ننشر كتاب “توبة الثعلب” 4 مسرحيات للطفل ( 4ـ 4) نص” ذَنْبُ الحصان “للكاتب السوري أحمد اسماعيل اسماعيل
المسرح نيوز ـ القاهرة| مسرح طفل
ـ
ذَنْبُ الحصان
( المنظر : مرج أخضر في غابة مترامية الأطراف. الوقت صباح يوم مشرق، يظهر الثعلب والحصان والذئب فرحين. يرقصون ويترنمون بأغنية ما)
الثلاثة : تر لا لا تر لا لا
تر لا لا تر لا لا
( الذئب والثعلب يؤديان حركات فرح مصطنعة، ويعويان برقة مفتعلة، يصهل
الحصان بسرور)
الثعلب : ( بمبالغة مفتعلة ) آه، آه يا قلبي .
الحصان : ( بطيبة ) سلامتك يا صديقي .
الذئب : ما به قبلك ؟
الثعلب : إنه يخفق بشدة كبيرة .
الذئب : هذا لأنك أجهدت نفسك بالقفز والرقص .
الثعلب : إنها السعادة يا صديقي، السرور الصاعق كتيار كهربائي .
الحصان : ( باستغراب ) السرور الصاعق ؟!
الثعلب : نعم، تعال، تعال يا أغلى صديق، لتسمع قلبي السعيد وهو يعزف لحن الصداقة .
( يضع الحصان أذنه على صدر الثعلب الذي يمسد رأس وجسد الحصان ويتشمم
رائحته) ياه . كم هو لذيذ !!
الحصان : ( يبتعد. باستغراب ) ماذا قلت ؟
الثعلب : ( مستدركاً ) قلت : إن قلبي منشرح. يعزف لحن الوفاء والإخلاص، إنه يردد:
تك. تك . الحصان. تك. تك. الحصان.
الذئب : (بحنق) فقط ؟! الحصان فقط ؟
الذئب : ( بخوف) ويقول: دم . دم . الذئب . الذئب .
الذئب : (يدنو من الثعلب) دعني أنصت إليه .
الثعلب : (بمكر وخوف ) لماذا لا تستمع إلى قلب صديقنا الحصان ؟ لدقات قلبه نغمات لذيذة يا صديقي.
الذئب : لذيذة ؟
(يندفع نحو الحصان ، يتبعه الثعلب، يضعان رأسيهما على صدر الحصان بنشوة )
الذئب و الثعلب :(بنشوة ) ما ألذَّ وأشهى قلبك يا صديقنا !!
الحصان : إنه ينبض فرحاً بصداقتنا .
الذئب والثعلب : ما أشهى صداقتنا !
الحصان : ما رأيكما فيها ؟
الذئب : لذيذة .
الحصان: (باستغراب ) ماذا ؟
الثعلب : ( يلكز الذئب ) رائعة، رائعة يا صديقنا، ستُصبح صداقتنا مضرب المثل في الغابة كلّها .
الذئب : سيقتنع الجميع بأن الصداقة ممكنة بين الحصان والذئب .
الثعلب : نعم .
الذئب : وستصبح رؤية الذئب وهو في زيارة الغزلان والخراف عادية .
الثعلب : وسيعتاد الجميع على رؤية الدجاجة والبطة وهما يستقبلان الثعلب في مكان سكناهما بترحاب و مودة.
الحصان : ( بتأثر ) وسيعم السلام في غابتنا .
الثعلب : يا سلام !
الذئب : عاش السلام .
الحصان : ( بعد تفكير ) لقد نسينا أمراً في غاية الأهمية يا أصدقاء .
الثعلب و الذئب : ( باستغراب ) ما هو ؟
الحصان : القسم .
الثعلب و الثعلب : القسم ؟! نقسم على ماذا؟
الحصان : على الإخلاص والوفاء والمحبة .
( يمدون أيديهم، يبسطون أكفهم )
الثعلب : نقسم أن نكون مخلصين أوفياء .
الذئب :(بمفرده ) نقسم أن تكون مخلصين أوفياء .
الثعلب : لماذا لا تردد القسم يا صديقي الحصان ؟
الحصان : بماذا أقسمتما ؟
الذئب : أقسمنا ب..
الحصان : بماذا ؟
الذئب : لا أعرف ، أقسمنا على الإخلاص والوفاء .
الحصان : حسن ، ولكن بماذا أقسمنا ؟
الثعلب : ( بمكر ) لا بأس يا صديقنا ، مدّا أيديكما ورددا ما أقوله: نقسم بشرفنا وروح أجدادنا
أن نخلص لبعضنا البعض ونكون أوفياء متحابين.
الحصان : دائماً .
الذئب : دائماً وأبداً .
الثعلب : في السرّاء والضرّاء .
الذئب : في الليل والنهار .
الثعلب : في الصيف و الشتاء. في الربيع والخريف .
الحصان : حسناً. حسناً يا صديقيَّ . منذ هذه اللحظة نحن أصدقاء مخلصون.
الثعلب : وأخوة يغنون معاُ .
الثلاثة : تر لا لا تر لا لا
نحن أصدقاء دائماً أوفياء
نحن يا حلوين خير الأصدقاء
بالود نسير للخير العميم
ثعلب أمين شبعان أم جوعان
ذئب وديع صباح مساء
وحصان رشيق صهيله زغاريد
تر لا لا تر لا لا
( يتغير المنظر : مرج واسع تكثر فيه الخضرة والمياه ، يظهر الحصان سعيداً وهو يغني
ويقفز هنا وهناك، يدخل الديك تستوقفه كلمات الأغنية التي يستمع إليها، فترتسم
على وجهه علامات الدهشة )
الديك : ( يقلد الحصان )
ثعلب أمين شبعان أم جوعان
ذئب وديع صباح مساء
تر لا لا تر لا لا
( بسخرية و غيظ ) يا سلام، يا سلام يا صديقي الحصان .
كلمات أغنيتك هذه رائعة.
الحصان : حقاً ؟
الديك : نعم . لكن لي ملاحظة بسيطة جداً.
الحصان : ما هي ؟
الديك : كلمات هذه الأغنية غريبة ، لا يمكن أن يرددها ذكي، ومن يؤديها ما هو سوى غبي. أو معتوه.
الحصان : ( بانفعال ) لست غبياً أيها الديك .
الديك : أعرف ذلك تماماً، فمن غير المعقول أن نصدق الثعلب أو الذئب كما تقول كلمات
هذه الأغنية .
الحصان : الثعلب والذئب صديقان مخلصان .
الديك : هذا صحيح. الذئب والثعلب صديقان مخلصان لبعضهما البعض دائماً.
الحصان : الثعلب والذئب صديقان مخلصين لي أنا أيضاً .
الديك : لا شكّ في أنك تمزح ؟
الحصان : إني جاد فيما أقول .
الديك : ( يلطم وجهه ) يا ويلتاه، واأسفاه ، يا ويلتاه.
( يدخل الحمار، يقف لحظات مندهشاً لمرأى الديك وهو يلطم وجهه، يقلده،
يصمت فجأة، يدنو منه )
الحمار : هل فقدت صديقاً في حادث ما ؟
الديك : ( يُكمل اللطم والندب )..
الحمار : أَهو أخ؟
الديك : ( يلطم وجهه و يندب ) ..
الحمار : هل هو أب . عم . خال . جار . جد ؟؟
الحمار : إذاً، ما الذي حدث ؟
الديك : ( يصيح ) ألم تسمع بما حدث يا صديقي ؟
الحمار : ماذا حدث ؟
الديك : ( يتأمل الحمار باستغراب ) يا ويلتاه. واأسفاه.
( يقلد الحمار. ثم يصمت)
الحمار : ماذا حدث يا صديقي الديك ؟
الديك : ألم تسمع بما حدث ؟!
الحمار : قلت لك : كلا، لم أسمع بما حدث .
الديك : ( يحاول لطم وجهه، يمسك الحمار يده ) إذاً اسأل صديقك الفهمان.
الحمار : ( للحصان ) وماذا حدث أيها الفهمان؛ أقصد أيها الحصان؟
الحصان : لا شيء ، لم يحدث أي شيء.
الحمار : ( للديك ) إنه يقول، لم يحدث أي شيء ؟!
الديك : ( ينظر إلى الحصان باستغراب ) ماذا تقول أيها الحصان الفهمان، لم يحدث أي شيء؟!
( يلطم وجهه )
الحمار : ( للحصان ) ما سبب ندب الديك وبكائه يا صديقي ؟
الحصان : غنائي، مُذ سمعني أغني وهو لم يكفَّ عن لطم نفسه.
الحمار : هكذا إذاً ؟!
الحصان : نعم .
الحمار : (للديك ) يا عدو الفن .
الديك : ( بحنق ) أنا عدو الفن ؟! اسأل هذا الفهمان ماذا تقول كلمات أغنيته.
الحمار : ( للحصان ) وما حكاية كلمات الأغنية ؟
الحصان : إنها كلمات عذبة تتحدث عن الصداقة .
الحمار : ما أروع الصداقة ! (للديك ) يا عدو الصداقة .
الديك : صداقة؟! ومتى كانت صداقة الثعلب والذئب رائعة ؟
الحمار : (بحماس ) الصداقة رائعة دائماً، وهي ( يصمت فجأة. للديك) قلت الصداقة مع من ؟!
الديك : مع الثعلب والذئب .
الحمار : (للحصان ) هل هذا الكلام صحيح ؟! قلْ : هل هو صحيح ؟
الحصان : نعم .
الحمار : نعم ؟! يعني: صحيح ؟
الحصان : أجل .
الحمار : ( بعد لحظات من الذهول ..يلطم وجهه ) يا ويلتاه ..وامصيبتاه
الحصان : أنت واهم أيها الحمار ، أنتما واهمان.
الحمار والديك : (باستغراب ) واهمان ؟!
الحصان : نعم .
الحمار والديك : هل كنت تمزح ؟ قل إنك غير جاد.
الحصان : كلا . إني جاد تماماً . لكنني أريد أن أقول: إن الزمن قد تغير، والطبائع قد تغيرت هي
الأخرى، والثعلب والذئب قد تغيرا أيضاً .
الحمار والديك : كيف عرفت ذلك ؟
الحصان : لقد أقسما على الإخلاص والوفاء .
الحمار والديك : (يتبادلان نظرات الأسف و السخرية) أقسما؟! يا ويلتاه. يا مصيبتاه!!
الحصان : ( يلمح الثعلب والذئب قادمين) سأبرهن لكما على صحة ما أقول .
الحمار : متى ؟!
الحصان : الآن .
الديك : يعني في هذا الزمان؟
( يرى الحصان الذئب والثعلب وقد اقتربا ..)
الحصان : نعم . بل في هذه اللحظة بالذات .
الحمار والديك : كيف؟!
الحصان : انظرا إلى الوراء قليلاً .
(الحمار والديك يلتفتان إلى الخلف فيشاهدان الثعلب والذئب )
الحمار و الديك : يا ويلتاه !
الديك : ( للحصان )اسمع أيها الصديق الواهم ، إذا حاول هذان الغادران الإيقاع بك، ولا بدّ أنهما سيفعلان، اصهل ثلاث مرات بشكل متقطع . ثلاث مرات ، لا تنس ذلك .
(يهربان )
الحصان : انتظر يا صديقي. أنت واهم . انتظرا.
( الثعلب و الذئب يدنوان من الحصان ..)
الذئب : لماذا هرب الحمار يا صديقي ؟
الحصان : لأنه خائف منك .
الثعلب : وهل هرب الديك لأنه خاف مني أيضاً ؟
الحصان : نعم.
الثعلب والذئب : ( بضيق ) يا خسارة .
الحصان : اطمئنا . سيأتي اليوم الذي يطلب فيه الجميع ودكما .
الثعلب والذئب : ( بلهفة ) ومتى سيأتي هذا اليوم ؟
الحصان : ( بعد تفكير )لا أعرف . قد يكون غداً .
الثعلب والذئب : ( بسرور ) غداً ؟
الحصان : وقد يكون بعد غد . أو بعد سنة .
الذئب : ( بخيبة ) بعد سنة كاملة ؟!
الحصان : نعم . وربما أكثر من سنة .
الذئب : (بضيق ) وما فائدة صداقتنا ؟
الحصان : (باستغراب ) ماذا ؟
الثعلب : ( بمكر ) فائدتها: أننا سنقوم برحلة .
الذئب : (بسخرية ) رحلة ؟!
الحصان : إلى أين ؟
الثعلب : إلى وادي إبليس .
الحصان : وادي إبليس ؟!
الثعلب : نعم، إنه مكان رائع .
الذئب : العشب فيه وفير .
الثعلب : والماء فيه غزير .
الحصان : ( بحماس ) وماذا ننتظر ؟
الثعلب : موافقتك .
الحصان : إني موافق تماماً .
الثعلب : بقي علينا..
الحصان : ماذا ؟
الثعلب : الانطلاق حالاً .
( يغنون وهم يخرجون ..)
( يتغير المنظر . داخل سور، يظهر الديك والحمار)
الديك : ( بقلق، لنفسه ) غير معقول !
الحمار : ما هو غير المعقول ؟
الديك : ( لنفسه ) لا. لا. بل إنه معقول جداً .
الحمار : ما هو المعقول وغير المعقول جداً ؟
الديك : ( لنفسه ) لا أظن (يفكر ) ولماذا لا أظن ؟
الحمار : (بحنق ) بماذا لا تظن ، ثم تظن ؟
الديك : هل . هل تظن ما أظن يا صديقي؟
الحمار : ماذا ؟
الديك : هل ترى ذلك معقولاً ؟
الحمار : ( بضيق ) هل تريد مني أن أجن ؟
الديك : لماذا؟
الحمار : لأنك تتحدث كالمجانين .
الديك : إني أفكر بصديقنا الحصان .
الحمار : تقصد صديق الثعلب والذئب ؟
الديك : إنه مخدوع يا صديقي، ويجب أن نساعده .
الحمار : ما به هذا المخدوع ؟
الديك : كنت قد طلبت منه أن يصهل ثلاث مرات بشكل متقطع إذا أحس بالخطر.
الحمار : ولم أسمع له صهيلاً منذ تركناه آخر مرة .
الديك : أنا أيضاً لم أسمع صهيله !
الحمار : هل أخبرت الأصدقاء بالأمر ؟
الديك : نعم .
الحمار : وما العمل الآن ؟
الديك : أرى أن تطلب من الأصدقاء البحث عنه .
الحمار : فكرة معقولة .
الديك : هيا بنا ( يخرجان )
( يتغير المنظر، إنه واد كثير العشب، يظهر الحصان وهو يلعب ويغني أغنية الصداقة يدخل الثعلب والذئب لعد لحظات، يتبادلان النظرات ثم يتهامسان )
الذئب : ( بحنق ) أراك عدت خائباً ؟
الثعلب : ( بضيق ) نعم ، وأنت ؟
الذئب : أكاد أموت من الجوع .
الثعلب : أنا أيضاَ .
الذئب : أريد حلاً سريعاً أيها الماكر .
الثعلب : الحل السريع موجود يا صديقي .
الذئب : أين ؟
الثعلب : ( يشير إلى الحصان ) الصديق وقت الضيق .
الذئب : (يتلمظ ) ياله من حل شهي، كيف سنحتال عليه ؟
الثعلب : إن هذا الأمر من اختصاصي يا صاحبي .اسمع.
( يهمس الثعلب في أذن الذئب)
الذئب : (بسرور ) أيها الماكر !
الثعلب : هل اتفقنا ؟
الذئب : ومتى اختلفنا ؟
( يكتمان ضحكهما ويتوجهان نحو الحصان..)
الثعلب : (بحماس مفتعل ) أقسم لك باسم صداقتنا بأن ما أقول هو الحقيقة بعينها.
الذئب : لا. لا أصدق ما تقوله.
الثعلب : اسأل صديقنا الحصان إذاً.
الحصان : (باندهاش ) ما الحكاية ؟
الثعلب : الحكاية هي أن صديقنا لا يثق بحكمة الأجداد .
الحصان : لماذا ؟
الثعلب : ( بحماس مفتعل ) أسمعت أيها الذئب ؟ صديقنا الحصان قال : لماذا. قالها باستغراب شديد
الذئب : غريب !!
الثعلب : لماذا الاستغراب ؟ ما دمنا لم نصطد شيئاً سحابة نهارنا، وهذا نادر الحدوث، فهذا يعني؛ وكما أكد أجدادنا، أن نحساً ما قد أصابنا. أليس كذلك ؟
الذئب : نعم .
( الحصان لا يجيب.)
الثعلب : أليس كذلك يا صديقنا الحصان الرشيق ؟
الحصان : لا أدري .
الثعلب : يجب أن تقول نعم .
الحصان : لماذا ؟
الثعلب : لأنها حكمة الأجداد يا صديقنا : الأجداد العظام .
الحصان : نعم . لكن ما هو سبب هذا النحس؟
الثعلب : عظيم ، عظيم جداً . واجبي، كصديق مخلص ووفيّ، يحتم علي أن أجيب عن سؤالك.
الذئب : ( الثعلب ) هيا تكلم بسرعة أيها الثعلب .
الثعلب : حاضر . يقول الأجداد العظماء : إن سبب النحس في هذا الحالة هو أن أحد الأصدقاء
مذنب ، وقد ارتكب خلال الأسبوع الفائت ذنباً عظيماً .
الذئب : ( بلهفة للحصان ) عظيم ، هيا اعترف ( للثعلب ) أقصد: هيا أكمل أيها الثعلب.
الثعلب : حاضر . ويجب على المذنب أن يعترف بذنبه ليتطهر .
الذئب : ( بحنق ) ليتطهر أيها الغبي !!
الثعلب : ( مستدركاً ) أقصد ليُعاقب، لينال قصاصه العادل .
الحصان : وبعد أن ينال المذنب القصاص ؟
الثعلب : يزول النحس ، ونغنم صيداً وفيراً .
الذئب : عظيم . هيا اعترف أيها الحصان .
الحصان : بماذا اعترف ؟!
الذئب : بما اقترفت يداك من جرائم في هذا الأسبوع .
الحصان : لم أقترف أية جريمة .
الذئب : ( بغضب ) كذاب .
الثعلب : لا تغضب يا صديقنا ( للحصان ) كنْ صادقاً يا عزيزي .
الحصان : لست مجرماً .
الثعلب : سيتذكر صديقنا الحصان بعض ذنوبه عندما نعترف نحن بذنب اقترفناه أيها الذئب.
الذئب : ذنوبي لا تستحق الذكر .
الثعلب : أعرف هذا يا صديقي. لكن حاول أن تتذكر ذنباً واحداً.
الذئب : ( يتذكر ) حدث في منتصف الأسبوع الفائت أن مررت بقطيع خراف يراعى في الوادي، كان الراعي نائماً، ولم أجد أثراً لكلب؛ فهاجمت القطيع، وافترست خروفاً واحداً .
الثعلب : واحداً فقط !! افترست خروفاً واحداً فقط !!
الذئب : نعم ، وجرحت اثنين .
الثعلب : اثنين فقط ؟!
الذئب : نعم . وعندما حاول الراعي ضربي بعصاه الغليظة ، عاجلته بضربة قوية في صدره ولذت بالفرار .
الثعلب : ياله من ذنب بسيط جداً !!
الحصان : إنه ذنب غير بسيط يا صديقي .
الثعلب : ( يعوي ) بل إنه بسيط .
الذئب : ( يعوي ) هل تذكرت ذنوبك أيها الحصان ؟
الحصان : لم أقترف ذنباً خلال هذا الأسبوع .
الذئب : ( بغضب ) هل عدت إلى الكذب مرة أخرى أيها الحصان ؟
الحصان : أنا لا كذب .
الذئب : ( باستغراب ) أنت لا تكذب ؟! أية أكذوبة هذه ؟!
الثعلب : أما أنا فسأعترف بصراحة بذنب اقترفته هذا الأسبوع .
الذئب : لا تطل علينا أيها الصديق .
الثعلب : حاضر . لقد اقتحمت أمس قن دجاج . فبدأت الدجاجات بالقوقأة .وق . وق..قلت لهن في منتهى الأدب واللياقة والديمقراطية: يا عزيزاتي اللطيفات ، اللذيذات، إذا ضحت
إحدى الدجاجات بنفسها؛ فلن أمس الأخريات بسوء .
الذئب : وماذا كان جوابهن ؟
الثعلب : الاحتجاج ، والصياح .
الذئب : ( باستغراب ) لقد قابلن لطفك باحتجاج ؟!
الثعلب : نعم .
الذئب : متخلفات ، مشاغبات ، غوغاء. لا يفهمن إلا بالعنف.
الثعلب : وهذا ما اضطررت إلى فعله اضطراراً: العنف.
الحصان : ( باضطراب ) وماذا حدث ؟
الثعلب : كسرت البيض كله .
الذئب : فقط ؟
الثعلب : وافترست إحدى الدجاجات .
الذئب : فقط ؟
الثعلب : وخطفت دجاجة واحدة فقط .
الذئب : واحدة فقط ؟!
الثعلب : نعم .
الذئب : ياله من ذنب بسيط .
الحصان : بل إنه ذنب عظيم .
الذئب : ( يعوي ) قلت : إنه بسيط أيها الصديق .
الثعلب : حان الاّن دور صديقنا الحصان ، هيا اعترف .
الذئب : اعترف بذنوبك أيها الحصان .
الحصان : لا أذكر ذنباً اقترفته في هذه الأسبوع .
الثعلب : حسن . اذكر ذنباً اقترفته في الشهر الفائت .
الحصان : ولم اقترف ذنباً خلال الشهر الفائت.
الذئب : إنه يكذب (للحصان ) أقسم أنك تكذب .
الثعلب : اذكر ذنباً اقترفته في العام الفائت .
الحصان : ( يفكر ) لا أذكر أنني اقترفت ذنباً في العام الفائت .
الذئب : إنه يسخر منا أيها الثعلب ( يعوي )
الثعلب : ( يفكر ) اذكر ذنباً اقترفته في حياتك .
الذئب : أو اذكر ذنباً تنوي اقترافه في المستقبل. هيا اعترف أيها الحصان .
الحصان : لا انوي اقتراف الذنوب ما حييت.
الذئب : ( يعوي ) أيها المحتال المخادع .
الثعلب : (يفكر ) اسمع . ألم تحس بالذنب في حياتك كلَّها ؟
( الحصان يفكر، الذئب والثعلب يحومان حوله، الذئب يعوي )
الحصان : الاّن تذكرت .
الثعلب : ( باندفاع ) عظيم .
الذئب : تكلم .
الحصان : عندما كنت صغيراً ..
الذئب : هل ستروي لنا قصة حياتك؟ اذكر ذنبك فقط .
الثعلب : دعه يكمل يا صديقي .
الحصان : خرجت يوماً مع أمي إلى الحقل .
الثعلب : وهناك رفست أرنباً ؟
الحصان : كلا .
الذئب : رفست ديكاً ؟
الحصان : كلا .
الثعلب : سحقت نملة ؟
الحصان : كلا.
الذئب : ( بنفاد صبر ) ماذا فعلت إذاً ؟!
الحصان : وبينما كنت أسير خلف أمي ..
الثعلب : رفست أمك ثعلباً ؟.
الحصان : كلا ، بل وطأت شتلة.
الذئب : (يقاطعه ) وطأت شتلة ؟!!
الثعلب : دعه يُكمل يا صديقي ( للحصان ) تفضل .
الحصان : وطأت شتلة خيار، فاقتلعتها من مكانها .
الثعلب : يا للهول !!
الذئب : إنه أعظم ذنب سمعته .
الثعلب : (يتباكى ) شتلة خيار؟ وطأت شتلة خيار يا مجرم ؟!
الذئب : أيها المجرم العتيد .
( الثعلب والذئب يحيطان بالحصان وهما يكشران عن أنيابهما )
الحصان : (لنفسه، بخوف ) إنهما ينويان الشر، سيفترسانني. كيف الخلاص يا إلهي؟ كيف الخلاص ؟
الثعلب : تصور أيها الحصان لو أنك لم تقتلع تلك الشتلة العظيمة!
الذئب : لتمكنَ البستاني من بيعها في السوق بثمن غال .
الثعلب : واشترى بهذا الثمن حليباً لطفلته ( يتباكى )
الذئب : أو حذاءً جميلاً لولده .
(يحاول الحصان الهرب .. فلا يستطيع )
الحصان : ( لنفسه ) كيف الخلاص يا إلهي ؟ أين أنتم يا أصدقائي ؟ أنا في خطر.
الثعلب : وربما تناولها طفل فقير كوجبة غداء (يتباكى )
الذئب : أو تناولها عابر سبيل استبد به الجوع .
( الحصان يفكر، يحاول التذكر، يتذكر..)
الحصان : (لنفسه ) لقد قال لي الديك : عندما تريد طلب النجدة ، اصهل مرتين .لا.لا بل ثلاث مرات، وبشكل متقاطع .
الذئب : حان وقت القصاص أيها المجرم .
(يضيقان الخناق عليه. الحصان يصهل ثلاث مرات بشكل متقطع)
الحصان : لماذا تريدان افتراسي ؟ ألسنا أصدقاء ؟
الذئب : لأننا جائعان يا صديقنا .
الثعلب : إننا نفعل ذلك تنفيذاً لوصية الأجداد : الأجداد العظام أيها الصديق.
( الحصان يصهل ثلاث مرات بشكل متقطع )
الذئب : لن نُغضب أرواح الأجداد يا صديقنا .
الحصان : ( لنفسه) لا أحد يسمعني. سأصهل بقوة أكبر .
(يصهل ثلاث مرات ، يسمع صياح الديك المتقطع . فيرد الحصان بالصهيل ثلاث مرات، ثم ينبح الكلب وينهق الحمار وتخور البقرة وتختلط الأصوات، الثعلب والذئب يهجمان على الحصان. فتدخل الحيوانات وتهاجم الثعلب والذئب اللذان يلوذان بالفرار . يحيط الجميع بالحصان بفرح ، يغنون معاً .)
نحن أصدقاء دائماً أوفياء
نحن يا حلوين خير الأصدقاء
تر لا لا لا تر لا لا لا
بالود نسير للخير العميم
نكُذب الذئب صباح مساء
تر لا لا لا تر لا لا لا
لا نأمن الثعلب شبعان أم جوعان
نحن أصدقاء دائماً أوفياء
نحن يا حلوين خير الأصدقاء
تر لا لا لا تر لا لا لا
( يخرجون )
إظلام
* * *