مقالات ودراسات

الناقد الجزائري الكبير علاوة وهبي يكتب: عبد النبي الزيدي..ومسرح الهموم


المسرح نيوزـ القاهرة| علاوة وهبى*

ـ

ناقد جزائري*

( النص المسرحي الذي اكتبه هو رؤية كاتب عراقي وعربي ينطلق من همومنا اليومية التي نعيش تفاصيلها جميعا). هذه فقرة من حديث اجري مع علي عبد النبي الزيدي حول كتاباته المسرحية .وعبد النبي هو احد كتاب النص المسرحي في العراق الاكثر ارتباطا بهموم وطنه وشعبه واكثرهم التصاقا به واكثرهم احتجاجا علي ما اصبح عليه العراق بعد الحرب مع ايران ثم ما لحق به من تدمير علي يد الامريكان .
نلمس ذلك في العديد من نصوصه . وعبد النبي الذي هو هكذا في نصوصه المسرحية لم يكن له من مهرب من ذلك وهو المولود سنة ١٩٦٥ اي انه عند قيام بلده بالحرب مع ايران كان في عنفوان شبابه وكذلك عند قيام امريكا بالحرب علي بلده بالتحالف مع عديد الدول العربية والغربية. وهو الءي عاش طفولته تحت ظل الحكم المستبد لبلده من طرف حزب البعث .لقد كان شاهدا وهو طفل علي الماسي التي عاش الشعب من ظلم واهانة وهتك لحقوقه في ظل حكم ازلام حزب البعث وما الحقوه من اضرار بالشعب والبلاد عامة.
هو الذي اذن عاش كل ذلك لم يكن له من مفر منان يكون الكاتب الشاهد علي ذلك. هذه القضايا وغيره نلمسها في كل عمل لهذا الكاتب المتميز في الحركة المسرحية العراقية الراهنة.انها رؤية شاب عاش كل مراحل الخراب الذي حل ببلده وما زال يعاني من اثار ذلك. ان ما يتحدث عنه الزيدي في نصوصه قد لا يكون وقفا علي العراق وحسب ولكنه قد يشترك فيه ومعه عديد الدول العربية وخاصة بعد ذلك الذي سمي بالربيع العربي .
وكأني بالزيدي كان مستشرفا لما هو ات. وتلك لعمري رؤية فنية ابداعية حقا فالكاتب الحق ليس ملزما بتناول الواقع كما هو ولكن عليه استشراف مستقبله والتحذير مما قد ينجر علي ما يحدث فيه .انه التحذير الذي لا بد منه لتجنيب البلاد من الخراب. هي التوقعات وذاك هو دور المسرح ان الكاتب عبد النبي يقول في نصوصه ما لم يكن ممكنا قوله في عهد حكم حزب البعث ولا كان ممكنا قوله مع الجيل السابق من المسرحيين كتابا ومخرجين وممثلين ممن لم يحاولو تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها حزب البعث وقائمة الممنوعات التي لا يتحدث عنها. لكن جيل عبد النبي الزيدي من امثال سعد هدابي وفلاح شاكر ونعمة جابر وغيرهم كان عليه تجاوز المحظور والاقتراب اكثر من هموم الشعب .
فعبد النبي يتحيز كما قال الي قراءة الكارثة.كارثة عاشها ويعيشها هو ويعيشها معه ابناء جيله وهو الواقع الكارثي الذي ولد وفيها وعاش فيه اي الارتباط بواقعه داخل بلده وهو التزام بكل ما يمس الشعب في حياته ويومياته المعيشية. كان العراق في اواخر القرن الماضي باد الشعر الراقي مع كوكبة من الاسماء الكبيرة التي اعطت للشعر العربي دفعا نحو العالمية من امثال حسب الشيخ جعفر والبياتي وغريرهما .اليوم تغير الامر فبقدر ما نشهد انه هناك شيئ من الفتور في الشعرنري تدفقا كبيرا في متابة النص المسرحي الجيد والذي تفوق فيه الكثير من كتابه في العراق عن اقرانهم في البلاد العربية والحقيقة انه لا غرابة في ذلك نظرا لما يزخر به العراق من طاقات ابداعية ومن السبق الذي تعود وعودنا عليه ونظرا لما له من تاريخ حضاري يمكنه من ذلك لانه يرتكز علي ثقافة عريقة لها جذورها في اعماق التاريخ منذ الاشوريين وما جاء بعدهم من حضارات وثقافات انهم اي كتاب المسرح الحاليين في العراق لا ينطلوق في مغامراتهم المسرحية من فراغ بل تقف ورائهم تجارب تمكنهم فعلا من تصدر واقع الكتابة المسرحية العربية.
ولقد استفادوا من تجارب الجيل ااسابق لهم واستوعبوها وراحوا يسعون الي تخطيها والاقتراب اكثر من الهموم التي يعيشها ويعاني منها الشعب في يوميات حياته.وربما الزيدي اكثرهم جرأة في كتاباته المسرحية لقد تجاوز ما يعرف بالخطوط الحمراء والمحظورات فاتحا بذلك الابواب امام رفاقه في المغامرة ومتحدية المؤسسات التي تعمل علي ان تكون وصية علي الابداع بالتحريم والتحيل.
لقد خرج الزيدي عن الذي يعرف بالتابو في المجتمع وخرج كذلك عن التابو الديني غير مهتم بما قد يجره عليه ذلك من عداوة المؤسسة الدينية والمؤسسة السياسية القمعية.اذ لم يسبق اي كاتب الزيد الي اظهار نبي في عمل من اعماله مثلماوفعل الزيدي في الاهياته وخاصة في نصه يا رب وفيه نقف علي احتجاج الامهات اللواتي مات ابنائهن في حروب .احتجاجهن علي الرب ومطابته باعادة ابنائهم .طالبين ذلك علي لسان مبعوثتهم الي الرب في لقائها مع النبي موسي كليم الله في وادي طوي.ومهددات بالاضراب ان لم يتم ذلك وفعل نفس الامر في نصوص اخري .ولم يتوقف عند هذه المحظورا الدينية بل عمد حتي الي الكتابة عن المحظورات الاجتماعية .والشذوذ مما في نصه٢٥ سنتم وغيره. عبد النبي الزيدي لقيت نصوصه تقبلا من طرف مسرحيين لهم نفس اهتماماته الفكرية وربما لهم نفس رؤيته الفكرية وكان يطمحون الي تحطيم ما حطمه هو في نصوصه.قدمت له اعمال كثيرة في دول عربية ولقت اقبالا وقبولا كذلك وحرضت الكثيرين علي نهج نهجه غي الكتابة وتجاوز التابوهات .والمحرمات التي نصبت بعض المؤسسات الرسمية نفسها حامية لها مؤسسات دينية وسياسية قمعية. ان لعبد النبي اذن رؤية مسرحية يعمل جاهدا علي تأكيدها في نصوصه المسرحية ورؤية تحدي تحدي بها المؤسسات القمعية اي كان نوعها.وتخطي كل الخطوط معطيا لنفسه الحق والحرية في الكتابة برؤية فنية. قد تصدم البعض من اصحاب الافق الضيق وممن تعودوا الخنوع والقبول بما يفرض عليهم وان كان علي حساب حريتهم وحقهم في القول والابداع .بمعني ان الزيدي كان سباق في تحرير النص المسرحي منالقيود التي فرضها عليه رجال الدين والسياسة بوضع اه خطوط حمراء كان يمنع علي اي كان تجاوزها ولكن الزيدي فعلها وتجاوز هذه الخطوط ليحرر الابداع من القيود الدينية والسياسية .


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock