حصريا “المسرح نيوز” ينشر اعترافات الفنان الكبير وليد عوني كاملةً.. للإعلامي كمال سلطان: الرقص الاستعراضي لم يشهد تطورا منذ منيرة المهدية..والإرهاب يقتل الإبداع!

المسرح نيوز ـ القاهرة | حاوره: كمال سلطان

ـ

أكد أن  الرقص الاستعراضي لم يشهد تطورا منذ منيرة المهدية مادمنا نعيش فى إرهاب فلن نبدع والرقص يحتاج إلى دعم الدولة مناضل عنتر تابع مسيرة الرقص الحديث من منظوره الخاص.
ويعتبر وليد عوني هو الأب الروحي لفن الرقص المعاصر في مصر ، وكانت بدايته الحقيقية فى مصر فى أوائل التسعينات عندما كلّف بإنشاء مدرسة الرقص المعاصر بالأوبرا ومن أشهر العروض التى قدمها “سقوط إيكاروس” 1993، “حفريات تدعى أجاثا” 1994 والثلاثية المصرية “الغيبوبة ـ نجيب محفوظ” 1995، “المقابلة الأخيرة ـ تحية حليم” “صحراء شادي عبد السلام” 1997، “الأفيال تختبئ لتموت” 1995، “في البداية كان الرقص” 1998، “أغنية الحيتان” 1998، و”سترة النجاة تحت المقعد” 2002، “محمود مختار ورياح الخماسين” 2003، “كلارا والرمال المتحركة”2004 و “بين الغسق والفجر” 2005.
* كيف بدأت رحلتك مع الرقص المعاصر؟
** رحلتي بدأت بالصدفة من بلجيكا .. حين تعرفت بالمخرج العالمي موريس بيجار وكنت حينها أدرس الفن التشكيلي بأكاديمية الفنون الجميلة ببلجيكا ورأى لوحاتي فطلب منى أن أتعاون معه في عروضه كمصمم مناظر ، وفى نفس الوقت كنت قد بدأت دراسة في فن الباليه ، وشاهدت عروضه ، ولعبت الصدفة دورها في تحولي للرقص عندما قررت دراسة فن الباليه.
لكن حبي للرقص بدأ من بلدي لبنان وبلد جبران خليل جبران الذي كان رساما رائعا وكانت لوحاته تتميز بالرقص وأتصور أن الشرارة بدأت من هنا ثم كانت الانطلاقة من خلال أستاذي موريس بيجار ، الذي تعلقت بالأمر بعد أن تعاملت معه فى عرضه الأول وكان عرضا صوفيا بعنوان “حديقة الورود” عن الشاعر الإيراني السعيدى وهو ما جعلني أتعمق في الأمر.
الزميل كمال سلطان بصحبة الفنان وليد عوني
الزميل كمال سلطان بصحبة الفنان وليد عوني
نص الحوار
* وكيف بدأت خطوتك الأولى في احتراف هذا النوع من الفن؟
** يتصور الكثيرين أن بدايتي الاحترافية بدأت فى مصر ، وهذا الأمر غير حقيقي فقد احترفت الأمر قبل قدومي إلى مصر بعشر سنوات ، وقمت بدراسة الباليه لأنني كنت أريد أن أكون مصمم رقصات وليس راقصا ومن خلال عملى مع موريس بيجار صرت السينوجرافر لعروضه وأصبحت ملما بكل شيىء يختص بالإضاءة والمناظر والصورة على المسرح وهذا ما ساعدنى فى أن تصبح لدى رؤيتى الخاصة عندما انتقلت لمرحلة تصميم الاستعراضات بالنسبة للفضاء المسرحى والتصميم ، وقد أسست أول فرقة لى فى الثمانينات وهى فرقة تانيت للرقص المعاصر ، وقدمت من خلالها عروض عديدة من أشهرها “رابعة العدوية” ، “جبران خليل جبران” ، “عبد الوهاب البياتى” ، وقدمت أكثر من 12 عرض طفت بها بلاد عديدة ، وعندما حضرت إلى مصر كنت المساعد الأول لموريس بيجار وكان عمري وقتها 41 عاما فيما يظن البعض أنني جئت إلى مصر فى العشرينات من عمري.
* وكيف جاءت فكرة تكوينك لفرقة الرقص المعاصر بالأوبرا المصرية؟
** الفكرة جاءت من خلال وزير الثقافة آنذاك فاروق حسنى ، فبعد أن شاهد عرض موريس بيجار وعلم أن مساعده الأول لبناني طلب مقابلتي وتعرفت عليه وكان يحلم وقتها بنهضة فنية وكان يحلم بأن يضع مصر على الخط العالمى فى جميع الفنون ، وعندا عرض علىّ الأمر اعتذرت لارتباطي مع بيجار وكنا وقتها قد انتقلنا إلى فرنسا ، فطلب منى تصميم عرض لفرقة الباليه فقدمت عرضا بعنوان “إيقاع الأجيال” ونال إعجاب الجميع
ثم عدت مرة أخرى وقدمت عرضا لاحتفالات أكتوبر وهو عرض “ليالى أبو الهول الثلاث” وكان عرضا ناجحا وحضره الرئيس حسنى مبارك وكتبت عنه الصحافة بشكل جيد ، وعندما حضرت إلى مصر وجدت نهضة ثقافية هائلة حيث كان هناك مهرجان المسرح التجريبى ومهرجان السينما وكان هناك أسماء عظيمة وقتها تدير الأمور أمثال سعد الدين وهبة وفوزى فهمى وعبد المنعم كامل ، فأغرتنى مصر بأن أترك اوربا وأشارك فى تلك النهضة الثقافية وأسست الفرقة عام 1992 وكانت أول فرقة فى العالم العربى يتم إنشائها ورعيتها والاعتراف بها من جانب الدولة.
* وما هى أبرز الصعوبات التى واجهتك فى البداية؟
** الصعوبات بدأت عندما قدمت عرضا فى مهرجان المسرح التجريبى ولم يستوعبه الجمهور وخرجت حملات تطالبنى بالرحيل عن مصر ، لكننى قبلت التحدى ، وطورت من العروض وأدخلت موسيقى الروك على عروض مصرية وبدأت فى صنع خط خاص بى اعتمدت خلاله على الثقافى والتاريخ المصرى حيث قدمت عروض مثل “تحية حليم” وعرض “نجيب محفوظ” الذى تعرضت فيه لمحاولة اغتياله ، وعرض “شادى عبد السلام” واستطعت أن أصل بفنى للجمهور بشكل أكبر.
* هل هذا اللون من الفن مقصور على نوعية محددة من الجمهور؟
** طبيعي أن يحدث ذلك فى البداية حتى فى أوروبا وعندما بدأت في مصر واجهت اعتراضات كثيرة ، وكذلك الأمر عندما بدأ الأمر في أمريكا كان مقصورا على النخبة من الجمهور ولم تستوعبه كل الطبقات ، وأنا قبلت التحدي وأعترف بوقوف عدد من المثقفين الكبار لمساندتي فى بدايتي أمثال لطفي الخولى وفوزي فهمي ومحمد غنيم ود. جابر عصفور وغيرهم
وهؤلاء هم من جعلوني اصمد وأقدم أعمالا عن الثقافة والأدب المصري، والحمد لله استطعنا الوصول لقطاع أكبر من الجمهور ، صحيح أنه ليس مئة بالمائة لكن ذلك أمر طبيعي حتى في أوروبا كما ذكرت لك وأؤكد لك أن نسبة الجمهور في مصر هى نفس النسبة فى أوروبا ولو لم يكن لى جمهور لم أكن لأظل أعمل لخمسة وعشرون عاما في مصر وأكبر دليل على نجاحي هو تقديم 12 رسالة دكتوراه وأكثر من 27 رسالة ماجستير عن أعمالي .
* شاركت فى تلك الفترة مع الفنانة أنوشكا فى تصوير أغنية “كداب” ونجحت نجاحا كبيرا .. ألم يدفعك ذلك إلى التفكير فى خوض تجربة التمثيل؟
** الأغنية قدمتها عام 1993 وكانت المرة الأولى التى يشارك راقص مع مطربة فى استعراض ، وجاءتني عروض كثيرة بعدها لتكرار الأمر مع مطربين آخرين ، كما جاءنى عرض لتصميم استعراضات فوازير شيريهان ، لكنني لم أكن أحب أن أترك الرقص المعاصر وأتجه إلى الاستعراضات لأننى لا أعتبر نفسى مصمم استعراضات وهناك أسماء لمعت فى هذا المجال وتفوقت مثل عاطف عوض وحسن عفيفى ، وكانت السينما المصرية والمسرح متخصصين فى الاستعراضات التى تكون فى خلفية المطرب أو بطل العرض وهذا لم يكن خطى .
أما عن الجزء الثانى من سؤالك فقد خضت تجربة التمثيل بالفعل من خلال فيلم “دنيا” مع المخرجة جوسلين صعب لكن هذا الفيلم لم ينجح فى مصر رغم حصوله على جوائز عالمية وتحقيقه النجاح فى لبنان وبلاد المغرب العربى ، وأعتبره من أجمل أدوار حنان ترك ، وهى كانت راقصة عندى بالفرقة وشاركت فى عرض نجيب محفوظ عام 94 وعندما قدمت فيلم “المهاجر” مع يوسف شاهين كانت معى بالفرقة فى نفس الوقت، والحقيقة أننى لا أرى أى فيلم يمكن أن يطلق عليه استعراضى سوى فيلمىّ “غرام فى الكرنك” و “أجازة نص السنة” لفرقة رضا ، فهذا هو الاستعراض الذى أعرفه وكنت أستعد لتقديم فيلم مع يوسف شاهين لكنه توفى ولازالت لدى الرغبة لتقديم ذلك الفيلم ، لكن المشكلة فى وجود المنتج.
* السينما الهندية لعبت دورا هاما فى تسويق فن الاستعراض ، فمتى تلعب السينما المصرية نفس الدور؟
** هذا كلام مغلوط ، فليست السينما الهندية هى السبب فى ذلك وإنما السينما الأمريكية ، فهوليوود تأتى فى المرحلة الأولى فى تسويق فن الاستعراض ، يأتي بعدها مباشرة أفلام محمد عبد الوهاب وأسمهان وليلى مراد وفريد الأطرش فما قدمه هؤلاء يوازى ما قدمته السينما الأمريكية لفن الاستعراض ، وكان عبد الوهاب هو أول من قدم الاستعراضات فى الثلاثينات
وكانت السينما الأمريكية بنفس المستوى ، فلا نستطيع أن نقول أن السينما الهندية نشرت الاستعراضات ولكنهم استطاعوا تقليد السينما الأمريكية ونجحوا فى ذلك بطريقة احترافية.
* أيهما له الأولوية ، الموهبة أم الدراسة الأكاديمية ؟
** الاثنان يسيران على نفس الخط ، فإذا كنت تمتلك الموهبة ولا تمتلك كيفية تنفيذها فهذا أمر صعب ، وأنا عن نفسي عندما أحببت هذا الفن اتجهت للدراسة الأكاديمية ودرست الباليه واستفدت أيضا من دراستي بكلية الفنون التشكيلية فأنا أكاديمي أولا ، لكن ذلك لا يكفى فمن العادي أن تكون أكاديميا ، لكن لو افتقرت للموهبة فان تنجح ، فالموهبة تنمو بالدراسة.
* كيف ترى تطور الفن الاستعراضي مسرحيا؟
** أرى أننا لم نتقدم خطوة منذ سنوات ، ومازلنا فى مكاننا ، فالمسرح الاستعراضي مازال كما هو والتطور الذى تحقق كان فى عوامل أخرى مثل الإضاءة والسينوغرافيا وكذلك في طريقة إخراج العروض، لكن مسألة وجود مطرب يغنى وخلفه مجموعة من الراقصين مسألة عفا عليها الزمن فالأمر بنفس الشكل منذ أيام منيرة المهدية.
* ما رأيك فى الفرق التى ظهرت مؤخرا وتقوم بالرقص على أغانى شعبية؟
** لا أعرف عنهم شيئا ، لكنني أرى أن الرقص افتقد مساندة ودعم الدولة فيما عدا فرق الأوبرا ، لكن تلك الفرق لا تجد ما وجدته من مساندة ودعم من جانب الدولة فالفن يعنى الدعم المادى ، والاستعراض مكلف بصفة عامة لا يستطيعها هؤلاء الشباب.
* هل منعتك القيود الرقابية من طرح حلول لمشاكلنا الاجتماعية والسياسية من خلال عروضك؟
** لا أحد يستطيع تقديم حلول لتلك المشاكل وإنما تحليلها ، وتوصيل رسالة للمجتمع وبالتأكيد حرصت على طرح قضايا سياسية فى عروضي فعروض مثل “تحت الأرض” ، “سترة نجاة تحت المقعد” ، “الأفيال تختبئ لتموت” هى عروض سياسية ، وعرض “سقوط ايكاروس” سياسى فقد قدمته منذ 25 عاما ولو قدمته الآن سيكون مناسبا لهذا الوقت ، وهناك عرض سياسى دينى بعنوان “رمال متحركة” ولم أواجه أى اعتراضات رقابية مطلقا فقد كانت هناك حرية فى التعبير عن الرأى.
* ندرة الكوادر فى هذا الفن ، هل يهدد استمراره؟
** أنت تجرني للحديث عن تلاميذي وتحديدا مناضل عنتر ، وأحب أن أقول لك أن مناضل تابع مسيرة الرقص الحديث ولكن من منطقة مختلفة فهو يقدم تصاميم حلوة ولكنها بعيدة عن المغزى والتعمق مثل “الفيل الازرق” أو “مولانا” أو “الحشاشين” فهو لديه عروض معاصرة للوقت الراهن وتقديمها بالتأكيد سيجعل الجمهور يصفق لك ، وأنا ضد التصفيق فى عروضي.
وأنا لست ضد مناضل ودائما ما اقدم له النصح والإرشاد واستطيع أن أقول أنه وصل لجمهور أكبر ، لكن ذلك بعيد عن الرقص المسرحي الحديث ، لكنه قدم ما يريده الجمهور ، ولكن فكرة الرقص الحديث لا تقوم على ماذا يريد الجمهور؟ ولكنها تقوم على ماذا سيتلقى الجمهور؟ ، لأن الجمهور بدلا من أن يطرح السؤال يجيب الجواب ، فمهمتي أن أدفع الجمهور للتفكير وألا أقول له أن 1+1=2 أو أن أقول له اللون الأحمر أحمر ، لكنني أعطيه لونا مختلفا فيتساءل لماذا يقول ذلك؟ ، وأدفعه للتفكير وإخراج ثقافته الدفينة وأعطيك مثالا بصحفيين كبار أمثال رفيق الصبان وأمال شكري قطّاع وكبار النقاد الذين صرحوا بأن نقدهم تحسن لأنهم رأوا فنا جديدا يدفع للتفكير ، فأنت إذا قدمت ما يريده الناس ستكسب جمهورا كبيرا لكنه لن تكسب جمهورا مثقفا وتعلى من شأنه.
* وما هى أسوأ فترة مرت عليك فى مصر ولم تستطع تقديم فنك كما تريد؟
** (يضحك) هي مرحلة معروفة للجميع وكانت وداء على كل الفنون وليس على وليد عوني فقط ، فهذه الفترة أدت إلى توقف كل فعاليات وزارة الثقافة وكل المهرجانات وقد أدت إلى أن الفن تغير مجراه ومازال يتغير ، فمازلنا نعانى من ذلك الفيروس ونحتاج وقتا لعلاجه فما دمنا نعيش في إرهاب وخوف لن نستطيع تقديم الفن الذي نريده.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock