما أنه يجد صعوبة في التأقلم مع الوضع
الجديد ، مع حرصه على بقاء حقيبته مكانها)
الرجل ٢: تعال
الرجل ١: (كمن يتوقع حدوث شيء يخافه) أرجوك…أتوسل إليك…لا…لا
الرجل ٢: (بأمر) اقترب
الرجل ١: (يقترب بخطوات مترددة يملؤها الخوف)
الرجل ٢: (ينزع الثوب ويناوله للرجل (١)..خذ (يسحب ثوب الرجل (١) من يده)
الرجل ١: (في لحظة نزع ثوب الرجل (٢)… الرجل (١) يغطي عينيه لكي لا يراه) ..
(يتعجب) هذا ثوبك!!!!؟؟
الرجل ٢: ألبسه…ولا تكثر الأسئلة
الرجل ١: (بقرف) ألبس هذا؟؟؟
الرجل ٢: ثيابنا تشبهنا…….(يرتدي كلاهما ثياب الآخر)
الرجل ١: (ينظر لثوبه الجديد ويتحدث بتزلف كاذب وواضح) يالهذا الثوب الرائع…فعلاً الإنسان يحتاج لمقاس يلاءم انحناءات وتعرجات ماخلفه الزمن
الرجل ٢: اسمع…ما آمرك به…يصب في مصلحتك
الرجل ١: أوامرك…بلسم يداوي كل الأشياء
الرجل ٢: (يشاهد جسد الرجل ١ بعد أن ألبسه ثوبه) إنه مناسب لمقاسك
الرجل ١: (لا يبالي) يبدو أن كل المقاسات تناسب مقاسي
الرجل ٢: ليس كل المقاسات…بل الذي أحدده أنا
الرجل ١: وجودي امتداد لوجودك
الرجل ٢: طبعاً
الرجل ١: تغرقني بكرمك كثيراً
الرجل ٢: أنت تستحقه
الرجل ١: لا أدري كيف ستكون حياتي لو لم أقابلك
الرجل ٢: اعلم بأنها لن تكون جيدة أبداً
الرجل ١: تستحق قبلة على جبينك أيها الكريم
الرجل ٢: لقد بدأت تفهم…يبدو أن القبعة آتت أؤكلها
الرجل ١: أنا رهن إشارتك
الرجل ٢: على ماذا تحتوى هذه الحقيبة؟
الرجل ١: زاد وماء للطريق
الرجل ٢: دعها عندي…وسأعطيك قليلاً من زادك وماءك عندما تحتاجه
الرجل ١: طبعاً…طبعاً…فهذا المكان ملكك وأنا ملكك…تفضل(يعطيه الحقيبة)
الرجل ٢: (بثقة ممزوجة بالغرور) صحيح كل شيء هنا ملكي..ملكي أنا…ملكي وحدي
(فترة صمت)
الرجل ١: أرغب بقتل صمت هذا المكان
الرجل ٢: (بلامبالاة) أقتلـه
الرجل ١: هل أتحدث؟
الرجل ٢: (بلامبالاة) تحدث
الرجل ١: (باستغراب) ستسمح لي!!!؟؟
الرجل ٢: وهل منعتك؟؟
الرجل ١: لن أتحدث أبداً إن لم تسمح لي
الرجل ٢: تحدث….فقد أهديتك الآن كل المباحات
الرجل ١: غريب أمرك؟
الرجل ٢: الغريب هو أن تجعل من نفسك غريباً
الرجل ١: (بفرح) هل أنت جاد فيما قلت؟؟؟
الرجل ٢: وما الإشكال في ذلك؟
الرجل ١: كأني أحدث شخصاً غيرك
الرجل ٢: ألهذه الدرجة لم أكن جيداً معك؟
الرجل ١: وكنت تمارس معي قانونين في آن
الرجل ٢: (يلتفت) لا أحد غيري هنا
الرجل ١: كنت تمارس معي قوتك وقوتها
الرجل ٢: (باستغراب) قوتها!!؟؟من هي؟
الرجل ١: أم الصبيان….هل نسيت؟
الرجل ٢: (يضحك وهو مرتبك) لا لم أنسى…. لماذا تذكرتها؟
الرجل ١: أنا هنا بسبب اعتسافكما…وإلا لما كنت هنا
الرجل ٢: مانراه حقاً مشروعاً تراه أنت اعتسافاً؟؟…تحدث…ولا تخف
الرجل ١: وستترك لي كامل حريتي في حديثي!!!؟
الرجل ٢: بلا قيد أو شرط
الرجل ١: سبحان مغير الأحوال
الرجل ٢: الأحوال تتغير بتغير الظروف والمصالح
الرجل ١: منذ متى وأنت هنا؟
الرجل ٢: لم يعد لمتى هذه قيمة فالأزمان أصبحت متشابهة….يحدث غداً ما تكرر بالأمس
الرجل ١: دعنا نفكر بغدٍ جديد
الرجل ٢: أو ندير قرص الزمن للخلف…فيعود الأمس ويتغير الغد بلا تدخل منا
الرجل ١: حان الآن وقت الحصاد…فقد زرع مازرع بالأمس…فكر بزراعة شيء آخر
الرجل ٢: أنت محق…..(يفكر) هل سيجدي حرق الزرع نفعاً
الرجل ١: ستبور الأرض…سينقطع نسلها…ولن تصبح صالحة في يوم ما
الرجل ٢: (يطرح أفكار) نرمي المحصول…نجفف عنه منابع الماء…نتركه يموت
الرجل ١: ربما هذا هو الأسلم
الرجل ٢: سأزرع بذوراً جديدة
الرجل ١: فهمت الآن سبب وجودك هنا
الرجل ٢: (بغضب) لم تفهم وعدت تمارس غبائك…وتوقعات وهمك
الرجل ١: قلت ستزرع بذوراً جديدة
الرجل ٢: ولكني لم أقل أن هذا سبب وجودي هنا
الرجل ١: يبدو أني تسرعت
الرجل ٢: أنت دائما متسرع ولا تأخذ الأمور بهدوء وروية
الرجل ١: أعطني فرصة أخيرة وسأغير نظرتك نحوي
الرجل ٢: (بملل) لك كل الفرص…هيا ماذا تريد أن تقول؟
الرجل ١: كم مضى على وجودك هنا؟
الرجل ٢: تجاوز هذه الذاتية المفرطة…وانطلق لما هو أسمى
الرجل ١: تحدد سموي بوجودي قربك….وهاأنا ذا أمارس ماهيتي
الرجل ٢: لك كل الحرية
الرجل ١: اعتقد…أنك فكرت في الخروج من هذا المكان
الرجل ٢: اعتقدت…أنك ستتحدث عن ماهية المكان….وسبب وجودي فيه
الرجل ١: الأمكنة تشبه ساكنيها
الرجل ٢: لا تشبههم بل هم من يتشبه بها
الرجل ١: كذلك أنت
الرجل ٢: أنا استثناء من قاعدة
الرجل ١:وجودك هنا…هروب من المواجهة
الرجل ٢: أنا وجدت قبل هذا المكان
الرجل ١:المكان أوجدك…ما أنت إلا طيف تعيش في الظل
الرجل ٢: ربما تغريني حياة الأطياف
الرجل ١: وتحاول الهروب من ظلك…لتعيش حياة النور…لتوجد…لتبحث عن كيان
مفقود وذات هاربة
الرجل ٢: أنفذ اختياري ومشيئتي
الرجل ١:بئس الاختيار والمشيئة
الرجل ٢: لكنه اختياري وعليك أن لا تتدخل في اختياراتي
الرجل ١:لست قادراً على الاختيار أنت تهرب وتستمر بالهرب
الرجل ٢: لا يهم
الرجل ١:وهذا سبب اختيارك للمكان
الرجل ٢: أنا مسؤول عن ما أفعل
الرجل ١: أنت قلق ولم تعد قادراً على الانفلات
الرجل ٢: احملني على تجاوزه
الرجل ١: أفهمك الآن أكثر
الرجل ٢: ليس ضرورياً أن تستنسخ الفهم من التوقع
الرجل ١: ابتعد الآن عن دروعك التي تحمي بها نفسك
الرجل ٢: (ينهار) لم أحب تقديس الثياب…فخرجت أبحث عن ذاتي
الرجل ١: أعلن أمامي ضعفك وانهزامك
الرجل ٢: كلهم يقدسون ثيابهم
الرجل ١: أنت تراهم كما تحب…وفي الحقيقة هم يختلفون
الرجل ٢: رؤيتي وسعتهم جميعاً
الرجل ١: ما أكذبك
الرجل ٢: لست كاذباً
الرجل ١: رأيت كل الناس من زاوية تعميم ضيقة
الرجل ٢: منظاري أوسع مما تتخيل
الرجل ١: بمنظارك الواسع ستغير نظرتك وستقول “البعض”
الرجل ٢: جميعهم دون استثناء
الرجل ١: تضفي على كذباتك قيمة كونية
الرجل ٢: روح واقعي تنطق بما لم تفهمه
الرجل ١: واقعك لك وحدك…وليس شرطاً أن يكون كواقع غيرك
الرجل ٢: من يثبت لي…أن ثيابهم ماهي إلا ستارة تخفي خلفها القبح….من يثبت لي أنهم لا ينزعونها عند تواريهم عن الأنظار…من يثبت لي أن هذه الثياب باطنها كخارجها…من يثبت…
الرجل ١: (يقاطعه)القضية…ليست كما تعتقد
الرجل ٢: لن أهتم بقولك
الرجل ١: اعلم ، بأن الاهتمامات تختلف حسب الحاجات والمصالح
الرجل ٢: هاأنت قلتها
الرجل ١: نعم..قلتها..بيقين الصبح..وإبصار الغد…فشعاع الصبح لن يغيب إلا بإغماض العيون
الرجل ٢: يهمني في قضيتي…أنا…نفسي…إنسانيتي…أن لا أسلب مني…أن لا ألبس ما لا أريده..أن لاأخلع ما أريد..مضاجعة فكرة واحدة باختياري..خيرمن مضاجعة الملايين بلا اختيار
الرجل ١: ولكنك مرتبط بغيرك…أنت لا تعيش في عالم وحدك
الرجل ٢: من يبحث عن فتات خبز سيفكر مثلي
الرجل ١: جرب أن تغني…أن تحلق مع الموسيقى
الرجل ٢: لن تنفع…لن تنفع
الرجل ١: (يفكر) اسمع…سأخرجك مما تشعر به وستنطلق
الرجل ٢: كيف
الرجل ١: غني معي
الرجل ٢: لا أحب الغناء
الرجل ١: غني…سيرتاح قلبك…ستخرج من روحك كل الزفرات القذرة
الرجل ٢: أمتأكد؟؟
الرجل ١: نعم…نعم
الرجل ٢: (يغني…أعطني الناي وغني…..)
الرجل ١: هل ارتحت
الرجل ٢: أفضل مما مضى
الرجل ١: استمر في الغناء…استمر
الرجل ٢: (يغني)…..(وهوفي قمة نشوته)…أنا أثق بك…سأخبرك سراً
الرجل ١: أقدر لك ثقتك
الرجل ٢: لقد ذهب رجل من قرية مجاورة ليحضر دواء لسيد قريتهم…هذا الدواء سيجعله عظيماً بينهم…لن يقدروا على عصيانه أبداً…وسينفذون كل ما يأمرهم به
الرجل ١: (ومازال الرجل ٢ يتحدث…يأخذ حقيبته منه وينتحي ناحية أخرى…يخرج القارورة من الحقيبة…ينظر إليها…يتردد قليلاً ثم يشرب محتوياتها)
الرجل ٢: (مازال في نشوته) لولا أني أثق بك لما أخبرتك (لا يتلقى أي رد)
الرجل ١: (تتبدل أحواله وينظر إلى الرجل ٢ بصمت…وعينان ترغب في اختراقه)
الرجل ٢: (يستغرب لايدري ما حدث) مابك…لماذا هذا الصمت…لماذا تظر لي هكذا…لماذا أخذت الحقيبة…هيا قل أي شيء
الرجل ١: (يرمي الحقيبة ويمشي بخطى بطيئة ومتزنة إلى أن يواجهه تماماً… الرجل ٢ بدا عليه التوتر والخوف ولا يعلم السبب) هل هذه ماتبحث عنها (يرفع القارورة لأعلى)
الرجل ٢: (يشير برأسه علامة الإيجاب ، ويزداد هلعاً من تغير سحنة الرجل ١..تتداخل وتتكوم الحروف في حلقه…فتصيبه حشرجة فيصعب نطقه)
الرجل ١: تحدث أم أن الحروف غادرتك
الرجل ٢: الحكاية ليست كما تتصور (ينطقها بصعوبة)
الرجل ١: (لايفهمه) تحدث بحرية..لاداعي أن تتشنج..أريد أن أفهمك
الرجل ٢: (ينطقها بشكل أوضح من السابق) الحكاية ليست كما تتصور
الرجل ١: ليست..كما..أتصور…وستبدأ الآن بسرد أعذار واهية
الرجل ٢: بل حقيقية
الرجل ١: (بسخرية) متناقض…قلت سابقاً لايوجد حقائق بل هو خداع مغلف بالوهم…وهاأنت تناقض نفسك
الرجل ٢: (ينظر للقبعة فوق رأس الرجل (١) ويشعر بالأسى) لم تفهمني
الرجل ١: (يستمر في سخريته) ومازلت تقولها!!!؟…أعلم بأنك تنسى نفسك دائماً…وهاأنا الآن أردها إليك…هذه هي قبعتك الحمقاء…خذها ثانية لتهبك حمقاً أكثر..لا فهماً كما تدعي
(يعيد إليه القبعة)
الرجل ٢: الحمق أن تبقى حبيساً لأجندة غيرك…الحمق أن تهدي مفاتيح عقلك ،غيرك…الحمق أن تنسى وتشتت نفسك وفكرك و أهدافك…والحمق الأكبر والأكبر منه…أن تدعي التفاؤل لتبقى…لتكون حياً…لتعيش…لتتنفس…(بيأس) مجرد مدعي لا شيء أكثر
(يهم بالمغادرة)
الرجل ١: (يعيده ، وهو يبتسم..ابتسامة انتصار)
أنظروا ياسادة…من يتحدث…لن ألومه…ذاكرته النسّائة تجب مالا يريد تذكره…لقد نسي أنه قال لي أنت ملكي…وأنه صاحب مقاليد أمور هذا المكان…لقد نسي أنه وهبني قبعة لأفهم…ورددتها إليه لأنه لايفهم…من ذا الذي يفلسف الحمق والادعاء…نعلم جميعاً أن الحمق ينسحب خلف الإدعاء ولكنه سكين متعدد الأنصال قد يخطئ أحدنا الإمساك به
الرجل ٢: أرجوك لا تؤذني
الرجل ١: اشرب من كأسك الذي أسقيتنه
الرجل ٢: أرجوك..فقد جئت لهذا المكان صانعاً للقوانين لأجل من أحبهم…لأني احترقت بنيران عشوائية تفكيرهم
الرجل ١: مافعلته يسمى هروباً في كل القوانين واللغات
الرجل ٢: لم يكن هروباً…ولكني كفتيل قنبلة موقوتة لم يحن الوقت للاشتعال أو الانفجار…عانيت الأمرين بينهم…فلم أستطع النوم بين ظهرانيهم حتى النوم أصيب بالأرق مثلي…فخرجت باحثاً عن كيان…عن وجود…بعدما سئمت كل التفاهات…وهنا توقفت
الرجل ١: هنا توقفت…(يكررها ويصفق) هنا توقفت…خطاب رائع…يدر الدموع…ويجعل من لا يعرفك يتعاطف معك…ومع هذا حاولت أن تمتلك كل شيء…وقلت هذا ملكي
الرجل ٢: ليس ملكي
الرجل ١: آسف…اذن هو ملك أم الصبيان…صحيح؟؟؟؟
الرجل ٢: لم يكن لها وجود أبداً
الرجل ١: (باستغراب) ماذا!!!؟؟؟
الرجل ٢: ها أنت تعيش متصالحاً مع خوفك وهلعك
الرجل ١: لقد آلمتني…آلمتني كثيراً…إلى أن شعرت أنك الحاكم بأمره…أعد لي ثوبي
(يعيد له ثوبه)
الرجل ٢: وأنا أريد ثوبي
الرجل ١: لا…ستبقى هكذا دون ثوب…فأنت لاتستحقه…عريك يعبر عنك أكثر
الرجل ٢: تغيرت كثيراً…لم تكن هكذا أبداً
الرجل ١: تحولت…ولم أتغير ولم أتشكل…وأنت آن أوانك لتتحول…وتترك آفات كياناتك التي تبحث عنها…فعقلك وقلبك بحاجة لروحك…اطمأن فكل شيء يتحول حتى عواطف العاشقين
الرجل ٢: هاأنت تمارس اعتسافك وتملكك وتحكم دون رجوع لخارطة العواطف
الرجل ١: أنا!!!!؟؟؟؟
الرجل ٢: العواطف تجمع اثنان…يتشاركانها..يعيشانها..يحميانها..أما تحولها فيكون من طرف واحد..ثم ينشرها هذا الطرف للآخر كفايروس معدي لايُبقي ولايذر…هذه قاعدة عامة في علاقة الإنسان بالآخر
الرجل ١: أسكت…أنا في غنى عن دروسك ومواعظك…من يمتطي الصهوة مقلوبة…ويريد وصول المحطة أولاً ، لن تسمع مواعظه…ولن تتلى حكمه
الرجل ٢: لن أجادلك أكثر…أنا رهن إشارتك…أنت من بيده الأمر الآن وأنا من أنفذ…أنا من يزرع وأنت ستحصد…أنا من أكد وأعمل وأنت من تجني ثمار النجاح…هل تكفيك هذه الضمانات
الرجل ١: لا…لاتكفي…فأنا طالب للقصاص لكرامتي التي أهدرتها وقد قيل(يسخر) كما تدين تدان…وإن وقت إدانتك لقريب.
اذهب ونظف مكان جلوسي… (يذهب بحركة آلية وبعد أن ينظف المكان يناديه) تعال..احملني (يحمله لمكان جلوسه فوق الصخرة …يجلس بجانبه)
الرجل ١: (يلتفت إليه ويأمره بالجلوس بالأسفل بجانب رجله…كمن يهش بعوضة عن جسده ثم يتململ وهو غير مرتاح وهو يقول) هذا المكان لا يناسبني…احملني إلى هناك(يشير إلى الصخرة الأخرى ،، وهو يحمله يأمره بالغناء) غني…واترك التغني بالقوة..
(ويستمر في حمل الرجل (١) والغناء والتنقل به إلى مالا نهاية)
مؤثر صوتي (أعطني الناي وغني وانسى داء ودواء…إنما الناس سطور كتبت لكن بماء)
تمت
ـــــــــــــــــ
للتواصل مع الكاتب بشأن النص:
المملكة العربية السعودية
ج/ ٩٦٦٥٤٠٤٣٩٨٧٠+
بريد إلكتروني / aqeel_abdullah@yahoo.com