مسرح طفل

ننشر “البستان”.. “مسرحية للأطفال” للكاتب: حامد شهاب الجيزناوي‏


المسرح نيوز ـ القاهرة| مسرح طفل

ـ

 

البستان

( مسرحية للاطفال )

تأليف: حامد شهاب الجيزناوي‏

 

ـ

 

( يدخل المهرج وهو يرتدي ملابس مزركشة وعلى رأسه قلنسوة طويلة وينتعل حذاءً  طويلا . ينظر الى الجمهور ويبتسم . يخطو بضع خطوات . يتعثر . يتألم ) .

المهرج : أي .. أي ما هذا الحذاء ( يرفع قدمه ويمسكها ) اللعنة أي أي هذا الحذاء اللعين ( يضع قدمه على

الارض . يحاول ان يمشي ) لا استطيع السير .. لقد جاؤوا به على عجل وقالوا البسه .. أي ( يتألم )

وانا لبسته وخرجت عليكم ( يسير قليلا وهو يعرج ) ماذا سافعل والمخرج عصبي جدا .. ها ..

عصبي جدا . وانا لا استطيع ان أؤدي دوري وهذا الحذاء في قدمي ( يفكر قليلا ثم بشكل مفاجئ

يرفع صوته وينادي ) ايها المخرج .. ايها المخرج .. ايها المخرج اين انت .. ( يمسك اذنه وينصت

لا احد يجيب ) يا مصمم الازياء .. اجل يا مصمم الازياء اين انت .. ( ينصت منتبها ) لا احد يجيب

عبثا انادي .. لا احد سيغيثني لانهم يقولون في فن المسرح علاقة المخرج ومصمم الازياء

تنتهي علاقتهم بالعرض المسرحي عندما تفتح الستارة ويخرج الممثل الى الجمهور ( يمشي بصعوبة

يتعثر . يتأرجح ) .. حسنا ماذا سافعل .. سأؤدي دوري وامضي ( يلتفت الى المسرح عندها ستكون

 الانارة قد اوضحت المكان ) هذا بستان ( يضحك ) وانا سأروي لكم حكاية هذا البستان …

كان يا ما كان في زمن من الازمان وعلى مكان على الكرة الارضية .. بستان ( يتحرك قليلا تؤلمه

قدماه ) أي .. أي .. المعذرة .. أي لا استطيع ان امثل وقدماي في هذا الحذاء ( يجلس ينزع الحذاء

 ينظر اليه . يضحك . يعمل منه قرنين . يواجه الجمهور وهو يضحك ) انه اشبه بقرون البقر

الصومالي .( ينهض ويعلق الحذاء على رقبته ) معذرة ايها الاصدقاء ( يتجول . يقفز عدة مرات )

هذا افضل .. حسنا لنواصل سرد حكايتنا ( يلتفت الى المسرح ليشاهد الممثلين وقد انتشروا عليه )

لقد تاخرت كثيرا وتجاوزت الوقت المحدد لي وها هم الممثلون وقد خرجوا ليؤدوا ادوارهم في حكاية

البستان . ( ينزوي جانبا بينما نشاهد الاخ الاول وهو يمسك بندقية ويتجول عند السور و

            الثاني يعزق الارض بمجرفته والثالث يمسك دفترا وقلما ويكتب عند شجرة بالقرب منها اكياس

            مكدسة وصناديق وهم ينشدون )

اعلم اعلم يا انسان بالعمل يحيا الانسان ..اعلم اعلم يا انسان بالعمل يزهو البستان . ( يكررونها عدة

مرات . يدخل والدهم وهو رجل مسن يتكئ على عصاه و ينشد معهم ) .

 

1

الاب : احسنتم يا ابنائي احسنتم .. كلما اجتهدتم في عملكم كلما كانت اشجار هذا البستان افضل وثمارها اوفر

( يجلس على احد الاكياس ) والان يا ابنائي تعالوا حولي ( يتجمعون حول والدهم ) .

الابن الاول : كيف حال ابينا ؟

الاب : انا في صحة جيدة .

الابن الثاني : ارجو من الله ان يديمها عليك .

الاب : شكرا لكم يا ابنائي ( يحني راسه .. الابناء ينظر احدهم للاخر ) .

الابن الثالث : ماذا هناك يا ابي هل انت متعب ؟ ( الاب يرفع راسه وينظر الى ابنائه )

الاب : اسمعوا يا ابنائي الاعزاء (ينهض).. انظروا الى هذا البستان انه في احسن حال .

لقد تعب اجدادنا فيه وانا وانتم ولولا العمل والمثابرة لما كانت اشجاره زاهية بهذا

الشكل .. حافظ الاجداد عليه وانا كذلك .حافظنا على ارضه وسوره وشجره ومياهه

وانا اسلمه امانة في اعناقكم وارجوا ان تكونوا موضع ثقة في حمل

هذه الامانة .. هذا البستان يا ابنائي عاشت فيه اجيال واجيال وعانوا ما عانوا .. عاشوا اياما سعيدة و

اياما صعبة ولكنهم حافظوا عليه حتى وصل الينا وقد تعلمت من ابي وعلمتكم كيف يقوم كل واحد منكم

بعمله وواجبه .

الابن الثالث : هذا كلام غريب نسمعه منك يا ابانا .. هل ترانا قصرنا في شيء ؟

الاب : كلا يا ابنائي .. ولكن احمل لكم خبرا مهما .

الابن الثاني : كلنا آذان صاغية يا ابانا .

الاب : غدا ساسافر.

الابن الاول : والى اين يا ابانا ؟

الاب : لدي مشاوير علي ان اقضيها .

الابن الثالث : وكم سيدوم سفرك يا ابانا ؟

الاب : ثلاثة اشهر .

الابن الثاني : هذه فترة طويلة ولم نتعود على ذلك .

الاب : انا اديت دوري .. وارغب واتمنى ان ازور بعض الاماكن والاصدقاء . و اعتقد ان فترة ثلاثة اشهر

ليست بالطويلة وان لم اعد بعدها انتم في حل من تعهدكم وتصرفوا كيفما شئتم  والان اسمحوا

لي بالذهاب .

2

الابناء الثلاثة : رافقتك السلامة يا ابانا .

   بقعة ضوء على المهرج الذي يتململ في مكانه وعلى البستان تكون خافتة .

المهرج : ( تلك هي العلة يا نفسي ) ها ها .. هذا ليس كلام المؤلف وانما كلام شكسبير في مسرحية عطيل ..

ها ( يمسك اذنه وكانه يريد ان يسمع ) شكسبير .  . انه اعظم كاتب مسرحي انكليزي في القرون

الوسطى وعلى مر العصور .. ما علينا .. لماذا سافر الاب والى اين .. هذا هو السؤال .. علينا ان

نفكر ونصل الى نتيجة .. لنفكر معا قبل ان يواصل الممثلون سرد الحكاية .

احد الجالسين من الجمهور : وانت ماذا تقول ..

المهرج : لن اقول أي شيء لاني سافسد تسلسل احداث الحكاية .

احدهم : اني اتحداك. انت لا تعرف .

المهرج : لماذا تحرجني .

احدهم : حسنا قلها ان كنت تعرف .

المهرج : وهل تعتقد اني لا اعرف الاجابة ( يشير اليه بالاقتراب ) سافر وترك ابنائه …

           ( تعود الانارة الى البستان ) . اش اش . لنشاهد ( يشير الى الابناء الثلاثة وقد عادوا

            الى العمل الاول عند السور والثاني يعزق الارض والثالث مع دفتر حساباته ) .

المهرج : ومرت الايام و الاسابيع وكذلك الاشهر ( يلتفت الى احدى جهات المسرح ).ها .. ماذا تريد يا سيدي

المخرج .. البس الحذاء ؟ ها .. وهل تسمي هذا حذاء .. ماذا .. قلت لك لا استطيع ان اتحرك جيدا

وهذا الحذاء في قدمي .. ها .. اللعنة ما هذا الازعاج ايها المخرج لقد انتهى دورك دعني اكمل دوري.

( يرتفع صوت الانشاد والمهرج معهم . بعد لحظات يختفي احد الاصوات مع ثلث اضاءة المسرح بعدها      يختفي الصوت الثاني مع ثلث اضاءة المسرح وبعدها يختفي الصوت الثالث مع الثلث الاخير من الاضاءة.  تسلط بقعة ضوء على المهرج ).

المهرج : ماذا يحدث .. يا منفذ الاضاءة سلط الاضاءة على البستان وليس علي . والا افسدت كل شيء .

 ( ينار البستان لنشاهد الحارس وهو ينزل من مكانه بينما الاخ الثاني يجلس القرفصاء وقد القى ( المسحاة )

 على الارض بينما الاخ الثالث حائر بين الاثنين يلقي الدفتر على الاكياس وهو منفعل) .

الاول : انا قلق على والدنا .

الثاني : وانا كذلك حتى اني لم اعد متحمسا للعمل .

الثالث : اننا فعلا لم نعد نؤدي واجبنا كما كنا .

الاول : انا قلق وضجر ولا ادري ماذا افعل .

3

الثاني : نبحث عنه ..

الثالث : واين نبحث عنه وهو لم يخبرنا عن مكانه او مسار رحلته .

الثاني : وهل نجلس مكتوفي الايدي ؟ الا يعني والدنا لكما شيئا . حقا انكما جاحدان .

الاول : ( ينهض من مكانه منفعلا ويتقدم من اخيه الثاني ) ماذا تقول وهل تحسب انك تحب والدنا اكثر منا

( يرفع يده ليضرب اخاه . يتدخل الثالث ليكون بينهما ليحول دون عراكهما ) .

الثالث : ماذا دهاكما هل جننتما ؟ ( بقعة ضوء على المهرج فقط ).

المهرج : يا سلام .. اختلف الاخوة وعندما يختلف الاخوة يحدث ما لا يحمد عقباه .. ومرت الايام والخلافات

تزداد والهوة تكبر ووجهات النظر تتباعد .. هذا كله انعكس سلبا على البستان .. على شجره وسواقيه

وامنه فتجاسر اللصوص .. ونما الدغل في اجزاء كثيرة منه .. وكيف لا وقد تخلى الاخ الحارس و

تقاعس عن واجبه بالحراسة وهدم اللصوص قسما من السور ونهبوا ما ارادوا ولم يعد من يكري

السواقي ويقوم بواجبه . فذبلت الاغصان وقل الثمر حتى وصل الاخوة الثلاثة ببستانهم الى حافة

الهاوية . وفي يوم من الايام التقى الاخوة في نفس المكان . والحزن باد عليهم جميعا .

 ( الاخ الثالث يتحرك قلقا وقد تملكه الغضب )

الثالث : جفت السواقي وذبلت الاغصان وعبث اللصوص في اكثر من مكان علينا ان نجد حلا .

الاول : ( ينهض من مكانه ) انا مللت الحراسة والسهر .. علينا ان نبيع البستان ونستريح من هذا العناء .

الثالث : ماذا ؟ .. نبيع البستان .. ووصية ابينا ؟

الثاني : ابونا قال انه سيعود بعد ثلاثة اشهر وها قد مضت ستة اشهر ولم يعد والان نحن في حل من الوصية .

الثالث : حسنا اذا بعنا البستان ماذا سنعمل والى اين سنذهب ؟

الاول : على الاقل سنرتاح .

الثالث : ايعقل هذا .. كيف سنعيش من دون عمل ؟

الاول : انا سابحث عن عمل اخر .

الثاني : واي عمل نجيد غير الاعمال التي تعلمناها .

الثالث : اسمعا يا اخوي اشم من كلامكما انكما غير راضيين عن طبيعة عملكما ! .

الاول : احسنت .

الثاني : هذا بيت القصيد انا مللت العمل كل يوم في العزق والكري والسقي .

الثالث : ( يفكر قليلا ) لدي سؤال وعليكما ان تجيباني عليه بكل امانة . هل يكره احدنا الاخر ؟

4

الاول : ابدا نحن اخوة .

الثالث : وهل نكره ابانا الذي اوصانا ووثق بنا .

الثاني : لا يمكن ان نكون بهذا السوء . وانا اعتذر عما بدر مني من تقصير .

الاول : وانا اعتذر كذلك لكني لم اعد احتمل هذا السهر اليومي .

الثالث : لو صارحنا ابانا على طبيعة عملنا كان يمكن ان نجد حلا . اما الان وابونا لم يعد ..  لدي اقتراح ..

الاول : ما هو . ؟

الثالث : نتبادل الادوار في العمل .. حتى يتقن كل واحد منا عمل اخيه .

الثاني : وكيف سنجيد الاعمال الاخرى وابونا قد حشر كل واحد منا في عمل محدود .

الثالث : لا عليكما . انا ساقول لكما كيف.. حسنا في يوم ساكون انا الحارس وانت تمسك السجل والاخر يتحول

الى الكري والسقي وهكذا .

الثاني : وهل هذا ممكن ؟

الثالث : ممكن .. ( يفكرون ) ماذا قلتم ؟

الاول والثاني : حسنا نحن موافقان .

الاول : ولكن اخشى الا اجيد ..

الثالث : ( يقاطعه ) لا تخش أي شيء .. يستطيع الانسان ان يتعلم عدة مهارات وان يقوم بمختلف الاعمال .

لو صمم على ذلك .. ها .. ماذا تقولان . ( الاول والثاني احدهما ينظر الى الاخر ) ارجوكما علينا

ان نبدا كي لا نخسر انفسنا والبستان معا . علينا ان  نصلح ما خربناه والا حلت علينا لعنة

عصيان وصية ابينا . لا تخافا في الايام الاولى سيعلم كل واحد منا اخاه  وبعد ايام قلائل سيتقن

كل واحد منا عمل اخويه وسنقضي على الملل والضجر . ( يتجمعون حول الاكياس

يفكرون وبعد لحظات ) .

الاول والثاني : حسنا لنبدا .. ( يدخل المهرج ثم يرمي فردتا حذائه في الهواء وهو يصرخ )

المهرج : هذا رائع .. هذا رائع ( نسمع صوت همهمة ينظر المهرج الى احدى جهات المسرح يرفع يده ثم

يخفضها ضجرا ) انت يا سيادة المخرج قلت لي اصرخ فرحا .. حسنا . حسنا ( يلتفت الى الجمهور )

على المخرج الا يحدد الممثل تحديدا تعسفيا . . ( يخفض صوته ) وبيني وبينكم هو لم يقل لي ارم

الحذاء هكذا ولكن انا ابتكرتها ( المهرج وهو يلتفت يمينا وشمالا ) حسنا لنعد الى حكايتنا

( يلتفت الى الاخوة وهم يعملون بجد ) هذا رأي رائع فكرة جميلة ان يتعاون الانسان مع اخيه

5

الانسان وان يحل مشاكله وخلافاته بالحوار والتفاهم بالمناسبة العقل البشري قادر ان يبدع في

كل شيء لو وفرنا له الاسباب وتذكروا جيدا الان الحضارة الانسانية تراهن على العقل البشري

وكيفية استغلاله .

( نسمع صوت الانشاد الذي يتعالى) هيا هيا يا اخوان .. العمل يبني الانسان .. بالعمل يزهو البستان ..

بالعمل تبنى الاوطان .

المهرج : عمل الاخوة بكل نشاط ليل نهار ليعوضوا ما فات وليعيدوا للبستان شكله الجميل الرائع واستمروا

على ذلك اياما وليالي ( اختزال الزمن بواسطة الإضاءة ) حتى اعادوا البستان افضل مما كان و

في يوم من الايام وبينما الاخوة الثلاثة مجتمعون يتداولون فيما بينهم دخل عليهم والدهم

فوقفوا مذهولين مندهشين .

الاخوة : ابانا … ابانا …

الثالث : لا اصدق ذلك .

الاب : بل عليك ان تصدق ها انذا بشحمي ولحمي .

الثاني : يا ابانا في غيابك …

الاب : لا تكمل يا بني لقد شاهدت كل شيء بعيني وسمعت ما دار بينكم كنت اراقبكم وخصوصا من على

تلك الشجرة الكبيرة .. يا ابنائي لقد جعلتكم تمرون بهذه التجربة القاسية لارى ماذا تفعلون بتلك الامانة

( يشير الى ما حوله ) وقد كنتم اهلا لحملها. الان انا لست قلقا عليكم او على البستان شكرا لكم يا ابنائي ..

وددت ان اختبركم وقد نجحتم في الاختبار انا فخور بكم .

( ينشد الجميع )

هيا هيا يا اخوان بالعمل تبنى الاوطان بالعلم يبنى الانسان بالعمل يزهو البستان .

 

  • ( المسحاة : اداة عزق او حراثة )

 

( النهاية )

 

حامد شهاب الجيزناوي

العراق

6


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock