نقاد من العراق والمغرب ومصر.. يناقشون التمسرح في اليوم الأول للملتقى الفكري بمهرجان بغداد الدولي للمسرح في دورته الثالثة.

انعقدت في فندق المنصور تحت عنوان: التمسرح.. في الخطاب الراهن وممكنات الاستجابة والتلقي

المسرح نيوز ـ القاهرة| مسابقات ومهرجانات

بغداد| صفاء البيلي

 

 

خمسة نقاد من العراق والمغرب ومصر.. يناقشون التمسرح في اليوم الأول للملتقى الفكري بمهرجان بغداد الدولي للمسرح في دورته الثالثة.

ـــــــــــــــــــــ

د. صلاح القصب: التمسرح.. أحد العناصر القابلة للتشظي والانتشار والانفتاح

د. أبو الحسن سلام: للتمسرح حالات متباينة تعود إلى الاستلهام سواء كان تاريخيا أو تراثيا.

د. عبد الرحمن بن زيدان: مفهوم التمسرح يبقى موصولا في التجربة النقدية الغربية

د. عقيل مهدي: التمسرح في النص العالمي..عملية خلق بين المخرج وطاقمه مع الجمهور بتأويلاته

الفنان عزيز خيون: منصة التمسرح لا حدود لها..  فحدودها الحياة

 

انعقدت صباح أمس الخميس أولى وثاني جلسات الملتقى الفكري بمهرجان بغداد الدولي للمسرح في دورته الثالثة والتي حملت عنوانا ملهما “التمسرح.. في الخطاب الراهن وممكنات الاستجابة والتلقي” بفندق المنصورميليا بالعاصمة العراقية بغداد. وتحدث فيهما خمسة نقاد عراقيين وعرب من مصر والمغرب. وحضرها عدد كبير من الإعلاميين والنقاد والكتاب المهتمين بالمسرح واشتغالاته.

وكان أول المتحدثين الدكتور صلاح القصب والذي أكد في بداية ورقته أن نقاد الدراسات الفنية طرحوا نظريات وفرضيات وحلول وبث موجات طروحات جديدة في المكون المسرحي والفني، واكتشاف اشتغالاتها في مركبات الخطاب المسرحي، وعناصر العرض. ومن تلك الدراسات البنيوية ونظرية الكم الفيزيائية، وطبقات من مصطلحاات مركبة بدقة، فكل تلك الدراسات ترتكز إلى جوهر وطاقة إلى تمركز بشكل لا متناهي بخطاب استجابة لعصر مضطرب، إلى خطاب يحتمي الإنسان من خلاله إلى ظلال آمنة.

ويورد القصب معنى تمسرح الخطاب على أنه مركب إشكالي على حد قول المفكر الكبير “اليوسفي”  الذي يرى أنه من الصعب تحديد تعريف موحد وشامل للتمسرح، وإن كان ممكنا إظهار تجلياته وآثاره من خلال خطابات متعددة منها ما هو قريب من روح المسرح ومجاله التعبيري ، ومنها ما هو بعيد كالرياضات، وقسمها إلى فصلين، الأول بعنوان التمسرح في إطار خارج مسرحي، والثاني بعنوان التمسرح في إطا ر مسرحي وانطلاقه من المفهوم الذي يفيد أن المسرح هو كل حالة خصوصية مسرحية سواء كان في النص أو العرض، حيث إن عصرنا الراهن سيكون سببا في تركيب مكوناته وانتشار دلالاته من جهة ثاني، وهذه الطاقة، ما بين الجوهر لدياليكتيكي في تمسرح الخطاب تحدد هندسية العرض،وهندسية المسافات، ما بين العرض والمتلقي لتشكل تركيبا بلاستيكيا، هو استقبال العرض.

وأشار القصب إلى أن الخطاب في العرض تشتغل مكوناته من معادلات أنطولوجية جديدة، أنطولوجيا علم المسرح، والتي ستنتج فرضيات واحتمالات جديدة قائمة على تفريغ المادة من ماديتها لطرح منظومة فلسفية جديدة تنطلق معادلاتها من فلسفة الكم بحثا في الموارائية في قارة الأدب والمسرح. ثم ختم القصب ورقته بتساؤلاته الهامة: عن التمسرح وهل هو أحد العناصر القابلة للتشظي والانتشار والانفتاح على آفاق تحويلية قادرة على تكوين مسارات التمسرح التي يميزها تحويل الخطاب وإعادة تشكيلاته في صور مغايرة عبر تكوين مسارات التمسرح والتي يميزها أيضا التوليد المستمر وانتاج معادلات جديدة لمناطق بكر للتلقي. لتنتج ثلاث مركبات فيزياكمية تحقق بمعادلاتها مشاريع الحركة المعطلة والغائبة التي تدفع الموجات إلى جوهر الصراع بين الانسان والعصر والوقوف على ديمومة وجوده المضطرب. بحثا عن بحيرات آمنة يسكنها صناع الجمال والشعراء.

أما المتحدث الثاني في الجلسة الأولى فهو الأستاذ الدكتور أبو الحسن سلام  من مصر والتي جاءت ورقته النقدية حاملة عنوان: مقولات تنظيرية حول مفهوم التمسرح” وفيها يرى سلام أن للتمسرح حالات متباينة تعود إلى الاستلهام سواء كان التاريخي أو التراثي. كما قال إن فنيات التمسرح تنحو نحو دراماتورجيا الكتابة على الكتابة أو ميتاتياترية التمسرح بتقنيات الاستعارة ومشهدية التورية الدرامية فنيا وجماليا.

كما أن التمسرح يميل إلى خصوصية التعبير المسرحي عن الأشياء سواء كانت تشيئا للإنسان أو أنسنة للأشياء ،كما تشكل حالة التحول من العمومية التعبير الدرامي الى الخصوصية . وبصم المستلهم بهوية ذاتية عصرية، مشهدية الخروج من شعرية النص الدرامي الأدبي إلى شعرية المسرح. الخروج عن عباءة الأدب،استعارة عاطفة بشرية شفرية تمشي على غرار الثقافة المعاصرة وأخيرا التمسرح هو فعل دراماتورجية الغرائبي في فنون الدراما والعرض ووسائله الاستلهام. والكتابة على الكتابة والميتاتياتر، وفنيات الاستعارة، وفنيات المعارضة المسرحية وتضافر الفنون عبر أسلوب سيمولاكر.

ثم تناول في ورقته التمسرح بواسطة الاستلهام وأشار إلى مرجعيات التمسرح في دراماتورجية النص ، وعلاقة التمسرح ودراماتورجية الكتابة على الكتابة. ودلل على دراماتورجية ميتاتيارية التمسرح في هاملت شكسبير ، ثم عرج على دراماتورجية التمسرح في الكتابة على الكتابة المعاصرة والتي من نماذجها تناول ألفريد فرج المصري لرائعة بريخت أوبرا بثلاث بنسات حيث حولها لمسرحية بعنوان (عطوة أبو مطوة)، ثم لفت إلى دراماتورجية التمسرح ومرجعية الاستلهام في النص والعرض، على نحو ما فعله يوسف إدريس في كتابته لقصة جمهورية فرحات، حيث حولها لنص مسرحي بمعيارية بنية درامية متجاورة الأحداث. ثم ختم سلام ورقته بالحديث عن دراماتورجية التمسرح في استلهام العرض المسرحي المعاصر ودراماتورجية التمسرح في استلهام العرض لنظرية علمية،  ومثل لها بعرض هيدروس لفرقة المسرح النمسوي التي شاركت في تجربي القاهرة الدورة 29 للمخرجة هيديثا براون. وكذلك دراماتورجية التمسرح في استلهام العرض المسرحي لنظرية فلسفية.. ومثل بها بالعرض الألماني التجريبي جلسة سرية وهو عرض جسدي صامت يجسد فكرة الجحيم هو الآخر.

أما المتحدث الثالث في الندوة الأولى فكان الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن زيدان من المغرب والذي حملت ورقته النقدية عناون ” التمسرح، وقراءة المسرح.. المرجعيات والممارسة” والذي تناول فيها بالتحليل المفارقات بين  مفهومي التمسرح والتلقي حيث إن هذين المفهومين من المفاهيم الجديدة في النقد الجديد والمدعوم بمناهج وفلسفات ونظريات غيرت قراءة العلاقات بين الانتاج والأدب الفني والظواهر الاجتماعية، متجاوزة مناهج النقد التي تنتمي إلى المرجعيات القديمة لتقدم عددا مجددا من أشكال القراءات لتجعل من القارئ عنصرا حيويا مشاركا في إبدداع النص، مع جعل تلك المفاهيم الفلسفية والفكرية دعما للطفرة النوعية التي أسهمت في تفعيل القراءة الجديدة للظاهرة والنتاجات الأدبية والفنية.

ثم أوضح أن الاختلافات والتباينات والمفارقات قد تبدو ظاهريا أنها موجودة بين التمسرح وبين التلقي، كفعل يملك مجال اشتغاله في مجال هذه النصوص بمناهجه الخاصة. كما يرى أن مفهوم التمسرح يبقى موصولا إلى حداثته في التجربة النقدية الغربية بعد أن أرسى قواعده رولان بارت بعد قراءته لأشعار بودلير فمهد لانقلاب معرفي في الممارسة النقدية التي قلبت العديد من مفاهيم القراءة.

ثم تناول في ورقته الحديث حول استراتيجية التمسرح في بناء خطاب التلقي، منطلقا نحو مفاهيم التمسرح وإنتاج خطاب التلقي، حتى يصل إلى تساؤله الهام حول الاسناد المعرفية والمرجعيات التي يقوم عليها التمسرح، حيث يجيب عنها باستفاضة.. ليختتم ورقته الثرية بحديثه عن الظاهرية والتمسرح، حيث إن ظهور التمسرح مع التلقي  لم يكن بمعزل أبدا عن محرك أساس في تحقيق الطفرة الجديدة التي كانت وراء تشكيل المفاهيم التي من شأننها تؤكد التفاعل بين بينيتي النص والتجاوب والاستجابة لمتطلبات العرض.

أما الجلسة الفكرية الثانية والتي أدارتها باقتدار كبير الأستاذة الدكتورة سافرة ناجي  وتحدث فيها كلا من الأستاذ الدكتور عقيل مهدي والفنان القدير عزيز خيون

وقد بدأ الدكتور عقيل مهدي ورقته التي عنونها بـ ” التمسرح.. من مؤثرات المسرح” حيث بدأها بالتركيز على البعد الفلسفي للمفهوم ثم عرج على تعريف لفظة التمسرح واشتقاقاتها مبينا أن التمسرح يقتضي خوض تجربة لحالة معينة تبعا إلى ما يتناسب وقابلية الاجهاد، وأدائها حسب قدرات المؤدي، ويبقى التداخل النصي قائما في التمسرح، بنظم دلالية مختلفة ومتنوعة عن طقوس دينية واجتماعية ووطنية تخص عراق المجتمع المعين في تمرد على تابوهات العقل الجمعي ومفرقة بتماسكه الاجتماعي فردانية بديلة منتمية لإطار جماعة محددة تخص نوعية التمسرح الذي تقدمه وعلاقته بالموضوع، والتذبذب ما بين المظاهر الحقيقية أو ما يخص تطلعاتها وهنا تتنافر صيغ الأداء مقارنة مع المسرح. ثم أرجع د. عقيل مهدي مرجعية التمسرح إلى أنها آلية تنفصل فيها العقلية الإبداعية عن لإضاءة العقل النقديوالتي تلغي ما سبقها من مرجعيات في النقد. كما تناول ظاهرة التمسرح في النص العالمي،حيث يرى أن اخرج مسرحية ما هى عملية خلق جديدة يتعاون فيها المخرج وطاقمه مع الجمهور ومخيلاته وتأويلاته للعرض..وذكر نماذج لذلك. وصولا إلى مناقشة ظاهرة التمسرح في الإخراج حيث تعامل المخرجين على مر العصور مع المايم الجسدي لا بالوجه واليدين وإنما بالتركيز على الجذع البشري بوصفه البؤرة التي تبث إشاراتها الدلالية للجمهور.

أما الورقة الثانية في الجلسة الثانية فقدمها الممثل والمخرج العراقي القدير عزيز خيون من واقع تجربته العملية والإبداعية على خشبة المسرح ووسمها بعنوان: التمسرح.. كظاهرة حياتية وذاكرة ثقافية، حيث تناول فيها السعي الدائم لإرادة البشر في الوصول للأفضل وتطوير مناحي الحياة خاصة فيما يخص العملية الفنية. ثم عرف التمسرح اصطلاحا وعرج على تعريفه الخاص كمخرج ممارس للمسرحة من قبل دون معرفة مسماها الاصطلاحي لاحقا.ثم عرج على محاولة لتعريف التمسرح عند بعض المسرحيين كـ كروتوفيسكي، وحسن اليوسفي.. الخ . ثم يحدد منصة التمسرح ويعترف بأنها لا حدود لها، فحدودها الحياة. ثم يمضي إلى أمثلة للتمسرح بداية من كتاب الشعر لأرسطو حتى المجددين مثل كريج وأبيا وكروتوفسكي.. الذين طالبوا بسيادة العرض المسرحي بكل وسائطه بعيدا عن سلطة النص. ثم ختم ورقته بقوله إن العرض المسرحي لهو عافية المسرح، حيث يجد مصطلح التمسرح فرصته الكامل في العرض المسرحي.

وقد عقب عدد من المسرحيين والنقاد الناقد والكاتب العراقي عواد علي، المخرجة العراقية مجيدة خليد، والإعلامي محمد يوسف على بعض ما جاء في الندوتين الثريتين بما جاء فيهما حول المسرح والتمسرح.. في الخطاب الراهن وممكنات الاستجابة والتلقي.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock