الناقد ذو الفقار البلداوي.. يكتب “طلقة الرحمة” عرض افتتاح مهرجان بغداد الدولي للمسرح في دورته الثالثة

تجليات الذات في سيميائية "طلقة الرحمة" تاليف واخراج "محمد مؤيد"

المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

بقلم: ذو الفقار البلداوي

 

مسرحية “طلقة الرحمة” تاليف واخراج “محمد مؤيد” كوريوغرافيا عالمية واعية استطاع بها المخرج المؤلف ان يرسم الذات العراقية ويرقصها بأجساد مختلفة تجلت بها الأرواح لتحتج وبقوة على عبثية الموت و روتين الحياة.

فقد ارتكز العرض على الجسد والضوء بفضاء مفتوح ليخلق سيمياء صورية فكرية تحمل بين طياتها اوجاع الإنسان ، اعتمدت ثنائية الاحتجاج بين فكرة الموت وروتين فكرة الحياة حيث جسدها العرض بصور مختلفة جميلة واعية مبهرة

فلو ركزنا على ( السبعة ) نساء وعلاقتهم الفاعلة بين أحداث العرض فهي تثيرنا قصدية الرقم والاستخدام وعلاقتها بجنس المجسد وتدفعنا لاثارة حزمة من الأسئلة منها :-

س/ هل هي اشارة زمنية لأيام الاسبوع السبعة واستمراية الوجع والموت ؟

س / هل هي اشارة دلالية مكانية للسموات السبع التي تحتضن اوجاعنا ؟

س/ هل هي اشارة لمفهوم اسطوري للارواح السبع ؟

فمشاهد العزاء المذهلة واستخدام مفردة “العباءة العراقية ” بطريقة ذكية خطرة جدا بأحتدام عسير بين الأمهات الموجوعات وعلاقتها بالعباءة تحت ضغوط الموقف / الحادث/ الموت الذي يصيب ذويهن تجلت بها الأرواح بوجع ما تحمله الذاكرة وما ينتظرنا في المستقبل. فسيميائية مشهد ذر التراب واستخدام اشرطة التسجيل الدلالية في المشهد الاخير دلالة لتنبؤ ترحيل الوجع للمستقبل .

اما لعبة الزمن الذكية التي جسدها العرض مرة حسية مسموعة بإيقاع موسيقي ومرة اخرى صورية بتجسيد ( ساعة الموت) بطريقة مبهرة بتلك البقعة الضوئية التي توسطت اعلى المستوى الثالث مكونة من جدار مسلح بالقضبان الحديدية ليتجلى جسد الممثل ميل ساعة الموت ويكون فعل دورانها بشكل روتيني منتظم عكس عقارب الساعة بحركة رشيقة وإصرار موجع ملؤه الهم وذلك من خلال التشبث والمبالغة بالارتكاز حيث تناغمت ساعة الزمن ( ساعة الموت) المقلوب مع حدث المجموعة بصورة في غاية الروعة رغم الألم. المفاجأة والابهار ان ساعة الموت تتوقف عند لحظات الاحتجاج لتعطي دلالة ان الشعوب الواعية التي تحتج من اجل حقوقها لن تموت بل ستجبر الموت ان يتوقف يالها من صورة واعية وحاذقة اشعلها العرض فينا.
استطاع المخرج ايضا ان يستثمر الفضاء و يوزع صوره الكوريوغرافية المذهلة التي تجلى بها بأربعة مستويات إذا اعتبرنا أن (ساعة الموت) مستوى بحد ذاته

حيث استطاع من خلال هذه المستويات يصنع صور طقسية و خاصة عندما اشتغل على تجسيد روتين الحياة الميت بالمستوى العلوي وايقاع الموت الحي المتصاعد .

اما الدلالات الفكرية المجسدة في مشهد الحصاد وقصدية نزول مناجل الموت من الأعلى للقيام بعملية حصاد الارواح الجماعية فهي ثورة احتجاجية روحية فكرية واعية للفرد مكبوتة في دواخلنا وكأن المفهوم يقودنا للقول بهمس ان طريقة الموت الجماعية هذه ( حصاد الأرواح) التي تعرض لها الانسان الان هي تبذير بالخلق بطريقة عبثية .

ولكي لا نغادر فكرة الارقام وقصديتها الدلالية في عرض ( طلقة الرحمة ) فإن عدد الممثلين الذكور ١٧ وعدد الممثلين الاناث ٧ فمجموعها ٢٤ وهي اشارة بان هذا الوجع يمر به العراقي ٢٤ ساعة

وإذا تمعنا اكثر بلعبة الارقام فإن اغلب العراقيين ينامون سبع ساعات وهي اشارة اخرى لاستخدام رمزية السبعة نساء
ليقول العرض حتى في احلامنا وجع وموت واحتجاج مستمر
امتاز ايقاع العرض بتصاعد مستمر مسك الجمهور منذ فتح الستارة
في الختام لا بد من الإشارة لتميز الممثلة العراقية الواعدة ( كاترين ) التي غادرت جاذبية الروتين التجسيدي و انطلقت بفضاء العرض المفتوح برشاقة ال(رحمة)

ذوالفقار البلداوي
٢١ تشرين الأول ٢٠٢٢

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock