عزيز ريان يكتب: السرد بعيون سينمائية في عرض نادي الشمس لفرقة المدينة الصغيرة بشفشاون -المغرب
المسرح نيوز ـ المغرب/ عزيز ريان
ـ
نادي الشمس العرض الثاني
للمدينة الصغيرة بشفشاون في مجال التوطين
ورقة تقنية:
انتاج المدينة الصغيرة
تأليف: أحمد السبياع
إخراج: ياسين أحجام
تشخيص: عقبة ريان،مخلص بودشار،محمد بوغلاد،حميد البوكيلي،مصطفى استيتو،حنان بن موسى،ليلى الرحموني
سينوغرافيا: ياسين الزاوي
قدمت فرقة المدينة الصغيرة عرضها المسرحي الجديد: نادي الشمس وهو من تأليف: أحمد السبياع في إطار التوطين للموسم الثاني.
النادي الدلالة والإيحاء:
العنوان يحيل بسرعة لمضمون العرض الذي قد يجري بنادي ما حيث تظهر العلاقة الواضحة بين العنوان وبين محتوى العرض. عنوان هادئ وغير مستفز للمتلقي لكنه يلخص بشكل ايجابي العرض. يخلق أجواء بما سيكون لكنه لا يخلق الفضول للحاضرين.
النص الأولي يحتوي على حوار ومونولوجات طاغية أغرقت العرض في الفردانية برغم حسه الجماعي. المونولوجات بطل خفي تكرر لأكثر من مرة ولكل شخصية.
الحكاية..صفعة:
اعتمد السبياع في سرده لأحداث العرض على استخدام مستويين متوازيين في السرد ومختلفين في الزمن وهما: الماضي والذي يمثل حياة أصدقاء قديما بكل ذكرياتها،والحاضر الذي يمثل حياة مالك النادي الذي جمع كل الأصدقاء بسبب ظاهري وهو إعادة تلك الأيام الغابرة التي يشتاق إليها الجميع،وسبب خفي وهو صفع بعضهم وإستعراض للثروة التي حصل عليها.
يغوص الحكي في جماعة أصدقاء جمعهم صاحب نادي ليلي ليتمكن من صفع أحدهم بعد فترة من الزمن غابوا عن بعض. يحكي العرض قصة مستعملا خيطا دراميا بسيطا لكنه معقدا حيث تطورت القصة بشكل متسارع حيث رب النادي يوصي ويحرض نادله المغلوب عن أمره لكي يسارع بصفع صديقه الذي جاء لكي يستدين مالا من أصدقائه القدامى بعد مشاكل مالية بعمله وطرده من الخدمة: كمخبر سري أصيب برجله اليمنى.فوصلت الأمور لتقديم إتاوة على شكل سلف لشراء ثمن الصفعة الغالية. الصفعة هي البطل المحوري الذي لم يتحقق برغم كل شيء بل تحققت صفعة أخرى للنادل لمتحرش بابنته التي بدأت تشتغل معه داخل النادي لكي تساعد والدها. تتشابك القوى الاجتماعية فنرى قوة الغني واستكانة الفقير. نرى البدايات والنهايات لكل شخصية أو لكل حياة. نحن أمام عرض مفتوح لكل الاحتمالات والتأويلات،بفعل منظم مركزي بسيط وهو الرغبة في الصفع المادي: الصفعة،والصفع المعنوي: استعراض الثروة الحالية بعض رفض زواج.
الصراع الخفي والظاهر بين الداعي مبارك والمدعوين يعيدنا للأدب العالمي حيث تعتمد المسرحية على قصة بسيطة ومعقدة بنفس الآن. هو صراع واقعي حد الألم لحب الانتقام المجاني والمرضي والذي حمل بما هو نفسي وبأبعاد فلسفية للمرض النفسي الغير الظاهر الذي يسكن البعض في تحقيق بعض الأهداف التافهة لمجرد حادثة وقعت في سابق الأزمان. العرض يعكس إيديولوجية الكاتب الهادئة التي تنهل من الواقعي والمعاش.
السرد وسيلة مثخنة بالسينما:الاسترجاع(فلاش باك)
وباعتماد تقنية “البرولوج”، وضع العرض الخطوط العريضة لمعالم متنه ويدعونا إلى تلقيه وفق هذا المعطى الذي سيكشف عنه في باقي منجز المؤلف والمخرج المسرحي المزدحم بالاستعارات المتنوعة للتقنيات السينمائية ولأدواتها التعبيرية في الكتابة والمونتاج وغيرهما من مفردات اللغة السينمائية.
فالصفعة التي انتظرناها بكل مشهد ، تشكل الحدث المهم في البنية السردية للعرض وفي الوقت نفسه هو المشهد الختامي في معماريته، الشيء الذي سيستدعي توظيف تقنية استرجاع الماضي/ الفلاش باك، للتعرف على كل شخصية واكتشاف نوعية العلاقة التي تربطها بالبعض، ودواعي سعي النادل لمحاولة صفع المخبر المُسرح من خدمته.
إن تقنية الاسترجاع هذه، ستدفع بالمؤلف إلى أن يختط طريقا خاصا في إعادة بناء الحدث المسرحي من البداية، ونسج خيوط حبكته، مرتكنا في ذلك إلى تقنية السرد بالدرجة الأولى. ولأن السرد، كما يقول رولان بارت، يمكن أن تتحمله اللغة والصورة معا، فقد ركن السبياع خطابه السردي إلى لغة سينمائية تصور بدقة تفاصيل المكان. لتتوقف الشخصيات عن السرد كسارد خارج حكائي بلغة جيرار جينيت، لتعيش الحاضر أي كشخصية تنهض بوظيفة سرد القصة والأحداث من الخارج، ويتحول إلى شخصية تقوم بوظيفة الفعل، عبر تسليم دفة السرد لسارد جديد من داخل الحكاية، ولأن السرد كما قال عبد الفتاح كيليطو يحتاج للإعلان عن نفسه بصيغة من الصيغ تكون بالنسبة للحكاية كالإطار بالنسبة إلى اللوحة.. هذا التحول من السرد إلى الفعل، لا يعني بالضرورة توقف السرد، بل فقط سيتحول من سرد خارجي إلى سرد داخلي ستقوده شخصية صاحب النادي التي ستقوم بوظيفة مزدوجة، حيث ستتولى عملية الحكي كسارد داخل حكائي بتعبير جيرار جينيت، وفي الوقت نفسه، كممثل يلعب دورا في الحكاية ويصبو لرد صفعة وقعت بالماضي عن طريق نادل بناديه كفرض إلزامي لرب العمل لمشغله لفعل أعمال خارج تخصصه أو اتفاق العمل..
الممثلين سبعة: 2 إناث،5 ذكور) وعازف ساكسفون
مبارك (مصطفى استيتو)صاحب النادي هو البطل المحوري الذي استدعى الأصدقاء. لاسترجاع الأيامي الخوالي.شكل الممثلون في أدائهم تنوعا وانسجاما واضحا بآليات بعضها بشكل جلي وظهر تمرسها وقدرتها على الارتجال،أظهرت قدراتها الأدائية بحسب تجربة كل واحد.
السينوغرافيا أشارت بشكل مباشر لشكل النادي واختارت الألوان المتعارف عليها في شكلها الفاضح. التباث شكل تيمة لازمت القطع المعمارية التي قد تحيل لنفس التباث بمثل هاته الأمكنة الليلية حيث الانسان هو المتحرك بداية والساكن أخيرا بعد معاقرة النبيذ. قطعة واحدة تحركت وهي المكرفون الذي يمكن تسميته: صوت الفلاش باك حيث كل شخصية تأخذ الكلمة به وتحكي بتفصل عن نفسها مع أغنية مهداة بشكل غير معروف وكاريكارتوري يعكس كل شخصية.
التباث بالديكور يفقد المتلقي التنوع السمعي والبصري الذي تعود العامة عليه مؤخرا.
يمكننا أن نضيف للسينوغرافيا تقنية السمعي-بصري حيث حضرت الشاشة خلال كل لقطة فلاش باك مركزة على ملامح الوجه بشكل دقيق أثار حيرة المتلقي وتاه بين الواقعي والمصور. الشاشة بخلفية العرض شتت انتباه الملتقي أحيانا وكسرت انغماسه بالعرض.
الملابس حاولت اللعب على تنوع كل شخصية مدعوة وركزت على اللون الواحد أحيانا لكن لم تصل لدرجة الخلاعة بمثل هاته الأماكن التي تتخلص غالبا من أغلب قطعها.
الموسيقى غالبا كانت حية بحضور عازف-ممثل متنقل بأرجاء النادي بآلته السكسفون التي لعبت دورا في نقل الصراعات الداخلية لكل شخصية.
الإنارة لعبت على شقين إضاءة لأمكنة ليلية حيث الضوء بطل يغيب غالبا لاخفاء الأسرار والنوايا الخبيثة والمعاكسات …وبين إضاءة تقترب من البوح الانساني المؤلم بفعل التيه والتشظي.
تنتهي المسرحية بمشهد الصفع بشكل بيوميكانيكي لعله يحقق فعل الصفع الذي لم يتحقق طوال أطوار العرض.
عزيز ريان المغرب