المسرحي أحمد بورحيمة: الشارقة تذهب بالمسرح إلى الجمهور

 المسرح نيوز ـ القاهرة ـ متابعات

ـ

تنطلق في 17 مارس/آذار الجاري الدورة السادسة والعشرون من مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وهي الاحتفالية السنوية الأكبر على الساحة الإماراتية، نظراً لدرجة الاهتمام والحضور والمشاركة التي تحظى بها، ولما لها من علاقة حميمة بالتاريخ الشخصي لكل فنان مسرحي إماراتي، منذ انطلاقة المهرجان عام 1984 وحتى اليوم، وتأتي دورة هذا العام بعد طرح إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة اللائحة التنظيمية الجديدة للمهرجان، التي تم إعدادها بالتشاور مع جمعية المسرحيين الإماراتيين، وعن جديد هذه الدورة والتغييرات المرتقبة على مستوى تنظيم الأيام، وما تم إنجازه حتى الآن حاورت الخليج أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح في الدائرة مدير المهرجان.

} ما الذي تحمله الدورة السادسة والعشرون من الأيام من جديد؟

الجديد هو العمل باللائحة التنظيمية الجديدة لمهرجان أيام الشارقة المسرحية والتي أقرتها إدارة المسرح العام الماضي بالتشاور مع جمعية المسرحيين الإماراتيين من أجل مواكبة التطورات في عالم الممارسة المسرحية، وتحسين الأوضاع الاحترافية لمسرحيينا، فرؤية اللائحة تقوم على مبدأين، هما زيادة الاحتراف، وإتاحة الفرصة للآخرين، فهناك بنود تتعلق بفنيات العمل المقدم نصاً وعرضاً، وبطاقم العمل من كتاب ومخرجين وممثلين وفنيين من أجل الحرص على أن يكون العمل المقدم عملاً مسرحياً مستوفياً للشروط، وهناك بنود تتعلق بعدد المشاركات للمخرج والممثل من أجل إتاحة الفرصة للآخرين، من الإجراءات الجديدة التي حملتها اللائحة أن لجنة الاختيار هذا العام قامت بزيارتين للفرق المشاركة، الأولى زيارة من أجل المشاهدة ومناقشة المخرج في اختياراته، وتوجيه الملاحظات له، وأما الزيارة الثانية فكانت تقييمية، يتم من خلالها اختيار الفرق التي ستشارك في المسابقة، وسيصبح هذا قاعدة جارية في كل دورة.

} تشهد الدورة الجديدة مشاركة واسعة لأغلب المخرجين، وعودة لمخرجين لامعين، هل لذلك ارتباط باللائحة الجديدة؟

هذه الدورة ستشهد عودة المخرج القدير ناجي الحاي في عرض مع مسرح دبي الأهلي، الذي انقطع طويلا عن العمل بسبب مهامه الإدارية، كما سيشارك فيها أحمد الأنصاري وحسن رجب وعلي جمال ومحمد العامري وهم مخرجون تشهد لهم أعمالهم بالتميز، وسيشارك فيها من الشباب محمد صالح ومرتضى جمعة، و اثنان من المخرجين العرب المهمين هما كاظم نصّار وفراس المصري، وأعتقد أن ذلك يجعلها دورة متميزة، ويؤكد أهمية أيام الشارقة، وأظن أن سبب هذا الإقبال هو وعي المخرجين وكبار مسرحيينا بأن أيام الشارقة هي عرسهم الحقيقي، والجسر الإبداعي الذي يوصلهم إلى الميادين الأخرى، وأن هذا المهرجان هو المهرجان الذي يحرك الساحة المسرحية ويوجهها، وأن استمراره والحفاظ عليه ضروري لهذه الساحة، وأنهم مسؤولون عن دعم هذا الاستمرار بالحضور والمشاركة، كما أن اللائحة التي التي أقرت بالاتفاق معهم كانت بنودها حافزاً جديداً لهم للعودة لمعترك الأيام.

} ما هي الظواهر الجديدة أو الموضوعات التي تتناولها عروض هذه الدورة؟

أغلب العروض تتناول اللحظة الراهنة وأسئلة الواقع الاجتماعي في الإمارات والوطن العربي، وبعضها يتناول موضوعه بشكل مباشر وبعضها يتناوله بشكل غير مباشر، وتراوحت النصوص بين تأليف، واختيار، وتحويل إلى عمل مسرحي كما فعل مرعي الحليان الذي حول نص رواية «اللؤلؤة» للكاتب الأمريكي جون شتاينبك إلى عمل مسرحي سيخرجه أحمد الأنصاري لفرقة المسرح الحديث ويشارك في التمثيل فيه الفنان القدير إبراهيم سالم.
والأعمال في العموم وحسب التقييم الأولي للجنة الاختيار هي أعمال ناضجة، وأعتقد أننا سنشهد هذا العام منافسة قوية على الخشبة، وإذا ما أضفنا إلى هذا زخم البرنامج الفكري والورش المصاحبة، والعروض المستضافة من مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة والعرض الكويتي «صدى الصمت» الفائز بجائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض مسرحي عربي في دورة مهرجان المسرح العربي، وكذلك تكريم الفنان القطري القدير غانم السليطي بالشخصية العربية للمهرجان وتكريم الفنان الإماراتي عمر غباش وهو قامة إماراتية كبيرة، فكل ذلك يجعله هذه الدورة استثنائية، ويعد بثراء فني وتنوع في العطاءات المفيدة.

} انتهت قبل أيام قليلة من مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي، وقبله كان مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي في الذيد، وهما مولودان جديدان على الساحة، ما الذي تهدفون إليه من هذا التوسع المستمر في المهرجانات؟

نحن ننطلق في عملنا من رؤية ثقافية رسمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى الشارقة لجعل الثقافة جزءاً أساسياً في بناء الشخصية الوطنية والعربية، وذلك بتعميم الفعل الثقافي وتوصيله إلى كافة شرائح المجتمع، وفي إطار إنجاح هذا المشروع عمدنا إلى تعميم ثقافة المسرح، وهي ثقافة لا تأتي من فراغ فلا بد لها من بناء الذائقة، وذلك يبدأ من الأساس الأول لبناء الشخصية الإنسانية، وهو المدرسة، ولذلك أطلقنا منذ سنوات طويلة مهرجان المسرح المدرسي الذي هو اليوم مشروع فني كبير، شاركت فيه الدورة الماضية أزيد من سبعين مدرسة على مستوى مختلف مناطق إمارة الشارقة، ويشرف عليه طاقم كبير من الفنانين والمشرفين التربويين والمعلمين، ويشهد إقبالاً كبيراً من طلابنا، ويضم تحته ثلاثة مهرجانات بما يشبه التصفية، الأول في مدينة الشارقة والثاني في المنطقة الوسطى والثالث في المنطقة الشرقية، ثم المهرجان النهائي في مدينة الشارقة، وعندما نجذب الطلاب للمشاركة في العروض أو الجلوس أمام الخشبة فإننا نجلب معهم ذويهم، فنغرس الوعي بالمسرح وأهميته في الجميع.
ومن المرحلة الأساسية أيضا هناك مهرجان المسرح الكشفي، وخصوصيته أنه يتوجه إلى الكشافة وهم مجموعة من الشباب تطوعوا لخدمة المجتمع، فتوعيتهم بالمسرح وإكسابهم خبراته، سيسهم في تعميم الوعي بهذا الفن، ونعرف الدور البارز الذي لعبته الحركة الكشفية في الإمارات في خلق حركة مسرحية، فقد انطلق المسرح من هذه المؤسسة، لكن الفارق في العمل اليوم هو كون عروض مهرجان المسرح الكشفي عروضاً تفاعلية مبينة على أسس أكاديمية لأن لدينا مؤطرين يؤطرون عمل الفرق الكشفية.

} وما موقع مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي ومهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي من ذلك؟
هما شكل من أشكال التوسع يسعى لاستغلال الظروف من أجل توسيع دائرة التعاطي مع المسرح، والوعي به كأداة ثقافية مؤثرة، فقد بدأنا هذه السنة مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي في منطقة الذيد مستغلين فترة خروج سكان المدن إلى الفضاءات الصحراوية في ليالي الشتاء، حيث اعتاد الناس أن يذهبوا لتلك المناطق في هذه الفترة، مما يجعلها مناطق مناسبة للمسرح، وأردنا أن نقدم مسرحاً يلائم الفضاء وطبيعة المكان، ووجدنا أن الظواهر الاحتفالية المسرحية لأبناء الصحراء تناسب هذا ويمكن أن تضيف شيئا للعروض المسرحية التقليدية.
وقبل ذلك – وانطلاقا من ذات الرؤية التوسعية في المسرح – كنا بدأنا من تجربة مشابهة في مهرجان خورفكان المسرحي الذي يعمل على الارتقاء بالأشكال الاحتفالية التراثية الإماراتية والعربية، وإعطاء أبناء المنطقة فرصة لتقديم إبداعاتهم في هذا الصدد، وهو المفهوم نفسه الذي انطلق منه مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي الذي اختتمت دورته الأولى مؤخرا، ويعني كل ذلك أننا في بحث مستمر عن كل الأشكال والفضاءات التي يمكنها أن تقرب هذه الظاهرة إلى الجمهور، وأننا بدل أن ننتظر الجمهور لكي يأتي إلينا نذهب نحن إليه، ونغتنم كل الفرص المواتية لذلك .

الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock