نصوص

ننشر المسرحية الكوميدية “الوزير على التليفون” للكاتب: محمود القليني


المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص

ـ

المسرحية الكوميدية :

الوزير على التليفون

تأليف : محمود القليني

 

شخصيات المسرحية:

  • الأستاذ/ حسن

2-الأستاذ / غريب                                      

3-الأستاذة / عنايات

4-الأستاذ / كامل

5-مدير المدرسة

6-مصطفى

7-عبد اللطيف

8-أسامة

  • شريف طلاب فصل الفائقين

10-خالد

  • فؤاد

 

 

 

 

 

  • عم عوض عامل بالمدرسة 
  • عاملة بالمدرسة

 

المكان / مدرسة الثانوية للبنين .

الزمن / الوقت الحاضر .

 

 

 

 

 

 

   

 

 

الفصل الأول

المشهد الأول :حجرة المدرسين بمدرسة ثانوية ، مدرسان منهمكان في تصحيح الكراسات               و مدرسة تتناول فطورها ، يدخل وكيل المدرسة .

الأستاذ كامل          : (بيده بعض الأوراق) يا أستاذ (علي) أنا نزلت لك فصل الفائقين في جدولك

علي                   : (واقفاً على قدميه) فصل الفائقين … أعمل بيه إيه ، حدَّ الله بيني و بين الولاد دول ،  شوف حد غيري .

الأستاذ كامل          : (مستفسراً) ليه يا أستاذ (علي) ؟

علي                   : أنا حر … الفصل ده ما يلدّش عليّ .

الأستاذ كامل          : (مخاطباً المدرس الآخر) خلاص يا أستاذ (غريب) خد أنت الفصل .

 غريب                : (تاركاً ما بيده) هو أنا الحيطة الواطية ولا إيه ؟!

الأستاذ كامل          : (متعجباً) إيه الحكاية ، دا بدل ما تتعاركوا عليه (مخاطباً المدرسة التي تأكل)   مافيش غير الأستاذة (عنايات) … الفصل من نصيبك يا أستاذة .

عنايات                : (تنهض و تتقدم نحوه متحفزة) يعني أصوّت ، أنا ح ألاقيها من البيت ولا من المدرسة ، أنا يا أستاذ (كامل) عندي ولاد و أعصابي مش مستحملة .

كامل                   : (متعجباً) إيه الحكاية .

علي                   : (يقدّم له مقعداً) شوف يا أستاذ (كامل) ، صلّي على النبي و اقعد ، الولاد في فصل الفائقين مخلّصين المناهج كلها و مذكرينها مرّة و اتنين و كل اللي إحنا بنقوله هم عارفينه قبل الواحد منا ما يقوله .

عنايات                : (تعود إلى طعامها المفروش على المكتب) دول حافظين حاجات أنا ناسياها ، و بيفكروني و بيعرفوني حاجات أنا مش عارفاها .

علي                   : (بصوت منخفض) الحاجة الوحيدة اللي أنتِ عارفاها الأكل .

عنايات                : بتقول حاجة يا أستاذ (علي) ؟

علي                   : لا أبداً ، بقول هاتِ حتة مخللة .

غريب                 : يا أستاذ كامل دول بيألفوا و يخترعوا مسائل مالهاش حل .

علي                   : أي و الله يا أستاذ غريب ، واحد منهم جاب مسألة احترت فيها قلت له يقوم  يقولّي إنه مخترعها ، تصوّر مألفها !!

كامل                   : و ماله…. جاوب له .

علي                   : قصدك أخترع له إجابة .

غريب                 : الواحد مننا في الفصول التانية بيقول الكلمتين ، و اللي يفهم و اللي ما يفهمش عنه ما فهم .

غريب                : أمّا فصل الفائقين عايزين تشرح لهم بالتفصيل كل كبيرة و كل صغيرة و ليه الإجابة كده ، و إيه المانع إن الإجابة تكون بصورة تانية . الواحد مننا بيطلع من الفصل شاكك في معلوماته .

الأستاذ كامل         : يعني الفصل ما يدخلهوش مدرس ؟!

علي                   : و إيه يعني …. هم مش محتاجين مدرس …. المناهج هم مخلصنها قبل ما  تبدأ الدراسة .

الأستاذ كامل          : و ده كلام معقول … لا بد مدرس يدخل لهم ، ح أقول إيه للمدير ؟!

علي                 : (يفرقع أصابعه) أيوه . تاهت و لقيناها … أحسن حاجة إن المدير هو اللي   

                     يدرس لهم .

 عنايات               : (تنفّض عود جرجير و تضعه في فمها) أيوه يا أستاذ (علي) معاك حق ، المفروض ما يدرّس للفصل ده إلا اللي على درجة مدير … و مدير إدارة كمان .

الأستاذ كامل          : (ينهض متأهباً للانصراف) طيب يا أستاذة عنايات ح أنزل للمدير و أقول للمدير الكلام ده .

 عنايات               : ( تسرع و تجذبه من يده) أنت ياخويا باين عليك ما فطرتش  تعالى ياخويا (تقدّم له قطعة من الساندويتش) أقعد هنا أنا ح أعمل لك كباية شاي مظبوطة .

الأستاذ كامل        : ماشي ح أشرب الشاي ، بس برضه ح أقول اقتراحك ده للمدير ، و ح يفرح به جداً .

عنايات                : هو الواحد ما يعرفش يهزر معاك شويه ، يادي النيلة عليّ و على اللي في بالي .

كامل                   : خلاص يا ست عنايات ، خدي فصل الفائقين .

عنايات                : (تربّت على كتفه) هو أنت محفظتك ضاعت منك ؟

كامل                   : (واضعاً يده على جيبه) ليه ؟

عنايات                : يمكن ضاعت منك ، وحد قالّك إني سرقتها منك ، أنت زعلان مني ليه ياخويا ، دا حتى لا بينّا نسب ولا حاجة .

كامل                   : (واقفاً) مين اللي قال إني زعلان بس ؟!

عنايات                : يعني أنت مش زعلان ؟

كامل                   : لا … مش زعلان .

عنايات                : طاب … ما تجبش سيرة الفصل ده تاني قدامي .

غريب                 : (مقترباً من كامل و واضعاً يده على كتفه) أستاذ كامل … أنا عندي اقتراح .

كامل                   : اتفضل قوله .

غريب                 : إيه رأيك تاخد الفصل أنت .

علي                   : (يتقدّم من غريب و يشد على يده) الله … الله عليك يا أبو الأفكار و الله يا ياأستاذ غريب اقتراح وجيه .

عنايات                : ما قلتش ليه كده من الأول … كانت الفكرة دي غايبة علينا فين ؟!

كامل                   : أنتم عارفين إني وكيل المدرسة ولا أمارس التدريس .

غريب                 : إيه المانع … أنت عندك استعداد ولا لأ ؟

كامل                   : مش مسألة استعداد ، بس المدير و …

غريب                 : (مقاطعاً) مالكش دعوة .. أنا ح أنزل للمدير و ح أحاول أقنعه إن أصلح     واحد يدرّس لفصل الفائقين هو الأستاذ كامل .

علي                 : طبعاً يا أخي … و خسارة نضيّع الخبرة و العلم ، لابد إننا ننفع به الأجيال و    

                      ما نحرمهمش منها .

كامل                 : (متردداً و الله يا جماعة أنا ما عنديش مانع ، أهو الواحد يهرب من روتين   العمل الإداري شويه .

غريب               : (مشيراً إلى الأستاذ علي) يالَّا يا أستاذ (علي) نحاول نقنع الأستاذ المدير إنه ينزل فصل الفائقين للأستاذ كامل . (بصوت منخفض) الحمد لله … قدرنا نخلص من الفصل .

 

                            ( ستار)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المشهد الثاني

فصل دراسي في مدرسة ثانوية، مجموعة من الطلاب بعضهم منهمك في الدراسة و القراءة و البعض الآخر يتجاذب أطراف الأحاديث ، يدخل (طالب) من باب الفصل و يجلس على مقعد الأستاذ .

الطالب                 : (محدثاً زميلا له ) إيه يا (أسامة) .. الأستاذ (سيد) ما جاش ولا

                          إيه ؟

أسامة                 : للأسف يا ( شريف ) الأستاذ ما جاش النهارده ، سألت عنه في مكتبه (يخاطب من بجواره) أخبارك إيه يا عبد اللطيف ؟

عبداللطيف            : (غاضبا ) آدي حصة ضاعت ، دي حاجة تنرفز و الله .

شريف                 : ما تزعلش قوي كده … إحنا لسه في أول السنة .

عبداللطيف            : أيوه ، بس اللي بيفوت صعب إننا نعوّضه ، و أنت عارف المناهج شكلها إيه السنة دي .

أسامة                 : (مندهشاً) أنت ماخلصتش المنهج في الاجازة ولا إيه ؟

عبداللطيف            : (متردداً) خلصتها طبعا …. بس مرة واحدة .

شريف               : (ضاحكاً) و المرة التانية اللي بتحفظ فيها أرقام الصفحات و تحفظ الكتاب من الجلدة للجلدة .

عبداللطيف            : أبداً و الله … حتى السنة دي أنا كسلان بشكل غريب .

شريف                 : ما تخافش مش ح أحسدك يا عم .

أسامة                 : اللي يشوف كده يا (شريف) يقول إنك ما خلصتش المنهج .

شريف               : أنا ما أنكرش إني ذاكرته في الأجازة ، بس مش حافظه كلمة كلمة زي عبداللطيف .

عبداللطيف            : (يرفع نظارته فوق أنفه) يا جماعة أنا بفهم مش بأحفظ .

شريف                 : بس مش ملاحظين إن المناهج شكلها غريب السنة دي ؟

أسامة                 : أيوه معاك حق المناهج شكلها غريب ،( يخاطب طالبا يجلس في آخر     الفصل ) ولا إيه رأيك يا ( مصطفى ) ؟

مصطفى               : (من آخر الفصل رافعاً كتاباً بيديه) في رأيي إن المناهج كلها فالسو .

عبداللطيف            : (ملتفتاً إليه في سخرية) عميد الأدب قال رأيه في المناهج ، يا سلام !

مصطفى               : (ينهض و يتقدم إلى أول الفصل) أهه كل واحد منكم ذاكر المنهج أكتر من

مرة في الأجازة .. إيه رأيكم فيه ؟

عبداللطيف            : (منصرفاً عنه) سيبك من (مصطفى) ، دا له أفكار غريبة ما تعرفش بيجيبها منين .

مصطفى               : يا جماعة أنا وصلت للحقيقة ، الناس اللي هم أكبر منّا ، عايزين بني آدمين على مزاجهم ،  بيفكروا بطريقة معينة و بأسلوب محدد ، فوضعوا لنا المناهج دي ، أنتم فوتوا الفرصة عليهم و اقروا كل الكتب اللي توصل إيديكم إليها .

شريف                 : (ساخراً) و آخر السنة يا فالح ، الأسئلة ح تيجي من الكتب اللي سيادتك قرأتها ؟

مصطفى               : (يمسك إصبع طباشير ويضع علامة خطأ على السبورة) أكبر غلط تغلطوه  يا عباقرة زمانكم ،  إنكم بتذاكروا علشان الامتحان بس ، علشان النجاح .

عبداللطيف            : (منفعلاً) أمرك عجيب يا أخي ، أمال الواحد منا بيذاكر علشان إيه ؟

مصطفى               : (ناظراً إليه باستخفاف) الواحد بيذاكر و يقرأ علشان ينمي مداركه  و يكوّن شخصيته  و يصبح إنسان له كيان ، أما النجاح اللي بتتكلم عنه ، فهو مش مقياس .

أسامة                 : و تفتكر المقياس يكون إيه يا (مصطفى ) يا خبير الخبرا ؟

مصطفى               : (يسير بضع خطوات و يجلس على مقعد أمامهم) انتم معايا إن فيه كتير  ناجحين في الدراسة ، فاشلين في نواحي كتيرة تانية .

أسامة                 : أيوه فيه .

مصطفى          : (ضاحكاً و مشيراً إلى طالب في ركن الفصل عاكفاً على المذاكرة) زي( فؤاد) مثلاً … آهو بيجيب أكبر الدرجات و متفوق في الدراسة ، بس ما يعرفش حاجة عن الدنيا ، و يمكن يتوه لو مشي في شارع غير الشارع اللي بيمشي فيه كل يوم .

فؤاد               : (رافعاً عينيه عن الكتاب و النظارة فوق أرنبة أنفه) هه  أنتم بتتكلموا عليّ ؟

مصطفى          : لا … إحنا بنتكلم عن محرم فؤاد … تعرفه ؟

فؤاد               : (يعود إلى المذاكرة) لا … أصل بقراش قصص .

مصطفى          : و ما تعرفش كمان الملك فؤاد ولا نجوى فؤاد ؟

فؤاد               : (مفكّراً) أكيد دول قرايب محرّم فؤاد اللي بتتكلم عنه .

مصطفى          : يا سلام ! شوف الذكاء جاب العلاقة بينهم … ذاكر  يا فؤاد ذاكر ربنا ينجحك (ملتفتاً إليهم) زي ما أنتم شايفين إحنا ناجحين بتفوق و بنجيب درجات عالية جداً ، و أحسن فصل في المدرسة و الكل بيعمل لنا ألف حساب ، بس المشكلة إننا ما نعرفش حاجة تانية خالص خارج الكتب المقررة .

عبداللطيف            : مش هو ده المطلوب مننا ؟

مصطفى               : جزء من المطلوب و مش كل المطلوب .

أسامة                 : يا مصطفى أنت خيالي جداً … الظاهر إن الكتب اللي بتقرأها خارج المقرر لحست عقلك ، و خلتك تفكر تفكير غريب .

عبداللطيف            : دا الواحد ما عندهوش وقت للنوم ، نخرج من المدرسة على الدرس و نعود لنذاكر لحد ساعة متأخرة من الليل ، نعمل واجب المدرسة و واجب الدرس و ننام زي شوال البطاطا ، و كل يوم بالشكل ده .. ولا إيه رأيك يا فؤاد ؟

فؤاد                   : (يعدّل النظارة على أنفه) أنا و الله باكل على المكتب علشان ما أضيعش وقتي .

مصطفى               : (ساخراً) تلاقيك بتنام على المكتب كمان يا فؤاد .

فؤاد                   : لا لا … ماما كل ليلة تقومني من على المكتب ، و تنيمني على السرير .

شريف                 : (ضاحكاً) اوعى يا (فؤاد) تكون بتذاكر في الأحلام .

أسامة                 : أكيد دا يلاقي الشهادة تحت المخدّة .

فؤاد               : (بسذاجة) مش عارف ، أصلي ما فتشتش تحت المخدّة عن شهادات .

شريف            : النهارده قبل ما تنام ح تلاقيها تحت المخدّة .

فؤاد               : (ببراءة) بس مين ح يكون حاططها تحت المخدّة يا شريف ؟

أسامة             : (بنفاد صبر) يا خبر أبيض ! يا فؤاد .. يا (فؤاد) شريف بيهزر معاك .. أنت ما تعرفش الهزار ؟

فؤاد               : (راجعاً إلى كتابه) هزار ؟! مش عارف إزّاي تضيعوا وقتكم أنت و هو في الهزار ، مش أحسن تذاكروا ؟!

مصطفى          : زي ما قلت لكم ، مواد بندرسها في المدرسة ، نخرج من المدرسة ناخد فيها درس ، نفس المواد نرجع البيت نذاكرها .. و آخر السنة نمتحن في نفس المواد .

أسامة             : (غاضباً) نفس المواد .. نفس المواد ، إيه حكايتك يا أخي ، أمال عايزنا ندرس مواد في المدرسة و ناخد دروس في مواد مالهاش علاقة بالمواد المدرسية ، و نذاكر في البيت مواد تالتة ؟!

مصطفى          : يا ريت .. و الله كان زماننا متقدمين حتى على اليابان .

عبداللطيف       : كلامك ده بمثابة دعوة صريحة للفوضى و …

شريف            : (مقاطعاً) أبداً يا عبداللطيف … إن كان فيه مبالغة في كلام (مصطفى) إلا إنه قال حاجة مهمة ، و نبّه أذهاننا لحاجة مهمة و سؤال كل واحد مننا لازم يسأله لنفسه … يا ترى المناهج و المواد اللي إحنا بندرسها مفيدة ولا لأ ، و مناسبة للعصر اللي إحنا بنعيش فيه ؟

عبداللطيف       : شوف يا (شريف) … في المدرسة دي كل واحد له دور ، دورنا إحنا إننا نذاكر و نستوعب المنهج ، غير كده يبقى إحنا بنضيّع وقتنا في كلام فارغ .

مصطفى          : يعني يا عبداللطيف أنت بتصادر حق المناقشة ، أو حتى نسأل نفسنا ؟

شريف             : ليه لأ … من حقنا إننا نسأل إذا كان اللي بندرسه ده مفيد ولا لأ ، و إذا كان مفيد ليه بلدنا ما وصلتش لدرجة من التقدم ، مع إن بلاد تانية أقل منا وصلت   و قطعت مسافة كبيرة من التقدم .

مصطفى          : آهو دا اللي أنا بأقصده .

عبداللطيف       : (مخاطباً مصطفى ) أيوه يا سيدي لقيت واحد بيوافقك على كلامك .

شريف            : (غاضباً) أبداً يا عبداللطيف ، أنا مش بوافقه و السلام ، سنين و احنا بندرس المواد ديه و قبلنا أجيال درست و اتخرجت و ما حدش سأل يا ترى اللي بندرسه ح يوصلنا للحلم اللي بتحلمه بلدنا ، ولا هي مواد بندرسها للنجاح و للتخرج ؟

أسامة             : يا جماعة أنتو فعلاً فصل الفائقين ، بس أنا شايف إن الجلالة خدتكوا و بتتصوروا حاجات غريبة ، و بدل ما نستوعب المنهج و نفهمه بنسأل عن فايدة المواد ، و أحب أقول لكم إن المواد اللي بندرسها مفيدة و عظيمة ، و المواد ديه هي اللي ح تطلّع منكم الدكتور و المهندس و المدرس و المحامي .

مصطفى          : يا أسامة يا حبيبي ، أنا لا أدين المناهج و المواد ، فالسؤال ما يحملش أي شبهة إدانة . سؤالي سؤال محايد يبحث عن إجابة .

عبداللطيف       : و تفتكر مين اللي ح يجاوبك عن سؤالك ؟ طبعاً ح تقول السادة المدرسين .. أنت عارف كل مدرس يادوبك بيخلّص الدرس بالعافية في الحصة .

أسامة             : ثم إن الفصل سمعته ما شاء الله … أي سؤال من عباقرة الفصل يفتكر الأستاذ المدرس إن الحكاية حكاية اختبار له فتلاقي رد عنيف جداً .

عبداللطيف       : أنا مش عارف هم واخدين موقف مننا ليه ؟!

أسامة             : و ليه لأ ، مش واحد منكم نزل على نافوخه شيطان الاختراع و بدأ يجرب سلاح ذرّي في المعمل فجّر المعمل و كان ح يضيعنا معاه ، و واحد تاني عايز يخترع نظرية يعارض بها أينشتين و سماها اللانسبية و طفّش الأستاذ من الفصل ، و واحد تالت عايز يعمل ثورة في المناهج ؟!

طالب : (يقف و يتقدّم من المجموعة و بيده ورقة و قلم) لو سمحتم لي و …

أسامة             : (مقاطعاً) مين … خالد . هو أنت هنا ؟ و الله أنا فاكر إنك غايب النهارده .

شريف            : ما تفرقش معاه ، فهو زي ما بيقولوا الغايب الحاضر .

خالد              : (بحدّة) أرجوكم يا جماعة .. مفيش داعي للسخرية و التهكم و …

عبداللطيف       : (مقاطعاً) آهو خالد يتن ساكت ساكت و فجأة تلاقيه خرج بحاجات ليها العجب .

أسامة            : (ضاحكاً) أو ما يخرجش خالص .

شريف            : يفضل لابد في الدرة .

فؤاد               : (ملتفتاً) كنت بتعمل إيه في الدرة يا خالد ؟

شريف            : يا خبر أبيض ! دا النهارده يوم الكلام العالمي يا جماعة … خالد و فؤاد اتكلموا .

خالد              : (يعود و يجلس في مقعده) أنا متأسف يا جماعة .. خلاص مش متكلم .

مصطفى          : (يجذبه و يدعوه إلى الوقوف و التحدث) اتكلم يا خالد ، ما تدّيش لمراكز القوّة في الفصل فرصة إنهم يمنعوك من الكلام .

أسامة             : واد يا (شريف) .. احنا مراكز قوة ياله

شريف            : و الله .. داحنا حاجة حلوة طالما مراكز قوة .. بس يعني إيه مراكز قوة (ناظراً إلى فؤاد) يا فؤاد .. و النبي سؤال بسيط يعني إيه مراكز قوة ؟

فؤاد               : (ملتفتاً إليه و يصمت لحظات مفكراً) دي البؤرة التي تتمركز فيها الطاقة للانطلاق كلما تهيأت الظروف لذلك و …

شريف            : الله … هي دي موجودة في المقرر ولا إيه يا فؤاد ؟

فؤاد               : مقرر السنة دي لأ … إنما موجودة في مقرر السنة الجاية .

شريف            : (متقدماً منه ) و انت تعرف منين مقرر السنة اللي جايه ؟

فؤاد               : ما أنا قربت أخلصه .

شريف            : (يأخذ الكتاب من يده و يقرا غلافه) يا خبر أبيض ! الحقوا يا جماعة الواد فؤاد بيذاكر مقرر السنة الجايه .

أسامة             : ( متقدماً منهما و يأخذ الكتاب من يده) أي و الله مقرر السنة الجايه … الله .. أمّال مقرر السنة دي مش بتذاكره ولا إيه ؟

فؤاد               : لا … ما أنا خلصته السنة اللي فاتت .

أسامة             : (يعبث في رأسه و كأنه يحدث نفسه) مقرر السنة دي خلصته السنة اللي فاتت ، و مقرر السنة الجايه قربت تخلصه السنة ديه ( يهجم على فؤاد يقبّله و يربذت على صدره) اللهم صلي على النبي شاطر يا فؤاد و الله … قال و أنا فرحان و مبسوط إني قربت أخلص مقرر السنة دي .

شريف            : و بتستغرب ليه … تلاقي عبداللطيف ذاكر مقرر الجامعة .

عبداللطيف       : (يضع إصبعه على جانب رأسه) لا و الله … إنما بفكر لسه .

أسامة             : واد يا شريف تيجي نهرب من هنا ؟

شريف            : نروح فين ؟

أسامة             : مش عارف … الولاد دول إما ح يعملوا فينا حاجة ، و إما احنا نعمل فيهم حاجة … إيه هي مش عارف .

مصطفى          : (مخاطباً خالد) كنت عاوز تقول إيه يا خالد ؟

خالد              : (يقف) أنا شايف إن كلام كتير اتقال و رغبات و تطلعات .. بس ينقصها النظام .

شريف            : نظام إيه يا خالد ؟

خالد              : يعني احنا عايزين نعرف المواد اللي بندرسها دي مفيدة ولا لأ و مافيش قدامنا غير السادة المدرسين نسألهم عن الحكاية دي و …

شريف            : (مقاطعاً) و تفتكر السادة المدرسين ح يقولوا لك إنها مش مناسبة ؟

مصطفى          : و ليه لأ ؟

شريف            : (يجلس على المقعد و يضع قدماً فوق الأخرى و يشبك يديه) لما هي مش مفيدة ولا هي مناسبة بيدرسوها لنا ليه يا فالح ؟

خالد              : أرجوكم يا جماعة … أنا ح أقول لكم نقاط تنظم و تحدد المناقشة وافقتم عليها أهلاً و سهلاً ، ما وافقتوش خلاص .

مصطفى          : اتفضل يا خالد .

عبداللطيف       : (متدخلاً في الحديث) لحظة يا خالد … قبل ما نسأل السادة المدرسين أحب أوضح حاجة .. هل من حقنا إننا نسأل ، بحيث يكون من واجب المدرسين إنهم يجاوبوا على أسئلتنا ، و هل إذا كان لنا رأي في تلك المواد ح ياخدوا بيه ولا ح ينظروا لنا إننا مجرد مراهقين عايزين يثبتوا وجودهم و السلام ؟

شريف            : أظن ح يقولوا زي ما بيتقال لنا في البيت … إنهم أدرى بمصلحتنا و يعرفوا اللي ينفعنا و اللي ما ينفعناش … الواحد عامل زي الطفل اللي بيرضعوه .

أسامة             : بس تفتكر ح نسأل مين من المدرسين و إزاي ، و عن إيه ؟

خالد              : بمنتهي البساطة ح نطلب من كل مدرس حصة للمراجعة .

فؤاد               : أيوه و الله … أنا عايز أراجع المواد .

مصطفى          : يا فؤاد …. إحنا بنقول كده علشان يخصص كل مدرس حصة ما يشرحش فيها حاجة جديدة .

خالد              : (يقترب من فؤاد و يربّت على كتفه) هي فعلاً حصة للمراجعة … نراجع             فيها نراجع فيها كل اللي ما راجعناهوش خالص قبل كده … يدخل الأستاذ         الحصة نسأله عن أهمية المادة اللي بيدرسها  و كل واحد يكون محضر أسئلته و اقتراحاته .

عبداللطيف       : (ضاحكاً) بذمتكم دا كلام اللي بتقولوه … و أي مدرس ح يجاريكم في العباطة دي ؟

مصطفى          : دي مش عباطة يا (عبداللطيف) … إحنا لابد يكون لنا موقف و إيجابي … أنت بتدرس مواد و يُطلب منك فهمها و حفظها و يمكن بتكرهها كره العمى ، و لكنك مرغم على ده . و بعد ما نتخرج بنزاول عمل ما بنحبهوش و لكنك مرغم برضه ، و ده سبب التأخر اللي إحنا فيه أي موظف في أي مصلحة قبل ما يدخل المصلحة بيفكر يخرج منها إزاي ، أو يزوّغ امتى ، و الحجج اللي يأجل بيها الشغل ازاي ؟

شريف            : أنا عارف واحد قريبي يوم الاجازة يكون زي يوم العيد ، و يتمنى إن السنة كلها تكون اجازات .

مصطفى          : لا بد إننا ناخد موقف إيجابي … ندرس المواد اللي احنا بنحبها ، و نعمل            العمل اللي احنا بنحبه ، حديث الرسول بيقول : (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) و الحديث ده أساسه الحب .

عبداللطيف       : (ضاحكاً) دا لو ما درسناش إلا المواد اللي بنحبها ، و ما مارسناش إلا العمل اللي بنحبه يبقى مافيش حد ح يدرس ولا حد ح يعمل .

خالد              : ليه يا (عبداللطيف) .. الناس بره …

عبداللطيف       : (مقاطعاً) إيه جاب لجاب  … أنت عايزنا زي بتوع بره ؟

مصطفى          : و إيه المانع إننا نكون زيهم ، و أحسن منهم كمان ؟!

عبداللطيف       : أنت بتحلم .

مصطفى          : و هو الحلم حرام ؟ ثم إن بداية كل تقدم و تطور بدأ بالأحلام .

عبداللطيف       : أيوه دا بالنسبة للناس اللي بتحلم بالليل و تعمل بالنهار لتحقيق الحلم .

عبداللطيف       : شوف يا مصطفى و يا خالد أنا أتحداك لو الكلام اللي بتقوله ده اتنفذ … و أنا ح أوافقكم على الاقتراح ده .

شريف            : و أنا كمان .

أسامة             : و ماله .. نجرب (ناظراً إلى فؤاد) و أنت يا فؤاد … إيه رأيك ؟

فؤاد               : اللي تشوفوه يا جماعة أنا موافق عليه .

أسامة             : هو إيه اللي أنت موافق عليه ؟

فؤاد               : اللي تشوفوه .

أسامة             : (متعجباً) احنا مش شايفين حاجة .

فؤاد               : (محاولاً الرجوع إلى كتابه) ما هو ده اللي أنا موافق عليه .

أسامة             : (ضاحكاً) موافق ع اللي احنا مش شايفينه ؟

فؤاد               : (متضايقاً) أيوة يا أخي .

أسامة             : طاب و اللي احنا شايفينه ؟

فؤاد               : طبعاً مش موافق عليه … سبني يا أخي بأه .

مصطفى          : خلاص يا جماعة … النهارده ح نطلب من كل السادة المدرسين اللي ح يدخلوا لنا يخلوا كل حصص بكرة مراجعة .

خالد              : و كل واحد يحضّر الأسئلة اللي عايز يسألها .

عبداللطيف       : يا رب تكون بفايدة مش مجرد تضييع وقت .

مصطفى          : أبداً .. ح تكون أعظم فايدة و صلنا إليها إن شاء الله .

 

 

                                        (ستار)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                               الفصل الأول

المشهد الثالث

حجرة المدرسين … يُسمع جرس المدرسة ، تدخل الأستاذة (عنايات) و تحمل كيساً ضخماً و باليد الأخري كراسة التحضير .

غريب                 : إيه دا يا أستاذة عنايات .. إنتِ فُتي على سوق الخضار ولا إيه ؟

عنايات                : سلامة الشوف ياخويا … دي كراسات كنت بأصححها في البيت .

غريب                 : و قدرتي تخلصيها كلها ؟

عنايات                : الشر بره و بعيد … هو أنا فاضية ؟

حسن                  : أمال مين اللي صححها ؟

عنايات                : جوزي ياخويا .

غريب                 : بس جوزك بيشتغل محاسب في مضرب الرز … إيه دخّله في التصحيح ؟

عنايات                : (تضع الكراسات على المكتب) ما أنا علمته يصحح ازاي .

حسن                  : و بيعرف يصحح ؟

عنايات                : و بيدي دروس خصوصية كمان .

غريب                 : و بيرضى يصحح كل الكراسات دي ؟

عنايات                : (ضاحكة) أدخل المطبخ .. أطبخ له طبخة كويسه يكون هو خلّص تصحيح الكراسات .

حسن                  : طاب أنا مستعد أعزمه عندي على غدوة و يصحح لي كراساتي .

عنايات                : (تفتح كراسة التحضير) يا نهار أبيض (تلطم على وجهها) أنا وقعت في مشكلة .

غريب                 : (متعجبا ) فيه إيه ؟

عنايات                : زي ما أنت عارف .. أنا بنقل التحضير من كراسة السنة اللي فاتت في كراسة السنة دي .

حسن                  : ( مندهشا ) هو أنتي كنتي بتحضري السنة اللي فاتت ؟!

غريب                 : اسمع أمّال يا (حسن) .. أيوه يا عنايات .. إيه اللي حصل ؟

عنايات                : نسيت و جبت كراسة تحضير السنة اللي فاتت و نسيت كراسة تحضير السنة دي .

حسن                  : طاب و إيه يعني ؟

عنايات                : إيه يعني !! و لو دخل المدير عليَّ الفصل يبقى إيه العمل ؟

حسن                  : و إيه العمل ؟

عنايات                : هات كراستك أدخل بها الفصل .

حسن                  : طاب المشكلة هي هي … و لو حد دخل عليكِ الفصل ؟

غريب                 : (ضاحكاً) بسيطة … تقول إن اسمها حسن .

عنايات                : يا دمك يا أخي .

غريب                 : يا أستاذة عنايات .. أنا عندي اقتراح … ما تخلّي جوزك يجي يدرس بدالك .

عنايات                : (تفتح حقيبة يدها) يقطع التدريس و اللي عاوز يدرّس … الولاد عايزين محشي خرشوف ما تعرفش أجيبه منين ؟

حسن :                : من (عمر أفندي )… بيبيعوه هناك بيبيعوه هناك في أكياس الكيلو بجنيه .

عنايات                : (متعجبة) عمر أفندي بيتباع فيه خرشوف ؟

حسن                  : آه و الله … مراتي امبارح اشترت منه و كان طعمه آخر حلاوة .

عنايات                : بتتكلم جد ؟

حسن                  : بس اللي بيبيعه المركز  الرئيسي لعمر أفندي .. مش ح تلاقي في الفرعي ، و كمان فيه كمية صغيرة .. يعني تلحقي دلوقت .

عنايات                : و الحصة ؟

حسن            : ح أدخلها بدالك … استأذني نص ساعة بأي حجة ، و إن لقيتِ هاتِ للأستاذ غريب كيلو .. ولا عايز اتنين يا أستاذ غريب ؟

غريب                 : (لا يستطيع أن يتماسك من الضحك و يخفي وجهه بين كفيه و يشير بالرفض)   ………

عنايات                : هو الأستاذ غريب ماله ؟

حسن                  : أبداً ضرسه بيوجعه .

عنايات                : (تأخذ حقيبة يدها و تخرج) طاب ادخل فصل تانية خامس لحد ما آجي .

غريب                 : (ينفجر في الضحك) يا أخي حرام عليك ح تخليها تروح المركز الرئيسي لعمر أفندي علشان تشتري خرشوف ؟

حسن                  : كده ولا تدخل الفصل بكراسة تحضيري ، و لو قلتلها أدخلها بدالك ح تعمل موال .

غريب                 : بس لو راحت يقولوا لها إيه ؟

حسن                  : ولا حاجة .. ح يقولوا لها خلص و ح ييجي منه يوم السبت .

غريب                 : بس عمر أفندي بيكون قافل يوم السبت .

حسن                  : إذاً مفيش مشكلة .

غريب                 : (ضاحكاً) الله يوجع دماغك … أنت مش ح تبطّل عمايلك دي ؟

حسن                  : ما علمتش ؟

غريب                 : إيه ؟

حسن                  : فصل الفائقين .

غريب                 : (مقترباً منه) أوعى يا حسن .. أوعى يا خويا .

حسن                  : أنت خايف ليه كده ؟

غريب                 : أحسن المدير ينزّله في جدولي ولا حاجة .

حسن                  : لا ما تخافش … هو جايز فيه حصص احتياطي ندخلها .

غريب                 : آه إذا كان احتياطي معلش .. آهي حصة تفوت و خلاص .

حسن                  : مش دا المهم .

غريب                 : أمال إيه المهم ؟

حسن                  : الولاد .. طلبوا امبارح من كل المدرسين إن تكون حصص النهارده مراجعة في كل المواد .

غريب                 : (متعجباً) مراجعة ! احنا لسه في أول السنة .

حسن                  : أيوه .. بس زي ما أنت عارف دول بيخلصوا المناهج قبل ما تبدأ

السنة .

غريب                 : الله يكون في عون المدرسين اللي هم بيدرسوا لهم … الحمد لله إننا لزقنا الفصل ده للأستاذ كمال .

حسن                  : ما تفرحش قوي كده .

غريب                 : ليه ؟

حسن                  : فكّر انت بأه .

غريب                 : آه و الله … دا اللي وافق هو الوكيل ، يمكن لما المدير يرجع يكون له رأي تاني .

حسن                  : بس و أنت لها يا بطل .

غريب                 : (حسن) بلاش هزار .

حسن                  : (يلتقط ورقة من على المكتب و يرفعها أمام غريب) هو مش الفصل كان في جدولك يا حبيبي ؟

غريب                 : (واقفاً محتدّاً) أنا حاسس إنك بتدبّر حاجة ، لو نزل في جدولي أنا ح أطلب نقلي من المدرسة .

حسن                  : للدرجة دي أنت حامل هم الفصل ؟

غريب                 : (يقترب منه) أنت عارف كل وقتي ضايع في الدروس الخصوصية و هما كلمتين الواحد بيقولهم زي الببغان … و الفصل إياه محتاج الواحد يقراله .

حسن                  : (يشعل سيجارة) طاب ما تقرا يا أخي .

غريب                 : لو قرأت مش ح أدي دروس خصوصية .

حسن                  : مش لازم تدي دروس خصوصية .

غريب                 : ما أنا لو ابن عمدة زيك ، و على راسي طين زي ما على راس

                        سيادتك …

حسن                  : (يمسّ على رأسه) ربنا يرزقك بطين على راسك .

غريب                 : (يقترب من أذن حسن) شوف يا حسن احنا الاتنين إيد واحدة … لو حسيت إني في خطر تنبهني و أنا لو حسيت إنك في خطر ح أنبهك برضو .

حسن                  : (بصوت منخفض) و إيه هو الخطر ده ؟

غريب                 : الفصل إياه .

حسن                  : ماشي أول ما ينزلوا لك الفصل في جدولك ح أنبهك .

كامل                   : (يدخل و في يده بعض الأوراق) فيه خبر لك يا أستاذ حسن .

غريب                 : (ضاحكاً) أهلاً أكيد الخبر إياه .

كامل                   : (متعجباً) خير إيه ؟

غريب                 : مش بالنسبة لفصل الفائقين ؟

كامل                   : بالضبط كده .

غريب                 : مبارك يا أبو علي … الفصل من نصيبك يا حلو .

حسن                  : و ده الاتفاق اللي اتفقنا عليه برضه يا غريب ؟

غريب                 : لا يا حبيبي … ابعد عن الخطر و غني له … الحمد لله الواحد دلوقت في أمان .

كامل                   : و أنت كمان يا أستاذ غريب لك نصيبك في فصل الفائقين .

حسن                  : (ضاحكاً و مربّتاً على كتف غريب) مبارك يا أبو الغربان ، مبارك يا حبيبي … بقينا في الهوى سوى .

كامل                   : ح تقوموا بالتدريس مكان مدرسين أساسيين للفصل واخدين أجازة .

غريب                 : و الأجازة قد إيه ؟

كامل                   : ربنا يسهل و ما تطوّلش .

غريب                 : مافيش فايدة … ورانا ورانا … الأمر لله .

حسن                  : (يغمز لغريب و يشير من طرف خفي إلى الأستاذ كامل) إيه رأيك ؟

غريب                 : ماشي … أستاذ (كامل) ما البركة فيك بخصوص حصص فصل الفائقين .

كامل                   : مش فاهم .

حسن                  : يعني سيادتك … يعني سيادتك .

كامل                   : ( مندهشا)  الله! ما تتكلموا .

غريب                 : يعني البركة فيك … يعني سيادتك تدخل بدلنا .

كامل                   : إيه المانع ماشي … مافيش مانع .

حسن                  : أنا مش قلتلك يا غريب إن الأستاذ كامل أبو الكرم كله .

غريب                 : أيوه يا أخي … ربنا يبارك فيه .

كامل                   : أنا ح آخد مكانكم في الفصل بس بشرط .

غريب                 : اشرط … إحنا تحت أمرك .

حسن                  : يا سلام يا أستاذ كامل .

كامل                   : (غاضباً) إنك تقعد أنت و هو يا أستاذ في بيتكم .

غريب                 : الله ! دا أنت ح تاخد جدولنا كله .

حسن                  : و أنا ما عنديش مانع .

كامل                   : (منفعلاً) مش عايز هزار يا أستاذ أنت و هو … أنتم نسيتم نفسكم ولا إيه … من بكرة ح تدخلوا حصصكم .

 

 

                       (ســـــــــــــــــــــــتار)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                         الفصل الثاني

المشهد الأول :

فصل الفائقين ، الطلاب يجلسون في أماكنهم ، يُسمع جرس الحصة يدق دقات متعددة .

مصطفى               : (يدخل من باب الفصل) صباح الخير يا جماعة … كل واحد محضّر نفسه ؟

شريف                 : (ينظر إلى فؤاد) هيه يا فؤاد … محضّر سؤالك ؟

فؤاد                   : لا … أنا حلّيت كل الأسئلة الموجودة في الكتب .

شريف                 : (مقترباً من فؤاد) يا فؤاد افهم … النهارده مش أسئلة في المنهج ، الأسئلة النهارده عن المنهج .

فؤاد                   : غريبة يا أخي .. و هي تفرق ؟

شريف                 : يا فؤاد أنا عاوز …

مصطفى               : (مقاطعاً) بس يا شريف أنا ح أفهمه … الحصص كلها النهارده يا فؤاد مراجعة … مش مراجعة على الدروس … مراجعة يعني بنسأل نفسنا هل الطريقة و الأسلوب اللي احنا بنتعلم بيه ده سليم و مفيد ولا لأ .

فؤاد                   : دي مادة جديدة قرروها السنة دي ولا إيه ؟

شريف                 : (يبعد مصطفى) (فواد) ده ما فيش منه فايدة … تعرف يا فؤاد …

فؤاد                   :(ينهض غاضباً) حاسب على كلامك يا شريف ،يعني إيه مافيش فايدة مني     ؟ أنا فهمت اللي أنتم تقصدوه .

مصطفى               : (يربّت على كتف فؤاد) الحمد لله … يا شريف أنت تملّي تظلم فؤاد ، آهو فاهم كل حاجة .

شريف                 : أبداً و الله .. دا كل تفكيره منحصر في المذاكرة و الامتحان .

مصطفى               : لا يا أخي خلاص .. هو فاهم اللي احنا بنقصده .

شريف                 : طاب قولي أنت فهمت مننا إيه ؟

فؤاد                   : (بعد صمت) بدل ما الأساتذة يسألونا و احنا نجاوب … احنا اللي ح نسأل الأساتذة و هما يجاوبوا .

شريف                 : الله يفتح عليك .. إنما عن إيه ؟

فؤاد                   : عن إيه إزاي ؟

شريف                 : إحنا ح نسألهم عن إيه ؟

فؤاد                   : عن الحاجات اللي إحنا مش فاهمينها عن المنهج .

شريف                 : هو أنت فيه حاجة مش فاهمها عن المنهج ؟

فؤاد                   : لا .. كل اللي في المنهج أنا فاهمه .

شريف                 : أمال ح تسأل الأساتذة عن إيه ؟

فؤاد                   : لا … مش ح أسألهم .

شريف                 : (يخبط رأسه في المنضدة) يعني أنتحر علشان خاطرك يابني .. أنت ما تعرفش حاجة إلا عن المناهج و المذاكرة ؟

مصطفى               : معلش يا شريف .. مش هو بس ، كلنا ما نعرفش حاجة إلا عن المناهج و المذاكرة و ما شابه .

غريب                 : (يُظهِر رأسه من باب الفصل متردداً في الدخول و يتعثر في المقعد أثناء دخوله) سلام … سلام عليكم

الطلاب                : ( في صوت واحد ) وعليكم السلام .

غريب                 : (يخرج من الفصل بسرعة ثم يعود مرة أخرى) السلام عليكم .

الطلاب                : (في صوت واحد ) وعليكم السلام .

غريب                 : (ينظر نحو الباب ثم يفرك يديه) هيه يا ولاد … أنا مش شايف كتب ولا حاجة .

مصطفى               : (يقف) النهارده كل الحصص مراجعة يا أستاذ .

غريب                 : (ناظراً نحو الباب) هو فيه حد بيخبط على الباب ؟

الطلاب          : ( مندهشين ) لا يا أستاذ .

غريب           : عظيم … كل الحصص النهارده مراجعة … مراجعة النهارده الحصص كلها . دا شئ عظيم … بس مراجعة عن إيه و المنهج لم يُقطع منه سوى القليل ؛ فنحن في أول العام الدراسي .

مصطفى             : (يقف مستأذناً) لو سمحت أوضح لسيادتك … احنا كل أستاذ يدخل هنا بنسأله عن أهمية المادة اللي بيدرسها ، و ما وجه الإفادة اللي ح تعود علينا من تدريسها ، و إيه ح يحصل لو لم تُدَرَّس المادة ؟

شريف               : (يقف مستأذناً) و بما إن سيادتك بتدرس  جغرافيا ، فنحن نسأل سيادتك .. احنا ليه بندرس جغرافيا ؟

خالد                   : (يقف مستاذناً) و إيه لازمة تدريسها ، و ح نخسر إيه لو ما درسناهاش ؟

غريب                 : آه .. أسئلة كلها عظيمة ، بس كلها خارج المنهج .

مصطفى               : ما إحنا ما خرجناش عن المنهج إلا علشان نقرب منه .

غريب                 : شوفوا يا جماعة … إحنا عايشين في مكان اسمه مصر ، و طبعاً من الضروري أن نعرف كل حاجة عن هذا المكان … موقعه ، مميزات هذا الموقع ، مواصفاته ، ظروفه المناخية … إلخ

عبداللطيف            : ماشي يا أستاذ .. بس إيه أهمية الموضوعات دي ؟

شريف                 : و سواء درسنا المكان ولا ما درسناهوش … مش ح يغير منه حاجة .

غريب                 : إنما ح يغير منا إحنا .

شريف                 : إزاي ؟

غريب                 : أنتم عارفين إن من أحد العوامل اللي ساعدت الإنسان المصري على أن يبني حضارته هو المكان ، و قديماً قال المؤرخ اليوناني (هيرودت) “مصر هبة النيل” . يعني اللي صنع حضارة مصر العظيمة هي الجغرافيا .. يُقصَد المكان من نيل و جو إلى آخره ، أو زي ما قال (جمال حمدان)  “عبقرية المكان” .

مصطفى               : و هو كلام هيرودت صحيح ؟

غريب                 : فيه جزء من الحقيقة .

مصطفى               : و بقية الحقيقة ؟

غريب                 : إن الإنسان المصري القديم فهم جغرافية المكان .. يعني عرف أهمية النيل و        قيمة الأرض و قيمة الجو فاستغلها أحسن استغلال ، و بذلك بنى الحضارة      

                      المصرية القديمة .

خالد                   : ما يمكن كلام “هيرودت سليم” … و إن بالفعل اللي صنع الحضارة  

                      المصرية هو النيل و المصري لا فضل له في ذلك .

غريب                 : لا مش صحيح .. بدليل إن فيه أنهار كتيرة في العالم و لكن لم تُبنى حضارة إلا في مصر .

مصطفى               : على هذا يكون اللي بني مصر هو الإنسان المصري .

غريب                 : حينما فهم جغرافية المكان ، و مكَّنه هذا الفهم من أن يستعمل إمكانيات المكان .

عبداللطيف            : و احنا وضعنا إيه في الحاضر ؟

غريب                 : زي ما أنتم شايفين … إذا كان عندنا علم و معرفة فمافيش وعي بتلك المعرفة ، النيل … أنتم عارفين المآسي اللي بتحصل له مع العلم إنه شريان الحياة في جسم مصر و زمان كان المصري يقسم بالنيل و يعبده ، و وصل بهم إلى إنهم يقدموا له قرابين بشرية زي ما أنتم عارفين حكاية عروس النيل .

شريف                 : (ضاحكاً) احنا مستعدين نقدم له العروس و العريس و المعازيم كمان .

غريب                 : أبداً … الأمر أبسط مما تتصورون . هو عدم تلويث المكان و استغلال خيراته أفضل استغلال .

مصطفى               : كلامك يا أستاذ فكرني (بسيناء) آهو احنا مش قادرين نستغلها كما يجب .

عبداللطيف            : نستغلها إزاي و هي مجرد قطعة كبيرة من الصحراء ؟

خالد                   : ما تنساش إن قطعة الصحراء دي ضحينا من أجلها بآلاف الشهداء .

عبداللطيف            : مجرد نعرة قومية .

غريب                 : لا يا عبداللطيف … اللي بيقوله مصطفى و خالد سَليم و (سيناء) مثل بسيط جداً يدل على انعدام الوعي الجغرافي… سيناء أرض ، و أي قطعة أرض ممكن تُستَغَل أحسن و أفضل استغلال حتى لو كانت صحراء .

مصطفى               : بس يا أستاذ غريب مافيش حاجة في منهج الجغرافيا توضح اللي سميته سيادتك وعي جغرافي .

شريف                 : دي دراسة الجغرافيا هامة بشكل غريب .

أسامة                 : و أنا اللي كنت فاكر إن الواحد بيضيَّع وقته في كلام مامنهوش فايدة .

                              [   يُسمع دق الجرس ]

غريب                 : ( متجهاً نحو الباب) يا سلام ! في الوقت المناسب … سلام عليكم .

مصطفى               : إيه رأيكم في كلام الأستاذ غريب ؟

خالد                   : و الله دا كلام ما سمعتهوش قبل كده .

شريف                 : و واقعي و منطقي .

عبداللطيف            : بس اللي محيرني … ليه الكلام ده مالهوش ذكر في المنهج ؟

مصطفى               : مجرد قصور في المنهج .

خالد                   : (يكتب في ورقة معه) إذن دراسة الجغرافيا هامة و لازمة و لابد منها بس المنهج به بعض القصور .

شريف                 : الظاهر إن مناهج كتير فيها قصور .

عبداللطيف            : و تفتكروا اللي إحنا بنعمله ده ح يجيب فايدة ؟

مصطفى               : تقصد إيه يا عبداللطيف ؟

عبداللطيف            : يعني لو المناهج فها حاجة عاوزة تتغير تفتكر ح تقدروا تغيّروا ؟

مصطفى               : و ليه لأ يا عبداللطيف ؟

عبداللطيف     : أنتم مغرورين بشكل غريب .

                           [  تُسمع دقات الجرس  ]

حسن            : (يدخل من الباب) السلام عليكم و رحمة الله .

الطلاب          : (في صوت واحد ) وعليكم السلام .

حسن            : (يسير بين الطلاب مشبِّكاً يديه) أنا عرفت إنكم عاملين الحصص النهارده كلها مراجعة … هاتوا ما عندكم .

مصطفى        : سيادتك بتدرِّس تاريخ و سؤالنا .. ليه بندرس المادة ديه و إيه الأهمية اللي ح تعود علينا من دراستها ؟

حسن            : أنتم شايفين إن دراسة حضارتنا إن كانت مصرية أو عربية مالهاش فايدة أعظم الحضارات اللي شهدتها الإنسانية ؟

خالد             : يا أستاذ حسن … عظمة حضارتنا مافيش مجال للشك فيها ، و لكن هل للحضارة دي وظيفة في الحاضر ؟

حسن            : يعني إيه وظيفة في الحاضر ؟

خالد             : يعني دراسة الحضارة أو دراسة التاريخ عبارة عن دراسة الماضي .. فهل يا ترى دراسة الماضي تنفع الحاضر ؟ و زي ما سيادتك عارف كل تفكير الإنسان منحصر في الحاضر و المستقبل .

مصطفى        : و يمكن دا لأن الواحد يقدر يغير الحاضر و يتحكم في المستقبل ، لكن الماضي خرج من أيدينا … إيه فايدة أن تُدَرَّس التي مضى عليها آلاف السنين و مافيش أي علاقة بيني و بينها سوى بالاسم فقط ؟

عبداللطيف     : (مستأذناً) لو سمحت يا أستاذ حسن أرد عليه .

حسن            : اتفضل رد .

عبداللطيف     : أنت تعرف إن الأجانب بيجوا من سابع أرض علشان يتفرجوا ع الحضارة  

                 المصرية ، و يصرفوا وقت و مال و جهد ليقضوا أياماً و هم مبهورون     

                بعظمة الحضارة المصرية .

مصطفى        : يا عبداللطيف احنا ما بنختلفش على عظمة حضارة مصر و لا أقصد إني أنزِّل من شأنها و …

عبداللطيف     : (مقاطعاً في حدة) أنت ما تقدرش إنك تنزِّل من شأن أعظم الحضارات الإنسانية .

مصطفى        : أنت منفعل ليه يا عبداللطيف ؟

حسن            : اهدأ يا عبداللطيف و خلينا نتناقش بالعقل .

عبداللطيف     : ما انتش سامع كلامه الغريب ده ؟

خالد             : عاوز أسألك سؤال يا عبداللطيف .. انتصارات تحتمس و رمسيس على اختلاف أرقامه في الماضي ح تنفعني بإيه في الحاضر ، و ارتفاع مستوى معيشة المصري القديم ح تنفعني بإيه  النهارده ؟

حسن            : (متدخِّلاً في الحديث) و الله يا ولاد أنتم حقيقي فصل فائقين و كلامكم كويس و جميل جداً (يسير بضع خطوات مشبِّكاً يديه خلف ظهره) اقف يا خالد … لو لا قدَّر الله حدثت لك حادثة و فقدت ذاكرتك .. إيه اللي ح يحصل ؟

خالد             : ح أتوه … و ح أكون زي الطفل عقله زي الصفحة البيضا مافيش أي معلومات عن حاجة .

حسن            : آهي الحضارة أو الماضي بمثابة ذاكرة الإنسان ، بدونها لن يستطيع أن يعيش حاضره و بالتالي ولا مستقبله .

شريف          : بس ما تنساش يا أستاذ حسن إن فيه مجتمعات مالهاش حضارة ولا ماضي و مع ذلك تعيش الحاضر و متقدمة و متحكمة في مستقبلها .

حسن            : أحياناً يا ولادي الأعزاء يكون الماضي بمثابة حلم أو أمل يدفع الإنسان في الحاضر أن يحققه ، و أي أمة من الأمم محتاجة لدليل تثبت به لنفسها إنها عظيمة و قوية و إنها قادرة و بالأخص لو كانت أمة زي أمتنا تعرضت لمصائب و نكبات ، و اللي جعل مصر متماسكة و اللي جعلها تخرج من نكباتها إن فيه دليل إنها عظيمة و هو الماضي … و الماضي زي حجر المغناطيس اللي بيلم شتات و متفرقات الأمة .

خالد             : طاب ده بالنسبة للحاضر … طاب أهمية التاريخ بالنسبة للمستقبل إيه ؟

حسن                : التاريخ بيقول إن فيه حضارة قامت على تلك الأرض و تحت السما ديه و اللي أبدعها هو الإنسان المصري … إذن خميرة الحضارة و التقدم و التطور موجودة ، بس ناقصة نهيئ لها الظروف .. ناقصة الإرادة و العزيمة ، و على رأي الأستاذ (توفيق الحكيم) “الجسد موجود بس عايزين الروح تعود” … الروح اللي ح تخلي الجسم يحيا و يتحرك و يصحا من نومه و يمزق عنه أكفان التخلف و الجمود .

مصطفى               : إزاي الروح تعود ؟

حسن                  : بالحب … حب الإنسان لأخيه الإنسان ، حب الإنسان لبلده .. للخير و للحق .. للعدل و عشقه للعمل .. على فكرة يا جماعة التاريخ زي معمل التجارب أُجريَت فيه التجارب المتنوعة و نتائجها مكتوبة و معروفة .

شريف                 : بس أنا عاوز أوضح حاجة يا أستاذ حسن … الإنسان المصري ما عادش هو الإنسان المصري ، زي ما سيادتك عارف إنه أصبح يكره العمل ، و أصبح الحقد و الظلم و التسيُّب و الإهمال في كل مكان .

حسن                  : أبداً يا جماعة … الشكل اتغير و ملامحه اتغيرت و لكن الجوهر ما اتغيرش ، كل اللي أنتم شايفينه ده على السطح … إنما جوهر الإنسان المصري العربي هو هو ، بس عليه صدأ و تراب و المطلوب إزالة الصدأ و التراب علشان يقدر الإنسان يشوف نفسه .

أسامة                 : دلوقت بس عرفت إن دراسة التاريخ مهمة بشكل خطير .

مصطفى               : بس يا أستاذ إحنا بقالنا سنين ندرس تاريخ و مع ذلك لم نقرأ حاجة زي اللي سيادتك اتكلمت عنها دلوقت .

حسن                  : معلش يا مصطفى … آدينا قلنا اللي ما اتقالش في الكتب .

مصطفى               : دا بالنسبة لنا .. طاب بالنسبة للآلاف اللي ما سمعوش الكلام ده ؟

حسن                  : هو المفروض إنه يكون في المناهج إجابات عن الأسئلة اللي بتدور في أذهانكم .

خالد                   : نرجع و نقول إنه فيه قصور في المنهج .

شريف                 : اكتب يا خالد … آه وده اللي أنت فالح فيه .

               [ يُسمع دقات جرس انتهاء الحصة و يخرج الأستاذ حسن]

فؤاد                   : (يضع يده فوق رأسه) هي المناهج اتغيرت ولا إيه يا جماعة ؟

شريف                 : ليه يا فوفو ؟

فؤاد                   : كل الأساتذة بيتكلموا خارج المقرر .

شريف                 : لا يا فوفو … كل المدرسين بيتكلموا في عمق المنهج .

فؤاد                   : الظاهر أنا اللي بأنسى .

مصطفى               : اقتنعت دلوقت يا عبداللطيف … كل المدرسين شهدوا إن المواد اللي بندرسها فالصو .

عبداللطيف            : لا … ما قالوش إنها فالصو … قالوا إن بها قصور .

مصطفى               : ما تفرقش يا سيدي .

عبداللطيف            : لا … تفرق .

مصطفى               : و إيه الفرق ؟

عبداللطيف            : إن المقررات محتاجة لسد القصور و النقص اللي فيها .

مصطفى               : آهي أهم حاجة اتكلم الأساتذة عنها مش موجودة في المقرر .

خالد                   : و تفتكر ده نتيجة إيه ؟

مصطفى               : زي ما قلت … الناس اللي هم أكبر مننا بيقرروا علينا المواد اللي هم شايفينها تفيدنا بغض النظر عن رأينا ، و عن ميولنا .

عبداللطيف            : و علاج الحكاية دي إيه تفتكر يا خبير الخبرا ؟

مصطفى               : إنهم ينزلوا و يشوفوا احنا بنحب إيه .. بنهوى إيه .. إيه اللي احنا عايزين نعرفه .

      [   يُسمع طرق على الباب و يدخل العامل عم عوض و معه بعض آلات النجارة ]

عم عوض            : فيه حاجة عايزة تتصلح في الفصل ده ؟

مصطفى               : (ضاحكاً) أيوه يا عم عوض .. ادخل صلح .

عم عوض            : (يضع أدواته على الأرض و يبحث بين مقاعد الفصل) فين يا أساتذة المكسور ؟

مصطفى               : التعليم يا عم (عوض) عايزينك تصلحه .

عم عوض            : (بسذاجة مطلقة) هو فين ده اللي عايز تصلحه ؟

مصطفى               : و ح تعرف تصلحه يا عم عوض ؟

عم عوض            : إن ما كانش ينفع يتصلح نجيب واحد غيره جديد .

مصطفى               : و ده سهل يا عم عوض ؟

عم عوض            : مافيش حاجة يابني صعبة … بس النية تكون سليمة و الله .

عبداللطيف            : أنت بتتكلم عن إيه يا عم عوض ؟

عم عوض            : عن الكرسي المكسور يابني .

مصطفى             : لا يا عم عوض … احنا عندنا فعلاً حاجات عايزة تتصلح ، بس مش بالشاكوش ولا بالمسامير ح تتصلح .

عم عوض            : (يلملم أدواته) دي فازُّورة ولا إيه ؟

شريف                 : أيوه يا عم عوض فازُّورة ، و لو حلتها برافو عليك .

عم عوض            : (مفكراً بعض الوقت) حاجة بتتصلح بس لا بالشاكوش ولا المسامير … دا يبقى بني آدم .

شريف                 : يا سلام يا عم عوض أنت بتقول حكم !

أسامة                 : (ضاحكاً) خذوا الحكمة من أفواه العقلاء .

عبداللطيف            : خلاص بقى عم عوض حكيم الزمان .

مصطفى               : طاب يا عم عوض تفتكر بني آدم بيتصلح بإيه ؟

عم عوض            : أنتم أسياد العارفين … و أنا ح أعرف أكتر منكم .

مصطفى        : و ماله يا عم عوض … أكبر منك بيوم يعرف عنك بسنة .

عم عوض      : لا يابني مش في كل الأحوال … المهم إن البني آدم يتصلح بكل حاجة حلوة ، بالكلمة الطيبة .. بالفعل الــ … الــ …

مصطفى        : بفعل الخير .

عم عوض      : (يخرج من باب الفصل) أيوه الله ينور عليك .

خالد             : رجل طيب عم عوض … و شغلته عظيمة بيدور طول اليوم على حاجة معوجة أو حاجة متكسرة يصلحها .

مصطفى        : الظاهر يا خالد احنا عايزين نجارين كتير عشان ينصلح الحال .

خالد             : و ليه ما يكونش كل واحد منا نجار ، و في كل وقت أي حاجة يشوفها متكسرة يصلحها .. معوجة يعدلها ؟

عبداللطيف     : احلموا احلموا … ما هي ببلاش .

خالد             : هي إيه اللي ببلاش ؟

عبداللطيف     : الأحلام .

مصطفى        : يُخيَّل إليك إنها ببلاش و هي أغلى حاجة في حياة الإنسان ، ممكن الإنسان يضحي بكل شئ في سبيل تحقيق حلم .

عبداللطيف     : و الله أنا خايف عليكم .

مصطفى        : من إيه ؟

عبداللطيف     : خايف عليكم منك … كنتم عاقلين و حلوين و شكلكم كان بيقول إنكم كان ممكن تكونوا حاجة .

                           [يدق الجرس و يدخل الأستاذ كامل ]

كامل            : السلام عليكم .

الطلاب          : (في صوت واحد) وعليكم السلام

كامل            : (يفرق نظراته بين الطلاب) و أنا جاي لكم عرفت إنكم عاملين حصص اليوم كلها مراجعة (يجلس على المقعد و يخلع نظارته و يضعها على المكتب أمامه) و أنا عندي نصيحة عاوز أقولها لكم و …

مصطفى        : (مقاطعاً) بعد إذن سيادتك و آسف على المقاطعة … طبعاً سيادتك ح تنصحنا إننا نلتفت إلى دروسنا و إن اللي بنعمله تضييع وقت ولا ح يغير ولا يبدل و …

كامل            : (يقف و يتقدم من مصطفى) أنت اسمك إيه ؟

مصطفى        : مصطفى عبدالهادي .

كامل            : (يربت على كتفه) هو ده بالظبط اللي كنت ح أقوله ، و لكن إذا كان الجميع من رأي مصطفى فأنا ماعنديش مانع من المراجعة … اتفضلوا .

مصطفى        : زي ما سيادتك عارف احنا بندرس المواد العلمية من كيمياء و فيزياء و أحياء إلي آخر المواد العلمية و أيضاً الرياضيات … و السؤال : هي المواد ديه صالحة فعلاً و مناسبة ، و إذا كانت فعلاً مناسبة ليه ما ظهرش مخترعين أو مبتكرين و علماء على أيديهم تتقدم البلاد و تتطور زي ما بيحصل بره ؟

شريف          : مش لو كنا بندرس اللي هم بيدرسوه بره ؟

خالد             : و إيه المانع إننا ندرس العلوم اللي هم بيدرسوها بره ؟

شريف          : يا خالد احنا بندرس البديهيات بالنسبة لهم ، يعني بالعربي احنا بندرس الحاجات اللي هم رموها في المخازن … احنا بينا و بينهم حوالي ميتين سنة علشان نوصل لدرجة التقدم اللي هم وصلوا لها .

خالد             : ح نوصل برضه في يوم من الأيام للي هم وصلوا إليه .

شريف          : يكونوا هم سبقونا … و ما تعملش زي جحا .

كامل            : (يشير لهم بالصمت) و الله نقاشكم جميل و يبشر بالخير ، أما بالنسبة للمواد الدراسية و هنا فيه سؤال : فهل يا ترى مجرد إن الطالب هنا في مصر يدرس اللي بيدرسه الطالب في أوربا و أمريكا يكفي لأن نلحق بهم ؟ طبعاً لأ … لأن قبل ده كله فيه ظروف بتحكم عملية التطور و التقدم .

مصطفى        : الإمكانيات ؟

كامل                 : أيوه إمكانيات علمية و مادية و اجتماعية  … يعني لو كانوا بره بيصرفوا           على التجارب العلمية ملايين الدولارات احنا هنا ما نقدرش نصرف المبلغ ده … طبعاً أنتم عارفين الظروف .

مصطفى               : بس مع ذلك بيظهر هنا في مصر علماء و مخترعين برضه .

شريف                 : و بيطفشوا من هنا و بيسافروا بره و يخدموا بلاد غيرهم بلدهم .

عبداللطيف            : مع إنهم متربيين و متعلمين هنا .

كامل                   : و ده أكبر غلط بيحصل … إن أهم ثروة عندنا بتنزح إلى الخارج .

شريف                 : ما هو إما يطلع بره ، أو يدفن علمه و موهبته هنا .

عبداللطيف            : و لو كل واحد طلع بره مين اللي يدفع مصر إلى الأمام ؟أي واحد يطلع بره و يقدم علمه و خبرته يعتبر خاين لبلده .

شريف               : على رأي المثل لا ترحم ولا تسيب رحمة ربنا ، ما هو إما يدفن نفسه هنا أو تسميه خاين .

خالد                   : أنا شايف يا جماعة إنكم خرجتم عن الموضوع … لو سمحتم نرجع تاني .

كامل                   : شوفوا يا ولاد … غلط إننا نحاول اللحاق بالدول المتقدمة لأننا بذلك ح نكون زي اللي حب يقلد مشية الطاووس .

مصطفى               : المنطق ده غريب يا أستاذ كامل … إذا كنا ما قدرناش نلحق بالدول المتقدمة يبقى ده علشان بنمشي مشي السلحفاة ، فيجب إن نضاعف من سرعة تقدمنا .

كامل                   : لن نلحق بهم أبداً .

خالد                   : طاب و العمل يا أستاذ كامل ؟

كامل                   : أن نستغل إمكانياتنا أحسن استغلال ، زي اليابانيين يا جماعة … بالجد و الاجتهاد و حب العمل تفوَّقوا و وقفوا بين مصاف أكبر الدول المتقدمة .

مصطفى             : يعني سيادتك تقصد إن التقدم ليس في دراسة المناهج الدراسية اللي بيدرسوها الطلاب في الدول المتقدمة فقط ، و إنما هو عبارة عن أسلوب حياة و تفكير و إحساس .

كامل                   : يا سلام يا مصطفى ! ده اللي أنا بأقصده بالضبط … ليست المشكلة في تخريج أطباء و مهندسين و تخصصات أخري … فكلها مجرد عقول مبرمجة على كم معين من المعارف لا قيمة لها ، لأن أبسط كمبيوتر يتفوق على أكثرهم ذكاءاً ، فلا يكفي بناء عقل الإنسان ، و لكن بناء شخصيته ، فممكن يكون مهندس و ما عندهوش أمانة أو ضمير ، أو طبيب و ما عندهوش رحمة ، أو عالم عظيم و فاقد للحس الوطني و واجب وطنه عليه .

مصطفى               : بس كل المناهج مالهاش غرض إلا حشو أدمغتنا بكم لا حصر له من المعلومات .

خالد                   : احنا عاملين زي واحد نزل السرق و عاوز يشتري  اللي في السوق كله .

كامل                   : لابد ناخد ما يناسبنا و يناسب ظروفنا و إمكانياتنا .

شريف                 : على كده فأغلب المواد العلمية محتاجة تغيير و حذف و إضافة .

أسامة                 : و فيه حاجات نتمنى إننا ندرسها مش موجودة و حاجات مالهاش لازمة موجودة .

مصطفى               : (مخاطباً الأستاذ كامل) و الكلام اللي سيادتك قلته ليه مش موجود زيه في المقرر ، و ليه المشرفين على التعليم ما قرروهوش ؟

خالد                   : لأنهم مش موجودين معانا هنا .

                                  [  يدق الجرس دقات منتظمة  ]

                                         

                                        (ســـــــــــــــتار)

 

 

 

 

                          

 

 

 

 

  الفصل الثاني

المشهد الثاني :

حجرة المدرسين

حسن                  : هيه .. . عملت إيه في الحصة ؟

غريب                 : (يقف و يضع مجموعة من الكراسات على الرف) شوف يا حسن ربنا سترها معايا … سألوني عن أهمية تدريس الجغرافيا .

حسن                  : طبعاً سؤال لم يكن في الحسبان و ما كنتش مستعد له .

غريب                 : مش بأقولك ربنا سترها معايا …أنا لي بنت أخت في الجامعة ، و كان مطلوب منها عمل بحث و كان في الجغرافيا و طلبت مني إني أشرح لها فصلين ، فقرأت الكتاب و كان موضوعه بيدور حول أسئلة الولاد ، و عدت الحصة بسلام … و أنت عملت إيه ؟

حسن                  : أبداً آهي كلمة من هنا و كلمة من هناك … أنت عارف إني في المادة متين إلى حد ما .

غريب                 : (ضاحكاً) طبعاً … بأمارة إنك ما قرتش أي كتاب من ساعة ما اتخرجت من الكلية .

حسن                  : هو الواحد فاضي يقرا ؟ مشاكل البيت و الأولاد … دا الواحد لما يكون فاضي ما بيصدقش و يفضل قاعد و على بال ما يصدق تيجي له شغلانة تشغله .

غريب                 : (يصب الشاي في كوبين يأخذ واحد و يعطي الآخر للأستاذ  حسن) أي و الله يابو علي … البيت عندي زي السيرك من ساعة الفجر و أم العيال تقوم تلبس ده و تأكل ده و تصحي ده ، و يادوبك تلحق ميعاد شغلها بالعافية .

حسن                  : و أنت ؟

غريب                 : (ضاحكاً) أنا ؟

حسن                  : أيوه أنت .

غريب               : مرة كنت سهران في تصحيح الكراريس و نمت متأخر … هي صحت كل            الولاد و فطرتهم و نزلوا و نزلت معاهم و نسيت تصحيني و ضاع عليّ اليوم  … غير كده الدروس الخصوية بتهد الواحد هد .

حسن                  : بلاش منها يا أخي .

غريب                 : و نصرف منين يا حبيبي ؟

حسن                  : مرتبك و مرتب مراتك ما يكفيش ؟

غريب               : أجرة الشقة و فواتير الميه و الكهرباء و مصاريف الولاد ، شوف يا أستاذ حسن … أنا لولا الدروس الخصوصية كنت جعت . مش زيك إيراد الأرض كل زرعة يجيلك لحد عندك ، و خيرات ربنا من العزبة … جسر جوِّي … إشي فطير و جبنة إشي رز و لبن وسمنة .

حسن                  : آه على فكرة .. أنا جت لي زيارة امبارح من العزبة … ابعت الواد محمد ابنك .

غريب                 : (مبتهجاً) و الله ! يعني ح ناكل النهارده فطير و جبنة ؟

حسن                  : و عسل أبيض كمان يا سيدي .

غريب                 : أنا مش ح أبعت لك محمد بس … أنا ح أبعت لك كل الولاد .

حسن                  : (مقترباً منه) شوف يا غريب ياخويا … أنا ح أحول الجسر الجوي اللي أنت بتقول عليه ده عليك … ماشي يا عم ؟

غريب                 : لا يا حبيبي … ما هو أحياناً يكون الجسر الجوي محمل مرتزقة و قوات برية و ما شاكل ذلك .

حسن                  : ما هو لابد تدوق حلوه و مره .

غريب                 : لا … خلينا مع حلوه بس .

عنايات                : (تقف على الباب تمسح عرقها بمنديل و تحمل فردة حذائها) كده يا أستاذ حسن .. كده تبهدلني ، تضحك عليّ و تخلي الناس يضحكوا عليّ ؟ بس أنا عبيطة اللي صدقتك إن (عمر أفندي) يبيع خرشوف .

غريب                 : معلش يا أستاذة عنايات .

عنايات         : (تدخل و هي تبكي ثم تجلس) و النبي ما ح أفوتها لك يا أستاذ حسن … كعب الجزمه ينكسر مني و الفلوس تتسرق مني و جايه من عمر أفندي لحد هنا بكعب مكسور .

غريب                 : (يمسك فردة الحذاء ثم يردها إليها) آه و الله دا مكسور .

عنايات                : دلوقت أنت ساكت ما بتتكلمش ؟ طبعاً ح تقول إيه منك لله (تنهض و تسير و هي تعرج و تشرب جرعة ماء من القلة) بس مش ح أسكت .. أنا ح أكتب فيك شكوى … آه شكوى للمدير(تتجه نحو الأستاذ غريب و تضع فردة الحذاء أمامه على المكتب) أكتب لي شكوى يا أستاذ غريب .

غريب                 : (ينزع ورقة من كراسة أمامه) أيوه يا أستاذة عنايات لابد تكتبي فيه شكوى … إزاي يقولك إن عمر أفندي يبيع كرنب .

عنايات                : خرشوف يا أستاذ غريب .

غريب                 : مش مهم آهو كله بينحشي .

حسن                  : ماشي يا أستاذ غريب … على فكرة ما تبعتش ابنك و مافيش فطير ولا عسل و مافيش جسر جوي خالص .

غريب                 : الأرزاق على الله يا أخي .. (يخاطب عنايات) أيوه يا أستاذة عنايات … لا بد تكتبي فيه شكوى علشان مافيش فطير و عسل اللي نفسك فيه .

عنايات                : فطير إيه و عسل إيه يا أستاذ غريب ؟!

غريب                 : قصدي شكوى علشان بيقولك إن عمر أفندي بيبيع كوسه .

عنايات                : (تدق بالحذاء على المنضدة) خرشوف يا أستاذ غريب .

غريب                 : (غاضباً) آهه كله بيتحشي يا أستاذة عنايات … آه على فكرة أنا مراتي بتعمل محشي بس طعمه مش تمام ، أنا كنت بأكل محشي من أمي الحاجة إنما محشي إيه .

عنايات                : (تنحي فردة الحذاء جانباً) شوف يا أستاذ غريب لابد و إن المدام بتعمل المحشي ني في ني .

غريب                 : أنا مرة قعدت أتفرج عليها حطت الرز و الطماطم و الملح و الفلفل كله على بعضه و تخرط الكرنب على كل ده و تدخله الفرن .

عنايات                : (ضاحكة) لا … دي ماعندهاش فكرة عن المحشي بيتعمل إزاي .

غريب                 : (يجلس على طرف المكتب و يأخذ فردة حذائها) قولي الله يرضى عليكِ بيتعمل إزاي .

عنايات                : شوف يا أستاذ غريب … هي تنقي الرز و بعدين تخدَّع له …

غريب                 : يعني إيه تخدَّع له ؟

عنايات                : يا خبر أبيض .. مش عارف ! يعني تعصر الطماطم و …

غريب                 : (مقاطعاً) آه افتكرت … أيوه و بعد ما تخدَّع له ؟

الأستاذ كامل          : (يدخل من الباب و معه بعض الأوراق و هو غاضب) شوفوا يا جماعة الظاهر إن نهارنا مش فايت الأستاذ المدير … (يتوقف عن الكلام متأملاً جلسة الأستاذ غريب) أنت قاعد كده ليه يا أستاذ غريب ؟

غريب                 : (مشيراً إلى الأستاذة عنايات) أبداً الأستاذة عنايات بتقولي أعمل محشي ازاي .

كامل                 : و الله .. محشي ! دا أنا من زمان ما أكلتوش … انزاح شويه كده (يجلس بجواره) أيوه يا ست عنايات .

عنايات                : أنا وقفت فين ؟

غريب                 : لحد ما نخدَّع للمحشي .

كامل                   : لا أنا ماحضرتش .. اشرحي من الأول .

غريب                 : أنا ح أشرح لك اللي فاتك .

عنايات                : بعد ما تخدَّع له و تسبِّك التخديعة تحطها ع الرز و تسلق الكرنبة و تاخد ورقها و تفرده ورقة ورقة … تحط الرز و تلف الورق على الرز و تحطه في الحلة ، و بعد ما تتملي الحله تحط فيها شوية ميه و ترفعه على النار ، بعد كده ح تاكل صوابعك وراه .

حسن                  : أنا يا ست عنايات …

عنايات              : (مقاطعة) اوعى تكلمني ولا لساني يخاطب لسانك (تخاطب الأستاذ غريب) كتبت لي الشكوى ؟

غريب                 : طبعاً أنا بكتب آهه .

كامل                   : شكوة إيه ؟

غريب                 : أصل الأستاذ حسن و الأستاذة عنايات … و الله مش عارف أقول إيه .

المدير                 : (يطل برأسه من الباب) إيه ده … أنتم بتعملوا إيه ؟

كامل                   : (منتفضاً) الأستاذ المدير ..أبداً .. دي الأستاذة عنايات بتقول المحشي بينطبخ  إزاي .

المدير                 : (ناظراً إلى الأستاذ حسن و عنايات و غريب و هم واقفون) محشي إيه يا أستاذ كامل و الفصول فاضية من غير مدرسين ؟

كامل                   : ما أنا كنت جاي علشان أدي الأستاذة عنايات حصة احتياطي .

المدير                 : الأساتذة وقعوا ع الإجتماع ؟

كامل                   : (يعطي الأساتذة الأوراق يوقعون عليها) ما أنا كنت جاي علشان كده كمان .

المدير                 : (ناظراً إلى الأستاذ غريب) إيه يا أستاذ غريب اللي أنت ماسكه في إيدك ده ؟

غريب                 : (متنبهاً إلى حذاء الأستاذة عنايات الذي كان ممسكاً به) دي جزمه .

المدير                 : و الله ! طاب ما أنا عارف … جزمة مين و إيه اللي جابها في إيدك ؟

غريب                 : دي جزمة الأستاذة عنايات … أصلها كانت عند عمر أفندي فكعب جزمتها انكسر .

المدير                 : و كانت الأستاذة عنايات بتعمل إيه عند عمر أفندي النهارده ؟

غريب                 : أصلها راحت تشتري خرشوف .

المدير                 : من عند مين تشتري خرشوف ؟!

غريب                 : من عند عمر أفندي … بس من المركز الرئيسي .

المدير           : (يتأمل الأستاذ غريب مليّاً) أنت بتتعاطى حاجة يا أستاذ غريب ؟

حسن            : (متدخلاً في الحديث) أبداً يا سعادة المدير … أصل الأستاذ غريب كان سهران طول الليل يصحح الكراسات فالظاهر إنه مرهق .

المدير           : (متجهاً نحو الباب) فعلاً .. فعلاً … تعالى يا أستاذ كامل أنا عاوزك .

كامل            : (يتبعه) حاضر يا أفندم .

حسن            : كده يا غريب كنت ح تضيع الأستاذة عنايات .. دا كلام !

غريب           : مش أنت اللي خلتها تروح عمر أفندي علشان الخرشوف .

عنايات         : أيوه … منك لله يا أخي .

حسن            : (ضاحكاً) هو يا أستاذة عنايات حد يصدق إن عمر أفندي يبيع خرشوف !

عنايات         : أعمل إيه إذا كانت نيتي سليمة و أنت بتستغل سذاجتي ؟

حسن            : ماتزعليش يا أستاذة عنايات أنا كنت بأضحك .

عنايات         : يا سم على ضحكك … أنا ماعدتش أصدقك في أي حاجة .

غريب           : خلاص يا أستاذة … المسامح كريم ، و الأستاذ حسن كان يداعبك ليس إلا .

عنايات         : خلاص سامحته … أعمل إيه لقلبي اللي ما يحبش يكره حد .

غريب           : خلاص … صافي يا لبن (ملتفتاً إلى الأستاذ حسن) بالنسبة للفطير و العسل إن شاء الله …

حسن            : (مقاطعاً) لا يا غريب أنا عامل حظر جوي عليك ، لا فطير ولا عسل ولا جبنة … أنت فاكر الشكوى ؟

    غريب : خلاص يا أخي … احنا مش قلنا صافي يا لبن .

    حسن              : بس ما قلناش فطير و عسل .

   غريب               : (غاضباً) خلاص يا أخي … مش عايز من وشك حاجة ، أنت ح تذلني بالفطير بتاعك ؟ الله الغني .

حسن                  : أنت زعلت ولا إيه يا غريب ؟

غريب                 : لا زعلت ولا بتاع .

حسن                  : (ضاحكاً) ما تزعلش يا سيدي … قررنا نحن حسن عبدالتواب برفع الحظر الجوي عن المدعو غريب أبو المكارم ، و سيصل إليه الفطير و العسل في الساعة الثالثة ظهراً إن شاء الله .

غريب                 : أيوه كده يا أخي نشفت ريقي .

حسن                  : ولا نشفت دمك ؟

 غريب                : هو فيه دم .

عنايات                : أمال إيه حكاية الاجتماع ده ؟

حسن                  : المدير متنرفز قوي .

غريب                 : تفتكر ليه ؟

حسن                  : ح نعرف حالاً … الاجتماع في الفسحة ، بس أظن إنه ح يختار المدرس المثالي و ده له جايزة كبيرة جداً .

عنايات                : (تسوي هندامها) و النبي !

حسن                  : أنا سمعت إنهم ح يختاروا مدرسة قديمة في المدرسة .

عنايات                : و النبي !

حسن                  : و غلبانة و ساذجة .

عنايات                : المواصفات منطبقة عليَّ .

حسن                  : و بتروح عمر أفندي علشان تشتري خرشوف .

عنايات                : (تخبط على سطح المكتب) تاني يا أستاذ حسن .. تاني ! و النبي ما أنا سايباك إلا لما أعضك .

                  [  تجري وراء الأستاذ حسن و يجري هرباً من أسنانها]

                                   (ســــــــــــــــــــــــــــتار)

                       

 

 

 

 

 

 

 

 

 

   الفصل الثاني

المشهد الثالث :

حجرة المدير .. المكتب يتصدر القاعة و بعض نباتات الظل بجوار الحائط و المقاعد الفوتيه مرصوصة على الجانبين … يدخل المدير و يجلس إلى المكتب و يرفع سماعة التليفون ثم يضعها .

المدير               : مشغول … مشغول … و الله ما أنا عارف التليفونات دي معموله مخصوص للستات … زمانها دلوقت عمالة ترغي مع أصحابها و جيرانها … أكلت إيه امبارح ، و ح تاكل إيه النهارده ، و بنت خالتها اتخطبت ، و بنت عمتها اتطلقت ، و مامتها ولدت … أنا مش عارف أنا عايش ازاي مع الست ديه … و الله أنا بطل .

كامل                   : (يدخل و يقترب من المدير) ست مين يا سيادة المدير ؟

المدير                 : (منهمك في تصفح بعض الأوراق) مراتي يا أخي … من ساعة و عايز أتصل بالبيت و التليفون مشغول .

كامل                   : يمكن عطلان .

المدير                 : أبداً … أصل مراتي بترغي مع أصحابها يا سيدي و الــ … (يتوقف عن الكلام)و أنت مالك و مال مراتي … أنت حشري صحيح !

كامل                   : (معتذراً) لا … أنا كنت بأطمئن بس .

المدير                 : فين الأساتذة … مش مضوا ع الاجتماع ؟

كامل                   : طبعاً .. آهم جايين آهم .

              [يدخل المدرسون و المدرسات و يجلسون على المقاعد ]

المدير                 : طبعاً … أنتم مستغربين و بتسألوا عن سبب الاجتماع .. فيه حاجة غريبة بتحصل في المدرسة و بالتحديد في فصل الفائقين . سمعت و بصراحة مطلقة نُقِلَ إليَّ إن مهزلة بتحصل في الفصل … الولاد تاركين دروسهم و بيديروا مناقشات بيزنطية مافيش منها فايدة ، و الأخطر من كده إن السادة المدرسين موافقينهم على الكلام الفارغ ده و بيشتركوا معاهم في المناقشة ، و أنا لابد أن أضع حداً لهذه المهزلة .

حسن                  : لو أذنت لي يا سيادة المدير … اللي بيحصل في فصل الفائقين مش مهزلة ، دي مناقشة واعية و على أعلى مستوى من النضج .

المدير                 : (يدق المكتب بقبضة يده) يا أستاذ حسن … المناقشة الواعية اللي بتقول عليها ما تكونش على حساب الحصص الدراسية .. أنت مكلف بمنهج دراسي خاضع لزمن معين ، و كل ما يُقال في الفصل لابد يكون من صميم المنهج .

حسن                  : و مين قال إن اللي بيتقال في الفصل خارج المنهج ؟

المدير                 : يا أستاذ حسن اللي بيتقال في الفصل خارج المنهج .. مش كده و بس بل في غاية الخطورة .

حسن                  : خطير على مين ؟

المدير                 : على الكل ..

حسن                  : و إيه سبب الخطورة ؟

المدير                 : يا أستاذ … في الفصل يتم تحطيم العملية التعليمية بالكامل … من مواد دراسية و قيم و عادات و تقاليد في المنهج الدراسي .

حسن                  : ما يتم نوع من النقد .

المدير                 : هذا النقد مرفوض .

حسن                  : ليه ؟

المدير                 : لما يكون من ولاد ما يعرفوش مصلحتهم فين و فكرة توديهم و فكرة تجيبهم و في مرحلة المراهقة الفكرية … فالأمر خطير إننا نسيب لهم الحبل على الغارب .

كامل                   : (يقف و يتقدم بضع خطوات) تسمح لي أقول كلمة يا سيادة

المدير  ؟

المدير                 : (يشعل سيجارة) اتفضل يا أستاذ كامل .

كامل                   : أنا دخلت فصل الفائقين … و أنا شايف المناقشة اللي دارت في صالح المنهج و المواد الدراسية و في صالح الطلاب كمان .

المدير                 : لو تركنا لهم الحرية يقولوا رأيهم في المناهج و المواد الدراسية ،فلا بد و   إنهم يقولوا رأيهم فيك و في المدرسين و في كل شئ موجود .

كامل                   : و إيه المانع يا سيادة المدير ؟

المدير                 : (ينهض و يسير بضع خطوات ثم يستند إلى مكتبه) احنا اتعلمنا و اتخرجنا و كنا نقدس المواد الدراسية و نقدس القائمين عليها و ما كانش بيدور بأذهاننا إننا نطالب بالتغيير أو إبداء الرأي .

حسن                  : أيوه يا سيادة المدير … بس كل شئ بيتغير ، يعني على أيام سيادتك ما   كانش فيه كمبيوتر .. ما كانش فيه فيديو في المدارس .. ما كانش فيه ثورة في المعلومات زيد لوقت ، و إذا فرضنا على الجيل الجديد ما كان مفروض علينا     كده ح نكون محلك سر .

المدير               : يعني من رأيك إننا نجرب نغير الطريقة و المواد و نعطي للولاد الحرية إلى آخره .

حسن                  : و إيه المانع ؟

المدير                 : و طبعاً كل تجربة تحتمل النجاح أو الفشل .

حسن                  : بالطبع .

المدير                 : و تفتكر يا أستاذ من المنطق إننا نضع جيلاً في تجربة تحتمل النجاح أو الفشل ؟

حسن                  : أي خطوة خطتها الإنسانية نحو التقدم كانت تحتمل النجاح أو الفشل .

المدير                 : يا حسن اللي بتقوله نوع من المقامرة .

حسن                  : و ليه ما يكونش نوع من المغامرة ؟

المدير                 : ما نملكش إننا نغامر يا حسن … ثم إن الوزارة أدرى بالصالح العام ، و لو رأت إن فيه ضرورة للتغيير فلابد إنها تغير .

كامل                   : التغيير بيتم من تحت مش من فوق .

المدير                 : و هي الوزارة منفصلة عن القاعدة ؟

حسن                  : (ساخرا) لا.. أدي مندمجة في القاعدة اندماجاً كاملاً .

المدير                 : مش ده موضوعنا .. المهم .. الرجاء من السادة المدرسين عدم فتح أي مناقشات خارج المنهج ، و كل ما يدور في الفصل لا يخرج عن المقرر … ممنوع المناظرات ، كما أن أي نشاط يشجع على الاتجاه ده ممنوع … الأجيال دي أمانة في أعناقنا ، ولابد أن نصون الأمانة .

حسن                  : لو سمحت يا سيادة …

المدير                 : (مقاطعاً) الاجتماع انتهي و المرجو تنفيذ ما نوهنا عنه .

                    [المدرسون يخرجون و يبقى الأستاذ كمال ]

المدير               : (يجلس إلى مكتبه و يأخذ سماعة التليفون ثم يعيدها مرة أخرى) إيه اللي بيحصل في الدنيا ؟! الولاد في المدرسة و الولاد في البيت .

كامل                   : ما هم وقود التقدم و التطور .

المدير                 : (مستنكراً) قل وقود الفوضى .. الهمجية .. أنت تعرف لو عطيت الحرية لابني ح يعمل إيه ؟ ح يشرب سجاير و مخدرات و يجيب الشرايط سيئة السمعة و غيره و غيره .

كامل                   : يمكن لو عطيت له الحرية يتصرف تصرف حضاري .

المدير                 : أيوه .. هو عايز الحرية لحاجة واحدة بس إنه يعمل اللي هو عايزه .. آه و حاجة كمان .. ما يروحش المدرسة .

كامل                   : ما يروحش المدرسة  .. معقول ؟!

المدير                 : تعرف يا أستاذ كامل .. أهم حاجة أفسدت الجيل الجديد إننا أعطيناهم بعض الحرية ، و سمحنا لهم بأشياء كان آباؤنا يحرموها علينا .

[جرس التليفون يدُّق ]

المدير                 : (يتناول سماعة التليفون) آلو … أيوه يا سعاد … إيه الحكاية .. أنا من ساعة و أنا أتصل ، إنتي مش ح تبطلي عادة الرغي ديه ؟! كده .. طيب طيب .. خلاص يا سعاد .. أنتِ ح تزاولي هواية الرغي معايا ! (يضع سماعة التليفون و ينهض متأهباً للانصراف) تعرف يا أستاذ كامل مين اللي كان شاغل التليفون من ساعة ؟

كامل                   : مين ؟

المدير                 : حضرته ملازم الفراش النهارده ، و شوف كان بيكلم واحد صاحبه ولا واحدة صاحبته … و تقولي نديهم الحرية و مش عارف إيه .

                           [ يغادران المسرح ]

                                 (ســـــــــــــــــــــــتار)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثالث

المشهد الأول : حجرة المدرسين

غريب     : (يدخل من الباب و هو يضرب كفاً بكف) و الله الولاد دول في منتهى الغرابة .. 

               سبحان الله !

حسن      : (متعجباً) إيه .. فيه إيه يا غريب ؟

غريب     : أنا عمري ما شفت زي كده … سبحان الله !

حسن      : (منفعلاً) أنت اتعبطت ولا إيه … إيه اللي حصل ؟!

غريب     : (يضحك ضحكاً هستيرياً) سبحان الله .. سبحان الله !

عنايات    : أدن في ودنه يا أستاذ حسن .. يمكن يكون ركبه عفريت .

حسن      : (يأخذ بيد غريب و يجلسه) صلي على النبي و وحد الله  (يلتفت إلى عنايات) اعملي كباية شاي يا أستاذة عنايات  .

غريب     : و سيجارة لو سمحت .

حسن      : (يخرج علبة سجائره) خد سيجارة .. بس إيه الحكاية ؟!

غريب     : (يأخذ السيجارة و يشعلها و ينفُث دخانها في الهواء) سبحان الله … سبحان الله !

حسن      : أنت رجعت تاني .. إيه الحكاية ؟!

عنايات    : (ضاحكة) يمكن راح عمر أفندي لقى فيه خرشوف .

غريب     : لا و أنت الصادقة … لقيت فراخ مجمدة في شركة باتا للأحذية .

حسن      : (يجلس بالقرب منه) فيه إيه يا غريب ؟!

غريب     : الولاد … تصور عاملين إضراب !

عنايات : لا حول الله يا رب .. دا أنت لسه صغير يا أستاذ غريب و ولادك كتير … لا حول الله .

حسن    : أنتي عايزة جنازة و تشبعي فيها لطم ! (ملتفتاً إلى غريب ) ولاد مين و إضراب إيه ؟

غريب    : فصل الفائقين … بعد ما عرفوا التعليمات الجديدة قرروا إنهم يعملوا إضراب .

 عنايات : يعني ما يجوش المدرسة ؟

غريب : لا ييجوا و كل حاجة … بس يدخل المدرس و كأنه بيشرح للكراسي ، لا مناقشة

          ولا أسئلة ولا حوار .

حسن   : و المدرسين اللي دخلوا … ما اشتغلوش ؟!

غريب  : مستحيل مدرس يعرف يشتغل بالوضع ده .

حسن   : و عايزين إيه ؟

غريب : مش عارف … دول ما بيتكلموش مع حد خالص .

حسن  : طاب و وضعهم ده ح يستمر لحد امتى ؟

غريب : الأستاذ كامل دخلهم … يمكن يقدر يوصل معاهم لحاجة .

عنايات : يا ريت فصولي تعمل كده كان الواحد يستريح يومين .

غريب : اللي يسمع كده يقول إنك تعبانة قوي في التدريس … دا أنتِ طول الحصة قاعدة على    

          الكرسي .

عنايات : (منفعلة) أنت بتتجسس علىَّ ، و مش بعيد بتوصل الكلام   لتحت .

غريب : (مبتسماً) لا … اللي بيوصل الكلام أنتِ عارفاه كويس .

عنايات : تقصد بالكلام ده مين ؟ إن شا الله أموت لو كنت بوصل أي كلام و …

حسن  : (مقاطعاً) بطلي دوشة يا عنايات … احنا ناقصين !

 كامل  : (يدخل و ينظر إليهم) السلام عليكم .

غريب : و عليكم السلام .. هيه .. عملت إيه مع الولاد ؟

حسن  : طبعاً أقنعتهم إنهم يسيبوا الكلام الفارغ بتاعهم .

كامل   : (مخاطباً عنايات) و النبي يا أستاذة عنايات اعملي كباية شاي أحسن دماغي مصدع …  

          تعرف يا أستاذ حسن الولاد عايزين إيه .

عنايات : ملعقة .

غريب : (متضايقاً) ملعقة إيه يا عنايات .. ح يعملوا بيها إيه ؟

عنايات : ملعقة سكر ولا انتين يا أستاذ كامل ؟

كامل : ملعقة واحدة يا أستاذة عنايات .

غريب : الولاد عايزين إيه ؟

كامل   : سيجارة و حياتك يا أستاذ حسن .

حسن  : (مندهشاً) سيجارة !!

كامل  : أيوه يا أخي .. هات سيجارة .

حسن  : (يخرج علبة سجائره) اتفضل يا أستاذ .

غريب  : الولاد عايزين إيه يا أستاذ كامل ؟

كامل   : وزير التعليم .

غريب : ماله وزير التعليم ؟

كامل  : الولاد عايزين وزير التعليم .

غريب : أيوه … يعملوا بيه إيه ؟

كامل : عايزين يقابلوا وزير التعليم .

حسن : يا سلام … يقابلوا وزير التعليم حته واحدة !

عنايات : و ح يعملوا بيه إيه ؟

حسن : قولي هو ح يعمل بيهم إيه .

غريب : (منفجراً في الضحك) …..

حسن :  ( مندهشا ) أنت بتتضحك على إيه ؟

غريب : على اللي عايزين يقابلوا وزير التعليم .

حسن : و إيه اللي يضحك في كده ؟

غريب : دا أنا لو عرفت إن وزير التعليم جاي البلد مش ح أنزل من البيت .

حسن  : يا سلام .. ليه هو ح ياكلك ؟

غريب  : طاب بذمتك لو عرفت إن الوزير في البد ح تعمل إيه ؟

حسن : أنت قلت إنك مش ح تنزل من البيت ، أنا مش ح أقعد في البيت خالص .. أضمن منين إني         

          ألاقيه بيخبط على الباب .

غريب  : (ضاحكاً) و انت لابس البيجامة و دقنك طويلة و في إيدك السيجارة و شعرك منكوش ، و 

            تفتح الباب و تلاقيه في وشك على طول .

حسن   : و إيه يعني ؟

غريب  : بذمتك يا رجل تعمل إيه لو ده حصل ؟

حسن : ح أقوله اتفضل يا سعادة الوزير ، و أفتح له الصالون و بعد كده أهرب من البيت .

غريب  : و أنتِ يا أستاذة عنايات لو لقيتِ وزير التعليم على الباب ؟

حسن : (يضحك) ح تعمله حلة محشي خرشوف .

عنايات : و بعدين يا أستاذ حسن .. ما تفكرنيش .

حسن  : (مخاطباً الأستاذ كامل) إنما الولاد دول في منتهى الجرأة .

غريب  : و هم عاوزين يقابلوا الوزير ليه ؟

كامل   : يعرضوا عليه طلباتهم يا سيدي .

حسن  : طلباتهم .. بشأن إيه ؟!!

كامل : هم مش ناقشوكم في موضوعات خاصة بالمواد الدراسية و ناقشوا بقية المدرسين ؟

غريب  : أيوه .

كامل   : آهم خرجوا من خلال المناقشات دي بطلبات عاوزين يعرضوها على وزير التعليم .

غريب : (ممسكاً بحسن) حسن .. احنا رحنا في داهية .

حسن  : ليه هو احنا اللي طالبين مقابلة الوزير ؟

غريب : مش احنا يا فالح اللي اتكلمنا معاهم .

حسن   : على رأيك .. و احنا ما صدقنا و قلنا في المواد الدراسية اللي قاله مالِك في الخمر .

عنايات  : هو قال مالك إيه في الخمر ؟

حسن : خليك أنت في اللي قالته الست نظيرة في الخرشوف .

غريب : حسن ياخويا … أنا ح أقدم طلب نقل من المدرسة أحسن الولاد يجُرُّروا رجلنا في   

         الموضوع .

حسن   : اعقل يا أخي … هو الوزير فاضي للكلام الفارغ ده .

عنايات : يا أستاذ حسن … الحصة فاضل عليها قد إيه ؟

حسن  : (ناظراً في ساعته) ربع ساعة .

عنايات : (تُخرِج لفة ضخمة من حقيبة يدها) يعني يادوب أفطر .

غريب : (متأملاً ما تضعه أمامها) بصل و طعمية و مخلل و فسيخة … إيه ده يا أستاذة عنايات

              ؟!

عنايات : أصل ماليش نفس …قلت أفتح نفسي بالفسيخة دي و البصل .

غريب : تصور يا حسن لو الوزير طب علينا و شاف فطار الأستاذة عنايات .

حسن : ولا حاجة … ح تقسم الفسيخة بينها و بين الوزير .

عنايات : (و هي تأكل) و الله الولاد دول ما عندهم فكرة عن حاجة … طاب ما احنا يا مدرسين لينا

           طلبات كتيرة عمرنا ما فكرنا نعرضها على الوزير ولا عمرنا ح نفكر .

حسن  : و الله الأستاذة عنايات بتقول حق … فعلاً الولاد قدروا يعملوا اللي احنا مش قدرين نعمله .

غريب   : و بعدين يا أستاذ كامل … ح تعمل إيه ؟

كامل    : يومين و ما يلاقوش فايدة ح ينسوا الحكاية ديه .

                      [تدخل موظفة بالمدرسة و بيدها بعض الأوراق]

الموظفة : أنت فين يا أستاذ كامل ؟ فيه إشارة جايه من الإدارة و عايزينك تمضي عليها .

كامل    : (يتناول الدفتر منها) خير إن شاء الله .

غريب  : أكيد خير إن شاء الله .

كامل  : (يقرأ الإشارة) حلو … طبقت على دماغنا .

حسن  : (يقترب منه) ليه … فيه إيه يا أستاذ كامل ؟

كامل : و كيل الوزارة ح يزور المدرسة بكرة .

غريب : هو الخبر وصل له ؟

كامل  : أبداً … دي زيارة ودية .

حسن  : طاب و إيه المشكلة ؟

كامل  : مش ح يمر على فصول المدرسة ؟

غريب : مش لازم تخليه يمر على فصل الفائقين .

كامل  : أول حاجة بيطلب يمر عليها فصل الفائقين .

حسن  : طبعاً … و ح يمر على الفصل و ح يطلب توضيح … و الولاد ح يقولوا كل حاجة .

غريب : هاتِ يا أستاذة عنايات ورقة أطلب نقلي من المدرسة ديه .

كامل  : فيه مشكلة تانية .

حسن  : إيه هيه ؟

كامل  : لو عرف المدير بأمر زيارة وكيل الوزارة ح يعمل إيه ؟

غريب : ح يعمل تحقيق لنا ، و ح يجيب لكل واحد دخل الفصل خصم شهر .

عنايات : (تلملم بقايا الطعام) الحمد لله … أنا ما دخلتش الفصل ده خالص .

غريب  : ليه و أنتِ فاكرة إنه ما يعرفش حاجة عن حكاية الخرشوف و عمر أفندي ؟

عنايات : و ح يعرف منين ؟

غريب : أنتِ ما تعرفيش إن فيه مخابرات تعليمية ؟

عنايات : مخابرات تعليمية … يعني إيه ؟

غريب : دي مخابرات مختصة بمراقبة المدرسين بيروحوا فين أثناء الحصص الدراسية … و 

          بيقولوا إيه و بياكلوا إيه (يشير إلى حسن) مش كده يا أستاذ حسن ؟

حسن : بالضبط زي ما بتقول كده … دا أنا مرة جبت فطير مشلتت و عسل أبيض و جبنة حادقة 

         … لقيت كل ده معمول بيه محضر و موجود في ملف خدمتي .

عنايات : (خائفة) يعني مشوار عمر أفندي زمانه موجود في الملف بتاعي ؟

حسن   : طبعاً … و تلاقي كمان محضر بالفسيخ و البصل .

عنايات : و بعدين … ح أعمل فيه إيه ؟

حسن : ح تقدمي طلب و عليه دمغة برفع المحاضر ديه … أحسن تعطل ترقيتك .

عنايات : (تخرج) لما أروح لشئون العاملين أشوف ملف الخدمة .

كامل  : و بعدين يا جماعة … ح نعمل إيه في حكاية وكيل الوزارة .

حسن : ولا حاجة … روح بلغ المدير بالإشارة و اللي يحصل يحصل

 (ســــــــــــــــتار)

 

 

                                

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  الفصل الثالث

المشهد الثاني :

فصل الفائقين :

عبد اللطيف           : و بعدين يا جماعة … مش كنا إحنا أولى بالأيام اللي ضاعت دي ؟

أسامة                 : أنت ناعي هم اللي فات مش هم اللي جاي ؟

عبد اللطيف           :  ليه … إيه اللي ممكن يحصل ؟

أسامة                 : مش بعيد يفصلونا .

شريف                 : مش معقول .

أسامة                 : مش كل يوم كان ييجي مسئول من الإدارة و يحاول معانا علشان ننهي الموضوع اللي احنا مصممين عليه و احنا نرفض .

فؤاد                    : (يتقدم منهم) أنا موقفي حرج مع ماما .. ماما بتقولي مالكش دعوة بالفصل وخليك في حالك .

أسامة                 : ما أنت في حالك …أنت كأنك مش موجود معانا .

مصطفى               : لا يا أسامة … الفصل كله إيد واحدة و متماسك وح نظل على موقفنا … هو  

                        فعلاً فؤاد كأنه مش موجود بس متضامن معانا …. وهو ده المطلوب .

شريف                 : بس زى ما بيقول فؤاد … الواحد بدأ يتعرض لضغط من البيت كل يوم الواحد يخرج من البيت رايح المدرسة و نظرتهم لنا بتقول حاجات كتيرة .

خالد                   : مش كل واحد شرح لأهله الموضوع اللى احنا مصممين عليه .

شريف                 : بالطبع … هو احنا ح نخبي حاجة عنهم .

خالد                   : ومش أهل كل واحد متعاطفين معاه .

شريف                 : أيوه … بس التعاطف ده بيضعف كل يوم عن التاني .

عبد اللطيف           : هو فيه سؤال مهم … احنا عايزين نقابل وزير التربية و التعليم  … بس يا ترى طلبنا ده وصل له ولا لأ ؟!

مصطفى                  : أكيد … دا زار المدرسة أكتر من مسئول .. كل يوم ييجي واحد و نبلغه برغبتنا في مقابلة وزير التربية و التعليم .

       عبد اللطيف                : و تفتكر المسئولين دول وصلوا رغبتنا للوزير ؟

خالد                      : ما هي حاجة من الاتنين ، يا إما ما وصلوهاش .. يا إما وصلوها و سيادة الوزير مش سائل فينا .

شريف                    : و تفتكر مش سائل فينا ليه ؟

أسامة                    : يمكن فاكرنا شوية عيال .

مصطفى                  : شوية عيال ازاي .. الإدارة كلها مقلوبة بسبب موقفنا .

خالد                      : إذن أكيد المسئولين ما وصلوش رغبتنا لسيادة الوزير .

مصطفى                  : تفتكر ليه ؟

أسامة                    : يمكن خايفين .

مصطفى                  : و ح يخافوا من إيه ؟

أسامة                    : هو مش المدير حاول معانا بكل الطرق إنه يصرفنا عن موقفنا ده و ينهي الموضوع .

مصطفى                  : تفتكر هو عمل كده علشان خايف ؟ بس خايف من إيه ؟

أسامة                    : كلنا بنخاف من المواجهة و المراجعة .

مصطفى                  : قصدك بنخاف من التغيير .

أسامة                    : واحنا نغير إلاَّ  بعد المواجهة و المراجعة .. مش ممكن حد منا يتغير إلاَّ بعد مواجهة نفسه و مراجعتها .

عبد اللطيف              : (متضايقًا) وأخرتها يا جماعة .

أسامة                    : أهو كل يوم يبعتوا لنا مسئول من الإدارة .

خالد          : إحنا عاملين زى مخلوقات غريبة في متحف كل واحد جاي عشان يتفرج .

مصطفى      : أبدًا يا خالد ….اللي احنا عملنا هده محدش عمله قبل كده هم مستغربين على تماسكنا و اصرارنا .

    عبد اللطيف       : أنا من رأي ترجع عن الموضوع ده .

    مصطفى           : يبقى كل اللي عملناه ح يضيع .

عبد اللطيف         : احنا بنتعرض لضغط من جميع النواحي ، في المدرسة وفي البيت ما أظنش إننا ح نستحمل إلي مالا نهاية …أكيد في يوم ح نضعف .

خالد                 : حرام يا عبد اللطيف … بعد ده كله لابد نحقق شيء لابد يكون فيه هدف نحققه .

مصطفى               : أنا بأختلف معاك يا خالد … موقفنا ده في حد ذاته هدف ولابد يكون له نتيجة .

شريف                 : أنا من رأي عبد اللطيف … لابد إننا نضع نهاية للمهزلة دية .

مصطفى               : بتسمي دي مهزلة .. دي المدرسة كلها بتحسدنا حتى المدرسين بينظروا لنا نظرة إكبار وإحترام .

شريف                 : ماهو عدم اهتمام المسئولين بنا حولها إلى مهزلة .

أسامة                 : وفيها إيه لو درسنا المواد زي اللي درسوها قبلنا واللي ح يدرسوها بعدنا .

مصطفى               : في رأيك إن ده هو الحل الأمثل .

شريف                 : ما هو ح نعمل إيه …. إحنا مش شايفين أي فايدة من اللي بنعمله .

مصطفى               : يا خسارة …بدأنا نضعف .. وبدأ اليأس يتسرب إلى نفوسنا .

خالد                 : الخوف إن نهاية الموقف بالشكل ده ح يولد في نفوسنا شعور بالاحباط و الفشل ح يتن في قلوبنا طول عمرنا .. يدفن كل بادرة لأي عمل عظيم .

                           [يدق الجرس دقات منتظمة ]

كامل                   : (يدخل من الباب ) السلام عليكم ورحمة الله .

الطلاب                :  ( في صوت واحد ) وعليكم السلام .

كامل                   : (يتأمل الوجوه ) أنا شايف حزن وهم على الوجوه …إيه الحكاية .

مصطفى               : (يقف) أنا بالنيابة عن الفصل بأعلن فشلنا و ……

خالد                   : (مقاطعًا) لحظة يا مصطفى ….أستاذ كامل لنا سؤال بس عايزين إجابة صريحة .

كامل                   : أتفضل .

خالد                   : يا ترى المسئولين نقلوا رغبتنا إلى السيد الوزير .

 كامل                  : حقيقي مش عارف ….الله أعلم .

خالد                   : مش جايز المسئولين ما وصلوش رغبتنا للسيد الوزير .

كامل                   : دا محتمل .

خالد                   : وسيادتك تقترح إيه .

كامل                   : محاولة أخيرة .

خالد                   : إزاي .

كامل                   : تكتبوا كل طلباتكم للسيد الوزير و تبعتوها .

خالد                   : وتفتكر ح يهتم بيها .

كامل                   : إنتم تبعتو و تنتظروا رد سيادته وأنا مستعد أوصلها للسكرتير بنفسي إيه رأيكم وليه لا ….أهه محاولة أخيرة .

كامل                   : مش ح تخسروا حاجة .

عبد اللطيف           : أظن ح يكون مصيرها صندوق الزبالة .

كامل                   : لا يا عبد اللطيف ..أكيد السيد الوزير ح يهتم لأنها جاية منكم أنتم .

عبد اللطيف           : وح تعرف إيه .

كامل                 : تفرق كتير ….أنتم مالكمش أي غاية غير مصلة التعليم وبتعبروا عن رغباتكم الحقيقية وأهدافكم …وأنتم النقطة الرئيسية التي يجب أن يبدأ من عندها عملية التطوير أكتبوا للسيد الوزير ….مش ح تخسروا حاجة .

الطلاب              : (يخرج كل طالب ورقة بيضاء و يكتب )  ….

                              [   ويدق الجرس دقات منتظمة  ]

                                      

                        (ستــــــــــــــــار)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثالث

المشهد الثالث :

حجرة المدير ، يجلس إلى مكتبه و بيده جريدة يقرأ فيها ، ويظهر على حركاته الاضطراب . يمد يده و يدق الجرس .

العامل     : (يدخل) أيوه يا سيادة المدير .

المدير     : ابعت لي الأستاذ كامل بسرعة .

العامل     : (منصرفًا) حاضر يا سيادة المدير .

                     [ يدق جرس التليفون  ].

المدير     : (يرفع سماعة التليفون) آلو …وبعدين يا سعاد .. وده وقته أنا غرقان هنا في مشكلة 

             كبيرة .. ناشرين في الجرنال عن الفصل أيوة ما كتبوش اسم المدرسة النهاردة .. بس 

            ممكن يكتبوها بكرة أو بعد بكرة .. وبعدين ..أيوة يا ست مش قادر على شوية ولاد  

            استريحتى .. مع السلامة … مع السلامة أنا مش فاضي لك .

 كامل      : (يدخل) صباح الخير يا سعادة المدير .

المدير     : (مخاطبًا نفسه ) هو أنا قادر على ابني علشان أقدر عليهم .

كامل       : (مستفسرًا) سيادتك بتقول حاجة ؟

المدير     : (ينهض و يسير بضع خطوات ثم يعود و يتناول الجريدة )قرأت المكتوب في الجريدة النهاردة .

كامل       : أيوه .. بس ما كتبوش اسم المدرسة .

المدير     : (منفعلاً)أنت ح تقول زيها .. المهم أن الخبر وصل للصحافة أنا ناقص الصحافة … دي أعصابي تعبت من زيارة المسئولين كل يوم مسئول أو اتنين .. المدرسة كلها واقفة على رجل بسبب الولاد المجانين دول … حاجات ماكنتش اتخيل أعملها … طبعًا مش كل يوم مسئول يزور المدرسة ، ومش بعيد السيد الوزير .

كامل       : والله يا سيادة المدير .. المدرسة كأنها مستشفى استثماري أظن ما فيش مدرسة بالنظافة دي و النظام .

المدير     : مجبرٌ أخاك لا بطل … مش كل مسئول ييجي يكتب تقرير … أنا يوميًا أجي الساعة

سبعة صباحًا ما أروحش إلاَّ الساعة تلاتة بعد الظهر ، وزي المكوك طول النهار في المدرسة وده كله علشان شوية الولاد دول ….أنا عاوز أروح النهاردة وأحاول معاهم .

كامل       : ما فيش فايدة …هم مصممين على رأيهم .

المدير     : بس لإمتى المدرسة ح تفضل مشدودة الأعصاب بالشكل ده .

كامل       : (مترددًا) أنا عندي اقتراح .

المدير     : إتفضل قوله .

كامل       : إيه المانع إنك تتصل بسيادة الوزير و تدعوه للزيارة المدرسة .

المدير     : (منفعلاً) أنت اتجننت يا كمال .

كامل       : ( متعجبا ) ليه ؟!

المدير     : أقول له إيه .. فيه شوية ولاد عايزين يقابلوا سيادتك وليه .. علشان يقولوا له إزاي يطور التعليم .. دي مهزلة يا أستاذ كامل .

كامل       : والحل .

المدير     : (يسحب ورقة وقلمًا) أنا قررت إني ألغي فصل الفائقين من المدرسة ..وأوزع الطلاب على بقية الفصول ..أنا ح أرسل إلى الإدارة التعليمية إني مش عايز فصول فائقين .. وأنت يا أستاذ كامل دلوقت وعلى الفور بقية الفصول .

                          [  يدق جرس التليفون   ]

المدير     : (يرفع السماعة ) ألو .. أيوة العنوان مظبوط مين سيادتك ..الوزارة .. مين (يضع يده على السماعة . وهو قمة الاضطراب ) مش معقول .. الوزير ح يكون على الخط .. ألو .. أيوه يا سعادة الوزير . مع سيادتك مدير المدرسة .. تحت أمر سعادتك .. تمام يا سعادة الوزير .. بس لو … حاضر … حاضر سعادتك لحظات  و يكونوا معاك مع سعادتك (مشيرًا إلى الأستاذ كامل ) هات طلاب الفصل و هيئة التدريس كلها .

كامل                   : طلاب فصل إيه …

المدير                 : ( يجفف عرقه ) فصل الفائقين.

كامل                   : ليه ؟

المدير                 : (منفعلاً) سعادة الوزير ح يوجه كلمة لهم .. بسرعة بسرعة  الوزير على 

                       الخط .

 [يدخل طلاب الفصل و بعدهم هيئة التدريس يقف هؤلاء في جانب ، وهؤلاء في جانب آخر]

المدير                 : ( يجفف عرقه المتصبب ) سعادة الوزير ح يتفضل بتوجيه كلمة لكم (يضع السماعة على فمه) أيوة يا سعادة الوزير مع سعادتك طلاب الفصل و هيئة التدريس ويشرف المدرسة أن تخطى بسماع صوت سعادتك .

صوت الوزير      : فرصة سعيدة أن التقي بكم – فصل الفائقين بالمدرسة – وكنت أود أن أقوم

بزيارتكم .. وهذا سوف يحدث قريبًا إن شاء الله .. فور انتهائي من بعض    الأعمال الهامة .. وقد وصلتني رغباتكم و شعرت بالسرور لموقفكم هذا .. وهو  يبشر بالخير .. يبشر أن مصر بخير وأن الجيل الجديد الذي نعلق عليه أمالاً كبارًا على مستوى المسئولية التي سوف يتحملها في المستقبل …

وأنا إذ أتحدث إليكم أتوجه بالشكر لهيئة التدريس وإدارة المدرسة التي استطاعت أن تنمي الوعي في الطلاب …أما بشأن طلباتكم يا طلاب فصل الفائقين فقد أمرت بعقد و تشكيل لجنة لتدريس تلك الطلبات وسوف تجتمع معكم لوضع تصور على ما يجب أن يجب أن يكون عليه المنهج المدرسي … تحياتي لكم طلاب و مدرسين وإدارة …… والسلامة عليكم ورحمه الله .

المدير           :(متقدمًا من الطلاب مصافحًا ) مبروك يا ولاد أنتم أثبتم فعلاً إنكم مدرسة فائقين ….أنتم فخر التعليم كله .

 كامل             :(ضاحكًا) مش ح نلغي فصل الفائقين زى ما سيادتك أمرت .

المدير           : لا احنا نخلي كل مدارسنا وكل فصولنا فائقين مصر ح تكون كلها فائقين إن شاء  

                  الله … لنحي هؤلاء الفائقين  .

هيئة التدريس        : ( تصفق للطلاب ) ………………………… 

                         [ يدق جرس المدرسة دقات منتظمة ]

                              (ســـــــــــــــــتار)

                               (  تمـــــــــت ) 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                      ســــيرة ذاتــــية

 

الاسم : محمود محمد محمود القليني .

المؤهل : ليسانس في الآداب والتربية جامعة الإسكندرية- شعبة:  لغة عربية عام 1979. .

الإيميل : elkellenymahmoud@yahoo.com

الهاتف :0201061414124- 0201025544856

الأعمال المنشورة :

أولا : في المسرح :

  • مسرحية : ( إخناتون والكهنة ) جهة النشر : الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة عام 1994
  • مسرحية : ( مصرع الخُرساني ) جهة النشر : الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة عام2002.
  • مسرحية :(محنة الإمام أحمد بن حنبل) جهة النشر : الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة عام 1997
  • مسرحية : ( بلد راكبها عفريت ) جهة النشر : الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة عام 2010.
  • مسرحية ( غائب لا يعود ) الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2019.
  • كتاب : ( الأدب في مسرح الطفل ) جهة النشر : العلم والإيمان للنشر والتوزيع بدسوق عام 2015

ثانيا : في الروايات والقصص :

  • رواية :(الإسكندرية عناقيد العشق والغضب) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام
  • رواية :(الجنوب الهادئ ) جهة النشر :الهيئة العامة لقصور الثقافة عام : 2014
  • رواية : ( الدجال والشيطان ) جهة النشر : مكتب معروف للنشر والتوزيع عام 1985
  • ( إنهم يذهبون ) مجموعة قصص قصيرة ، جهة النشر : دار الشعب بالقاهرة عام 1983.

ثالثا : في الكتب :

  • (الفكر الإسلامي ومستجدات العصر) جهة النشر :المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة عام 2005 .
  • ( أمير الصحافة العربية ) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2009
  • ( العمرية ..في رحاب عمر بن الخطاب ) جهة النشر: مكتبة دار العلم والإيمان عام 2007
  • ( عش حياتك سعيدا ولا تحزن ) جهة النشر: مكتبة بستان المعرفة عام 2004 .
  • ( الثورة في وجدان المصريين ) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2012.
  • ( الباحثون عن الله ) جهة النشر مكتبة دار العلم والإيمان عام 2013.
  • (شخصية موسى النبي) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2011 .
  • (شخصية المسيح) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2014.
  • ( شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم ) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2014

10-(قيم ومعايير في أدب يوسف إدريس ) جهة النشر : مكتبة دار العلم والإيمان عام 2015.

11-( الذاتية والقيم الوجودية في أدب إبراهيم عبد القادر المازني ) جهة النشر : مكتبة دار العلم والإيمان عام 2015.

12- (النساء فقدن عروشهن) جهة النشر :مكتبة العلم والإيمان بالمنصورة .

13- الخليل – عليه السلام – رحلة في المكان وسياحة في الزمان . دار العلم والإيمان عام 2018

الجوائز الحاصل عليها :

1-جائزة التأليف المسرحي من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية ( محنة الإمام أحمد بن حنبل )

  • جائزة ( ملتقى جائزة أبها ) بالمملكة العربية السعودية عن مسرحية ( محنة الإمام أحمد ) عام 1417هجرية .
  • جائزة التأليف المسرحي من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية ( إخناتون والكهنة ) .
  • جائزة التأليف المسرحي من مجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية ( مصرع الخرساني ) .
  • جائزة الدراسات النقدية عن دراسة بعنوان ( قيم ومعايير في أدب يوسف إدريس ) من المجلس الأعلى للثقافة .
  • جائزة الدراسات النقدية عن دراسة بعنوان ( الذاتية والقيم الوجودية في أدب المازني )
  • جائزة المقالة النقدية عن دراسة في قصة ( الطريق ) لنجيب محفوظ ،من المجلس الأعلى للثقافة .
  • جائزة التأليف المسرحي للكبار – الشارقة – الهيئة العامة للمسرح – عن نص مسرحي بعنوان ( غائب لا يعود ) 2016
  • جائزة من نادي القصة بالقاهرة عن رواية بعنوان ( قوس قزح ) عام 2002

 

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock