أ.د ياسمين فراج تكتب لـ المسرح نيوز” آفة المسرح المصري .. نحتني ألمعك!
المسرح نيوز القاهرة| أ.د ياسمين فراج
أستاذ النقد بأكاديمية الفنون والناقدة الفنية
ـ
على موقع “المسرح نيوز” وقعت عيني على مقال لصحفي ما تعرض فيه بالسب والقذف والتشهيرالصريح لأساتذة الجامعات والأكاديميات الذين يدرسون المسرح والذين يمارسونه في نفس الوقت. وبما أنني أدرس عنصر من عناصر المسرح الهامة وهو الموسيقى المسرحية ونقدها فقد وجدت أنه لمن شرف المهنة الرد على ماجاء في هذا المقال الذي تضمن معلومات ملتبسة متناقضة تتسم بالضحالة العلمية بخلاف الكثير من السب والقذف والتشهير والمغالطات.
أولاً / أن كاتب المقال إتهم “الذين لا يفوزون في مسابقة مسرحية يسارعون بإلقاء الحجارة على لجنة التحكيم”. وهذا لأن كاتب المقال كان عضوا في لجنة تحكيم مهرجان ما ، وأثارت نتائج هذه اللجنة بلبلة في الحركة المسرحية لأنها انحازت إلى عروض لم تحقق جماهيرية وهذا بقياسات شباك التذاكر ، وأخرى لا ترقى لأن تكون عرض مسرح مدرسي بقياسات أستاذة الجامعات المتخصصين.
وهنا علينا طرح سؤال علمي وهو : ماهي المعايير التي تم بناء عليها تقييم العروض المسرحية التي كان كاتب المقال إياه عضوا فيها وتم ترشيحها لدخول مهرجان ما ؟
السؤال الثاني الذي يفجر نفسه في وجه رؤساء القطاعات والبيت الفني للمسرح هو: هل يجوز تشكيل لجان تحكيم عروض مسرحية من مجموعة صحفيين فقط وتجاهل جميع أساتذة النقد والدراما والموسيقى وتصميم الرقصات والديكور ؟
السؤال الثالث: هل الصحفي الذي أنهكته المقالات اليومية ولا يمتلك من الوقت أقله لتحسين وضعه العلمي و الثقافي يمتلك القدرة على فهم وتحليل جميع عناصر العرض المسرحي وهي النص الدرامي ، النص الموسيقي ، نص الإضاءة ، نص الحركة سواء الراقصة أو التي يضعها مخرج العرض ، وعلاقة كل ذلك بالديكور —- إلى أخره؟
ثانياً/أن الصحفي كاتب المقال إياه إدعى أنه يناقش قضية “تخص آخرين ممن يدرسون المسرح ويمارسونه في الوقت نفسه” بأنهم يصدعون رأسه بأحاديث علمية ، واتهمهم بأنهم “هم آفة المسرح المصري” وأنهم ” يرسخون في أذهان من يعلمونهم مبدأ أن السرقة إبداع ، وأن الفهلوة هي الطريق الأسهل للنجومية والشهرة”.
وهذه العبارات التي يعتبرها القانون سباً وقذفاً وتشهيراًلفئة أساتذة الدراما الذين مارسوا الإبداع والذين منهم على سبيل المثال وليس الحصر: د. عبد العزيز حمودة ، د. محمد عناني ، د. فوزي فهمي ، د. سمير سرحان ، د. سامح مهران —- وغيرهم ، هي نفسها التي تضع كاتب المقال إياه أمام عدد من الأسئلة هي:
مالذي تعرفه أنت وزملاءك من الصحفيين في لجنة التحكيم إياها عن الفرق بين ماذكرت أنه يصدعك : الإعداد ، الإقتباس ، الكتابة فوق الكتابة ، والتناص؟ وأنا أعلم تمام العلم أنها تصدع كاتب المقال وأمثاله لأن الإنسان عدو مايجهله.
وإذا اعتمدنا وجهة نظر كاتب المقال إياه طبقا لتعليمه وثقافته بأن أي نص مبني على أو أُخذ من نص روائي أو مسرحي آخر يعتبر سرقة ، فكيف خرجت نتيجة لجنة تحكيم العروض المسرحية الذي كان هو نفسه عضوا فيها بهذه النتيجة وهي عروض: كوميديا البؤساء المسروق من فيكتورهيوجو. السيرة الهلامية المسروق من مسرحية هاملت لشكسبير ، سنووايت المسروق من قصة للأخوين جريم ، أنا كارمن المسروقة من رواية كارمن للكاتب الفرنسي بروسبير مريميه ، للمشاركة في مهرجان ما.
إن هجوم كاتب المقال إياه على الأساتذة الذين يدرسون المسرح ويمارسونه في الوقت نفسه يجعلني أتساءل: هل يريد كاتب المقال أن يترك المتخصصون الساحة للهواة ؟
وهل هناك قانونا أوشرعا ما يمنع أو يجرم أن يمارس أستاذ الجامعة عملا إبداعياً في أي مجال فني ؟
أم أن كاتب المقال وربما أخرون لديهم حقد شخصي على المبدعين من أساتذة الجامعات؟ وهذا بالتأكيد مايجعل كاتب المقال طرف غير محايد في لجان تحكيم العروض المسرحية هو ومن يفكر بنفس منطقه الأعوج غير المنطقي وغيرالمبرر ، وهذا خير دليل على نية لجنة التحكيم المُسبقة الذي كان كاتب المقال عضوا فيها في إقصاء العروض التي ألفها أساتذة جامعيين لأنهم لا يحبونهم ، وليس طبقاً لمعايير محددة.
ثالثاً/إدعى الصحفي كاتب المقال إياه ” أن أولئك ( في إشارة إلى الأساتذة المبدعين) باتوا الآن مسؤولين عن تسيير مسيرة المسرح المصري ، وأنهم وبما لهم من سلطة إدارية يتحلق حولهم مستفيدون في إنتظار أن تلقى إليهم نحتة —–)
والسؤال المنطقي هنا هو: هل هناك مايمنع من تولي الأساتذة الجامعيين المبدعين المناصب الإدارية؟ أم أن هذه أحقادا وغيرة من هؤلاء المتميزين وطننا؟.
وأحب أن أشير هنا إلى موقف كنت شاهدة عليه بنفسي مع أخرين ، فقد سبق وشوهد هذا الصحفي كاتب المقال إياه وهو يتلطع على منضدة أستاذ بأكاديمية الفنون من كبار مبدعي الحركة المسرحية مرات كثيرة طالباً منه ترشيحه لدرجة وكيل وزارة في الهيئة العامة لقصور الثقافة.ألم يكن كاتب المقال إياه بهذا التصرف يبحث عن (نحتة) كما أطلق عليها.؟
لا ينبغي أن أنهي هذا المقال ، دون التعرض للعلاقات المشبوهة بين بعض قيادات وزارة الثقافة والصحفيين ، فقد بات كل من يتولى منصب قيادي في وزارة الثقافة يغدق على مجموعة من الصحفيين بالمخصصات التي قد يكون أقلها تذاكر لعروض فنية لهم ولأصدقائهم ، وإشراكهم في لجان المهرجانات سواء العليا أو التحكيم ، وغيرها من العطايا التي أطلق عليها الصحفي إياه في مقاله (النحتة) لضمان تلميع هذه القيادات إعلامياً بشكل مستمر حتى وإن كانت الأخبار كاذبة أو تافهة ، بينما يتم تجاهل المتخصصين من أساتذة الفنون ، وتفشت ثقافة (نحتني.. ألمعك) التي أصبحت ومثيلاتها آفة أخرى من آفات المسرح المصري.