مقالات ودراسات

حسين السالمان يكتب عن.. الشكل الجديد لبناء نص مونودراما ..توضيح عن مسرحية (أنت كما أنت )


المسرح نيوز ـ القاهرة| دراسات ومقالات

ـ

حسين السالمان ـ العراق

ـ

               الشكل الجديد لبناء نص مونودراما

             توضيح عن مسرحية (أنت كما أنت )

 

قبل أيام نشرت موقع المسرح نيوز نص مسرحيتي (أنت كما أنت ) ونظرا للاتصالات الكثيرة من الأصدقاء ، المسرحين بشكل خاص ، حول الطريقة التي كتبت بموجبها هذا النص الذي ينتمي إلى المونودراما ، لكنه جاء بطريقة مغايرة . وأن هذه المغايرة أثارت جدلا واسعا ، هو في حقيقته جدل يريد أن يستوضح المفاهيم والأساليب والطرق المتبعة في هذا الشكل الجديد ، أقولها كما وردت على لسان العديد من الأصدقاء ومن بلدان عربية عديدة .

التوضيح الأول :

النص الأول (البحث عن سين ) وهو نص قائم بذاته ينتهج الأسلوب المسرحي للمسرحية القصيرة يعتمد التعبيرية كمنهج أساس في بنائية النص ومقومات الشكل المسرحي . لكن هذا النص يعد تمهيدا وقاعدة أساس في انطلاق النص الثاني (أنت كما أنت ) يشترك معه في المعنى والهدف ، لكنه يختلف عنه في الأسلوب والطريقة ، ويعد هو النص ، الأهم ، الذي أحاول فيه أيجاد طريقة مبتكرة لمنهج المونودراما ، لكن بطريقة عرض مغايرة عما هو متداول بيننا .أذا ليكن نقاشنا ، حصريا ،حول نص (أنت كما أنت ) لأنه هو النقطة الجوهرية التي أثارت لدى الأصدقاء تلك التساؤلات المهمة ، وأنا هنا شاكرا لهم هذا الاهتمام ، وهذا الحرص النبيل في متابعة ما ينشر على صفحات مجلة لها قراء من طراز خاص .

الآن على أن أعود لما كتبته في التوضيح الأول والذي جاء فيه : (يتوجب على أن اركب  النص ( أقصد النص الأول أي البحث عن سين ) بأسلوب وطريقة المونودراما.وكانت العقبة الكبير: كيف يمكن كتابة مونودراما وفي النص شخصيتين .لأنني كنت حريصا على وجودهما ،لان الفكرة الأولى كانت أن يشارك كل من الفنانين الكبيرين  سامي عبد الحميد وسامي قفطان في عمل مسرحي واحد ، ولهذا جاء عنوان النص ( البحث عن سين ).

حقا شعرت بسعادة كبيرة بهذه الفكرة الرائقة والتي أحتوتني كثيرا ، وحقا يمكن القول أنها فكرة جديدة لم يسبق لأحد في كتابتها أو تقديمها على المسرح . بل هي فكرة تحمل في طياتها على روح التجديد في هذا المجال المسرحي المهم .( أقصد هنا جعل سامي عبد الحميد وسامي قفطان يمثلان شخصية واحدة ..)

كلنا نعرف أن المونودراما كما جاء تعريفها ب ( فن من الفنون الدرامية  وهو من أشكال المسرح التجريبي التي ظهرت اتسعت رقعتها  خلال القرن العشرين والقائمة على ممثل واحد يسرد الحدث عن طريق الحوار يتم تعريف المونودراما على أنها ” خطبة أو مشهد مطول يتحدث خلاله شخص واحد، وهو نص مسرحي أو سينمائي لممثل واحد. وهو المسئول عن إيصال رسالة المسرحية ودلالاتها جنباً إلى جنب عناصر المسرحية الأخرى، وفي بعض الأحيان يستعمل تعبير رديف هو عرض الشخص الواحد . كذلك لها تعريف آخر وهو “أن المونودراما هي مسرحية يقوم بتمثيلها ممثل واحد يكون الوحيد الذي له حق الكلام على خشبة المسرح. فقد يستعين النص المونودرامي في بعض الأحيان بعدد من الممثلين، ولكن عليهم أن يظلوا صامتين طول العرض و إلا انتفت صفة “المونو” – كلمة يونانية الأصل mono ” بمعنى واحد- عن الدراما..يعتبر الكثيرون أن أصل هذا النوع يعود إلى ما قدمه الممثل والكاتب المسرحي الألماني “جوهان كريستيانابراندز” عام 1775-1780. لكنه لم يلق رواجا كبيرا لأنه لا يعد حوارا ثنائيا، ويعود أوَّل نص مسرحي يصنف كمونودراما مكتملة الشروط الفنية إلى الفيلسوف والمفكر الفرنسي جان جاك روسو وكان ذلك عام 1760م، وهو نصه (بجماليون . ولكن أول من أطلق مسمى مونودراما على نصه (مود Maud)كان الشاعر ألفريد تينيسون Alfred Lord Tennyson في العام 1855م. لاحقاً، بدأت نصوص المونودراما تتكاثر ويرتفع لها الصوت، فكتب تشيخوف نصه الشهير (مضار التبغ) ووصفه بالمونولوج في فصل واحد، وكتب الفرنسي جان كوكتو نصه (الصوت الإنساني)، وكتب يوجين أونيل نصاً مونودرامياً بعنوان (قبل الإفطار)، بينما كتب صموئيل بيكيت (شريط كراب الأخير) والذي اعتنى بالمونودراما ووجدها أنسب الأشكال المسرحية للتعبير عن العبثية والتي تقوم على عزلة الفرد واستحالة التواصل الاجتماعي.

أنا شخصيا أتفت مع الفنان القفطان انطلاقا من حبي للتجديد ومن رغبتي التي تضاعفت بآلاف المرات مع هذا الجنون الجميل ..وتحدثنا كثيرا في لقاءات كثيرة ..كانت الفكرة تأخذنا من ضفة لأخرى ..ضفاف كثيرة  صاحبتها الكثير من الأفكار..

التوضيح الثاني

أذا الجديد في الأمر هو أن المسرحية تنتمي إلى المونودرما لأنها تعتمد شخصية واحدة .وهنا نحن على الطريق الصحيح في التأليف الدرامي . لكن ، وبكل تواضع ، يحدث الشق الكبير والمغاير في البنائية الخاصة للمونودراما ، وهو أنني جعلت الشخصية الواحدة (طبقا لأشتراطات التأليف ) يقدمها ممثلين أثنين بدلا من واحد .الممثلان هنا يختلفان ، لكن الشخصية واحدة . ولقد جاء هذا الأمر من محبتي وتقديري لأستاذي الكبير سامي عبد الحميد أن يشارك في آخر أعماله ، لكن الموت الحقير أخذه منا سريعا .

في نص (أنت كما أنت ) حاولت ، ولمرت عديدة الأشارة إلى هذا الأمر من أجل أن يكون واضحا . وقد تجسد بهذه الملاحظات مثل :

1 ــ  ( الممثلان يرتديان ملابس متشابهة  )

2 ــ ( يفتش بين الكتب ..يستدير ليصبح خلف المكتبة .

   من نفس المكان الذي أختفى فيه س1 يظهر س2

   بذات ونفس ملابس س1 ليخلق تصور كأن الشخصية

     واحدة  ..)

3 ــ  (يخرج س1 وهو يتحدث بالهاتف ..

       يدخل س2 وهو يتحدث بالهاتف ..)

4 ــ ( س2يذهب حذرا بأتجاه يسار المسرح ويختفي

        في الظلام ..من ذات الظلام يظهر س1

        مرعوبا وهو يجري مسرعا ومن خلفه

        نسمع أطلاق عيارات نارية وصراخ بشري ..)

واكتفي بهذا القدر الذي أراه قد جعل من الصورة واضحة .وأعيد قولي أن الجديد في الأمر هو خروج عما هو مألوف في كتابة المونودراما .. أنا هنا ، وبكل تواضع ، أعمل على تقديم العرض المونودرامي بطريقة أخرى .. وهي تتمركز حول شخصية واحدة لكن يؤديها ممثلان ضمن مواصفات خاصة ذكرتها قبل قليل ..

شكري وتقديري لكل الأصدقاء وهو يناقشون الحالة بروح متوثبة صادقة تبحث عما هو جديد في عملنا المسرحي العربي ، وفي تقديري هذه ظاهرة تؤكد حضورنا وقدرتنا في العطاء الإبداعي .. شكرا للكاتبة والناقدة صفاء البيلي وهي تدير هذا الحراك المسرحي الجميل عبر مجلة تؤكد حضورها الفعال .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock