مقالات ودراسات

الناقد باسم صادق يكتب عن: أزياء “ليلة من ألف ليلة” .. ولقاء التاريخ بالفانتازيا!


باسم صادق

ـ

تصميم الأزياء المسرحية مهنة عاشت مهملة إعلاميا سنوات طويلة فى مصر أمام الاهتمام بعنصرى التمثيل والإخراج رغم أنها تمثل مع الديكور والإضاءة أهم أسباب نجاح أو فشل أى مسرحية نظرا لعلاقتها الوثيقة بأداء الممثل.. وفى عرض «ليلة من ألف ليلة» أبهرتنا الأزياء بتنوعها وألوانها المبهجة وتصميماتها الجذابة سواء لأبطال العرض أو حتى الشخصيات الثانوية وهو ما يؤكد أن وراء هذا العمل الرائع نعيمة عجمى.. مصممة الأزياء المسرحية الأشهر فى هذا المجال.

جاءت شهرة نعيمة عجمى من قدرتها على ابتكار وصياغة التصميمات التاريخية أو العصرية والجمع بينهما أحيانا بلمسات فانتازية بما يتلاءم مع روح العرض ورؤية مخرجه.. وهذا ما حدث فى عرض «ليلة من ألف ليلة» .. فالنص الذى تدور أحداثه فى القرن الثامن عشر خلال فترة الحكم العباسى بالعراق دفعها إلى الاعتماد على طرز أزياء ذلك العصر مع إطلاق العنان لخيالها وإضفاء خامات لامعة لجذب نظر الجمهور،

وحتى ملابس شخصية الشحاذ التى لعبها الفخرانى كانت فى غاية الجاذبية لما استخدمته من قطع قماش ملونة على ملابسه المهلهلة، وكذلك أزياء الجنود التزمت فيها بطرز العصر حرفيا ولكنها أضافت سمات أساسية تميز الجنود كالدروع الجلدية والأكتاف وما إلى ذلك، لدرجة أنها نفذت كثيرا من تلك التصميمات بيديها حرصا على الجودة والإتقان، ولم يكن ينقصها سوى بعض الحلى والاكسسوارات التى استبدلت بها بدائل مختلفة من الخامات حتى لا تتأثر الصورة البصرية سلبا بأى شكل من الأشكال ولو اضطرها ذلك لأن تنفق من مالها الخاص على عملها.

وتقول نعيمة عجمى: أدقق جدا فى اختياراتى حتى تبدو الأزياء مع الديكور والإضاءة وحدة واحدة بلا تنافر، لذلك أحرص على قراءة النص أولا قبل الاجتماع بالمخرج، وأفكر جيدا لأصل لرؤية معينة تخص الأزياء، كما أحضر بروفات العرض لمعرفة أحاسيس ورؤى المخرج لكل ممثل وللعمل بشكل عام حتى أتشبع تماما وأكوّن أفكارى لكل شخصية ثم أعرض تصورى على المخرج، ومع تنفيذ التصميم ألجأ كثيرا لتعديل الشكل أو الخامة لأنها قد توحى لى بفكرة مخالفة لتصورى الأول، لذلك لابد أن اتابع تنفيذ تصميماتى بنفسى ولا أطمئن لتنفيذها بعيدا عن عينى مهما تكن مهارة الترزى.

وأضافت: تصميم أزياء «ليلة من الف ليلة» استغرق اكثر من شهر واحرص دوما على مشاركة الأبطال الاساسيين فيما أصممه لهم حتى يشعر الممثل بالراحة فيما يرتديه لأن الملابس لها سحر خاص تضفيه على الشخصية الدرامية ولابد ان يقتنع بها الممثل لكى تثرى أداءه وإلا ستهوى به إلى قاع الفشل.. ولأن يحيى الفخرانى يعى ذلك تماما كانت له باستمرار رؤى تجاه الأزياء تخدم النص وهو ما جعلنى أعيد تصميمات كثيرة لخدمة الملحوظات الدرامية التى منحها لى، وهذه هى متعة تكامل العمل الفنى، كما سعيت مع مصمم الديكور محمد الغرباوى للاجتهاد للخروج بالعمل إلى النور بأقل تكلفة.

لذلك فأغلب الديكورات عبارة عن رسم بالمنظور وليست قطعا مبنية يتم تغييرها على المسرح، وكنا نجتمع مع مصمم الإضاءة ايضا لاختيار ألوان الإضاءة التى تبرز جودة الأزياء وألوانها مع الديكور دون الإخلال بمضمون اللحظات الدرامية المختلفة وهو عمل فى غاية الأهمية إذا لم يحسب بدقة قد يدمر العمل بالكامل.

نعيمة عجمى صاحبة التاريخ الطويل فى ورش الإدارة المركزية للبيت الفنى للمسرح كشفت عن خلو تلك الورش من أصحاب مهنة «المقص دار» وهو الترزى المحترف ذو الكفاءة النادرة، مؤكدة أن كل «اسطوات» الخياطة أحيلوا على المعاش منذ سنوات ولم يتم تعيين بديل عنهم لذلك تطالب بسرعة تعيين عدد من تلك الكفاءات فى هذا المجال.

ــــــــــــــــــــــ

الأهرام


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock