مسرحية “ليس الذئب وحشا” تأليف وأشعار الكاتبة العراقية سحر الشامي
المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص
ـ
ليس الذئب وحشا
تأليف واشعار : سحر الشامي
شخوص المسرحية :
مجموعة ذئاب تقوم بدور :
المتهم
الحارسان
القاضي
المدعي العام
المحامي
الحضور
الأم
الأب
فتاة تجسد دور ليلى
المشهد الأول :
(غرفة داخل سجن فارغة تماما إلا من سرير وآنية للماء وأخرى للطعام .. الذئب يبدو مريضا وهو يجوب الغرفة ذهابا وايابا)
-الذئب : (حائرا) ماذا أفعل ، اليوم هو يوم محاكمتي ، وأنا خائف جدا ، فربما ستؤدي بي هذه المحاكمة إلى السجن المؤبد .. ماذا ؟ سجن مؤبد !؟ ياله من أمر مرعب .. فأنا منذ اسبوع مقيم في هذا السجن ومع ذلك لم اطق العيش يوما واحدا ، خاصة مع الطعام السيء الذي يقدمونه لي وكأنني حمل صغير .
(يدخل ذئبان يرتديان زي الحراس ولكل منهما كرش بارز)
-حارس رقم (١) : هيا أيها الذئب ، سوف تبدأ المحاكمة .
-الذئب : أنا جاهز على اية حال ولكني …
-حارس رقم (٢) : ولكنك ماذا .. تكلم؟
-الذئب : ولكني مريض هذا اليوم ، أشعر بحرارة عالية .
-حارس رقم (١) : مهما كنت تشعر فلن يتغير موعد المحاكمة . هيا تهيأ .
-الذئب : وأمر اخر .
-حارس رقم (٢) : تكلم بسرعة وخلصنا .
-الذئب : أشعر بجوع شديد وهذه الحشائش لا تشبعني .
-حارس رقم (١) : هذا طعام السجناء .
-الذئب : (بحزن) ياله من أمر بائس ..
(يلاحظ الذئب بروز كرش الحارس فيضع يده عليه ثم يضع أذنه )
-الذئب : (ضاحكا) هل هناك أحد .
-حارس رقم (١) : (مبتعدا) ماهذا الهراء .
-الذئب : ألاحظ أن كرشك يكبر يوما بعد يوم .
-حارس رقم (١) : (يشعر بالحرج ويتلعثم ) آه ، نننعم ، ففقد ههبطت علي شهية عجيبة هذه الأيام وأصبحت اتناول الطعام بشراهة مفرطة .. نعم .. نعم .
- الذئب : (يضع يده على كرش الحارس الآخر وبمكر ) وهل أنت أيضا هبطت عليك شهية عجيبة وأصبحت تتناول الطعام بشراهة مفرطة ؟
-حارس رقم (٢) : (محرجا) نننعم .. نعم..
- الذئب : (يتصنع العطف) يال شهيتكما.
-حارس رقم (٢) : إن ظهرت برائتك فسوف تنعم بالحرية وتصطاد ماتشاء من الحيوانات .
-الذئب : (يسير بضع خطوات حزينا مع موسيقى ) الحرية ، ما أروع الحرية وما أروع زمان الحرية . (مبتسما) كنت سعيدا في حياتي اخرج صباحا للصيد ولا أرجع الا ومعي وجبة لذيذة أقدمها اولا لأمي وأبي ، وبعدها كنت العب معهما ، قيتسابقان معي بين الأحراش لحين موعد النوم واستمر
حالي هذا حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم …
-حارس رقم (١) : وأصبحت فضيحتك تجري على كل لسان .
-حارس رقم (٢) : ودخلت التاريخ من أوسع أبوابه ها ها ها .
-الذئب : هذا هو جوهر مأساتي .
(يسمع صوت من الخارج)
الصوت : سوف تبدأ المحاكمة .. الجميع استعدوا .
(الحارسان يهمّان بالخروج وهما يجران الذئب)
-حارس رقم (١) : (يمسكه من إحدى يديه) هيا .
-الذئب : هل المحامي موجود ؟
-حارس رقم (١) : بالتأكيد موجود .
-حارس رقم (٢) : (بمكر وهو يمسك يده الاخرى) وكذلك المدعي العام موجود أيضا .. هاهاها .
- الذئب : (حزينا) وكيف يكون هذا المدعي العام ياترى؟
- حارس رقم (٢) : يقال أنه لا يرحم المقصرين أبدا .
-حارس رقم (١) : وهو معروف بأنه يكسب كل القضايا دائما .
– حارس رقم (٢) : كان آخرها قضية تتعلق بذئب فشل في اللحاق بفريسته.
-الذئب : (خائفا) وماذا كانت عقوبته ؟
-حارس رقم (٢) : ربط رجليه بالسلاسل مع الأشغال الشاقة المؤبدة .
-الذئب : (مرتعشا) وماهي هذه الأشغال الشاقة المؤبدة ؟
-حارس رقم (٢) : جلب الماء لاكابر الذئاب وتبديل حفاظات صغارهم والسهر عليهم لتنعم زوجات أكابر الذئاب بالراحة.
-ذئب رقم (١) : فأنظر ماذا سيحل بك أيها المسكين وانت صاحب الخطايا الثلاث .
-الذئب : (باكيا) ياويلي .. ياويلي .. ياويلي .
(يخرج الجميع)
المشهد الثاني :
(قاعة محكمة ، يجلس القاضي بين إثنين من المستشارين في منتصف القاعة ، وعلى مسافة يجلس المدعي العام ، وفي الزاوية الاخرى يجلس المحامي . بضعة ذئاب أخرى تمثل الحضور، ويكون الأب والأم في المقدمة ، يدخل الحارسان ومعهما الذئب المتهم ، فيوقفانه أمام القاضي، الأب والأم يشعران بالحزن لرؤيته)
-الأب : كيف حالك ياولدي ؟
-الذئب : أبي إني بخير ، أمي الحبيبة .. كم أشتقت إليكما
- الأم : (بفزع) ولدي ، حبيبي ، أنا في كل يوم آتي إليك بوجبة من اللحم ، فلماذا أراك هزيلا يافلذة كبدي (تبكي).
-الأب : (بحزن) حقا إنك هزيل جدا يابني . ماهو السبب ؟
- الذئب : (ينظر نحو الحارسان وبصوت منخفض) أها ، فهمت الان سبب انتفاخ كرشيكما .
-حارس رقم (١) : (بخجل) لقد أُمرنأ أن نعطيك الأعشاب فقط ولاشيء غيرها .
- حارس رقم (٢) : (بتأكيد) نعم ، نعم ، هذا صحيح .
-الذئب : إذن لماذا لم ترجعوا اللحم لأمي؟
- حارس رقم (١) : كان لذيذا وكنا جائعين .
- حارس رقم (٢) : نعم ، نعم ، هذا صحيح . وفكرنا أن والديك سيشعران بالراحة اكثر مما لو علما بأمر منع تناول اللحم داخل السجن .
-حارس رقم (١) : أعدك إن خرجت من السجن فسوف نعوضك عن كل وجبة لحم أحضرتها والدتك .
-حارس رقم (٢) : وأنا اعدك أيضا .. (مع نفسه) هذا إن خرجت فعلا ، هاهاها .
-القاضي : (بصوت عال) لتبدأ المحاكمة . فليتفضل الإدعاء العام .
(يتقدم المدعي العام في وسط القاعة)
-المدعي العام : ( يقف متحمساً وسط القاعة ويوجه كلامه للجميع ) ياحضرة القاضي ياحضرات المستشارين أيها الحضور، إن هذا المتهم الماثل أمامكم ماهو إلا حمار …
-المحامي : (يقف مقاطعا ) ياحضرة القاضي ، أنا أعترض على هذه المقدمة الساخرة ، ثم إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته .
- القاضي : قبلنا الإعتراض .
-المدعي العام : ياحضرة القاضي ياحضرات المستشارين ، أيها الحضور الموقر . إن مقدمتي الساخرة كما إدعى المحامي ماهي إلا منطق مرادف ل “شر البلية مايضحك “!
فاللللل( يحرك يده باستهزاء) ذئب . خالف كل شرائع فصيلة الذئاب التي وصفت بالوحشية وخلو العاطفة منذ خلقت ، فقد أخفق هذا الذئب مرارا وتكرارا ، فبدلا أن ينقض على فريسة أصبح هو الفريسة ، فريسة للسخرية ، وهذا مايخالف قوانين فصيلة الذئاب التي إحتلت المرتبة الثانية في الوحشية بعد الأسود .
(نحو الذئب) هل لك أن تخبرني أين ذهب مكرك ووحشيتك في ذلك اليوم ؟
الذئب : لقد ، لقد كنت ماكرا بمافيه الكفاية ولكنها ليلى ، نعم ليلى وكذلك جدتّها كانتا أكثر مكرا مني .
-المدعي العام : تلك هي المصيبة ، لقد أحنيت رؤوسنا بين بقية فصائل الحيوانات، وجعلتنا لقمة سائغة على كل لسان . (بصوت عال) صحيح أيها الذئاب ؟
-الحضور : صحيح .
-المدعي العام : (نحو الذئب وبهدوء) صحيح ايها الذئب ؟ .. هيا أجب؟
-الذئب : صحيح ياسيدي .. ولكن ..
المدعي العام : (باستهزاء) فتاة صغيرة أيها الذئب.. فتاة صغيرة !؟
-الذئب : (بخجل) وكذلك جدَتها أيضا ياسيدي .
-المدعي العام : (غاضبا) أعلم ، ولكن أخبرني أولا لماذا لم تأكل ليلى منذ البداية ؟
-الذئب : (فزعا وبسرعة) كانت تحمل سلة كعك إلى جدتها فقلت في نفسي لأتسلى قليلا قبل أن أكلها ..
-المدعي العام : (يضحك) هههههه ما أعظمها من تسلية .. تقصد تسلية ليلى وجدتُّها بك أيها الغبي العطوف .
-الجميع :(يضحك) ههههه.. هههههه..
-الأم : ولدي ليس غبيا، ولدي ليس عطوفا إنه ذئب مغوار .
-القاضي : (يدق بالمطرقة ) صمتا .
-المدعي العام : (غاضبا) أيها الذئب، ألم يجدر بك أن تأكل ليلى وتأكل الكعك الذي في السلة ثم تذهب لأكل جدتها العجوز ؟
-محامي الدفاع : (يقف ويشير بيديه) ياحضرة القاضي اطلب من حضرتك إعفاء موكلي من هذا السؤال . فالسيد المدعي العام يحمّل موكلي مالا طاقة له به.
-القاضي : سوف نعفيه من هذا السؤال .
-المدعي العام : (يرفع قبضة يده غاضبا) بل إني أصر ياسيادة القاضي على هذا السؤال ولن اعفيه من الإجابة.
-القاضي : (بهدوء)سوف لن نعفيه من هذا السؤال .
-المحامي : ياسيادة القاضي ، لابأس أن تنسب لموكلي تهمة التقصير عن أكل ليلى ، ولكن أن يتهم بالتقصير عن أكل الكعك والجدة العجوز في وقت واحد .. فهذا مستحيل .
-القاضي : سوف نعفيه من هذا السؤال .
-المدعي العام : سيدي القاضي ، إن إعفاء الذئب من الإجابة عن السؤال كاملا هو مامعناه اعفاءه من الذنب كله .. وإليك الدليل (يتحدث باشارات) فليلى صغيرة كأنها وجبة لحم ، والكعك قليل جدا يمده بالسكريات ثم إن الجدة العجوز وجبة كالسيوم مفيدة .
-القاضي : سوف لن نعفيه من هذا السؤال .
-المحامي : (بمراوغة) ياحضرة القاضي ، إن موكلي معتدل في طعامه .
-القاضي : سوف نعفيه من هذا السؤال ..
-المدعي العام : سيدي القاضي ، هل نسيت أنه (يحرك يديه) ذئب . ولولا استمرار اكله اللحوم مااستمرت فصيلتنا حتى الان . فلو كل ذئب امتنع عن أكل فريسته مرة واحدة لأصبحنا الآن فصيلة معيز . وبدلا من عااااااااو لكنا جميعا نصيح (يقلد صوت الماعز) مأأأأأأ .
-القاضي : سوف لن نعفيه من هذا السؤال . وهذا قراري الأخير . أجب أيها الذئب .
-المدعي العام : (مبتسماً) والآن أجب عن سؤالي أيها الذئب .
-الذئب : (متمتما وينظر هنا وهناك) عن ماذا أجيب ؟ لقد نسيت السؤال!
-المدعي العام : (بحزم) سؤالي هو : لماذا لم تأكل ليلى منذ البداية ثم تاكل الكعك الذي معها وبعدها تذهب لأكل الجدة العجوز ؟
-الذئب : (بعد تفكير) في الحقيقة ، أنا كنت أنوي أن آكل ليلى ، ولكن لما علمت أنها تحمل كعكا لجدتها العجوز قلت في نفسي لماذا لا انتظر ليلى مع الكعك في بيت الجدة لاكلهم جميعا (يضحك) هههههههه …
-الحضور : (ضحك) ههههههه .. هههههه .
-القاضي : (يدق الطاولة بالمطرقة) صمتاً .
-المحامي : (يتبجح) انظر ياحضرة القاضي إن موكلي كتلة من الدهاء والمراء ، أرفع قبعتي لك أبها البطل الهمام (يرفع قبعته وينحني) .
-المدعي العام : (يضرب بيده على الطاولة) إسمح لي أيها القاضي إن الجلسة إذا استمرت بهذا الشكل فسوف لن تنتج سوى المهزلة التي نحن في غنى عنها.
-القاضي : حسنا ، إرتدي قبعتك أيها المحامي .. وأنت أيها المدعي العام إستمر .
-المدعي العام : (يسير بهدوء نحو الذئب ويلتف حوله وبمكر) إذن لماذا لم تنفذ خطتك الجهنمية ؟
-الذئب : ليس الذنب ذنبي .
-المدعي العام : كيف؟ اخبرني .. أقنعني .. أتحفني .. .
-الذئب : في الحقيقة.. (يشعر بالاعياء وكأنه يتخيل فتظهر ليلى بزيها وسلتها ويتتبع بنظراته خطاها حتى تخرج ثم يهز رأسه) لقد ، لقد تهاونت .
-المدعي العام : (يدور ويصيح) هوووو ، لقد أعترف بذنبه … لقد أعترف بذنبه .. هووووو .
– الحضور : (متفاخرا بصوت عال) هووووووو .
-القاضي : (يدق بالمطرقة ويصيح) صمتا .
-المدعي العام : سيدي القاضي ها أنا أمامكم الآن وقد انتزعت من هذا الذئب اعترافه الصادم بجملة واحدة : (لقد تهاونت)
-المحامي : (يقف) ارجو من حضرة القاضي أن يسمح لي بسؤال موكلي ، فيبدو أن تشويشا قد حصل .
-القاضي : تفضل أيها المحامي .
-المحامي : (يتقدم نحو الذئب) أيها الذئب أجب جيدا عن سؤالي افتح عينيك ارفع اذنيك واستعد .
-الذئب : (يفتح عينيه ويرفع أذنيه) إستعدااااد .
-المحامي : (مرتبكا ويهمس في أذني الذئب) ركز جيدا فالأمر سيكون خطيراً عليك إن أخطأت (بصوت عال) حضرة القاضي .. حضرات المستشارين أيها الحضور . لقد تشوش موكلي وقد بدا ذاك واضحا ، فهو منذ البداية أخبرنا أنه أراد (يلتفت نحو الذئب)
” التسلية ” قليلا قبل أن يأكل ليلى ، أليس كذلك أيها الذئب؟
-الذئب : (مترددا) نعم .
-المحامي : (فرحا) اذن هل كنت متسليا ام متهاونا ؟
(تدخل ليلى من الجهة اليمنى وتخرج من الجهة اليسرى، فيفتح الذئب فيه مذهولا)
-المحامي : (يستغرب حال الذئب) مابك؟ إلى ماذا تنظر ؟
-الذئب : (يهز رأسه) لا شيء ، عفوا ماذا كان السؤال ؟
المحامي : هل كنت متسليا أم متهاونا ؟
الذئب : بالتأكيد متهاونا !
(تحدث جلبة وأصوات عالية المحامي يضرب رأسه بيديه)
-المدعي العام : (يدور ويصيح فرحا) هووووو . هوووو .. .
-الذئب : (يشعر بخطأه ويحاول ان يصحح ولكنه يشطح) أأقصد ” متساولا” ” .. (تظهر ليلى مرة أخرى، فيهز الذئب رأسه)
-المدعي العام : (يصيح مرة أخرى وهو يدور داخل القاعة) هوووووو .
-الذئب : (يخطئ مرة أخرى)” متهيّناً ” “متسّينا”
(تتعالى أصوات الحضور فيما يسير المحامي وهو يضرب رأسه بيديه)
-المدعي العام : (بصوت عال) هووووووو . لا فائدة أبدا ، لقد اعترف وأنتهى .
-الأب : ماذا حل بك ياولدي؟
-الأم : قلها يابني قلها صحيحة “متسولا ! أوه ماذا فعلت ؟
- الأب : (يصرخ بوجهها) اسكتي .
- القاضي : (يدق بالمطرقة) صمتاً .
-المحامي : ياحضرة القاضي ، اسمح لي أن أجعل السؤال أكثر تناغما لموكلي المرهق .
-القاضي : نعم ، تفضل .
-المحامي : (يهمس في إذن الذئب) لم أندم ابدا في حياتي على شيء كما ندمت اليوم على الدفاع عنك أيها الأهبل ركز جيدا … (بصوت عال) أيها الذئب ، إختر الإجابة الصحيحة : ماذا قصدت مما فعلت مع ليلى أولا : تسلية ، ثانيا : تهاون .
-الذئب : تساون … أأأ.. تهوية …أأ.. تسوية ..
(تعلو اصوات الحضور . المحامي يجلس ويضرب برأسه فيما الأم
والأب يضربان على صدريهما )
-المدعي العام : (يصفق) هوووووو .. هوووو … .
-القاضي : (يدق بالمطرقة) صمتا .
(يسكت الجميع ويعم الهدوء)
-المدعي العام : ياحضرة القاضي ، كما رأيت إن المتهم قد ثبتت ادانته باعترافه هو . إنه يعترف أن العاطفة استولت عليه وقد عبر عنها بكلمة ” تهاون” .
-المحامي : ياحضرة القاضي إن موكلي بريء مما نسب اليه ، فهو كما ترى مريض ومرهق وأرجو طرح هذا الأمر بين يدي عدالتكم .
-القاضي : نتوقف قليلا للتشاور .
(يخرج القاضي والمستشارون .. المحامي يقترب من الذئب)
-المحامي : (بهمس مشيرا نحو زيه) بسببك كرهت اليوم الذي ارتديت فيها بدلتي هذه .
-الذئب : (محرج) أنت قلت الحق ياسيدي ، فأنا حقا مريض .
(يهرع الأب والأم نحو الذئب)
– الذئب : (وهو يعانق أمه) سامحيني يا أمي (يبكيان)
-الأم : سامحتك ياولدي ، سامحتك ، (بغضب) آه لو أني أمسك بليلى وجدتها لقطعتهما إرباً إربا .
-الذئب : (يعانق والده) أبي ، سامحني ياأبي .
-الأب : (يبكي) سامحتك يابني..
-الذئب : (حزينا) لقد وجدت في ليلى صورة طبق الأصل مني ، فهي كانت تحمل الكعك لجدتها ، تماما كما كنت أفعل معكما دائما حينما كنت أأتي لكما بالطعام ( يلتف حوله بعض الذئاب فيما يكمل كلامه ) كنت سعيدا وأنا أراكما تأكلان ، وكنت أشعر أنني أفعل الصواب (تتعاطف معه بعض الذئاب ويبكون ويتفاعلون معه فيما يرفض عذره البعض الاخر من الذئاب الحضور)
– ذئب رقم (١) : (يبكي) كفى ، لقد قطعت نياط قلبي .
-ذئب رقم (٢) : ماكان يجدر بك أن تقارن بينك وبين ليلى ، فهي من فصيلة ونحن من فصيلة أخرى .
-ذئب رقم (١) : (متوجها نحو ذئب رقم (٢)) لو لم يكن شديد العطف على والديه لما تعاطف مع ليلى وتهاون معها .
-ذئب رقم (٢) : هذا هراء .
-ذئب رقم (١) : بل إنها حقيقة ونحن غافلون عنها ويجب أن نتعاون مع الذئب ونقف إلى جانبه .
-ذئب رقم (٢) : (يدفعه نحو الذئب) هيا ، هيا ، قف إلى جانبه … هيا.
-ذئب رقم (١) : سوف نقف جميعا إلى جانبه في حالة يسجن أم لم يسجن .
(تتفاعل بعض الذئاب معه ويلتفون حول الذئب المتهم)
-ذئب رقم (٢) : (يوجه أنظاره نحو فريقه) اوووه ، إنها دعوة لتمكين العاطفة بدل الوحشية التي جبلت عليها فصيلتنا ..
-ذئب رقم (١) : لابد من قليل من العاطفة حتى نرحم صغيرنا وكبيرنا ، فهي سر ترابطنا وتواصلنا .
-ذئب رقم (٢) : أحتج على كلامك لو إنك تقصد العاطفة بالمعنى الشمولي ومع جميع الفصائل الأخرى .
-ذئب رقم (١) : لا ضير في ذلك إذا حصل مرة واحدة مع فصيلة مختلفة .
-ذئب رقم (٢): ناقص أن تقول نصبح سناجب ونأكل البندق والجوز واللوز .
-ذئب رقم (١) : حينما يكون للضرورة أحكام وننظر بعين العطف إلى فريسة لها عائلة بانتظار أن تحضر لهم طعاما ، لما لا ؟
-ذئب رقم (٢) : (يرفع يده ويهزج)
كلا كلا لا يجوز
-فريق الذئب رقم (٢) : (بحماس مع رفع ايديهم) :
كلا كلا لايجوز
-ذئب رقم (٢)
نترك اللحم ونأكل جوز
-فريق ذئب رقم (٢) : (يحملونه على الأكتاف ويجوبون به القاعة)
نترك اللحم ونأكل جوز
-ذئب رقم (٢) : (بحماس)
وكلا كلا لايجوز
-فريق ذئب رقم (٢) :
كلا كلا لايجوز
-ذئب رقم (٢) :
نترك اللحم ونأكل جوز
-فريق ذئب رقم (٢)
نترك اللحم ونأكل جوز (تكرار)
-صوت : محكمة .
(يذهب كل إلى مكانه ويدخل القاضي والمستشارون ويجلسون في أماكنهم )
-القاضي : من مكان العدل لفصيلة الذئاب حكمت المحكمة بالسجن المؤبد على الذئب بعد ثبوت اتهامه بالعاطفة مع …
- الذئب : (يصرخ) لا ، لا .
-الأم : ولدي بريء .. ولدي بريء .
- الأب : هذا ظلم ، هذا ظلم ..
- المدعي العام : (يمشي بفخر) هوووووو ، وكسبنا القضية كسبناها كسبناها هوووووو .
-القاضي : (يكمل) وقف التنفيذ ! لعدم كفاية الأدلة . ولأن العاطفة أمر يتجسد في كل كائن بنسب مختلفة فعليه لايعتبر ماقام به الذئب جريمة مخلة بسمعة فصيلة الذئاب.، إنما هو أمر اتفقت عليه جميع فصائل الكائنات الحية .
-الذئب : (فرحا) يحيى العدل .. يحيى العدل .
-الأم : يحيى العدل .. يحيى العدل …
-الأب : (يقفز فرحا) يحيى العدل .. يحيى العدل
-ذئب رقم (١) : (مع فريقه بحماس) يحيى العدل .. يحيى العدل .. يحيى العدل .. .
-ذئب رقم (٢) : (يقوم فريقه بضربه فيصيح) عاووووو . عاووووووو ، إتركوني .
-الذئب : (نحو الحارسان) والآن عليكما بتسديد ما بكرشيكما من لحم .
-حارس رقم (١) : بالتأكيد .
-حارس رقم (٢) : طبعا.، طبعا .
-الذئب : (يبتسم) أمزح معكما .
-المحامي : (يسير باتجاه المدعي العام مفاخرا) هوووووو .. هووووو .
-المدعي العام : (يضرب برأسه الحائط) آااااااه . وخسرنا القضية.. خسرناها.
(النهاية)