ننشر “قدّاس الكلمة” توليفة مسرحية للكاتب: منير راضي العبودي 

المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص

ـ

مسرحية  ( قداس الكلمة )

( بعض من أشعار  أحمد مطر)

(شمس بالليل تغازل

ضوء القمر صباحا)

 

توليفه مسرحيه

                                      منير راضي العبودي 

 

المكان : – فضاء عام – لافتات متوسطة الحجم متدلية من سقف الفضاء وفي جميع

 

جهاته كتبت عليها (اماكن – وقائع – دلالات- حكم – اقوال- قرارات)

 

– وسط الفضاء ( رقعة شطرنج منتشرة عليها ادواتها بشكل مبعثر)

 

– جوانب الفضاء ( ادوات وحاجات انسانية منتشرة هنا وهناك)

 

– مؤثرات صوتية 0 تراتيل – قداس – مارش عسكري- انين ونحيب – موشحات

 

– يدخل الظل وهو يحمل على قمة راسه قطعة قماش ابيض ذات مساحة كبيرة

،

يترنح في حملها ثم يتقدم ليصعد المرتفع ويقف من شدة الثقل والالم .

 

– مومياء في مقدمة المسرح تهتز مع كل حوار داخلي ثم تتخلص من شرنقتها .

 

الصوت :- (من تحت قطعة القماش وكأنه في محجر تحقيق, رقص تعبيري من قبل الجوقة تعبر عن الاستلاب )

 

أنا لستُ أهجو الحاكمينَ، وإنّما أهجو بذكر الحاكمين هجائي

 

أمِنَ التأدّبِ أن أقول لقاتلي عُذراً إذا جرحتْ يديكَ دمائي ؟

 

أأقولُ للكلبِ العقور تأدُّباً: دغدِغْ بنابك يا أخي أشلائي ؟

 

أأقولُ للقوّاد يا صِدِّيقُ، أو أدعو البغِيَّ بمريمِ العذراءِ ؟

 

اثناء الحوار تتراءى للمشاهدين خروج بعض اجزاء من جسم الممثل تدريجيا مع استمرار مؤثرات الصوت.

 

أأقولُ للمأبونِ حينَ ركوعِهِ: عفوا قصدي “حَرَماً” وأمسحُ ظهرهُ بثنائي ؟…

 

جل الحاكمونَ همُ الكلابُ، مع اعتذاري فالكلاب حفيظةٌ لوفاءِ- لصوصُ عاهرون،

مواخير موائد – وكلُّهم عبدٌ بلا استثناء !

 

قرن  او ما يزيد .. الشعوب تفيق من غفوتها لتصاب بالإغماء – قرن او ما يزيد ..

 

السجون مدارس والقضاء منزه – قرن او ما يزيد نستبدل العملاء بالعملاء.

 

الشاعر :- (يخرج من الغطاء تدريجيا ويقف بثبات)

 

الجوقة تؤدي رقصة (اركع برمزية سوط السلطة )

اركع ليس هكذا ..  اركع بل بارتخاء .. اكثر . . اكثر .. اكثر .. وعندما تتساقط

 

اسنانك استبدلها بالعاج.. وعندما تصلي … حي .. وعندما  تصلي .. حي .. اسرق

 

نضرة من حولك .. اسرق نضرة من حولك .. . اسرق نضرة من حولك ,, اسرق

 

نضرة من حولك ,,(يختفي الصوت تدريجيا) هل الطبيعة صامتة.

بل هي صمت الموتى الاحياء

 

(يتحرك بخوف نحو لافتة معلقة – كتب عليها ( طبيعة صامتة ) يخاطب رقعة الشطرنج )

 

سيدي .. انا كما قلت سابقا .. انا لا ابصر .. ولكن في مقلب القمامة رأيت ملامح

 

الاعراب وتجمعت من حولها النسور والذباب ؟ ولكن فوقها علامة تقول .. هذه

 

جيفة كانت تسمى سابقا .. كرامة ؟ وانا كما يعرف جنابكم, عديم العلاقة بأمر جثة لها ,,,

 

الصوت :- عاجل – قرار ( قطع علاقة) تتحرك رقعة الوزير بجانب الملك ويصيح به بقوة)     اكمل…

 

الشاعر :-(متلعثم) طيب سأحلق لحيتي .. فأنها تعددت والهدف اصبح مجرد شقاوة

 

.. (يضحك) ( يقترب مع سوط معلق على قطعة قماش – يهتز القماش) تبت يدا ابي لهب

الجوقة:- وتب

الشاعر:- واعلنت وسائل الاعلام

الجوقة:- وتب

الشاعر.-. ان السكوت من ذهب

الجوقة:- وتب.. وصاح صوت هاتف , ان في صوتك نجاسة

الشاعر:-  طيب .. انا بدمي ترسم لوحات شائي,, فانا

الفن واهل الفن اساسه,, فلماذا انا عبد والسياسيون اصحاب قداسة .

 

( يتحرك احد جنود الشطرنج ) الشاعر يرفع يده( مستسلما)

 

طيب لا اتدخل في السياسة , ولكنهم شيدوا المبنى وقالوا .. ابعدوا عنه اساسه …

 

( يتقدم نحو الجمهور)

 

ايها السادة عفوا .. كيف لا يهتز جسم عندما يفقد راسه (تهتز قطعة القماش من كل جوانبها ).

 

الصوت:- ( رقعة الشطرنج) ( القلعة ) تهتز بعنف ) شمس بالليل

 

(صوت المذياع):- صاح هذا اليوم ايقظنا صوت الجلاد .. عفوا .. ايقظنا منبه الساعة .. وقال

 

.. ايها العرب قد حان وقت النوم .. وهنا صوت الخريف والعرب …

 

( مؤثر صوت)

 

الشاعر : ( يضحك) فزعت من النوم صارخا … لا.. من شدة الالم .. ولكن .. صدا

 

صوتي خاف من الموت فارتد لي … نعم … نعم .. نعم …

الصوت ( رقعة الشطرنج )  – (الملك يتحرك ويقف وسط الادوات مع المؤثر

 

الصوتي ) خطاب تاريخي .. (تتحرك قطعة القماش نحو الاعلى صعودا) قيل لي انك تهتف .. ( تنزل قطعة كتب عليها )

 

الشاعر  ( خطاب تاريخي ) أهذا ما كنت تقصده سمو جنابكم,,  لا لم أكن اهتف ..

 

بل هي كانت تغريده … كل ما هو هنالك .. رأيت جرذا يخطب اليوم عن النظافة

 

وينذر الاوساخ بالعقاب  وله .. يصفق الذباب … ( يصفق) تصفيق .. تصفيق

(يهتف رقع الشطرنج الجنود) تصفيق – تصفيق .

 

الصوت :- ( رقعة الملك ) اكنت تهتف ام تصفق. ام الاثنان معا

 

الشاعر :-(كأنه في قفص السجن) لا يا سيدي بل ذاك ولست انا … هو كان يهتف

 

.. يا سيدي انت متشرع وعقوباتك شرعية ، فانا اطلب الشرع قانونا … ( يرجع

 

الملك خطوتين ويتجمع حوله الوزير والجنود ) ، ( الشاعر يلملم اوراقه) يا جماعة

 

لست كذابا فما كان ابي  حزبا ولا امي اذاعه

 

الجوقة:- (بصوت عال) تصفيق ..

 

الشاعر:- (يخاطب الجوقة) كل ما في الامر ان العبد صلى مفردا بالأمس

 

الجوقة:- تصفيق ..

 

الشاعر:- ولكن الجماعة سيصلون جماعة .. افتونا يا جماعة ..

 

الصوت :- ( ينفرج جنود الشطرنج فيظهر الملك ) قرار, يحيا العدل .. اين هو

 

الشاعر :- ها .. هو ذاك .. مسكين .. حبسوه قبل ان يتهموه .. عذبوه  قبل  ان

 

يستجوبوه .. عرضوا بعض التصاوير عليه … وقالوا له .. لمن هذه الوجوه ..

 

مسكين .. قال لا ابصر . ( الجنود يضحكون ) قصو شفتيه !

 

طلبوا منه اعترافا حول من قد جندوه,, فلم يشي ولما عجزوا ان ينطقوه .. شنقوه…

 

الصوت :- ( الجنود بصوت واحد ) تصفيق .. تصفيق ..

 

الشاعر L (يذهب الى وسط الجوقة)  ولكنهم غيبوه! .. ثم بعد شهر برأوه .

 

. ادركوا ان الفتى ليس هو المطلوب اصلا بل اخوه(يضحك) انه القدر يا سيدي

 

الصوت :- ( الجنود يتحركون وبصوت واحد ) تصفيق .. تصفيق .

 

الشاعر :- ومضوا نحو الاخ الثاني ولكنهم وجدوه … ميتا من شدة الحزن(الجوقة تبدا باللطم على الصدر .

 

فلم يعتقلوه .بل جاء صوت النواح من بعيد,, يحيا العدل … ( تتحرك قطعة القماش صعودا فتتدلى منها بعض الادوات )

 

قطعة القماش ) صوت) لا ترجموا زانية ثابتة العهر ، بل وفروا الاحجار لحبلها

 

السري … انت يامن انت .. متى اللقاء ( ترتفع اجزاء القماش صعودا )

 

الشاعر :- وهو يحمل بيد اليمنى قنينة خمر وباليد اليسرى ابريق قهوة عربي )

 

دهور من الزمن لم نرى بيدق في رقعة شطرنج يفدي وطنه ( وهو يتجول في الرقعة )

ولم تطن طلقة واحدة وسط حروب الهرطقة .. دهور والكل يمشي ملكا تحت ايادي

 

القتلة  .. الفيل يحمي قلعة, والرخ يبني سلطنه, ويدخل الوزير في ماخوره,, فيخرج

 

الحصان فوق الساتر ( يجلس وسط ادوات الشطرنج) ليعلن نهاية المحنة والجعجعة

 

صوت ( جميع ادوات الشطرنج) تصفيق ..( وهو يصفق ايضا )

 

الشاعر :- ( يمسك ميكرفون ويهز براسه يمينا ويسارا وهو ينشد

 

مع جوقة الراقصين ),, الثور فرمن حضيرة البقر .. ( الجميع ) الثور

 

فر .. فثارت العجول في الحضيرة ( الجميع) الثور فر … تبكي على فرار المسيرة

 

( الجميع) الثور فر .. وشكلت  على الاثر محكمة ومؤتمر فقال قال,, فقال قال,,

 

فقال قال. ( الجميع) قضاء وقدر .. لقد كفر .. الى سقر, لقد كفر الى سقر ,, لقد كفر الى سقر …( صوت باب يغلق بقوة )

 

الصوت ( قطعة القماش) وبعد عام وقعت حادثة مثيرة .. لم يرجع الثور ولكن ذهبت وراءه الحضيرة ( وهي تصعد الى الاعلى) تصفيق…

 

الجوقة: (موشح مع الراقصين ) يا مولانا ابراهيم اغمد سيفك للمقبض, يا مولانا

 

ابراهيم , واقبض اجرك من اصحاب الفيل ، يا مولانا ابراهيم, لا تأخذك الرأفة  فيه

 

بدين البيت الابيض والتصفيق, يا مولانا ابراهيم , لن ينزل كبش ، لا تأمل بالتبديل

 

، يا مولانا ابراهيم, ان لم تذبحه نذبحك ( ترفع رايه سوداء) يا مولانا ابراهيم, فهذا

 

زمن اخر يفدى فيه الكبش اسماعيل .. ( الجنود يتقدمون الى الجمهور)

 

الشاعر :- (يتقدم نحو الجمهور ويشق مجموعة الجنود ) ويستمر التصفيق … الا

 

تصفقون ؟ ربما في يوم ما تتعالى حناجرنا بالتصفير .. طيب .. ( يذهب ويجلب

 

سجادة وابريق ويجلس والجنود يرجعون للوراء ثم  الجوقة تهتف)

 

الجوقة:-( بحركة واحدة) نصلي ام نذهب في تظاهرة .. نصلي ام نذهب في مغامرة

 

.. نصلي ام ننتظر ساعة الصفر, نصلي ام ننتظر ساعة النحر, متى الحزم, متى الضفر .. متى الفجر  فلنفجرها مظاهرة. .مظاهرة, مظاهرة

 

صوت ( قطعة القماش وهي تنتفض اجزائها ) بعد طقوس النحر رأيت عبد النسر

 

يخرج في مظاهرة تدعوا الى تجميل باب القبر ، رايته يرفع اصبعيه نحو الآخرة

 

يرسم رمز النصر ، رأيت ساقيي عاهرة .. قامت تصلي الفجر, صحوة . رأيت

 

نفسي أنبش في مزبلة ,, تصفيق … تصفيق ( تصعد القطعة بشكل بطيء )

 

الصوت: ( قطعة القماش تهتز اطرافها السفلى وتصيح ) في صحة الاموات من

 

احيائنا ( يظهر بعض السمك يتراقص على القماش) يشربه القاتل ما بين يدي مثل القتيل.

 

الجوقة: ( وهي تجمع الاسماك بشكل كنائسي ) واذا الضحايا سُئلت بأي ذنب قتلت

 

لانتفضت اشلاؤها وجلجلت, بذنب شعب مخلص لقائد عميل … منذ قرن او يزيد

..كانوا هناك ما بين القلعة والرخ, ذبحنا معول الجلاد

 

(تنزل لافتة كتب عليها ( مازال الزمن الجميل يحتضر)، نسمع من بعيد داخل الصالة اشعار احمد فؤاد نجم تغنى بصوت شيخ امام)

 

صوت المرأة  – (الشاعر يفز ومن ثم يهرول نحو ابواب وهمية طارقا اياها..)

 

سأبقى تاريخا نبيلا يلازم ظلك .. سأبقى معك ما دمت تريد الثبات .. لا تهاون فما

 

اجمل التيه في حلاوة الندى ومطالع المدى , غلقت كل ابواب, الا انا في كل يوم اذبح القرابين لساعة العودة والوصال

 

الشاعر :- (يطرق الابواب ) انا هنا .. انا هنا,, ما زلت هنا ايتها الحبيبة .. لقد

 

انتظرت طويلا وانا اتوق لهذه اللحظة حتى كادت ذاكرتي ان تهرم .

 

صوت المرأة :- لا تقطع لحمك وتنثره في الافلاك كي لا تأكله الريح ، ولا تسمح

 

لهواء الارض ودوابها لتقرضك. لا تسكن في عباب الموت, اهرب واقتفي صوت النادبات ستجدني هناك بين روابي التل الاحمر

 

الشاعر : لا اريد سماع الندب والنواح, اريد اشارة بوح للقاء

صوت المرأة:-  في بيتنا جذع حنى ايامه وما انحنى لان فيه انا,, اهمس لك كل ليلة,

لي قلب واحد عاث به العقر دمار, لقد اطفئوا انغامي, ولكن لن اسدل الستار, اهرب

 

وتعال, تعال, تعال (يختفي الصوت تدريجيا)

 

الشاعر:-  ( صارخا) ماذا تقولين بماذا تهمسين, يكاد همسك يخترق كل

 

الاشياء .. الا مسامعي نعم يجب ان اغادر الى هناك .. الى اين .. نعم الى هناك …

 

اسمعتم اخر الاخبار..

الجوقة:-( تتحرك وتطرق الابواب بشكل اعلان)  قتلوا هبل .. والشاه هرب .. قُتل

 

الشاه وسوموزا هرب والنميري ودوفالييه هرب ثم ماركوس هرب ، كل مَخْصيًّ

 

لأمريكا . طريد او قتيل مرتقب .. كلهم كانوا نمر.. ولكن من خشب .. عندما يسحق

 

راس الشعب فالشعب لهب .. كل مًخْصًّي لا امريكا على قائمة الشطب ، فعقبى للبقايا من سلاطين الورق

 

الصوت: ( قطعة القماش تتلون بلون قوس قزح وتخاطب الشاعر ) ملك كان على

 

باب السماء ، يختم اوراق الوفود الزائرة .. هل كنت هناك .

 

الشاعر :-  بل اظن انه كان هناك ..

 

المذياع :- نعم وقال .. كنت في وسط نقاش اخوي في بلادي غير اني جئت محمولا

على متن رصاص المجزرة,, وذاك على عبوة منفجرة .. انا من تلك .. اجتياح

 

اجنبي .. انا من تلك .. اعمال عنف وحرب دائرة ، بحجة قانون الشريعة الضاربة

 

… عبوة ناسفة .. طلقة قناص .. كمين مرتقب – طعنة في الظهر .. ثار ..

 

هزة ارضية هنا وهناك … نوح وصراخ في كل بلدان امتي ..

 

الشاعر :- توقف .. يا ويلي .. ( ينظر الى الاسفل ثم الاعلى ) أأنا اجلس بالمقلوب

 

ام اني فقدت الذاكرة .. اسال الله الرضا والمغفرة .. ان كانت  تلك هي الدنيا فاين

 

الاخرة…. العمر يفنى ومازال الزمن الجميل يحتضر … يا امة اهلكها طول الارق..

 

المذياع :- ( صوت) ، الشاعر يدق بالهاون ) ولادة في امة العرب ، عندما ترفض

 

ان تولد عبدا ، يسحب رجليك الجراح ، فتأتي مرغما بالقيصرية ( الشاعر يدق بقوة)

 

الشاعر : تصفيق ( تتصاعد من الهاون الحديدي روائح البخور )

 

الجوقة :-(كأنهم يحملون نعش) حاملا حرية في يدك اليمنى وفي اليسرى .. وصية ( يزداد صوت الهاون)

فاذا عشت .. تموت حسب قانون السكوت,, وكما جئت توافيك المنية ( القماش

 

يتحرك كأنه في مخاض ولادة مع تصاعد  صوت الهاون والمؤثرات الصوتية)

 

يسحب الجراح رجليك الى القبر .. فتمضي مرغما .. بالقيصرية… تصفيق ..

 

الصوت ( يتقدم الفيل) ها هل فهمت بيان البيان

 

الشاعر:- نعم ومن زمان …

 

الصوت :- ( الجميع في رقعة الشطرنج ) كيف .. اجب ..

 

الشاعر :- صدفة سالت حارس الرعية عن  امره ، اخبرني ان وفاة صاحبي قد حدثت بالسكتة القلبية واغلقت القضية..

 

الجوقة :- ( قطعة القماش ترتفع عموديا وتنادي )وقيل ان الدم سيصبح ماءَ .. هُزلتْ..

 

الشاعر:- الدم اصبح ماء نبيل وزمزم وكاس زنجبيل في امة العرب

 

المذياع: هنا ساعة الغضب,, .. زار الرئيس الشرعي المؤتمن من اقاصي لأقاصي

 

الوطن .. بكى من جراح المحن وشد الحزام على البطن وصاح… هيا قوموا معي

 

في السراء والضراء والعلن .. حي على التصفيق .. تصفيق .. هنا صوت الغضب

 

الشاعر:- آه يا لصبر ايوب ( يخاطب الجمهور) صبرنا وصبركم وصبرهم نحن دويلات من الصبر .. ( يضحك)

 

الصوت ( صهيل رقعة شطرنج الحصان مرة ومرتين)

 

الشاعر:- يلتفت الى الصوت ثم يضحك وبعدها يجلس على حافة المسرح بقرب

 

المشاهدين ) اصهل او حتى تعوي فانا لا اهابك لأني الان خارج تغطية اسوار الوطن …

 

الصوت: ( قطعة القماش تشكل نفسها على صورة ساقية ماء وشجر)انت ياهذا احذر فالأسلاك ماتزال قائمة.

 

الشاعر :- لا عليك يا ام الجدائل فما زال في الوقت متسع .. ولكن اعرفي انا الان جالس وسط الاهل والخلان ( يبتسم )

 

الجوقة :- اتريد ان تسرد قصة ذاك الرئيس المؤتمن ..

 

الشاعر :-(يقف وتدخل الجوقة على الخط كعامة الناس) نعم .. حين زار ذاك

 

الرئيس .. قال لنا .. ( يمثل دور الرئيس) أعلن شكواكم بصدق في العلن ولا تخافوا

 

احدا .. فقد مضى ذاك الزمن .

 

الجوقة:- ( تحي الرئيس) يعيش يعيش  يعيش, تصفيق

 

الشاعر:- سكوت , فليتكلم صاحبي حسن ( يمثل دور حسن) يا سيدي .. اين الرغيف واللبن

الجوقة:- يعيش

حسن:- واين تامين السكن

الجوقة:- يعيش

حسن:- واين توفير المهن

الجوقة:- يعيش

حسن:- واين من يوفر الدواء للفقير دونما ثمن .. يا سيدي .. لم نرَ من ذاك شيئا ابداً ..

قال الرئيس في حزن وكمد ( يمثل دور الرئيس)

 

ما هذا .. احرق ربي جسدي ( وهو يلطم على صدره)

 

الجوقة :- ( تلطم وتصيح) يا ويلاه يا ويلاه

 

الرئيس:- أكُلُّ هذا حاصل في بلدي ؟؟!

 

شكرا على صدقك في تنبيهنا يا ولدي، سوف ترى الخير غدا,

فاهتزت ايادي الجموع بالتصفيق ..

 

(المذياع ورقعة الشطرنج تصرخ بصوت مدوي .. تصفيق .. تصفيق .. تصفيق..)

 

الصوت🙁 قطعة القماش تلملم نفسها على شكل كفن ) نكره ما اصابه ونكره ارتجافه ونكره انتحابه ففي أيادينا لم تبقى أكف للطم

 

الشاعر :- ( في نفس المكان) وبعد عام زرانا المنتخب مرة ثانية .. قال لنا .

 

الشاعر وهو راجعا الى الوراء ) هاتوا شكواكم بصدق في العلن ولا تخافوا احدا

 

فقد مضى ذاك الزمن .. لم يشتك الناس  ولم يأن أحدهم من طول الوجع!

 

(يحمل الهاون  ويأخذ بالنقر عليه ) فقمت معلنا .. اين الرغيف واللبن ( يرن

 

الهاون) واين تامين السكن ( يرن الهاون) واين توفير المهن واين من يوفر الدواء

 

للفقير دونما ثمن ؟ ( يرن الهاون)

 

معذرة يا سيدي .. واين صاحبي حسن؟!

 

الصوت :- ( قطعة القماش تشكل جسم امرأة تنتحب وتوشحت راسها بطوق اسود)

 

إياك وان تفكر بأن القصاص شر ,,فليس من المعقول, ان تدع القاتل يسبح بدم

 

المقتولين ,ونتعكز على وعود الصبر والفرج , امضي على ما انت عليه, وإلا

 

ستكون دماؤنا تستباح لكل رحيل , امضي الى ما انت حالم به من القصاص حتى تجد فسيح الضوء … ( تبكي)

 

انت يامن هو!

 

الشاعر : – ها . وآه .. اظنه يسمعك..

 

الصوت :- ( قطعة القماش تستطيل) أترى ما ارى …

 

الشاعر :- ماذا ارى

 

الشاعر:- ( يقترب من ناحية مقدمة المسرح وينظر الى الاسفل وكانه ينظر من

 

السماء الى الارض ) يا ه … ما هذا الجموع ولم هذه الناس تأتزر بقطعة قماش ابيض.

(قطعة القماش تشكل من المنشدين والذي يمثل عن زحف جموع غفيرة من الناس

 

قاصدة السير نحو السماء، وتنشد بصوت واحد)

 

الجوقة:-  الناس ثلاث اموات في اوطاني ، والميت معناه قتيل / قسم يقتله اصحاب

 

الفيل ، والثاني يقتله المهابيل  / والثالث تقتله عربائييل… والله اشتقنا للموت لا

لتنكيل, والله اشتقنا ، واشتقنا … انقذنا .. يا عزرائيل .

 

المذياع : هذا تمرد وجحود .. اصدر الوالي فرمانا الى الجموع الزاحفة .. اغلق

 

السمع ولا تصغ الى ابواق الخيانة .. قبل ان تخرج دع راسك في بيتك من باب الحذر لا من باب الاهانة ..

هل تسمي هذا اللطف اهانة .. لا تتذمر وخذها بروح وطنية ، ايها الشعب خطرا

 

عليك اي اتصال بجهات خارجية .. هنا اذاعة الغضب  .. تصفيق .. تصفيق.

 

الشاعر :- رحماك .. ماتزال الجموع زاحفة كأنه يوم القيامة قد حان

 

الجوقة:- ( رقعة الشطرنج الملك يتقدم خطوات, الجوقة تمسك بالشاعر ) هؤلاء

 

الزاحفون لن يكون لهم .. تصفيق ابدا ابدا .. الم يعرفوا ان في النطق الندامة, وان

 

في الصمت ندامة .. وانت في الحالين مشبوه .. فتب من جنحة العيش كانسان

 

وعش مثل النعامة .. الم تعرف ان النوم اصبح عنوانا للسلامة ..

 

الشاعر :- (وهو ممسك بالهاون ويطرق عليه فيصدر منه صوت دفين ) اثنان في الكون يرتعدان خيفة من يقظة النائم.

 

الجوقة :- ( بصوت واحد) اللص والحاكم (يهربون في كل الاتجاهات)

 

المذياع :- سلوا بيوت الحور عن معانينا .. واستشهدوا الغرب ، هل خاب الرجا  فينا ؟

سود صنائعنا ، بيض بيارقنا

خضر موائدنا ، حمر ليالينا .. هنا اذاعة الغضب

 

الشاعر :- صحيح الان اقول واردد لكم .. تصفيق .. وتصفير ثم  تصفير ..

 

الصوت :- (تتقدم رقعة الشطرنج الملك ثم الوزير ثم القلاع ثم الجنود مع صوت

 

مارش) دنت الساعة وسيشنق القمر . في بيتنا خائن منتصب ، سيسبي البلاد والعباد

 

.. انت يامن انت .. اجب اطع ولاة الامر وانسحب, ففي ايدينا النار والحطب ولا

 

مفر .. اجب وقف واعتبر .. افصح عن نفسك فلا جدوى من الهرب.. نحن نسمع ونصغي فاقترب..

 

الشاعر :-  يا سيدي نحن ندعوا .. كلنا ندعوا .. اما سمعت تلك الجموع الزاحفة

 

..كلها تدعوا وتقول .. يا رب ساعدهم علينا.. يا الهي اننا ندعوا للحكام والولاة

 

بالنصر علينا .. نحن جاحدون ,وهم قوامون قاعدون .. نحن زناة الليل .. وهم فروض الليل . الهي اعطهم مليون عين .

 

الصوت ( قطعة القماش تصعد الى الاعلى ) اعطهم الف ذراع . اعطهم موهبة اكبر وفي ملء الزنازين، وتفريغ الخزائن ..

 

الشاعر : يا رب ساعدهم علينا ( صوت برق ورعد) عجبا هل استجيب دعائي.

 

الصوت:- (( قطعة القماش) هل تسافر ام تبقى في الظل نائم .. انت يامن انت, ادفع عمري للذي يعرف من انت… ( مؤثر اصوات طبول)

 

الشاعر :- انها صوت الطبول  ، كل ايامنا طبول ، منذ قابيل وهابيل .. طبول .. (

 

تتكاثر اصوات الطبول) قف انت يا من هو .. ( تنشر بقع ضوئية هنا وهناك ) قل من انت.. ظلام ام ملاك ..

 

الصوت :- ( من تحت قطعة القماش ) لا تخف . اني ملاك

 

الشاعر: اقترب حتى ارى ..

 

الصوت:- لا لن تراني ، بل انا وحدي اراك

 

الشاعر :- ( مبهوتا ضاحكا) اي فخر لك يا هذا بذاك؟!

 

لست محتاجا لان تغدو ملاكا كي ترى من لا يراك

 

عندنا مثلك الالاف سواك .. ان تكن منهم فقد نلت مناك

 

انا معتاد على خفق خطاك .. وانا اسرع من يسقط سهوا

 

في الشباك .. وذا كنت ملاك فبحق الله قل لي

 

اي شيطان الى ارض الشياطين هداك…

 

(رقعة الشطرنج تتحرك بيادقها يمينا وشمالا وصوت المذياع مؤثراته الصوتية

غير مفهومة وهي عبارة عن تقلب اصوات الاذاعات والاصوات ورعد ورياح وامطار وانين وبكاء واصوات عويل ونباح واصوات حيوانات فاره كل هذه المؤثرات متداخلة مع بعضها )

 

الصوت :- ( قطعة القماش تنتصب على شكل طائر نورس يصعد ويحلق في السماء)

اوجز لي مضمون العدل ولا تقلقني بالعنوان

 

الشاعر:- (ينتقل بين بقع الضوء ) نعم اجيبك .. ما فائدة لساني يلهج باسم الله وقلبي

 

يرقص للشيطان .. الايمان الظالم كفر ,والكفر العادل ايمان .. أهذا ما كتبه الرحمن..

فعلى مختلف الازمات والطغيان .. نذبح باسم الرحمن فداء للأوثان

 

الجوقة :- هذا يذبح بالتوراة

 

الشاعر :- وذاك يذبح با الأنجيل

 

الجوقة:- وهذا يذبح بالقران

 

الشاعر : لا ذنب لكل الاديان, الذنب بطبع الانسان

 

الجوقة :-  وانك يا هذا,, انسان..

(الجوقة تتحرك زاحفة على شكل احصنة) نعم .. ايها الانسان كن ما شئت  رئيسا

 

، ملكا ، شيخا ـ دهقانا ، كن  اين كان ، من الانس ، او الجان ، لا تسال عن شكل

 

السلطة ، اسال عن عدل السلطان .. هات العدل وكن طرزان .. ياه كم انت مسكين ايها الانسان .( يسقطون على بطونهم )

 

الصوت :- دع اقوال الامس وقل لي ، ماذا تفعل انت الان

 

الشاعر :-(يتحرك نحو الجوقة والتي لاتزال في مكانها) الان ام الامس .. اصبح الامر سيان

 

الصوت :- انت يا من هو .. نزلت الى الدنيا بكلمة ..

 

الشاعر :- بالكلمة تبنى الامم ..(ينهض عدد من الجوقة) بالكلمة تنهض امم

..(ينهض عدد اخر) بالكلمة تفنى الامم

 

رحماك جدي عندما قلت .. وبالعدل يحيى الوطن( ينهض ما تبقى من الجوقة)

 

الصوت :- اذن انت وطن !

 

الشاعر :- وكما قيل عبر عصور ودهور .. الكلمة نور وبعض الكلمات قبور ..

 

الكلمة فرقان ما بين نبي وبغي .. الكلمة زلزلة ظالم … الكلمة حصن الحرية .. ان الكلمة مسؤولية ..

 

المذياع :- تصدرت في هذه الايام وكثر التداول بها صحف نشرة على صفحاتها ..

 

الكلمة, والكلمة التي ايقظت مضاجع ولاة الامر, حيث احتبست عندهم الاجابة  فاصدروا فرمان  جاء فيه . اذن ما معنى الكلمة

 

الشاعر:- ( يقترب من رقعة الشطرنج) لا جواب لدي لمن لا يعرف ما معنى شرف

 

الكلمة,, فهذا قيل قبل هذا الزمان .. ولكن نحن الان في زمن يصير اللص ناطورا لبيت المال.

 

الصوت :- ( رقعة الشطرنج  يتحرك فيها الملك ) نمنعكم بالتراجع عن اقرار عنوان .. الكلمة ,, تصفيق … تصفيق..

 

الشاعر :- ليس بيدي شيء فالجموع انطلقت فوق الارض وتحت الارض

 

المذياع :- ان خرجت الجموع ، فتزهق الارواح, وتراق الدماء, وستكون العواقب

 

وخيمة .. هنا صوت إذاعة  الغضب .. انت يا من هو, سيسلخ جلدك او بعد حين..

 

الشاعر :- تصفيق .. ( يضحك) لم يبقى بجلدي او جلدهم شيء

 

الصوت :- ( الملك يتقدم حاشيته) لقد تمادى كثيرا في تحديه لنا وسيقلب موازين

الامور .. يجب ان يقتل .. اعدوا لهذا الامر ونفذوه

( الحاشية بصوت واحد ) قرار

 

الشاعر:- هيهات فقد كان زمان . لقد حانت الساعة وانشق القمر .. لقد غاص فينا

 

السيف حتى غص فينا المقبض ( اصوات لجموع زاحفة هاتفة بصوت هادر) نحن احياء .. نحن احياء

 

( قطعة القماش تنتفض الى الاعلى طائرة  محلقة فيسقط منها كل الاشياء المستخدمة على المسرح) ومنه يخرج الممثل مبتسما يحمل بيديه دمى متوسطة الحجم والتي تمثل زوجته واطفاله ويضعها من حول ا لشاعر على شكل دائرة )

 

يامن هناك .. وعندما تموت…

 

الشاعر :- ( يجلس بين عائلته ويتكلم معهم ) حين اموت وتقوم بتأبيني الامة وتشيع

 

جثماني السلطة ، ولا تحسبوا ان الطاغوت قد كرمني .بل حاصرني بالجبروت

 

وتبعني حتى اخر نقطة ، كي لا اشعر اني حر وانا بالتابوت ( في هذه الاثناء تقوم

 

الجوقة برفع رقع الشطرنج وتعلقها في لافتات نازلة من اعلى المسرح )

 

ولكن تبقى السلاطين من ورق فوق عروش من ورق…

 

الجوقة :- ( وهو تلملم بحاجيات المسرح ولكن يبقي على دلة القهوة العربية ..

 

والكتب والاشعار – وشباك الصيد والسمك وسلال الورد واعواد البخور ، ويقوم

 

برن الهاتف ) انت يا من هو .. لماذا الشعر ..

 

الشاعر:- أتسألني ..( وهو يرفع بكل حوار قطعة من قطع الدمى ويتجه الى

 

الجمهور ليكون في وسطهم ) لماذا يبزغ القمر ، لماذا يهطل المطر ، لماذا العطر

ينتشر .. أتسألني  .. لماذا ينزل القدر ..

انا ابن الارض ، طائر حر ، نسيم بارد ، حَررَ مَحَار .. دمعة درر ، انا الشجر ،

 

انا الازهار في وجناتها عطر . انا الارض التي تعطي كما تعطى ، فان اطعمتها

 

زهرا ستزهر ، وان اطعمتها نارا سيأكل ثوبك الشرر

 

الجوقة :- الا تخاف فقد جاوزت حد القول يا من هو .. الا تدري بانك شاعر بطِر

 

تصوغ الحرف سكينا وبالسكين تنتحر …

 

الشاعر :- ادري .. اجل ادري .. باني في حساب الخانعين اليوم تنتحر , ولكن ،

 

أيهم حي ، وهم في دورهم قبروا . فلا كف لهم تبدو ولا قدم لهم تعدو,  لا صوت

 

،لا سمع ، ولا بصر … وان الحرف قبل الموت ينتصر وعند الموت ينتصر وبعد

 

الموت ينتصر ، ولولا الحرف لم يبقى للدنيا اسم ولا خبر ..

 

الجوقة :- اجب قبل ان تنتحر, وماذا بعد ,,

 

الشاعر :- اودى بي الضجر ولم اسمع صدى صوتي ولم المح صدى دمعي برعد او بطوفان .

 

سأحشد كل نيراني واحشد كل قافية من البارود في اعماق وجداني واصعد من

 

اساس الظلم للأعلى ، صعود سحابة ثكلى, واجعل كل ما في القلب يشعر واحضنه .. وانفجر )

 

( ينفجر المذياع)

 

الجوقة :- تصفيق

 

الشاعر :- لا تصفيق بعد الان .. يولد الناس  جميعا ابرياء .. في اتجاهين .. فأما  ان يكونوا مستقيمين .. واما رؤساء ..

 

فهل سنبقى نصفق

 

الجوقة :- لا,, بل تصفير

                                             ( ستار)

 

 

 

                                                            الكاتب والمخرج

                                                         منير راضي العبودي

 

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الكاتب والمخرج منير راضي العبودي
    تصفيق حار وحاد لك وانت تنقلنا عبر السطور الى ملحمة مونو درامية عبر ازمان تختصر كل الزمان والمكان عابرا للتاريخ والاديان، كل ذلك في (الكلمة) … التي تعد محور الوجود الانساني والتي عبرت بها بـقولك:
    (الكلمة, والكلمة التي ايقظت مضاجع ولاة الامر, حيث احتبست عندهم الاجابة فاصدروا فرمان جاء فيه . اذن ما معنى الكلمة)..
    سؤال يبقى قائم الى قيام الساعة
    دام الق ابداعك ايها العميد.
    د. حنان عزيز البغدادي .. اختصاص فلسفة مسرح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock