المسرح نيوز ـ القاهرة | د. تامر فايز*
مدرس المسرح بآداب القاهرة و المستشار الفني للكلية
في محفل قيِّم قدم فريق مسرح كلية الآداب جامعة القاهرة – والذي أفخر بالإشراف عليه ضمن اللجنة الفنية بالكلية – عرضًا قيمًا لمسرحية طقوس الإشارات والتحولات للراحل المبدع سعدالله ونوس.
اللافت حقًّا لمن يقرأ هذه المسرحية أنها تُوقع المتلقي في براثن التساؤلات التي تمس كثيرًا من الحقائق داخل النفس البشرية. هل لابد للإنسان من ظاهر وباطن كي يتمكن من العيش وسط الناس؟ هل يمكن للإنسان أن يتحول من قمة التقوى والشرف إلى السقوط في غيابات الرزيلة والآثام؟
هكذا تبدو فلسفة سعدالله ونوس، تلك التي بنيت على فلسفة وجوهر المسرح الباحث عن الحقائق الإنسانية الجوهرية التي تدفع الإنسان إلى التساؤل حول الكيفيات التي تمكنه من أن يحيا حياة يتحقق له فيها الحرية ومن ثمَّ السعادة.
لقد تحررت مؤمنة (زوجة نقيب الأشراف) في المسرحية مما أسمته قيدًا فُرض عليها عبر الزواج الروتيني/ دون اختيار منها، وتحرر العفصة المخنث المتحول من أسر القيد كله عبر إقدامه على الانتحار لما أصابه عند رغبته في التحرر من القيود الاجتماعية التي فرضت علية العيش بثنائية الظاهر والباطن، وتحرر المفتي داخل المسرحية من تلك القيود التي فرضت عليه عبر الوجاهة الاجتماعية والوظيفة المرموقة، ليترك ذاته يستمتع بما أراده في حياته.
يبقى المسرح عبر هذه النماذج الفنية المسرحية القيمة معبرًا عمَّا يجول في أعماق البشر، الذين يرغبون دومًا في فن يحقق لهم رغباتهم الدفينة التي تُقتل في طياتها لقيد أو آخر. ورغم إعلان ونوس أن شخصياته ليست رموزًا لأشياء بعينها، فإن شخصياته تبقى رموزًا لحقائق البشرية الدفينة، إنها رموز للإشارات والتحولات، إنها رموز للتساؤلات.
استحقت هذه المسرحية ما بذله فريق مسرح كلية الآداب جامعة القاهرة من مجهود لإخراجها على وجهها الأفضل؛ فجاء الصراع – لا سيما الداخلي – جليًّا في حركة الشخصيات عبر القول والفعل، كما تم تدعيم ذلك عبر قدرات الممثلين، وتلك الديكورات والأزياء وفنون الإضاءة التي وضعت المتلقي موضع التساؤلات التي تفرضها طبيعة هذا النص المسرحي القيِّم.
قام بدور المفتي عماد الشرقاوي الذي أخرج العرض بشكل جيد، وقام بدور العفصة هشام أبو زيد، وقامت دنيا هريدي بدور مؤمنة.
