نصوص

حصريا.. ننشر “الأرجواني السماوي” نص من الخيال العلمي.. للكاتب: محمود القليني


المسرح نيوز ـ القاهرةـ نصوص |  تأليف : محمود القليني

ـ

 

مسرحية الخيال العلمي :

الأرجواني السماوي

                                    تأليف : محمود القليني

 

الفصل الأول

 

المشهد الأول

 

حجرة المكتبة في إحدى المدارس ، الكتب مصطفة على الأرفف المعلقة على الجدران ، بعض الصور للعلماء والمفكرين العرب تزين الجدران ، وخريطة كبيرة للعالم العربي معلقة بجوار الصور ،وفي ركن يجلس أمين المكتبة وأمامه عدد من أجهزة الحاسوب ، وفي وسط القاعة عدد من المناضد يجلس إليها عدد من الطلاب ،  يطالعون الكتب والمجلات .

 

هاشم             : (يوقظ جابر من شروده) ما بك يا جابر ؟ بالأمس رأيتك شاردا واليوم أيضا

                أنت لم تقلب الصفحة منذ ساعة!!

جابر             : (منتبها) أحلام اليقظه يا هاشم .

سعيد               : (مندهشا) ألم يخبرنا معلمنا أن أحلام اليقظه تضيع الوقت وتبعث الكسل

في العقل؟

هاشم            : الأفضل ألا نترك أنفسنا لأحلام اليقظة.

جابر             :أتدريان بما كنت أحلم؟

هاشم            : (ضاحكا) الأحلام كثيرة يا جابر لا سيما إذا كانت في اليقظة .

سعيد             : وما أكثر أحلامك يا جابر في النوم واليقظه هذه الأيام !

هاشم            : علي رأيك يا سعيد، فلو ملك  جابر أن ينفق حياته كلها في الأحلام لفعل .

سعيد             : (ساخرا) نعم ..فالأحلام لا تتطلب عملا أو مذاكرة ،كل ما علي الإنسان أن

يغفو قليلا ويترك الباقي للأحلام.

هاشم            :أو أن يضع يده علي خده ويشرد بعقله ساعات في الأوهام كما يفعل الآن   جابر

سعيد             : (يقف ويتجه نحو جابر)أخبرنا بما كنت تحلم يا جابر؟

جابر             : (غاضبا) لن أخبركما بشيء ،أنتما تسخران مني.

هاشم            : (ينهض ويتجه إلي جابر ويربت علي كتفه)لا تغضب ،ولكننا نتعجب فقد زادت أحلامك في اليومين الأخيرين حتي أننا لا حديث لنا سوي أحلامك تلك

جابر             : وماذا أفعل إذا كانت الأحلام تقتحم علي غفوتي ويقظتي

سعيد             :نعتذر لك علي ما بدر منا، والآن أخبرنا بما كنت تحلم؟

جابر             : (ينهض ويسير إلي منتصف القاعة  ويتكلم وكأنه يتحدث عن حلم جميل)كنت أحلم  أني أعيش في البلاد المتقدمة..في اليابان..في فرنسا..في أمريكا..وأتنقل بين  جامعاتها ومعاهدها وأطلع علي أحدث المخترعات والمبتكرات وأقرأ أحدث الأبحاث و…..

هاشم               🙁مقاطعا )لا أنت اليوم حلمك مختلف عن كل  أحلامك السابقة.

سعيد             : (مستفسرا) ولكن أتلك أمنيه أم حلم؟

جابر             :الاثنان معا.

هاشم            : (متعجبا ) أمرك غريب يا جابر…أليس في بلادنا علم وتقدم وحضارة حتي تتمني أن تعيش هناك؟!

جابر             :العلم والتقدم والحضارة في البلاد الأجنبية ونحن نعيش عالة عليهم.

سعيد             :لا ياجابر أنت ظالم في حكمك وقاس أيضا.

جابر             :دائما الحقيقه قاسيه يا سعيد ،لكن الواقع يشهد أننا نعيش عالة علي علماء ومفكري ومخترعي الدول الأجنبيه،وعلي رأي كاتب عربي كتب يقول :(إن الشمس تشرق من الغرب)

هاشم                : (ضاحكا في سخريه) حتي الشمس جعلتها تشرق من الغرب.

سعيد                : (مشيرا إلي رأسه) من كثرة ما قرأ جابر حدث له إضطراب في الحقائق     البديهية لدرجة أنه جعل الشمس تشرق من الغرب.

جابر             :أنا لا أقصد شمس الكون،وإنما أقصد شمس الحضارة والتقدم، فكما أن للشمس ضياء كذلك للعلم والتقدم ضياء أيضا.

هاشم            :الآن فهمنا قصدك يا جابر،ولكن مع ذلك فنحن العرب كان لنا إسهامات في ذلك التقدم والتطور ،والغرب يدين لنا بالكثير فيما وصل إليه من تقدم وعلم.

جابر             : (متعجبا) الغرب يدين لنا ! أين هم وأين نحن ثم من الممكن أن أصدقك إذا كنا متبادلي الأماكن .

هاشم            :كيف؟

جابر             :يعني إذا كنا المتقدمين وهم المتأخرون .

هاشم            :أنا لا أقصد في الوقت الحاضر.

جابر             :إذن تقصد في أي وقت؟

هاشم            :فيما مضي …حينما كانت الحضارة العربية تشرق علي جميع البلدان،وكانت أوروبا في ذلك الوقت تعيش في الظلام والجهل والتخلف أتنكر أنهم مروا بتلك المرحلة ؟

جابر             :لا أنكر فكل الأمم تمر بمرحلة من التخلف  وأيضا بمرحلة من التقدم .

هاشم            :إذن لم تنكر علينا أننا كنا متقدمين في الوقت الذي كان الغرب متأخرا فيه؟

جابر             :أنا لا أنكر ذلك ولكن الذي أنكره هو أن يكون للعرب علي الغرب دين..ألا تلاحظ أنه شيء غريب وعجيب.

هاشم             :نعم من ينظر إلي حالة العرب اليوم يتعجب أن يكون هناك دين لنا نحن العرب علي الغرب ومع ذلك تلك هي الحقيقه،وكما قلت بلسانك إن الحقيقة دائما قاسية.

جابر             :علي من؟

هاشم            :علي الغرب ، فهم لا يعترفون بتلك الحقيقة .

جابر             🙁 متعجبا) ليس هم فقط ولكني أنا أيضا.

سعيد             :أأنت مع العرب أم مع الغرب؟

جابر             :أنا مع الحق.

سعيد             :الحق أنك عربي ولابد أن تكون منتميا للعرب وليس متحيزا للغرب.

جابر             :من الممكن أن أقول مثلما تقولان …أننا لنا ديون علي الغرب بل علي العالم كله ولكن أتظنان أن هذا سيفيدنا بشيء ؟ لا أظن بل أخاله إنه سيضرنا أعظم الضرر

هاشم            :  ( مندهشا )كيف يضرنا؟!

جابر             :لأننا سنعتمد علي هذا ونقول إننا أدينا ما علينا نحو العالم ونخلد إلي الراحة والكسل ونصبح مثل هذا الإنسان الذي يعتمد علي ميراث أبائه وأجداده ولا يضيف له شيئا.

سعيد             :وما أدراك أن العرب مثل هذا الإنسان الذي تتحدث عنه؟

جابر             :لأن هذا هو السبب الذي منع العرب أن يسهموا في علم وحضارة العصر.

هاشم            :علي ما أظن أننا لن نصل إلي نتيجة من مناقشتنا تلك.

أحمد             : ( يترك الكتاب الذي كان منهمكا في قراءته ويلتفت إليهم ) أنا لا أرى أي      جدوى من اختلافكم هذا .

سعيد             : كيف يا أحمد مدى إسهام العرب في العلم والحضارة الإنسانية لا جدوى منه

                    ؟!

أحمد              : نعم ..فالعلم كان ضرره على الإنسانية أكثر من نفعه …والحمد لله أن العرب

                    لم يكن لهم أي إسهام في العلم .

سعيد             : ما هذه الترهات التي تتفوه بها …العلم له ضرر ..كيف هذا ؟!

أحمد             : جميع الكوارث والمصائب التي تعرضت لها الإنسانية كان سببها العلم .

هاشم            : ( مندهشا) معقولة الكلام الذي تتفوه به !!

أحمد        : طبعا تعرفون أن أهم وأخطر نظرية علمية توصل إليها (أينشتين) هى النظرية

النسبية .

هاشم            : نعم فدرس الفيزياء بالأمس كان على تلك النظرية .

أحمد             : وعرفتم أن من تطبيقات أو نتائج تلك النظرية التوصل إلى القنبلة الذرية

والهيدروجينية ..وعرفتم أن في أول مرة في التاريخ الإنساني تباد مدينتين

يابانيتين هما (نجازاكي ) و (هيروشيما) ..ومنذ ذلك الوقت والعالم يعيش في

 

فزع ورعب خوفا  من استعمال السلاح ..والله أعلم ماذا توصل العلماء الآن      من صنع  أسلحة .. على فكرة يا جماعة ..أكبر بلوة ابتلى بها الإنسان هي العلم

جابر             : نعم ، ولكن ليس معنى ذلك أن تكفر بالعلم وتجحده .فهناك عالم متقدم ومتطور لأنه يؤمن بالعلم وتطبيقاته النافعة .

أحمد             :  حتى العالم المتقدم استغل العلم لصالحه ومنع البلاد الأخرى أن تنتفع به ، ليس هذا فقط بل استخدم العلم في السيطرة على البلاد المتأخرة أو النامية كما يقولون

سعيد             : ( يقف ويرفع يده لأعلى ) أنا أري ان حوارنا كله يمكن أن نلخصه في نقطتين : الأولى أن صديقنا (جابر) ينكر أن للعرب حضارة أو تقدم فيما مضى ، والنقطة    الثانية ان صديقنا (أحمد) لا يري للعلم أي جدوى وأن العلم ضر الإنسانية أكثر مما نفعها

هاشم            :وماذا تقترح يا سعيد؟

سعيد             :أن نلجأ إلي شخص آخر  ،كل منكما يعرض عليه  رأيه لنرى ماذا سيقول.

جابر             :ومن يكون ذلك الشخص .

أمين المكتبة     : ( يقف ويتقدم من الطلاب يربت على كتف جابر وسعيد ويبتسم للجميع ) أنا

الجميع           : ( مندهشون ) أنت الأستاذ عارف  !!

الأستاذ عارف   🙁يجلس بينهم ، يلتقط الكتب التي أمامهم ويطالع أغلقتها )منذ مدة طويلة وأنا أتابع مناقشاتكم وحوارتكم ، وأطلعت على درجاتكم في جميع الدروس وسألت مدرسيكم وأجمعوا كلهم أنكم بحق الصفوة من المدرسة كلها ، والجميع يتنبأ لكم بمستقبل عظيم .

هاشم            : ( مندهشا ) ولكنك لم تظهر لنا هذا الاهتمام مع أننا نتردد على المكتبة كل

                     يوم !

جابر             : ونحن لم نلحظ عليك شيئا  .

سعيد             : ولكن هناك سر من وراء اهتمامك هذا .

الأستاذ عارف   : ( يقف يتلفت حوله ، يذهب نحو الباب ويغلقه ويعود إليهم ) ماذا فهمتوا من

الحركة التي قمت بها توا ؟

هاشم            : أنك ستخبرنا بأمر هام .

سعيد             : أو خطير .

أحمد             : أو في غاية السرية .

الأستاذ عارف   : ولم لا يكون الأمر هام وخطير وفي غاية السرية .

الجميع           :  ( في صوت واحد ) ماهو ؟

الأستاذ عارف   :  أنا عضو في أكبر مؤسسة علمية في الوطن العربي ، وتلك المؤسسة تعمل

منذ سنوات وأنضم إليها أكبر العلماء والباحثين والمخترعين العرب ،

وتوصلنا إلى   إجراء الكثير من التجارب الناجحة وكذلك إلى اختراع جهاز

سيذهل العالم كله ويعتبر نقلة نوعية في تاريخ العلم

أحمد              : ( ساخرا ) هذا الجهاز من اختراع علماء عرب …واختراع سيذهل العالم ..                   منذ متى والعرب فيهم مخترعون ويخترعون اختراعات تذهل العالم .

 

الأستاذ عارف   : ( يقترب من أحمد ويربت على كتفه ) يا بني ..ما لاتعرفه أن العرب من أعظم الأمم في الأرض وهم الذي علموا العالم الحضارة والعلم ، ولهم تاريخ مجيد وعظيم .

جابر              : هذا كلام كتب التاريخ ، وأنا أرى أنه مجرد كلام ..ولا يوجد براهين أووقائع تؤيد هذا الكلام …ألم نتعلم ذلك في الدروس …لا نقبل أي كلام إلا إذا كان هناك دلائل تؤكده .

أحمد             : وطبعا هذا غير ممكن ؛ لأنك تريد أن ترى بعيينك وتسمع بأذنيك .

الأستاذ عارف   : في الإمكان أن تري بعينيك وتسمع بأذنيك .

جابر              : ( مندهشا ) كيف هذا ؟! هذا شيء مستحيل ؟ّ!

الأستاذ عارف  : كل المستحيلات العلم جعلها ممكنة .

جابر            : لدرجة أن نرى بأعيننا ونسمع بأذاننا !!

الأستاذ عارف  : ولم لا .

جابر              : ( ساخرا ) أظنك ستقول لنا إننا يمكن أن نركب قطارا أو ندخل آلة تعود بنا إلى الماضي أوتسافر بنا إلى المستقبل .

هاشم             : ( ضاحكا ضاربا على كتف جابر ) على رأيك …فتلك هي الطريقة الوحيدة   التي يمكن أن نرى فيها بأعيننا ونسمع بآذاننا .

الأستاذ عارف : ألا تتفقون معي أن جميع المخترعات والمكتشفات العلمية كانت في البداية مجرد حلم أوخيال ..ولم يكن أحد يتخيل او يتصور أن الإنسان سيصل إلى ما وصل إليه .

سعيد             : معك حق فجميع  المخترعات سواء كانت طائرة او غواصة أوتلفاز أوهاتف

أوحاسوب أو قمر اصطناعي أو سفينة فضاء .

هاشم              : نعم ، كل تلك المخترعات كانت مجرد خيال يراود أحلام العلماءوالمخترعين والآن أصبحت حقيقة ملموسة .

سعيد             : ليس هذا فحسب ، بل أصبحت جزءا أساسيا من عالمنا اليوم .

جابر              : ( مفكرا   ) نفهم من كلامك أننا في الإمكان السفر عبر الزمان .

الأستاذ عارف   🙁ضاحكا ) إن لم يكن عند أحد منكم مانع من السفر .

[ ينظرون إلى بعضهم مندهشين ]

جابر            : هل أنت جاد فيما تقوله ؟

هاشم           : حتى لو كنت جادا فلم نحن بصفة خاصة .

الأستاذ عارف  🙁ينهض ويذهب نحومكتبه ويمسك بريموت ويوجه نحو الحائط فتضاء شاشة كبيرة ومرسوم عليها رسوم بيانية ومكتوب عليها بيانات إحصائية ، يعود إليهم ويشيرإلي الشاشة ) أترون تلك هي المدارس في مدينتنا أجرينا  دراسة وفحصا شاملا واختبارات وامتحانات وكانت مدرستكم هي التي تنطبق عليها كل المعايير العلمية المطلوبة ، ثم أجرينا فحصا ودراسة على جميع طلاب المدرسة ، وكنتم أنتم الذين تنطبق عليهم كل المواصفات والمعايير العلمية .

جابر            : إذن كنا تحت الفحص والمراقبة طوال تلك المدة .

الأستاذ عارف : نعم ، الفحص والمراقبة العلمية .

هاشم           : وماذا بعد ؟

الأستاذ عارف : منذ الغد ستنتقلون إلى المركز العلمي لأبحاث الدرسات المستقبلية كل منكم سيُعد إعدادا علميا متخصصا وأنتم تعتبرون أصغر الأعضاء سنا الذين سينضمون للمركز تمهيدا لإعداد جيل جديد من العلماء وأنتم النواة لذلك .

سعيد           : ( مندهشا ) ولكن دراستنا هنا وبالنسبة … ..

الأستاذ عارف : لا تقلقوا لقد رتبنا كل شيء وأخذنا موافقة أسركم ..فنحن نعمل على هذا الأمر منذ مدة طويلة .

أحمد           : ولكنكم لم تأخذوا رأينا ولم تستشيروا أحدا منا في هذا الأمر .

الأستاذ عارف : وهل يعارض أحد منكم أن تكونوا نواة لجيل جديد من العلماء العرب .

أحمد           : لا يعارض أحد …ولكن بالنسبة للسفر عبر الزمان هل الأمر جاد بالفعل أم أنه ..

الأستاذ عارف: ( ينهض ويربت على كتف أحمد ) لا تتعجلوا الأمور أمامكم مهام صعبة ..هيا ليأخذ كل منكم متعلقاته من المدرسة وينصرف ويستعد من الغد للإنتقال إلى المركز العلمي .

(  إظلام  )

 

 

 

 

 

 

المشهد الثاني : ( إضاءة )

قاعة واسعة ، جدرانها الزجاجية الشفافة تظهر وكأنها تسبح في الفضاء الفسيح ، تظهر من خلال الجدران من على البعد الكواكب والنجوم وأجرام وشهب تنطلق وتسبح حول القاعة ، وتجمعات من سحب وغبار كوني تتجمع ثم تتبدد .أضواء خاطفة وباهرة تغمر القاعة بقوة وسرعة تارة ، ثم تسود القاعة ضوء خافت وصمت عميق .

توجد في داخل القاعة مناضد معدنية عليها أجهزة حواسب من مختلف الأنواع والأشكال والأحجام وكلها تعمل مصدرة أصوات ، ويوجد أجهزة قياس تعمل مؤشراتها خطوط متعرجة على أوراق ذات ألوان مختلفة ، وأجهزة تلسكوب في زوايا القاعة تتحرك من خلال بعض الفتحات في جدران القاعة في مختلف الاتجاهات ، وفي جانب توجد أعداد من واجهات فاترينات زجاجية مملؤة بالسائل وتسبح بها أشكال جنينيه لمخلوقات غريبة ، وتلك الفاترينات متصلة بأسلاك موصولة بأجهزة تمدها بالأكسجين والغذاء بصفة مستمرة ، وفي الجانب المقابل عدد من الأسطوانات الزجاجية التي تتسع لشخص ، متصل بجدرانها الداخلية الكثير من الأجهزة الإلكترونية ، وأمام كل أسطوانة جهاز تخرج منه أشعة بألوان مختلفة تسلط على الإسطوانة .

وفي جانب من جوانب القاعة درجات سلم صاعد يؤدي إلى طابق تحمله دعائم معدنية ، يظهر أجزاء من الآلات والمعدات الإلكترونية ,وفي الجانب المقابل يوجد سلم صاعدآخر يؤدي إلى طابق تحمله دعائم معدنية ، يظهر أجزاء للآله تدور حول محور ثابت في الأرض وحولها إطار من الزجاج .

وفي طرف القاعة يظهر باب يكشف عن مصعدين أحدهما صاعد والآخر هابط ، مما يدل على أن أن هناك قاعات وطوابق أخرى تتبع تلك القاعة .

تفتح أربعة أبواب في جدران القاعة ،ويدخل أربعة ريبوتات ، وعلى كل رأس منهم خوذة فضية اللون يخرج من كل خوذة ما يشبه قرون الاستشعار ، يتحركون في دقة ونظام يقفون في صف واحد على كل صدر منهم اسمه : ( العنكبوتي ) و ( والمدار ) و ( والشعاع ) و ( المحور ) ، يتفاهمون فيما بينهم بالإيحاء وتبادل الخواطر والأفكار ، يتحلقون ويقفون على هيئة دائرة ، يشير (المحور) إلى مركز الدائرة على الأرض يفتح شق ويتسع ويصعد منه آلة بيضاوية الشكل جدرانها من زجاج شفاف يكشف عن مكوناتها الإليكترونية ، وبالداخل مقاعد صغيرة الحجم وعلى كل مقعد خوذة زجاجية موصولة بمجموعة من الأسلاك بجهاز كمبيوتر أمام كل مقعد

العنكبوتي        : ( يتقدم خطوة وتضاء بعض الصمامات في جسمه ) ما تم إنجازه من برنامجي ضبط عنصر الزمن المستهدف من آلة الزمن ذهابا وعودة .

المدار            :  ( يتقدم خطوة وتضاء عدد من الصمامات في جسمه ) ما تم إنجازه من برنامجي ضبط عنصر المكان في المستهدف من آلة الزمن ذهابا وعودة .

الشعاع           : ( يتقدم خطوة وتضاء عدد من الصمامات في جسمه ) ما تم إنجازه من برنامجي تزويد الآلة بالطاقة عالية المستوى من أي مادة حية ، وتوظيف تلك الطاقة في إدارة الآلة .

المحور           : ( يتقدم خطوة وتضاء عدد من الصمامات في جسمه ) ماتم إنجازه في برنامجي  مراجعة والتثبت من الأداء العام للآلة وتغليف كل الصمامات والأجهزة الدقيقة بغلاف أشعة الليزر استعدادا للتجريب ، انتظارا لأوامر (المقرن الأعظم) .

[ تبدأ الآلة تنخفض ببطئ حتى تختفي ويلتئم الشق في أرض القاعة ]

العنكبوتي        : ( يضغط على مفتاح كهربائي في الحائط ، تخرج محفة معدنية ممدد فوقها جسم ربيورت تخرج أسلاك كهربائية  وأنابيب ضوئية تومض بنبضات متقطعة ، والأسلاك والأنابيب متصلة بأجهزة إلكترونية تحيط بالمحفة ، يتقدم ويقف أمام رأس الريبوت المفتوحة الخارجة منها وصلات سلكية بألوان متعددة ، يشير إلى بقية الربيوتات ، يتجمعون حول الرأس في صفين تخرج من يديه أدوات دقيقة يحركها داخل رأس الريبوت بكل دقة ونظام ) تم وضع خلية عصبية إلكترونية وخلية مفكرة إلكترونية .

الشعاع           : (يمرر يده على رأس الريبوت ، تخرج أشعة ضوئية من يده تمسح أجزاء رأس الريبوت ) الخليتان كل منهما تعمل بكفاءة بشكل منفصل .

المدار            :المرحلة القادمة  من البرنامج ربط الخليتين في مسار واحد ليقوما بوظيفة واحدة .

المحور           : ( يضغط على مفتاح كهربائي في جانب المحفة ، يخرج صندوق مستطيل الشكل ، يزاح الغطاء من عليه ،يخرج من يده أنبوب معدني رفيع يجذب شريحة رقيقة جدا من من داخل الصندوق ويضعها داخل رأس الريبوت ) تم وضع الشريحة لتجمع المسار الشعوري والمسار الفكري للخليتين في مسار واحد .

[ تقترب الريبوتات من رأس الريبوت الممد ،ويمدوا أيديهم نحو الرأس التي تخرج منها أضواء وذبذبات كهرضوئية يتوقفون ويبتعدون ، يهتز الريبوت ويصدر حركة في جسمه ، يحدث صوت حاد ويُري نوع من البرق الخاطف من رأس الريبوت ، وتسكن حركة الريبوت ]

العنكبوتي        : ( يتراجع خطوة إلى الوراء ) انصهرت الشريحة التي تضم المسارين

الشعاع           : مدى الجهد  ومقدرة الشريحة أقل من أن تتحمل طاقة المسارين معا .

المدار            : تم قياس الجهد والمقدرة للخليتين منفصلتين .

المحور                    : لم يتم قياس الجهد والمقدرة للخليتين مجتمعتين في مسار واحد .

الجميع           : ( في صوت واحد ) وصلنا إلى حالة إظلام من برنامجنا .

العنكبوتي        : ( يصدر ومضة ضوئية من قرون الاستشعار من خوذته ) يتم إرسال ومضة إلى (المقرن الأعظم ) .

[ تصدر أصوت وتظهر أضواء من ناحية أنبوب المصعد ، يتوقف المصعد يفتح الباب ، يخرج (المقرن الأعظم )، جالسا على عربة بعجلتين ، يرتدي نظارة غرييبة تغطي جزء كبير من وجهه ، وعلى جانبي العربة التي تتحرك إلكترونيا العديد من الأجهزة الإلكترونية الدقيقة ، وكذلك موضع قدميه ، وتغطي كتفه وصدره  وزراعيه الأنابيب المضيئة والأسلاك المتصلة بأجهزة دقيقة مزودة بها العربة . يتقدم من الريبوتات ، ينظر إليهم ، تومض أسلاك قرون الاستشعار في خوذاتهم ،وفي نفس الوقت يلتمع زجاج النظارة التي يرتديها بوميض غريب ، التفاهم بينه وبينهم من خلال مستشعر الضوء الذي يحول  الومضات الإلكترونية إلي لغة تفاهم بين (المقرن الأعظم) والريبوتات ، وهذا من ضمن البرامج التي زُود ت الريبوتات بها ]

العنكبوتي :       ( تومض قرون الاستشعار في خوذته ) الشريحة التي تستقبل الإشارات     الكهروضوئية من الخلية العصبية والخلية المفكرة انصهرت .

الشعاع           : الشريحة مصنوعة من أقوى وأنقى المعادن الموجودة في كوكب الأرض .

المدار            : والمقدر لها أن تتحمل أكبر جهد من الطاقة يتحملها المعدن .

المحور                    : لم يتم حساب طاقة الخليتين حينما يتم مزجهما معا .

المقرن الأعظم : ( يحرك العربة يمينا ويسارا مفكرا ، يخاطب العنكبوتي ) عليك البحث عن

مواصفات معدن أو مادة قادرة على تحمل الجهد الناتج عن مزج الخليتين معا .

الشعاع           : ( يقترب من المقرن الأعظم  ) ليرتفع مستوى برنامجي .

المقرن الأعظم : ( يضغط على زراع صغير في جانب العربة ، يخرج شعاع ليزر تلتقطه قرون

الاستشعار في خوذة الشعاع ) تلك مواصفات المادة المطلوبة لتصنيع الشريحة التي تتلقى الإشارات والومضات الكهرضوئية من الخلية العصبية والخلية المفكرة وتترجمها إلى إجابات عملية وترسلها إلى الأطراف وبقية أعضاء جسم الريبوت .

العنكبوتي        : (تضاء شاشة صغيرة في صدره ، تظهر صور ورموز وشخصيات لجميع

الحضارات على كوكب الأرض بسرعة رهيبة ، وتتوقف الصورة على مبني ضخم  من طراز إسلامي قديم ) المكان (بغداد) ، الزمان(820)  ميلادية    المبني : (دار الحكمة ) ، هنا توجد المواصفات المطلوبة للمعدن .

المقرن الأعظم : المعلومات شحيحة …احضر بيانات ومعلومات أكثر ..توغل أكثر .

العنكبوتي        : ( تومض قرون الاستشعار بقوة ) المكان به طاقات مغناطيسية مشتتة وقاعدة المعلومات لا تكفي …في حاجة إلى قاعدة بيانات ومعلومات كافية .

المقرن الأعظم : ( يتجه نحو أنبوب المصعد ) يكفي اليوم ..سأزودكم بقاعدة بيانات جديدة

مستقبلا .

 

( إظلام )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المشهد الثالث : (إضاءة )

فصل دراسي في المركز العلمي للعلوم المستقبلية ،يجلس كل من ( جابر ) و ( هاشم ) و(سعيد) و ( أحمد ) كل منهم أمام جهازه الحاسوب ، يرتدون زيا موحدا ،منهمكون في مطالعة بيانات على شاشات الحاسوب ،وبين الأونة والأخرى يسجلون بيانات في أوراق بجانبهم ، يوجد أجهزة إلكترونية من مختلف الأشكال والأنواع ، في جانب الجدران مناضد عليها مجسمات للمجموعة الشمسية ، ومجسمات أخرى لأشكال هندسية بألوان وأشكال متعددة ، وهناك أجهزة لقياس سرعة الصوت وسرعة الضوء ، وأيضا سبورات ذكية مخطط عليها نظريات علمية ومعادلات رياضية ، وفي ركن يوجد دولاب به زجاجات وقناني وأنابيب من مختلف الأشكال والأحجام والألوان وأمام الدولاب منضدة معدنية عليها جهاز تقطير متصلة بالعديد من الأنابيب والقناني الزجاجية بأشكال وألوان مختلفة والسوائل تنتقل من الأنابيب إلى القناني . ينهض (أحمد ) و(جابر) يتفقدان مايحدث ويضعان بعض المواد الكيمائية في القناني ويسجلان ملاحظتهما في سجلات أمامهما ويعودان إلى أجهزة الحاسوب .وفي جانب آخر من الفصل منضدة عليها عدد من أجهزة الميكرسكوب الإلكترونية ، ينهض كل من (هشام) و( سعيد ) ينظران من خلال عدساتها إلى العديد من الشرائح ويسجلان بعض البيانات والمعلومات ، ثم يعود كل منهما إلى الحاسوب الخاص به .

يدخل الأستاذ (عارف ) يتجول بينهم بدون أن ينتبه إليه أحد ، فالكل منهمك في دراسته .

الأستاذ عارف : ( يقف وسط الفصل رافعا زراعيه ) كيف حالكم أيها الشباب ؟

جابر              : ( يلتفت إليه ، يتأمله ) أخيرا رأينا بشريا مثلنا ؟

الأستاذ عارف : (يقترب منه ) ماذ تقصد ؟

هاشم            : (يمس على عينيه ) نحن هنا لا نتعامل إلا مع الحواسب والأجهزة الإكترونية  كما ترى

سعيد             : ( يحرك رأسه يمينا ويسارا )    يا ليت الأمر وقف عند هذا …كل شيء هنا         بنظام دقيق وحساب صارم ، الأكل النوم الدراسة المذاكرة القراءة حتى الترفيه عن النفس بنظام وحساب .

أحمد             : ( ضاحكا ) لدرجة أن هناك وقت مخصص للتفكير والتأمل .

جابر              : الشيء الأغرب نحن لا نتعامل إلا مع الحواسب والأجهزة الإلكترونية كما ترى ، المعلمين والمدرسين حواسب على أعلى مستوى .

سعيد             : على رأيك يا جابر ..يوجد هنا أجهزة وحواسب لم نر مثلها من قبل .

الأستاذ عارف : ( يربت على كتف سعيد ) أيهما أفضل التعلم هنا أم في مدارسكم ؟

سعيد             : لقد تعلمنا علوم وتحصلنا على معارف لم نكن نحلم أن نصل إليها أو نتحصل عليها .

هاشم             : كنت أسمع عن نظريات وقوانين ومصطلحات علمية ومعادلات رياضية ..كانت بالنسبة لي طلاسم وألغاز …الآن وبعد مضي فترة وجيزة أشعر أني أصبحت بروفيسور .

جابر              : ليس هذا فحسب بل أن نظام حياتنا كله تغير وتبدل .

هاشم             : ولكن هناك ملاحظة أبداها صديقي (جابر) لماذا كل من نتعامل معهم أجهزة حاسوب وريبوتات …ولماذا الدراسة والبحث كل يوم لساعات طويلة جدا …إنني أشعر أننا نُعد لشيء ما

أحمد             : على رأيك من كثرة تعاملي مع أجهزة الحاسوب أشعر بأنني واحد منهم لا فرق بيني وبينهم .

جابر              : أخبركم بسر …أحيانا أتخيل أنني جهاز حاسوب يسير على قدمين .

هاشم             : ( مندهشا ) لقد ظننت أنني الوحيد الذي يشعر بذلك .

 أحمد            : الظاهر كلنا لدينا نفس الشعور .

الأستاذ عارف : ( يجلس إلى منضدة ،يشير لهم بالجلوس حوله ) هذا من ضمن أهداف

(المقرن الأعظم ) …أن نزيل تلك الفجوة بين الإنسان والحاسوب وكل الأجهزة الإلكترونية الأخرى ..يريد أن يحدث مزج ..إندماج بين الأجهزة والإنسان …يريد أن يمنح ما تمتاز به الأجهزة الإلكترونية من دقة وانضباط ومهارة ونظام للإنسان ، ويريد أن يمنح الأجهزة ما يمتاز به الإنسان من شعور وفكر .

هاشم             : ( مندهشا ) أن تمنح الإنسان ما تمتاز به الاجهزة الإلكترونية من مهارة ودقة ونظام هذا شيء مفهوم ، ولكن أن تمنح الأجهزة الإكترونية ما يمتاز به الإنسان من شعور وفكر …أظن هذا شيء مستحيل حدوثه .

الأستاذ عارف : لا تنسوا أن كل المكتشفات والإنجازات العلمية كانت في بداية أمرها مستحيلة

…ولكن العلم قادر أن يجعل المستحيل ممكنا .

جابر              : دعونا من هذا ..نريد أن نعرف من هو (المقرن الأعظم)    ؟

الأستاذ عارف : إنه سر من الأسرار الكبرى لهذا المركز العلمي .

الجميع           : ( مندهشون ) سر من الأسرار الكبرى !!

أحمد              : أهناك سر  في المركز العلمي ؟!

الأستاذ عارف : قلت لك أسرار ..وغير مسموح لكم بمعرفتها إلا بعد أن يؤذن لكم بذلك .

أحمد             : ( ساخرا ) وهل أُذن لنا بمعرفة من (المقرن الأعظم) ؟

الأستاذ عارف : بالتعبير العلمي إنه النواة الوحيدة لهذا المركز …إنه أهم  عقلية في العالم كله

..وربما في تاريخ الإنسانية .

جابر              : ( يقترب من الأستاذ عارف ) لقد شوقتنا أن نعرف المزيد عن( المقرن الأعظم )

سعيد             : (مندهشا ) أيمكن أن يكون موجودا بينا عالم بتلك المواصفات ..ولا نعلم عنه شيئا ؟!

الأستاذ عارف : لقد درس ( المقرن الأعظم)  في ألمانيا وظهرت عبقريته وأذهل معلميه

..فقدكان يتمتع بعقلية جبارة في الفهم والابتكار والأختراع ، وحصل على الدكتوراة ، ودرس للطلبة في جامعات ألمانيا …ثم انتقل إلى أمريكا ، وعمل بعض الوقت في الجامعة ، ثم في المؤسسات والمراكز والوكالات العلمية الفضائية وعمل في تصميم أجهزة علمية لم يسبق تصميمها من قبل ، وأصبح من العلماء المعدودين في العالم كله ،بل العالم الأول .ولكن للأسف أثناء سيره بسيارته حدث له حادث صدام ، نجا منها بأعجوبة ..خرج من الحادثة كل شيء محطم ، الشيء الوحيد السليم كان مخه ، بذل الأطباء والعلماء الأمريكان محاولات مضنية لمحاولة الحفاظ عليه من خلال تصنيع أجهزة تعويضية إلكترونية عالية المستوى لما أتلفته الحادثة ، وكان على وشك العودة إلى عمله إلى أن وصل تقارير من المخابرات أن الحادثة كانت مدبرة ..وأن خصومه والحاقدين عليه في الوكالات والمراكز العالمية هم من وراء الحادث ..وأن المحاولة قد تتكرر مرة أخرى للتخلص منه…فهناك أجهزة وجهات لا تتمنى أن يظهر عالم عربي ويتفوق على جميع علماء العالم في مجال تخصصه .

أحمد             :وماذا فعل ؟

هاشم             : أظن أن أمريكا لن تسمح له بأن يترك الوكالات والمراكز العلمية

جابر              :طبعا لأنه ثروة علمية لا تقدر بثمن .

سعيد             : ومن الصعب التفريط فيه .

الأستاذ عارف : نعم ، كان هناك كتبية كاملة من القوات الخاصة الأمريكية تحرس (المقرن

الأعظم) ليل نهار ، لا أحد يتصل به ولا يتصل بأحد .

هاشم             : وماذا فعل ؟

الأستاذ عارف : طبعا كل هذا لا وزن له أمام عبقرية (المقرن الأعظم) النادرة ..استطاع أن

يخترق كل الحراسات والحواجز ويهرب من أمريكا ويأتي إلى هنا ويؤسس هذا

المركز العلمي .

أحمد             :ولكن لم ترك أمريكا وجاء إلى هنا بعدما بنى مجده العلمي هناك ؟!

الأستاذ عارف : لأنه أدرك أن مجده العلمي وكل تعبه وتاريخه سينسب لأمريكا ،ولم ينس أنه

عربي وليثبت للعالم أن العرب فيهم العلماء والمكتشفون والمخترعون ..وأنهم يستطيعون أن يحققوا الكثير من الإنجازات العملية ويتفوقوا على كل علماء العالم متى توافرت لهم الفرصة والإمكانات .

هاشم             : ( شاردا ) يعني (المقرن الأعظم) هذا الجزء البشري الوحيد هومخه …بقية جسده عبارة عن أجهزة تعويضية إلكترونية .

سعيد             : ( مندهشا ) لا أستطيع أن أتصور هذا !!

أحمد             : على رأيك هذا شيء لا يصدقه عقل !

الأستاذ عارف : لا شيء يقف أمام العلم ، و(المقرن الأعظم) يطور تلك الأجهزة التعويضية

الخاصة به بصفة مستمرة ، ويبتكر ويخترع أجهزة إلكترونية لم يسمع عنها

العالم .

جابر              : إذن هذاهو السبب أن الذي يعلمنا ويدرس لنا طول الوقت أجهزة حاسوب .

هاشم             : ( مندهشا ) على هذا فالذي يدير هذا المركز ..

الأستاذ عارف : ( مقاطعا ) معظمه أجهزة حاسوب متطورة ومتقدمة ..استطاع المقرن الأعظم

أن يبتكر ويصنع جيلا جديدا من الحواسب الإلكترونية متخطيا مراحل وأجيال عديدة …وهوبسبيله للوصول إلى أعظم اختراع سيحدث ثورة ويغير مسار الإنسانية كلها .

أحمد             :  ( مندهشا ) كيف هذا ؟

الأستاذ عارف : ( ينظر في ساعته ..ينهض ) لقد بددنا الكثير من الوقت ..هيا لتعودوا إلى

دراستكم .

هاشم             : ولكن ما زال لدينا أسئلة كثيرة ..نريدك أن تجيب عليها

الأستاذ عارف :  ( متجها نحو الباب) هذا هو المتاح لي أن أقوله لكم ،والمسموح لكم أن

تعرفونه ، وكما قلت لكم ..هنا كل شيء بحساب وبمقدار ..كل شيء هنا مقننن     ومنظم .

سعيد             : ومن الذي يقنن وينظم ؟

الأستاذ عارف : (مغادرا الفصل ) (المقرن الأعظم ) ..هيا عودوا إلى دراستكم ولا تضيعوا

الوقت .

 

( إظلام )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     الفصل الثاني

 

 

 

 

المشهد الأول : إضاءة

قاعة الاجتماعات في المركز العلمي ، يجلس  مدير المركز والأستاذ ( عارف ) والدكتورة ( ميرفت ) الباحثة في المركز والدكتور ( سوفت وير ) والدكتور ( هارد وير ) العالمان بالمركز

 

د . هارد وير  : ( يقف يتقدم إلى وسط المكان وهويشعل البايب) أنا أعلن احتجاجي لما يحدث

في المركز العلمي .

د . سوفت وير 🙁يقف يتقدم إلى وسط المكان وهو يشعل البايب ) وأنا أعلن احتجاجي لما

يحدث في المركز العلمي .

مدير المركز   : ( ساخرا) نعم يا دكتور سوفت ..لماذا تحتج أنت أيضا ؟

د. سوفت وير  : تضامنا مع صديقي الدكتور هارد وير .

مدير المركز : ( يلتفت إلى دكتور هارد وير ) وأنت يا دكتور علام تحتج ؟

د .هارد وير  : على السياسة أو الأسلوب أو الطريقة التي يتبعها المقرن الأعظم في إدارة

المركز .

مدير المركز : ماذا تقصد بالضبط ؟

د.هارد وير  : أشياء كثيرة لا نعلم عنها شيئا ..وتحدث في طي الكتمان ..هل المقرن الأعظم لا

يثق بنا ..وهناك أماكن في المركز محظور علينا دخولها ، ومعرفة ما يدور فيها .

د . سوفت وير : نعم ، أماكن كثيرة في المركز محظور علينا دخولها ومعرفة ما يدور فيها كما

يقول صديقي د .هارد وير .

مدير المركز : لا تنسيا أن تلك شروط المقرن الأعظم ..وأنتم وافقتما عليها وقبلتما العمل على

تلك الشروط في المركز .

د. سوفت وير : نعم ، ولكن أصبحنا وكأننا غير موجودين ولا نعمل شيئا …والحواسب

والريبوتات المتطورة هي التي تقوم بكل شيء .

مدير المركز  : أظن السياسة أو الأسلوب التي وضعها المقرن الأعظم جعلت المركز وما تم

إنجازه من أهم المراكز في العالم .

الأستاذ عارف : هذا ما سمح به المقرن الأعظم أن ننشره ونكشف عنه .

دكتورة ميرفت : وأظن هناك الكثير والكثير الذي توصل إليه المقرن الأعظم ولم يكشف عنه

ولم يخبر به أحدا .

الأستاذ عارف : وهويختار الوقت المناسب للإعلان والكشف عما توصل إليه   .

د. ميرفت        : وأنتما تعلمان أن عمله يدور في السر والخفاء ..فهناك جهات علمية ومراكز

كثيرة في العالم تبحث عنه وتتمنى أن تصل إليه .

د. سوفت وير : وهناك شيء آخر لا أجد له مبررا ولا تفسيرا .

د .هارد وير  : نعم ..هناك شيء آخرلا أجد له مبررا ولا تفسيرا.

مدير المركز  : ما هو ؟

د . سوفت وير : الشباب الذي أحضرتموهم للمركز، وما ينفق عليهم من مال ووقت وجهد لا

مبرر له …ألم يكن من الأولى باحثين كبار ودكاترة متخصصين من الجامعة ؟

د . هارد وير  : نعم …الشباب الذي أحضرتموهم …

مدير المركز   : ( مقاطعا ) ومن الذي أخبركما أن ما ينفق على هؤلاء الشباب لا مبرر له .

د. ميرفت        : إحضار الشباب إلى المركز للدراسة والتعلم من أعظم القرارت التي اتخذها

المقرن الأعظم .

الأستاذ عارف : ومن أعظم المشاريع التي يقوم بها المركز العلمي الآن .

د . سوفت وير : نعم ، ولكن المركز العلمي الذي تقول عنه أنه أصبح من المراكز المعدودة في

العالم ليس مدرسة إعدادية أو ثانوية …وهؤلاء الشباب مكانهم في تلك المدارس وليس هنا ، فهم لم يتلقوا من العلم والشهادات العلمية ما يؤهلهم أن يكونوا هنا .

د . هارد وير  : نعم ، ولكن المركز العل…

مدير المركز  : ( مقاطعا ) المركز قام بإجراء دراسات وأبحاث على هؤلاء الشباب ..ونتائج

الدراسات والأبحاث أثبتت أن مستواهم العلمي يفوق كل من في المركز من

علماء وباحثين .

د. سوفت وير : ( ينهض رافعا زراعيه ) تلك إهانة موجهة إلى مكانتي العلمية ومنزلتي العقلية

د . هارد وير : ( ينهض رافعا زراعيه ) نعم ، تلك إهانة موجهة إلى مكانتي العلمية ومنزلتي

العقلية انا أيضا .

د . سوفت وير : أنا من هنا أرفض تلك الإهانة وأعلن احتجاجي .

د . هارد وير  : وأنا من هنا أيضا أرفض تلك الإهانة وأعلن احتجاجي .

الأستاذ عارف : ( ضاحكا ) السيد المدير يقصد مستوى العلماء وقت أن كانوا في سنهم  .

د. ميرفت      : أنتما تعلمان أن الأجيال الشابة أتيحت لهم من وسائل العلم والتكنولوجيا ما لم

يكن متاحا لنا ونحن في سنهم .

الأستاذ عارف : إذن جيل الشباب متقدم ومتطور عنا بكثير .

د . ميرفت      : وقابليته للبحث العلمي واستعداداه لإستيعاب التطور أكثر منا .

مدير المركز     : هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى إذا كنا نريد أن نسد الفجوة بيننا وبين البلاد

المتقدمة والمتطورة عليما فلابد بأن ندفع بجيل الشباب مبكرا ليأخذوا بأساليب العلم والتكنولوجيا

الأستاذ عارف : تصور هؤلاء الشباب ما بين الثانية عشرة والثامنة عشرة إذا بدأوا من الآن

الدراسة العلمية الجادة ماذا سيكونون في المستقبل .

د ميرفت       : على الأقل يضيفوا للعلم ما عجزنا نحن أن نضيف إليه .

الأستاذ عارف : والمفروض أن نوفر  ونهيء لهم ما لم يتوفر لنا .

د سوفت وير : ولكن هناك أسرار علمية ومكتشفات واختراعات ألا تخافون أن يعرف هؤلاء

الشباب عنها شيئا وقد يساء استغلالها   .

مدير المركز  : كل ما نعرفه وتعرفونه أن هناك أسرار علمية ومكتشفات ومخترعات ..ولكن

هل تعلمون عنها شيئا ؟

د . سوفت وير : لا نعلم عنها شيئا إلا ما يسمح به المقرن الأعظم .

د .ميرفت      : وكذلك الشباب لن يعرفوا عنها شيئا .

د . هارد وير : ولكن وجودهم في المركز والدرسات المكثفة والدورات التي يحصلون عليها

بصورة مستمرة قد تتيح لهم أن يعرفوا أشياء  كثيرة وقد يستخدمون ما توصلوا

إليه …وقد يساء هذا الاستخدام ….أليس كذلك ؟

د سوفت وير   : على رأيك ..فإذا كنا نحن نلتزم بميثاق المركز والحفاظ على السرية وعدم

التصرف أو استخدام أي شيء .

د هارد وير    : فهل هم يلتزمون بهذا الميثاق ويدركون مسئولية وجودهم في المركز وتوصلهم

إلى الكثير من المعلومات والأسرار ؟

د . ميرفت     : ليس هناك من حل سوى الرقابة .

مدير المركز   : الرقابة في المركز على مدى الأربع والعشرين ساعة ..وأظن أن الشباب

مبهرون بما هو متاح لهم فلن يتطلعوا إلى المزيد .

د سوفت وير    : أنت تتحدث بلسان جيلنا نحن …فقد كان لدينا قناعة علمية ..بينما الأجيال

الجديدة من الشباب لديهم  نهمٌ علمي شديد ورغبة في تحصيل العلم أشد .

مدير المركز    : أتفق معك في هذا .

د . ميرفت       : أظن أن برنامج الدراسة المكثف والمركز لا يجعلهم يفكرون في أي شيء آخر ،ولا يترك لهم فرصة لعمل أي شيء سوى التحصيل العلمي .

مدير المركز    : أريد منك يا دكتورة ميرفت أن ترفعي من مستوى برنامجهم الدراسي .

د .ميرفت        : أخشى أن يكون له مردود عكسي ، وقد لا تتحمل عقولهم …فالبرنامج مكثف

ومركز بطريقة كبيرة .

مدير المركز    : هؤلاء الشباب لديهم طاقات وإمكانات عظيمة لم نكن نتخيل وجودها .

د . ميرفت       : ساقوم بعمل ذلك .

 

( إظلام )

 

 

 

 

 

 

 

المشهد الثاني :إضاءة

في الفصل ،كل واحد من الشباب أوصد أبواب ونوافذ الفصل ، وقام هشام إلى الكاميرات وأبطل علمها ،ترك بقية الشباب أجهزتهم وتحلقوا يتحدثون .

هشام             : ( ينظر إلى الكاميرات التي أوقف عملها وإلى الأبواب والنوافذ الموصدة ) نريد أن نصل إلى قرار في أسرع وقت ، قد ينتبه أحد إلى توقف الكاميرات عن العمل .

أحمد             : وأجهزة التنصت ؟

هشام             : ( يرفع مجموعة من المفكات ) لقد أوقفتُ كل أجهزة التنصت …ولكن علينا أن ننتهي بسرعة لأعيد كل شيء إلى ما كان عليه يا شباب .

جابر              : ( ينهض ويتحرك بتوتر بينهم ) أنا لستُ مستريحا لما نقوم به ، فلو علم أحد بما قمنا به وبما ننوي القيام به ..

هشام             : ( مقاطعا ) ماذا سيفعلون ؟ أقصى شيء أن نعود إلى مدارسنا .

أحمد             : ( ساخرا ) وهل هذا شيء هين يا عبقري …نحن ندرس علوم ومعارف لا يدرسها غيرنا حتى في الجامعة .

سعيد             : ولا في أي مكان في العالم …أنا لم أكن اتخيل وجود مثل هذا المكان .

هشام             : ولم نكن نتخيل بوجود تلك الأجهزة والآلات إلا في الخيال وأفلام السينما ….معقول يوجد آلة سفر عبر الزمن …أنا مازلت غير مصدق لولا أن رأيتها بعيني ولمستها بيدي .

جابر              : لولا ما حصل عليه (أحمد) من معلومات ما كنا عرفنا شيئا .

أحمد             : الصدفة وحدها هي التي جعلتني أعثر على القرص المدمج لأتمكن من معرفة كلمة المرور .

هشام             : وبعد ذلك تمكنا من اختراق جميع أجهزة المركز والاطلاع على جميع الأسرار .

أحمد             : تلك فرصة لم تتح لأحد من قبل ، ولن تتاح لنا بعد ذلك ، ومن الجنون أن نضيعها .

هشام             : على رأيك كان لابد وأن نعرف ونصل إلى كل أسرار المركز العلمي .

سعيد             : ( ساخرا ) لقد عرفنا أسرار لم يصل إليها أحد من قبل …ولكن ماذا سنفعل بكل ما حصلنا عليه الآن يا عباقرة…هل ستظل المعلومات محبوسة في رؤوسنا .

جابر              : ( محتدا) وماذا تريد منا أن نفعله ؟

سعيد             : ( مترددا ) لماذا لا نجرب الآلة  التي تسافر عبر الزمن .

هشام             : ( متحمسا )   أنا موافق على اقتراحك هذا يا (سعيد)

سعيد             : ما أجمل أن نقوم برحلة عبر الزمان .

هشام             : إذن هيا لا يجب أن نضيع الوقت ، قبل أن يكتشف أحد في المركز ماحصلنا عليه من أسرار ومعلومات .

سعيد             : ويمنعونا من القيام بالرحلة .

جابر               : (منفعلا) لقد جننتما أنتما الاثنان ..أمعقول نجرب آلة  السفر عبر الزمن ولم يجربها أحد من قبل ؟!

أحمد :           ( يربت على كتف جابر ) جابر معه حق .

هشام :           (  يشير إلى جابر ) جابر يخاف من كل شيء ..ولو سرنا وراءه ما استطعنا الوصول إلى أي شيء ( يلتفت إلى أحمد ) وأنت يا (أحمد) أخائف أيضا ؟

أحمد             : ليس الأمر أمر خوف …ولكن نوع من الحذر ..لا تنس أن الآلة  لم تجرب من قبل .

هشام             : ولا تنس أن جميع أعمال ومخترعات المقرن الأعظم الخطأ فيها لا وجود له

جابر              : قد لا يكون الخطأ في الجهاز .

هشام             : ماذا تقصد ؟

جابر              : الخطأ في استعمال الجهاز …وقد يصاب الجهاز بالعطل ..أخبرني من سيقوم بإصلاحه …نحن لانسافر من مدينة إلى مدينة …نحن نسافر عبر الزمن .

سعيد             : على رأيك …وفي تلك الحالة قد نضيع في الزمن .

هشام             : لقد قمنا بدراسة هذه الآلة  دراسة وافية وتفصيلية …ونعرف كل شيء وكيف نصلحه إذا أصابه تلف أو عطل …ولا تنسوا أننا معنا السندباد .

جابر              : تقصد هذا الجهاز الذي أدخلنا عليه تعديلات وتغييرات .

سعيد             : ( ضاحكا ) أنت تقضي معه وقتا أكثر مما تقضيه معنا .

هشام             : ( يشير إليهم ليقتربوا منه ) لقد زودته مؤخرا بجميع المعلومات والدراسات والبرامج التي حصلنا عليها ..والأهم أني عرفت طريقة رفع مستوى الريبوت التي يتبعها المقرن الأعظم وذودته بها

سعيد             : ولماذا لم تخبرنا بكل ما فعلته يا عبقري .

هشام             : كي لا يتهمني أحد منكم أنني تجاوزت الحدود ….المهم ما هو قرارنا بشأن تجربة الآلة  ؟

سعيد             : حتى لو قررنا أن نسافر عبر الزمن …فما الهدف من تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر ؟

هشام             : (مفكرا ) أن نحضر مادة ( السيكالاموزين ) .

سعيد             : نعم ،سمعتك  تتحدث كثيرا عن تلك المادة ، وقرأت عنها من خلال الملعومات في القرص المدمج …ولكن بصراحة لم أفهم شيئا .

هشام             : إنها مادة نادرة الوجود ، يقال أنها سقطت إلى الأرض عقب انفجار نجم من النجوم وتعرضت لضغط شديد ولدرجة حرارة مرتفعة من خلال احتكاكها بالغلاف الجوي للأرض ، وتلك المادة نقية إلى درجة عالية وتتميز بخصائص وصفات يرى (المقرن الأعظم )أنها ستتحمل دمج الخليتين العصبية والمفكرة بعد تحفيزها بأشعة الليزر .

سعيد             : وأين نجد تلك المادة ؟

هشام             : ( يمس على رأسه ) المعلومات المتوافرة في البرنامج أنه يوجد  في( دار الحكمة ) الذي بناه الخليفة العباسي هارون الرشيدي في بغداد .

أحمد             : أظن أنني قرأت مقالا في مجلة عن دار الحكمة في بغداد ، وأنها كانت أعظم مكتبة في العالم ضمت آلاف الكتب وكانت بمثابة جامعة عالمية ضمت الكتاب والمؤلفين والمترجمين والعلماء من مختلف التخصصات العلمية .

سعيد             : وكيف سنذهب إلى ذلك المكان ؟

هشام             :هناك في الآلة  مفتاحان لتحديد الزمان والمكان سنقوم بضبطهما وتتولى الآلة  عمل الباقي أتوماتيكيا كما هوموضح في البرنامج .

سعيد             : وكيف سنعود .

هشام             : كما سافرنا إلى الماضي وحددنا الزمان والمكان ،من هناك نسافر الى المستقبل ونحدد الزمان والمكان الذي نحن فيه الآن .

أحمد              : أكيد بعد ذلك كل من في المركز سيعرف بما قمنا به .

هشام             : ( مندهشا ) لماذا ؟

أحمد              : لأنهم سيكتشفون تغيبنا وعدم وجودنا في المركز .

هشام             :وكيف يكتشفون تغيبنا وعدم وجودنا في المركز يا عبقري ؟

أحمد             : ( مندهشا ) ألن تستغرق تلك الرحلة أياما وليال !

هشام             : ( ضاحكا ) لن تستغرق تلك الرحلة إلا وقتا قصيرا جدا .

أحمد             :السفر عبر الزمن والرجوع للماضي والبحث عن المعدن لن يستغرق وقتا …كيف هذا .؟!

هشام             : أنا قرأتُ كل شيء عن الآلة  وعن السفر عبر الزمن ،(المقرن الأعظم) لم يترك شيئا إلا وقد سجله وكتبه بالتفصيل …الآلة  التي صممها المقرن الأعظم كما هومسجل أسرع من سرعة الضوء ..وبذلك يتراجع الزمن

أحمد             : زدني فهما يا صديقي .

هشام             : يعني لو ذهبنا بالآلة  إلى مكان في الماضي ورجعنا فقد نعود في نفس الزمن الذي تحركنا فيه لأن القاعدة العلمية تقول إذا سار الجسم أسرع من الضوء تراجع الزمن وإذا قصر عن الضوء أي كان سرعة الضوء أسرع من سرعته تراخى الزمن .

أحمد             : تقصد أننا نشعر بمرور الزمن لأن حركتنا وسرعتنا أقل من سرعة الضوء .

هشام             : بالضبط ..وبما أن جهاز السفر عبر الزمن أسرع من سرعة الضوء فالزمن سيتوقف .

أحمد             : وكم سرعة الضوء يا هشام ؟

هشام             : الضوء يقطع 18 مليون كيلو متر في الدقيقة ويسمى الدقيقة الضوئية .

أحمد             : ( مندهشا ) معقولة الآلة  تفوق تلك السرعة .

هشام             : هناك حقيقة علمية أفظع من تلك وهو أن سرعة الضوء 300000ألف كم في الثانية .

أحمد             : وما معنى ذلك علميا ؟

هشام             :  يعني إذا الشيء سار بسرعة الضوء أصبح ضوءا وأصبحت كتلته صفرا  وحجمه لا نهائيا وتوقف الزمن .

سعيد             : هذا أعظم ما سمعتُ عنه .

هشام             :الأعظم هو من اخترعه .

أحمد             : إذن معهم حق أن سموه المقرن الأعظم .

هشام             :الشيء الغريب أننا لم نقابله ولم نره منذ أن حضرنا هنا .

أحمد              : الأستاذ (عارف ) أخبرنا أننا في أي وقت قد يطلب المقرن الأعظم مقابلتنا .

سعيد             :لا أظن فلم يتقابل أحد من العلماء والباحثين والدارسين في المركز مع المقرن الأعظم .

هشام             : هذا نوع من الغموض الذي يحيط بشخصيته .

سعيد             : سمعت أنه لا يبدد دقيقة من وقته وأن حياته كلها يقضيها في البحث والابتكار

أحمد             : ما لا تعرفونه أنه هوصاحب اقتراح مجيئنا هنا في المركز لندرس ونتعلم .

سعيد             : من الذي أخبرك بذلك ؟

أحمد             : الأستاذ عارف .

سعيد             : ( مندهشا ) شيء غريب حقا .

هشام             : دعونا لا نبدد الوقت الآن علينا أن نحدد الوقت المناسب للقيام بالرحلة والحمد لله الآلة ، من السعة بحيث تسعنا نحن الأربعة .

جابر              : ( يقف وسطهم متوترا ) أنا أرفض السفر عبر الزمن ، ثم أنا لا أصدق أن هذا الآلة  تستطيع أن تعود بنا ثانية هنا …والأمر كله لا يصدقه عقل .

هشام             : إذن لم أنت خائف ؟!

سعيد             :لنجرب ..ولا تنسوا أن التجربة هي التي فتحت أبواب العلم والمعرفة .

أحمد             :ولونجحنا سنكون حققنا إنجازا علميا يجعلنا ندخل التاريخ من أوسع أبوابه .

هشام             :أظن تلك الفرصة لا تتاح لأحد من قبل ..وسوف تنشر عنا الجرائد والمجلات والقنوات الفضائية في العالم كله شباب عربي نجح في السفر عبر الزمان ..أظن نكون حمقى لوتركنا تلك الفرصة تضيع من أيدينا .

جابر              : أنتم لا تقدرون الخطر الذي أنتم مقدمون عليه ..نحن نجرب على أنفسنا ..وقد نضيع في الزمن ولا نستطيع أن نعود .

هشام             : ( مندهشا ) إذن أنت مقتنع أن الآلة  قادرة على أن تسافر بنا عبر الزمان .

جابر              : لا ، لست مقتنعا بالمرة .

هشام             :إذن لم أنت خائف ؟!

جابر              : ( مترددا ) لا أدري …ولكن تلك تجربة قد تكلفنا أعمارنا ..أنتم لا تقدرون

خطورة ما أنتم مقدمون عليه .

أحمد             : (يربت على كتفه ) إذن لا تسافر معنا ، لتبق أنت هنا .

جابر              : (مندهشا ) وأترككم !

هشام             :نعم ، ولو ضعنا ولم نستطع العودة لتكون شاهدا أننا ضحينا بأنفسنا في سبيل العلم والمعرفة .

جابر              : وهل العلم والمعرفة يستحقان أن تضحوا بأنفسكم ؟

هشام             : قبل أن أحضر إلى هنا لم أكن أعرف قيمة العلم والمعرفة ،ولكن بعد أن رأيت ما أنجزه العلم وتوصل إليه من اكتشافات وأبتكارات واختراعات تسهم في تغيير حياة الإنسان إلى الأفضل تأكدت أن العلم والمعرفة أهم ما في حياة الإنسان ، بل إن العلم والمعرفة يستحقان أن يضحي الإنسان بحياته من أجلهما

[ يسمعون دقا متواصلا على الباب ]

جابر              : ( متوترا ينظرنحو الباب المغلق ) ربما عرف أحد ما تنوون عمله ..ألم أخبركم أن بعملكم هذا قد نخسر كل شيء .

هشام             : ( يتجه نحو الباب ) لا تخش شيئا ، لا أحد يعرف ما نفكر فيه ..سأفتح الباب لأرى من الطارق .

الأستاذ عارف : ( يقلب بصره بين الشباب ) لقد بحثت عنكم في المركز كله ..ولكن كان يجب

أن أتوقع وجودكم هنا …( ينظر حوله مندهشا ) ولكن لماذا أنتم موصدون النوافذ هكذا !

أحمد             : لم ننتبه أنها موصدة ..فقد كنا منهمكين في الدراسة والبحث .

الأستاذ عارف : ولكن ماهذا الذي فعلتوه …أنا مندهش بحق .

جابر              : ( خائفا ) نحن لم نفعل شيئا …ولقد حذرتهم من خطورة ما يفكرون فيه .

الأستاذ عارف : ( متعجبا ) ما الذي تقصده ..وأي خطورة تلك التي تتحدث عنها .

هشام             : ( متدخلا ) لا ، جابر لا يقصد شيئا ..لقد قلت أنك مندهش ..ما الأمر يا أستاذ عارف .

الأستاذ عارف : المقرن الأعظم طلب أن يقابلكم ، وتلك أول مرة يطلب مقابلة أحد في المركز.

هشام             : وما سبب ذلك ؟

الأستاذ عارف : ( يربت على كتف هشام ) المقرن الأعظم راض عن تقدمكم في الدراسة

،والسرعة في استيعابكم للبرامج ،وهو يريد أن يهنئكم بما انجزتموه في المدة القصيرة التي قضيتموها في المركز .

أحمد             : ومتى يريدنا ؟

الأستاذ عارف : ( يشير إليهم ) الآن وفورا ..هيا لا تضيعوا الوقت .

( إظلام )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المشهد الثالث : إضاءة

بهو واسع في دار الحكمة (ببغداد) ، أبواب لقاعات محاضرات وحجرات دراسة تفتح وتغلق ، يخرج ويدخل عدد من الناس من مختلف الأعمار والأجناس والأزياء ، وهناك سلم يصل البهو بطوابق فوق البهو وتحته ، الجميع يحملون كتب من مختلف الأحجام والأشكال ، البعض يقف في مجموعات يتحدثون ويتناقشون ، والبعض جالس إلى مناضد يتصفح بعض الوريقات واللفائف الورقية ،عدد من الأرفف والدولايب الخشبية محتشدة بالكتب المتاحة للجميع يأخذون منها ما يريدونه للقراءة والإطلاع..  المكان ينطق بالثراء والفخامة من خلال الثريات المتدلية من السقف ، النوافذ الواسعة التي ينفذ منها ضوء النهار تظهر قمم النخيل والأشجار السامقة بالخارج .يدخل كل من (هشام ) و ( سعيد ) و( أحمد ) يتلفتون حولهم ، يلمسون كل ما تقع أعينهم عليه .

هشام             : ( مندهشا )  دار الحكمة …المكتبة التي أنشأها (هارون الرشيد) الخليفة العباسي ..بالضبط كما قرأت عنها …ولكنني لم أتخيل أبدا أنها بهذا الحجم الهائل وبتلك الروعة والنظام

أحمد             : ( يلمس الكتب مندهشا ) آلاف من الكتب في جميع فروع المعرفة .

سعيد             : ( يشير إلى رواد الدار ) وهذا العدد الهائل من البشر ، ولم أر أحدا يمر من هنا إلا وهوحامل كتابا أو كتابين وأكثر .

هشام             :  الغريب أن الناس هنا من مختلف الأعمار ، شبابا وشيوخا وفتيان !

أحمد             : هل لاحظت تلك الأزياء الغريبة التي يرتدونها .

هشام             : أظن هم ينتمون لبلاد مختلفة  ،فبعضهم يتحدث بلهجات غريبة .

سعيد             : وهذا ما جعل هيئتنا لا تلفت انتباه أحد من الموجودين

رجل              : ( يتقدم منهم ، يضع يده على كتف سعيد ) ولكنها لفتت نظري .

هشام             : ( ملتفتا إلى الرجل مندهشا ) من أنت أيها الرجل ؟!

الرجل            : ( يتأمل ملابسهم ) أنا المترجم (حنين بن إسحاق) ..وأنا أتبعكم منذ أن دخلتم الدار ،وأخذتم تتجولون في الطابق الأول والثاني والثالث حتى صعدتم هنا .

سعيد             : ( مندهشا ) ولماذا تتبعنا ؟!

حنين              ) :يشير إلى مقاعد بجانب الحائط ) لماذا تقفون …تعالوا لنجلس ونتحدث .

هشام             : ولكن ما سبب أنك تبعتنا منذ أن دخلنا إلى هنا ؟

حنين             : لاحظت أنكم غرباء وأنكم صغيري السن ، ومع أنكم تتحدثون العربية إلا أن

لهجتكم غريبة بعض الشيء ….من أي الأقطار قدمتم ؟

سعيد            : من مصر .

حنين             🙁مندهشا ) هذا شيء عجيب !

هشام            : ما هذا الشيء العجيب ؟

حنين                      : لأني تقابلت مع الكثيرين من القادمين من مصر لا يرتدون ما ترتدونه ولا يتحدثون مثلما تتحدثون …أنتم مختلفون عنهم في كل شيء .

أحمد            : ( متحمسا ) نحن من مصر ..ولكن من المستقبل .

هشام            : ( ممسكا بيد أحمد ) ما هذا الذي تقوله ؟! ألم نتفق أن الأمر يظل سرا بيننا؟

حنين            : ( متوجسا ) من المستقبل …والأمر يظل سرا بينكم ..أنتم وراءكم شيء تخفونه عني ..ما هو ؟!

هشام           : نحن لا نخفي شيئا بالمرة .

حنين                      : ( ينهض ) اغفروا لي فضولي …واضح أنكم لا ترغبون في وجودي بينكم ..أنا كنت أريد أن أقدم العون لكم  .

أحمد            : وما دافعك إلى ذلك ؟

حنين                      : لأني في يوم من الأيام كنت هنا غريبا مثلكم لا أعرف أحدا وأجهل كل ما حولي ، قابلني رجل طيب وقدم لي العون والمساعدة ، وحينما أردتُ أن أرد جميله ومعروفه ، طلب مني أن أن أفعل مع الغرباء مثلما فعل معي ، أي أقدم العون لأي شخص غريب هنا …( يشير إلى كتاب بيده ) سأنصرف الآن فورائي أن أترجم هذا الكتاب إلى اللغة العربية ..أترككم في رعاية الله .

هشام            : ( يستوقفه ) الذي يقوله (أحمد) هو الحق …فنحن قادمون من المستقبل .

حنين                      : ( مندهشا ، يدقق في ملامحهم ) من المستقبل !! وهل تنتظرون أن أصدققكم ؟!

هشام                     : أنت رجل مثقف واسع الإدراك …في المستقبل أي بعد مئات السنين من الآن ..العلم عندنا تقدم وأخترعوا أجهزة وآلات متقدمة كثيرة .

حنين            : ( مندهشا ) مثل ماذا ؟

هشام            : مثل الطائرة والباخرة والتلفاز والحاسوب والصاروخ والقمر الصناعي .

حنين            : ( يشبك ما بين أصابعه،يتلفت حوله ) طبعا أي شخص يسمع كلامكم سيقول أنكم مصابون بالجنون …ومع ذلك سأتفق معكم في كل ما تقولونه …سؤالي الآن ..كيف جئتم من المستقبل  إلى هنا ؟

سعيد           :في شيء يشبه المركبة الصغيرة …آلة تم اختراعها تسافر بينا عبر الزمان .

أحمد             : أليس لديكم هنا مركبات أو عربات تنتقل بكم من مكان إلى مكان .

حنين            : بلى .

أحمد                      : تلك المركبة أو الآلة بدل من أن تنتقل من مكان إلى مكان تنتقل من زمان إلى زمان .

هشام                     :أليس في اللغة التي تجيدها في الإمكان أن تتحدث عن المستقبل ، وتعود إلى الماضي وتتحدث عنه .

حنين           :بلى .

هشام                     : العلم أتاح للإنسان بدلامن أن يتحدث عن الماضي أويتخيل ماذا حدث أن يعود بنفسه إلى الماضي .

أحمد             :وها نحن بشحمنا ولحمنا أمامك .

حنين                      : ( منكرا ) إذن أنتم جئتم من المستقبل .أقصد رجعتم إلى الماضي في مركبة أو آلة …تلك التي تتحدثون عنها.

هشام            : نعم .

حنين            : وأين هي الآن ؟

سعيد                     : توجد خلف دار الحكمة حقل به الكثير من الأشجار والنخيل ، المركبة هناك أخفيناها بين الأشجار .

هشام           : وإن أردت أن تراها فهيا بنا .

حنين           : سوف أراها لاحقا …ولكن ما الذي جاء بكم إلى هنا ؟

سعيد                     : هناك في المستقبل حيث جئنا يوجد عالم عظيم ..يريد نوعا من المعدن أو الصخر له مواصفات خاصة .

حنين            : ( مندهشا ، يعبث في لحيته ) وفيم تريدونه ؟

أحمد            : المقرن الأعظم يريد أن …

هشام           : ( مقاطعا ) المهم أيها المترجم الكريم …نحن نريدهذا المعدن أو الصخر .

حنين           : وأين هو ؟

هشام             : يوجد هنا في دار الحكمة .

حنين             : ولكن لا يوجد هنا في دار الحكمة سوى الكتب ..لا يوجد أي نوع من المعدن أو الصخور .

الجميع           : ( في صوت واحد) مستحيل !

هشام             : أأنت على يقين مما تقوله ؟

حنين             : ( يشير إلى ما حوله ) أمامكم الدار ..إني أعرف كل طابق وكل حجرة وكل قاعة ..لا يوجد في الدار سوى الكتب وأدوات الكتابة من ورق وأقلام ومداد وأدوات تجليدها   .

أحمد              : ماهذا ..هل وصلنا إلى طريق مسدود ؟

سعيد             : هل سنعود بدون أن يكون معنا الحجر ؟

أحمد             : كيف هذا ؟! كل المعلومات والبيانات  المسجلة في البرنامج تقول أن الحجر هنا .

سعيد             : هناك خطأ ( يلتفت إلى هشام ) لماذا أنت صامت هكذا يا هشام ؟

هشام             : (يفتح جراب جلدي كان يحمله على ظهره ) هذه المشكلة لن يحلها سوى السندباد .

سعيد             : ظننت أننا تركناه في الآلة .

هشام             : (يضعه على ركبتيه ويشغله ) إنه لا يفارقني فهو معي في كل مكان أذهب إليه .

حنين             🙁مندهشا ) ما هذا السندباد ؟

أحمد              : إنه حاسوب وقام هشام بإدخال تعديلات عليه .

حنين             : وما معنى حاسوب ؟

سعيد             :جهاز نعالج به البيانات والمعلومات ويساعدنا في حل الكثير من المشكلات حنين                   : ( يقترب من الحاسوب ويراقب عمل هشام ) هذا نوع من الشعوذة .

أحمد             : بل هو العلم .

سعيد             : ( يربت على كتف هشام) ماذا يقول سندباد ؟

هشام             : ( يضرب على مفاتيح السندباد ) شيء عجيب حقا !!

سعيد             : ما هو هذا الشيء العجيب ؟

هشام             : كل حديث السندباد عن مواصفات الحجر ولم يذكر شيئا عن الحجر .

سعيد             : إذن المقصود مواصفات الحجر وليس الحجر .

أحمد             : وأكيد تلك المواصفات موجودة في كتاب .

سعيد             : وهذا الكتاب هو الذي سيدلنا عن مكان الحجر .

حنين             : على هذا أنتم تبحثون عن معلومات في كتاب ، إذن انتم في المكان الصحيح .

هشام             : ولكن هذا المكان يوجد في آلاف الكتب …نحن كمن يبحث عن إبرة في كوم من القش .

سعيد             : أو عن خاتم في جوف محيط .

حنين              : ( ضاحكا ) تعالوا نفكر بأسلوب علمي يا شباب .

أحمد             : ( مندهشا ) وما شأنك أنت بالأسلوب العلمي .

حنين             : يا هذا أنت تجلس في أكبر جامعة علمية في العالم وأكبر علماء العرب حضروا هنا يعلمون ويتعلمون ..ألا تعرفوا ذلك .

أحمد             : المقررات الدراسية لم تذكر لنا سوى نبذة بسيطة عن العلماء العرب .

سعيد             : ولنا صديق لم يحضر معنا كان يرى أن العرب لم يقدموا علما للإنسانية .

أحمد              : تقصد جابر .

حنين             : بيت الحكمة هذا جمع العلوم من كافة أنحاء العالم ، وكان علماء العرب درسوا تلك العلوم وحافظوا عليها وأضافوا إليها .

سعيد             : وما هي تلك العلوم .

حنين             : الفلك والصيدلة والطب والجبر والرياضيات والنباتات والزراعة والهندسة والجغرافيا والفلسفة والكيمياء والفيزياء والبصريات ..وكل الكتب التي ترجمتها وترجمها غيري يتم تدريسها وبحثها …ويوجد كتب لعلماء عرب مثل جابر بن حيان وأبو بكر الخوارزمي وابن النفيس وابن خرداية وأبو بكر الرازي وأبو حنيفة الدينوري والأصطخري والكندي وابن واقد وابن البيطار

هشام             : المهم كيف سنصل إلى الكتاب المطلوب وسط تلك الغابة من الكتب .

حنين             : أولا نحدد هل تبحثون عن معدن أو صخر ، بعد ذلك نحدد الكتب التي تصف هذا الشيء .

هشام             : معك حق أهو معدن أم صخر .

أحمد             : أيهما أسبق في الوجود الصخر أم المعدن ؟

هشام             : أظن الصخر أولا …لأنهم يستخرجون المعادن من الصخور .

أحمد             : إذن بحثنا سيكون عن صخر .

حنين             : الأمر أيضا في غاية الصعوبة …لأن هناك الكثير من الكتب ألفها العلماء العرب عن الصخور والأحجار .

سعيد             : واضح أن العلماء العرب لم يتركوا شيئا إلا وكتبوا عنه.

حنين             : الذي سيساعدنا في هذا الموضوع هو( ابن بختيشوع )عالم بطبقات الأرض وأنواع الصخور …هيا نذهب إليه .

هشام             : أهو بعيد من هنا ؟

حنين              : إنه بجوار بيت الحكمة …هيا فهو صديقي وسيسعد برؤيتكم .

( إظلام)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المشهد الرابع :إضاءة .

حجرة واسعة ، الذرابي والطنافس مبثوثة في أرجاء المكان ، يجلس ( أحمد ) و ( سعيد ) و ( هشام ) ومعهم ( حنين بن إسحاق ) ،  يجلس أمامهم على مقعد مضيفهم عالم طبقات الأرض ( بن بخيشوع ) وعصاه الطويلة في يده ،  الكتب مكومة في كل مكان بأحجام وأشكال مختلفة ، وهناك خزانات خشبية في الأركان وفي جانب الحجرة توجد ستارة كبيرة سوداء مسدلة تخفي وراءها أرفف كثيرة  .

هشام             : لقد أكلنا وشربنا ونلنا الكثير من كرمك وجودك …الآن نريد أن تدلنا على ..

بن بختيشوع    : ( مقاطعا ) ألا تريدون أن تنالوا قسطا من الراحة ..أظنكم متعبون ..أصعدوا إلى الطابق الأعلى لتناموا بعض الوقت .

أحمد             : لا نريد أن ننام وإنما نريد أن تدلنا على الصخر الذي حدثناك عنه .

بن بختيشوع    : ( ينهض متوكئا على عصاه متجها نحو الحائط يزيح الستار فتظهر الأرفف من الأرض إلى السقف ومرصوص عليها في نظام دقيق أعداد لا حصر لها  من الصخور والأحجار من مختلف الأنواع والأشكال والألوان ، يشير إلى الصخور بعصاه )كل حجر من تلك الأحجار ، له مواصفات وخصائص نادرة ، وقد جمعتها من أماكن مختلفة من العالم ، وسجلت الاسم والمواصفات والخصائص ..وأنا أول من أطلق الأسماء عليها وسجلت كل هذا في العديد من الكتب …وأظن لم يسبقني أحد في فعل ذلك .

هشام             : ( مندهشا ) وأين الحجر الذي تنطبق عليه المواصفات التي ذكرناها لك وسط هذا العدد الهائل من الأحجار ؟!

بن بختيشوع    : ( يعود ويجلس إلى مقعده ) للأسف ، ولا حجر من تلك الأحجار تنطبق عليه المواصفات التي ذكرتها .

أحمد             : ربما تكون مخطئا ،فأنا أرى أعدادا لا حصر لها من الأحجار ..فهل لا ينطبق عليها ما ذكرناه من أوصاف ؟!

سعيد             : وكيف عرفت أن الأوصاف التي ذكرناها لا تنطبق على أي حجر من تلك الأحجار ؟

بن بختيشوع    : ( يشير بعصاه إلى الأحجار ) لأن كل حجر من تلك الأحجار قضيت معه وقتا طويلا أدرس كل صفاته وخصائصه …ولكن الصفات التي تذكرونها للأسف لم أصادف من قبل حجرا بتلك الصفات .

هشام             : ( محبطا ) ما هذا ؟ هل وصلنا إلى طريق مسدود ؟

أحمد             : هل سنعود بدون أن يكون معنا الحجر ؟

سعيد             : ( حزينا ) بعد كل هذا المجهود !

حنين             : ( مفكرا) ولكن ليس معنى أنه لا يوجد هنا أنه لا يوجد في مكان آخر .

هشام             : ماذا تقصد ؟

حنين             : أكيد الحجر موجود طالما معكم صفاته …ولكن موجود في مكان آخر

أحمد              : وكيف لنا أن نعرف ؟

حنين             : ( مخاطبا بن بختيشوع ) ربما يكون الحجر موجود في مكان ما ولكنه لم يقع في يديك بعد .

بن بختيشوع    : لدي بعض اللفائف من ورق بردى بعضها مكتوب باللغة العربية والآخر مكتوب بلغات لا أعرفها .

حنين             : لقد دفعت لي منذ مدة طويلة لفافة وقمت بترجمتها لك وكانت عن بعض أنواع الأحجار .

بن بختيشوع    : ( ينهض ويتجه نحو خزانة الكتب ) لا أتذكر ما تتحدث عنه ، ولكن كل اللفائف الورقية أضعها في تلك الخزانة .

حنين             : ( يتناول ورقة من بن بختيشوع ) نعم ، تلك التي ترجمتها لك ، كانت مكتوبة باللغة السريانية ، وكانت هناك رسومات توضيحية لأشكال الاحجار .

بن بختيشوع    : إذن اقرأ .فأنت الذي ترجمتها وكتبت الترجمة بخطك ..وخطك صغير للغاية يتعذر علي قراءته .

حنين             : ( يطالع اللفافة ) أبشروا يا شباب ..هاهي الصفات المذكورة بالضبط .

أحمد              : ( منفعلا ) الحمد لله …تعبنا لم يذهب سدى .

هشام             : كنت على يقين أننا سنجد الحجر .

سعيد             : أين يوجد الحجر لنذهب ونحضره ؟

حنين              : ( يقلب اللفافة بين يديه ) لم يذكر شيء عن مكان الحجر .

بن بختيشوع    : (مندهشا ) كيف هذا ؟! لابد وأن يذكر مكان وجود الحجر .

حنين              : اللفافة لا يوجد بها شيء غير صفات الحجر .

هشام             : ربما يكون هناك بقية في ورقة أخرى .

حنين              : للأسف لا يوجد .

أحمد             : ( يتناول اللفافة متأملا إياها )  ألا تلاحظون أن في نهاية الورقة مكتوب رقم

                   ( 1) ؟!

سعيد             : (يأخذ اللفافة من يده ويطالعها) ماذا تقصد ؟

أحمد              : طالما مكتوب رقم ( 1 ) إذن لابد وأن يكون هناك صفحة أخرى تحمل رقم

( 2)

بن بختيشوع    : ( يبحث في الخزانة ) معك حق ..سأبحث عن لفافة أخرى .

حنين             : لا تقلقوا ..سنجدها إن شاء الله

بن بختيشوع    : ( يرفع يده باللفافة ) هاهي …وكما توقعتم ومرقمة بالرقم ( 2)

حنين              :  ( يتناول اللفافة ويطالعها مندهشا ) هذا كلام في غاية العجب !!

هشام             : ما الأمر ؟

حنين             : المعلومات المكتوبة والتي ترجمتها تقول أن الحجر فعلا موجود ، ولكنه موجود في معبد من معابد الإله (أتون) في مصر الفرعونية ، وهذا المعبد موجود في مدينة ( أخيتاتون ) التي بناها الفرعون المصري ( إخناتون ) بعدما ترك مدينة (طيبة ) فور قيامة بثورة ضد كهنة  الإله (آمون ) .

أحمد             : ( مندهشا ) أنسافر عبر الزمان في بلاد الله كل هذا السفر ثم نكتشف أن الحجر موجود عندنا في مصر .

سعيد              🙁 ساخرا ) وأنت ترى أن نعود إلى مصر ونبحث عن الحجر في المعبد .

أحمد             : أليس هذا ما تقوله البردية …وحددت المكان بالضبط .

هشام             :  لا تنس أنها حددت الزمان أيضا .

أحمد             : ماذا تقصد بالزمن ؟

هشام             : (إخناتون) كان أحد ملوك الأسرة الثامنة عشر ، وهذا كان في القرن الرابع عشر قبل الميلاد .

سعيد             : وما معنى ذلك ؟

هشام             : معناه إذا كنا مصممين على العودة بالحجر علينا أن نسافر إلى ذلك  الزمان.

أحمد              : ( مندهشا ) نسافر إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد !!

سعيد             : وهل هذا معقول ؟!

هشام             :وهل كان معقولا أن نسافر إلى هذا الزمن الذي نحن فيه الآن ؟

سعيد             : المسافة الزمنية بيننا في المستقبل والآن أقل من ألف سنة ..أما المسافة الزمنية بيننا وبين مكان الحجر في مصر القديمة حوالي ستة عشرة قرنا أنت تتحدث عن القرن الرابع عشر قبل الميلاد ..هل تتخيل ذلك .

أحمد             : معك حق إنها مسافة زمنية طويلة جدا .

هشام             : المسألة سواء مع آلة الزمن فتستطيع أن تنتقل إلى أي فترة زمنية ولنحاول .

سعيد             : المحاولة هنا مغامرة غير مضمونة .

هشام             : ( غاضبا ) إذن ماذا نفعل ..هل نعود بدون الحجر .

أحمد              : الأمر خطير يا هشام ..تلك رحلة إلى أعماق التاريخ

هشام             : أنا ثقتي في الآلة بلا حدود …وقد برهنت الآلة على أنها قادرة أن تذهب بنا إلى أي فترة زمنية وإلى أي مكان نختارة .

أحمد             : لدي فكرة .

هشام             : ما هي ؟

أحمد             : نعود إلى المركز العلمي  ، ومن هناك نسافر إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد .

هشام             : أرى أن هذا تضييع للوقت والجهد ..وربما نجد هناك أمورا تمنعنا من السفر ..هيا بنا لنسافر لنأتي بالحجر .

بن بختيشوع    :إلى أين ستسافرون ؟

هشام             : إلى مصر يا سيدي .

بن بختيشوع    : ( مخاطبا حنين ) أبحث لهم عن قافلة ذاهبة إلى مصر يذهبوا معهم فالطريق محفوف بالمخاطر ..وهم ما يزالوا صغيري السن

هشام             : ( ضاحكا ) لدينا وسيلة سفر غير الجمال والخيول أيها العالم العظيم .

بن بختيشوع    : ( مندهشا ) أيوجد وسيلة للسفر غير الجمال والخيول .

حنين              : نعم …آلة الزمن .يسافرون بها عبر الزمن .

بن يختيشوع  : (مندهشا ) ما هذا الذي تقوله يا (حنين) …أجننت !

حنين             : سأشرح لك كل شيء بعد ذلك ( يلتفت إلى هشام ) ماذا قررتم يا شباب ؟

هشام             : ليس أمامنا خيار أخر .

أحمد              : هيا على بركة الله .

سعيد             : كل شيء يهون في سبيل الحصول على الحجر .

حنين              : ( يمد يده باللفافة ) لا تنسوا أن تاخذوا البردية ففيها كل شيء عن الحجر .

هشام             : تقبل منا كل الشكر لمساعدتنا للعثور على اللفافة وللعالم (بن بختيشوع )على

                     حسن الضيافة .

حنين             : هيا لأصحبكم ولأرى تلك الآلة التي تتحدثون عنها …هيا .

( إظلام )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

   الفصل الثالث

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المشهد الأول :إضاءة

من داخل ألة السفر ،يجلس (هشام ) و(أحمد)  و(سعيد)  إلى مقاعدهم متجاورين ،  مرتدين الخوذات المتصلة بأسلاك وأنابيب بأجهزة ألة السفر ،  عشرات الأجهزة حولهم من قياس زمن إلى تحديد مكان وقياس إحداثيات ، وشاشات أجهزة الكمبيوتر تظهر الكثير من البيانات المتصلة بالمكان الموجودين به ، تظهر المباني الفرعونية من خلال النوافذ الشفافة لآلة الزمن .

هشام   : ( يخلع خوذته يتأمل البيانات أمامه على شاشة الحاسوب ) ها قد وصلنا إلى المكان

والزمان الذي حددناه للآلة .

أحمد    : ( يخلع خوذته ، يمسك رأسه ) إن رأسي يكاد  ينفجر من الصداع .

سعيد   : أشعر بفقدان إتزاني …وجسدي يسري فيه تنميل غريب .

هشام   : كل هذا بسبب السرعة التي تسير بها الآلة ..إنها أسرع من الضوء .

أحمد    : أنا مازلت غير مصدق أننا نسافر عبر الزمن ، وأننا موجودون الآن في القرن الرابع عشر قبل الميلاد ، وفي مدينة ( أخيتاتون ) في ( تل العمارنة )  التي بناها ( إخناتون ) بعد ما وحًد الآلهة كلها التي كان يعبدها المصريون في إلة واحد وأطلق عليه ( أتون)

سعيد   : وما معنى ( أتون ) ؟

أحمد    : القوة الخفية خلف قرص الشمس التي تهب الحياة والحركة ، فرمز لها بقرص الشمس التي تتدلى أشعتها على هيئة آياد بشرية تحمل مفتاح الحياة وطالب الناس بعبادته لا شريك له .

سعيد   : ( مندهشا ) وماذا كان يعبد الناس قبل ذلك ؟

أحمد    : كانوا يعبدون الإلة ( أمون ) ولكن ( إخناتون) أبطل تلك العبادة ، وأضطهد كهنة ( أمون ) وأغلق معابدهم وصادر كل أملاكهم وعزلهم من مناصبهم .

سعيد   : إذن كان هناك صراع وحرب بين كهنة الإله ( أمون ) و( إخناتون ) .

أحمد    :نعم ، وهذا ما جعل ( إخناتون ) يترك ( طيبة )مقر الإله ( أمون ) ويؤسس مدينة (إخيتاتون) في (تل العمارنة )

سعيد   : وهل استسلم كهنة ( أمون ) وتخلوا عن معابدهم وأموالهم ومناصبهم بسهولة .

أحمد    : من قال ذلك  ؟  لقد قاموا بمؤامرات وحركات انتقامية أثناء حكم (إخناتون) وبعد عصر إخناتون و…

هشام   : ( متضايقا ) هل سنظل طويلا في دروس التاريخ الفرعوني هذا ؟ هل نسيتما أننا وراءنا مهمة ونريد إنجاذها في أسرع وقت !

سعيد   : وهل هذا عيب … أريد أن أعرف و …

هشام   : ليس هذا بعيب ولكن ليس هذا وقته ..بعد أن نعود إن شاء الله أمامك كتب التاريخ اقرأ فيها ما تشاء .

أحمد    : ( يتطلع من خلال النوافذ ) أين نحن بالضبط .

هشام   : ( ينظر إلى شاشة الحاسوب أمامه ويدير مفتاح على يمينه ) في عام 1861قبل الميلاد وخلف المعبد الرئيسي الذي بناه إخناتون في تل العمارنة في مصر الوسطى وتلك المدينة تقع على الشاطيء الشرقي للنيل بين المنيا وأسيوط …تلك كل البيانات التي توفرها آلة الزمن لنا ( يشير إلى حاسوبه الصغير بجواره )  وبمساعدة السندباد أيضا .

أحمد    : ( ينهض ) إذن هيا كي لا نبدد مزيدا من الوقت .

سعيد   : ( يمد يده ) خذ بيدي لأنهض .

هشام   : انتظرا …هناك عقبتان لابد  أن  نفكر فيهما قبل النزول .

أحمد    :ما هما ؟

هشام   : الزي واللغة .

أحمد    :كيف هذا ؟!

هشام   :حينما سافرنا إلى (بغداد) ، كانوا هناك يتحدثون اللغة العربية في دار الحكمة ، وكان هناك أجناس كثيرة من بلاد مختلفة  تفد إلى الدار للتعلم والإطلاع ، لذلك لم نثر انتباه أحد واستطعنا التفاهم مع ( حنين) و(بن بختيشوع ) أما هنا في مصر القديمة فالأمر مختلف .

أحمد    : ( مفكرا  ) معك حق …فهنا ما نلبسه سيلفت الانظار إلينا .

سعيد   : وكذلك اللغة …فنحن نجهل جهلا تاما اللغة التي يتحدثون بها …حتى الكتابة الهيروغليفية لا ندرى عنها شيئا .

هشام   : ( ضاحكا ومشيرا إلى مجموعة من الميكرفونات في فاترينة زجاجية بجانبهم ) طبعا لأنكم لم تدرسوا كل ما يخص آلة السفر عبر الزمن وجميع الإمكانيات والمخترعات التي قام بإدخالها (المقرن الأعظم) وزود بها الآلة ، المقرن الاعظم لم يغفل عقبة اللغة أثناء السفر عبر الزمن ، كل ميكرفون من تلك الميكرفونات مزود بجهاز في غاية الدقة ، مبرمج عليه كل اللغات التي عرفها الإنسان قديما وحديثا ، كل منكم سيعلق ميكرفون خلف أذنه ، والجهاز سيعلقه في نطاقه .

أحمد    : ( مندهشا ) وماذا سنفعل بالميكرفون والجهاز ؟!

هشام   : ستضبط الجهاز على اللغة التي تريد أن تتفاهم بها ، إذا تحدثت سيقوم الجهاز بترجمة اللغة التي تتحدث بها إلى اللغة التي أخترتها وضبط عليها الجهاز وبذلك يستطيع السامع أن يفهمك .

سعيد   : وإذا تحدث السامع بلغته التي لا تفهمها ؟

هشام  : سيترجم الجهاز اللغة التي يتحدث بها إلى اللغة التي تفهمها أنت وتريدها ، وبذلك

يستطيع المتحدت والمستمع أن يتفاهما .

أحمد    : ( منبهرا بما حوله ) تلك ليست آلة للسفر عبر الزمان …تلك معجزة المعجزات العلمية .

هشام   : المفاجأة الكبرى أن الآلة مزودة ( بسونار) رباعي الأبعاد يعمل بأشعة الليزر

سعيد   :  ( متعجبا ) ما معنى ذلك ؟!

هشام   : هذا (السونار) يقوم باستكشاف المكان أو المنطقة التي نحددها له ، ويعطينا بيانات ومعلومات تفصيلية  صوتا وحركة وكأنك تشاهد فيلما تليفزيونيا .

أحمد    : وبما سيفيدنا هذا السونار ؟

هشام   : سيعطينا كل المعلومات والبيانات التفصيلية الحية للمكان حولنا ، وكأننا سبق لنا ودخلناه وتجولنا فيه .

سعيد   : معك حق …فنحن في حاجة إلى أن نعرف كل ما يتصل بالمكان حولنا .

أحمد    : ( يشير إليه ) هيا دع (السونار)  الرباعي يعمل .

هشام   : ( يمد يده ويشغل الجهاز ،وتظهر صورة المعبد وما حوله من طرق وأبنية ) ها هو المعبد الموجود الحجر داخله …وهاهم المصريون القدماء .

أحمد    : ( يشير إلى الصورة على شاشة الجهاز ) أتراهم كيف يسيرون في دقة ونظام ؟!

سعيد   : نعم ، ولكن لا نفهم ماذا يقولون .

هشام   : ( يفتح باب الفاترينة الزجاجة ويخرج الميكروفونات والأجهزة ) خذا وضعا الميكرفون والأجهزة الأخرى ..وأنا سأرتدي الميكرفون الخاص بي .

سعيد   : ( يشير إلى الصورة ) أترى هذا الموكب الضخم الذي يخرج من باب  المعبد ؟

أحمد    : معك حق إنه موكب ضخم  ، لابد وأنه لشخصية ذات قيمة ، ربما يكون الملك .

هشام   : ( يضغط على ذر في الجهاز ) سأطلب بيانات تفصيلية من الجهاز على تلك الصورة

سعيد   : ( يشير إلى الكتابة التي ظهرت على الشاشة ) كبير الكهنة ومعه الكهنة يخرج من المعبد بعد أن قدم القرابين للإله (أتون ) .

هشام   : ( يشير إلى جانب في الصورة ) أترى في الطريق البعيد من المعبد ، وراء هذا الجدار ؟

أحمد    : إنهم مجموعة من الرجال .

هشام   : ( مندهشا ) ما هذا الذي يلمع في أيديهم ؟!

أحمد    : أظن أنها أسلحة بيضاء .

هشام   : ولماذا يختفون وراء هذا الجدار .ولماذا يخفون وجوههم ؟

أحمد    : أتفكر فيما أفكر فيه ؟

أحمد   :إنه نفس الطريق الذي سيمر منه موكب كبير الكهنة .

هشام   :إذن هم ينتظرون ليغتالوا كبير الكهنة .

سعيد   : إنها مؤامرة لقتل كبير الكهنة والكهنة .

هشام   : إذن لابد وأن نتصرف لنمنع تلك الجريمة .

أحمد    : ( مندهشا ) ما لنا نحن ومنع الجريمة ، نحن هنا لمهمة محددة ، وهو إحضار الحجر.

هشام   :وإذا كان بأيدينا أن نمنع جريمة قتل وننقذ  أرواح عدد من الناس ،فلماذا لا نقوم بذلك ؟

سعيد   : وبأي صفة سنمنع تلك الجريمة ؟ لا تنس أننا غرباء عن المكان والزمان .

أحمد    : وربما تورطنا في تلك الجريمة …إنهم يريدون إغتيال كبير الكهنة .

هشام   : ( ينهض ، يعلق الميكرفون خلف أذنيه والجهاز في نطاقه ) لست أهتم بشيء إلا بمنع    تلك الجريمة ..أبقيا أنتما هنا وسأذهب بمفردي .

أحمد    : ( يمسك به ) أنتظر إن عددهم كثير ومعهم أسلحة بيضاء ،ونحن عددنا قليل وليس معنا ما ندافع به عن أنفسنا ، وقد نقتل مع من سيُقتل .

هشام   : ( يمد يده بجواره ويفتح درجا ويخرج منه جهاز صغير مستطيل الشكل ) هذا مسدس ليزر كفيل أن يبطل كل أسلحتهم ، بل ويصهرها ويجعها تتبخر .

أحمد    : ( يتأهب للخروج ) وهل بمسدس واحد نستطيع التغلب عليهم .

سعيد   🙁يتجه نحو الباب ) إنهم بأعداد كثيرة .

هشام   : ( يفتح باب الآلة ) هيا لا تضيعوا وقتا ، فالموكب يقترب من القتلة .

( إظلام )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المشهد الثاني :إضاءة

في حجرة من حجرات معبد ( أتون ) يجلس ( هشام )و ( أحمد ) و(سعيد) حول مائدة حافلة بكل أنواع الأطعمة والفواكه والعصائر ، الجدران منقوش عليها قرش الشمس وتتدلى منها أشعة على شكل أيادي ، وفي جانب آخر صورة (إخناتون) يشير إلى الشمس ومكتوب بجواره نشيد من أناشيده التي يتضرع فيها إلى ( أتون ) .

هشام   : ( يقضم تفاحة ) كبير الكهنة والكهنة يصرون على أننا سحرة أرسلهم ( أتون ) لإنقاذ   كبير الكهنة من مؤامرة القتل …أو أننا كائنات من عالم آخر

أحمد    : ( ضاحكا ) هم معذرون في هذا ، فجأة نظهر في الوقت المناسب وننقذ كبير الكهنة والكهنة من عملية قتل محققة .

سعيد   : بالإضافة إلى غرابة ما نرتديه من ملابس والأجهزة التي نحملها .

أحمد     : ( يتناول كوب من العصير ) والأهم من كل هذا مسدس الليزر الذي استعلمه ( هشام)

سعيد   :   هذا ما جعلهم يتأكدون أننا سحرة ومن عالم آخر ، لقد حولت أشعة الليزر المنطلقة من المسدس السيوفَ والخناجر والرماح والبلط  كأنها لعب بلاستيكية في أيدى الأطفال .

أحمد    : ولكن يجب أن نصحح الفكرة التي أخذوها عنا ..الأمر ليس فيه سحر إنه علم ..كل شيء خاضع للتفسير العقلي والتأويل المنطقي

سعيد   : أوتظن أن عقولهم الآن قادرة على استيعاب نظرية عمل آلة الزمان ومفهوم الضوء وسرعته والحاسوب والليزر ..لقد توصل العقل الإنساني إلى كل هذا عبر آلاف السنين

أحمد    : على رأيك ..وكل هذا تم خطوة خطوة ومرحلة تعقبها مرحلة ..وبعد محاولات كثيرة قام بها العلماء والمخترعون

سعيد   : وأن تضع ما تم إنجازه عبر آلاف السنين وهذا التراكم المعرفي والتكنولوجي ..أن تضع كل هذا أمام العقل في هذا الوقت والمكان الذي نوجد فيه الآن فلابد أن يعتبروا أن هذا نوع من السحر .

أحمد    : أظن هنا في مصر القديم لا ينظرون إلى السحر والسحرة نظرة تدني ..وإنما يقدرون السحر والسحرة .

سعيد   : وهل هذا سبب تقديرهم لنا على إعتبار أننا سحرة ؟

أحمد    : أو لأننا كشفنا المخطط ،وأحبطنا المؤامرة وأنقذنا كبير الكهنة من القتل .

هشام   :  (متضايقا )  أنتما تناقشان أمورا فرعية لا علاقة لها بالموضوع الأساسي .

احمد    : ماذا تقصد ؟

هشام   : الحجر …ما جئنا من أجله ..دعونا من حكاية العلم والسحر .

أحمد    : لقد تحدثنا طويلا مع كبير الكهنة عن الحجر ومواصفاته .

سعيد   : والرجل كان على استعداد أن يقدم لنا أي شيء نطلبه مكافأة لنا على إنقاذه من القتل.

أحمد    : ووعدنا أن يبحث هذا الأمر بجدية مع الكهنة ..وأظن أنهم مجتمعون الآن للوصول إلى قرار .

هشام   : ( مفكرا ) ولكن ألم تلاحظا شيئا أثناء الحديث عن الحجر ؟

سعيد   : ماذا تقصد بالضبط ؟

هشام   :إن الحجر بالنسبة لهم شيء مقدس .

أحمد    : ( مندهشا ) شيء مقدس !…كيف هذا ؟!

هشام   : أول ما ذكر الكاهن ( دودو) اسم ( الأرجواني السماوي ) وهو الاسم الذي أطلقوه على الحجر ..أنتاب جميع الكهنة رعشةُ ونكسوا رءوسهم ،وسادت حالة من الصمت والسكون بينهم لمدة ليست بالقصيرة .

أحمد  : معك حق ..لقد لاحظت هذا .

سعيد   : ولكننا لم نعط للأمر أهمية .

أحمد    : ولكن ما سبب تسميته ( بالأرجواني السماوي ) ؟

هشام   : أظن الأرجواني هذا لون الحجر ، والسماوي أنه سقط من السماء .

أحمد    : وهل لونه وسقوطه من المساء يجعلهم  يقدسونه ؟

هشام   : في إعتقادهم أن كل الأحجار والصخور في الأرض أو باطن الأرض أما أن يسقط حجر من المساء ويكون له كل تلك المواصفات..وربما يكون لحظة سقوطه صادف ملابسات وظروف ما …كل هذا يجعلهم يقدسونه .

أحمد    : وأظن أنهم لن يفرطوا في شيء يقدسونه بسهولة .

هشام   : طبعا ..وإلا لما طلب كبير الكهنة مهلة يتداول فيها مع الكهنة ، ويتشاورون في أمر الحجر .

سعيد   : على هذا قد يرفضون إعطائنا الحجر .

أحمد    : وقد يقبلون أن يعطوه لنا .

سعيد   : ولو رفضوا ماذا سنفعل ؟

أحمد    : سنعود بدون أن يكون معنا الحجر .

هشام    : ( مفكرا ) لقد تأكدنا أن الحجر موجود هنا في المعبد .

أحمد    : ماذا تقصد ؟

هشام   : يعني لو رفضوا،  فلابد وأن نستولى عليه بأي طريقة .

أحمد    : ولكن تلك سرقة .

هشام   : ( ساخرا ) وماذا يفعلون به ؟ إنه بالنسبة  لهم  قطعة  حجر لن يفعلوا بها شيئا ، ولكن بالنسبة لنا سيكون إنجازا علميا لم يحدث من قبل ..وسيخدم الإنسانية .

سعيد   : ولكن هم الذين يملكونه ولهم حق التصرف فيه !

هشام   : إذن نعود وبدون أن يكون معنا الحجر  .

أحمد    : ولم تفترض الأسوأ .

سعيد   : ألا يتوقعون أن نحصل على الحجر بدون رضاهم ؟

أحمد    : وكيف هذا ؟

سعيد   : إنهم يعتبروننا  سحرة أو من عالم آخر ولدينا قوى خارقة .

هشام   : نعم ، ولكن لأن الحجر مقدس بالنسبة لهم  فمكانه من الأسرار التي لا يعرفها إلا كبير الكهنة .

[ يسمع طرق على الباب ، يدخل الكاهن ( دودو ) ]

دودو   : ( يتأملهم  في انبهار) بارككم الإله أتون أيها الشباب المبجل .

هشام   : ( يقف ) تفضل أيها الكاهن الكريم .

دودو   : سيدي كبير الكهنة يدعوكم أن تمثلوا بين يديه الآن .

أحمد    : ( مستفسرا ) أيمكن أن تخبرنا بالقرار الذي توصلتم إليه أيها الكاهن المبجل .

دودو   : ( مبتسما ) كبير الكهنة والكهنة ينتظرونكم لكي تسمعوا القرار بنفسكم .

سعيد   : أظن أن الاجتماع كان ساخنا والنقاش كان حاميا .

دودو   : ( يشير إلى باب الحجرة )  تفضلوا …كبير الكهنة في انتظاركم ..تفضلوا ..

 

( إظلام )

 

المشهد الثالث : إضاءة

القاعة الرئيسية في معبد ( أتون ) يجلس كبير الكهنة ( باواح ) في صدر المكان ، وعلي يمينه ويساره الكهنة يجلسون على مقاعدهم ، شعاع الشمس ينفذ من النوافذ الواسعة فيضيء المكان .صور الإله ( أتون ) مرسومة على الجدران ، وفي الخلفية تمثال كبير الحجم للملك ( إخناتون ) وفي الوسط وأمام كبير الكهنة ثلاثة مقاعد شاغرة . يدخل الكاهن ( دودو ) ووراءه ( هشام ) و( أحمد) و( سعيد ) يقفون أمام كبير الكهنة ، يشير لهم بالجلوس على المقاعد الشاغرة .

كبير الكهنة      :  مباركون أيها الشباب من ( أتون ) الذي لا يغيب نوره عن العالم ،ويمد كل الكائنات بالحياة والنماء …ونحن على يقين أن مشيئة ( أتون ) هي التي أرسلتكم لنا .

جميع الكهنة    : ( في صوت واحد ) مبارك ( أتون) في عليائه وبورك من يعبده في الأرض

كبير الكهنة      : ( يدقق بنظره فيهم ) لكم أيها الفتية علينا حقان : أما الحق الأول فهو حق الضيافة ( يشير إلى الكاهن دودو ) وأرجو أن يكون الكاهن ( دودو ) قد أدى هذا الحق على أكمل وجه ، أما الحق الثاني فهو المكافأة التي تستحقونها لإنقاذكم لنا من مؤامرة القتل التي كان وراءها كهنة ( أمون) ، وقد عرفنا من أقوال المتورطين في تلك المؤامرة أن هناك مؤامرة أخرى لإغتيال ملكنا العظيم ( إخناتون ) ..وقد أمرت الكاهن ( دودو ) أن يلبي جميع طلباتكم ، فأبلغني بأمر ( الأرجواني السماوي ) وتناقشت والكهنة طويلا بهذا الأمر ووصلنا إلى قرار .

كاجمني          : ( ينهض ويتقدم نحو كبير الكهنة ) قبل أن تعلن القرار أيها السيد المبجل لي

طلب .

كبير الكهنة      : ( مندهشا ) تفضل أيها الكاهن ( كاجمني ) !

كاجمني          : ( يرفع سجل في يده ) بصفتي المؤرخ لمعبد ( أتون) في (أخيتاتون) أود أن أسجل حقيقة هؤلاء الشباب وما حدث ، هل سأكتب أنهم سحرة أم أنهم من عالم أخر ، أم من كوكب غير الأرض ، أم أنهم قد جاءوا إلينا من المستقبل كما أخبروننا، وإن كان قولهم هذا غامضا ولا أستطيع أن أستوعبه .

بارنفر            : ( يقف رافعا يده ) إن أذن لي كبير الكهنة لأتكلم معلقا على كلام زميلي الكاهن ( كاجمني ) .

كبير الكهنة      : تفضل أيها الكاهن ( بارنفر ) .

بارنفر            : ( يتقدم من كاجمني ) كثير من الحقائق حولنا في الكون لا تستوعبها عقولنا ،وهذا لا يقلل من كونها حقائق ..لقد أخبروننا هؤلاءالشباب أنهم قادمون لنا من المستقبل ..فما عليك إلا أن تكتب ذلك وتسجله .

كاجمني          : ولكن أهذا هو الحق ؟

بارنفر            : ( يشير إلى الشباب ) هم الذين يقررون هذا ، وقد أقروا وأعترفوا أنهم صادقون في قولهم هذا .

ماحو             : ( يقف ويرفع يده ) إن أذنت يا كبير الكهنة أريد أن أوجه سؤالا لهؤلاء الشباب .

كبير الكهنة      : تفضل يا (ماحو ) .

ماحو             : ( يتقدم من الشباب ) ما الذي دفعكم أن تمنعوا جريمة القتل مع إنكم غرباء عن المكان .

هشام             : أولا  :  لسنا غرباء عنكم فنحن مصريون وندرس تاريخكم الذي هو تاريخنا ، وأي إنسان يرى جريمة سترتكب ودماء ستسفك بغير حق لابد وأن يحاول أن يمنعها ، فالدافع هنا هو فعل الخير ، ومنع حدوث الشر .

ماحو             : ولكن ألم تخافوا أن تتعرضوا للقتل أثناء محاولاتكم منع الجريمة .

أحمد              : كل تفكيرنا كان منحصرا في منع الجريمة .

سعيد             : وكان الموقف واضحا لا لبس فيه بين رجال مدججين بالأسلحة يختفون وراء الجدر وبين موكب الكهنة الذي يسير في أمن وسلام .

كبير الكهنة      : ( يرفع يده ) أظن قد حان الوقت لأعلن القرار ( يخرج ورقة بردى من جانبه ويطالعها ) انقسم الكهنة ما بين مؤيد لمنح الشباب ( الأرجواني السماوي ) ومعارض ، وكانت حجة المؤيدين أن ما فعله الشباب يستحقون عليه الكثير والكثير حتى ولو كان ( الأرجواني المقدس ) وكانت حجة المعارضين أن ( الأرجواني المقدس )لا أحد يملكه حتى نحن الكهنة ، ومن لا يملك شيئا لا يستطيع أن يكون حرا في التصرف فيه ، وكان عدد المؤيدين مساويا لعدد المعارضين ، وقد أنحزت أنا ( باواح ) كبير كهنة ( أتون ) إلى المؤيدين لمنح الشباب ( الأرجواني المقدس ) والسبب أنني الوحيد الذي أعرف أن هناك قطعتين من ( الأرجواني السماوي ) وليس قطعة واحدة ، فالأوراق السرية التي أرخت بسقوط ( الأرجواني السماوي) من السماء قالت أن قطعتين سقطتا في وقت واحد ومكان واحد ، ووُضعت كلا القطعتين في صندوقين منفصلين ، على هذا فسوف نقوم بمنح الشباب واحدا من الصندوقين .

الشباب           : ( يقفون وفي صوت واحد ) لك كل الشكر على هذا القرار العظيم .

كبير الكهنة      : ( يشير إلى الحارس على الباب ) ليدخل حملة ( الأرجواني المقدس ) .

[ يدخل عدد من الرجال يحملون محفة من الخشب مغطاة بمفرش ذهبي اللون وفوقها صندوق من المرمر الأبيض ، يتقدمون وسط المكان ويضعون المحفة ويخرجون في خشوع وصمت ]

كبير الكهنة      : ( يشير إلى الصندوق ) هذا الحجر مقدس ، وأنا لا أدري فيما ستستخدمونه ..والمقدس نافع وضار في نفس الوقت ، نافع إذا أستُخدم  في الخير ، وضار إذا أستخدم في الشر ، فحذار حذار إذا استخدم في الشر ، فسوف تحل لعنة هذا الأرجواني المقدس على الأشرار .

هشام             : بل سيستخدم في الخير ونفع البشرية كلها .

كبير الكهنة  : هذا ما أرجوه ويرجوه جميع الكهنة .

هشام             : ( يقف ويتقدم من الصندوق ) أتسمح لنا بأخذ الأرجواني السماوي والرحيل

كبير الكهنة      : أردت ان أقول كلمة أخيرة ، الأرجواني المقدس يشتمل على صفات لم يصل أحد بعد إلى معرفتها ، ما نعرفه عنه بعض صفاته وليس كلها ، فاقتربوا منه بحرص وتعاملوا معه بحذر …وبارككم (أتون) ورعاكم وأحاطكم بعنايته …تفضلوا احملوا الإرجواني المقدس .

( إظلام )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المشهد الرابع :إضاءة

في الفصل الدراسي يجلس ( هشام ) و ( أحمد) و ( سعيد) وأمامهم على منضدة الصندوق الذي به ( الأرجواني السماوي ) و(جابر) يذهب ويجيء أمامهم

جابر              : ( مستنكرا ) وتريدون أن أصدقككم في كل ما تقولونه ؟!

أحمد              : ولم لا ؟

جابر              : أنتم تخدعونني لأنني رفضت أن أصحبكم فيما تقولون عنه رحلة عبر الزمن.

سعيد             : ( يقف ويقترب منه ) ولماذا تظن أننا نريد خداعك .

جابر              : المدة التي استغرقتوها في الرحلتين ..لم يمض على تركي إياكم شيئا من الوقت .

هشام             : ألم أقل لك أن آلة الزمان أسرع من الضوء وكل المسافة التي تقطعها الآلة يتوقف الوقت هنا خلال السفر .

جابر              : لا تنس أن هذا الذي تقوله صواب من الناحية النظرية فقط …إنما لم يخضع للتجربة العلمية .

سعيد             : نحن استطعنا أن نطبق النظرية عمليا وقد نجحنا في ذلك .

جابر              : وأين الدليل أنكم ذهبتم مثلما قلتم وسافرتم عبر الزمان ورجعتم إلى الماضي  حوالي أربعة عشر قرنا ثم عدتم إلى هنا ولم يمض عليكم شيئا من الوقت ؟

الجميع           : ( في صوت واحد مشيرون إلى الصندوق أمامهم  ) الأرجواني السماوي .

جابر              : ( ضاحكا ) هذا الصندوق من الحجر المرمري أي شخص يستطيع الحصول عليه من أي محل في ( خان الخليلي )

أحمد              : لو كنت صحبتنا في تلك الرحلة كنت أرحتنا وأرحت نفسك من هذا الجدال

سعيد             : ولكن خوفك الذي منعك أن تصحبنا .

جابر              : ( غاضبا )  لست بالخائف ..ولكنني رفضت أن أخوض مغامرة في غاية الخطورة ….وسأذهب إلى غرفتي وانتظركم لنتناول العشاء

هشام             :  معه حق  جابر ..إنها كانت مغامرة في غاية الخطورة ، ولكن على قدر خطورتها على قدر الجدوى التي حققناها من تلك الرحلة .

سعيد             🙁 ينظر إلى الصندوق ) تقصد الأرجواني السماوي …حتى لو لم نعد به ..الرحلة التي قمنا بها في حد ذاتها ..نحن حققنا معجزة علمية في التاريخ الإنساني …أنتم لا تتخيلوا مقدار الإنجاز الذي حققناه .

أحمد             : ولكن تبقى العقبة الكبرى أمامنا …كيف سنخبر من معنا هنا أننا بتلك الرحلة ؟ وماذا سيكون رد فعلهم …وبالأخص المقرن الأعظم .

سعيد             : على رأيك ..فربما لو عرف أننا فلعنا ما فعلناه بدون علمه أو إذنه لطردنا من المركز شر طردة .

أحمد              : ( ملتفتا إلى هشام ) ما بك يا هشام ؟ لماذا أنت صامت هكذا ؟!

هشام             : ( مفكرا ) لو كان ما أفكر فيه هو الحق ..إذن فقد خُدعنا الخديعة الكبرى …ولماذا لا أسميها خطة رسمت في غاية الإحكام والدقة .

أحمد              : ماذا تقصد ؟

هشام             : أظن أن كل ما فعلناه كان مخططا  له ومرسوما بكل دقة .

سعيد             : ومن الذي خطط ورسم ؟

هشام             : المقرن الأعظم .

سعيد             : زد كلامك وضوحا …فنحن لا نفهم ما تقصده بالضبط .

هشام             : ( يشير إليهم أن يقتربوا منه ) اختيارنا من المدرسة وانتقالنا إلى المركز العلمي والدورات المكثفة الني حصلنا عليها خلال مدة وجيزة ، وتلك الإمكانات الهائلة التي سُخرت وذُللت لنا ، ووقوع كل الأسرار والمعلومات العلمية الخاصة بآلة الزمن ومواصفات الأرجواني السماوي …كل هذا لم يتم صدفة كما كنا نظن .

أحمد             : ( متعجبا ) ألا ترى أن خيالك قد شرد بك بعيدا ….أمعقول كل ما قمنا به منذ انتقالنا من المدرسة إلى هنا وإطلاعنا على البيانات والمعلومات والأسرار وقيامنا بالرحلة وإحضارنا الأرجواني السماوي كل هذا كان مدبرا ومرسوما …أهذا الكلام يعقل ؟!

سعيد             : ( يضع يده على كتف أحمد ) ولم لا ؟ أظن أن ما يقوله هشام على صواب  لقد وُضعت خطة ورُسمت بكل إحكام ودقة ..وكنا نحن بدون أن نشعر الأداة المنفذة لتلك الخطة .

أحمد             : ( يصفر بفمه مندهشا ) ولا الشيطان نفسه يقدر على رسم وتدبير تلك الخطة …ومن تظنون وراء كل هذا …إنه في قمة العبقرية ذلك الذي جعلنا طوال الرحلة نظن أننا نتصرف من تلقاء أنفسنا ..بينما في الواقع ننفذ ما خطط له .

هشام             : ( مبتسما ) ألا تعرفون من وراء كل هذا .

الجميع           : ( في صوت واحد ) من ؟

هشام             : المقرن الأعظم .

الجميع           : ( في صوت واحد) مستحيل !!

[ يفتح الباب ويدخل المقرن الأعظم على عربته ]

المقرن الأعظم : ( ينقل بصره بينهم ) هشام قد أصاب الحق .

الجميع           : ( يتراجعون مندهشين ) المقرن الأعظم  !!

المقرن الأعظم : ( يدور حولهم بعربته ) كل شيء قد رسم بدقة ودبر بإحكام ..وكل المعلومات

والبيانات والأسرار لم تقع في أيديكم صدفة ..وإنما وُضعت في طريقكم وأمامكم عن عمد وقصد …وكل شيء سار ونُفذ كما رسمتُه وخططتُ له .

هشام           : ( مندهشا ) ولكن لماذا نحن بالذات ؟!

المقرن الأعظم :لأنكم شباب في حاجة إلى الاهتمام العقلي والرعاية العلمية ، وأنا في سنكم كنت في حاجة إلى من يأخذ بيدي لأتعلم ، وقد عانيت كثيرا لعدم توافر الرعاية العلمية ، ولكني اعتمدت على الله وعلى نفسي في التحصيل الدرسي والعلمي …أردت أن أوفر لكم ما حرمت منه ، ولدي قناعة وإيمان بقدرة الشباب أن يدفع أمته العربية في سبل وطرق التقدم والتطور ويعوضها عن عصور التأخر ..فأنتم مستقبل وعقل وضمير ووجدان الأمة  .

أحمد             : ولكن لماذا تم كل هذا بدون أن نعرف …ولماذا لم تخبرنا وتكلفنا بالرحلة ؟ أظن أننا لن نرفض القيام بها .

المقرن الأعظم : أردت أن أثبت أنكم قادرون أن تعتمدوا على أنفسكم  ، وقادرون على المغامرة

والتضحية في سبيل العلم ، وأن الشباب العربي لا يقل ذكاء ومهارة عن شباب البلاد المتقدمة بل يزيد بإخلاصه وحبه وتفانيه وبإيمانه بماضيه وحاضره ومستقبله ، وأن الشاب العربي إذا توافرت له الإمكانات والرعاية قادر على تحقيق المعجزات ، لقد قبلتم أن تخوضوا المغامرة بما فيها من نسبة خطورة عالية تصل إلى التضحية بأنفسكم في سبيل العلم والمعرفة .

هشام             :وهل سيظل ما قمنا به سرا  لا يعرف به أحد ؟

المقرن الأعظم : كل ما حدث سيذاع ويعرفه العالم في الوقت المناسب …ثلاثة من الشباب العربي يحققون إنجازا علميا غير مسبوق في التاريخ ..والذي يزيد من عظمة الإنجاز أنهم اعتمدوا على أنفسهم في كل شيء ..كل ما حدث أن الإمكانات زللت لهم ومنحوا الفرصة ليثبتوا للعالم أن الشباب العربي قادر على تحقيق المعجزات متى توافرت لهم الفرصة

أحمد              : ولكن ماذا كان سيحدث لو طرأ أي خطأ أو عطل أو تلف في آلة الزمان .

المقرن الأعظم : طوال الرحلة لم ينقطع اتصالي بكم ..آلة الزمن مزودة بأجهزة تجعلني أرى

وأسمع كل ما يحدث ، وإذا حدث أي خطأ سأتدخل على الفور ..حتى وأنتم خارج الآلة كان هناك ( السندباد ) مزود هو الآخر بأجهزة اتصال تنقل لي كل ما يحدث .

هشام             : ( ضاحكا ) حتى السندباد والذي ظننت أنه معي ، و أدخلت عليه بعض التعديلات .

المقرن الأعظم : أنت بالفعل أدخلت عليه الكثير من التعديلات ..ولكنه كان وسيلة الاتصال بكم وأنتم خارج الآلة  .

أحمد             : نحن لا نستطيع كيف نوجه لك شكرنا وامتناننا على تلك الثقة الغالية وإيمانك بقدرتنا …نصارحك القول أنك جعلتنا نؤمن بقدرتنا كما لم نؤمن بها من قبل .

سعيد             : ونشكرك أن أتحت لنا أن نقوم بتلك الرحلة التي لم نكن نتوقعها ولا في الخيال

أحمد             : الدرس الذي تعلمناه أن العلم وحده هو القادر على تحويل الخيال إلى حقيقة .

سعيد             : ( يشير إلى الأرجواني السماوي ) اسمح لنا أن نقدم لك الأرجواني السماوي وهذا إسهام  هين وبسيط من أولادك لتواصل مسيرتك العلمية العظيمة والتي نفتخر ونتيه بها .

هشام             : ( يقترب من المقرن الأعظم ) نحن نعرف أن الأرجواني السماوي من أندر الأحجار ، لما يحتويه من طاقات وإمكانات لا تتوافر في أي عنصر آخر من عناصر الطبيعة ، وأنك من خلال هذا الحجر ستستخلص منه ما يمكنك من صنع شريحة تدمج من خلالها الخلية العصبية الإلكترونية والخلية المفكرة الإلكترونية ، لتزود بها الريبوت الذ ي سيعمل تلقائيا بصفة ذاتية .

المقرن الأعظم : كل ما تقوله  صواب من الناحية النظرية …لا تنس أن كل هذا في مرحلة التجريب والمحاولة العلمية ..ولكن إن شاء الله طالما توافر الأرجواني السماوي فهناك احتمال كبير أن ننجح في ذلك .

سعيد             : وهل من المعقول أن يحول العلمُ الجمادَ والذي لا يشعر ولا يفكر بشيء يشعر ويفكر .

أحمد             : هذا شيء مستحيل طبعا .

سعيد             : أظن أن العلم لا يستطيع أن يفعل ذلك .

المقرن الأعظم : لا شيء يقف أمام العلم …مهما كان مستحيلا .

هشام             : ألا ترى أنك تعطي العلم أشياء لا يقدر عليها حتى في المستقبل البعيد .

المقرن الأعظم : ( يتأملهم في سرور ) لكم أنا سعيد أنكم تسألون أسئلة تدل على مقدار وعيكم العلمي ونضجكم العقلي ..لدرجة أنكم تعترضون و …

هشام             : نحن لا نعترض ولكننا نريد أن نفهم …نعلم إن إيمانك وثقتك في العلم بلا حدود ..ولكن تعلمنا حتى من النظريات العلمية والدروس التي حصلناها هنا في المركز أن كل شيء نسبي ومحدود بقدرة العقل البشري

المقرن الأعظم : ( مبتسما ) وآلة السفر عبر الزمان التي رجعتم بها إلى الماضي بحوالى أربعة عشر قرنا ..وأحضرتم بأنفسكم الأرجواني السماوي من المعبد الفرعوني .

هشام             : ( منكسا رأسه ) معك حق في هذا .

أحمد             : هذا شيء لا نستطيع أن نجادل فيه .

سعيد             : ولكن ما زلنا لا نفهم كيف سيمكن دمج خلية عصبية إلكترونية وخلية مفكرة إلكترونية ليمكنك بعد ذلك التوصل إلى ريبوت أو حاسوب يعمل ذاتيا بدون تدخل من الإنسان ؟!

هشام             : لقد فكرت طويلا في هذا الأمر ولكني رأيت أنه مستحيل .

أحمد             : هذا لو تم فهو بداية أن تشارك الآلة الإنسان في كل شيء ..وربما من خلال أجيال الريبوت والحاسوب أنها تسيطر على الإنسان .

المقرن الأعظم: ولماذا لا يزيد الإنسان من معدل تعلمه من حيث الكم والكيف ..وهل من المعقول أنه يتعلم بنفس الأسلوب والطريقة التي كان يتعلم بها منذ عشرين سنة ..فأنتم تدرسون إلى حد ما نفس العلوم وبنفس الطريقة التي كانوا يدرسون بها فيما مضى .

هشام             : لقد لاحظنا ذلك حينما قارننا بين ما كنا نحصله في مدارسنا وما حصلناه هنا في المركز العلمي تحت إشرافك .

المقرن الأعظم :ومع ذلك يستطيع العلم في المستقبل  أن يجعل الآلة تقوم بعمل الإنسان الذي يشعر والذي يفكر ..ألا تقوم الآلة الآن بكثير من الأعمال التي يقوم بها الإنسان ..مثل الريبوت والحاسوب .

أحمد             : بل بطريقة أكثر كفاءة ومهارة وسرعة لا يتطرق إليها الخطأ .

المقرن الأعظم: ( ينظر إلى تايمر في زراع عربته ) لكم عندي مكأفأة كبير على ما انجزتموه

هشام             : ( ينهض ويأخذ صندوق الأرجواني المقدس ، وينظر إلى احمد وسعيد ، يسرعون بمشاركة هشام في تقديمه للمقرن الأعظم ) نحن ممتنون لك أن سمحت لنا بالقيام بتلك الرحلة وان نساهم في خدمة العلم .

المقرن الأعظم : ( يتناول الصندوق ويضعه على حامل مزودة به العربة ويستدير ليخرج ) أنتم نواة لجيل حقيقي من العلماء العرب ، على يديهم ستشرق شمس العرب على العالم من جديد…وأن الشاب العربي متى وثق بقدرته وعقله وحصل العلم بكل جدية وإخلاص مضحيا في ذلك بكل شيء لا أشك أن الشباب العربي سيكون في المقدمة والطليعة مع شباب العالم المتقدم والمتطور علميا وتكنولوجيا .

 

 

( إظلام )

( النــهاية )

 

 

 

 

  


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock