حوارات

المسرح نيوز يقدم “ركن السؤال الراهن” المسرحي السعودي د. سامي الجمعان: المعطى المسرحي العربي ليس في أفضل حالاته، والتجارب القابلة للتطوّر قليلة


المسرح نيوز ـ القاهرة| حوارات

ـ

ركن « سؤال الراهن »

فكرة وإعداد: حامد محضاوي

إشراف: صفاء البيلي

الناقد حامد محضاوي
الناقد حامد محضاوي

ركن ينتمي لجدارة السؤال في السياق المسرحي الحالي، لا يبنى على أرشفة التصنيف أو أحاديّة الإقناع. ركن يبحث عن حقيقة؛ هناك حقيقة وهناك الحقيقة بأل التعريف والسعي نحو حقيقة ما، وليس الحقيقة. وبهذا المعنى فهي معرفة نسبيّة دائما ولكنّها تتضمّن بذرة من المطلق دون أن تكون هي المطلق. هي كما يقول إدوارد الخرّاط: ” حقيقة دائما أيضا نسبيّة بمعنى أنّها ليست نسقا في الفن فلسفيّا أو معرفيّا كاملة “. بهذا المعنى لا يمكن أن تكون إجابة شاملة ومحيطة بالمعنى ككلّ. هي دائما – كما أرجو – ذهاب إلى أعمق فأعمق بدون الوصول إلى تشكّل راكد.

من هنا أرى « سؤال الراهن » كرافعة لتنضيج المعنى الإشكالي، ورسم مآل متشابك للرؤى المسرحيّة، وليس تجميعا مسقطا للهواجس والتعاريف. لست أظنّ أنّ من مهام المسرح أن يضع حلولا أو يجيب عن أسئلة، مجرّد وضع سؤال في السياق المسرحي هو كلّ ما أسعى إليه عبر هذا الركن.

ركن « سؤال الراهن » محمل تساؤلي عبر جملة الأسماء المتدخّلة، في إطار تثمين التشبيك اللحظوي من خلال تيمات « الراهني » و « الآن وهنا » ابتعاد عن الإخبار الصحفي واقتراب من جدوى التفكّر في السياق المسرحي. عبر أسئلة عشر تطرح لكلّ ضيف نحاول بناء لحظة جدليّة نافذة وفاعلة في رهان التشكّل العام.

يسرّنا في هذا الركن استقبال المسرحي السعودي

« سامي الجمعان » 

في مساحته الحرّة، بين الذات وتفاعلها الراهني في الآن وهنا.

 د. سامي الجمعان

من أنت الآن في المسرح؟

 

أنا مسرحي مجتهد، عشقت المسرح وجعلته من أولويّات حياتي. أفنيت الكثير من سنين العمر من أجله، وبنيت عليه مشاريع حياتي متنوّعة بقصد خدمة مجتمعي وصناعة تحقيق فعلي لحياتي.

 

ما مضى منك في المسرح: ما بقى وما سقط؟

 

مضى منّي عمر استمتعت به وعشت من أجله، وسقط الكثير أيضا من الطموحات والتطلّعات والامنيات.

 

في الراهني الآن، ما هي درجات التمثّل الجمالي التى تراها قادرة على بناء العرض المسرحي بأبعاده المختلفة؟

 

مازلت أرى أنّ الحكاية بقوّتها وجاذبيّتها هي القادرة على صناعة العرض المسرحي. هي السرّ الخفي الذي يبني العرض ويصنع جماليّاته المبهجة، ولكن ليست الحكايا السّاذجة بل المبتكرة، التي لا تستغني بطبيعة الحال عن المستجدّات بكلّ أشكالها.

 

في الآن وهنا، ما هو انطباعك على المعطى المسرحي العربي الحالي في مستوياته: الجماليّة والأكاديميّة والهيكليّة؟

 

المعطى المسرحي العربي بصورة عامّة ليس في أفضل حالاته. هو يمرّ بأزمة رؤى، وأزمة تفسّخ من الجديّة والعمق، فنيا هو بحاجة إلى تعميق رؤى وبحاجة إلى مراجعة في الطرح. أمّا أكاديميّا، فهناك اشتغالات جيّدة تستحق الاحترام. كما أنّ ثمّة استسهال في مقاربة المسرح فكريّا. وهذا الاستسهال نتج عن قلّة وعي بخطورة أن تقارب فنا عميقا كالمسرح. هيكليّا، ثمّة تداعي في التنظيم للحراك المسرحي نتج عن عدم اهتمام الجهات الحكوميّة بقيمة المسرح وبخطره، والتعاطي معه بوصفه من كماليّات الدولة لا من أساسيّاتها.

 

في الراهني الآن، مدى وجاهة التطوّر في الاشتغالات الحالية للذائقة المسرحيّة العربيّة مقارنة بغيرها؟

 

أنت حكمت على أنّ الأمر مرتبط بالتطوّر، والحقيقة أنّ التجارب القابلة للتطوّر في المسرح العربي قليلة، اذا ما قورنت بمثيلاتها في أوروبا على سبيل المثال. وأنّنا هنا نعني أنّ التطوّر المسرحي العربي يدور في حلقة مفرغة من التكرار وعدم التقدّم، مع أنّ الجهود المبذولة من البعض وليس الكلّ جهود كبيرة.

 

في الآن وهنا، أي درجة تُخرج فيها الوسائط التقنيّة والتكنولوجيّة العرض عن كونه مسرحا؟

 

 

التكنولوجيا باتت واقعا لايمكن التنصّل منه، لكن وجودها لا يمنعنا من الابقاء على المسرح بنفسه وروحه الأصيلة. وكلّ ما أخشى أن نبحث يوما عن الممثّل وعن الحكاية وعن جو المسرح الحقيقي، فنكتشف أنّ التكنولوجيا الرقميّة أقصتهم تماما من اللعبة، فأنتجنا حالة بعيدة عن المسرح. أنا مع استثمار هذه الإمكانات الهائلة، لكن لا يتوجّب نفس فكرة العرض المسرحي بتقليديّته المعروفة.

 

في الراهني الآن، مدى أهميّة التنظير المسرحي وحضور المعطى الفكري والفلسفي والثقافي في مدى الفعل المسرحي القائم؟

 

التنظير ضرورة لا تختصّ بالمسرح بل بكلّ مظاهر الحياة. كون النظريّة ترسّخ للفعل وتجعله ممنهجا، فما بالنا بالمسرح الذي هو مجال للابتكار والإبداع والتنوّع، وملاحقة النظريّة والدراسة لمنجزه يصنع عالما موازيا، له طابع نقدي فكري يوجّه الابداع ويرسم له طرقا ممنهجة.

 

في الآن وهنا، قيمة الجدل في الساحة المسرحيّة تعود لاختلاف الرؤى المسرحيّة أم لبناء الصفة الذاتيّة والتموضع؟ أي تمثّلات لهذه أو تلك؟

 

بكلّ أسف أقولها، صارت الحروب في المسرح ذاتيّة تبني الذات أكثر من بناء حالة مسرحيّة عميقة الرؤى. تمّ استبخاس المشاريع الكبرى من أجل اُمور شخصيّة تافهة لا تقدّم ولا تؤخّر، وهذا عائد لاستشراء الذاتيّة في الفعل المسرحي، والتكالب على المكاسب.

 

في الراهني الآن، أذكر لكلّ من هؤلاء وصيّة: المخرج، الممثل، الكاتب المسرحي، الناقد، المتلقي، الهياكل المهتمّة بالمسرح.

 

وصيّتي للمخرج أن يبحث عن مبتكرات مسرحيّة جديدة ويبتعد عن التكرار والتقليد أمّا الكاتب فعليه أن يستوعب بأنّ النص المسرحي لم يعد يسيرا وسهلا، بل هو ابتكار وتجدّد وبحث ومقولة خالدة. أمّا الممثّل فأراه دمية فقدت حضورها نتيجة قصور وعيه وثقافته وفهمه لأهمّيته على الخشبة. التمثيل صناعة مجهدة تتطلّب تحضيرا وإعدادا كبيرين. وللناقد أقول اكتب لتخلد، لا لأن تقول أنا حاضر في المشهد، واحذر التطبيل فهو مقبرتك. المتلقّي الذي انزوى بعيدا، أقول المسرح أحد مسؤوليّاتك، فيتوجّب أن تكون معنا في صناعة اللعبة. أمّا هياكل المسرح فعليها واجب ضخم ينبغي أن يخرج من حيّز البيروقراطيّة وينظّم بوعي ويصنع استراتيجيات.

 

في الآن وهنا، هل يمكن من سؤال الراهن استشراف ممارسة المسرح في المستقبل؟

 

المسرح يتعرّض لخطر الانحسار من المشهد، وعلى كلّ مسرحي أن يبذل جهده حتى يرى مسرحه حاضرا في مستقبل الحياة الآتي.

 

مساحة حرّة لاختلاج راهني لم نتحدّث فيه؟

 

كلّ الشكر والامتنان.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock