إصدارات
لماذا أهدي جبرتي المسرح العربي أ.د. سيد علي كتابه “محمود مراد.. رائد المسرح المدرسي” إلى الموسيقار عبد الحميد توفيق زكي؟
المسرح نيوز ـ القاهرة| إسلام نور
ـ
أصدر الدكتور سيد علي إسماعيل – المشهور بلقب جبرتي المسرح العربي- كتاباً جديداً بعنوان (محمود مراد رائد المسرح المدرسي)، وهو الكتاب الثاني والثلاثون في مسيرة إنتاجه العلمي في مجال المسرح وتأريخه ونقده وتوثيقه. ولفت نظرنا الإهداء، والذي يقول في الجبرتي: (إلى روح الموسيقار والفنان والمؤرخ الموسيقي عبد الحميد توفيق زكي .. اليوم أوفيت بوعدي لك .. رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته).
وعندما سألنا الدكتور سيد عن سبب الإهداء ومعنى كلماته، قال: لقد ذكرت ذلك في جزء من مقدمة الكتاب. وسمح لموقع المسرح نيوز بنشر هذا الجزء من مقدمة كتابه، وهو أول جزء يتم نشره من هذا الكتاب، وينفرد موقع المسرح نيوز به، يقول جبرتي المسرح الدكتور سيد: عزيزي القارئ .. الكتاب الذي تقرأ سطوره الآن، له قصة يجب أن أذكرها لك؛ حتى تلتهم صفحاته في جلسة واحدة .. لا تتعجب، فأنا واثق بأنك لن تتركه قبل أن تنهي قراءته؛ لأنك ستقرأ جديداً مجهولاً ..
وبقدر سعادتك بما ستقرأه، بقدر حزنك عليه!! لأنك ستقرأ عن رائد مسرحي مصري عربي .. لا مثيل له!! تبدأ قصة هذا الكتاب منذ اثنتين وعشرين سنة، وتحديداً يوم الخميس الموفق 27/6/1996. ففي عصر هذا اليوم، تلقيت اتصالاً هاتفياً من الموسيقار عبد الحميد توفيق زكي .. قال لي: أنت الدكتور سيد علي الذي ألف كتاباً عن إسماعيل عاصم؟ فقلت: نعم. قال: سأنتظرك في بيتي اليوم الساعة الخامسة مساء، احضر معك نسخة من الكتاب، وعنواني كذا كذا. وعلى الفور أخذت نسخة الكتاب، وذهبت إليه، وجلست معه ثلاث ساعات إلا الربع، وتحديداً من الساعة الخامسة إلى السابعة و45 دقيقة، وأرجو ألا تتعجب أيها القارئ من تحديدي الدقيق؛ لأنني دونت كل ما حدث في هذا اليوم في ورقة ما زالت معي!! كانت دهشة الموسيقار كبيرة عندما رآني – ولأول مرة – في هذا اللقاء لسببين: الأول، صغر سني حيث كنت في الرابعة والثلاثين – وحصلت على الدكتوراه عام 1994 أي منذ عامين فقط –
والسبب الآخر عندما أمسك بكتابي الأول ” إسماعيل عاصم في موكب الحياة والأدب”، ونظر إلى رقم الصفحة الأخيرة، فصاح متعجباً: ” أنا عشت في بيت إسماعيل عاصم في العباسية عشرات السنين، وكنت أخاً وصديقاً لأصغر أبنائه الموسيقار مدحت عاصم، الذي مات منذ سبع سنوات عن عمر يناهز الثمانين، وكان يتمنى قبل وفاته أن يقرأ عن أبيه أربعة أسطر فقط!! فكيف كتبت أنت عن والده كتاباً ضخماً في 400 صفحة؟!!”. مكثت مع الموسيقار ثلاث ساعات إلا الربع في نقاش علمي مثمر، حيث روى لي ذكريات جميلة عاشها مع مدحت عاصم، وسط أسره أبيه إسماعيل عاصم .. إلخ. وانتهى اللقاء، وقبل أن أنصرف صافحني بقوة، قائلاً: طالما إنك غاوي هذه المنطقة في التاريخ الفني، أرجوك أن تكتب كتاباً عن شخص لا يقل أهمية عن إسماعيل عاصم، وربما يفوقه أهمية في مجال المسرح والموسيقى؛ حيث إنه أول من أدخلهما إلى المدارس في مصر. قلت له من هو: قال: إنه .. محمود مراد !!
قلت له: لقد مرّ عليّ اسمه في بعض المقالات. فابتسم ابتسامة الرضا، قائلاً: ” أوعدني يا بني تكتب عنه كتاباً، مثلما فعلت مع إسماعيل عاصم .. لأنه مظلوم ومنسي “. فأقسمت له بأنني سأكتب عنه كتاباً!! وظل هذا القسم يؤرق مضجعي كلما أصدرت كتاباً جديداً من كتبي – التي بلغت أكثر من ثلاثين كتاباً – فبقدر سعادتي بكل كتاب جديد أصدره، بقدر حزني وشعوري بالألم النفسي؛ لأنه كتاب جديد لا يحمل اسم محمود مراد، على الرغم من إنني طوال عشرين سنة، أقوم بجمع مادة كتابه ضمن ما جمعت من مواد كتبي السابقة!!
ومما زاد حزني أيضاً أن عبد الحميد توفيق زكي مات بعد عامين من وعدي له، وتحديداً عام 1998؛ ولكن الحمد لله إنني أخيراً – وبعد اثنتين وعشرين سنة – أوفيت بوعدي للمرحوم عبد الحميد توفيق زكي، ولم أحنث بقسمي .. فكتاب محمود مراد رائد المسرح المدرسي .. خرج إلى النور، وتحمله الآن بين يديك!!