حصريا.. “المسرح نيوز” ينشر أحدث نصوص الكاتب العراقي عمار نعمة جابر .. “انتباه”!
المسرح نيوز ـ القاهرة نصوص| عمار نعمة جابر
ـ
إنتباه !
عمار نعمة جابر
( صالة انتظار كبيرة ، أبواب متعددة ، ستائر عالية ، يتناثر فيها عدد من الكراسي )
الاول : هل لديك سيجارة ، نسيت سجائري في البيت على الكومدينو ، في غرفة نومي ، كنت مستعجلا جدا حين خرجت من البيت ، ومشكلتي أنني مدمن على التدخين ، منذ عمر الخامسة عشر ، كم حاول أبي أن يمنعني من الدخان ، فاستخدم معي شتى سبل الترهيب والترغيب ، ولكنني كنت أقاومه بشدة ، اقاوم كل ضغطه ومغرياته لي ، أما الان ، وبعد كل هذه السنوات ، وكل هذه المتاعب التي سببها لي تدخين السجائر ، اتذكر والدي ، واتمنى من قلبي أن التقيه لدقيقة واحدة فقط ، لاخبره أنني أخترت الطريق الخاطئة لاثبات أنني قد كبرت وبلغت ، واخبره أنني الان أريد أن أعود طفلا صغيرا ، لايكبر أبدا ..
( الثاني يقوم محاولا المغادرة )
الاول : أين تظن نفسك ذاهبا ، ثم أنك لم تخبرني اذا كان معك سيجارة لكي ادخنها ؟
الثاني : أنا لا أدخن ( يذهب ليجلس في مكان بعيد )
الاول : لا يهم .. التدخين سيضر كثيرا في صحتك ، ستكون عادة سيئة ، تؤثر كثيرا في اشياء كثيرة في حياتك ، وأولها الاستمتاع بالقُبَل ( يضحك ، ثم يقوم ليقترب من الثاني ) نحن جميعا لا نستغني عن القُبَل ، هل تدري أنه صار فنا مستقلا بذاته ، نعم .. فن القُبَل ، فن حقيقي ومثمر ، له أوقاته واساليبه وتفاصيل في اوضاعه وزواياه وتقاسيمه ، وطبعا في هذا الفن يشترط الانسجام والتواصل والتفاعل ، أما اذا كان نصفك الرقيق ، مثل نصفي الذي ما كان رقيقا يوما ما ( بمرارة ) فسيراودك شعور عند ممارسة هذا الفن ، بأنك تقبل بجدار بيت جارك القديم والمقرف ، أو تمارس هذا الفن المرهف مع جذع شجرة يابس ومثقوب ، تعاستي لا تنتهي مع نصفي الآخر ( يتحرك .. يتحدث مع الثاني ) لم تخبرني عن علاقتك مع هذا الفن ؟
الثاني : أي فن تقصد ؟
الاول : فن القُبَل ، لا تقل لي أنك لا تدخن ، أقصد لا تُقبل أحدا ..
الثاني : أنا لا ادخن نعم ..
الاول : انت لا تقبل !
الثاني : أنا لا أدخن ، لا ادخن ..
الاول : والقُبَل ؟
الثاني : ما بها القُبَل ؟
الاول : هل تمارس فن القُبَل ؟
الثاني : دائما هناك قُبل ، مع أمي ، مع أخوتي ، مع اصدقائي الذين أحبهم ..
الاول : أمك واخوتك فقط ؟
الثاني : ( يقف ) ماذا تريد مني .. ابتعد عني .. أنا لست متزوجا ( يبتعد الى جهة بعيدة )
الاول : لا تدخن ! ولا تمارس القُبَل ! كيف تحتمل العيش في هذا المكان ( يتحرك خلف الثاني ) اسمعني لكي تحتمل حياتك ، يجب أن تقترح لك بعض المهدئات ،
الثاني : مهدئات ! ماذا تعني ؟
الاول : أعني المهدئات ، مهدئات مثل السجائر والقُبَل ، او مهدئ رخيص الثمن مثل الحديث وانت تشرب الشاي ، صدقني ، أحاديث الشاي نوع من انواع المسكنات الطبيعية ، الاحاديث الطويلة والمفصلة مع احتساء الشاي المركز ، تمنحك الاسترخاء الكافي لاعصابك المشدودة بسبب ضغوط الحياة ، العمل والبيت والناس والظروف ، والكثير من الضغوط ، الشاي لاعب اساسي في التخفيف عنك ، قادر هو والتدخين والقُبَل على ( يقاطعه الثاني )
الثاني : ( غاضبا ) كفى ارجوك ، انت تضايقني جدا ، اتركني ارجوك ، لا اريد منك نصائح.
الاول : اسمع .. الجميع هنا ينتظر ، وانا وانت ننتظر ، مثل الجميع تماما ، والانتظار كما تعرف ، احساس مرير ، مرير جدا .
الثاني : نعم أعرف ذلك ..
الاول : أنا ، أحاول أن أخفف عنك ، وأخفف عني ..
الثاني : حسنا .. ولكنني أحاول التركيز في ما نحن فيه ، أنت تشتتني ..
الأول : لا تركز كثيرا ، ستتعب ، ليس بيدك شيء ، انت مثلي عاجز غير قادر على تغيير ما حولك ..
الثاني : اعرف أننا جميعا عجزة .. وغير قادرين على تغيير شيء .
الاول : نحن لا نفعل سوى أننا ، نجلس وننتظر فقط ..
الثاني : نعم .. انت محق ، ننتظر في هذا المكان !
الاول : الغريب يا سيدي أننا لا نعرف ماذا ننتظر .. وغير متيقنين من الاشياء التي يجب أن ننتظرها .. ( يتحرك ) لا ندري أبدا هل نحن ننتظر حدث جديد قد يحدث لنا ، أم أننا ننتظر شخص ما ، يأتي الى هنا ، ثم يقوم بفعل شيء ما ، ليحدث حدث ما .. !!
الثاني : أنت على حق ، أنا منذ فترة ، أحاول أن أعرف ذلك بشكل تقريبي ، أن أحدد ، لكنني لم أفلح الى الآن .. كل ما حولنا مبهم ، غير واضح ، الوضع الذي نحشر انفسنا فيه لا ندري عنه شيئا !
الاول : انت تعرف ، أن جميع من كانوا هنا في هذا المكان ، سألوا نفس السؤال ، ثم تعبوا جدا ، ارهقوا تماما لكثرة السؤال ، فأبدلوا السؤال بالسجائر والقُبَل واحاديث الشاي ، حتى انتهت مواعيد انتظارهم ، وتركوا المكان ..
الثاني : ربما أكون قد فكرت أننا .. قد نكون نحن الإستثناء ، قد نكون قادرين على أن نحدث بعض الفرق ..
الاول : ربما .. من يدري ..
الثاني : نعم .. ربما ..
الاول : ( يتحرك ) ولكنني أعتقد أن المشكلة يا سيدي ان الفرد منا ، في كل مرة ، لا يكمل ما وصل اليه الاخر ، الذي سبقه ، بل جميعنا يبدأ من الصفر ، في الوقت الذي يدخل فيه الى هذا المكان ، لذا في النتيجة نصل الى نفس الامكنة والازمنة ، قبل أن نترك هذا المكان ..
الثاني : هل تفكر مثلي ، أنه لا ينبغي أن يحدث ذلك دائما ؟
الاول : حسنا .. فكرة جيدة ، ولكن كيف ؟
الثاني : في الحقيقة ، لا أدري ..
الاول : وأنا لا ادري أيضا .. ( يتحرك )
الثاني : ( يتحرك خلف الاول ) ماذا لو نفترض أننا قد نحدث الفرق هذه المرة ..
الاول : ماذا ! نحن نحدث فرقا !
الثاني : نعم .. لم لا .. إفترض ذلك فقط ..
الاول : وفي رأيك ، أي شيء نملكه أنا وانت ، يمكننا به أن نحدث فرقا ؟
الثاني : ماذا تعني ؟
الاول : كل الذين كانوا هنا ، لم يقدروا أن يحدثوا فرقا ، لماذا نحن قد نحدث ذلك الفرق ؟
الثاني : لاننا فكرنا بطريقة مختلفة ..
الاول : وتعتقد أننا قد نصل الى أماكن مختلفة ؟
الثاني : هذا ما يجب أن يحدث .. نعم ..
الاول : كلا .. معنا لن يحدث شيء مختلف ، فنحن صنيعة من سبقنا ، ونشبههم الى حد بعيد ..
الثاني : أرجوك حاول أن تثق قليلا بنفسك ، حاول أن تفكر بأنك أفضل ،
الاول : أنا !
الثاني : حاول أن تفكر بأنك أذكى ..
الاول : أنا !
الثاني : أقوى ..
الاول : لا .. هذه الاقوى لا .. لا أعتقد أبدا ..
الثاني : لماذا ؟
الاول : زوجتي لا تتفق معك في هذه الصفة أبدا ..
الثاني : وما دخل المدام بذلك ؟
الاول : أرجوك لا تدخلنا في التفاصيل .. لا تقلب علينا المواجع ..
الثاني : لن أدخل في التفاصيل ، اريد منك أن تجاريني فيما أحاول أن أصل اليه .
الاول : لن أنفعك في الوصول الى شيء .. لم أصل سابقا الى شيء ذو بال ..
الثاني : لماذا تقول ذلك ؟
الاول : لانني كذلك ، أنا اعرف نفسي ، وزوجتي تعرف ذلك أيضا .. تعرفه جيدا ..
الثاني : حاول أن تتحرر من ذلك الشعور .. تحرر من زوجتك ، ولو لمرة واحدة .
الاول : ( يضحك طويلا ) أحاول .. يقول حاول ( يضحك )
الثاني : لماذا تضحك من كلمة حاول ..
الاول : لانك تظن أنني لم أحاول .. انت لا تدري ابدا .. لقد حاولت كثيرا ، لكنني لم أنجح.
الثاني : أنت محبط جدا .
الاول : أظنني ، واقعي جدا .
الثاني : الواقع صنيعتنا نحن ، بقراراتنا ، باختياراتنا ، بحركتنا .. ليس له دخل بما نتحدث عنه .
الاول : أظنك ، مثالي جدا .
الثاني : لست مثاليا ، أنا أحاول أن أجد مخرجا مناسبا للجميع .
الاول : سيدي لماذا لا تكون مثل الآخرين ، إختر مخرجهم ، اجلس فقط ، وانتظر ، كن قنوعا ، القناعة كنز .
الثاني : لا اريد أن أكون مثل أحد ، لا اريد أن اجلس وانتظر ، الانتظار حالة سلبية ..
الاول : ( متعجبا ) ماذا تقول ؟
الثاني : نعم .. أجزم أن الانتظار ليس جزءا من شروط الحياة ..
الاول : ولكن الجميع يقول عكس ذلك ، أنت تخالف نواميس الحياة !
الثاني : لا أظن أن هناك شروطا مسبقة للعبة الحياة ، والانتظار بالنسبة لنا حالة من الاعتراف ، بأن هناك من هو أفضل منا ، وهناك احداث افضل من التي تحيط بنا ، وبأننا أحقر من أن نصنع من انفسنا الافضل ، أو أن نحرك تفاصيل الاحداث بما يتناسب مع رغباتنا ، الانتظار توقف واستلاب ، نحن في المكان الخطأ ، أنا متأكد .
الاول : ولكن كل الامور خارج سيطرتنا ، ليس كما تتوهم .
الثاني : لدي شعور كبير أننا جئنا الى هنا ، من أجل أن نفعل شيئا .
الاول : ربما أنت على حق .. ولكن نحن الآن نفعل أشياء كثيرة ..
الثاني : ماذا تعني ؟
الاول : نحن ندخن السجائر ، نمارس فن القُبل ، نمارس أحاديث الشاي .
الثاني : ( يتحرك ) لا يبدو أنك تفهمني ، سأتركك تواصل ممارساتك ، وتواصل الانتظار ..
الاول : ( يتحرك خلف الثاني ) أنا صحيح لا أفكر بطريقتك ، ولكن في أقل تقدير ، يمكنك أن تخبرني أنت ، ماذا يمكن أن أفعل ؟
الثاني : ارجوك ، عليك أن تحاول التفكير بطريقة مختلفة ، حاول بجدية أن تتحرك في أماكن مختلفة ، لا تقلد أحد .. لا تكرر نفس ما يفعله أو ما يقوله الاخرون .
الاول : ولكن ، سأكون شاذا عن المجموع ..
الثاني : ستخرج معافى عن القطيع ، ستشم هواءا مختلفا ، هواء غير فاسد ..
الاول : هذا يعني بالتأكيد ، أنني يجب أن أبدأ من جديد ؟
الثاني : لا أظن مطلقا أننا بدأنا بأي شيء هنا سوى الانتظار ، لا نحن ولا كل من سبقنا ، علينا أن نفعلها أنا وأنت ..
الاول : ولكن ، قد يكون هذا صعب للغاية ..
الثاني : لقد علمتني أمي الارملة ، أن أبدأ بعد كل حالة فشل من جديد ..
الاول : ولكنني أختلف عنك ، لقد كنت دائما أرفض أن أبدأ من جديد ، أحاول أن أكمل المسير ، وكفى ..
الثاني : تراودني أسئلة محيرة عن هذا المكان ، وهذا الزمان ، وعن هذا العجز الذي نحن فيه .
( صوت أقدام شخص يمشي في الخارج )
الاول : ( ينصت ) إسمع .. هل تسمع هذا الصوت ..؟
الثاني : أي صوت ؟
الاول : إسمع .. صوت أحدهم يمشي ..
الثاني : ( يحاول أن يسمع ) لا أسمع أي صوت ..
الاول : اصمت ، ( يحاول التركيز على الاستماع ) لقد ذهب الصوت ..
الثاني : ( يقترب من الاول ) ماذا كنت تسمع ؟
الاول : كنت أسمع أحدهم يمشي خارج هذا المكان ..
الثاني : ( مضطربا ) هل أنت متأكد ؟ أقصد هل سمعت مثل هذا الصوت من قبل ؟
الاول : ( يحاول أن يتذكر ) أبدا .. هذه أول مرة أسمع فيها هذا الصوت .. كان أحدهم يمشي .. أنا متأكد ..
الثاني : ( مهتما ) أخبرني بالتفاصل ، هل كانت خطوات الرجل سريعة ؟ هل كان يرتدي حذاء ثقيل ؟ هل كان هناك ما يميز خطواته ؟
الاول : تقول رجل ! من قال أنه رجل ؟
الثاني : ماذا تعني ؟ ( يفكر ) هل تعتقد أنها خطوات إمرأة ؟
الاول : لا أدري .. ولكن قد تكون خطوات انسان أو أي شيء آخر ..
الثاني : شيء آخر ! ولكن لماذا لم أسمعه أنا .. لماذا سمعته أنت فقط ؟
الاول : لابد أنه كان يريد أن يفعل شيئا ، لماذا ترك المكان بسرعة ؟
الثاني : ربما سمع صوتنا وهرب بعيدا ، أو قد يكون جاء من أجل شخص آخر .. أو أراد أن .. ( يسكت فجأة )
الاول : ماذا ؟ ما الذي كان يجول في رأسه ؟
الثاني : ربما جاء ليقتنا ، يقتلنا أنا وأنت !
الاول : ( خائفا ) يقتلنا .. ولكننا لم نفعل له أي شيء ، نحن حتى لا نعرف من يكون ، نحن شخصان مسالمان ، نجلس هنا بهدوء، لا نقوم بأي مشاكل ، نجلس وننتظر .
الثاني : ربما قد يكون سمع ما كنا نتحدث عنه ؟
الاول : ( غاضبا ) قلت لك اترك هذا التفكير ، قلت لك أن تدخن ، وتشرب الشاي فقط ، واذا رأيت انك تحتاج الى حنان ، احتضن أي شجرة وقبلها ، يا أخي قبل جدار بيت جيرانك القديم ، ولكن لا تتحدث عن الاشياء المختلفة ..
الثاني : ولكن !
الاول : أنا متأكد أنه جاء من أجلنا ..
الثاني : ولكنه ذهب دون أن يفعل لنا أي شيء ، غادر بعيدا عن المكان ، نحن بأمان ..
الاول : كان يمكن أن نصبح أمواتا ، لقد كانت خطوات غير معتادة ، ربما كان مسلحا ..
الثاني : أنا لم أسمع أي شيء ، ربما كانت مجرد أوهام في رأسك ، انت توهمت أن هناك شخص ما يمشي بالقرب من المكان ، ربما حاولت أن تفكر بشكل مختلف ، فتحولت هذه الافكار الى اصوات ..
الاول : هل تقول أنني جننت ، هل تظن أنني بدأت أفقد عقلي .. ( يتحرك ) قلت لك أنا لا اريد أن أفكر بطريقة تختلف ، قلت لك أنا شخص شروطه في الحياة بسيطة ، لا أحب أن أخرج عن قطيعي ، يا سيدي أنا أحب قطيعي ، أحب أن أكون مجرد نعجة تدخن ، وتشرب الشاي ، وتٌقبل كل خروف تراه في طريقها ..
الثاني : أنا لم أقل أنك أصبحت مجنونا ، كلنا قد يتوهم أشياء غير موجودة ، ربما تحدثنا عن أشياء تخلق في دواخلنا أوهام ..
الاول : أوهام تجعلني أسمع أشياء غير موجودة .. أ يحدث ذلك ؟
الثاني : ( يتحرك ) الاوهام تجعلك تسمع وترى وتشم وتتذوق أشياء ليس لها وجود ، الاوهام تخلق عوالم من الوهم تعيش في دواخلنا ، عوالم ليس لها مصدر ذا قيمة ، الكثير منها مصدرها حكايات الجدّات ، أو اوراق كتبها أشخاص نظن أنهم عباقرة ، ونمنحهم هالات القدسية ، بلا اسباب وجيهة .
الاول : يبدو أنك استطعت أن تفهم أشياء جديدة .
الثاني : يمكنك أن تكون أفضل ، ولكن عليك أن تفكر بصورة مختلفة .
( صوت أقدام شخص يمشي في الخارج )
الثاني : ( بقلق ) أنت على حق .. هناك شخص في الخارج !
الاول : ماذا ؟ ولكنني لا أسمع شيء هذه المرة !
الثاني : اسمع ، انه يقترب من الباب ، اسمعه جيدا ..
الاول : ( يحاول أن يستمع ) ولكنني هذه المرة لا أسمع الصوت ..
الثاني : أنا أسمع صوت خطواته بوضوح .. إسمع جيدا ..
الاول : أنا أحاول أن أسمع ، ولكن لا يوجد أي صوت ، لا أسمع شيء .
الثاني : يبدو أنه عاد من أجلنا ..
الاول : عاد ليقتلنا !
الثاني : إنه يقترب من الباب ، صوت خطواته أصبحت قريبة ..
الاول : ماذا يريد منا ؟ ( يصرخ ) ابتعد من هنا .. من أنت ؟ .. لم نفعل لك أي شيء ..
الثاني : ( ينادي ) من أنت ؟
( الثالث يدفع الباب ويدخل ، الاول والثاني يبتعدان )
الثاني : من أنت ؟
الاول : ماذا تريد أن تفعل بنا ؟
الثالث : انتهى وقتكما ..
الاول : ماذا تقول !
الثالث : غادروا هذا المكان بسرعة ..
الاول : نغادر .. لماذا نغادر ؟
الثالث : حان موعد المغادرة ، لم تلتزما بالهدوء ، أنتما تثيران أمور غير مسموح بها .
الاول : نحن ! .. أبدا .. نحن ندخن ، ونشرب الشاي ، ونمارس القبل .. فقط
الثالث : تمارسون القبل !
الاول : ماذا ! لا تذهب بتفكيرك الى البعيد ، أقصد مع زوجاتنا ، نحن ملتزمان جدا .
الثالث : عليكما أن تغادران ، هذا ما جئت من أجله ..
الثاني : لماذا نغادر ؟ نحن هنا ننتظر ..
الاول : نعم .. انت على حق .. نحن ننتظر ، ننتظر ونحن سعداء جدا ، ولا نعاني من أي شيء ، ونرى أن الانتظار هو سر هذه الحياة .. نعم .. نحن نحب الانتظار ..
الثاني : صحيح اننا قد راودتنا بعض الاسئلة ، لكنها بقيت اسئلة فقط ، لم تتحول الى شيء ذا بال ، كانت مجرد افكار عن الانتظار ..
الثالث : وهل عرفتما ماذا تنتظران ؟
الاول : أبدا ، ابدا ، نحن لا ندخل انفسنا في مثل هكذا أمور ..
الثاني : وهل تعرف أنت ، ماذا ننتظر ؟
الثالث : نعم بكل تأكيد .. أنا أكثر شخص يعرف ذلك ..
الثاني : اخبرنا ، ماذا ننتظر ..
الاول : ( يقاطعه ) كلا ، ابدا .. لا نريد أن نعرف .. سنبقى ننتظر وحسب ..
الثاني : ولكنه سيخبرنا ؟
الاول : لا يهم ، لا نريد ان نعرف ..
الثاني : وهل ترغب أن نبقى هكذا ، لا نعرف ماذا ننتظر ..
الاول : نعم .. ننتظر وحسب ..
الثالث : لقد فات الآوان ..
الثاني : ماذا ؟ أي أوان قد فات ..
الثالث : صار يجب أن تعرفوا الآن ، ماذا تنتظران ؟
الثاني : اذن ، اخبرنا ماذا ننتظر هنا ؟
الاول : لا ، لا تخبرنا ، لا نريد أن نعرف ماذا ننتظر .
الثاني : أخبرنا ، ماذا ننتظر نحن هنا .. هيا أخبرنا ..
الثالث : أنتم لا تنتظرون .. شيئاً ..
الثاني : نعم !.. ماذا ننتظر ؟
الثالث : أنتم يا سادة ، لا تنتظرون شيئا .
الأول : ماذا !
الثالث : نعم .. أنتم لا تنتظرون أي شيئ ..
الثاني : نحن لا ننتظر شيء ، ومن سبقونا ، ومن سيأتي بعدنا ..
الثالث : جميعكم لا تنتظرون أي شيء ، تجلسون وتنتظرون وحسب .
الثاني : هذا ، هذا غير منطقي تماما ..
الثالث : حتى المنطق الذي تتحدثون عنه مجرد وهم ، وهم من الاوهام التي تراكمت لديكم .. وتعتقدون أنها حقائق ، حالها حال حقائق كاذبة كثيرة ..
الاول : هل تقصد أن هناك الكثير من حقائقنا هي مجرد أوهام ؟
الثالث : كل شيء تقريبا مجرد أوهام .. سواي أنا ..
الثاني : أنت !
الثالث : نعم ..
الثاني : ومن أنت ؟
الثالث : أنا ، أنا لا أحد ..
الاول : لا أحد ..
الثالث : نعم أنا لست شيئا مهما أبدا .. أنا مجرد شخص ، جئت فقط لاخبركم أن وقتكم قد انتهى ، وعليكم مغادرة هذا المكان الان .. انتهى الوقت المحدد لكم ..
الثاني : تقصد أننا ننتظرك أنت فقط ، ننتظر أن تأتي أنت ، لتخبرنا أن وقتنا قد انتهى ، هل هذا كل شيء فعلا ؟
الثالث : نعم هذا كل شيء .. هيا .. إخرجوا من هنا ..
الاول : إنتهى كل شيء ..؟
الثاني : هل هذا كل شيء !
الثالث : إخرجوا ..
( يخرجون جميعا )
- ستار –
سامسون – تركيا
10 /8 /2018
للتواصل مع الكاتب في حالة الرغبة بتنفيذ النص