حوارات

سيدة المسرح العربى سميحة أيوب: سلطتي الوحيدة هي فني ولن أعود للإخراج!


المسرح نيوز ـ القاهرة 

حاورتها الكاتبة والشاعرة: صفاء البيلي 

ـ

 

 * أشرف زكى يبحث عن مصلحة الفنانين المعطلين

* الأعمال الإدارية لا تجهض الإبداع

*رائعة يسرى الجندى رابعة العدوية أعادتنى لخشبة المسرح بعد غياب

*أقول لسعد الدين وهبة: أحبك وأفتقدك

لم تحصل على لقب سيدة المسرح العربى من فراغ.. إنها الساحرة، ست الملك، فيدرا وشجرة الدر.. إنها زهرة والشمس المضيئة فى رابعة العدوية، ليلة الحنة والأشجار تموت واقفة.. تلقى بالشبكة فتصطاد أرواح المولعين بها وفنها الجميل، قال عنها چان بول سارتر حينما كان فى زيارة رموز المسرح المصرى.. هاآنذا وجدت الكترا فى القاهرة، كرمها الرؤساء؛ ورنا إلى عبقرية أدائها الكتاب ورغم ذلك ما تزال تشعر برهبة الطلة الأولى على المسرح..

 أطلقت على نفسها عبارة «قتالة القتلة» لحزمها وصلابتها وقوة شخصيتها فى مواجهة المواقف، تاريخها الطويل حافل بعلامات الحب والحزن والحرية والازدهار.. لا يخلو تاريخها  من لحظات الركود لكنها تعود وتسطع أكثر إشراقا  أبدعت أكثر من من 150 مسرحية و 50 مسلسلاً تليفزيونيا ومثلها من الأفلام السينمائية.. إنها تحمل تاريخاً إنسانياً لبحر عميق نحاول السباحة عبر شطآنه مع القديرة سميحة أيوب.

* لماذا فقد المسرح المصرى بريقه بالرغم من غزارة الإنتاج؟

ـ الجو العام كله فقد بريقه وليس المسرح فقط، فالمسرح جزء من كل والناس الآن مشغولون ومهمومون بأشياء غير الفن.

* هل يرجع ذلك لأن المسرح التجارى أدى إلى القضاء على البقية من مسرح الدولة؟

ـ أين المسرح التجارى الآن؟ لقد كانت هناك الفرق العارية التى تقدم سلعتها للسياح العرب وقد قامت الآن القنوات الفضائية بهذا الدور وسحبت البساط وسدت هذا المنفذ والحمد لله وأصبح مسرح القطاع الخاص مقتصراً على ثلاث فرق محترمة هى «عادل إمام، جلال الشرقاوى، ومحمد صبحى».

* هل ترين ان هناك ضرورة لعودة الكبار بأعمال مترجمة مثل راسبوتين، هاملت، الملك لير، حتى يستعيد المسرح المصرى قوته؟

ـ لدينا كثير من الأعمال المسرحية الهامة والجادة وليس على سبيل الحصر الذى ذكرتيه كذلك لدينا مسرحيات يقدمها الشباب فى القاعات وهى تقدم فكراً ورؤى جديدة.

 

* لماذا لا تنتمين للنصوص المسرحية الحاصلة على جوائز محلية وعربية والتى تتميز بالجدية للسعى نحو مسرح أصيل؟

ـ ليس الأمر بيدى، وليست لدىّ صفة رسمية فى الدولة لأفعل ذلك، لكننى يمكننى اقتراح عمل ما أو نص ما.. والمسئولون يأخذون به أولاً .. فسلطتى الوحيدة هى فنى.

 

* أنت توليت إدارة المسرح القومى لأكثر من 15 عاما هل المسئولية الإدارية تجهض بواطن الإبداع عن الفنان والتجارب لـ «الحدينى، يس، أردش وحتى أشرف زكى» تثبت ذلك؟

ـ فى كثير من الأحيان لا تجهض هذه الإداريات روح الفنان فحينما توليت إدارة القومى لامنى أصدقائى وأعربوا عن خشيتهم أن أنسى فنى فقلت لهم: كثيرا من السيدات تثرثرن بالساعات فى التليفون وأنا سأقدم عملاً هاماً وجاداً وبعدها نظمت وقتى بين واجباتى الفنية، العائلية والإدارية.

 

 

* ما معايير المسرح الجاد كما تراها سميحة أيوب؟

ـ هو الذي يعبر عن المجتمع ويجعلني أفكر ويثير جدلا بيني وبين نفسي وبيني وبين الآخرين.

 

* من السبنسة وكوبري الناموس إلى قريب وغريب حتى الشبكة مرورا بأكثر من 150 مسرحية قمت ببطولتها.. هل ترين أن المجتمع المصري الآن بحاجة إلى مسرح بريخت؟

ـ هذا هو وقت بريخت الحقيقي – وقد قلت بالأمس لبعض الأصدقاء لماذا لا نقدم مسرحية «الرجل الطيب من سشوان» لبريخت لأنها بالفعل تعبر عن الحالة العامة للمجتمع الآن.

 

* كرمك جمال عبدالناصر وحافظ الأسد وفرنسا ومصر وبعد أسابيع في المغرب والجزائر.. ماذا يعنى التكريم في حياتك؟

ـ قمت بإخراج 5 مسرحيات 3 لمسرح الدولة مقالب عطيات، الدخول للجنة، الميت الحي، واثنتين لمسرح التليفزيون «تراعينى قيراط ،وليلة الحنة».

 

مخرجة بالصدفة!

 

* هل تعتبرين نفسك مخرجة بالصدفة؟

ـ نعم.. فحينما بدأنا بروفات مقالب عطيات قرر المخرج أن يسافر وتأخر فعرضت على رئيس الهيئة الأمر فطلب منى إخراج المسرحية بنفسي لأنني كنت مشرفة على الشعبة التي سوف تؤدى المسرحية.. رفضت ولكن بعد إصراره جلست بمفردي 5 أيام وبدأت في وضع أفكار ورؤى جديدة.. وأخرجت المسرحية ولاقت نجاحا ثم عرضت علىّ فتحية العسال إحدى مسرحياتها «ليلة الحنة» فقمت بإخراجها وذلك لما تقدمه من مضمون عظيم ورسالة صريحة بواجبات كل فرد تجاه أمته العربية وأن النضال ليس بالرشاش فقط وإنما بأشياء أخرى.

 

* وماذا تقولين للإخراج؟

ـ أقول له: أنا لن أعود إليك.

* ما رأيك فيما قيل عن منع التليفزيون المصري عرض الجزء الثاني من حديث مسرحية دماء على أستار الكعبة في برنامج كنوز مسرحية بدعوى أنها تحرض على الثورة ضد الجوع في ظل أزمة الخبز الراهنة؟

ـ لا أعتقد ذلك فقد كنت ضيفة حلقة الجزء الثاني من البرنامج وتحدثت عن المسرحية وكان ضيف الجزء الأول الشاعر الكبير فاروق جويدة مؤلف المسرحية وتم التنويه عن الجزء الثاني.. لكنهم أبلغوني أن هناك عطلا فنيا في الشرائط وسيتم عرضها حال إصلاح التلف.

* لماذا تراجعت عن بطولة مسرحية «أغنية للفلوجة» المأخوذة من نص «فراتشيسكو نيكوللينى» بعد أسبوع من البروفات؟

ـ لقد انفعلت جدا بالمسرحية والتي تدور حول عالمة آثار عراقية فقدت عينيها. نتيجة لتعذيب الجنود الأمريكيين لإجبارها على الاعتراف بمكان زوجها الهارب وكانت ستقدم في مايو القادم بالفعل، وحينما بدأت البروفات وجدت أنني لا أقدم جديدا فكل ما سأقوله على خشبة المسرح تقوله الفضائيات ليل، نهار فما الجديد والذي سيأتيني الجمهور من أجله؟ قلت لزملائي القائمين على العمل.. هذه المسرحية كان يجب أن نقدمها سنة 2002 قبل تأزم الحالة أو نقدمها عام 20015 بعد اتضاح الرؤية ليعرف الأجيال ما الذي كان يحدث بالضبط!

 

حتشبسوت ورابعة العدوية

 

* وماذا عن حتشبسوت؟

ـ اتفقت مع المخرج حسن الوزير على تجسيد دور حتشبسوت ملكة مصر التي كانت محل الكثير من الشائعات التاريخية الكثيرة والعرض بالعربية الفصحى، وأنا في حالة انتظار حتى اكتمال مسرح السامر لنقدم هذا العمل من خلال خشبته.

 

* ما المسرحيات التى شاهديتها فى الخمس سنوات الأخيرة؟

ـ شاهدت كثيرا.. ربما هناك أعمال ضعيفة لكنني خرجت من بعضها سعيدة بأفكار الشباب الجادة وخاصة عروض القاعات الصغيرة.

 

* لكنك اتهمت المؤلفين أنهم ليس لديهم رؤى معاصرة لقضايا المجتمع؟

ـ هذه مشكلة.. وكما يقول المثل: «عدّ غنماتك يا جحا»!! فالمسرح لم يعد يثير شهيتهم كما يثيرها التليفزيون لأن المسرح فقير.

 

* هل أعتبر هذا دليلا على أزمة نصوص جيدة بعد رحيل العمالقة؟

ـ الأمل معقود على أفلام جادة مثل محمد سلماوى، أبوالعلا السلامونى، أسامة أنور عكاشة، ويسرى الجندى.

 

* على ذكرك الكاتب الكبير يسرى الجندى فمسرحيته رابعة العدوية التى عدت بها بعد انقطاعك لفترة عن المسرح كان لها حكاية معك؟

ـ نعم .. كان يسرى الجندى يعمل بالثقافة الجماهيرية ، جاءنى وأعطانى النص وطلب منى قراءته لكننى لانشغالاتى لم أتمكن من قراءته ، فجاءنى ثانية وأكدت عليه أننى سأقرأها بهدوء ومضى هو .. وبعد أيام فوجئ باتصالى أطلب منه كل شئ من العقد والمخرج وتحديد موعد العرض.

 

* ما الذى أعجبك فيها؟

ـ أنها ليست رابعة التقليدية التى يعرفها الجميع، إنها بكل تساؤلاتها الوجودية .. حول الوطن، السياسة والاتجاه إلى الله.. إن رابعة عضوية وفعالة فى هذا النص، فقد اندمجت مع المجتمع ولم تعط ظهرها للدنيا فى سبيلها لله إنما أعطت ظهرها لكل قوى ومواقع الفساد.

أنا والسينما

 

* ماذا عن الدراما العربية؟

ـ الدراما العربية تطورت وتقهقرت ففى نفس الوقت الذى نشاهد فيه أعمالاً عظيمة نجد أعمالاً تافهة وسطحية تطفو لتغزو المشاهد فى بيته.

* كرمتك الجامعة الأمريكية لأدوارك التى عبرت فيها عن المرأة المصرية ، كيف ترين واقع المرأة اليوم؟

ـ أصبحت المرأة المصرية والعربية فى مكانة رفيعة وما يحزننى ما نعطية من الأولوية للنظرة الذكورية وأتمنى أن يكون معيار التفاضل هو الكفاءة.. علاوة على أن المرأة الفلسطينية هى أكثر النساء العربيات اللاتى يقع عليهن الظلم والقهر بالرغم من عطائها وتضحياتها المتزايدة فلم تأخذ حقها من الاهتمام عكس الكثيرات.

* بعد أكثر من 50 فيلماً سينمائياً لماذا ابتعدت عن السينما؟

ـ أحب المسرح ولا أهتم أن أقدم عملاً قد يسئ لتاريخى الطويل الذى ثابرت وكافحت من أجل بنائه فقد سألت نفسى ما الذى يمكن أن أقدمه فى السينما يفيد الناس فلم أجد شيئاً.

 

* ما رأيك فى قرارات أشرف زكى الأخيرة بخصوص الفنانين العرب؟

ـ أعتقد أن القرار فهم خطأ ، فقد كان يبحث عن مصلحة الفنانين بخاصة المعطلين منهم عن العمل وأرى أنه لم يكن يقصد التفرقة أو التصنيف لأن الفن لا وطن له.

 

سعد الدين وهبة

 

* أنت شخصية تستطيعين السيطرة على نفسك فى أحلك المواقف أليس كذلك؟

ـ أذكر حينما أصيب سعد الدين وهبة وذهب الى المستشفى لم أجزع ، ذهبت إليه وزرته .. ولم أبك .. ساعتها بكت سناء جميل بحرقة فقلت لها من سيرانى هادئة ويراك وأنت تبكين سيقول إننى «قتالة قتلة» لكننى بعد أن شفى وخرج من المستشفى أصبت بحالة هيسترية من البكاء، فهذا خارج عن إرادتى، إنه ميكانيزم داخلى يحدث لى فى الملمات.. فأصير أكثر يقظة وقوة وحينما ينتهى الحدث.. يبدأ تأثرى به وانفعالى بأثر رجعى .

 

* سعد الدين وهبة أنشودة مسرحية وثقافية غابت عنا .. ولكنه ترك لنا سميحة أيوب فماذا تقولين له؟

ـ كلما حدث أمر فى العراق أو فلسطين أتذكره وأقول لو كنت موجوداً .. ماذا ستفعل؟ ولست بمفردى التى أقول هذا بل كثيرون من الكتاب والمثقفين .. فسعد كان رأس حربة ضد إسرائيل.

 

* وماذا أيضا؟

ـ أقول له: أحبك وأفتقدك.

ــــــــــــــــــ

جريدة الوطني اليوم 2007م


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock