الأخبار

د. نبيل بهجت.. يقدم محاضرة في فن الأراجوز.. و فلسفة صناعته.. في محاولة جادة ومحبة لإحيائه

رحلة نجاح .. من الموالد حتى اليونيسكو.. وتوصيات هامة


المسرح نيوز ـ القاهرة| متابعات

ـ

 

وأخيرا.. احتفت قاعات ومسارح بيت السناري وجامعة القاهرة وجامعة حلوان وساقية الصاوي وتحرير لونج بمعهد جوته  مؤخرا فعاليات مهرجان الأراجوز الأول.
 
وقد تعرضت ندوة الأراجوز بالمناقشة لثقافة الهامش والمركز، وضرورة استعادة ثقافة الشعب إلى المركز بعد أن همشت لفترات طويلة مع توصية بإقامة متحف للأراجوز المصري، وتخصيص ميزانية سنوية من المؤسسات الثقافية والرسمية لدعم وإحياء فن الأراجوز

 

كما شهدت قاعات ومسارح بيت السناري وجامعة القاهرة وجامعة حلوان وساقية الصاوي وتحرير لونج بمعهد جوته، فعاليات مهرجان الأراجوز الأول الذي نظمته فرقة “ومضة” لمؤسسها أستاذ علوم المسرح د.نبيل بهجت، وذلك على مدار أربعة أيام انقسمت ما بين العروض والندوات وورش العمل، وشارك فيها مجموعة من أبرز لاعبي الأراجوز في مصر وجلهم من الشباب الذي حظي بتدريب متميز من جيل الكبار كـ “عم صابر المصري”، اللاعب الذي رحل مؤخرا وتم تخصيص اليوم من الفعاليات لإلقاء الضوء على مسيرته.

و “عم صابر المصري “ولد عام 1939 وتوفي في أكتوبر/تشرين الأول 2019، فقد جل بصره منذ طفولته وفقده تماماً منذ 2012، وقد احترف فن الأراجوز ما يزيد على 55 عاماٌ تقريباً، وكان أول من لفت انتباهه لهذا الفن محمود شكوكو الذي توطدت العلاقة بينهما فيما بعد، وبدأ رحلة تعلمه في الموالد وظل أكثر من عشر سنوات يقدم فن الأراجوز فيها متنقلاً بين أرجاء مصر، ويقول عنها “هي مدرستي الأولي التقيت فيها بفنانين أمثال نعمه الله العجمي والذي عُرف بفيلسوف الأراجوز، وكذلك محمود علي صالح، علي محمود، أحمد زُربه ومصطفي الأسود، ومنهم ومعهم تعلمت فنون الأراجوز وعَرفت كل شيء عن هذا الفن الذي اخترته طريقا لحياتي”.

وقد رافق عم صابر في مشواره الفني عدد من اللاعبين أمثال: سعد شيكو، محمود ألف صنف، صالح الجيزاوي، الفسخاني، فلفل، محمد كريمه، عبدالظاهر، وغيرهم.. وانتقل بعدها لشارع محمد علي ليجعل من مقاهي “التجارة، ونجيب السواح” مستقرا له، ومنه إلى الأماكن العامة والخاصة والمدارس وأعياد الميلاد وغيرها. انضم العم صابر كعضو مؤسس لفرقة ومضة لعروض الأراجوز وخيال الظل والتي أسسها د.نبيل بهجت عام 2003 لإحياء فني الأراجوز وخيال الظل تأكيداً على أن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا في محاولة لخلق مسرح يعتمد على العناصر الشعبية كأدوات أساسية تشكل لغته”.

وتحت عنوان “الأراجوز من المنظور الأكاديمي والعلمي” عقد بقسم علوم المسرح جامعة حلوان سينمار علمي، شارك فيه لفيف من أساتذة القسم حول الأراجوز وآليات عمله الفني والاجتماعي وإشكاليات وجوده واستمراره وسبل المحافظة عليه، وما هي التدابير التي يمكن أن تتخذها لدعم استمراره ووجوده داخل المجتمع. وقدم بهجت محاضرة حول تكوين وصناعة الأراجوز بداية من مكونات العروض والدمى المصاحبة للأراجوز، حيث إن للأراجوز 14 دمية مختلفة مصاحبة له في عروضه، أشهرها الأراجوز ومراته، وابنه، والشيخ المعمم، والعسكري والفتوة.. وغيرهم، وجميعها أنماط حياتية وحالات اجتماعية وسياقية مختلفة.

كما أوضح بهجت في محاضرته معنى وسيط العرض وأنواعه، وطريقة صنع الأمانة واستخدامها، كذلك تناول أساليب صناعة العرض وأعمدته الثلاثة: اللاعب والملاغي والجمهور، وتأتي البداية الغنائية والخاتمة العقابية للمجرمين كنهاية للعرض. كذلك تطرق لمفهوم التباين الارتجالي في عروض الأراجوز، حيث تعتمد نمر الأراجوز على خط ثابت يتم الارتجال حوله بما يتفق ومحفوظات اللاعب وثقافته ونوعية الجمهور، ويواجه الأراجوز في عروضه السلطات الثلاث السياسية والاجتماعية والدينية، وينتصر بعصاه على كل الخارجين عن سياق الحياة.

وأقيمت بمقر معهد جوته ورشة العمل الأولى “الأراجوز الفلسفة والصناعة” والتي قدمت تعريفاً بالأراجوز وآليات بناء وتنفيذ العروض وجميع مفردات العرض وعناصره من دمى ووسائط وأمانة، وتناولت الفلسفة الأساسية لصناعة الضحك في عروض الأراجوز من التداخل بين الإنساني والآلي، وبناء المفارقة وآليات الكوميديا اللفظية والموسيقى والأدوات الموسيقية المختلفة.
اليوم الثاني انطلق من تحرير لونج بمعهد جوته حيث أقيمت ورشة عمل “صناعة العرض” تناولت سبل تنفيذ عروض الأراجوز، بداية من تشكيل تصميم وتنفيذ الدمي من الخامات المختلفة وقدمت المصممه نور طرفاوي نماذج عملية شرحت فيها أسلوب بناء الدمية من خلال عدد من الخامات، كذلك تشكيل مساحات وفضاءات العرض وآليانه المختلفة، وبناء مساحات التفاعل وكيفية توظيف عروض الأراجوز واستلهامها في المسرح وآليات الاشتغال عليها. كذلك آليات وبناء صناعة الكوميديا، وكل ما يتصل بتنفيذ العرض.

وفي المساء تم تقديم عرض “حكمة الأراجوز” وهو عرض تناول قيما تعليمية وتربوية، ووقف بشكل مباشر حول أهمية العلم والتعلم، حيث وظف العرض الأراجوز في سياق تعليمي ترفيهي مستفيداً من إمكانياته المختلفة في التأثير وصناعة الفرجة بشكل عام. وقد قدم العرض عدداً من لاعبي الأراجوز المعروفين “صابر شيكو” و”حسن سلطان” و”سمير عبدالعظيم” و”وليد المصري” وغيرهم. والعرض من تأليف وإخراج د. نبيل بهجت، وعقب ذلك قدم عدد من النمر التراثية مثل “أراجوز في سوق العصر” و”العفريت وحرامي الشنطة” و”الست اللي بتولد” و”كلب السريا”.

وفي إطار إلقاء الضوء على سير لاعبي الأراجوز الكبار كان اليوم الثاني لسيرة اللاعب حسن سلطان أكبر لاعب اراجوز على قيد الحياة، حيث ولد عام 1945 وبدأ ممارسة الفن في سن 11 حيث تعلم على يد واحد من أشهر الفنانين في زمنه وهو نعمة الله العجمي الذي كان يلقب بفيلسوف الأراجوز، وظل حسن سلطان يتنقل بين الموالد فترة طويلة من الزمن، حيث ظل لسنوات طويلة يقدم عروضه في موالد السيدة زينب والسيدة فاطمه النبوية وغيرها من موالد آل البيت والأولياء في مصر.
شارك حسن سلطان بالأراجوز في فيلم “مولد يا دنيا” وساهم في تدريب وخلق وتكوين عدد من اللاعبين الشعبيين. وخلال المهرجان تم تقديم فقرة اشترك فيها المتدرب محمد عصام وهو أصغر لاعب أراجوز(11 سنة) مع عم حسن سلطان (73 سنة) قدما خلالها عددا من الأغاني والحوارات التدريبة. والطفل محمد عصام من سكان حي السيدة زينب وأحد متابعي عروض فرقة ومضة وواحد من الأطفال الموهبين الذين تم تدريبهم على هذا الفن.

واستضافت جامعة القاهرة ندوة ونقاش مفتوح حول الأراجوز نظمها د.خالد أبو الليل، أستاذ الأدب الشعبي بكلية الآداب، وأدارتها د.آمال مظهر أستاذ المسرح بقسم اللغة الإنجليزية. وتحدث فيها نبيل بهجت عن رحلة الأراجوز من الموالد لليونسكو ومبادرته الشخصية بتسجل الأراجوز على قوائم الصون العاجل، حيث أعد الملف بمبادرة شخصية منه دون الاشتراك مع أي جهة أو فرد وبتمويل ذاتي. وتناولت محاضرته “قضايا وموضوعات الأراجوز ومفاهيم الفكر الوطني” وكيف صور الأراجوز البطولة الشعبية أوقات الأزمات، وكيف واجه السلطات الشعبية السياسية والدينية والاجتماعية، سعياً للتغيير نحو الأفضل، حيث تناولت موضوعات الأراجوز صراعه مع الآخر بمستوياته ـ النخبوي والسلطوي ـ هذا بالإضافة إلى صراعه مع الآخر المحتل. فللأراجوز ثلاث نمر تتناول الصراعات الخارجية وهي حرب بورسعيد ويعرض فيها للعدوان الثلاثي وحرب اليهود وحرب 6 أكتوبر، ويتناول في النمر الثلاث القضايا الوطنية من الدفاع عن الأرض، وضرورة حماية حدود الوطن من الأعداء، كما مثل الأراجوز نموذجاً للدفاع عن الوطن ضد الفساد والمفسدين أيضاً في محاولاته العديدة من إقصاء النماذج المشوهة خارج السياق.
وتعرضت الندوة لثقافة الهامش والمركز، وضرورة استعادة ثقافة الشعب إلى المركز بعد أن همشت لفترات طويلة، كذلك تحدثت عن مفاهيم اقتصاديات التراث وكيفية تحويل التراث لمشروعات اقتصادية. وأعقب الندوة عرض لعدد من النمر التراثية المختلفة التي استمتع بها الحضور وقدم العروض الفنان محمود سيد حنفي والفنان صابر شيكو.

ومساء ذات اليوم قدم عرض “رحلة الأراجوز” الذي يتناول مفاهيم التعايش السلمي وسبل نبذ الخلاف وحل المشكلات داخل السياق الاجتماعي، والعرض من تقديم فرقة ومضة، كذلك قدم عددا من نمر الأراجوز التراثية، كما شهد اليوم احتفالا باللاعب صبري سعد متولى والمشهور بـ “صابر شيكو”، الذي تعلم الفن من والده ورافق عددا من اللاعبين المهمين كعم صابر المصري، ويجيد صابر شيكو العزف على عدد من الآلات الموسيقية، كذلك مارس فن خيال الظل لفترة وانتقل بين الموالد المختلفة حتي استقر به الأمر منذ أكثر من عشرة سنوات في فرقة ومضة لعروض الأراجوز وخيال الظل، ويدرب الآن جيلاً جديد على هذا الفن، ويأتي الاحتفاء بصابر شيكو في إطار إلقاء الضوء على الكنوز البشرية الحية من حملة فن الأراجوز المصري، تأكيداً على أهمية الحفاظ على هذا الفن وعلى لاعبيه الشعبيين.

 

وقد انطلقت فعاليات اليوم الرابع والأخير بعرض “حكاوي الأراجوز” الذي قدم بيبت السناري الذي استضاف العديد من أنشطة المهرجان، ويحكي العرض قصة الأراجوز المصري وبحثه الدائم عن الحرية والعدالة من خلال رحلة الأراجوز من مكان لآخر، في ظل تقلب الأوضاع وصراعه ضد الزيف والكذب انتصارا للقيم الكبري، ليعلي من شأن الحرية والإنسان. كذلك قدم عددا من النمر التراثية من خلال اللاعبين الشعبيين، وتم إلقاء الضوء على اللاعب سيد عبدالعظيم وهو واحد من جيل الوسط الذين يقدمون فن الأراجوز، ورثها في سياقه الاجتماعي وتدرب على يد حسن سلطان ورافقه في تقديم العديد من العروض في الساحات والموالد المختلفة ويعد عبدالعظيم واحداً من أهم الممارسين الفطريين لهذا الفن الآن.
وانتقل المهرجان إلى ساقية الصاوي ليقيم احتفالية كبري بحضور المهندس محمد عبدالمنعم الصاوي الذي قدم الحفل مؤكدا أن الحفل ضمن فعاليات مهرجان الأراجوز المصري احتفالا بمرور عام على تسجيل الأراجوز على قوائم الصون العاجل باليونسكو وأشاد بالجهود التي بذلها د.نبيل بهجت من إعداده للملف وتمويله حتي تم التسجيل في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وبدأت الاحتفالية بعرض لفيلم “الأراجوز المصري” إنتاج وإخراج نبيل بهجت والذي ضم لملف التسجيل باليونسكو، ويلقي الضوء على عدد من اللاعبين الشعبيين منهم من رحل عن دنيانا تاركاً تراثاً أصيلاً مثل محمد كريمة وصابر المصري وحسن خنوفة، ومنهم من ما زال يقدم فنه وعطاءه مثل صلاح المصري، ثم قدم بعد ذلك حوارا مع الراحل عم صابر المصري شيخ لاعبي الأراجوز، ثم جاء دور التكريم وتسليم الدروع للمكرمين من الكنوز البشرية الحية من حملة فن الأراجوز حيث تم تكريم عدد من رموز هذا الفن وحملة تراثه والقاء الضوء على مسيرتهم الفنية احتفاء بهم وهم: حسن سلطان وسمير عبدالعظيم وصابر شيكو وسيد السويسي وناصف عزمي واسم عم صابر المصري واسم محمد كريمة، وعدد من جيل الشباب هم: وليد المصري وعلي أبو زيد ومصطفى الصباغ ومحمود سيد حنفي وصلاح بهجت ونور ترفاوي.

في النهاية أعلن د.نبيل بهجت التوصيات الختامية للمهرجان والتي أكدت على أن:

ـ الاهتمام بالكنوز البشرية الحية من فناني الأراجوز وتأمين سبل الحياة لهم.
ـ السعي لدى نقابة المهن الفنية من خلال بحث الإطار القانوني لضم لاعبي الأراجوز الشعبيين اليها لتوفير ضمان صحي وتأمين حياتي مهني.
ـ نوصى المؤسسات العلمية المختلفة والتى تتناول فنون الفرجة مثل أكاديمية الفنون بالقاهرة والجامعات المصرية التى تضم قسم مسرح وغيرها بالاهتمام بدراسة وتأطير فن الأراجوز المصرى على أنه أول مسرح مفتوح في مصر، والدعوة لمؤتمر علمي سنوي من خلال الجامعة لبحث موضوعات الأراجوز والفرجة الشعبية وطرق واجراءات حماية ودعم هذه الفنون
ـ الدعوة لبناء مسارح متخصصه في المحافظات المختلفة لتقديم عروض الأراجوز.
ـ تقديم عروض جديدة تعتمد عي استلهمام تكنيك عروض الأراجوز من استخدام الأمانه والدمى وغيرها من الأساليب التقلدية في بناء عروض تعتمد عى رسائل حديثة.
ـ استخدام كل التطبيقات ووسائل التواصل الحديثة في نشر ثقافة الأراجوز ودعم الوعي به.
ـ الدعوة لخلق آليات إنتاج جديدة له.
ـ عمل اجتماع سنوي للاعبي الأراجوز في مصر لبحث مشاكلهم.
ـ دعوة كافة مؤسسات العمل الثقافي للتدخل العاجل والسريع لبحث سبل حماية واستمرار الأراجوز وآليات تنمية هذا الفن بعيدا عن ثقافة الحدث واللقطة السريعة سعيا لخلق استراتيجية تنموية له.
ـ فتح الفضاءات العامة لتقديم عروض الأراجوز.
ـ البحث في التراث عن الفنون المشابهة ودعمها ماليا ومعنوياً، وتعميم عروض الأراجوز في المدارس المصرية وفي جميع أنحاء مصر.
ـ إقامة متحف للأراجوز المصري، وتخصيص ميزانية سنوية من المؤسسات الثقافية والرسمية لدعم وإحياء فن الأراجوز.

ميدل إيست أون لاين..

بتصرف


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock