حصريا.. الكاتب السوري أحمد اسماعيل اسماعيل يكتب: سلسلة “مملكة المسرح”.. (12) ـ الملابس المسرحية هوية الشخصية وعنوانها

المسرح نيوز ـ القاهرة| مسرح طفل

ـ

 

الكاتب السوري أحمد اسماعيل اسماعيل

 

 

الملابس المسرحية

هوية الشخصية وعنوانها

 

 

يقال: لكل مقام مقال.. وهذا صحيح.

وبالمثل يمكننا القول: لكل مقام أو مكان ثوب أو زي..

وكذلك لكل مهنة وبيئة وسن وعصر وشريحة أو طبقة اجتماعية، فقيرةً كانت أم غنيةً، زيٌّ مناسب دالٌ عليها.

ولقد تنبَّه الفنان المسرحي لهذه الحقيقة منذ انطلاقة الفن المسرحي، فعُنِيَ بها المسرح الإغريقي عناية كبيرة، فكان بطلُ التراجيديا أو المأساة اليونانية القديمة يضع في قدمه حذاءً عالياً ويرتدي عباءة طويلة ومهيبة، أمّا الممثل الكوميدي في ذلك الوقت فيظهرُ محشوْاً في ثياب فضفاضة بطريقة مثيرة للسخرية. ويعتبر أسخيلوس، وهو أبو الدراما، أول من أدخل الأزياء والملابس في عروضه المسرحية.

ولذلك تعتبر الملابس في المسرح من أقدم العناصر المؤلفة للعرض، فلشخصية البطل زيَّها، ولشخصية الخادم والملك والمرأة الغنية أو الفقيرة الزي المناسب والدالُ على مكانة وانتماء كل واحدة منها.

ولم يقتصر الاهتمام الزائد بهذا العنصر على المسرح اليوناني القديم، بل شمل كل المسارح: اليابانيَّ والصينيَّ.. ومن ثم الأوربيَّ والمسارحَ العالمية الأخرى. التي كان لعنايتها بهذا العنصر أسلوبها النابع من البيئة والعصر وثقافة المجتمع، هذا إلى جانب نوعية العرض المقدم من: كوميديا أو تراجيديا أو مونودراما.. أو مسرحية كلاسيكية أو تعبيرية أو رمزية.. إضافة إلى أسلوب وطريقة كل مخرج في طرح مقولة العرض. فمن مدرسة أمينة لطراز ملابس زمن المسرحية حيث يرتدي فيها الملك كامل ملابس ملك زمن الحدث المسرحي، وكذلك الشخصياتُ الأخرى، إلى مدرسة ومخرج يلجأ إلى التجريد والرمزية في الديكور والملابس لكل الشخصيات، فيقتصر زي الملك مثلاً أو الخادم على لون الزي أو على قطعة معينة تدل عليه.

وفي الأحوال جميعاً، يظل للزي المسرحي دوره الهامُّ في العرض من خلال النوعية أو اللون أو الحجم أو أية تفصيلة من تفاصيله.

وهذا العنصر الرئيسي يحتاج من مصمم الملابس إلى ذوق فني رفيع، ومهارة في التنفيذ، وإلى معرفة كبيرة ودقيقة بتاريخ الأزياء، والحقب التاريخية التي ينتمي إليها كل زي أو طراز من الملابس، معرفة تُمَكِّنُهُ من إبراز معالم الشخصية من ناحية الانتماء والمكانة، بما يتوافق مع نفسيتها وطبيعتها من: قلق أو حزن أو تهريج أو بساطة، إضافة إلى إلمام بعلم الإضاءة والديكور والألوان، كي ينسجم لون ونوع الزي معها من دون  تناقض، إنما بشكل جميل وأنيق حتى في حال تقديم القبح، لأن المسرح فن وليس نسخة طبق الأصل عن الحياة.

بَبَّْدَ أن الجمال في المسرح أيضاً، مثل الحياة، ليس أثواباً نتزين بها، إنما هو جمال الفعل والسلوك والأدب.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock