وجوه مسرحية

د. أحمد شرجي يكتب عن: تأثير التليفزيون والسينما على المسرح في كتابه.. المسرح العربي وتحديات الراهن!


المسرح نيوز ـ العراق | محمد سامي

ـ

يشير د. أحمد شرجي في كتابه ( المسرح العربي وتحديات الراهن..) (التاريخ، الأرشفة، التنوع، التحدي، الإرهاب) إلى قضية مهمة وهى: تأثير التلفزيون والسينما على المسرح مما قلل من حظوته الاجتماعية وتراجع مريديه. ونتفق مع بعض ما طرحه سعيد فيما يتعلق بالهجرة إلى الغرب، وأثر تداعيات الأزمات في المنطقة العربية، لأن الكثير ممن هاجر هدف إلى البحث عن ملاذ آمن له ولعائلته، ما أفرغ الساحة المسرحية من وجوه مؤثرة مسرحيا.

ويؤكد أن هذه الهجرات لم تقترن بالأزمنة الآنية فقط، بل منذ سطوع شمس الأحكام الشمولية في الكثير من البلدان العربية، وخاصة أصحاب الفكر اليساري الذين أصبحت بلدان المنظمة الاشتراكية ملاذهم الأمن. ومنهم من عاد إلى المنطقة العربية وعمل على تطوير مشروعه المسرحي مثل المخرج “جواد الاسدي” الذي عاد من بلغاريا ويعمل ما بين الأردن وسوريا. لكن هذا لا يفند أهمية إشارة التقي سعيد إلى الهجرة، لأن ليس كل مسرحي يستطيع أن يعمل ويستمر بمشروعه المسرحي خارج بيئته. ونختلف مع التقي سعيد في إقراره بابتعاد المسرح الآن عن قضايا أمته، فهذه أحكام مطلقة لا يمكن تعميمها على كل التجربة المسرحية في المنطقة العربية، لأن فيها الكثير من التجني على المسرحيين.

ويشير إلى أنه لابد أن تكون هناك نماذج لتأكيد الفائدة من الورقة، كما نرى أن المسرح العربي الآن أشد التصاقا بالقضايا الراهنة. ولهذا اهتم بالملفوظ على حساب الاشتغال البصري حتى اقترب إلى المباشرة والشعاراتية. ويرى المخرج والكاتب الزيتوني بوسرحان، أن الكتابة موت بينما العرض المسرحي يعيش لحظات الموت والولادة، من خلال تنوع أساليبه واتجاهاته وعدم الركون الى التكرار والعادي. فالعرض المسرحي يسعى دائما إلى المغايرة والاجتهاد، التي مصدرها التنوع في التعاطي مع مصائر الشعوب، لأن (الإبداع في الفن وفي المسرح يأبى التكرار والاجترار،

ويقول: لهذا لم تصمد الأرسطية ولا الستانسلافسكية ولا البريختية ولا الآرتوية ولا أي من الاتجاهات، لأن كل واحدة إنما تعبر عن مرحلة وتموت فيها، حتى بالنسبة لصحابها، لأنهم بذاتهم لو لبثوا عليها انتهوا، فالإبداع خروج عن سالف). فكل منهج من هذه المناهج تعبر عن مرحلة ما، إثر تداعيات وإرهاصات عاشتها مجتمعات أصحاب المناهج، فقد فرضت المعايشة آلية التغير والاجتهاد والانتقال من ضفة إلى أخرى ليس برغبة التغير، بل فرضه الواقع إزاء الأزمة. يتسم العرض المسرحي -إذن- بعدم الثبات لأنه فعل متغير، على عكس الكتابة فهي فعل ثابت وموت. ومن الصعب التسليم باتباع منهج واستمراريته والمراهنة على ديمومته، فهذا معناه موت للفعل المسرحي وتحنيطه وتدجينه داخل منهج واتجاه، بينما المسرح فعل متغير يواكب الحدث اليومي ويعريه بطريقة جمالية.

ويوضح د. شرجي في كتابه أن من أهم خصائص المسرح اللا استقرار، كما فعل مايرهولد عندما صدم الجمهور السوفياتي عند تقديمه نص غوغول (المفتش العام). فقد جرد نص غوغول من قدسيته الاجتماعية داخل العقل الجمعي السوفياتي، وقدمه بفعل حركي من خلال منهج البيوميكانيك .. نعم المسرح العربي يحتاج لصدمة التغير والمغايرة ولكن بطريقة واعية من عقول متقدة ومثقفة. وأخيرا… يبقى السؤال قائما: ما الذي نريده من المسرح؟ هل مهمته تغيير الأنظمة الدكتاتورية؟. فلا يمكننا أن نتعامل مع العرض المسرحي أبعد من كونه عرضا مسرحيا، فلم يشر تاريخ المسرح بكل تنوعاته وتفرعاته الجغرافية إلى عرض مسرحي غير نظام ما في بلد ما، لأننا ندرك جيدا بأن الأنظمة الدكتاتورية لا تتغير إلا بالدبابة الأمريكية.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock