سينما وتليفزيون

د. خالد عاشور يكتب: جودر.. ولادة جديدة لياسر جلال!


المسرح نيوز ـ القاهرة| سينما وتليفزيون

ـ

د. خالد عاشور

 

لقب فنان من الألقاب المهدور استخدامها في مصر.. فرق كبير بين الفنان والممثل.. الفنان هو المبدع الذي يخلع شخصيته حين يدخل في شخصية العمل.. أما من يصاب بلعنة التخشب الفني والذي تنظر اليه الميدوسا ليتحول الى حجر لا يستطيع ان يتغير فهو مجرد ممثل.
مسلسل جودر لم يقتصر على كونه عمل خيالي ممتزج بالفانتازيا بالحكي بالسحر بالصورة الجميلة التي اعتبرها لوحات فنية بديعة سأتكلم عنها فيما بعد.. الجميل في مسلسل جودر هو انه ولادة جديدة للفنان ياسر جلال نفسه ولمعظم أبطال العمل…
ياسر جلال يقدم شخصيتين من عالمين مختلفين.. وفي كل عالم استطاع ان يظهر الشخصية بذات الجمال.
أولا: عالم الملك شهريار “الطاووس”.
في عالم الملك شهريار ظهرت شخصية الملك القوي.. استخدم المخرج اسقاطات الديكور والأضاءة والألوان والملابس ليكمل الصورة الأبداعية.. في بداية الحكاية كان كرسي العرش في خلفيته أكثر من “طاووس” وأمامه كذلك دلالة على النرجسية والغرور والزهو.. ملامح وجه متجهمة في بداية الحكاية كتمثال يوناني او فرعوني.. وجه منحوت بقوة قليل المشاعر والانفعالات..
شخصية تحتاج الى قدرة على التحكم في عضلات الوجه والجسد أجادها بقوة الفنان ياسر جلال.. ثم يزيد المخرج ابعاداً اخرى للفنان نفسه ليزيدها قوة من حيث زاوية تصوير الملك شهريار “ياسر جلال” ليبدو طويلاً قوياً مفتولا مغرورا نرجسيا.. الأكسسوارات أيضا بها فخامة وحدة ودائما معدنية ذهبية لامعة كشخصية الملك ذاته.. ثم يتغير العرش حين يقع الملك شهريار في غرام الحكايات التي ستقودة الى غرام الحكاءة “شهريار”..
هنا يتحول الديكور ويتغير وتختفي الطواويس مع قرب الكادر من الملك وشهريار الذي تقلصه عيون الكاميرا وتجعله منكمشا أمام حكايات “شهرزاد” حتى يسقطه على تغير في شخصية “شهريار” نفسه اجادها الفنان ياسر جلال بامتياز.. يتسع الكادر في صراعه بين رغبته في الأنثى وذكوريته مع المحظية “تودد ـ الفنانة سامية الطرابلسي” وبين “شهرزاد ـ الفنانة ياسمين رئيس”
وهنا كل فنانة منهم تميزت بقدرتها على استغلال ابعاد الشخصية الخارجية الظاهرة من الجسد.. والباطنة من التعيبير بالصوت والعيون والحركة.. قلب الرجل يحوله المخرج الى كادر واسع يجمع الأثنتين “تودد/ شهريار”..بين حبه للمرأة الطفلة في أنوثتها الظاهرية والباطنية.. وبين المرأة الأنثى الناضجة الأنوثة في كل شئ في “تودد”.. السذاجة والطفولة في مقابل الكيد والأنوثة.. اسقاط اسم “تودد” ذاته بما يعنيه وما يريده الرجل من “تودد” الأنثى.. الرجل يمتلك في قلبة اربع غرف لضخ الدم.. قادر على تأجيرها بالساعة حين تظهر “تودد”.. وقادر على ان يصدر امرا لتشميع كل الغرف والشقة التي تسمى القلب.. فقط حين يحب.. ومن الصعوبة ان تجد رجل يجعل قلبه تمليك.. كل الرجال تفضل الأيجار بالليلة.. وأحيانا بالساعة..
وهذا ما فعله قلب شهريار في الحلقات الأولى حين تحول قلبه من شقة للايجار بالليلة “لتودد” الى شقة تمليك “لشهريار” بعد ان وضعته في رحم الحكايات.
ثانيا: علام جودر:
هنا العالم الأكثر خصبا وجمالا في صورته السردية وفي فنيته وديكوره واضاءته وميلاد جديد لياسر جلال نفسه.. شخصية خليط من الطيبة والصدق والسذاجة.. طيبة الفلاح المصري.
كاميرا اسلام خيري هنا لا ترصد ياسر جلال كنجم.. انها ترصد الشخصية لتضيئها.. كادرات للطبيعة واسعة يقف فيها جودر على يسار الكادر او يمينة أو في المنتصف.. الحيرة والقلق والخوف والسكينه في ذات الوقت.. شخصية من طين الأرض على طبيعتها تسحبنا في معها في خيال الحكاية وخيال الكاميرا وخيال ياسر جلال نفسه مقتنصاً شخصية “جودر” ويزيد الأمر بساحرية الأماكن.. الحكايات غالبا ما يكون أبطالها الأشخاص والزمان الذي يدور فيها الحدث والمكان.. معظم الكتاب لا يهتمون بالمكان..
أما في جودر فالمكان ينطق سحرا في طبيعته حين يكون في الخارج او أمام بحيرة او في الشارع.. حتى في الأماكن المغلقة يزيدها الأخراج والأضاءة والديكور اتساعاً كما في عالم جودر وهالة الأضاءة التي تركز عليه كدلالة على نفسه النقية.
جود هو ولادة جديدة لدراما الخيال ومفهومها وتغيير لمسار فنانين قدموا ادوارهم باختلاف وتميز… والأهم انه ولادة جديدة للفنان ياسر جلال نفسه.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock