مقالات ودراسات

ألف نيلة ونيلة. . الكوميديا الغوغائية!


آمال الميرغني

كاتبة و مسرحية ـ مصر 

ـ

عرض ألف نيلة ونيلة لنادي مسرح دمياط من إخراج (حسن النجار) ومن تأليف ( عبده الحسيني).

وقد استخدم الإطار الخاص بألف ليلة وليلة، حيث تحكي شهرازاد ( وهي هن زوجة العمدة) الحكايات لزوجها شهرايار( وهو العمدة) وقد جرى هنا انتحال صريح لأجواء وملامح وتعبيرات الشخصيات الرئيسية في المسلسل الكوميدي الشهير” المزاريطة” ، اما الحكايات التي ترويها شهرازاد فتدور حول الواقع في مصر، وقد اعتمدت الحكايات على تقنية عكس الصورة الواقعية التي نعرفها جميعا، فالحكاية الاولى عن عاملين من دولة قطر يحصلان على عقد عمل في ورشة لصناعة الاثاث بدمياط ، فيقوم المعلم صاحب الورشة بلا اي مبرر بمرمطتهم واهانتهم واكل حقوقهم. ولا يمكن ان نفهم بالضبط الحكمة من وراء قلب الصورة في هذه الحكاية، وربما يكون الهدف هو الاضحاك الناجم عن قلب الصورة، ولسنا بحاجة للقول ان تقنيات الاضحاك لا تصلح للتطبيق على جميع المواقف بلا تفريق. فأتصور ان الانسان السوي لا تضحكه مشاهد وقوع المرمطة والظلم على العمال المغتربين في بلده ايا ما كان البلد الذي ينتمون له،

فإذا كان يعتقد ان انتساب هؤلاء العمال لقطر بالذات سوف يجعل الامر مضحكا، فهذه غوغائية ممقوتة تخلط بين الحكومات وبين الشعوب، ولولا الافيهات والقفشات المزروعة زرعا لما ضحك احد. وعلى نفس المنوال تجري الحكاية الثانية، فالتاجر المصري هو الذي يذهب الى الصين ويبيع للصينيين بضائع مضروبة ويستعبطهم ويجردهم من ملكية بيتهم. وينطبق نفس الكلام السابق على الحكاية الثانية، فما هو المضحك او المبهج في هذا الموقف؟ وايضا لولا الافيهات والهزار العائم فوق كل شىء لما ضحك احد. ويستمر الحال في الحكاية الثالثة التي تقلب الاوضاع بين الرجال والنساء، فالنساء هن اللاتي يتسلطن على الرجال، والرجال هم المغلوب على امرهم، وعندما يرفض اهل الشاب تزويجه من الشابة المتسلطة، تقوم باغتصابه لتكسر عين اهله ويضطروا لتزويجه لها.
وربما تكون المشكلة الكبيرة في قلب الصور هنا هو ان تبادل الاوضاع بين الظالم والمظلوم، والمستغِل والمستغَل ، والقاهر والمقهور، كان يهبط علينا فجأة بلا اي مبرر، ربما انطلاقا من الاعتقاد الخاطىء بأن الكوميديا لا تحتاج الى هذه المبررات (فتش عن الاستسهال). وكذلك كان الصراع بين هذه الثنائيات يدور بمنتهى الاستخفاف وتحسمه في كل مرة خناقات هزلية ينتصر فيها الذي يتفوق على الآخر في الضرب . ويبدو ان صناع العرض كانوا واثقين تماما من ان الهزار وحده سيتكفل بكل المطلوب، وان الامر لا يحتاج منهم الى تفكير جاد وبناء منطقي. وليتهم يعلمون انهم حتى وهم يهزلون بكل هذه الخفة والتحلل من ابسط المتطلبات الفنية، قد قدموا لنا دون ان يشعروا رسائلهم المبطنة، التي تقول لنا ان الانتقام الغوغائي من الآخرين امرا ممتعا ومبهجا.
لقد انعكس تهافت هذه الرؤية على الاخراج فلم يكن به ثمة ما يستوقفك، اما اداء الممثلين فكان متماشيا مع حالة العرض: احنا بنهزر.
آمال الميرغني


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock