المسرح نيوز ـ القاهرة| مسرح طفل
ـ
مسرحية
كمامة
. تأليف عمار سيف
الناصرية – رمضان – 2020
( الحجر المنزلي )
ammarsaefsh@gmail.com
التشخيص
كوفيد: فايروس كورونا شخصية شيطانية جدلية
هو: واحد من الناس البسطاء ذكي التصرف
صوت ا: من عامة الناس
صوت ٢: من عامة الناس!
صوت ٣: من عامة الناس!
مجموعة من الصحة مختصة بالتطهير الصحي
الخطاب المسرحي
ساحة عامة تفتح ستار على عرض الداتاشو لأناس تركض وآخرين يهربون ويسقطون على الأرض، أصوات وصرخات تملأ المكان وممكن ينفذ هذا الفعل واقعي بدون استخدام الداتاشو إن كان العرض خارج خشبة المسرح.
تدخل لمكان العرض شخصية غريبة الشكل والملبس والهيكل أشبه بالشخصيات الشيطانية شخصية افتراضية لنسميها ( فايروس كوفيد )
تبدو على ملامح هذه الشخصية الذهول والاستغراب والاندهاش
كوفيد: ما بهم هؤلاء البشر( تتحرك بحرية وتشغل مساحة العرض بأكملها وهي تلقي الحوار ) لماذا هكذا يهربون ولماذا هم خائفون؟ هل ما يحصل لهم هو غريب أم أنهم يتصنعون الغرابة والخوف لأنفسهم أو ربما يبحثون عن شيء يزيل عنهم روتين حياتهم الميكانيكية
( في هذه الأثناء نسمع أصوات من بين الجمهور أو من خارج المسرح ينصت لها الفايروس )
صوت ١: ادخلوا بيوتكم
صوت٢: إنه لا يعرف كبير أو صغير
صوت ٣: متواجد بكل مكان
كوفيد: ( ضاحكا ) هذا أنا ( مناديا ) وتوجد لي صفات أخرى وكثيرة
صوت١: كل واحد منا يبتعد عن الآخر مترين على الأقل
صوت ٢: يداهم الجسد خلسة مثل اللصوص حتى يستمكن فتخرج نواياه الشريرة
صوت٣: من يضيق عليه المكان ولا يستطيع التنفس فليبقى في قبوه
كوفيد: ( صارخا ) هيـــــــــه انتم ما بكم ترددون صفاتي وميزاتي هل هي عجيبة عندكم، كل واحد منكم له ميزات شريرة وحميدة، أم فقط أنا ميزاتي شريرة وان كانت شريرة عندكم فهي عندي حميدة ( بتلاعب وسخرية ) فلا احد يعترف منكم أن له صفات شريرة
( بغضب) هيـــــــــه انتم هل تعلمون أن لكم صفات أكثر شر مني، الشيطان نفسه لا يعرفها، ( لحظة صمت يحدث نفسه ) ماذا فعلت أنا كي أهاجم منهم بكل هذه القسوة ( يصرخ) تخافون الموت وانتم أصلا أموات منذ أن نزلتم على هذه الأرض إلا تعلمون أن الموت فوق رؤوسكم ينهشكم بكل عنفوان تموتون بالحروب بالجملة بلا ذنب وانتم صامتون ترقصون بالسجون ألما من التعذيب وانتم صامتون تسقطون على الأرض أمواتا من الجوع وانتم صامتون ينهش لحمكم وانتم صامتون تسرقون تهمشون تعذبون تغتصبون وانتم صامتون، وحين بحثت لي عن مأوى بينكم انتفضتم وصرختم، كأنكم لأول مرة تواجهون شيء غريب، كل هذا لأني أريد أن احمي نفسي ويكون لي وطن مثلكم، لكني اختلف عنكم في وطني، وطني الذي أعيش فيه لا أفرط به أبدا مثلكم لا أتعامل معه كأنه ليس ملكي، قائلا “انه شعليه”
(نعود لنسمع أصوات)
صوت١: هل تعلمون، أصبح الوطن وباءا
كوفيد: ( بهدوء) هو هكذا منذ آلاف السنين
صوت ٢: تقول التقارير انه سيمحي البشرية، استوطن بقوة في العالم
كوفيد: أنا لست دكتاتورا لأستولي على العالم مثل الدول القوية التي تحكمكم وانتم أصماء تبقون وتمسحون أكتاف أسيادكم
صوت ٣: ارتدوا الكمامات والقفازات ونظفوا أنفسكم جدا فالدول الكبيرة بالعالم وجدت مضاداً له وهو تحت التجربة
كوفيد: ( يصرخ ) ما بكم تتناسون الإخطبوط الذي يحكمكم ويسيطر على كل ما تملكون حتى ملذاتكم بأيديهم استعبدوكم وانتهكوا إعراضكم وسرقوكم واستولوا على وطنكم وانتم تصدقونهم تتفاخرون بهم
وتخشوني لأني سأمكث في صدوركم وأتغذى على أنفاسكم، هل تذكرتم الآن أن أنفاسكم تذهب عنكم وهل تذكرتم أنكم تختنقون وانتم ترعرعتم على هذا الضيق الجسدي والحياتي؟، أقولها لكم مرة واحده تحرروا من أنفسكم واقتلوا أنانيتكم وهاجموا الوسواس الذي فيكم حينها ستقضون عليّ وعلى غيري بسهولة، فانا حالة مثل حالات كثيرة مرت عليكم ( بخبث ومكر )، هل سمعت عن وباء الأنفلونزا بين عامي 1918 – 1919 ضحيتها 100 مليون شخص هل تعرفه
هو: (بحزن قرأت عنه الكثير)
كوفيد: (بسعادة) والمجاعة الكبرى في الهند بين عامي 1769 – 1773 وراح ضحيتها 10 مليون منكم
هو: ( مطأطأ رأسه بوجع )
كوفيد: ( راقصا ) والتسونامي الذي قضى على الحضارات والفايروسات الوبائية الأخرى حتى داعش الذي حطم واغتصب أفكاركم وغيرها.. وغيرها.. وغيرها ( يتوقف عن الرقص لحظة صمت بهدوء ) صدقوني حين تصلحون أنفسكم ستتحرون من لعنتي ولعنة غيري
صوت 1: ربما إنها لعنة من الله علينا
صوت 2: وربما إنها الأيام الأخيرة للحياة
صوت٣: أو أنها القيامة
كوفيد: (ضاحكا) جهلاء جهلاء حتى عاجزين عن التفكير تستسلمون بسرعة دائما تنتظرون من يجد لكم حلا وتقفون مكتوفي الأيدي
(في هذه الأثناء يدخل شاب لنسميه ( هو) في الثلاثين يرتدي كمامة وكفوف)
كوفيد: هيــــه أنت ما بك ترتدي كمامة وقفازات
هو: تسألني
كوفيد: وهل يوجد غيرك أمامي
هو: كأنك ليس من هذه الدنيا ألا ترى ماذا حل بنا؟
كوفيد: ( متدارك) وماذا حل بكم
هو: شيء غريب وقاتل انتشر بالأرض
كوفيد: تقصد…
هو: (مقاطعا كأنه عرفه )هو… وهل يوجد اخطر منه
( الفايروس يتحول إلى ضابط تحقيق )
كوفيد : هل أنت متزوج
هو: لا.. ولكن ما علاقة ما يحدث بزواجي
كوفيد: الديك أسرة
غ٥٣٢١هو: بالطبع ليس مقطوع من شجرة
كوفيد: وهل تخاف على اسرتك
هو: هل أنا في مركز للشرطة وأنت ضابط وتحقق معي
كوفيد:اجب
هو: أخاف عليهم جدا
كوفيد: لماذا إذن تحاربون وتقتلون الكائن الغريب؟ هل عجيب أن تكون لديه اسرة مثلكم؟
هو : ( بتعجب) لماذا نحارب ونقتل، أنت تتحدث عن الفايروس
كوفيد: نعم
هو: هذا وباء سيقتلنا جميعا
كوفيد: انتم في نهاية الأمر أموات
هو: فعلا حتى أنت معنا
كوفيد: أنا آخر الراحلين
هو: لماذا.. هل أنت الشيطان
كوفيد: أشبهه إلى ذلك الحد
هو: ( يصرخ) أنت تزعجني وفعلا أنت من أتباع الشيطان، بل أنت الشيطان بنفسه، شكلك كلامك حتى حركاتك
كوفيد: لا تتحدث معي هكذا
هو:( بغضب) اخبرني من أنت كي أجيد الحديث معك
كوفيد: فايروس
هو: ( يبحث عن الفايروس يلتفت يمينا يسارا ) فايروس! أين هو؟
كوفيد: أنا الفايروس
هو:( يتراجع خطوة للخلف ويتأكد من وجود كمامته على وجهه والقفازات في يديه ).
كوفيد: هل أخفتك
هو: ربما.. وربما أتحذر منك
كوفيد: لماذا؟
هو: لأنك قاتل
كوفيد: أنا اقتل فقط الضعفاء
هو : أنت تقتل الجميع لذلك نتحذر منك ولابد أن نقضي عليك.
كوفيد: أنا أحاول أن أحافظ على أسرتي
هو: أيّ اسرة تتحدث عنها، حين تستمكن فينا تنشر جنودك الذين يتكاثرون بالملايين بالثانية لتقضي على أجهزتنا التنفسية
كوفيد: أنا مثلك أحاول أن أكوِّن بيتا، الفرق بيني وبينكم هو مكان البيت
هو: أي بيت تقصد
كوفيد: رئتك
هو: ( بحذر) بعد أن تسكن فيها تدمرها تنتقل إلى أخرى وأخرى وأخرى، أيها الفايروس اللعين أنت وباء ويجب القضاء عليك
كوفيد: ( يضحك) من يقضي عليَ انتم الضعفاء ( يكهكه) كل مختبراتكم وتقنياتكم الحديثة لم تجدوا حلاً لي فانا لعنتكم الأخيرة، لالالالا، أنا الراحة الأبدية لكم.
هو: سنجد المضاد لك
كوفيد: لكل فايروس يصنع معه مضادات إلا أنا كنت طفرة، وأقوى من جميع الفايروسات التي خرجت لكم سابقا
هو : لن تستطيع التغلب علينا
كوفيد: ( ساخرا ) دول كبيرة وعريقة أنهيتها
هو: لم تنته بعد، فوجدنا الوقاية منك ومن أمثالك
كوفيد: أي وقاية التي تتحدث عنها
هو: التعقيمات والكمامات وغيرها
كوفيد: وخليك بالبيت ( يقهقه)
هو: بالضبط
( نسمع أصوات مختلفة باعة الخضار والفواكه وغيرها )
كوفيد: إلا تسمع هذه الأصوات، الجميع خارج البيت،والبيوت أصبحت فارغة.. اسمع.. لا مستقبل لكم
صوت ١: القادم أسوأ، سأكدس البضائع والمواد الغذائية
صوت ٢: فعلا فلا لا نعرف ما يخبئ لنا الدهر
صوت٣: لن تمر هذه الأزمة بسلام، عدد المصابين ما زال يتصاعد ويتكاثر بسرعة.
هو : لن يبقى هذا الحال فرجال الأمن والدولة فرضت حظر التجوال
كوفيد: ( ساخرا) أيّ امن وآيّ دولة فانتم تحفرون الجبل بإبرة
هو: الناس توعوا وتفهموا أي خطر يمر عليهم وبالإرادة سوف نقضي عليك نهائيا.
كوفيد: أي إرادة تتحدث عنها كل من حولكم يخدعكم
كثير من البشر في الشارع وحين اسألهم لماذا خرجتم إلا تخافون الفايروس يبتسمون قائلين نحن لم نكسر القرار ونخرج لأننا أصلا نعيش ونسكن على الأرصفة.
هو: المروءة لن تنقطع عنهم وعنا ربما الموت في مكان قريب ويتربص بنا ( ساخرا ) أصبح لا يخيفنا الموت رفيقنا الأغر بالدم نتوضأ، قبورنا أسرتنا نغفو فيها بهدوء العظماء كل هذا ولن نهرب منك أيها اللعين أنت مثل من يحكمنا لو كنت تحمل عدلا لبنيت أسرتك هناك في صدور من قتلنا جوعا وسرقنا وهمشنا من يرقص فرحا بموتنا، أنت وباء لا تخيفنا أنت صنيعتهم ولهم تنتمي، أوعدك أيها اللعين سننتصر عليك وعليهم ( يهجم على الفايروس والفايروس يضحك وهو يتنقل برشاقة في هذه الإثناء يدخلون أشخاص يرتدون لباسا ابيض وكمامات وكفوف يحملون على ظهورهم مرشاة لتعقيم المكان فيبدأ الفايروس بالاختناق وهو يخرج.
كوفيد: لن يقتلني تعفيركم، سأغير الأماكن كل ما بدأتم به
هو: ( وهو يخرج أيضا) ونحن سنلاحقك حتى نقضي عليك
( مجموعة التعفير بعد أن تعقم المكان تخرج لحظات صمت قصيرة نسمع أصوات من الخارج)
صوت ١: تزايد عدد الإصابات كل يوم
صوت: لأننا كسرنا حظر التجوال
صوت ٣: هذا الوباء ينتشر بسبب اكتظاظ الأسواق بالناس
صوت ١: إنها لعبة سياسية أخرى أنهكت اقتصاد العالم
( نسمع ضحكة من خارج المسرح للفايروس)
انتهت المسرحية
رمضان ٢٠٢٠
ملاحظة: هذه المسرحية توثق كارثة فايروس كورونا الذي هز العالم اقتصاديا وروحيا.
