مقالات ودراسات

د. شاكر عبد العظيم جعفر يكتب: فويزك.. طاعون  الرقص توافقات رؤيوية


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

د. شاكر عبد العظيم جعفر

كاتب وناقد وأكاديمي من العراق

 

فويزك شخصية الجندي المعدم الهزيل بطل مسرحية (فويزك ) للكاتب الالماني (جورج بوخنر) ولم يكتمل النص بسبب وفاة بوخنر حيث قام البعض بوضع نهاية للنص لم تكن مهمة فليس مهما ان نعرف نهاية فويزك.

 

هو نص مسرحي ذهب الى فضاءات السينما بفيلم فويزك من اخراج فيرنر هيرزوغ  ، الا ان عودتها للمسرح كان من خلال المخرج الشاب (منتظر فريد) فقد عمل على مزج الصورة المسرحية مستخلصا منها ما هو ادائي جسدي / وما هو تمثلي درامي بمحمولات الذات الانسانية التي تشعر بعذابات الوجود ، فويزك الجندي (منتظر فريد نفسه ).

 

تقابله عدد من الشخصيات (الضابط :سيف علي حسين ، زوجته ماريا : روان ، ومحمد ناجح ومؤمل : وهم ممثلي الحروب  وجنود وسجناء ومشعوذين وادوات سلطوية ويمكن قرائتهم قرائات متعددة ) ما يحصل هو الوجع الانساني الذي لا يتآكل وثابت الوجود ازاء وجود الذات المنهكة المعدمة (الجندي فويزك )

 

 

 

 

وقد دفع المخرج ليوائم مابين الرقص (لذة الرقص حتى الموت )* ومابين الاداءات المختلفة لفن العرض المسرحي ، محاولا ان استظهار ملامح مخبوءة في اعماق الشخصية تقوم على الرفض النفسي والانصياع الجسدي عبرفكرة فوكوية لمحاولة تقميط الجسدة او أدلجته ليكون خاضعا لخطاب السلطة وخادما لوجودها من خلال شخصية الضابط (سيف) لتتبلور الفكرة الاخراجية ببناءات تشكيلية تكاد تعتمد على مساحة الخشبة الخالية الا من قطعة قماش (خلفية) وكرسي ، ودلاء الغسيل الثلاثة ، بتكثيف عالي وبانتقالات مختلفة في المكان الواحد .

 

فتشكيل ابعاد العرض المكانية كان مدركا لتأثيرات بصرية قائمة على الغضب النفسي (فويزك) ومحاولة الزواج تقديم برائتها التي شكك بها كثيرا فويزك ، لذلك استحضر الدلاء لغسل ما يرتأيه فويزك بانه عار ولابد من الخلاص منه .

اكتنفت الرؤية الاخراجية الكثير من الغموض وذلك لان مخرج العرض اعتمد الاختزال والانتقالات السريعة محاولا تقديم قصة فويزك باحالاتها على مآسي الحروب والذات المسلوبة من انسانيتها ازاء سلطة قمع متضخمة .

 

أنهت الرؤية الاخراجية فويزك بطريقة مغايرة لنص بوخنر التي انهاها النقاد ، حيث نهاية فويزك كانت بيد الات (عاملي المصحة) /السلطة .

جاء الاداء التشكيلي /الصوري للعرض مثيرا وقانعا للمستقبل/المتلقي ، عبر تفاعلية هامة بين العرض ومستقبلية .

ويمكن الاشارة الى وجود او ظهور بعض ممثلين (طلبة قسم المسرح /كلية الفنون/جامعة القادسية )  كانوا يمتلكون حضورا لافتا وجميلا مثل سيف علي حسين  الذي كان ممثلا بحجم فويزك ، ممثل مذهل ومثير للدهشة ، ممثل شاب  يشعرك انه يمتلك خبرة في الأداء كبيرة مع انه في بداياته المسرحية .

مع وجود الممثلة / روان رياض ( مرحلة اولى /مسرح) شاركت في العديد  من مهرجانات الكلية لهذا العام ، وهي ممثلة أدائية تمتلك من قوة الأداء ما جعلها مميزة جدا تقتني شخصياتها بوعي ، مثابرة تحاول ان تسابق الزمن لتقدم وتعمل وتتألق ، فضلا عن وجود محمد ناجح ومؤمل علي الذين كانا الاكثر حراكا داخل العرض ومشاركين بكل انتقالاته ، فحققا حضورا بكونهما روح العرض وديناميكيته .

 

لقد نجح هؤلاء الشباب في فتح آفاق اكثر فاعلية لمستقبلهم المسرحي ، سيحققون الكثير لاحقا لانهم انطلقوا في تكوين ذواتهم الفنية من محبة المعرفة والفن والانسان.

ــــــــــــــــــــــــ

  • في العام 1518 اجتاح اوربا انطلاقا من مدينة ستراسبورغ الفرنسية موجة غريبة وهي طاعون الرقص ، حيث اخذ البعض يرقصون بلا سبب لايام حتى السقوط او الموت .

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock