مسرح طفل

مسرحية “ليس الذئب وحشا” تأليف وأشعار الكاتبة العراقية سحر الشامي


المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص

ـ

 

 ليس الذئب وحشا

تأليف واشعار : سحر الشامي

 

 

شخوص المسرحية  :

 

مجموعة ذئاب  تقوم بدور  :

 

المتهم

 

الحارسان

 

القاضي

 

المدعي العام

 

المحامي

 

الحضور

 

الأم

 

الأب

فتاة تجسد دور ليلى

 

المشهد الأول :

 

(غرفة داخل سجن فارغة تماما إلا من سرير وآنية للماء وأخرى للطعام .. الذئب يبدو مريضا وهو يجوب الغرفة ذهابا وايابا)

 

-الذئب : (حائرا) ماذا أفعل ، اليوم هو يوم محاكمتي ، وأنا خائف جدا ، فربما ستؤدي بي هذه المحاكمة إلى السجن المؤبد  .. ماذا ؟ سجن مؤبد !؟ ياله من أمر مرعب .. فأنا منذ اسبوع مقيم في هذا السجن ومع ذلك لم اطق العيش يوما واحدا ، خاصة مع الطعام السيء الذي يقدمونه لي وكأنني حمل صغير .

 

(يدخل ذئبان يرتديان زي الحراس ولكل منهما كرش بارز)

 

-حارس رقم (١) : هيا أيها الذئب ، سوف تبدأ المحاكمة .

 

-الذئب :  أنا جاهز على اية حال ولكني …

 

-حارس رقم (٢) : ولكنك ماذا .. تكلم؟

 

-الذئب :  ولكني مريض هذا اليوم ، أشعر بحرارة عالية .

 

-حارس رقم (١) : مهما كنت تشعر فلن يتغير موعد المحاكمة . هيا تهيأ .

 

-الذئب : وأمر اخر .

 

-حارس رقم (٢) : تكلم بسرعة وخلصنا .

 

-الذئب : أشعر بجوع شديد وهذه الحشائش لا تشبعني .

 

-حارس رقم (١) : هذا طعام السجناء  .

 

-الذئب : (بحزن) ياله من أمر بائس ..

 

(يلاحظ الذئب بروز كرش الحارس فيضع  يده عليه ثم  يضع أذنه )

 

-الذئب : (ضاحكا) هل هناك أحد .

 

-حارس رقم (١) : (مبتعدا) ماهذا الهراء .

 

-الذئب : ألاحظ أن كرشك يكبر يوما بعد يوم .

 

-حارس رقم (١) : (يشعر بالحرج ويتلعثم ) آه ، نننعم ، ففقد ههبطت علي شهية عجيبة هذه الأيام وأصبحت اتناول الطعام بشراهة مفرطة ..  نعم .. نعم .

 

  • الذئب : (يضع يده على كرش الحارس الآخر وبمكر ) وهل أنت أيضا هبطت عليك شهية عجيبة وأصبحت تتناول الطعام بشراهة مفرطة ؟

 

-حارس رقم (٢) : (محرجا) نننعم .. نعم..

 

  • الذئب : (يتصنع العطف) يال شهيتكما.

 

-حارس رقم (٢)  : إن ظهرت برائتك فسوف تنعم بالحرية وتصطاد ماتشاء من الحيوانات .

 

-الذئب : (يسير بضع خطوات حزينا مع موسيقى ) الحرية ، ما أروع الحرية وما أروع زمان الحرية .  (مبتسما) كنت سعيدا في حياتي اخرج صباحا للصيد ولا أرجع الا ومعي وجبة لذيذة  أقدمها اولا لأمي وأبي ، وبعدها كنت العب معهما ، قيتسابقان معي  بين الأحراش لحين موعد النوم واستمر

حالي هذا حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم …

 

-حارس رقم (١) : وأصبحت فضيحتك تجري على كل لسان .

 

-حارس رقم (٢) : ودخلت التاريخ من أوسع أبوابه  ها ها ها .

 

-الذئب : هذا هو جوهر مأساتي .

 

(يسمع صوت من الخارج)

 

الصوت  : سوف تبدأ المحاكمة .. الجميع استعدوا .

 

(الحارسان يهمّان بالخروج وهما يجران الذئب)

 

-حارس رقم (١) : (يمسكه من إحدى يديه) هيا .

 

-الذئب :  هل المحامي موجود ؟

 

-حارس رقم (١) : بالتأكيد موجود  .

 

-حارس رقم (٢) : (بمكر وهو يمسك يده الاخرى) وكذلك المدعي العام موجود أيضا .. هاهاها .

 

  • الذئب :  (حزينا)  وكيف يكون هذا  المدعي العام  ياترى؟

 

  • حارس رقم (٢) : يقال أنه لا يرحم المقصرين أبدا .

 

 

-حارس رقم (١) :  وهو معروف بأنه يكسب كل القضايا دائما .

 

– حارس رقم (٢) : كان آخرها قضية تتعلق بذئب فشل في اللحاق بفريسته.

 

-الذئب : (خائفا) وماذا كانت عقوبته ؟

 

-حارس رقم (٢) : ربط رجليه بالسلاسل مع الأشغال الشاقة المؤبدة .

 

-الذئب : (مرتعشا) وماهي هذه الأشغال الشاقة المؤبدة ؟

 

-حارس رقم (٢) : جلب الماء لاكابر الذئاب وتبديل حفاظات صغارهم والسهر عليهم   لتنعم زوجات أكابر الذئاب بالراحة.

 

-ذئب رقم (١) : فأنظر ماذا سيحل بك أيها المسكين  وانت صاحب الخطايا الثلاث .

 

-الذئب : (باكيا) ياويلي .. ياويلي .. ياويلي .

 

 

 

(يخرج الجميع)

 

المشهد الثاني  :

 

 

(قاعة محكمة ، يجلس  القاضي بين إثنين من المستشارين في منتصف القاعة ، وعلى مسافة يجلس  المدعي العام ، وفي الزاوية الاخرى يجلس المحامي . بضعة ذئاب أخرى تمثل الحضور، ويكون الأب والأم في المقدمة  ، يدخل الحارسان ومعهما الذئب المتهم ، فيوقفانه أمام  القاضي، الأب والأم يشعران بالحزن لرؤيته)

 

-الأب  : كيف حالك ياولدي ؟

 

-الذئب : أبي إني بخير ، أمي الحبيبة .. كم أشتقت إليكما

 

  • الأم : (بفزع) ولدي ، حبيبي ، أنا في كل يوم آتي إليك بوجبة من اللحم ، فلماذا أراك هزيلا يافلذة كبدي  (تبكي).

 

-الأب : (بحزن) حقا إنك هزيل جدا يابني . ماهو السبب ؟

 

  • الذئب : (ينظر نحو الحارسان وبصوت منخفض) أها ، فهمت الان سبب انتفاخ كرشيكما .

 

-حارس رقم (١)  : (بخجل) لقد أُمرنأ أن نعطيك الأعشاب فقط ولاشيء غيرها .

 

  • حارس رقم (٢) : (بتأكيد) نعم ، نعم ، هذا صحيح  .

 

-الذئب : إذن لماذا لم ترجعوا اللحم لأمي؟

 

  • حارس رقم (١) : كان لذيذا وكنا جائعين .

 

  • حارس رقم (٢) : نعم ، نعم ، هذا صحيح . وفكرنا أن والديك سيشعران بالراحة اكثر مما لو علما بأمر منع تناول اللحم داخل السجن  .

 

 

-حارس رقم (١) : أعدك إن خرجت من السجن فسوف نعوضك عن كل وجبة لحم أحضرتها والدتك .

 

-حارس رقم (٢) : وأنا اعدك أيضا .. (مع نفسه) هذا إن خرجت فعلا ، هاهاها .

 

-القاضي : (بصوت عال) لتبدأ المحاكمة .  فليتفضل الإدعاء العام .

 

 

 

 

 

(يتقدم المدعي العام في وسط القاعة)

 

-المدعي العام : ( يقف متحمساً وسط القاعة ويوجه كلامه للجميع ) ياحضرة القاضي ياحضرات المستشارين أيها الحضور،  إن هذا المتهم الماثل أمامكم ماهو إلا حمار …

 

-المحامي : (يقف مقاطعا ) ياحضرة القاضي ، أنا أعترض على هذه المقدمة الساخرة ، ثم إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته .

 

  • القاضي : قبلنا الإعتراض .

 

-المدعي العام : ياحضرة القاضي ياحضرات المستشارين ، أيها الحضور الموقر . إن مقدمتي الساخرة كما إدعى المحامي ماهي إلا منطق مرادف ل “شر البلية مايضحك “!

 

فاللللل( يحرك يده باستهزاء) ذئب . خالف كل شرائع فصيلة الذئاب التي وصفت بالوحشية وخلو العاطفة منذ خلقت ، فقد أخفق هذا الذئب مرارا وتكرارا ، فبدلا أن ينقض على فريسة أصبح هو الفريسة ، فريسة للسخرية ، وهذا مايخالف قوانين فصيلة الذئاب التي إحتلت المرتبة الثانية في الوحشية بعد الأسود .

 

(نحو الذئب)  هل لك أن تخبرني أين ذهب مكرك ووحشيتك في ذلك اليوم ؟

 

الذئب : لقد ، لقد كنت ماكرا بمافيه الكفاية  ولكنها ليلى ، نعم ليلى وكذلك جدتّها كانتا أكثر مكرا مني .

 

-المدعي العام :  تلك هي المصيبة ، لقد أحنيت رؤوسنا بين بقية فصائل الحيوانات، وجعلتنا لقمة سائغة على كل لسان .  (بصوت عال) صحيح أيها الذئاب ؟

 

-الحضور  : صحيح .

 

-المدعي العام : (نحو الذئب وبهدوء) صحيح ايها الذئب ؟ ..  هيا أجب؟

 

-الذئب : صحيح ياسيدي  .. ولكن ..

 

المدعي العام  : (باستهزاء) فتاة صغيرة  أيها الذئب.. فتاة صغيرة !؟

 

-الذئب : (بخجل) وكذلك جدَتها أيضا ياسيدي  .

 

-المدعي العام : (غاضبا) أعلم ،  ولكن أخبرني أولا لماذا لم تأكل ليلى منذ البداية ؟

 

-الذئب : (فزعا وبسرعة) كانت تحمل سلة كعك إلى جدتها فقلت في نفسي لأتسلى قليلا قبل أن أكلها ..

 

-المدعي العام  : (يضحك) هههههه ما أعظمها من تسلية .. تقصد تسلية ليلى وجدتُّها بك أيها الغبي العطوف .

 

-الجميع :(يضحك) ههههه.. هههههه..

 

-الأم : ولدي ليس غبيا، ولدي ليس عطوفا إنه ذئب مغوار .

 

-القاضي : (يدق بالمطرقة ) صمتا .

 

-المدعي العام : (غاضبا) أيها الذئب، ألم يجدر بك أن تأكل ليلى وتأكل الكعك الذي في السلة ثم تذهب لأكل جدتها العجوز ؟

 

-محامي الدفاع  : (يقف ويشير بيديه) ياحضرة القاضي اطلب من حضرتك إعفاء موكلي من هذا السؤال . فالسيد المدعي العام يحمّل موكلي مالا طاقة له به.

 

-القاضي :  سوف نعفيه من هذا السؤال .

 

-المدعي العام : (يرفع قبضة يده غاضبا) بل إني أصر ياسيادة القاضي على هذا السؤال ولن اعفيه من الإجابة.

 

-القاضي : (بهدوء)سوف لن نعفيه من هذا السؤال  .

 

-المحامي : ياسيادة القاضي ،  لابأس أن تنسب لموكلي تهمة التقصير عن أكل ليلى ، ولكن أن يتهم بالتقصير عن أكل الكعك والجدة العجوز في وقت واحد .. فهذا مستحيل .

 

-القاضي : سوف نعفيه من هذا السؤال .

 

-المدعي العام : سيدي القاضي ، إن إعفاء الذئب من الإجابة عن السؤال   كاملا  هو مامعناه اعفاءه من الذنب كله .. وإليك الدليل (يتحدث باشارات) فليلى صغيرة  كأنها وجبة لحم ، والكعك قليل جدا يمده         بالسكريات ثم إن الجدة العجوز وجبة كالسيوم مفيدة .

 

-القاضي : سوف لن نعفيه من هذا السؤال .

 

-المحامي : (بمراوغة) ياحضرة القاضي ، إن موكلي  معتدل في طعامه .

 

-القاضي :  سوف نعفيه من هذا السؤال ..

 

-المدعي العام : سيدي القاضي ، هل نسيت أنه (يحرك يديه) ذئب .  ولولا استمرار اكله اللحوم مااستمرت فصيلتنا حتى الان . فلو كل ذئب امتنع عن أكل فريسته مرة واحدة لأصبحنا الآن فصيلة معيز . وبدلا من  عااااااااو  لكنا جميعا نصيح  (يقلد صوت الماعز) مأأأأأأ .

 

-القاضي : سوف لن نعفيه من هذا السؤال . وهذا قراري الأخير . أجب أيها الذئب .

 

-المدعي العام : (مبتسماً) والآن أجب عن سؤالي أيها الذئب .

 

-الذئب : (متمتما وينظر هنا وهناك) عن ماذا  أجيب ؟ لقد نسيت السؤال!

 

-المدعي العام : (بحزم) سؤالي هو : لماذا لم تأكل ليلى منذ البداية ثم تاكل الكعك الذي معها وبعدها تذهب لأكل الجدة العجوز ؟

 

-الذئب : (بعد تفكير) في الحقيقة ، أنا كنت أنوي أن آكل ليلى ، ولكن لما علمت أنها تحمل كعكا لجدتها العجوز قلت في نفسي لماذا لا انتظر ليلى مع الكعك في بيت الجدة لاكلهم جميعا  (يضحك) هههههههه …

 

-الحضور : (ضحك) ههههههه  .. هههههه .

 

-القاضي : (يدق الطاولة بالمطرقة) صمتاً .

 

-المحامي : (يتبجح) انظر ياحضرة القاضي إن موكلي كتلة من الدهاء والمراء ، أرفع قبعتي لك أبها البطل الهمام (يرفع قبعته وينحني) .

 

-المدعي العام : (يضرب بيده على الطاولة) إسمح لي أيها القاضي إن الجلسة إذا استمرت بهذا الشكل فسوف لن تنتج  سوى المهزلة التي نحن في غنى عنها.

 

-القاضي :  حسنا ، إرتدي قبعتك أيها  المحامي .. وأنت أيها المدعي العام  إستمر .

 

-المدعي العام : (يسير بهدوء نحو الذئب ويلتف حوله وبمكر)  إذن لماذا لم تنفذ خطتك الجهنمية ؟

 

-الذئب : ليس الذنب ذنبي .

 

-المدعي العام : كيف؟ اخبرني .. أقنعني .. أتحفني .. .

 

-الذئب  : في الحقيقة.. (يشعر بالاعياء وكأنه يتخيل فتظهر ليلى بزيها وسلتها ويتتبع بنظراته خطاها حتى تخرج ثم يهز رأسه) لقد ، لقد تهاونت .

 

-المدعي العام : (يدور  ويصيح) هوووو ، لقد أعترف بذنبه … لقد أعترف بذنبه .. هووووو .

 

– الحضور  : (متفاخرا بصوت عال) هووووووو .

 

-القاضي : (يدق بالمطرقة ويصيح) صمتا .

 

-المدعي العام : سيدي القاضي ها أنا أمامكم الآن وقد انتزعت من هذا الذئب اعترافه الصادم بجملة واحدة :  (لقد تهاونت)

 

-المحامي : (يقف) ارجو من حضرة القاضي أن يسمح لي بسؤال موكلي ، فيبدو أن تشويشا قد حصل .

 

-القاضي : تفضل أيها المحامي .

 

-المحامي : (يتقدم نحو الذئب) أيها الذئب أجب جيدا عن سؤالي افتح عينيك ارفع اذنيك واستعد .

 

-الذئب : (يفتح عينيه ويرفع أذنيه) إستعدااااد .

 

-المحامي : (مرتبكا ويهمس في أذني الذئب) ركز جيدا فالأمر سيكون خطيراً عليك إن أخطأت (بصوت عال)  حضرة القاضي .. حضرات المستشارين أيها الحضور . لقد تشوش موكلي وقد بدا ذاك واضحا ، فهو منذ البداية أخبرنا أنه أراد (يلتفت نحو الذئب)

 

” التسلية ” قليلا قبل أن يأكل ليلى ، أليس كذلك أيها الذئب؟

 

-الذئب : (مترددا)  نعم  .

 

-المحامي : (فرحا) اذن هل كنت متسليا ام متهاونا ؟

 

(تدخل ليلى من الجهة اليمنى وتخرج من الجهة اليسرى، فيفتح الذئب فيه مذهولا)

 

-المحامي : (يستغرب حال الذئب) مابك؟ إلى ماذا تنظر ؟

 

-الذئب : (يهز رأسه) لا شيء ، عفوا ماذا كان السؤال ؟

 

المحامي : هل كنت متسليا أم متهاونا ؟

 

الذئب : بالتأكيد  متهاونا !

 

(تحدث جلبة وأصوات عالية المحامي يضرب رأسه بيديه)

 

-المدعي العام : (يدور ويصيح فرحا) هووووو . هوووو .. .

 

-الذئب : (يشعر بخطأه ويحاول ان يصحح ولكنه يشطح) أأقصد ” متساولا” ” .. (تظهر ليلى مرة أخرى، فيهز الذئب رأسه)

 

-المدعي العام  : (يصيح مرة أخرى وهو يدور داخل القاعة) هوووووو .

 

-الذئب : (يخطئ مرة أخرى)” متهيّناً ” “متسّينا”

 

(تتعالى أصوات الحضور فيما يسير المحامي وهو يضرب رأسه بيديه)

 

-المدعي العام : (بصوت عال) هووووووو .  لا فائدة أبدا ، لقد اعترف وأنتهى .

 

-الأب : ماذا حل بك ياولدي؟

 

-الأم : قلها يابني  قلها صحيحة  “متسولا ! أوه  ماذا فعلت ؟

 

  • الأب : (يصرخ بوجهها) اسكتي .

 

  • القاضي : (يدق بالمطرقة) صمتاً .

 

 

-المحامي : ياحضرة القاضي ، اسمح لي أن أجعل السؤال أكثر تناغما لموكلي المرهق .

 

-القاضي : نعم ، تفضل .

 

-المحامي : (يهمس في إذن الذئب) لم أندم ابدا في حياتي على شيء كما ندمت اليوم على الدفاع عنك أيها الأهبل  ركز جيدا … (بصوت عال) أيها الذئب ، إختر الإجابة الصحيحة  : ماذا  قصدت مما فعلت مع ليلى   أولا : تسلية ، ثانيا : تهاون .

 

-الذئب : تساون … أأأ.. تهوية  …أأ.. تسوية ..

 

(تعلو اصوات الحضور . المحامي يجلس ويضرب برأسه  فيما الأم

 

والأب يضربان على صدريهما )

 

-المدعي العام : (يصفق) هوووووو .. هوووو … .

 

-القاضي : (يدق بالمطرقة) صمتا .

 

(يسكت الجميع ويعم الهدوء)

 

-المدعي العام : ياحضرة القاضي ، كما رأيت إن المتهم قد ثبتت ادانته باعترافه هو . إنه يعترف أن العاطفة استولت عليه وقد عبر عنها بكلمة ” تهاون” .

 

-المحامي : ياحضرة القاضي إن موكلي بريء مما نسب اليه ، فهو كما ترى مريض ومرهق وأرجو طرح هذا الأمر بين يدي عدالتكم .

 

-القاضي :  نتوقف قليلا  للتشاور .

 

(يخرج القاضي والمستشارون  .. المحامي يقترب من الذئب)

 

-المحامي : (بهمس مشيرا نحو زيه) بسببك  كرهت اليوم الذي ارتديت فيها بدلتي هذه .

 

-الذئب : (محرج) أنت قلت الحق ياسيدي ، فأنا حقا مريض .

 

(يهرع الأب والأم نحو الذئب)

 

– الذئب : (وهو يعانق أمه) سامحيني يا أمي  (يبكيان)

 

-الأم : سامحتك ياولدي ، سامحتك ، (بغضب) آه لو أني أمسك بليلى وجدتها لقطعتهما إرباً إربا .

 

-الذئب : (يعانق والده) أبي ، سامحني ياأبي .

 

-الأب  : (يبكي) سامحتك يابني..

 

-الذئب : (حزينا) لقد  وجدت في ليلى صورة طبق الأصل مني  ، فهي كانت تحمل الكعك لجدتها ، تماما كما كنت أفعل معكما دائما حينما كنت أأتي لكما بالطعام   ( يلتف حوله بعض الذئاب  فيما يكمل كلامه ) كنت سعيدا وأنا أراكما  تأكلان  ، وكنت أشعر أنني أفعل الصواب (تتعاطف معه بعض الذئاب ويبكون ويتفاعلون معه فيما يرفض عذره البعض الاخر من الذئاب الحضور)

 

– ذئب رقم (١)  : (يبكي) كفى ، لقد قطعت نياط قلبي .

 

-ذئب رقم (٢) : ماكان يجدر بك أن تقارن بينك وبين ليلى ، فهي من فصيلة ونحن من فصيلة أخرى .

 

-ذئب رقم (١)  : (متوجها نحو ذئب رقم (٢)) لو لم يكن شديد العطف على والديه لما تعاطف مع ليلى وتهاون معها .

 

-ذئب رقم (٢) :  هذا هراء .

 

-ذئب رقم (١) : بل إنها حقيقة ونحن غافلون عنها  ويجب أن نتعاون مع الذئب ونقف إلى جانبه .

 

-ذئب رقم (٢) : (يدفعه نحو الذئب) هيا ، هيا ، قف إلى جانبه … هيا.

 

-ذئب رقم (١)  : سوف نقف جميعا إلى جانبه في حالة يسجن أم لم يسجن .

 

(تتفاعل بعض الذئاب معه ويلتفون حول الذئب المتهم)

 

-ذئب رقم (٢) : (يوجه أنظاره نحو فريقه) اوووه ، إنها دعوة لتمكين العاطفة بدل الوحشية التي جبلت عليها فصيلتنا ..

 

-ذئب رقم (١) : لابد من قليل من العاطفة حتى نرحم صغيرنا وكبيرنا ، فهي سر ترابطنا وتواصلنا .

 

-ذئب رقم (٢) : أحتج على كلامك لو إنك تقصد العاطفة بالمعنى الشمولي ومع جميع الفصائل الأخرى .

 

-ذئب رقم (١) : لا ضير في ذلك إذا حصل مرة واحدة مع فصيلة مختلفة .

 

-ذئب رقم (٢): ناقص أن تقول نصبح سناجب ونأكل البندق والجوز واللوز .

 

-ذئب رقم (١) : حينما يكون للضرورة أحكام  وننظر بعين العطف إلى فريسة لها عائلة بانتظار أن تحضر لهم طعاما ، لما لا ؟

 

-ذئب رقم (٢) : (يرفع يده ويهزج)

 

كلا كلا لا يجوز

 

-فريق الذئب رقم (٢) : (بحماس مع رفع ايديهم) :

 

كلا كلا لايجوز

 

-ذئب رقم (٢)

 

نترك اللحم ونأكل جوز

 

-فريق ذئب رقم (٢) : (يحملونه على الأكتاف ويجوبون به القاعة)

 

نترك اللحم ونأكل جوز

 

 

 

-ذئب رقم (٢) : (بحماس)

 

وكلا كلا لايجوز

 

 

 

-فريق ذئب رقم (٢) :

 

كلا كلا لايجوز

 

 

 

-ذئب رقم (٢) :

 

نترك اللحم ونأكل جوز

 

 

 

-فريق ذئب رقم (٢)

 

نترك اللحم ونأكل جوز  (تكرار)

 

-صوت : محكمة .

 

(يذهب كل إلى مكانه ويدخل القاضي والمستشارون ويجلسون في أماكنهم )

 

 

 

-القاضي : من مكان العدل لفصيلة الذئاب  حكمت المحكمة بالسجن المؤبد على الذئب بعد ثبوت اتهامه بالعاطفة مع …

 

  • الذئب : (يصرخ) لا ، لا .

 

-الأم  : ولدي بريء .. ولدي بريء .

 

  • الأب : هذا ظلم ، هذا ظلم ..

 

  • المدعي العام : (يمشي بفخر) هوووووو ، وكسبنا القضية كسبناها كسبناها   هوووووو .

 

 

-القاضي  : (يكمل) وقف التنفيذ ! لعدم كفاية الأدلة . ولأن العاطفة أمر يتجسد في كل كائن بنسب مختلفة فعليه لايعتبر ماقام به الذئب جريمة مخلة بسمعة فصيلة الذئاب.، إنما هو أمر اتفقت عليه جميع فصائل الكائنات الحية .

 

-الذئب  : (فرحا) يحيى العدل .. يحيى العدل .

 

-الأم : يحيى العدل .. يحيى العدل …

 

-الأب : (يقفز فرحا) يحيى العدل .. يحيى العدل

 

-ذئب رقم (١) : (مع فريقه بحماس) يحيى العدل .. يحيى العدل .. يحيى العدل .. .

 

-ذئب رقم (٢) : (يقوم فريقه بضربه فيصيح) عاووووو . عاووووووو ، إتركوني .

 

-الذئب : (نحو الحارسان)  والآن عليكما بتسديد ما بكرشيكما من لحم .

 

-حارس رقم (١) : بالتأكيد .

 

-حارس رقم (٢) : طبعا.، طبعا .

 

-الذئب : (يبتسم) أمزح معكما .

 

-المحامي : (يسير باتجاه المدعي العام  مفاخرا)  هوووووو ..  هووووو .

 

-المدعي العام : (يضرب برأسه الحائط)  آااااااه . وخسرنا القضية.. خسرناها.

 

(النهاية)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock