مقالات ودراسات

الناقد د. عباس قاسم البلداوي يكتب: التوظيف الجمالي للتقانة الرقمية في عروض مسرح “مايم خيال الظل” قراءة في عرض السندباد

مقاربات نقدية للدورة السادسة من مهرجان بلد الصمود الدولي بالعراق 2020


المسرح نيوز ـ  مقالات ودراسات | القاهرة

ـ

 

 

التوظيف الجمالي للتقانة الرقمية في عروض مسرح ( مايم خيال الظل ) قراءة نقدية لـ( مسرحية السندباد ) ان العرض المسرحي ( السندباد) لمخرجه ( أحمد محمد عبد الامير) يصنف من العروض الصامتة التي احتوت على أبعاد فلسفية ، ومعطيات أنثربولوجية حساسة كونه ارتبط بكينونة الانسان ووجوده ، حينما احتوى العرض على ثنائيات ضدية تمثلت بـالموت والحياة ، الخير والشر ، التطرف والاعتدال ، النجاة والهلاك ، إذ تمكن المخرج من ايصال هذه الثنائيات عبر رحلة سندبادية شاقة ابتدأت منذ بداية الخليقة الاولى التي تكللت بخطيئة أدم حينما تناول التفاحة وتم اخراجه من الفردوس الاعلى ونفيهِ الى كوكب الارض ، هذه الخطيئة التي اصبحت بمثابة اللعنة التي حلت بالبشرية منذ تلك الوهلة ، وبداية رحلة الشقاء البشري ، ان عرض السندباد في مشهده الاستهلالي ، ظهرت يد عملاقة تابعت ولاحقت السندباد ، اذا مثلت هذه اليد المصير ، او القدر المحتوم للإنسان ،
كما ان كل شخص منا يقبع سندباد في داخله يبحث عن ذاته ومصيره من خلال الترحال والبحث والشقاء في كل زمان ومكان ، هذا من جانب ومن جانب أخر أعتمد المخرج على التقانة الرقمية في بناء مشاهده المتعددة ، بواسطة استخدامه للعديد من الوسائط والاجهزة مثل الـ( 3D ماكس ) وبعض المؤثرات البصرية التي نفذت بواسطة اجهزة سينمائية ومؤثرات بصرية متطورة ، مما ارفد العرض بكم هائل من الصور المتسلسلة وفق مقتضيات كل مشهد والتي من خلالها أسس المخرج بمعية المصممين العديد من الفضاءات الافتراضية ، بأستثناء بعض الصور التي كانت غير موظفة بشكل دقيق ، وكان بالإمكان التخلي عنها ، او الاستعاضة عنها بمفردات مرئية اكثر عمقاً وادق مضموناً ،اما الممثل الذي جسد شخصية ( السندباد ) فقد تقمص الشخصية بحرفية عالية كونه أمتلك كماً هائلاً من اللدانة والمرونة الجسدية التي مكنته من اثراء العرض بإيماءات جسدية وانتقالات حركية ترجم بواسطتها جملة من الاحداث والوقائع طيلة فترات العرض ، وكان يتعامل مع كل متغير بصري وصوري على انه حقبة جديدة وانتقالة مكانية مغايرة ، وهذا ما عزز النسيج التكنو بصري للعرض بمجمله ، وان المعالجة الاخراجية لحركة الممثل الرئيسي مع بعض الشخصيات الساندة الاخرى ولدت ايقاعاً عاماً منسجماً بمساندة المؤثرات الموسيقية والصوتية التي عاضدت باقي المكملات التقنية الاخرى ،
اما على صعيد تسلسل الاحداث فأن المخرج كان بأمكانه المرور ببعض الاحداث والنكبات والوقائع التي عصفت بالعراق بشكل خاص على مر الدهور ، لكنه اكتفى بأستعراض بعض الاحداث والانتكاسات دون غيرها ، مثل الحروب والاحتلال وحرب داعش ومجزرة سبايكر كون هذه الوقائع لها صدى عاطفي ووجداني يتعلق بالذاكرة الجمعية للمجتمع العراقي ، هذا كما يعتبر المشهد الذي حدث فيه الانفجار ، وصعدت ارواح الشهداء الى عليين من اهم المشاهد ، واكثرها عمقاً وتأثيراً كونه ترك اثراً عاطفياً ووجدانياً لدى المتلقي ، كونه صمم بشكل متقن ودقة متناهية .


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock