مقالات ودراسات

د. علي خليفة يكتب عن مسرحية “حفلة على الخازوق” للكاتب: محفوظ عبد الرحمن


المسرح نيوز ـ القاهرة| دراسات

 

بقلم د. علي خليفة*

السعودية

 

تعد هذه المسرحية من أشهر مسرحيات محفوظ عبد الرحمن، ومن أكثرها عرضا داخل مصر وخارجها في بعض البلاد العربية، وقد عرضت في الكويت سنة ١٩٧٥ وعرضت في مسرح سيد درويش بالقاهرة لمدة ثلاثة أيام سنة ١٩٧٧.
ويتم عرض هذه المسرحية كثيرا من قبل فرق الثقافة الجماهيرية بمصر؛ وذلك لما فيها من حبكة جيدة، وتلميحات سياسية.
وقد استلهم محفوظ عبد الرحمن هذه المسرحية من إحدى قصص كتاب ألف ليلة وليلة، وسبق أن استوحى هذه القصة ألفريد فرج في الحكاية الثانية التي عرضها في مسرحية حلاق بغداد.

وتجري أحداث مسرحية حفلة على الخازوق في ثلاثة فصول، وفي بدايتها نرى مدير السجن مع مساعده يتحدثان، ويبدو المساعد أشد ذكاء من مدير السجن، وهو أيضا واسع الحيلة، وكثير النفاق والتملق، وبنفس هذه الصورة سيظهر مساعد المحتسب ومساعذ الوزير، بل إن المؤلف جعلهم أيضا يتشابهون في الشكل، وقد أراد المؤلف من ذلك أن يقول: إن البطانة الفاسدة لأي مسئول تتشابه، وتكون سببا في حدوث خلل كبير، ومظالم كثيرة للناس.

وخلال حديث مدير السجن مع مساعده يعبر مدير السجن لمساعده من خوفه في أن ينقلب عليه الوالي، ويقول له مساعده: ولكي نضمن استمرار اهتمام الوالي بك، وعدم انقلابه عليك فلا بد أن نعرفه أن حياته في خطر، وأن هناك مؤامرة لقتله، وأننا قبضنا على هذا المتآمر، وفي سبيلنا للقبض على أنصاره.

وتعجب هذه الفكرة مدير السجن، ويتم تنفيذها، فيقبض على حسن المراكبي، وهو أمام قصر الوالي، وكان راغبا في الوصول إليه؛ لإخباره بحلم رَآه عن جراد سيهاجم البلاد، وسيقضي على كل حي فيها بما في ذلك البشر الذين يعيشون فيها.
ويتحدث مدير السجن ومساعده مع حسن المراكبي، ويحاولان أن يقنعاه بأن يعترف أنه كان يدبر مؤامرة لقتل الوالي، ويرفض الموافقة على ذلك، ويقرران أن يتم تعذيبه بوسائل مختلفة حتى يعترف بتآمره على حياة الوالي؛ ليتم قتله عن طريق الخازوق.

 

وتظهر في المسرحية هند المرأة الجميلة التي ينبهر بجمالها كل من يراها من بطانة الوالي، ويرغبون في النيل منها.
ونعرف أن هند هي أرملة ثرية إيضا، وقد وقعت في حب حسن حين دخل حديقة بيتها التي تمتلئ بأشجار الرمان، وجاءت لتساعده من الورطة التي سيق إليها.

 

ونعرف من حوار حسن مع هند أنه لا يبدو محبا لها، ولكن مع تتابع الأحداث سنراه أصبح متعلقا بها، وكان من الأفضل أن يظهر المؤلف أن هناك قصة حب بين حسن وهند قبل القبض على حسن؛ ليكون هناك مبرر قوي في تمسك حسن بالحياة، وإصرار هند على إنقاذه، وقد رأينا هذا الإصرار منها في محاولة إنقاذه، وإن كنّا لم نر ما يدل على شدة تعلقها بحسن في بداية رؤيتها له في السجن، كما أن حسن لم يكن في هذا الوقت مهتما بها.

 

وألاحظ أيضا أن بداية هذه المسرحية تتشابه مع بداية مسرحية كيف يتخلص السيد موكينبوت عن متاعبه لبيتر فايس، فكلا البطلين في هاتين المسرحيتين يحبس بلا جريمة ارتكبها، وهما أيضا يقولان لمن حبسهما: إنهما لم يرتكبا أي مخالفة في حياتهما،وكانا يتجنبان مخالفة أي قوانين أو لوائح، ويحدث بعد ذلك أن يتعرضا لمواقف غريبة.
ونعود لمسرحية حفلة على الخازوق فنرى هند تستغل جمالها وسعة حيلتها لإظهار براءة حسن، ولكشف كل البطانة الفاسدة حول الوالي.

 

وتذهب هند لمدير السجن، وتقول له: إنها أرملة وإن حسن هو أخوها، وإنه لم يرتكب أي جريمة، ويوافق مدير السجن على اخراج حسن من السجن، شريطة أن تسلم له هند جسدها في اليوم الذي يسبق الإفراج عن حسن من سجنه.
وتذهب هند إلى المحتسب، وتشكو له من مدير السجن، وتقول له: إنه سجن أخاها ظلما، وراودها عن نفسها، ويعرفها المحتسب أنه لا يستطيع أن ينال من مدير السجن؛ لأنه سجن له بعض خصومه دون أدلة، ولكنه سيأتي لها بصك الإفراج عن حسن نظير أن يتزوجها لمدة ليلة.

 

وتذهب هند للوزير، فيعجب هو أيضا بجمالها، ويعرض عليها أن يأتيها بصك فيه الإفراج عن حسن نظير أن تسلم له جسدها لليلة قبل ذلك.

وتتفق هند مع هؤلاء المسئولين الثلاثة، كل واحد منهم على حدة على أن يأتوا إلى بيتها في وقت محدد في يوم محدد، وتوهم كل واحد منهم أنها ستسلم له جسدها حين يأتيها في ذلك الموعد.

 

وتطلب هند إلى نجار أن يصنع لها أربعة صناديق كبيرة، ويساومها النجار عن نفسها هو أيضا نظير صناعته هذه الصناديق لها.
ويأتي الوزير إلى هند في الوقت المحدد لمجيئه لها ، وقبيل أن يهم بنيل مأربه يدق باب هند، وتخبره أن زوجها الذي كانت تظن أنه مات قد كان جريحا، وعاد من أرض المعركة، وأنه سيقتله لو رَآه، ويختبئ الوزير في صندوق من الصناديق الأربعة، وتفعل هند الحيلة نفسها مع المحتسب ومدير السجن والنجار، وتحبسهم داخل هذه الصناديق الأربعة.
ويهرب حسن المراكبي من السجن في ظروف غير معروفة، ويذهب إلى الوالي مع هند، ويخبرانه بما حدث معهما.

 

ويأمر الوالي بعض جنوده بفتح هذه الصناديق، وحين يرى من فيها من وزيره ومحتسبه ومدير السجن والنجار – يوبخهم، ويعزل الوزير والمحتسب ومدير السجن من مناصبهم، ويأمر بعقابهم، في حين يأمر بالعفو عن النجار بشفاعة هند له عند الوالي.
وتنتهي المسرحية بمباركة الوالي زواج حسن من هند، وقول الوالي: إنه سيجعل حاجبه يقوم بمهام كل هؤلاء المسئولين الذين عزلهم إلى أن يولي غيرهم، فتكون المفاجأة في أن هذا الحاجب يشبه تماما كل المساعدين السابقين للمسئولين الذين أمر الوالي بعزلهم وعقابهم، ويستغرب حسن وهند من أن الحاجب يشبه المساعدين السابقين، وتنتهي بهذا المسرحية.

 

وأرى أنه لم يكن هناك حاجة لجعل هذا النجار يساوم هند عن نفسها، فمن الواضح أنها غنية، وكانت تستطيع أن تعطيه أكثر مما طلبه إليها نظير صناعته هذه الصناديق الأربعة لها.

 

ونهاية المسرحية تدل على أن المعاناة ستستمر، فالحاجب يشبه المساعدين الذين كانوا يساعدون المسئولين السابقين؛ ولهذا يتوقع أن يسير في النهج نفسه، ومن هنا فالمسرحية تريد أن تقول: لا بد من إصلاح هذا الخلل من جذوره بعدم الاستعانة بكل هؤلاء المسئولين الفاسدين؛ لأنهم يتسببون في أي خلل يحدث بعد ذلك.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock