مقالات ودراسات

الناقدة عزة القصابي تكتب: تطواف الشاعر “علي الهويريني” في فضاء الفكر العربي


المسرح نيوز ـ سلطنة عمان| عزة القصابي

ـ

 

“علي الهويريني”   شاعر  استوقفه   ” الهم العربي ” ،  حتى بات يترقب بصيص أمل لتوحيد   شمل العرب ورفع راياتهم البيضاء، حلم طويل الأمد طال انتظاره،  لذلك نراه  عيناه سرعان تدمع،  وتحترق  شوقا إلى أن يراه حقيقة.

 

رواد “الهويريني”  حلم وجود مسرح عربي يعبر عن  قضايا  الإنسان  العربي ، حيث الوجع والحلم بتحقيق مطالب  المجتمع حيث    الأمان والاستقرار المادي والمعنوي.

 

رغم أن المحاضر ة كانت بعنوان “رسالة المسرح”  إلا أن الهويريني لم يستطع ان ينسلخ من جنون الشعر وفنونه، فكان بيت القصيد حاضر، وكان وسيلته    للأبحار  في عوالم   المسرح القصية  .

 

وتزاحمت  الكلمات التي جمعت بين الشعر والمسرح عجلى في محاضرة الهويريني  التي نظمها ” مركز السلطان قابوس للثقافة ”   . وهذا ليس بجديد على المسرح، الذي   كان  ميلاده  مع  ربات  الشعر اليوناني، فكانت انطلاقته مع   شعراء منذ حوالي عام  400 ق.م باثنيا.لقد أضفى “الهويريني  ”  شرعية على العلاقة بين المسرح والشعر، إلا أنه  لم يستطع أن يفصل بين فنين بينهما انسجام وتعايش اعتاد  الناس عليهما.

 

وبذلك أخذت جلسة الهويريني طابعا جماليا جمعت  بين  الكلمة والفعل، وكانت هناك نزعة تحدي حاول الهويريني إيصالها للمتلقي، إذ حظيت جلسته  بحضور  لفيف من الجمهور  العماني  والعربي المثقف.

 

تحدث الهويريني  بقوة وعزم عن حلم  كان يراوده  ويقض مضجعه  لصياغة مسرح جاد ، يمكن أن   يفرد جناحيه نحو الحقيقة، بعيدا عن النفاق أو الرياء.لقد جاء المسرح على لسان الهويريني – استافلافسيكيا، حيث الأداء  التمثيلي الصادق، والذاكرة الانفعالية، فيما جاء الموضوع عربياليؤكد  أن  بحثه عن الحلم العربي ما زال حديث  الساعة .

 

“المسرح رسالة” عند الهويريني، ليس ترفا، أو تهريجا،  والمؤلف هو مسؤول عن كل كلمة يكتبها أمام خالقه، قبل أن يحاسبه الآخرون عليها، وهو  ناطق بلسان حاله، وحال مجتمعه، لذلك وجب عليه حمل الأمانة، وإلا فإنه ليس أهلا لأن يكون صاحب قلم!

 

ما أصعبها من لحظات تمر على الهويريني وهو يشاهد عرضا مسرحيا مسطحا يخاطب المتلقي بلغة الجسد، ينحط بأخلاقيات المجتمع دون أن يحاسبه أحد، ويستجدي  رغبات الجمهور الفطرية، دون وازع إنساني وأخلاقي نابع من المسؤولية الاجتماعية لدى الفرد نفسه.

 

“الجمهور أمانه” هكذا أومض  الهويريني  عند حديثه عن الذي  يجب أن تكون عليه رسالة الفن لدى  المبدعين سواء أكانوا فنانين أم مخرجين أم مؤلفين، ويجب انتقاء ما يرتقي بالذوق العام، ويتحدى تفكيريهم ويرتقي به، ويسمو بأفعالهم، بل أن “المبدع العربي”   قادر على تغيير نمط  الحياة للأفضل أو العكس!.

 

“رسالة عتاب” وجهها الهويريني عندما أشار إلى أن  المشتغلين بالفنون  قد ينقادوا لمقولة  “الجمهور عاوز كده” ، وهذا يتطلب منهم تقديمكل ما  يريده  الجمهور ؟..وإن  يساهموا في تأسيس مدرسة فنية ترضى شرائح المجتمع المختلف، وذلك عندما تتعرض لقضاياهم الحقيقة. لا أن يتوارى الفن الهادف بعيدا ، ونترك المجال للمرتزقة، لاستغلال  الناس، وتقديم موضوعات فنية  مبتذلة.

 

“رسالة عتاب” أخرى وجهها الهويريني للنقاد في الوطن العربي،  كونهم  متهمين أيضا بانحطاط الذائقة العربية، والتنصل عن المسؤولية، والترويج للأعمال الهابطة التي لا تسمن ولا تغني عن جوع، كون الناقد العين الثالثة بعد المؤلف والمخرج، هو صانع آخر للعمل الفني، لذا وجب عليه أداء عمله بصدق وإخلاص، بعيدا عن التملق والرياء ومجاملة الآخر.

 

ختاما، نقول لشاعر  علي الهويريني نزلت أهلا …ورحلت  سهلا …شكرا لتذكير بضرورة العودة إلى جادة  الصواب عند مخاطبة عقول الناس، وأن الفنون ليست للتسلية والتسويق، وتضخيم “الأنا العليا”  لدى الآخرحتى يتأملون واقعهم، ويبحثون عن موضوعات تهم حياتهم .

 

لقد هاجم  “الهويرني “الشيزفرينا العربية المتثاقفة “، وأمرنا بضرورة توحيد أحلامنا، مواقفنا، أخلاقيتنا، قيم مجتمعنا. وهو بذلك يقدم دعوة أ صيلة  تندد بالانفصامية بين ما نعيشه وما نحلم به، وما  يمكن أن ينتظره الآخرون منا، وهي  رسالة إعلامية أدبية مسرحية لصناع الفنون والدراما في الوطن العربي، ومؤشر  خطير لتدهور رسالة الفنون  والإعلام التي تقدم  للأجيال الحاضرة والقادمة، والتي تشعرنا بالأسى فعلا!

 

غادر  “الهويرني”  سلطنة عمان  بعد أن قدم جلستين؛ الأولى كانت قراءة في قصائده، والأخرى   التحم  خلالها الشعر والمسرح،   فكان شعره  لا يخلو من فكره الملحمي الثاقب .

 

وحملت  محاضرته المسرحية طابعا أدبيا وشعريا، لمسنا من خلالها   توحيد فكره للتعبير عن  “هموم وقضايا الوطن العربي” بعيدا عن التحيز، مع  الانفتاح على  الثقافة الإنسانية ومحاولة الارتقاء  بالذوق البشري، وعدم التنكر من القيم ومبادئ الدين وأصالة المجتمع الخليجي.

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock