السينوغراف السعودي “مرتجى الحميدي” يكتب عن: المسرح.. و فلسفة الإضاءة!
“مرتجى الحميدي”
سينوغراف سعودي
ـ
حينما طرقت باب الحديث في هذا الشأن كنت أعني تماما ما أقول، واعلم تمام العلم ما ستؤول إليه التعليقات والتعقيبات لم تكن الكتابة حين كتبت ضربا من ضروب الحماسة أبدا، بل هي التعبير عن التاريخ و العنصرية، نعم ثمة عنصرية في المسرح ومذهبية أيضا، ولكن لم نعد أبدا الى أصل المسرح !!!
دعونا نبتعد قليلا عن الموضوع .. في أول يوم جامعي لي كان المدرس في السنة التحضيرية إذا أقبل علينا أعطانا مقدمات بسيطة عن المادة وفي نهاية محاضرته يختتم الدكتور بـالقول (يكون في معلومكم لولا هالمادة ما وصلنا الى هذا التطور الي وصلنا له الحين ) أجمع الجميع في أن تخصصهم هو السبب الرئيسي في انتقالية العالم وتطويره و وصولنا من العصر الحجري الى ما نحن به في عصر السرعة كنت اقول بداخلي لماذا هذه العنصرية للتخصص ؟؟!! ولكن اتضح لي بعد فترة ان لو لم تكن تلك العنصرية، أو لنقل “التعصب” لما وصلنا الى هذا التطور الملحوظ في جميع التخصصات العلمية لندخل في صلب القضية الإضاءة المسرحية و المسرح )
لماذا لا نكون كمثل هؤلاء المتخصصين الذين يحامون ويعتقدون أنه من دون تخصصهم سيكون مصير العالم الضياع ؟؟؟ فهؤلاء هم قدوتي اقتديت بهم وسوف أحامي عن تخصصي حتى أجمع جميع التخصصات وأجعلهم يصرخون نحن مهمين على هذا المسرح فـ لو لا وجودنا لما كان هنالك مسرح ( تاريخ) كان الاعتماد في بدايات الإضاءة المسرحية على الطبيعة، إذ كانت المسارح مكشوفة وكانت الشمس هي مصدر الإضاءة الأول، وقد كان العرض المسرحي يبدأ من الصباح ويستمر حتى غروب الشمس. وكان المسرح الإغريقي أول من بدأ باستخدام النار تعبيراً عن الزمن، وكان استخدام المشاعل دلالة على أنّ المشهد يجري ليلاً. ثم استخدمت الشموع في العصور الوسطى إضافة إلى الضوء الطبيعي.
واستخدم ليون دي سولي في عام 1550 الإضاءة الشديدة تعبيراً عن حالة الفرح في المشاهد الدرامية والإضاءة الخافتة تعبيراً عن حالة الحزن. في القرن السابع عشر بدأ استخدام الإضاءة من حيث القوة واللون لخدمة العرض المسرحي. ومنذ ذلك الحين بدأ اكتشاف الأجهزة الضوئية وتطويرها، وإدخال الضوء عنصراً مؤثراً في العرض المسرحي. وكان الإنكليزي دافيد غاريك David Garrick أول من وضع مركزاً للإضاءة فوق خشبة المسرح لإضاءة الممثلين بصورة جيدة. انتشرت بعدها تجارب غلفاني Galvani التي اكتشف فيها المصباح القوسي عام 1808، ومن ثم اخترع أديسون المصباح الكهربائي عام 1870.
وبعد ذلك اختلفت المسميات واختلف من يقوم بهذا الدور الى عام 1948م حيث حصل جورو أول النمساوي على اول من يحمل مسمى مصمم الإضاءة بعد صراع مع منتج العمل الذي قد استهان بهذه المهنة وخسر ماله وهو من اطلق ذلك الاسم على جورو أول “مصمم الإضاءة جورو أول” منذ ان تأسس المسرح الى يومنا هذا والمسرح لم يستغني عن عنصر الاضاءة وحينما أتكلم عن الاضاءة أتكلم عن الضوء سواء كان طبيعيا او اصطناعيا فهو عنصر للانعكاس الضوء على الاجسام لتكمن الرؤية للمشهد المسرحي سوف اتحدث قليلا عن بحثي وفهمي ما فهمته أنه جميع تخصصات المسرح موجودة منذ ولادة المسرح ولكن تم إطلاق سراحهم في العصر الحديث،
فعلى سبيل المثال كان المسرح مجرد ممثل فقط ولكن هذا الممثل هو من يقوم بعمل كل الوظائف تأليفا وإخراجا وتمثيلا، وكذلك مصمما للإضاءة حينما يختار الوقت المناسب لأشعة الشمس بحيث تكون ساطعه او خفيفه ، فهو من يقوم بدراسة للنص والفكره واختيار الزمان والمكان وخلق الجو الدرامي من خلال اشعة الشمس وهذا يدل على ان جميع التخصصات موجودة في اصل المسرح ولكن ما ظهر عليه في العصر الحديث هو إطلاق لسراح التخصصات وتسميتهم بمهامهم، أي أن توسع دائرة العمل المسرحي، وتطور أدواته، جعل من توزيع المهام والاختصاصات أمرا جوهريا لتطور العملية المسرحية. فجعل المسرح على هيئته القديمة، أي الاقتصار على الممثل، هو سبب لتراجع المسرح لا تقدمه، وهذا ما يحدث لدينا في الوطن العربي..
فالمشكلة أن المسرح هو الممثل والممثل لا يعمل إلا بالمخرج والمخرج يعتقد أن لا أحدا سواه يقدر على فهم تلك العناصر المكونة للعمل المسرحي، وبالتالي تغيب الثقة في هذه العناصر ويقوم بالعمل في كل مجالات المسرح وهذا يفقده التركيز في العمل بشكل كبير ويسقط العمل ويحرمنا الاتقان ونذهب لحلول اخرى من خلال المسرح التجريبي ولربما ننجح ولكن ذلك النجاح لا يكون كاملا دون توزيع المهام… لابد ان نذهب الى اصل المشكله وهي التخصصية من وجهة نظري إن المخرج الناجح هو من لدية طاقم مسرحي كامل ومميز ، يقودهم الى النجاح وايصال ما يريده اليهم فحينما لا يستطيع ايصال الفكرة الى طاقم عمله، فالأولى أنه لا يستطيع ايصالها الى الجمهور بشكل واضح.. فالمسرح عمل جماعي لا فردي هنا اقول ان لا وجود للمسرح دون تكامل جميع عناصر المسرح. مرتجى الحميدي – سينوغراف سعودي