الكاتب المسرحي شاذلي فرح السمطي يكتب للمسرح نيوز: “واحـة الجـنوبي” إبراهيم الفرن.. العالمي!

واحــة تهتـم بفناني الأقاليم المظاليم

المسرح نيوز ـ القاهرة| وجوه مسرحية

ـ

 

في أي مهرجان أو تجمع مسرحي لوسمعت صراخا وضجيجا واعتراضا تأكد إنه هو – عندما تلمحه عيناك لأول وهله . ثق . أنك لن تحبه . وجهه يرتسم عليه جمود عجيب . نظراته الحادة . السخرية التي تطل من عيناه – هذا هو اللقاء الأول – اللقاء الثاني وحتى اللقاء التاسع بعد المليون . ستكتشفه . ستجده يحمل قلب طفل . ويمتلئ قلبه بحنين جياش يتقطر علي كل أحبائه . ستتبدل نظرتك إلي الإعجاب وسيرتسم علي الوجه حيوية . ستنطلق ابتسامه وربما ضحكات ستجلجل الكون . ستجد العالمي يدخل قلبك . ستجده هو .
إبراهيم الفرن . العالمي طفلاً يتشبث بيد والده ( الفرن الكبير ) يصر أن يكون في صحبه والده . العالمي يجد والده يصعد وينزل السلم في سرعة الرهوان ويجده يغطس بين الأسلاك والبروجكتورات الخربة الملقاة في مخزن متهالك . الطفل وقتها – العالمي الآن – تسيطر علية السعادة عندما يجد تلك الأجهزة تنير المسرح ويظهر أسفلها الفنانين – أدرك العالمي أن لولا والده فلن تظهر النجوم ( الفنانين ) في سماء الفن – يقرر العالمي إنه سيكون رجل مسرح .
وبالفعل الملاحظ لرحله إبراهيم الفرن سيجده كتيبة فنية تتحرك علي الأرض فهو ( مصمم إضاءة / مهندس ديكور / مخرج / ممثل / مدير خشبة مسرح ) في ليلة شتاء قارصة كان يسير العالمي علي البحر في الإسكندرية وهو يشعل سيجارته ويشعر بأنه قد حفر أسمة في الثغر ولابد التوجه للعاصمة . ويحزم حقائبه وتطأ قدماه القاهرة . فيكتشف رعب الحقيقة إنه لن يستمر في تلك العاصمة التي عنوانها الإزعاج والفوضي . ويصرخ البحر بداخله ويناديه فيركب أول قاطرة راحلة إلي معشوقته الإسكندرية ويقسم بأنه لن يستقر بالعاصمة . وستكون الإسكندرية حياته ومماته . العالمي لاتستغرقه تجربه الإخراج فيقدم ثلاثة أعمال قام بإخراجها
( أمسك حلم / حلبه بحليب سكر بره / درب عسكر ) وعندما نحلل تجارب العالمي في الإخراج سنجد إن التجربة الأولي وهي ( امسك حلم ) من أفضل عروضه وربما تكون من العروض القليلة والبديعة التي قدمتها الإسكندرية . لماذا حققت التجربة نجاحاً مذهلا . لأن العالمي أستغل كل شئ في العرض . مثلاً جعل البروجكتورات والبنطلونات ترقص – بل كان يبني ويهدم المسرح خلال عشر ثواني . العالمي يعي جيداً جغرافيا خشبة المسرح لإنه رجل مسرح . كانت بحق تجربة فريدة . ولكن بعدها يقرر إنه لن يقدم علي تجربة الإخراج مره أخري . ولكن العشق يتحرك داخل قلبه الحنون فيخرج درب عسكر . وتكون أخر أعماله كمخرج .. كل منا بداخله شيطان وملاك . شيطان العالمي يوسوس له بضرورة أن يقوم العالمي بالتمثيل . وقام بالفعل بالتمثيل في عده عروض هي ( عطوه أبومطوه ) للمخرج البديع الذي حرمنا من إبداعاته لأكثر من عشر سنوات وهو الفنان أحمد شوقي ( يرما ) للمخرج مصطفي درويش ( الحلم ) لعمرو أبوالسعود .
العالمي يترك الإخراج والتمثيل ويركز علي تصميم الأضاءة فيقوم بتصميم العشرات بل المئات للعروض المسرحية داخا وخارج معشوقته أم تراب زعفران . فقدم ( زوايا / حديقة الحيوان / قنابل مسيلة للدموع / مقلوب الهرم / الشطرنج / سالومي / ثورة الحجارة / دون كيشوت / العادلون / كاليجولا / قضية ظل الحمار / ليلة النيروز / خربشة / ضل راجل ) ـ العالمي إبراهيم الفرن الذي طاف أنحاء العالم في المهرجانات كمصصم إضاءة للعديد من عروض البيت الفني للمسرح / نوادي المسرح / الفرق الحره / الجامعات ) طاف دول عديده ( لبنان / تونس / هولندا / روسيا / باريس / المانيا / الأردن / المغرب / الكويت / ليبيا / أسبانيا ) في عروض ( كلام في سري / عجايب / الكافيتريا / القطا العميا ) .
يضحك العالمي ويغرق في بحر من السخرية وتتلاطمه أمواج الحسره وتلقي به علي شاطئ الأماني يحلم بأن ينتهي الروتين في الثقافة الجماهيريه التي لا يوجد في ضوابطها فكرة وجود عنصر أسمه مصمم إضاءه . قلب العالمي يحزن ويتوقف اللسان وتدمع العينين فلقد غرق الفرن الكبير في بحر الموت . يحبس نفسه العالمي داخل نفسه ويعلن حداد أبدي داخل قلبه الجياش المفعم بالحنو . ف الذي غرق في بحر الموت هو الوالد والمعلم والصديق . ويتسائل العالمي داخل نفسه هل تبحر مركبه إبداعه مره أخري بعد ان تلاطمت في أمواج حزنه . نعم يبحر مره أخر ويتخطي أحزانه ويعود العالمي وجهه مشرق ولكن قلبه به حزن دفين علي فراق الحبيب . هذا الفنان الذي طار ولف وركب مركبه عناده وتصمية وشق بهما في بحور غربته يطوف في دول العالم وصفق له الملايين وأخذ العديد من الجوائز والشهادات منها ( جائزة أفضل مصمم إضاءة عن عرض الجبل لمسرح الشباب إخراج الرائع عادل حسان في المهرجان القومي للمسرح المصري 2010ـ جائزة أفضل تقني في مهرجان نودي المسرح عام 1998- وأفضل تقني عن عرض أمسك حلم عام 2005 ـ وجائزة أفضل سينوغرافي بمهرجان نوادي المسرح عام 2005ـ والعديد من الجوائز ) بعد كل هذا العطاء ترفض إدارة المسرح الأعتراف بمصمم إضاءة والتي لن تكلف الإداره سوي عقد ب ألف وخمسمائه جنيهاً .. حقاً الغباء لا وطن له .
إنه يسكن ويتغلغل داخل العقول الخربه . ربي متي ستأخذ من الأغبياء . العالمي لا يتوقف بل يعمل وينجح ويكيد الحاقدين ويخرس الشامتين ويدهش المحبين بتفانيه وابداعاته . أدعوك ان تشاهد أعمال العالمي في الأضاءة . ستكتشف ان العالمي يلون الصورة في المسرح يرسم بل يعزف . أقسم لك عندما تدخل كابينه الإضاءة ستجد أنامل العالمي وهي فوق مفاتيح لوحه الإضاءة مثل العازف الذي يعزف علي البيانو . العالمي بهلوان ممزوج بالعازف . فهو يقفز قفزات متلاحقه فوق السلالم ليضبط بروجوكتوراته . ويعزف علي لوحه المفاتيح . أعمالة في البيت الفني تشهد علي عبقريته ( قمم مصرية / للمخرج القدير سمير العصفوري مسرح السلام ـ مشعلوا الحرائق ـ يوليوس قيصر للمخرج المبدع سامح بسيوني مسرح الشباب ـ خالتي صفية والدير إخراج الموهوب محمد مرسي المسرح القومي ـ عجايب للمخرج سامح بسيوني مسرح الطليعة ـ الجبل للمبدع عادل حسان مسرح الشباب ـ سيد العالم للمخرج محمد مرسي )
فلاش أخــير :-
العالمي . يا صاحب الوجه الروماني . يا من أخذت عزيمتك من بحر محافظتك . وأخذت من نجوم سمائها سر العزيمة . أنت تمتطي جوادك ذو الأجنحة وتطير به محلقاً فوق رؤس من أحبوك ومن كرهوك . وفوق الإدارة التي تحرمك من حقك وهي تري حرمانها متمثل في الألف وخمسمائه جنيها . وأنا وأنت وكل من يقرأ الان نري إنه إنتهاك لفناني الأقاليم الذين أفنوا عمرهم . العالمي لاتحزن . إن بحر الموت الذي غرق به والدك ووالدنا الفرن الكبير الذي كسر قلبك وقلوبنا برحيله . لن تكن النهاية . أنت موجود وأحبائك موجودن وبحر الموت موجود . سلاماً علي بحر الأسكندرية . سلاما علي فناني الأسكندرية . فقد تعلمنا في بحورهم الفن وركبنا في مراكب ثقافتهم . وعومنا في الجمال . جمال الأسكندرية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم نشر الواحه بجريده مسرحنا منذ ثماني سنوات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock