نصوص

المسرح نيوز ينشر مسرحية الأطفال “حكاية الأشقياء الثلاثة”.. للكاتب السوري الكبير أحمد اسماعيل اسماعيل


المسرح نيوز ـ القاهرة|أحمد إسماعيل إسماعيل*

كاتب سوري مقيم بألمانيا*

حكاية الأشقياء الثلاثة

 مسرحية للأطفال


 

(يظهر الراوي، يجلس إلى جهاز الكمبيوتر، ينقر على بعض المفاتيح، ثم ينهض )

 

الراوي: مرحباً يا أصدقاء، كيف الحال؟ أنا الراوي عمو فواز، سأروي لكم اليوم حكايةمسلية ومفيدة، إنها حكاية الساحرة العجوز و الثعلب الماكر، كان يا ما كان..

(يسمع أصواتاً قادمة من الداخل ) غريب! ما هذه الأصوات؟!

حسنٌ، كان يا ما كان في سالف العصر والأوان، ساحرة عجوز وثعلب..

( تتكرر الأصوات، يصمت وهو يتلفت حوله باستغراب)

الأصوات: – الساحرة العجوز!

– أين الساحرة؟

– أين أنت أيتها الساحرة؟

الراوي:       ( لنفسه ) الساحرة؟!

(تدخل مجموعة من الحيوانات، تدور في المكان باحثة عن الساحرة)

الدب:   أين هي؟

الثعلب: إلى أين ذهبت؟

الذئب: هيا اخرجي يا سيدتي.

الدب : أين هي ؟

الثعلب:        لقد كانت هنا.

الذئب : أين هي إذاً؟

الراوي:       غريب! غريب وعجيب!!

الثعلب:        أين الساحرة يا سيدي؟

الذئب : هل هي هنا؟

الدب : هل غادرت المكان؟

الثعلب:        تكلم يا سيدي.

الذئب : قل شيئاً يا سيدي.

الدب : لماذا أنت صامت هكذا؟!

الراوي:       سأتكلم، سأتكلم، ولكن ..

الدب : ولكن ماذا؟

الذئب : قل يا سيدي.

الراوي:       أي نوع من الحيوانات أنتم؟

الثعلب:        حيوانات ؟!

الراوي:       نعم، هذه أول مرة في حياتي أرى فيها حيوانات تتكلم مثل البشر! من أنتم يا..

الحيوانات الثلاثة: نحن بشر.

الراوي:       بشر؟!

الحيوانات الثلاثة: نعم يا سيدي.

الراوي:       غريب، غريب وعجيب!!

الثعلب:        لا تستغرب يا سيدي، فأنا إنسان، أقصد كنت إنساناً، واسمي حمْدين.

الراوي:       حمْدين ؟!

الثعلب:        نعم.

الدب : وأنا، وأنا اسمي إبراهيم .

الذئب : وأنا اسمي حسن.

الراوي:       حمْدين ؟  إبراهيم ؟  حسن؟  إنها أسماء بشر!

الحيوانات الثلاثة: نحن بشر يا سيدي.

الراوي:       شيء لا يصدق!

الحيوانات الثلاثة: إنها الحقيقة يا سيدي.

الراوي:       كيف حدث هذا ؟

الحيوانات الثلاثة: (باضطراب) كيف؟

الراوي:       نعم، كيف تحولتم إلى حيوانات؟

الثعلب:        الساحرة هي السبب.

الدب : نعم، الساحرة هي التي حوَّلتنا إلى حيوانات.

الراوي:       الساحرة؟!

الذئب : نعم، الساحرة العجوز.

الراوي:       لماذا ؟

( تتبادل الحيوانات نظرات الحيرة)

الثعلب:        لماذا؟

الدب : ربما..

الذئب : قد يكون..

الراوي:       ألا تعرفون؟

الحيوانات الثلاثة: لا.

الراوي: حسنٌ.

(يروح ويجيء وهو يفكر ويحدث نفسه)

متى يتحول الإنسان إلى دب؟ أو إلى ثعلب ؟ أو إلى ذئب ؟ ولماذا؟

(تتابع الحيوانات حركات الراوي باستغراب، ينظر الراوي إلى الكمبيوتر بسرور.)

وجدته.

الحيوانات الثلاثة: ماذا وجدت؟

الراوي:       الحل.

الحيوانات الثلاثة: أي حل ؟

الراوي:       حل مشكلتكم، وهذا الجهاز هو الذي سيساعدنا على إيجاد الحل المناسب.

الحيوانات الثلاثة: هذا الجهاز؟!

الراوي:       نعم.

الحيوانات الثلاثة: غريب!!

الذئب : لكن كيف يا سيدي؟

الثعلب:        (بهمس) هل هو ساحر؟

الدب : أم جان؟

الذئب : أم عفريت؟

الراوي:       (يضحك) إنه الكمبيوتر.

الحيوانات الثلاثة: الكمبيوووتر.

الراوي:       نعم، ولكي يقدم لنا المساعدة، لابد أن يروي كل واحد منكم حكايته، وبصراحة تامة.

الحيوانات الثلاثة: بصراحة؟!

الراوي:       نعم.

الحيوانات الثلاثة: حاضر.

الراوي:       من منكم سيبدأ أولاً؟

(تتبادل الحيوانات نظرات الحيرة) حسنٌ ، لنبدأ بالدب.

الدب : أنا لست دباً ، أنا إبراهيم.

الراوي:       حسنٌ، ابدأ يا إبراهيم .

الدب : حاضر، سيدي الجهاز العجيب..

(يضحك الراوي) لماذا تضحك؟

الراوي:       سيدك الجهاز؟ إنه جهاز وليس إنساناً.

الدب : لكن ..

الراوي:       أكمل يا إبراهيم.

الدب : أصدقائي الحلوين، كنت فتى يكره العمل كثيراً، ويحب النوم والطعام واللهو كثيراً.

الراوي:       نعم.

الدب : وكنت لا أعبأ بنصائح والدي، أو بتعبه وشقائه من أجلي، ولا بسخرية الآخرين مني، وكنت ..

(يتخيل)

======================

 

 

 


اللوحــــة الأولى

 

– 1 –

 

( إبراهيم نائم في الفراش، يتقلب في فراشه متحاشياً سماع الطرق المتكرر على الباب)

صوت1:       إبراهيم.

صوت2:       استيقظ يا إبراهيم.

صوت1 : إبراهيم.

صوت2:       لقد أشرقت الشمس يا برو.

صوت1:       إبراهيم.

صوت2:       لن أنتظرك لحظة واحدة.

صوت1:       إبراهيموو

(يسود الصمت، تمر لحظات من الهدوء، يسمع صياح الديك، ونباح الكلب، يتكرر الصياح والنباح، ينتفض إبراهيم بانزعاج، يحمل عصا ويتجه نحو الباب، يدخل الأب)

الأب:    ماذا ستفعل؟

إبراهيم:       (بخوف) لا شيء يا أبي.

الأب:    لماذا تحمل العصا إذاً.

إبراهيم:       لأضرب..

الأب:    تضرب من؟

إبراهيم:       الديك الصياح.

الأب:    لماذا تريد ضرب الديك يا إبراهيم؟

إبراهيم:       لأنه لا يكف عن الصياح المزعج، وسأضرب الكلب أيضاً.

الأب:    لماذا؟

إبراهيم:       لأنه ينبح كثيراً.

الأب:    كف عن هذا الكلام، وهيا إلى المطحنة بسرعة.

إبراهيم:       المطحنة؟!

الأب:    نعم.

إبراهيم:       لماذا؟!

الأب:    طبعاً للعمل، يجب أن ننجز عملنا قبل أن ينتصف النهار.

إبراهيم:       أف.

الأب:    لماذا تتأفف؟

إبراهيم:       من هذه الكلمة التي مللت سماعها ليل نهار.

الأب:    من لا يعمل لا يأكل يا إبراهيم .

إبراهيم:       وهل الأكل راحة ولهو؟

الأب:    ما هو إذن يا سيد إبراهيم؟!

إبراهيم:       أنه عمل يا أبي، وأنا أمارس هذا العمل وأعمالاً أخرى عديدة.

الأب:    وما هي الأعمال العديدة التي تمارسها يا إبراهيم أفندي؟!

إبراهيم:       اوهو.. أولاً أنهض من النوم، وأغادر الفراش، وهو عمل شاق كما تعرف.

الأب:    وهل تسوي الفراش بعد مغادرته؟

إبراهيم:       لا، وثانياً..

الأب:    قل يا سيد إبراهيم .

إبراهيم:       وثانياً.. أذهب إلى المغسلة، فأغسل يدي ووجهي.

الأب:    وثالثاً؟

إبراهيم:       أتناول طعام الإفطار.

الأب:    ورابعاً ؟

إبراهيم:       أتناول طعام الغداء.

الأب:    وخامساً ، وسادساً..

إبراهيم:       أتناول طعام العشاء، ثم أعود إلى النوم، وكل هذه الأعمال أمارسها بالمجان، يعني بلا أجر.

الأب:    وهل تريد أجراً لقاء أعمالك؟

إبراهيم:       نعم.

الأب:    حسنٌ.

إبراهيم:       أريدها الآن.

الأب:    حاضر.

(يتجه الأب نحو الباب، يلتقط العصا، يعود إلى إبراهيم ويهم بضربه)

إبراهيم:       ماذا تفعل يا أبي؟!

الأب:    هذه أجرة النوم، وهذه أجرة الإفطار ، وهذه أجرة العشاء، وهذه..

(يضربه، يهرب إبراهيم، يدوران في أرجاء المكان، يتعثر إبراهيم ، يتصنع الألم).

الأب:    (بخوف) ماذا أصابك يا ولدي؟

إبراهيم:       آخ..

الأب:    هل استدعي الطبيب؟

إبراهيم:       آخ..

الأب:    هل تريد شيئاً ؟

إبراهيم:       نعم.

الأب:    ماذا تريد يا بني؟

إبراهيم:       أريد طعاماً.

الأب:    حاضر يا بني.

إبراهيم:       ليكن طعاماً لذيذاً.

الأب:    حاضر يا بني.

إبراهيم:       ودسماً.

الأب:    حاضر يا بني.

إبراهيم:       لا تنس الحلويات أيضاً.

الأب:    حاضر.

إبراهيم:       والفاكهة أيضاً

الأب:    ولكن النقود يا بني لا تكفي لشراء..

إبراهيم:       آخ..

الأب:    حاضر، حاضر.

إبراهيم:       لتكن الفاكهة ناضجة.

الأب:    حاضر، لا تغادر الفراش ريثما أعود من المطحنة.

(يخرج الأب، ينهض إبراهيم فرحاً، يضغط على زر المسجل ويبدأ بالرقص).

 

 

 

– 2 –

 

(يظهر والد إبراهيم وهو يحمل كيس قمح، يسير تحته بإعياء، يدخل قرويان، ينظران إليه باستغراب).

قروي1:       مسكين.

قروي2:       إنه عجوز.

قروي1:       من هو يا ترى؟

قروي2:       لابد أنه المعيل الوحيد لعائلة كثيرة العدد.

قروي1:       يجوز.

قروي2:       وأولاده صغار السن.

قروي1:       من هو يا ترى؟

(يحاول رؤية وجه العجوز)

قروي2:       وقد يكون أباً لولد مجدٍّ يقضي معظم أوقاته بالدراسة والنشاط.

(يتعثر والد إبراهيم، يسقط على الأرض، يهرع القرويان نحوه).

قروي1:       إنه والد إبراهيم.

قروي2:       إبراهيم؟

قروي1:       الفتى الكسول الذي يقضي معظم أوقاته في النوم وتناول الطعام.

قروي2:       غير معقول!!

قروي1:       بل معقول، هيا بنا ننقل العجوز إلى بيته يا صاحبي.

قروي2:       هيا.

(يساعدان العجوز على النهوض، يخرجون).

 

– 3 –

 

( إبراهيم يروح ويجيء في الغرفة وهو في حالة قلق)

إبراهيم:       (لنفسه) ما هذا البلاء؟ ماذا أفعل ؟ منذ أن انكسرت قدم والدي، وأنا لا أتناول غير الطعام البسيط والقليل، ولا أنام إلا ست عشرة ساعة في اليوم، ست عشرة ساعة فقط، ما هذه المصيبة يا رب؟

( يسمع طرقاً على الباب، يتكرر الطرق) ادخل.

(يدخل شاهين صديق إبراهيم ) أهلاً بصديقي شاهين.

شاهين:        أما زلت جالساً؟

إبراهيم:       ماذا سأفعل واقفاً؟

شاهين :       يجب أن تذهب إلى المطحنة.

إبراهيم:       يا ستار.

شاهين:        ماذا حدث؟!

إبراهيم:       هل قلت: المطحنة؟

شاهين:        نعم، يجب أن تنجز عمل والدك، وإلا لن تجد ما تأكله.

إبراهيم:       (بخوف) ماذا؟

شاهين:        لا تخف، سأساعدك يا صديقي.

إبراهيم:       هل أنت جاد فيما تقوله يا شاهين؟

شاهين:        نعم، فالصديق وقت ضيق.

إبراهيم:       أحسنت يا صديقي الضيق، أقصد الطيب.

شاهين:        هيا بنا إذاً.

إبراهيم:       إلى أين؟

شاهين:        إلى المطحنة.

إبراهيم:       ألم تقل بأنك ستساعدني؟

شاهين:        بلى.

إبراهيم:       وإنك صديق وقت ضيق؟

شاهين:        بلى.

إبراهيم:       عظيم، اذهب وأنجز عملي إذاً.

شاهين:        وماذا ستفعل أنت ؟

إبراهيم:       سأنام.

شاهين:        تنام ؟!

إبراهيم:       لا، لا ، بل سأتناول الطعام.

شاهين:        تتناول الطعام؟!

إبراهيم:       أوه.

شاهين:        ماذا ستفعل يا إبراهيم؟ هيا إلى المطحنة.

إبراهيم:       إلى المطحنة؟!

شاهين:        نعم.

إبراهيم:       شي حلو، قال صديق قال!! ألم تقل لي بأنك ستساعدني؟

شاهين:        بلى.

إبراهيم:       وإنك صديق وقت الضيق؟

شاهين:        بلى.

إبراهيم:       إذن اذهب إلى المطحنة، وأنجز عملي، واقبض الأجرة ، وعدْ بها إليَّ، أو اشتر لي بها طعاماً وفاكهة وحلويات.

شاهين:        لكن..

إبراهيم:       هيا يا صديقي المخلص.

شاهين:        حسنٌ .

إبراهيم:       إنك خير صديق يا صاحبي، رافقتك السلامة، لا تنس الطعام الدسم يا شاهين.

شاهين:        (بامتعاض) حاضر.

إبراهيم:       والفاكهة.

شاهين:        حاضر.

إبراهيم:       والحلويات.

شاهين:        أف.

إبراهيم: مع السلامة يا أعز الأصدقاء.

(يخرج شاهين بانزعاج، يقفز إبراهيم فرحاً، يضغط على زر المسجل، فتنطلق أغنية صاخبة، تطل بعض الرؤوس من خلف الجدران).

رجل1: اخفض صوت المسجل يا جارنا العزيز.

رجل2: ولدنا يدرس يا جارنا العزيز.

رجل3: زوجتي مريضة يا جارنا.

رجل1: إنك تعتدي علينا يا جارنا.

رجل2: كفى يا جارنا.

رجل3: هذا معيب يا جارنا.

رجل1: يا جارنا.

(يدخل الأب، ينادي إبراهيم ، يكمل إبراهيم الرقص بصخب، يصمت فجأة وهو يتحسس أسفل ظهره بخوف واستغراب)

إبراهيم:       ما هذا ؟ ما هذا الشيء؟! إنه ..

(يتحسس باقي أعضاء جسده) ما هذا ؟! لقد تحولت إلى ..  إلى دب ، دب.

 

(يتغير المنظر، يظهر الدب وهو يصيح بخوف )

الدب : لست دباً، لست دباً.

الراوي:       اهدأ أيها الدب .

الدب : لست دباً، لست دباً.

الراوي:       أقصد: اهدأ يا إبراهيم .

الدب : نعم، أنا إبراهيم ولست دباً.

الثعلب:        الساحرة هي التي حولته إلى دب.

الدب : أين الساحرة؟ أين أنت يا سيدتي الساحرة؟

الذئب : أعتقد أن العفاريت هي التي حولته إلى دب.

الدب : العفاريت؟!.

الراوي:       لا، ليست العفاريت.

الثعلب:        إذن الجان هي الفاعلة.

الراوي:       ليست الجان يا أصدقاء.

الدب:   من هو الفاعل إذاً؟

الراوي:       إنه..

الحيوانات الثلاثة: من ؟

(يجلس الراوي إلى جهاز الكمبيوتر، ينقر على مفاتيحه)

الراوي:       انتظر الإجابة يا إبراهيم .

الدب : انتظر ؟

الراوي:       سيرسل إلينا الأطفال الإجابات على موقعنا في شبكة الإنترنت، فاصبر قليلاً يا صديقي.

الذئب : وأنا ؟

الثعلب:        وأنا؟

الراوي:       والآن جاء دور الثعلب .

الثعلب:        الثعلب ؟!

الراوي:       المعذرة، أقصد حمْدين ، هيا ارو لنا حكايتك يا حمْدين ، كي يستطيع أصدقاؤنا الإجابة على السؤال الذي تبحث عن إجابة له، هيا يا صديقي.

الثعلب:        حاضر.

الراوي:       تفضل.

الثعلب:        كنت يا سيدي، ويا أعزائي الصغار حارساً لبلدة صغيرة، وكنت أحب ..

(يتخيل)

======================

 

 

اللوحة الثانية

 

-1-

 

(المكان، محرس خشبي صغير)

حمْدين:        اسمعوا هذه الحكاية أيضاً.

رجل1: يجب أن نذهب يا حمْدين.

رجل2: لقد رويت لنا حكايات كثيرة، وهذا يكفي.

حمْدين:        اسمعوا هذه فقط، إنها الحكاية الأخيرة.

المجموع:     تفضل.

حمْدين:        أثناء خدمتي في الجيش، كنت أقاتل في جبهة قريبة من الخطوط الأمامية للعدو.

المجموع:     (بملل) لا بد أنك صرعت خمسة من جنود العدو برصاصة واحدة.

حمْدين:        لا.

المجموع:     إذن أجبرت دبابة عدوة على التراجع بموس حلاقة.

حمْدين:        لا.

المجموع: ماذا فعلت إذاً؟

حمْدين:        شاهدت فجأة طائرة فوق موقعنا.

المجموع:     فأسقطتها بلكمة واحدة.

حمْدين:        لا.

المجموع:     بصرخة مدوية.

حمْدين:        لا، لا.

المجموع:     ماذا فعلت بها إذاً؟

حمْدين:        أطلقت النار عليها، فأصبت خزان الوقود.

المجموع:     وبعد؟

حمْدين:        بدأ الوقود ينهمر من الخزان كالمطر.

المجموع:     فسقطت الطائرة واحترقت، وانتهت الحكاية.

رجل1: والسلام عليكم.

(يهمون بالخروج)

حمْدين:        إلى أين؟

رجل2: إلى الدار.

حمْدين:        لم أكمل بقية الحكاية.

رجل3: ألم تنته حكايتك؟

حمْدين:        لا.

رجل 2:       حسنٌ، أكمل يا سيد حمْدين.

حمْدين:        وفجأة رأيت علامة الأصدقاء على جسم الطائرة.

المجموع:     ماذا فعلت؟

حمْدين:        أسرعت بوضع قطعة نقدية على فوهة بندقيتي، وصوبت الفوهة نحو مكان الفتحة.

المجموع:     وبعد؟

حمْدين: ضغطت على الزناد، فطارت القطعة النقدية نحو الفتحة وسدتها تماماً.

رجل2: ألم تسقط الطائرة؟

حمْدين:        لا، بل أكملت تحليقها بسلام.

رجل1: كلام غريب؟!

رجل2: أحسنت أيها الحارس البطل.

رجل3: بطل؟!

حمْدين:        نعم، كنت بطلاً في الحرب، ولقد منحني..

رجل1: لقد تأخرنا يا أصدقاء.

رجل2: هيا إلى الديار.

رجل3: احذر اللصوص يا حارس بلدتنا.

حمْدين:        اطمئنوا، فأنا بطل كما تعرفون، والبطل لا يهاب ولا..

(يتهامس الرجال وهم يخرجون)

رجل1: إنه يكذب كثيراً.

رجل2: هذا صحيح، غير أنه مُسلٍّ.

رجل3: كم أخشى من عاقبة هذا الكذب.

رجل2: لا تخش شيئاً يا صاحبي. إنها كذبة من النوع الأبيض، يعني: كذب لا يضر ولا ينفع.

(يخرجون، يروح ويجيء، يلتفت حوله بحذر وخوف).

حمْدين:        الظلمة كثيفة، ومخيفة، الحراسة عمل خطير، إي والله خطير، ماذا أفعل الآن؟ وجدتها، إنه حل معقول ومُسَلٍّ أيضاً.

(يطلق عدة صافرات،  يدخل بعض سكان البلدة وهم في حالة خوف).

رجل1: ماذا حدث يا حمْدين؟

رجل2: أين اللصوص؟

رجل3:  هل قبضت عليهم؟

حمْدين:        لا، لكن..

رجل1: أين هم إذاً؟

حمْدين:        لقد هربوا.

رجل2: هربوا؟!

حمْدين:        ما أن وقع بصرهم عليَّ حتى ولوَّا الأدبار.

رجل3: من أية جهة خرجوا؟

حمْدين:        من..

المجموع:     من أين؟

حمْدين: من هذه الناحية؟

(يركض الجميع نحو الجهة التي أشار إليها)

لا يا جماعة، بل خرجوا من هذه الناحية.

(يركضون نحو الجهة الأخرى) بل من هذه الناحية، لا، لا..

بل من هنا، من هناك..

(يروحون ويجيئون إلى أن يسقط الجميع على الأرض، يضحك بسخرية)

رجل1: لماذا أيها الحارس؟

حمْدين:        كانت دعابة ظريفة، أليس كذلك؟

رجل1: دعابة؟

رجل2: ماذا قلت؟

رجل3: هل أنت جاد؟

حمْدين:        (يضحك) نعم يا أصحاب.

رجل1: لقد أخفتنا يا حمْدين.

حمْدين:        حقاً؟ (يضحك)

رجل2: وأخفت الأولاد أيضاً.

(يكرر حمْدين التساؤل والضحك)

رجل3:  هذا لا يجوز.

رجل1: لا يجوز قط.

حمْدين:        إنكم سريعو التصديق، مساكين.

(يضحك، يخرجون وهم يتمتمون بضيق)

رجل1: كاذب.

رجل2: لن أستجيب لصافراته مرة أخرى.

رجل3: لكن هذا لا يجوز.

رجل1: كاذب، قال كذب أبيض قال؟

حمْدين: (لنفسه) كم كانوا مضحكين! (يقلد حركاتهم) من هنا، لا يا أصحاب، بل من هنا.. (يضحك، يصمت فجأة) ما هذا الصوت؟! لقد سمعت صوتاً.. (ينادي بصوت مخنوق) من هنا؟ من هناك؟

(يخرج بحذر، يدخل لصان)

اللص1:       هل رآك ؟

اللص2: لا.

اللص1:       كن حذراً

اللص2: اطمئن.

اللص1:       لا يجب على اللص أن يطمئن يا صاحبي.

اللص2:       إنه حارس غريب.

اللص1:       بل قل: إنه حارس كاذب.

اللص2:       هذا صحيح.

اللص1:       ليته يكرر ما فعله اليوم مرة ثانية وثالثة.

اللص2:       ماذا سنستفيد من ذلك؟

اللص1:       الكثير يا صاحبي.

اللص2:       الكثير؟!

اللص1:       نعم، إذا كذب الحارس نشط السارق يا صاحبي الحرامي.

اللص2:       واغتنى.

اللص1:       لكن يجب أن يكرر ما فعله اليوم.

اللص2: مرة ثانية وثالثة، أليس كذلك؟

اللص1:       نعم.

اللص2:       كيف؟

اللص1:       (يفكر) وجدتها.

اللص2: ماذا وجدت؟

اللص1:       اتبعني يا صاحبي.

(يخرجان من الناحية التي خرج منها الحارس).

-2-

 

(يدخل حمْدين، يتبعه اللصان)

حمْدين:        أنا؟!

اللص2:       نعم يا سيدي.

اللص1:       إنك أفضل حارس يا سيدي.

اللص2:       وأعظم حارس.

اللص1:       أنت عبقري.

اللص2:       ومدهش.

حمْدين:        (بسرور) حقاً؟

اللص1:       نعم يا سيدي.

اللص2:       إن ما قمت به يستحق براءة اختراع.

اللص1:       بل يستحق جائزة نوبل.

حمْدين:        أيها السيدان اللطيفان الذكيان.. شكراً.

اللص1:       آه يا سيدي.

اللص2:       آه وألف آه.

حمْدين:        لماذا الآه أيها السيدان؟

اللص1:       أتمنى أن يحذو جميع الحراس حذوك.

اللص2:       ويكذبوا مثلك.

اللص1:       يقصد: ويمزحوا مثلك يا سيدي.

اللص2:       أحسنت صنعاً أيها الحارس.

اللص1:       أحسنت أيها الحارس.

اللص2:       أحسنت.

(يخرجان، يشعر حمْدين بالسرور).

حمْدين:        نعم أيها السيدان، أنا عبقري ومدهش، هذا صحيح، صحيح تماماً.

(يلتف حوله باستغراب) غريب! إلى أين ذهبا؟!

 

– 3 –

(المكان: سوق عام، باعة ومارة، يدخل شاب إلى محل عمله).

صاحب المحل: أين كنت؟

الشاب1:      في البيت.

صاحب المحل: لماذا تأخرت عن العمل؟

الشاب1:      الحارس هو السبب.

صاحب المحل: الحارس؟!

الشاب1:      نعم، أطلق صافرة إنذار ليلة أمس و..

صاحب المحل: كفى، كفى، أسرع إلى عملك.

الشاب1:      حاضر.

صاحب المحل: قال الحارس قال؟ حارس كذاب.

(يدخل شاب آخر إلى المخبز)

الفران: لماذا تأخرت أيها النؤوم؟

الشاب2:      لست نؤوماً يا معلمي.

الفران: لماذا تأخرت إذاً؟

الشاب2:      لم أنم ليلة البارحة يا معلمي.

الفران: لماذا؟

الشاب2:      الحارس هو السبب.

الفران: الحارس؟

الشاب2: نعم، أطلق صافرة إنذار، فنهضت من فراشي و..

الفران: كفى، إنه حارس كذاب يا بني.

الشاب2:      نعم.

الفران:       انتبه إلى الخبز، إنه في بيت النار.

الشاب2:      حاضر.

الفران: قال الحارس قال؟ شي حلو.

 

– 4 –

(يطلق الحارس عدة صافرات، يدخل رجلان وهما يلهثان).

رجل1: أين هم؟

رجل2: أين اللصوص؟

حمْدين:        لقد خرجوا من تلك الناحية، بل من تلك الناحية، من هنا، بل من هناك، من هذا الاتجاه.. بل من ذاك..

(يسقط الرجلان على الأرض من شدة التعب، يقهقه حمْدين بسخرية).

رجل1: لماذا تضحك؟

رجل2: هل كنت تكذب؟

حمْدين:        بل قل: كنت أمزح.

الرجلان:      تمزح؟!

حمْدين:        نعم.

رجل1: حسنٌ، لن استجيب لندائك مرة أخرى مهما حدث.

حمْدين:        لكن..

رجل2: وأنا أيضاً، لن استجيب لصافراتك يا حمْدين الكذاب.

حمْدين:        أنا كذاب؟!

الرجلان:      نعم.

(يخرج الرجلان ، يضحك بسخرية، يدخل اللصان)

اللص1:       أحسنت أيها الحارس.

حمْدين:        من ؟

اللص2:       إنك عبقري حقيقي يا سيدي.

حمْدين:        من أنتما؟

اللص1:       نحن..

اللص2:       نحن صديقان.

حمْدين:        صديقان؟

اللص1:       بل أصدقاء يا صديقنا الحارس.

اللص2:       هذا صحيح.

اللص1:       أحسنت يا صديقنا حمْدين.

اللص2:       اكذب يا حمْدين.

اللص1:       اكذب وستنال كل ما تحب وترغب.

اللص2:       اكذب يا حمْدين.

اللص1:       اكذب وتمنَّ أي شيء يا خير الأصدقاء.

حمْدين:        أحب؟ أرغب..

اللصان:       نعم يا حمْدين.

          (يتراجع أمام تقدمهما نحوه، يخرجون)

-5-

(المكان: داخل البلدة، مجموعة من الرجال).

رجل1: إنه حارس كاذب.

رجل2: إنه يسخر منا.

رجل3: لن نستجيب لنداءاته أبداً.

رجل1: ولكن أخشى أن يصدق في المرة الثالثة.

رجل2: لن أستجيب لنداءاته حتى لو صدق.

رجل3: ما الحل إذاً؟.

رجل1: الحل هو أن لا يكذب.

رجل2: هذا صحيح.

رجل3: وإذا كذب؟

رجل1: سندعه يطلق الصافرات حتى ينفجر.

الرجلان2،3: ينفجر؟!

(يضحكون وهم يخرجون).

 

– 6 –

(يدخل حمْدين، يتلفت حوله بحذر، يطلق عدة صافرات لا يظهر أحد من سكان البلدة، يومئ للّصين المتواريين أن ادخلا، يدخل اللصان بحذر، يتجهان نحو البيوت، تسمع استغاثات الناس، يفرك حمْدين كفيه بسرور، يظهر اللصان وهما يحملان المسروقات، يعترض حمْدين طريقهما).

حمْدين: إلى أين؟

اللصان:       إلى..

حمْدين:        أين نصيبي؟

اللصان:       نصيبك؟!

حمْدين:        حصتي من المسروقات.

اللص1:       تريد حصتك إذاً؟

حمْدين:        نعم.

اللص1:       حاضر.

(يضربانه، يخرجان وهما يضحكان بسخرية، يتحسس جسده بألم، يلمس أسفل ظهره باستغراب)

ما هذا؟! ما هذا الشيء الذي ظهر في أسفل ظهري؟! إنه ذنب، ذنب حقيقي؟! (يتأمل نفسه باستغراب وخوف) ما هذا ؟! أنا .. أنا لست ثعلباً، لست ثعلباً. أنا حمْدين، من حوَّلني إلى ثعلب؟ من .. من؟

(يتغير المنظر، يظهر الثعلب وهو يقفز خائفاً)

الثعلب: لست ثعلباً، أنا حمْدين ولست ثعلباً.

الراوي:       اهدأ يا حمْدين.

الثعلب: من حوَّلني إلى ثعلب.

الذئب: طبعاً العفاريت.

الثعلب: العفاريت؟!

الراوي:       هذا ليس صحيحاً.

الثعلب: من الفاعل إذاً؟

الدب:   أعتقد أنها الجان.

الثعلب: الجان؟!

الدب:   لا، بل..

الثعلب: من؟

الدب:   لا أعرف تماماً.

الثعلب: من هو الفاعل إذاً ؟

الراوي:       إنه..

الثعلب: من يا سيدي؟

الحيوانات الثلاثة: قل يا سيدي.

الراوي:       حسنٌ

(يتجه الراوي إلى الكمبيوتر، ينقر على بعض المفاتيح)

         سترد الإجابة قريباً.

الثعلب: متى

الراوي:       لقد قرأ وسمع جميع الأصدقاء حكايتك، والآن نحن بانتظار إجاباتهم على موقعنا في شبكة الإنترنت ..

الثعلب: أنتر.. ماذا؟!

الراوي:       إنترنت يا صديقي

الذئب: وأنا يا سيدي، ألا تريد سماع حكايتي؟

الراوي:       بلى أيها الذئب.

الذئب: (بضيق) الذئب ؟!

الراوي:       المعذرة، أقصد يا حسن، هيا ارو لنا حكايتك، الأصدقاء الصغار بانتظار سماع حكايتك.

الذئب: حاضر، وأنا أيضاً بانتظار إجاباتهم.

الراوي:       إذن ابدأ يا حسن.

الذئب: كان يا ما كان.. أقصد كنت يا أصدقائي الحلوين فتى شاطراً، كما كان يصفني والدي، وكنت ..

(يتخيل).

======================

 

 

 

اللوحة الثالثة

 

– 1 –

(دكان خياطة، حسن يخيط ثوباً، يدخل صديقه سلمان، ينظر إلى حسن ثم يضحك بسخرية)

حسن:   لماذا تضحك هكذا؟

سلمان: (يضحك)..

حسن:   هل جننت؟

سلمان: لا..

حسن:   كفَّ عن الضحك إذاً، وقل لماذا تضحك؟

سلمان: حسنٌ.

(يصمت قليلاً، ثم يضحك فجأة)

حسن:   لابد أنك جننت، ما الذي يضحكك يا صديقي المجنون؟

سلمان: منظرك.

حسن:   منظري؟!

سلمان: نعم.

(يتأمل حسن جسمه، ثم ينظر في المرآة بإمعان)

حسن:   لم يطرأ أي شيء جديد على وجهي أو على أي عضو فيَّ.

سلمان: سيطرأ يا صاحبي، سيطرأ بعد عشرين سنة.

حسن:   بعد عشرين سنة؟

سلمان: ستفقد بصرك، وستهرم ويتقوس ظهرك، ولن تستطيع ممارسة عمل الخياطة أو أي عمل آخر، حينها ماذا ستفعل؟

حسن:   سا..

سلمان: ستضطر لمزاولة مهنة.. (يضحك بسخرية)

حسن:   أية مهنة يا سلمان الفهمان؟

سلمان: مهنة..

(يقلد سلمان حركات متسول أعمى)

من مال الله يا ناس، ارحموا من في الأرض. يرحمكم من في السماء، صدقة لحسن المسكين يا ناس.

حسن:   أنا أتسول؟!

سلمان: بعد عشرين سنة يا صاحبي.

حسن:   أما أنت فإنك ستتسول غداً، هل تعرف لماذا؟

سلمان: لماذا يا فهمان زمانك؟

حسن:   لأنك عاطل عن العمل.

سلمان: إني أعمل يا حسن أفندي، وعملي مربح وسهلٌ جداً.

حسن:   هل عدت إلى حلمك مرة أخرى؟

سلمان: حين ترى سلمان بك يركب سيارته الفارهة ..

حسن:   سيارة فارهة؟!

سلمان: وتراه في عمارته الشاهقة..

حسن:   عمارة شاهقة؟!

سلمان: ستغير رأيك تماماً.

حسن:   كيف؟ كيف ستحقق ذلك كله؟

سلمان: بالشطارة .

حسن:   بالشطارة؟

سلمان: نعم، فالشطارة خير تجارة.

حسن:   (يحلم) سيارة فارهة! عمارة شاهقة!!

سلمان: نعم يا صاحبي، سيارة وعمارة وأشياء أخرى كثيرة.

حسن:   كيف؟

سلمان: بـ..

(يهمس في أذن حسن وهما يخرجان، يدخل والد حسن، يجلس إلى آلة الخياطة)

 

 

-2-

 

(دكان الخياطة، يظهر حسن وسلمان وهما جالسان، يدخل أحدهم)

حسن:   أهلاً بالسيد سيامند، السروال جاهز يا سيدي.

رجل1: والنقود أيضاً جاهزة.

حسن:   تفضل السروال.

رجل1: تفضل النقود.

حسن:   مع السلامة يا سيد سيامند.

(يهم الرجل بالخروج  ينظر إلى السروال، يقف)

رجل1: هذا السروال ليس لي يا سيد حسن.

حسن:   ليس لك؟

رجل1: نعم، لأن لونه مختلف عن لون سروالي.

حسن:   اللون؟

رجل1: نعم، وكذلك نوع القماش.

حسن:   (بحيرة) لكن..

سلمان: إنك مخطئ يا سيدي.

رجل1: لماذا؟

سلمان: لأن الألوان غير ثابتة  ، وهي تختلف باختلاف الإضاءة.

حسن:   هذا صحيح.

سلمان: وبتبدل الوقت، فالألوان تختلف بين وقت وآخر.

حسن:   أي والله.

سلمان: فهي في الصباح غيرها في الظهيرة، وهي في الظهيرة غيرها في المساء.

رجل1: حسن، ونوع القماش، هل يختلف أيضاً باختلاف الوقت؟

سلمان: (بحيرة) لا، نعم..

رجل1: إن نوع هذا القماش سيئ، وقد كان نوع قماش سروالي جيداً.

سلمان: إنه..

رجل1:  إنه ماذا؟

سلمان: إنه يتغير بتغير الملمس.

رجل1: الملمس؟!

سلمان: وقوة البصر.

رجل1: قوة البصر .

حسن:   هذا صحيح، صحيح تماماً

سلمان: لا بد أن يكون بصرك ضعيفاً يا سيدي.

رجل1: بصري؟!

حسن:   وكفك خشنة.

رجل1: هكذا إذاً؟

سلمان وحسن: نعم.

رجل1: حسنٌ.

(يخرج غاضباً)

سلمان: بداية موفقة.

حسن:   أحسنت يا شاطر.

(يضحكان، يدخل رجل2)

سلمان: انتبه.

حسن:   أهلاً بالسيد شاكر، المعطف جاهز يا سيدي.

رجل2: والنقود جاهزة.

حسن:   تفضل المعطف.

رجل2: تفضل النقود.

حسن:   مع السلامة.

       (يهم رجل2 بالخروج، يقف فجأة وهو ينظر إلى المعطف )

رجل2: ما هذا يا سيد حسن؟

حسن:   إنه معطف.

رجل2: أعرف أنه معطف، لكنه ليس معطفي.

حسن:   إنه هو ..

رجل2: لا، إن معطفي جديد ، وهذا معطف قديم.

سلمان: إنك مخطئ يا سيدي.

رجل2: لست مخطئاً، لقد كان معطفي جديداً.

سلمان: كان هذا فيما مضى، ثم أصبح قديماً فجئت تريد إصلاحه، أليس كذلك؟

رجل2: ماذا؟!

سلمان: مسكين، لا بد أنك مصاب بداء فقدان الذاكرة؟

رجل2: أنا.

سلمان: أنصحك بمراجعة الطبيب المختص.

حسن:   أي والله.

سلمان: وبسرعة.

رجل2: حاضر.

سلمان: بسرعة يا سيدي.

رجل2: حاضر.

           (يخرج رجل2 مسرعاً، يضحكان بسخرية)

حسن:   أحسنت يا شاطر.

سلمان: أنت أيضاً كنت شاطراً.

حسن:   أنا؟!

سلمان: ويجب أن تستمر بممارسة هذه الشطارة، كي تحصل على السيارة الفارهة، والعمارة الشاهقة.

حسن:   (يحلم) سيارة، عمارة، ..، …

سلمان: هات السروال والمعطف بسرعة يا صاحبي.

حسن:   والنقود؟

سلمان: تفضل يا شاطر.

(يخرج سلمان، يدخل الأب)

الأب:    ماذا كان يفعل هنا هذا الفتى السيئ؟

حسن:   إنه سلمان يا أبي.

الأب:    أعرف أنه سلمان، لكن ماذا كان يحمل؟

حسن:   (بتردد) لا شيء يا أبي.

الأب:    لا شيء؟! كيف لا شيء؟ لقد رأيته حاملاً..

حسن:   (يقاطعه) انظر يا أبي

(يقدم له النقود)

الأب:    ما هذه النقود؟

حسن:   إنها ثمرة عملي في هذا اليوم.

الأب:    عمل يوم واحد فقط؟

حسن:   نعم.

الأب:    غريب، لكن كيف، كيف حدث هذا؟

حسن:   بالشطارة يا أبي.

الأب:    بالشطارة؟!

حسن:   نعم، الشطارة خير تجارة.

الأب:    أحسنت يا شاطر.

حسن:   والآن، إلى اللقاء يا أبي.

الأب:    إلى أين؟

(يخرج حسن، يتأمل الأب النقود باستغراب، يحدث نفسه)

لم أكن يوماً كسولاً، ورغم ذلك لم أكسب مثل هذا المبلغ بعمل عشرة أيام، ولد شاطر، شاطر فعلاً ، ولكن آه لو يبتعد عن رفيق السوء سلمان، سيصبح حينها رجلاً شاطراً، وصالحاً مئة بالمائة.

 

-3-

        (المكان بيت سلمان، حسن وسلمان)

سلمان: اطمئن يا صاحبي، ستحقق حلمك كله.

حسن:   متى؟

سلمان: وستصبح حسن بك.

حسن:   ولكن متى؟

سلمان: اصبر يا حسن بك.

حسن:   لم أعد أطيق الصبر يا صاحبي، أريد أن أحقق أحلامي كلها بسرعة، بسرعة يا صاحبي.

سلمان: إذن عليك أن تكون شاطراً جداً.

حسن:   حاضر، ولكن كيف؟

سلمان: كيف يا سلمان؟ كيف يا سلمان الفهمان؟

حسن:   قل يا صاحبي.

سلمان: عظيم، اسمع يا حسن بك

( يهمس في أذن حسن)

حسن:   إنها سرقة..

سلمان: هس.

(يكرر سلمان الهمس في أذن حسن)

حسن:   ولكن.. إنها.. حاضر.

سلمان: أحسنت يا شاطر.

 

-4-

(المكان: دكان الخياطة، يظهر الأب وهو يعمل، يدخل رجل1 يرتدي سروالاً قصيراً )

رجل1: انظر يا أبا حسن.

أبو حسن:ما هذا؟

رجل1: إنه من صنع ولدك حسن.

أبو حسن:لكن حسن فتى شاطر.

رجل1: بل غشاش.

أبو حسن:لا بد أن خطأ ما قد حدث، هات السروال لأصلحه، وعُدْ غداً يا سيدي.

رجل1: حسنٌ.

خلع السروال ويخرج، يدخل رجل2 وهو يرتدي معطفاً بلا أكمام)

رجل2: انظر إلى ما فعل ولدك يا أبا حسن.

أبو حسن: ما هذا؟

رجل2: اسأل ولدك الغشاش.

(يدخل أكثر من رجل، يرمون بعض الأثواب في وجهه)

أبو حسن:إنه فتى شاطر، ولكنه..

(يخرج الجميع، أبو حسن يحدث نفسه)

أبو حسن:غريب! أكاد أن لا أصدق، لا يمكن أن يكون حسن هو الفاعل، إنه فتى شاطر، شاطر جداً، سأدع له هذه الثياب ليصلحها، عندما يراها سيفهم كل شيء.

(يخرج الأب، يدخل حسن، ينظر إلى الثياب باستغراب)

حسن:   غريب! ولماذا الاستغراب يا حسن؟ إنها غنيمة، فرصة ذهبية، سأبيعها وأضع ثمنها في جيبي.

(يحمل الأثواب ويخرج إلى الشارع، ينادي)

معطف ممتاز للبيع، من يشتري سترة ممتازة؟ لدينا سروال جميل للبيع..

(يحيط به بعض المارة، تجري عملية البيع بسرعة)

تفضل يا سيدي، مبارك يا سيدي، تفضل..

(يخرج الجميع، يدخل رجل)

الرجل: أريد قبعة يا سيدي.

حسن:   قبعة؟

(يرى رجلاً يعتمر قبعة، يهرع نحوه، ينزع قبعته، يقدمها للرجل)

الرجل: ماذا فعلت؟

حسن:   هات النقود يا سيدي، إنها بخمسين ليرة.

الرجل: ولكنها..

حسن:   هات.

الرجل: تفضل.

         (يخرج الرجل وهو يعتمر القبعة)

حسن:   (لنفسه) ماذا بقيَّ للبيع يا حسن؟ يجب أن أحصل على الكثير من النقود، الكثير الكثير.

(يدخل رجل آخر)

الرجل: هل لديك قماشاً ملوناً يا سيدي.

حسن:   لا.

(يهم الرجل بالخروج، ينظر حسن نحو الراية التي ترفرف فوق سارية)

انتظر يا سيدي، القماش الملون موجود.

الرجل: عظيم.

حسن:   إنه قماش ممتاز.

الرجل:  أرني إياه.

حسن:  إنه هناك.

(يشير نحو الراية)

الرجل: إنها الراية يا سيد.

حسن:   أعرف ذلك، ولكنها قماش ملون.

الرجل: هذا صحيح، لكن ..

حسن:   لقد خطه بيدي هاتين.

الرجل: لكن هذا لا يجوز.

حسن:   انتظر لحظة واحدة وسترى أنه يجوز.

(يهم بإنزال الراية، يجمد في مكانه فجأة، يتحسس أسفل ظهره باستغراب وخوف)

ما هذا؟ ما هذا الشيء الذي ظهر لي؟! إنه ذيل.

   (يتحسس جسمه كله)

ما هذا ؟ أنا لست حيواناً، أنا حسن ولست ذئباً، لست ذئباً..

(يتغير المنظر، يظهر الذئب والآخرون، يقفز الذئب في مكانه وهو يصيح)

الذئب: لست ذئباً، لست ذئباً..

الراوي:       اهدأ يا حسن.

الذئب: أنا حسن ولست ذئباً.

الراوي:       اهدأ.

الذئب: من فعل بي هذا؟

الثعلب: إنها الساحرة يا صديقي.

الذئب: أين الساحرة؟

الراوي:       ليست الساحرة يا أصدقاء.

الدب:   قد تكون..

الذئب: من؟

الثعلب: الجان.

الراوي:       لا.

الذئب: إذن العفاريت هي التي حولتني إلى ذئب.

الراوي:       لا.

الدب:   من هو الفاعل يا سيدي؟

الراوي:       ألم يكتشف أحد منكم سبب ما حدث له؟

(تتبادل الحيوانات نظرات الاستفهام)

الذئب: لا.

الثعلب: لا.

الدب:   أعتقد أن السبب هو..

الراوي:       من يا إبراهيم؟

الدب:   لِمَ لا تسأل هذا الجهاز يا سيدي؟ أقصد؛ اسأل أصدقاءنا الأطفال.

الثعلب: نعم، ألم تقل إن هذا الجهاز سيساعدنا على معرفة ما حدث لنا؟

الذئب: اسأله يا سيدي.

الدب:   بل اسأل أصدقاءنا الأطفال؟

الراوي:       حاضر.

    (ينقر الراوي على مفاتيح جهاز الكمبيوتر)

انظروا يا أصدقاء، غالبية الأطفال يؤكدون على أن الفاعل هو..

الثعلب: الساحرة.

الراوي:       لا.

الثعلب: إذن العفاريت.

الراوي:       لا.

الذئب: إنها الجان إذاً.

الراوي:       لا.

الثعلب: من هو إذاً؟

الراوي:       انظروا جيداً وستعرفون.

(تنظر الحيوانات  إلى الشاشة باندهاش)

الذئب: أنا ؟!

الثعلب: أنا الفاعل؟! غير معقول.

الدب:   بل معقول.

الثعلب والذئب: معقول؟!

الدب:    نعم.

الثعلب والذئب: كيف؟

الراوي:       الأطفال يعرفون كيف.

الذئب والثعلب: كيف؟

الراوي:       تفضلوا.

(يقتربون من الكمبيوتر، ينظرون إلى الشاشة باستغراب)

الذئب: الغش هو السبب؟!

الراوي:       والطمع، ورفاق السوء يا حسن.

الثعلب: الكذب هو السبب؟!

الراوي:       والخداع، والخيانة يا حمْدين.

الدب:   لقد عرفت إن الكسل هو السبب.

الراوي:       واستغلال الآخرين وإزعاجهم يا إبراهيم.

(تتبادل الحيوانات نظرات الحيرة والخجل)

الحيوانات الثلاثة: والحل يا سيدي؟

الثعلب: ما هو الحل يا سيدي؟

الذئب: كيف سنعود إلى ما كنا عليه يا سيدي؟

الدب:   قل يا سيدي.

الراوي:       ألا تعرفون؟

الحيوانات الثلاثة: لا.

الراوي:       حسنٌ، لنسأل أصدقاءنا الأطفال.

( ينقر على مفاتيح الكمبيوتر، يقرأ)

الأطفال:       يجب عليكم العمل بجد ونشاط.

الحيوانات الثلاثة: حاضر.

الراوي:       والابتعاد عن رفقاء السوء.

الحيوانات الثلاثة: حاضر.

الراوي:       والابتعاد عن الكذب، وإزعاج الآخرين، وممارسة الغش.

الحيوانات الثلاثة: حاضر، حاضر يا أصدقاء.

الراوي:       أحسنتم أيتها الحيوانات.

الحيوانات الثلاثة: الحيوانات؟!

الراوي:       المعذرة، بل الأصدقاء.

(يخلعون أزياء الحيوانات، يغنون ويرقصون بمرح)

 

= = = = = = = = = انتـهــــــاء = = = = = = = = =

 

 

 

 

 

_ قدمت هذه المسرحية في دمشق وبعض المحافظات السورية سنة 2006 من قبل فرقة عمو هشام _اخراج هشام النشواتي

-وقدمت في إمارة رأس الخيمة بدولة الإمارات العربية المتحدة-في مهرجان قرى الأطفال سنة 2007 اخراج آمنة راشد الزعابي بعنوان (حكاية في غابة المحبة)وقد عرضت يوم حزيران في قناة رأس الخيمة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock