الكاتب شاذلي فرح السمطي يكتب للمسرح نيوز: “واحـــة الجـنوبي”..صباح عبيد.. قــمر الجنــوب!

الواحــة تهتـم بفناني الأقاليم.. المظاليم

المسرح نيوز ـ القاهرة| وجوه مسرحية

ـ

واحـــة الجـنوبي
قــمر الجنــوب
ـ وكما يخرج القمر لينير لنا سماء دنيانا وسماء عشقنا تخرج وتطل علينا صباح عبيد في المسرح الأسواني بل في مسارح الصعيد . عندما ترنو لقمر الجنوب فستجد نفسك أمام بطله من بطلات الأساطير . ف جسدها الممشوق وعيناها الضيقة ويعلوها حاجب عريض ورموش طويلة وجبين مستدير يعلوه شعر أسود ناعم بالكاد تلمح بعض الشعيرات البيضاء مثل مراكب شراعية متناثرة علي صفحة النيل ولون بشرتها الذهبي .

 

 

كل هذا يؤكد إنك تقف أمام أحدي بطلات الأساطير لا سيما أساطير الجنوب . تضحك في أنوثة جنوبية وهي تقدم لك مشروب العراديب ( مشروب أسواني ) حين تخبرك كيف دخلت الفن في مدينة تقبع في أقاصي جنوب مصر وسط مجتمع يهتم بالعادات والتقاليد ولكن صباح قمر الجنوب كانت شجاعة وواجهت كل من أعترضها في صبر . وتخبرنا ـ أنا كنت في أخر سنه في الإعدادية عندما جاء الأستاذ عبد الحميد شعبان مخرج قصر الثقافة وعرض عليا أن أقوم بالتمثيل معه في أمسية دينية خاصة بالمولد النبوي . لم أرفض وجدت القدر يسوقني لأحلامي .

 

 

لأنني كثيرا ما كنت أحلم أن أمثل ولكن كيف لا أعلم ـ وتم عرض الأمسية والكل أشاد بمجهودي وبشجاعتي – وخروجي علي المسرح في كوم إمبو شجع بنات كثيرة لخوض التجربة ـ تضحك صباح وتنفرج من بين شفتيها صف من الأسنان الجميلة وتقول ولكن هيهات لم يستمر أحد في كوم إمبو غيري . وتعود قمر الجنوب للوراء بذاكرتها وتقول عندما علمت أسرتي باشتراكي في المسرح قامت الدنيا ولم تقعد . تم تهديدي ووجدت أغلب المحيطين بي لا يعجبهم قراري . ولكن أنا صممت لأني لقيت نفسي فوق الخشبة ولا أتصور إنني في يوم ممكن أترك المسرح .

 

 

حتى لو كنت ممثلة هاوية وأقدم متعتي فوق مسرح هاوي . ف أنا أمارس الفن لعبة وغواية وعشق . وفي حقيقة الأمر كانت صباح عبيد من أكثر الممثلات شهره في الصعيد حني ظهرت كل من سحر جروبي في أسوان وفاطمة حسن بقنا وهن لايقلن موهبة عنها . وتعتبر صباح من أحد مؤسسي فرقة كوم إمبو وساندت الفرقة في كثير من عروضها . وقامت صباح قمر الجنوب بالتمثيل في العديد من العروض داخل وخارج أسوان . قدمت لفرقة قنا ( شاهد ملك )و ( مولد سيدي طناش ) إخراج الراحل عبد القادر مرسي و (
حوش قراقوش ) و ( تمر حنة ) إخراج محمد حلمي . ولفرقة الغنايم ( بحر التواهه ) إخراج السعيد منسي ولفرقة أسيوط ( أبو عجور سلطان حائر ) إخراج السعيد منسي . ولفرقة أسوان ( الطوق والأسورة ) و ( الرحلة النعمانية ) إخراج الراحل فوزي فوزي . وبعض تجارب نوادي المسرح بالأقصر . وقدمت العديد من العروض مع فرقة كوم إمبو منها ( طرح الصبار / حفلة للمجانين / الزوبعة / شفيقة ومتولي / البراوي / أطياف حكاية / أحلام ياسمين / جحا وبقره السلطان / ) وتخبرني وهي تكاد تموت كمداً وهي تجاوب علي سؤالي ـ بطلت أطلع أمثل بره كوم إمبو وده علي عيني .

 

 

لكن تقول أية مافيش حاجة زى زمان . لا المخرجين ولا الفرق ولا الإدارات كله بقي ماسخ زى كوباية الشربات اللي مافهاش سكر . ده غير لقمه العيش اللي ربطانا في ساقية الهم وطحانانا في طاحونة الضيق والغم وأنا يا شدولي خلاص كبرت وعضامي سلمت علي بعضها زى ما بيقول عمك ( الغناي ) الريس حفني . ده غير شايله فوق ضهري وأكتافي جبلين ـ هدوا الحيل وقطعوا النفس ـ أولادي . وتستطرد وهي تتنهد ـ المسرح زى قطر السفر وقطر الدنيا كل شوية في محطة . محطة تفرحني ومحطة تبكيني . اللي فرحني جائزة التمثيل الأولي في عرض ( عزيزة ) لفرقة كوم إمبو في مهرجان فرق الأقاليم بالإسماعيلية عام 1969 وكذلك الجائزة الأولي في التمثيل في عرض ( غنوه الليل والسكين ) في مهرجان فرق الأقاليم بمسرح السامر عام 2011 . واللي أبكاني رحيل الأصدقاء والأساتذة ـ الغالي المخرج فوزي فوزي . والمبدع عبد القادر مرسي . والجميل والمخرج عبد القادر قنديل .

 

 

والممثلين محمد الغول وسيد عبد الباسط وحسين السعدي . وأخيرا القلب أتوجع والضهر إتقطم بموت رفيق الدرب الممثل والمخرج محمود عبد الفتاح . طبعا أنا راضية عن نفسي وعن اختياري للمسرح في أخر الصعيد ولكن كنت أتمني أن أشعر إننا لم نضيع عمرنا في مشروع حافظنا علية وهو لم يحافظ علينا . القلب يعتصر بمرارة وأشعر بل الكثير من فنانات المسرح الإقليمي بأن خنجر قد طعن قلوبنا عندما أصدرت إدارة المسرح بالقاهرة قرار عدم الاستعانة بممثلات من خارج الأقاليم مبررين بأن موظفاً بإقليم الصعيد قال إنها دعارة مقننه . ولم تكلف الإدارة في القاهرة بالرد والدفاع عنا ـ بل قامت بإصدار قانونها بذبح فنانات الأقاليم وكأننا نمتهن مهنه الدعارة . ولكن نقول لله الأمر من قبل ومن بعد . ولكن أنا برضك سعيدة ولن أترك عشقي الأول والأخير . حتى لو أصدروا قوانين وضوابط ـ ف المسرح مسرحنا وليس مسرح القابعين خلف كراسيهم في العاصمة التي يكسو سمائها الدخان وتمتلئ شوارعها بأكوام الزبالة وتتفجر من بين مبانيها عطن شديد .

 

* فـــلاش أخــير

لا تحزني يا قمر الجنوب الضوابط والقوانين تخرج وتذهب وستلقي حتما في بحر النسيان . وسيبقي الفنان كما هو . ولا تندمي لأنك قدمتي عمرك كله لهذا المسرح دون أن تطمعي في قروشه الزهيدة . ولا تتوجعي بآلام القهر الذي تسببت فيه تلك الإدارة القابعة في قلب العاصمة والتي يطلق عليها منف . لم يشعر بك أحد طوال سنوات عديدة قد تمتد لعشرون عام وأنتي تشتكي بأن أجرك ضعيف جدا لا يناسب سنوات عمرك ولا حجم جوائزك . وعلي رأي الشاعر الجنوبي فنجري التايه ـ محروق الفقر . تقوليش يا شيخه جدودنا كتبوا معاه عقودات . سلاما عليكي يا من خلبتي عقول الكثير بجمالك وفنك وشجاعتك وأنا كنت واحدا من هؤلاء . أمتعك الله بالصحة . وأمتعنا بالعافية . ويمتع

ويمتع القابعة في العاصمة بإنصاف كل من أفني عمره في مسرحنا البديع
شاذلي فرح السمطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock