مقالات ودراسات

خوف سائل.. بين ماهية الواقع وسرمدية القدر


المسرح نيوز ـ القاهرة| مقالات ودراسات

ـ

يوسف السياف

 

إِنَّ مَا يُمَيِّزُ اَلثَّوْرَةَ اَلْعِلْمِيَّةَ/ اَلْمَعْرِفِيَّةَ وَبِحَسَبِ طُرُوحَاتٍ (الكسندر كوِيرِيه) هُوَ تَحْطِيمُ لَلْكُوسَمُّوسْ وَهَنْدَسَةُ اَلْمَكَانِ، وَمَا يُمَيِّزُ مَسْرَحِيَّةً (خَوْفُ سَائِلٍ) لِمُؤَلِّفِهَا اَلْفَنَّانَ (حَيْدَرْ جُمْعَة) وَمُخْرِجِهَا اَلدُّكْتُورُ (صَمِيمُ حَسَبْ اَللَّهْ يَحْيَى).

اَلنِّظَامِ وَالِائْتِلَافِ وَهَنْدَسَةِ اَلْأَدَاءِ وَالْفَضَاءِ، عَلَى اَلرَّغْمِ مِنْ أَنَّ اَلْبُعْدَ اَلْفَلْسَفِيَّ لِلْعَرْضِ قَدْ اِقْتَادَنَا لِهَيْمَنَةِ اَلتَّكَنُورْقَمِيَّة عَلَى اَلْمُجْتَمَعِ وَاسِلْبَتْ اَلطَّبِيعَةُ اَلْبَشَرِيَّةُ عَبْرَ سِلْسِلَةِ سِيمِيمُوزِيسِيَّة تَجْعَلَ مِنْ خِطَابِ اَلْعَرْضِ يَعْتَمِدُ اَلْقِرَاءَةَ اَلْمُتَعَدِّدَةَ رَغْمَ وَاقِعِيَّةِ اَلْفِكْرَةِ اَلْمَطْرُوحَةِ، إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بَكْرْ وَوَلِيدَةٌ اَلْأَصَالَةِ وَالْجِدَّةِ، بَلْ نَجِدُ أَنَّ اَلْمُعَالَجَةَ اَلدِّرَامِيَّةَ كَانَتْ فِي غَايَةِ اَلذَّكَاءِ وَالْحِرْفَةِ فِي اَلسَّرْدِ اَلْمَفَاهِيمِيِّ وَالْبَوْحِ عَنْ اَلْمَسْكُوتِ عَنْهُ، فِيمَا نَجِدُ بِأَنَّ عَلَاقَةَ اَلْعُنْوَانِ (خَوْفُ سَائِلٍ) وَهَيْمَنَةِ اَلْآخَرِ بِرَمْزِيَّةِ اَلسِّلْسِلَةِ لَمْ تَكُنْ وَلِيدَةُ اَلصُّدْفَةِ، بَلْ هِيَ اِلْتِفَاتَةٌ رَائِعَةٌ لَدْغَدَغْتْ سِلْسِلَةٍ (زِيجمونت باومان)

رَغْمَ أَنَّ خِطَابَ اَلْعَرْضِ كَانَ بِالضِّدِّ مِنْ فَلْسَفَةِ اَلسُّيُولَةِ اِنْطِلَاقَ مِنْ صَلَابَةِ اَلْخَوْفِ وَتَحَجُّرِ أَدْمِغَةِ اَلْمُسَبِّبِينَ مُقَابِلَ رَفْضِ اَلتَّشَتُّتِ وَالضَّيَاعِ وَمُحَارَبَةِ كَسْرِ اَلْأَعْمِدَةِ اَلْفِكْرِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ، بَلْ وَمُحَاوَلَةِ دِرَاسَةِ اَلْأَخْطَاءِ لَا اَلنَّتَائِجَ وَالِاهْتِمَامَ بِالْكَبْوَاتِ وَاضْطِرَابَاتِ اَلْقَلَقِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ وَالِانْعِزَالِ، فَلَمْ يَكُنْ اَلْخَوْفُ سَائِلاً فِي اَلْعَرْضِ بِقَدْرِ سُيُولَةِ اَلشَّرِّ وَتَوَغُّلِهِ دَاخِلَ اَلْأُسْرَةِ، وَتَسْلِيطَ اَلضَّوْءِ عَلَى هَيْمَنَةِ اَلتِّكْنُولُوجْيَا وَاسْتِخْدَامِهَا اَللَّاشَرْعِيِّ اَلَّذِي أَطَاحَ بِالْمُجْتَمَعِ، فَقَدْ اِنْتَهَكَتْ حَرَمَتْ اَلْبَيْتَ/ اَلْوَطَنُ مِنْ خِلَالِ دُخُولِ اَلرَّجُلِ اَلْغَرِيبِ اَلَّذِي جَسَّدَهُ اَلْفَنَّانُ (أَحْمَدْ اَلْمُخْتَارْ)

 

ذَلِكَ اَلرَّجُلِ اَلْأُخْطُبُوطِ اَلَّذِي تَشَتَّتَتْ أَلْوَانُ أَذْرُعِهِ اَلْحَقِيرَةِ فَهُوَّةُ اَلْمُغْتَصِبِ لِجُغْرَافِيَّةِ اَلْبَيْتِ وَالدَّافِعِ لِمُغَادَرَةِ اَلْبِنْتِ بَيْتَ أَبِيهَا بِلَا إِذْنِ وَالْمُخْتَرِقِ لِلضَّوَابِطِ اَلِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى عَمُودِ اَلْبَيْتِ وَأَرْكَانِهِ، رَغْمَ اِعْتِرَاضِيّ عَلَى اَلْإِسْقَاطِ اَلدِّينِيِّ لِتِلْكَ اَلشَّخْصِيَّةِ، فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مُبَرِّرُ إِطْلَاقًا، فِي حِينِ نَجِدُ أَنَّ مِحْوَرَ اَلْعَرْضِ وَالْمَاسِكِ بِخُيُوطِ اَلْحَدَثِ اَلدِّرَامِيِّ هُوَ اَلْأَبُ اَلَّذِي بَرَعَ اَلْمُمَثِّلُ (يَحْيَى إِبْرَاهِيمْ) فِي رَسْمِ تِلْكَ اَلشَّخْصِيَّةِ (اَلْمَكْرُودَهْ) رَبُّ اَلْأُسْرَةِ وَعَمُودِ اَلْبَيْتِ، بِمُسَانَدَةِ شَخْصِيَّةٍ (أُلَام) اَلَّتِي أَجَادَتْ تَجْسِيدَهَا اَلْمُمَثِّلَةَ (رُضَابُ أَحْمَدْ) بِحِرَفِيَّةٍ عَالِيَةٍ رَغْمَ تَسَاؤُلِي عَنْ سَبَبِ اِفْتِقَارِهَا لَلَدُوَافَقْ اَلدَّاخِلِيَّةِ وَالْخَارِجِيَّةِ عِنْدَ اِتِّهَامِهَا بِارْتِكَابِ فِعْلٍ غَيْرِ أَخْلَاقِيٍّ،

فَمِنْ اَلْمُسْتَحِيلِ اَلْخُضُوعِ وَالْبَقَاءِ دَاخِلَ شَرْنَقَةِ اَلضَّعْفِ إِزَاءَ كَارِثَةٍ أَخْلَاقِيَّةٍ نَجِدُ فِي اَلنِّهَائِيَّةِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ اَلْمُذْنِبَةَ فِيهَا، بَلْ ذَلِكَ اَلْأَبِ اَلَّذِي لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ مَنْعِ اَلْغَرِيبِ مِنْ اِنْتِهَاكٍ حَرَمَتْ مَنْزِلَهُ، وَالسَّمَاحُ لَهُ خَوْفًا وَتُوَاطِئَانِ وَضَعْفًا، لِيَتَمَكَّن اَلْآخَرِ اَلسَّلْبِيِّ مِنْ مَدِّ أَذْرُعِهِ اَلْخَبِيثَةِ دَاخِلَ تِلْكَ اَلْأُسْرَةِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ اَلرَّصْدِ وَالتَّحَكُّمِ فِي كُلِّ مَا يَدُورُ وَدُونُ إِذْنٍ،

 

فِي حِينِ نَجِدُ أَنَّ اَللَّعِبَ اَلْأَدَائِيَّ اَلَّذِي سَانَدَ اَلْحَدَثُ وَسَاهَمَ فِي تَمَاسُكِ اَلْخِطَابِ كَانَ مِنْ خِلَالِ حِرْفَةِ اَلْمُمَثِّلِ (بَهَاءْ خِيُونْ) اَلَّذِي أَجَادَ دَوْرُ اَلرَّجُلِ اَلضَّرِيرِ ضِمْنَ مُحِيطِ اَلْأَسْرَى وَالِابْن اَلْبَارِ لِأَبَوَيْهِ، فَمًا هَمْهَمَاتِهِ إِلَى نَوَاحٍ وَعَوِيلِ صَدًى بِجُغْرَافِيَّةِ اَلْمَنْزِلِ، فَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ إِجَادَةٍ اَلْوَنِينْ بِصَوْتِهِ وَتَرْجَمَتِهِ بِجَسَدِهِ اَلَّذِي اِلْتَحَمَ مَعَ أَدَاءِ اَلْمُمَثِّلِ (هِشَامْ جَوَادٍ) وَكَوْنًا اَلنَّقِيض مَا بَيْنَ اَلسُّيُولَةِ وَالصَّلَابَةِ، وَالْحُبُّ وَالْكُرْهُ، فَهْمُ إِخْوَةٍ مُتَنَاقِضَيْنِ بِالْمَشَاعِرِ اِتِّجَاهَ أَبَوَيْهِمَا إِلَى أَنَّهُمَا لَا يُمْكِنُهُمَا اَلِانْفِصَالُ عَن بَعْضِهِمَا فِكْرِيًّا،

 

فَهْمًا ضِمْنَ دَائِرَةِ اَلِانْتِهَاكِ، فَقَدْ تَمَكَّنَّا مِنْ تَكْثِيفِ جَمَالِيَّةِ اَلْأَدَاءِ مِنْ خِلَالِ اَلتِّكْنِيك اَلْجَسَدِيِّ اَلْمُنْتَظِمِ اَلْمَمْزُوجِ بِالْقَسْوَةِ الارتوِية وَخَلَجَاتُ وَهَمْهَمَةُ اَلنَّفْسِ وَصَرْخَةِ اَلْجَسَدِ، إِلَّا أَنَّ اَلزِّيَادَةَ كَالنُّقْصَانِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَالْأَدَاءُ اَلْقَاسِي رُبَّمَا يَزِيدُ مِنْ اِسْتِخْرَاجِ اَلْأَلَمِ اَلدَّاخِلِيِّ إِلَى أَنَّهُ فِي بَعْضِ اَلْأَحْيَانِ يَخْرُجُ عَنْ اَلسِّيَاقِ اَلْعِلْمِيِّ لِلْفِعْلِ وَرَدَ اَلْفِعْلُ إِزَاءَ اَلْحَدَثِ،

فِيمَا نَجِدُ أَنَّ اَلصَّوْتَ اَلْعَالِيَ وَالْمُزْعِجَ اَلَّذِي صَدَرَ مِنْ خِلَالِ تَعَامُلِ اَلْمُمَثِّلِينَ مَعَ أَبْوَابِ غُرَفِ اَلْبَيْتِ (اَلْغَلْقُ/ اَلْفَتْحُ) كَانَ سَبَبُ رَئِيسٍ فِي فِقْدَانِ تَوَاصُلِ اَلْمُتَلَقِّي مِنْ زَاوِيَةِ تَأْكِيدِ مَفْهُومِ اَلْخَوْفِ وَهَذَا بِالتَّأْكِيدِ كَانَ مَقْصُودًا مِنْ قَبْلُ صَانِعِ اَلْعَرْضِ وَلَرُبَّمَا يَعُوز هَذَا اَلْفِعْلِ إِلَى جَزَعِ اَلْأُسْرَةِ مِنْ اَلْخَوْفِ اَلْمُفْرِطِ وَالنَّكَبَاتِ اَلْمُتَوَالِيَةِ اِنْطِلَاقًا مِنْ مَوْتِ اَلْجِدِّ وَمُرُورًا بِفِقْدَانِ اَلشَّرَفِ،

 

بِالْإِضَافَةِ إِلَى تَفْعِيلِ مَفْهُومِ اَلْغَرُوتِسْكْ وَتَأْكِيدَ اَلتَّمَرُّدِ وَإِبْرَازِ جَمَالِيَّاتِ اَلْقُبْحِ، لِخَلْقِ اَلتَّضَادِّ وَتَعْمِيقِ بِيئَةِ اَلْعَرْضِ وَتَسَاوِي اَلْإِيجَابِيِّ مَعَ اَلسَّلْبِيِّ وَالْجَمِيلِ بِالْقَبِيحِ وَهَذَا مَا يُؤَكِّدُ فِي أَنَّ اَلْعَرْضَ يَعْتَمِدُ مَفْهُومَ اَلسِّيمِيوزِيسْ وَيَتَأَسَّس عَلَيْهِ اَلْفِعْلُ اَلرَّئِيسُ وَخَطُّ سَيْرِ اَلْأَحْدَاثِ؛ فِيمَا نَجِدُ أَنَّ اَلتَّكْوِينَ اَلْمِعْمَارِيَّ لِلْمُنْتَدَى قَدْ اِسْتَثْمَرَ مِنْ قِبَلِ اَلسِّينُوكَرَافْ اَلدُّكْتُورُ (عَلِي اَلسُّودَانِيِّ) بِغَايَةِ اَلدِّقَّةِ،

 

فَلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سِحْرُ اَلْمَكَانِ لِحَضِّهِ فَرَاغًا جَمَالِيًّا بَلْ كَانَتْ اَلْحِرَفِيَّةُ تَفَوُّقَ سِحْرِ اَلْمَكَانِ مِنْ خِلَالِ فَلْسَفَةِ اَلضَّوْءِ اَلْمَطْرُوحِ وَتَشْكِيلِ اَلْفَرَاغِ بِهَنْدَسَةٍ جَمَالِيَّةٍ تِقْنِيَّةٍ كَانَتْ وَاضِحَةً فِي خِطَابِ اَلْعَرْضِ اِنْطِلَاقًا مِنْ اَلضَّوْءِ وَمُرُورًا بِالْمُعَالَجَةِ اَلْبَصَرِيَّةِ التي أْثثت الفَضَاءِ وأْكدت فَكَّرَتْ اَلْوَحْدَانِيَّةُ وَالِانْعِزَالُ وَالْخَوْفُ مِنْ اَلْمُحِيطِ اَلْخَارِجِيِّ.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock