بالصور.. المسرحي التونسي “حافظ خليفة” يكتب: شقائق النعمان..البوح الجسدي المنسي
المسرح نيوز ـ تونس| حافظ خليفة
ـ
بدعوة كريمة من الصديقة المخرجة ثريا البوغانمي , حضرت العرض الاول لعملها الكوريغرافي الجديد “شقائق النعمان” بفضاء التياترو بتونس يشاركها على خشبة المسرح كراقصة كل من رحمة الفالحي و امال العويني و خلود بديدة. عمل يستوقف كل مشاهد..بوح لجسد المرأة و ليست المرأة عموما بل الريفية بشكل خاص ..بمعاناتها و الامها و رغباتها و بكبتها و حرمانها و تعبها و حرقتها و جمالها و عذرية روحها و اختلافها و بساطتها..
عرض يعري غفلتنا لشريحة اجتماعية مهملة و قد تكون منسية و هي امراة السهل و الجبل و الصحاري ..امراة الاوراس و جبال الاطلس,امراة الانهار و البحيرات البعيدة ..امراة الغابات و الاحراش..امراة المعاناة لكسب قوتها و قوت عائلتها..عرض يجعلك تستحي من غفلتك عن جمال و قوة حفيدات الملكة ديهيا (الكاهنة)..
و الاجمل ان ترتوي من عطش لامنيات لم تتحقق ,و منها ان ترى على خشبة المسرح التونسي اجسادا ناطقة وواعية بحضورها الركحي بعد ان مللنا العروض لراقصين بوجه املس و مسطح ,المحاولين دائما ابهارنا بمهاراتهم الجسدية ,و الغافلين عن الروح و الحضور الركحي..
فقد نجحت شخصيات هذا العرض على تحقيق هذا الارتواء ,و هذا يعود بالاساس الى مرجعية الراقصات و تكوينهن المسرحي و الذي منح لهن الحضور و بقوة لكل ما قدمنه من لوحات جد مؤثرة ,عن الرغم من بعض الوهن في اللوحات الجماعية التي شكلت بعض النقص في التناسق الكلي و لكن الجو العام الذي خلقنه شفع لهن و جعلهن اربع ورود لشقائق النعمان تتدفق عطرا و حيوية.
مع اختيار موسيقي متقن و توفر سينوغرافيا (حتى و ان بانت مستهلكة نسبيا ) و هي وجود عديد الاطارات خالية من الصور و التي ترمز بشكل غير مباشر الى الفراغ الذي ملاته الحالات و الحركات الجسدية المجسدة على خشبة المسرح, فهي احالة غير مباشرة لما تروم ابرازه المصممة للكوريغرافيا و المخرجة في الان نفسه ,و التي ارتات الا تذكر اسم مصمم السينوغرافيا على المعلقة لما اعتقده انه كان جزءا من رؤيتها الاخراجية ,و هي ملئ فراغات الاطارات بالصور التي منحته لنا ذاتها الاخرى كمصممة كوريغرافيا و كراقصة مع بقية الراقصات من الشقائق .
اعجبني كثيرا اختيار العنوان لما له من معنى و عمق و تفرد فنحن نعلم ان هته الزهرة تنبت بوفرة ببلدان شمال افريقيا و هي ميزة الحقول بجبال الاوراس و الاطلس و امتزاجها بجمال حمرة خدود و البسة النساء الامازيغيات و حتى العربيات من سكان الريف . شقائق النعمان ,ابداع نسائي نسائي باجساد تونسية متحررة عقلا و روحا و خيالا,واع بهموم المراة و شواغلها و بقدرتها على صنع الحياة رغم الحرمان و النسيان,بوح انساني و فني لمخرجة و كوريغرافية تطورت اماكنياتها و تجربتها ,فعانقت سماء الرقص باجنحة مسرحية و لازالت تصر على خلق جسور و معابر داخل عالم من العزلة و النفور الغير مبرر بين المسرحيين و الراقصين بتونس.