“مسرح سيرفانتيس” بمدينة طنجة.. أسبانيا تعتزم تقديمه للمغرب.. ووزير الثقافة المغربي يعلن عن..ترميمه

المسرح نيوز ـ طنجة ـ صحف| متابعات

ـ

بعدما وافقت الدولة الإسبانية، على تسليمه للمغرب، ستنطلق قريباً ورشة ترميم مسرح «سيرفانتيس» في مدينة طنجة من جانب وزارة الثقافة، وفق ما كشف وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي، على هامش «المناظرة الجهوية للثقافة» في مدينة شفشاون.

وسبق لمصادر إسبانية أن كشفت قبل شهور اعتزام إسبانيا تقديم هذا المعلم التاريخي للمغرب مجاناً، في إطار اتفاق بين البلدين تشترط فيه إسبانيا إبقاءه كما هو، مقابل ترميمه وتحويله إلى مركز ثقافي، علماً أن عملية الترميم تكلف بين أربعة ملايين وخمسة ملايين يورو. ويأتي هذا السماح بعد مفاوضات بين البلدين خلال مدة تزيد عن عقدين، لم يستطيعا الخروج بقرار يؤدي إلى إصلاح وترميم هذا المسرح ذي التاريخ العريق، خصوصاً أن إسبانيا لم تكن لها القدرة على تخصيص موازنة كبيرة لترميم مسرح خارج أراضيها وفق وزارة خارجيتها.

وكان المسرح وفق الجَرد التاريخي الذي ورد في التقرير، قد شُرع في بنائه عام 1911 وافتتح في شكل رسمي عام 1913 من جانب ملاكه أنطونيو غاليكو، ومانويل بينيا، وإسبيرنزا أوريانا، بسعة تصل إلى 1400 مقعد للمتفرجين.

وعرف المسرح الذي حمل اسم «غران تياترو سيرفانتيس» عصراً ذهبياً في الفترة الدولية لطنجة، وشهد العديد من العروض المسرحية الشهيرة وحضور فرق مسرحية من مختلف بقاع العالم، ليتحوّل إلى رمز للتعدد الثقافي والإثني في طنجة آنذاك.

ومن ألمع الأسماء التي غنت على المسرح، مغني الأوبرا الإيطالي إنريكو كاروسو، والمغني أنطونيو كاروزو، وباتي أدلين، إضافة إلى فرق موسيقى الفلامنكو الإسبانية الشهيرة بداية القرن الماضي، والمجموعات الموسيقية العربية والمغربية التي عرضت مسرحيات مترجمة، كمسرحية عطيل لشكسبير. وظل المسرح الواقع في ملتقى شارعين يحملان اسم اثنين لأشهر الرسامين في العالم، وهما دولاكروا وفيلاسكويس، يقوم بمهمته الثقافية منذ افتتاحه حتى ثمانينات القرن العشرين، حين أغلقت أبوابه في هذه الفترة، وظلت مغلقة إلى 2013 في ذكرى مرور قرن من الزمن على وجوده.

وتعود قصة وجود «مسرح سيرفانتيس» إلى 103 سنوات، حين قدمه أحد المقيمين الإسبان في طنجة، مانويل بينيا، كهدية إلى زوجته إسبيرانز على يد المهندس الشهير دييغو خيمينيث.

في كتاب عنوانه «نشأة المسرح والرياضة في المغرب» لعبدالقادر السميحي، يقول: «مع بداية عام 1911 وضع الحجر الأساس لهذا المسرح الذي اعتبر من أعظم الأحداث في هذه المدينة، وخلال سنتين انتهى من بنائه». ويضيف السميحي: «استوردت مواد البناء والزخرفة والمناظر من إسبانيا، بما في ذلك تلك التماثيل التي تطالعك في الواجهة الخارجية للمسرح، وكانت زخرفة قبة الصالة من عمل الفنان الإسباني فديريكو ربيرا الذي ضحى بمواصلة دراسته الفنية في باريس، وجاء ليقوم بهذا العمل الرائع».

ووفق المصدر نفسه، فقد شهد المسرح عروضاً لأشهر الفرق الأجنبية وفي مقدمتها الإسبانية، كما احتضنت خشبته مسرحيات قدمتها فرق مغربية، وعليها عرضت مسرحية «ألبر كييرو» وفرقة الممثلة المشهورة سيسيل سوريل التي عرضت مسرحية «غادة الكاميليا» للكاتب ألكسندر دوما الصغير.

لكن بعد الحرب العالمية الأولى، بدأت الأحوال الاقتصادية لعائلة بينيا المشرفة على المسرح تتدهور، ولم تعد قادرة على تحمل النفقات، ورفضت العائلة الاقتراح بتحويل المسرح إلى كازينو، بسبب تعلقها بالفن والثقافة، لتضطر في آخر الأمر إلى التنازل عن المسرح وتسليمه للدولة الإسبانية.

وفي الثلاثينات كان مقراً للاجتماعات واللقاءات السياسية الكبرى المناهضة للاستعمار، وداخل هذا المسرح التأم شمل الحركة الوطنية بالتوقيع على ميثاق الجبهة الوطنية عام 1952، بإشراف وفد من الجامعة العربية وبإيعاز من الأمير محمد عبدالكريم الخطابي.

كما كان قبلة للعديد من الفرق الموسيقية وإحياء سهرات وأمسيات جعلت من طنجة مدينة لها وقعها في الساحة الثقافية الدولية قبل الحماية الفرنسية وقبل إقرار النظام الدولي على طنجة، فكان مسرح سيرفانتيس رمزاً لمكانة طنجة الثقافية والفنية منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين.

 ـــــــــ
الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock