نصوص

النص المسرحى “اللعبة” إعداد د: ابراهيم حجاج عن “المخبر السرى” للكاتب الإنجليزى “أنطونى شفر”


المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص

ـ

النص المسرحى “اللعبة”

اعداد/ د: ابراهيم حجاج

عن النص المسرحى “المخبر السرى”

للكاتب الانجليزى : أنطونى شفر

 

المنظر: حجرة معيشة في منزل السيد “اندرو” العجوز الثرى ، توجد نافذة طويلة فى الجدار الخلفى ، صور لمغنى من العصور الوسطى على الجيتار، سلم متعرج ، على اليسار صوان (بار) قديم ، وعلى اليمين ساعة تنتمى للجد ومكتبة قديمة. تزين الحجرة العاب من جميع الانواع (شطرنج ، دومينو ، لعبة المربعات ، العاب التعويق والذكاء) ، فى منتصف المسرح طاولة شطرنج حولها مقعدين يجلس عليهما السيد “اندرو” وضيفه السيد “ميلو” الذي لا يتجاوز عمره الخامسة والثلاثين.

اندرو : (فى زهو) كش ملك.. انت فى موقف لا تحسد عليه ياسيد ميلو.
ميلو : يبدو ذلك.. ولكنى لن أيأس.
اندرو : حسنا…فكر.. بينما أنا أعد لك كأسًا (يتجه إلى البار) .
ميلو : إن عملك ككاتب للقصص البوليسية ساعدك كثيرًا فى فهم هذه اللعبة
اندرو : من الجائز.
ميلو : (فى ملل) أمر محير .
اندرو : (ساخرًا) يبدو عليك الاستسلام .
ميلو : بل الملل..(بضيق) سيد اندرو ساعة تقريبًا ونحن على منضدة
اللعب.. ألهذا استدعيتنى اليوم ؟!
اندرو : (محاولًا التهرب من الإجابة) ماذا تفضل أن تشرب سكوتش أم
فودكا؟
ميلو : (بضيق) سكوتش.. سيد اندرو ما السبب وراء…
اندرو : (يقاطعه) كيف تفضله بالصودا أم الماء أم الثلج ؟
ميلو : (يزداد ضيقه) سِك .. سِك سيد اندرو …. ولكنك لم ..
اندرو : (يقاطعه) فلنشرب أولًا نخب انتصارى (يقدم له كأسا)
ميلو : لم استسلم بعد … ولكن ما الأمر .. ما سبب استدعائى إلى هنا ؟
اندرو : وهل كل زيارة يلزمها أسباب ؟
ميلو : عندما تكون غير معتادة .. فأنا لم أزوركم سوى مرة أو مرتين ، ولأسباب تتعلق باصلاحات

بالمنزل بحكم عملى فى الأعمال الكهربائية من حقى أن أعرف سبب مجيئى اليوم .
اندرو : (كأنه يفكر) السبب ؟! … السبب ؟! .. قد يكون السبب هو الوحدة ، او ربما التهنئة
ميلو : (بدهشة) الوحدة ؟!.. التهنئة ؟!.. انا لا افهم .. ما هذا الكلام الغامض ؟!
اندرو : سأوضح لك .. ربما دعوتك لتهنئتك بالكوخ الجديد الذى استأجرته بالقرب منا فى مكان هادىء

ساحر .
ميلو : أشكرك على اى حال … وماذا عن الوحدة ؟!
اندرو : (بتأثر) وحدتى .. فالشيخوخة بدأت تعرف طريقها الى ، وزوجتى.. بالطبع تعرف زوجتى

مارجريت؟ .
ميلو : (محاولًا اخفاء توتره) ها .. بالطبع .. أظن أننى رأيتها مرة اثناء ..
اندرو : اثناء عملك فى الاصلاحات الكهربائية .. هنا .
ميلو : بالضبط .
اندرو : يالها من شابة مسكينة .. دفعها القدر لأن تتزوج من كهل ثري لتعول أسرتها .. أحيانًا يضيق

بها الحال فتسافر لزيارتهم كما هو الحال الآن .
ميلو : (بضيق) عفوًا سيدى ، وما شأنى أنا بذلك ؟!
اندرو : صحيح .. معك حق ..اخبرنى أتستخدم الكوخ لقضاء أجازة نهاية الاسبوع ؟
ميلو : نعم .
اندرو : انه مكان ساحر صغير .. فى صحتك .
ميلو : فى صحتك .
اندرو : اجلس اجلس .. هذه حجرة الالعاب ، ورق لعب .. داما .. لعبة المربعات .. شطرنج ….
ميلو : كلها العاب ذكاء ودهاء .
اندرو : (مكملاً) أما هنا فتوجد بعض الكتب والقصص البوليسية التى كتبتها.
ميلو : يدهشنى أنهم لا يقدمون أيًا مما تكتبه فى التليفزيون .
اندرو : حاشا لله .
ميلو : لماذا ؟ أنهم يقدمون دائمًا قصصًا تتناول الجريمة .
اندرو : الجريمة البلهاء الفاقدة للخيال .
ميلو : قد تكون محقًا فى ذلك .
اندرو : يسعدنى توافقنا فى الرأى يا عزيزى ميلو اذا سمحت ان أناديك هكذا ؟!
ميلو : بالطبع .
اندرو : شكرا فنحن بحاجة إلى أن نكون أصدقاء ، والآن فلتجلس دعنى أحضر لك كأسًا آخر .
(اندرو يقدم له الشراب)
اندرو : أعلم أنك تريد أن تتزوج زوجتى .
(ميلو يصدم من المفاجأة)
اندرو : سوف تسامحنى بسبب إثارة هذا الموضوع ، ولكن بما أن مارجريت غائبة لعدة ايام ، فظننت أنه

وقت مناسب لدردشة قصيرة .
ميلو : (متوترا) أنا لا أفهم ما تقصده …. أنت تمزح بالتأكيد .
اندرو : هذ ما توقعته …. الانكار …لذا دعمت نفسى بالادلة الكافية (يخرج مجموعة من الصور من

جيبه ) انظر … ملى عينيك صور غرامية فاضحة … مقابلات فى الصيف الماضى فى منزلك

القديم .. مقابلات فى الكوخ الهادىء .. ها ما رأيك ؟
ميلو : كيف حصلت عليها ؟
اندرو : بالمال .. بالمال يا عزيزى ميلو .. والآن لا داعى للإنكار هل تريد أن تتزوج زوجتى ؟
ميلو : أجل بعد إذنك طبعًا .
اندرو : نعم بالطبع .. يسرنى انك لست كشباب هذه الأيام الذين يفعلون اى شىء يحلو لهم دون

استئذان .
ميلو : كلا بالطبع .
اندرو : يسرنى سماع ذلك لذا فأنى أعرف أنك لن تعترض إذا وجهت لك القليل من الاسئلة عن والديك

وما إلى ذلك؟ .
ميلو : بالطبع … لقد ولدت امى فى هيرفورد ، كانت ابنة احد المزارعين توفت بعد صراع طويل مع

المرض ، إذ لم يتوفر لنا المال اللازم لإجراء عملية دقيقة لها.. أما أبى فايطالى حضر إلى هذه

البلاد فى الثلاثينيات.
اندرو : أهو يهودى ؟!
ميلو : نعم .. ولكن أنا شخصيًا لست متدينًا بأى حال .
اندرو : يجب أن تضع فى اعتبارك أن أى أطفال قد تنجبهم انت وزوجتى ، يجب أن يتبعوا الديانة

المسيحية .
ميلو : لا مانع على الإطلاق .. إذا وافقت مارجريت .
اندرو : طبعًا وماذا عن عمل والدك ؟
ميلو : إنه صانع ساعات كان له محلًا صغيًرا هنا بانجلترا .
اندرو : هل كان ناجحًا ؟
ميلو : كلا بل فشل ، بسبب مقاطعة الأهالى له ، فاليهود هنا غير محبوبين ، فعاد إلى ايطاليا ، وأقوم أنا

بزيارته وإرسال النقود إليه من وقت لآخر.
اندرو : ماذا عن منزلك ؟
ميلو : ذو أثاث بسيط ومقتنيات قديمة ولكنه فى غاية الجاذبية .
اندرو : بالنسبة لك … لا بالنسبة لمارجريت .
ميلو : إنها شغوفة بالمنازل القديمة ، وتنتظر بفارغ الصبر مجىء الوقت الذى ستسكن فيه هناك .
اندرو : ولكنى أعرف مارجريت أكثر منك .. فهى لا تحب المنازل القديمة .
ميلو : ربما لا يهمها المنزل بقدر ما يهمها الشخص الذى تعيش معه .
اندرو : أوه .. كنت أظنك حسن التربية 0
ميلو : أنا آسف
اندرو : لا عليك … أنا فقط احتاج ان اعرف هل فى استطاعتك أن تأخذها من يدى ؟
ميلو : لدى القدرة .
اندرو : لديك القدرة على الإنفاق عليها بالأسلوب الذى اعتادت عليه؟ .
ميلو : لن تكون فى حاجة إلى هذا حين نتزوج إن حياتنا سوف تكون حياة
مختلفة حياة يسودها الحب والبساطة .
اندرو : (ساخرًا ) الحب والبساطة ؟! …. الحب بالنسبة لمارجريت تدليل كلب صغير والبساطة تعنى قطعة

من الالماظ .
ميلو : ( ثائرًا ) لست أدرى ماذا أفعل هنا ؟ (يهم بالخروج غاضبًا)
اندرو : انتظر يا فتاى الصغير …. فلنزل أى سوء تفاهم . إذ ليس لدى اى شيء ضد زواجك من

مارجريت ، فلا يوجد شيء أهم عندى من أن أراكما متلاصقين ولكن الأمر يجب أن يكون ثابتًا

دائمًا ، لأنى أريد التخلص منها مدى الحياة ليس فقط لمدة أسبوع او اثنين …. أنت لا
تعرفها .. إنك إذا خذلتها فى اى طلب مادى فستلجأ لى من أجل المسانده المالية .
ميلو : ليس الأمر على هذا النحو القبيح .
اندرو : هو كذلك … وسأثبت لك … متى آخر مرة رفضت شراء شيئًا ثمينًا لها وما رد فعلها ؟ .. كم

كلفتك هذه الفترة الوجيزة من الاتصال بها؟! وابوك هذا الذى يعيش فى ايطاليا .. متى كانت اخر

مرة أرسلت فيها نقودا إليه .. الأمر قبيح .. قبيح حقًا .
ميلو : لقد تحدثنا كثيرًا عن المال وأخبرتها أننا ننفق أكثر مما ينبغى .
اندرو : وهى لا تعيرك أى اهتمام !
ميلو : (بصوت خفيض ) ولا أدنى اهتمام .
اندرو : ليس سوى ضحكة ساخرة واستدارة بالرأس تتسم بالدلال .
ميلو : شيئ كهذا …. أجئت إلى هنا لأسمع هذا الكلام ؟
اندرو : بل لنتحدث فى شيء يهم كلا منا بشكل بائس .
ميلو : مارجريت ثانية ً ؟!
اندرو : لا بل النقود .
ميلو : (بدهشة) أنت بحاجة الى النقود ؟!
اندرو : نعم فليس لدى سوى هذا المنزل البسيط وأبطأ سيارة فى العالم .
ميلو : وماذا عن نقودك ؟ !
اندرو : هذا ما دعوتك إليه اليوم … سأعد لك كأسًا آخر … يوما ما بدأت مارجريت تشعر بملل من

ضعفى الجنسى فنصحنى الأصدقاء المقربون بتعويضها بشراء المجوهرات .. اشتريت واشتريت

واشتريت حتى اصبحت فى غاية الابتهاج .. أما أنا ..
ميلو : (مقاطعًا ) فى غاية الافلاس .
اندرو : بالضبط .
ميلو : منطق غريب .
اندرو : منطق الشيخوخة .
ميلو : (بضيق ) وما شأنى أنا بذلك ؟
اندرو : هذه المجوهرات مؤمن عليها بالكامل لصالحى .
ميلو : وما شأنى أنا بذلك ؟!!
اندرو : أريد منك أن تسرق هذه المجوهرات .
ميلو : (مذهولًا ) ماذا ؟
اندرو : (مكملًا) ولنختر هذه الليلة فمارجريت خارج المنزل وهذه فرصة .
ميلو : لابد أنك تمزح .
اندرو : الجو هادئ .. الخدم فى اجازة لمدة ثمانى واربعين ساعة .. المنزل
خاليا .. ما رأيك ؟!
ميلو : رأيى فى ماذا ؟! هذا عملًا إجراميًا .
اندرو : هو كذلك بالفعل .. ولكن جميع مشروعات الكسب الوفير للمال إجرامية .. إن كل ما عليك هو

سرقتها وبيعها فى الخارج ، فتعيش بقيمتها عيشة سعيدة مع مارجريت .. وأنا أطالب بنقود

التأمين وأحيا بقية حياتى .
ميلو : هل هذا هو ما طلبت منى الحضور كى أسمعه .. مجرد مؤامرة تافهة للنصب على شركة تأمين .
اندرو : يؤسفنى أنك تراها مؤامرة تافهة .. أنها فرصة حياتك .
ميلو : ( بدهشة ) فرصة حياتى ؟ ! كيف ؟ ! فلنفترض أنى فعلت ما تقول وسرقت المجوهرات وبعتها

لرجل ممن يشترون المسروقات ـ إذا فرضنا انى سأجد هذا الشخص ـ من أدراك أنى لن أحصل إلا

على مبلغ ضئيل من قيمتها لأنها مسروقه.
اندرو : لن يحدث هذا من الرجال الذين اعرفهم .. ولقد اتصلت برجل معين فى امستردام ، ولسوف

يعاملك معاملة جيده جدا وستحصل على الثلثين من قيمة المجوهرات أى ما يعادل مائتى الف

جنيها ، وستحصل عليها نقدا … ها ..
ميلو : وما أدرانى لعله فخًا للايقاع بى لارتكاب جريمة .
اندرو : ( ساخرًا ) فخ للايقاع بك ؟!
ميلو : لعلك تكره فكرة ارتباطى بزوجتك .
اندرو : وأظل لسنوات اخرى فى مشاحنات معها .. إن بأمكانى أن أبيعك للشرطة بما هو أيسر من ذلك ..

فكر فى الأمر خذ ما يلزمك من الوقت .. فلا داعى للتعجل .
ميلو : ( يفكر ويقترب من طاولة الشطرنج ) يبدو ان الملك قد مات .
اندرو : فكر فى نقلة جديدة .. فالحل على بعد خطوات منك .
ميلو : هل يمكن انقاذ الملك ؟!
اندرو : يمكن انقاذ نفسك .
ميلو : أنا أتحدث عن اللعبة .
اندرو : وأنا أتحدث عن الحياة … فالحياة أكبر لعبة .. إنها مسألة غاية فى البساطة .. لديك امرأة غالية

الثمن وليست لديك نقود .. لذا يبدو لى أنك إذا أردت الاحتفاظ بمارجريت فليس أمامك سوى شيء

واحد…..أن تسرق تلك المجوهرات…. أنت لا تثق بى ؟
ميلو : لا .. إنى أثق بك … ولكنها مغامرة .
اندرو : غامر وستربح .. الحظ لا يأتى الا بالمغامرة .. مائتى ألف جنيه خالصة الضرائب … وستقضى شهر عسل لم تحلم به مع مارجريت  ها ما رأيك ؟!
(فترة صمت)
ميلو : موافق …. كيف ستتم السرقة ؟
اندرو : عن طريق السطو .. وأول شيء تفعله هو أن تتخفى .
ميلو : ولماذا بحق الجحيم ؟!
اندرو : حتى لا يراك أحد .. عليك اخفاء وجهك ، وارتداء جوارب فى اليد لاخفاء البصمات وحذاء كبير

حتى لا تترك اثار لاقدامك .
ميلو : أين توجد المجوهرات ؟
اندرو : فى خزنة بداخل هذه الغرفة ( يشير بيده ) .. غرفة نومها ستأتى فى منتصف الليل وتعبر ممشاة

العشب فى الحديقة ستجد على يمينك سلم ارفعه واسنده على الحائط ارفعه واصعد عليه .
ميلو : ثم .
اندرو : ثم اكسر زجاج النافذة وادخل .
ميلو : ثم اتجه إلى الخزنة مباشرة .
اندرو : كلا ليس على الفور إذ ليس من المفروض أنك تعلم أين المجوهرات،
بل فتش عنها فى البداية ، قلب بضعة اشياء ، ألقى ببعض الملابس على الأرض ، فتشها

بفوضى .. الا تعرف كيف يترك اللصوص المكان.
ميلو : بالفعل يجب أن يكون الوضع دقيقًا .. يا لك من داهية .
اندرو : ثم اشعل فتيل تفجير وفجر الخزانة .
ميلو : أنا لم استخدمه فى حياتى .. ألا توجد طريقة أخرى ؟
اندرو : إنها الأسرع والأجدى الأمر بسيط .. اشعل الفتيل وأرمه على سطح الخزانة وابتعد قليلًا .. إنه قليل الانفجار ولكنه قوى المفعول …. خذ كأسًا  .
ميلو : بل الزجاجة كلها .. وداعًا يا صديقى وسآتى فى الليل لسرقة مجوهرات زوجتك أقصد زوجتى …

أقصد زوجتنا ( يخرج ) .
اندرو : فى رعاية الله يا صديقى … فى رعاية الله .
(إظلام)
(يضاء المسرح الساعة تدق الثانية و عشر دقائق ، السيد اندرو فى حالة قلق وتوتر).
اندرو : الساعة الثانية وعشر دقائق ولم يأت هذا الوغد … هل تراجع عن الامر … كلا لقد رأيت فى عينيه بريق الذهب سيأتى … سيأتى بالتأكيد .
(يسمع صوت كسر زجاج)
اندرو : ( فرحًا ) وصل .. وصل بفعل بريق الذهب .. ذلك اليهودى الأبله …تمالك اعصابك يا اندرو

واهدأ .. اجلس وترقب ما يحدث … لعله الآن يقلب الاشياء … يلقى الملابس على الارض ..

يمسك الديناميت … ينظر بشوق الى الخزنة ويقول : ..
(فى تلك الاثناء يدخل مايلو مترنحًا مخمورًا مرتديًا قناعًا مخيفًا ويقاطعه بقوله)
ميلو : سيد اندرو ..
اندرو : ( صارخا بفزع) من أنت ؟
ميلو : انا ميلو .. ميلو يا سيد اندرو ( يخلع القناع ) .
اندرو : ( يهدأ ) ما هذا القناع المخيف يا ميلو .
ميلو : لزوم التنكر يا سيد اندرو .. أنسيت ؟
اندرو : آه .. اعذرنى يا ميلو فأعصابى متوترة قليلًا .. لماذا لم تكمل مهمتك بالداخل ؟
ميلو : ( مترنحًا ) لقد جرح اصبعى عند كسر هذا الزجاج اللعين .. فخرجت أبحث عن شيء لوقف هذا

النزيف .
اندرو : ( يقترب ) نزيف ؟ ! أى نزيف ؟! انه جرح بسيط يا ميلو اسرع ونفذ ما اتفقنا عليه .
ميلو : ( مترنحا ) حسنًا … خذ هذه ( يعطيه زجاجة الخمر ).
اندرو : ( غاضبًا ) تقدم على عمل كهذا وأنت مخمور ؟!
ميلو : لا لست مخمورًا فأنا فى كامل قواى العقلية .
اندرو : إذن اذهب وأكمل المهمة ( يدخل ميلو -اصوات وضوضاء صادرة من داخل الغرفة ) حسنًا ..

حسنًا استمر يا ميلو استمر
(يذهب لشراب كأس )
ميلو : ( من الداخل ) سيد اندرو .. وجدت طقم من الاسنان الصناعية يبدو
أنه طقم أسنان رجالى .
اندرو : دعه وشأنه .
ميلو : آسف أهى اسنانك الاحتياطية ؟!
اندرو : دعك من هذا وأكمل المهمة .
(نسمع صوت انفجار ونرى سحابة دخان)

اندرو : (سعيدًا) لقد تم الانفجار .
(يدخل ميلو وجه مسودًا من دخان الانفجار حاملًا صندوق المجوهرات)
ميلو : أخيرًا .. أخيرًا حصلت عليك أيها الصندوق العزيز ( يفتحه) يااااااه…يا إلهى .
اندرو : آه .. ها هو موسى ينظر إلى أرض الميعاد .
ميلو : إنها جميلة جدًا … انظر إلى هذا العقد المصنوع من الياقوت .
اندرو : (بحسرة) اشتريته لها اثناء شهر العسل .
ميلو : وهذا الخاتم الثمين … انه من الذهب الخالص .
اندرو : هديتى لها فى عيد زواجنا الأول .
ميلو : وددت لو كان أبى هنا الآن … يا له من مسكين إذ ليست لديه أدنى فكرة عما يحدث ، ليته يعلم

أن ابنه قد حقق الحلم ومن اليوم لن يسهر اليالى منكبًا على تلك الساعات يبدد نور عينيه من

أجل ….(يتساءل ) من اجل ماذا ؟! من أجل لا شيء ( يضحك محتضنًا الصندوق ويبدأ يعبأ

المجوهرات فى جيبه ).
اندرو : والآن سيبدأ الجزء المرح فى اللعبة .. إنها اللحظة التى يفاجئ فيها صاحب المنزل اللص بعد أن

يكون صوت الانفجار قد لفت انتباهه .
ميلو : ( مندهشًا ) ولماذا يكون من الضرورى عليك أن تفاجئنى أصلًا .؟
اندرو : حتى يبدو الأمر مقنعًا .
ميلو : ( بعد تفكير لبرهة ) الحق معك .. وبعد أن تفاجئنى ؟
اندرو : يبدأ صراع بين العجوز واللص يؤدى الى قلب بضعة مقاعد كتب .. هيا … هيا ساعدنى فى

ذلك .
(يبدأن فى إشاعة بعض الفوضى فى الغرفة)
اندرو : كل شيء يتم بطريقة لطيفة .. غير أنه لا يبدو صحيحًا .
ميلو : وكيف يبدو صحيحًا ؟
اندرو : بأن نحبك الصراع .
ميلو : كيف ؟
اندرو : بأن تتغلب على وتقيدنى وتكممنى .
ميلو : حسنًا … ولكن كيف لى أن أقيدك ؟
اندرو : فلنفكر .
ميلو : فلنفكر ( كل يسير عكس الاخر منهمكا فى التفكير ) .
اندرو : كيف .. كيف .. آه وجدتها .. تضربنى بشئ على رأسى فتفقدنى الوعى ثم تهرب .
ميلو : فكرة مدهشة .
اندرو : ( محذرًا ) ولكن لابد وأن تكون ضربه مؤثرة ، إذ حين يحضر رجال الشرطة يجب أن أريهم ورمًا

حقيقيًا .
ميلو : ( يبتسم بخبث ) طبعا .ولكن ماذا سأستخدم كى أحدث لك تورمًا (يمسك آلة حديدية ) هذه مثلًا ؟!
اندرو : ما هذا ؟ نحن نتناقش بشأن ضربة تفقدنى الوعى بصورة مؤقته لا تفقدنى الحياة .
ميلو : حسنًا فلنفكر فى شيء أخر .
اندرو : فلنفكر ( يأخذان خشبة المسرح ذهابًا ومجيئًا) .
ميلو : وجدتها … ما رأيك فى لدغة نحلة توضع على فروة رأسك بواسطة انبوبة .
اندرو : فكرة شديدة الذكاء هل لديك مثل هذه اللدغة أو النحلة أو الأمبوبة ؟
ميلو : ( ببلاهة ) لا .
اندرو : ( بغيظ) لا ؟!.. ومع ذلك تحصل على سبعة من عشرة من أجل المحاولة ، فلنفكر فى شيء

آخر.
ميلو : فلنفكر ( يكرران حركة السير فيوقفه اندرو فجأة ) .
اندرو : فلنستغنى عن مسألة الضرب كلية .
ميلو : حسنًا .. ولكن كيف لى أن أقيدك ؟
اندرو : هذا سؤال وجيه جدًا … أعرف اجابته .. بأن ترفع مسدسًا فى وجهى .
( اندرو يخرج مسدسًا من درج المكتب )

هذا سيعطى مزيدًا من المصداقية لقصتى سأقول عندما سمعت ضوضاء، وخشيت من وجود

لصوص أخذت مسدسى وذهبت لأتحرى الأمر فهاجمتنى ، وأثناء الصراع وبينما أنا رجل عجوز

سمحت لك أيها المتوحش أن تستحوذ عليه وتقيدنى .
ميلو : فكرة جيدة .
اندرو : أراها قصة تخلو من الابتكار .. ولدى ما هو أفضل منها .
ميلو : هات ما عندك ( اندرو يصوب المسدس تجاه رأس ميلو ) .
ميلو : سيد اندرو … ماذا ستفعل بهذا المسدس ؟
اندرو : من الواضح أنى أصوبه إليك .
ميلو : ( بخوف ) ولماذا بحق الجحيم ؟ !
اندرو : ( ببطء ) لأننى سوف اقتلك .
ميلو : ( يضحك بعصبية ) أهذا نوع من اللعبة ؟!
اندرو : أجل لعبة كنا نلعبها طوال هذا المساء .. لعبة تسمى ” سوف تموت ولن يشك أحد فى جريمة

قتل ”
(فترة صمت)
ميلو : أتعنى أن كل هذا الكلام الذى قلت فيه ( اسرق مجوهرات زوجتى …اقضى معها شهر عسل لن

تنساه ) كان مجرد ..
اندرو : لعبة … لعبة بارعة كى أعد ظروف موتك .. فعلامات السطو موجودة والمجوهرات فى جيبك .
ميلو : ( متوسلًا ) بالله عليك انزع هذه الفكرة من رأسك يا سيد اندرو .
اندرو : هل يمكنك أن تجد فيها أى خطأ ؟!
ميلو : الشرطة ليست ساذجة وسيتتبعون خط العلاقة بينى وبين مارجريت وسيعرفون أن غيرتك هى سبب

الجريمة .
اندرو : من حقى التعامل مع رجل يرتدى قناعا ويقتحم بيتى فى منتصف الليل وكيف لى أن اتوقع من تكون ؟ وإليك القصة الجديدة … استيقظ صاحب المنزل حاملًا مسدسه ليتحرى سبب الضوضاء واتجه ناحية الصالة فوجد اللص…اشتبك معه…قاومه .. خرجت رصاصة أثناء الصراع سكنت أحشاء اللص .
ميلو : مارجريت لن تصدق تلك القصة الساذجة .
اندرو : مارجريت ستعرف أنك لم تكن سوى مغامر أحببتها من أجل مجوهراتها فحسب .
ميلو : عليك أن تكون خائفًا … من الجحيم الذى ستصلاه على الأقل.
اندرو : لم أكن أعتقد أن اليهود يؤمنون بالجحيم .
ميلو : من أجل المسيح يا اندرو .. هذه ليست قصة بوليسية هذه حياة حقيقية .. انت تتكلم عن ارتكاب

جريمة قتل حقيقية .. عن قتل إنسان حقيقى ألا تفهم ؟
اندرو : بل قتل خنزير عفن اغتصب ما لا يملك…. تلك طباعكم أيها اليهود .
ميلو : لم اغتصب شيئًا .. مارجريت تحبنى .
اندرو : هذا ما صوره لك خيالك .. لقد جمعتنا حياة من الألفة والمودة حتى ظهرت فى الصورة فانقلبت

حياتنا رأسًا على عقب هل كنت تظن حقًا أننى يمكننى أن أتخلى عن زوجتى ومجوهراتى لك ؟ لقد

ارتديت لها قناع العاشق الولهان فاوقعتها فى حبالك والآن عليك ارتداء هذا القناع لتلقى جزاءك .
ميلو : لا من فضلك .
اندرو : ارتده .
( ميلو مرتعدًا يضع القناع على وجهه)
اندرو : ممتاز …. وداعًا يا ميلو ….. وداعًا يا صديقى العزيز( يطلق رصاصة ، ويتجه الى طاولة الشطرنج)  أظن أن اللعبة قد

 

انتهت .


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock