مسرحية زيارة السيد الوزير.. تأليف د. هشام زين الدين

المسرح نيوز ـ القاهرة ـ نصوص مسرحية

ـ

مسرحية.. “زيارة السيد الوزير”

تأليف: د. هشام زين الدين *

مسرحي وأكاديمي لبناني

ـ

 

الفصل الأول

الديكور:

(بيت عادي، مستوى الأثاث يوحي بالفقر، يوجد على الخشبة طاولة، كراسي، مقاعد، باب للمدخل وباب للحمام).

( يبدأ الفصل الأول قبل فتح الستار بقليل حيث يُسمع الحوار الآتي مسجلاً ويعاد لمرتين على الأقل)

صوت 1: شو اسمك ؟

صوت 2: إسمي عبدو سيدنا …

صوت 1: كم ولد عندك ؟

صوت 2: ما عندي ولاد سيدنا …

صوت 1: شو بتشتغل ؟

صوت 2: عاطل عن العمل سيدنا …

صوت 1: في شوب كتير اليوم …

صوت 2: صح سيدنا …

صوت 1: لأ … في برد كتير اليوم…

صوت 2: صح سيدنا …

صوت 1: شوب أو برد… شو رأيك…؟

صوت 2: مثل ما بدك سيدنا…

صوت 1: طيب لازم نمشي لأنو الطريق طويل… شكراً يا عبدو…

صوت 2: شكراً لتشريفك سيدنا…

(يفتح الستار فنرى عبدو واقفاً في وسط الخشبة مسحوراً ومأخوذاً بما حصل، ويقف على الخشبة مجموعة من الدمى يمكن أن يلعبوا دور الكورس أحياناً ودور الناس أحياناً أخرى. الدمى معلقة على حبل الغسيل داخل المنزل كأنها ثياب مغسولة، ويمكن فكها وتركيبها عند الحاجة).

الدمى: هالخبرية عمرا سنين، عمرا ميّات السنين… كانت خبرية، صارت مسرحيه، ألخبريه

       حقيقيه، والمسرحيه وهميه… والدني خبرية حقيقية والدني كمان مسرحيه وهميه…

        ونحنا الناس، نحنا الممثلين… بلشت الخبرية، بلشت المسرحيه… في حدا جايي…

       حضّر حالك يا عبدو… إنت أهم واحد بالبلد هلق… شوف حالك يا عبدو… في حدا

       جايي.

(يسمع صوت وقع أقدام، ثم يدخل عنتر مسرعاً، يتوقف أمام عبدو وينظر إليه بدهشة وإعجاب شديدين، يبقى عبدو واقفاً باعتزاز ولا ينظر إلى عنتر)

عنتر:(باستغراب وفرحة وتعجُّب) مزبوطة الخبرية…؟؟(عبدو لا يجيب، يتباهى بنفسه صامتاً،

يبدو سعيداً جداً) عبدو… شفتو عن جد؟؟؟ حكيت معو..؟؟؟ عبدو…(يدور حوله)…

خبرني كيف؟؟؟(عبدو لا يجيب، يصرخ به) حكي … خبرني كيف… شفتو عن جد؟…

       بلحمو وبدمو؟… هوي مرق وميّل لعندك؟… هيك بهالبساطة… هـــا ..؟؟؟ هــا

..؟؟؟ (يبقى عبدو صامتاً ويزداد افتخاره بنفسه كل ما توسّل اليه عنترالذي يزداد شوقاً

لمعرفة ما حصل).

عنتر:(لا يحتمل الانتظار أكثر، يركع أمامه) بترجاك… ببوس إيدك وإجرك، خبرني… سيدنا

      مرق من عندك… مزبوط … ها…؟ (يبكي بشدة) حرام عليك، ما في بقلبك رحمه…

      شايفني عمبترجّاك (يمسح دموعه ويقبل له قدميه)… هيك بدّك… (يقبل قدميه مرة

أخرى) … مبسوط… (يبكي وهو يقبل قدميه) يا ألله… يا ألله… طيب شو بتخسر إذا

      خبرتني…(يجهش بالبكاء بصوت عال).

عبدو: طيب خلص خلص… روق … ولك روق… هلق بخبرك…

(عنتر يسكت فجأة ويوقف البكاء ويتحول إلى مستمع بكل اهتمام وبسعادة لا توصف)

عبدو: قللي شو إسمك… قلتلّو عبدو سيدنا…

      قللي كم ولد عندك… قلتللو ما عندي ولاد سيدنا…

       قللي شو بتشتغل… قلتللو عاطل عن العمل سيدنا…

       قللي في شوب كتير اليوم… قلتللو صح سيدنا…

      قللي لأ… في برد كتير اليوم… قلتللو صح سيدنا…

      قللي … شوب أو برد؟؟؟ شو رأيك…؟ قلتللو متل ما بدك سيدنا…

       قللي طيب لازم نمشي لأنو الطريق طويل…شكراً يا عبدو… قلتللو شكراً لتشريفك

       سيدنا…  وراح…

عنتر: (مسحوراً بما حدث)… وراح… سيدنا مرق من هون وراح!!؟…

الدمى: سيدنا مرق … سيدنا راح… سيدنا مرق… سيدنا راح…

عنتر: عبدو… (يعانقه ويقبله) حبيبي أبو العبابيد…

(يمثل المشهد بنفسه بمبالغة وسعادة كما يتخيّله هو) (مقلّداً السيد) شو إسمك

(مقلداً عبدو) إسمي عبدو سيدنا…

(مقلداً السيد) كم ولد عندك

(مقلداً عبدو) ما عندي ولاد سيدنا...

(مقلداً السيد) شو بتشتغل…؟

عاطل عن العمل سيدنا…

       في شوب كتير اليوم…  

       صح سيدنا…

       لأ في برد كتير اليوم…

       صح سيدنا…

       شوب أو برد … أنت شو رأيك…؟

       متل ما بدك سيدنا…

      طيب لازم نمشي لأنو الطريق طويل… شكراً يا عبدو…

      شكراً لتشريفك سيدنا…

(عنتر ينفجر من الضحك والفرح بسعادة مطلقة، يرقص ويعانق عبدو ويقبله، وعبدو

أيضاً في حالة من السعادة القصوى)

الدمى: انتبهوا … في حدا جايي… أنتو أهم اتنين بالبلد هلق… في حدا جايي… حضّروا

      حالكن… شوفوا حالكن…

(يسمع صوت من الخارج ، عبدو وعنتر يتهيئان للقادم، تدخل نهلا زوجة عبدو لاهثة)

نهلا: لا… مش معقوله… مش معقوله يكون اللي سمعتو مزبوط… عبدو… قللي إني

      عمبحلم… مش معقوله… سيدنا كان هون ببيتنا… فات دعس على أرضنا ومشي

       عليها… لالالا مش معقولة… عبدو، قللي قبل ما يطيرو عقلاتي… مش معقوله، مش

       معقوله، مش معقوله… (تنظر إلى عبدو وعنتر الواقفين في حال اعتزاز بالنفس

وكبرياء مفتعل وجمود)… حدا يحكيلو شي كلمة… شو قصتكن…؟ (تلمسهم) يا

       تعتيري… شو بكن مسحورين؟

عبدو: لا … هيدي بيسموها قشعة حال… 

نهلا: قشعة حال عليي يا مهابيل إنت وياه… 

عنتر: الحق عالغسيلات… هنّي قالولنا شوفوا حالكن… أنتو أهم اتنين بالبلد… 

نهلا: أيه هلق صرنا أهم ثلاثه… صح يا غسيلاتي يا حبيباتي… 

الدمى: صح… هلق صرتوا أهم ثلاثه… شوفوا حالكن… 

نهلا: يللا علموني كيف بيشوفوا حالن… وعجلوا خبروني… رح طق… 

عبدو: نهلا… سيدنا كان هون… 

نهلا: يعني مزبوطة الخبرية؟… 

الدمى: الخبرية حقيقية … نحنا كنا شهود… شفنا الوزير مرق… شفنا الوزير راح… مزبوطة

      الخبرية… 

نهلا: سيدنا بذاتو…؟ بدي إضحك… زكزكني يا عبدو… (عبدو يدغدغها وهي تضحك) شو

     إجا يعمل عنا…؟ (تضحك من جديد) … وشاف الغسيلات؟… بيكون جرّصنا… يا عيب

     الشوم منّو… وشو عمل؟ … خبروني شو صار…؟

(عنتر ينتفض فوراً لإخبارها بما حدث)

عنتر: (مقلّداً السيد) شو إسمك…؟ (وينظر إلى عبدو) …

عبدو: (يمثّل دوره) إسمي عبدو سيدنا

عنتر: كم ولد عندك…؟

عبدو: ما عندي ولاد سيدنا… 

عنتر: (بجدية) شو بتشتغل…؟

عبدو: عاطل عن العمل سيدنا… 

عنتر: هممم… (يفكر) في شوب كتير اليوم… 

عبدو: صح سيدنا… 

عنتر: أووف.. (يفكر) لأ في برد كتير اليوم… 

عبدو: صح سيدنا … 

عنتر: (ينظر إلى عبدو عابساً) شوب أو برد ، شو رأيك…؟

عبدو: مثل ما بدك سيدنا… 

عنتر: (بجدية مبالغ فيها) طيب لازم نمشي، لأنو الطريق طويل… شكراً يا عبدو… 

عبدو: شكراً لتشريفك سيدنا…

عنتر: (متأثّراً بدور السيد) مزبوط…؟؟؟

عبدو: (ممازحاً) طبعاً طبعاً سيدنا… 

عنتر: (بجدية) الوضع خطير … ونحنا على شفير الهاوية… 

عبدو: (ممازحاً) البركة فيك سيدنا…

عنتر: (بجدية وتقمص لدور الوزير) وين الحرس؟… وين الشوفار…؟

عبدو: (ممازحاً) ناطرينك برّا سيدنا… 

عنتر: (منهياً دوره)  وراح… 

نهلا: وراح…!!؟(تضرب وجهها بنفسها) ولشو انقبر فلّ من البيت أنا…لشو انقبر فل… تفو

      تفو تفو عليي شو هبلا… لو بقيت هون كنت شفتو… سبحان اللي خلقو شو هالحكيات

      وهالفهم.

عنتر: (بسعادة) وشو هالهيبه وهالمركز وهالصوت الجمهوري…

عبدو: (بسعادة) يا سلام… كيف الإنسان ما بيكون حاسس بالسعاده… وفجأة… بتطب عليه،

       هيك… خبط لزق… قدر…

الدمى: في حدا جايي… شوفوا حالكن… أنتو أهم ثلاثة بالبلد… شوفوا حالكن… 

(يسمع صوت وقع أقدام من الخارج)

عنتر: يمكن مرتي… 

عبدو: شوفوا حالكن… شوفوا حالكن… 

نهلا: أنا ما بدي شوف حالي… بدي خبرها… ما فيي أصبر… 

(يدخل حسونة)

نهلا: يـه، حسونة… هيدا إنت…؟!

حسونة: (يسلم على الدمى فرداً فرداً) كل الناس عرفوا بالخبرية… يا لطيف… يا معين…

        كأنو نابليون بونا بارت هو اللي مرق لعند عبدو… الناس ما راحت على أشغالا…

        واللي كان بشغلو رجع عالبيت… بيشرفي الناس حمير… بس كلن عميقولو إنو ورا

       هالزياره أكيد في شي سر كبير..

عنتر: أخوت يحكي وعاقل يفهم… سر متل شو يعني يا حسونة…؟

حسونة: عمتسألني رأيي… أنا برأيي وحسب رأيي… ما في شي مهم… ولو بدا تشتي

       غيمت… والمكتوب مبيّن من عنوانو… وسماتهم على وجوههم… وما كل ما يتمنى

       المرء يدركه، إن العبيد لأنجاس مناكيد… 

نهلا: حسونة… ضروب فرام… شو عمبيقولو الناس…؟ يعني كيف انصدموا بالخبرية…؟

حسونة: كيف انصدموا…؟ ذهلوا… صعقوا… كأنو سيدنا…كيف بدي قلك…شي إله… شي

       أكتر من إله… شعب حمار… 

عبدو: سكوت وليه… إنت لمّا يصير عندك مخ، بترجع بتحلّل… 

حسونة: أنا ما عندي مخ…؟؟؟ طيب لشو عمتسألوني…؟

عنتر: يسلم تمك أستاذ عبدو… اللي ما عندو مخ… مش لازم يتفلسف… 

عبدو: (يضحك) قلتلي استاذ…؟

عنتر: لو ما إنت استاذ ما كان سيدنا اختارك من بين كل الناس… وما كان وقَّف قدام بيتك،

       ونزل بنفسو من سيارتو…

حسونة: (يقاطعه) ترجّل أحسن من نزل… الأسياد بيترجلوا… نحنا الشعب مننزل... (موجهاً

كلامه للدمى) صح يا أخوان؟

الدمى:  (باشارة منهم تعني نعم) صح…

حسونة: والله أنتو اللي بتفهموا…(يقترب من الدمى ويلمس إحداهم)من شو مصنوعين أنتو.؟

الدمى: من قماش وكرتون… 

حسونة: بس شكلكن متل الناس… فكرتكن ناس… 

الدمى: إذا شكلنا مثل الناس… يعني نحنا ناس… الشكل هو الأساس… 

حسونة: يمكن معكن حق… ويمكن ما معكن حق… 

عبدو: ولك بلا طق حنك يا حسونة… عمتحكي مع حبل الغسيل يا هبله..؟

حسونة: لأ، هو عميحكي معي… 

عبدو: إذا عمتحكوا مع بعضكن… إيه رح علّقك حدن… لأنك فاضي متلن… 

حسونة: يعني والله، إذا أنتو المليانين… أنا موافق كون فاضي… ولك علقني حدن… 

عبدو: عن جد بعلّقك… 

حسونة: علّقني أشرفلي… 

عبدو:  (يمسك حسونة ويعلّقه على حبل الغسيل) وهلق تفضل تابع أخ عنتر… 

عنتر: إذن يا أستاذ عبدو… لو ما سيدنا قصد يقابلك إنت بالذات… ما كان نزل لعندك… إجا

       لهون،(يتحرّك على المسرح بسعادة ومبالغة في الأحاسيس) كان هون محل ما نحنا هلّق

       واقفين... (تدمع عيناه) يا سلام… (يعانق عبدو) أنا كنت شوفو عالتلفزيون… شو

       هالشخصية!!…كان حلمي إني شوفو شخصي… سلّم عليه، إحكي معو، وقللو يدخلني

      عالجيش... (يبكي) بس إنا حظّي عاطل… نحنا كلنا بالبيت حظنا عاطل… من أيام

       جدودي، كل عمرنا فقرا ومعترين… كنت ناوي قللو لو أنا شفتو لسيدنا… سيدنا،

       غيرلنا حظنا… غيرلنا حياتنا… نحنا منحبك… غيرلنا قدرنا… غيرلنا شي… أي

       شي…؟ (يبكي)

حسونة: (هازئاً) مأساة القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين إذا ألله راد

نهلا: خلص بقا يا حسونة…عنتر…(تقترب منه) هلق شو في لزوم للبكي…مش معقوله شو

بتبكي إنت يا زلمي… كل حياتك بكي ببكي… ولو، ما إسمك عنتر… ما بيسوا… 

الدمى: عنتر بطل من أبطال التاريخ العربي… عنتر ما بيبكي… البطل ما بيبكي… 

حسونة: حلوووووو… والله الغسيلات بيفهموا أكتر من اللي بيلبسوهن… 

عنتر: (يمسح دموعه) قولكن رح يميّل بالرجعه…؟

حسونة: (يضحك بشدة) إذا... (يضحك من جديد) دخيلكن ما عاد فيي…

(الجميع يضحك بما فيهم الدمى عل ضحك حسونة)

نهلا: نيال الما عندو مخ شو بالو مرتاح… 

حسونة: مسكر بابو عالماضي وناسي المفتاح… هيدي غنيه تراثيه… 

عبدو: بيشرفي هيدا حسونة ومع إنو هيك، بس بيشيل الهم عن القلب…ألله يساعدو حرام…

(يكلم حسونة) فك حالك وتعا قعود هون مثل الناس…

حسونة: لا شكراً هون مرتاح أكتر… حلو الواحد يحس حالو مغسّل ونظيف… ما في عليه

        أوساخ، سياسية واجتماعية وفكرية وانسانية وبيئية ووزارية ونيابية وداخلية

        وخارجية… أووف ما عاد فيي…(يسمع صوت زلغطة من الخارج)

الدمى: في حدا جايي… شوفو حالكن… في حدا جايي… أنتو أهم أربعه بالبلد… 

حسونة: لا أنا مش مهم… 

الدمى: بالناقص واحد… أنتو أهم ثلاثه… شوفو حالكن…

(تدخل عبلا وهي تزلغط)

عبلا: إي ويها وعبدو هل الهنا بدارو.

      إي ويها لمّا سيدنا زارو.

      إي ويها وفرحت الدنيا كلها

      والبيت عمبتزقزق حجارو

(الدمى تزلغط مع عبلا)

نهلا: إي ويها وأهلا وسهلا ومرحبا.

     ولسيدنا رح تركع شيوخ العبا.

     زارنا وهل الهنا بدارنا.

     وريحة قدومو ما أطيبا.

(الدمى تزلغط مع نهلا) (مع دخول نهلا، تفك الدمى نفسها عن حبل الغسيل وكأنها وصلت

مع نهلا كأشخاص من أهل البلدة، بعد الزلغطة يصطف الجميع من الممثلين والدمى

ويعبروا عن فرحهم بالرقص والدبكة اللبنانية بشكل مختصر،خليط من الدلعونا والهوارة

وغيرهما. بعد الانتهاء من الرقص والاحتفال، الجميع يسلمون على بعضهم البعض كأنهم

في مناسبة فرح)

عبلا: (تعانق نهلا وتقبلها) مبروك مبروك يا حياتي…

نهلا: (تقبلها) عقبال عندك… شو من أيمتا حبله صمالله… أوعى الولد…

عبلا: بيروح منجيب غيرو… فدا سيدنا وقدوم سيدنا لعنّا… مبروك يا عبدو… 

عبدو: كل إيامك فرح… 

حسونة:(وما زال معلقاً على حبل الغسيل لوحده) عقبالَ الفرحُ عندُ الجميعِ… صاحَ الحذاءِ

        بأيٍّ ذنبٌ أضربِ… 

عنتر: (بجدية ومسؤولية) حسونة… إذا ما عمتفهم قديه مهم هالحدث التاريخي، خليك على

      جنب وبدون انطباعات شاعريه… فك حالك يا هبله… 

حسونة: شكراً… من هون شايف الصوره أوضح… 

عبلا: يا سلام…يا سلام شو هاليوم…في ناس شافو سيدنا طالع من هون، وحدّو هالمرافقين

      والحرس والسيارات السودا الكبيره، ما صدّقوا…صاروا يقولوا سيدنا إجا لعند عبدو…

      سيدنا إجا لعند عبدو؟؟!!…

حسونة: لأنو ما في ولا سيد بيجي لعند عبدو… دايماً العبد بيروح لعند سيدو… (يضحك) 

نهلا: سماع يا حسونة… أو بالأحرى سكِّر بوزك…

(الجميع يتحدثون موافقين على أن حسونة يجب أن ” يُسَكِّر بوزَه”)

حسونة: يخليلنا ياكن يا رب… كلكن لطف… 

عنتر: يا أستاذ عبدو… 

عبدو: دخيلك بلا أستاذ… مش معود عالاحترام… خليني عبدو حاف… 

عنتر: إنتو المشهورين كلكن هيك… بتحبوا تتواضعوا… 

نهلا:  (تنتفض من مكانها وتعانق عبدو وتقبله قبلة قوية وسريعة) يا حبيبي صرت مشهور… 

حسونة: ومن الحبُّ ما قتلْ، وأسمعتْ كلماتي من به صممِ… 

عبلا: طيب يا عمي كيف صارت القصه…؟ خبرونا هيي مزبوطه… صرت سامعتا من شي

     عشرين واحد، وكل واحد خبرني ياها شي… 

(يشارك بإخبار عبلا كل الحاضرين)

أحدهم: شو إسمك…؟

غيره: إسمي عبدو سيدنا… 

آخر: كم ولد عندك…؟

آخر: ما عندي ولاد سيدنا… 

آخر: شو بتشتغل…؟

آخر: عاطل عن العمل سيدنا… 

آخر: في شوب كتير اليوم… 

آخر: صح سيدنا… 

آخر: لأ في برد كتير اليوم… 

آخر: صح سيدنا… 

آخر: شوب أو برد… شو رأيك…؟

آخر: مثل ما بدك سيدنا… 

آخر: طيب لازم نمشي لأنو الطريق طويل… شكراً يا عبدو… 

آخر: شكراً لتشريفك سيدنا… 

آخر: الوضع خطير ونحنا على شفير الهاويه… 

آخر: البركة فيك سيدنا… 

آخر: (بمبالغة) وين الحرس وين الشوفار…؟

آخر: ناطرينك برّا سيدنا… 

آخر: (بمبالغة) شو هالبلد هيدا…؟ تفو تفو عليكن… 

آخر: يسلم تمك سيدنا… 

آخر: (بمبالغة) لازم ينهدم كللو عالأرض… 

آخر: لازم لازم سيدنا… 

آخر: واللي بيرفع راسو أو بيفتح تمو… بيتكسّر راسو وبيتسكّر تمو… 

آخر: أمرك سيدنا… 

آخر: ليش ما عندكن طرقات وزفت وعمران… ليش؟؟؟

آخر: لأنو سيدنا ما… 

آخر: لازم تتحركو… العمى شو إنتو بلا مخ… 

آخر: معك حق سيدنا… 

آخر: شو هالشعب هيدا… شعب جبان بدو حرق… 

آخر: صح سيدنا… 

آخر: تخلف، جهل، حمرنة… 

آخر: بالضبط سيدنا… 

نهلا: (في دور السيد) أنا رح أمرق من هون بالرجعه… وببقى بشوف شو رح أعمل...

      تفو… 

عنتر: الله معك سيدنا… الله يطول عمرك سيدنا… 

(نهلا تخرج نحو المدخل وهي في دور السيد والكل ينظر اليها)

عبدو: (محاولاً الاعتراض) لأ مش هيك…!

نهلا: (تصرخ بقوة) انت خراس… 

عبدو: بس مش هيك قال… 

أحدهم: بلا هيك وستين هيك كمان… 

آخر: ما تضحك علينا يا عبدو… نحنا صحيح حمير بس منفهم كمان… اذا مش قدك أكثر

     منك، ولازم نعرف كل شي عميصير عنا وبيتعلّق بمصيرنا… 

حسونة: هلق زبط الفيلم… 

نهلا: سكر بوزك إنت يا سيد حسونة… 

حسونة: أمرك سيدنا أمرك… نهلا، خلص رجعي لطبيعتك… ما بدا كل هيك.

عنتر: طيب يا جماعه… تفضلو ارتاحو خلينا نتفاهم عارواق… وكل واحد عندو رأي

      يعطيه… 

نهلا: وكل وحده كمان… 

عبلا: أكيد… شي ديموقراطي يعني… صح أستاذ عبدو…؟

عبدو: ديمو شو…؟

عنتر: قراطي… هيدي كلمة أصلا أجنبي من بلاد الغرب الاستعماري… 

عبدو: وشو معناها…؟

عنتر: يعني كل واحد متل ما بدو بيعمل… ومين ما بدو بيسب… وشو ما بدو بيحكي…

      بيطبش بيكسّر ما حدا بيقللو وينك.

عبدو: (يفكر) مين ما بدك فيك تسب، وما بيصرلك شي…؟

حسونة: (بذكاء) هلق خلونا بالموضوع… موضوع زيارة سيدكن لعبدو… أو مفكرينها هيك

       زياره بدون سبب… ورا هالزياره في سبب كتير مهم، كتير كتير كتير مهم… 

عنتر: هالمره حسونة معو حق… لازم نعرف شو سببها… 

عبدو: يعني قولكن في وراها شي خطير…؟

عبلا: بلا طق حنك إنت وياه… ما في شي وراها… وتركو الفلسفه والتحليل للّي بيفهموا مع

      احترامي للجميع.

عنتر: يعني انا ما بفهم يا عبلا يا هبلا… 

عبلا: أنا هبلا يا عنتر يا… يا… يا مبيطر… 

عنتر: أنا مبيطر يا حبلة يا كذابة… 

عبلا: عمتقللي كذابة قدام الناس...(تشلح حذاءها وتضرب عنتر به)

حسونة: حلوه الديموقراطيه… 

عبدو: ما بيصير يا عنتر… ما بيصير يا عبلا… ما إنتو عيله وحدة… مش عيب تعملوا

       هيك.

حسونة: شو نسيتو إنو السيد، قصدي سيدكن بدو يميل بالرجعه… صح يا نهلا..؟ مش إنتي

       هلق قلتي؟

نهلا: أنا قللي عنتر… صح يا عنتر…؟

عنتر: أنا قللي عبدو… صح يا عبدو…؟

(الجميع ينظرون الى عبدو نظرات جائعة)

حسونة: شو يا عبدو… بدو يرجع…؟

(عبدو لا يدري بما يجيب)

دمية : الظاهر عبدو ما بدو حدا غيرو يستقبل سيدنا… ليك يا عبدو نحنا مش دمى قدامك

      هون… وسيدنا سيدنا لكلنا مش سيدك إلك وحدك…!

(الجميع يصفقون لها بحماس شديد)

عبدو:إذا كان هيك… متل ما بدكن بدو يرجع بدو يرجع… 

حسونة: لكن فكرو بالمطاليب… بالوظايف… بالمساعدات… بالوسايط… 

عنتر: إيه مزبوط… لازم نفكّر بالمطاليب… أنا ناوي قللو، سيدنا، فوتني عالجيش… بدي

      فوت عالجيش… أنا لبناني وبيحقللي فوت عالجيش… بدي قللو… (تدمع عيناه) من

      زمان أنا بحب الجيش… وهلق بس يرجع رح قللو… وبفوت عالجيش… وبأمّن

      مستقبلي… وبصير بمشي لابس البدلة المبرقطة والرانج بإجري… 

آخر: وأنا كمان بدي فوت عالجيش…

آخر: وأنا كمان بفوت… 

آخر: وأنا… بفوت أنا وخيي كمان… 

آخر: وأنا بدي فوت… شو ما بيطلعلي… 

حسونة: (يضحك) جيش بدو يفوت عالجيش… 

عبدو: عمتتمسخر يا حسونة… طيب… ما رح أعملّك واسطه مع سيدنا الوزير… غير ما

       تبسلي صباطي ما رح أعملّك واسطه… 

حسونة: أنا بدي بسلك صباتك… منعيش ومنشوف… 

عبدو: طبعاً حتى أعملّك واسطة مع سيدنا، بدك تبسلي صباتي… 

حسونة: ولك حاجي تقللي بسلك صباتك… العمى شو متعطّش للسلطة… 

عبدو: أنا ليش عمبحكي معك… واحد أهبل… 

حسونة: أنا أهبل…؟ طيب بكون أهبل إذا خبرتك ليش سيدكن مرق لعندك… 

عبدو: وإنت شو بيعرفك وشو بيفهمك…؟

حسونة: أنا…؟ أنا كل شي بعرف… ما بتمرق ولا دبانة بالجو، إلا وبعرفا إذا كانت ذكر أو

       أنثى… 

عبلا: وسيدنا…؟

حسونة: سيدكن… ذكر… 

عبلا: ولك بعرف أنو ذكر، بس ليش مرق لعند عبدو…؟

حسونة: مع إني أنا وحدي اللي بعرف ليش مرق، بس ما بدي إحكي… 

عبلا: وحياة الصبي اللي ببطني تقول… 

حسونة: لا لا لا… غير ما تعتذرو مني ما رح إحكي… 

عنتر: وليه حسونة، أنت وين شفتو لسيدنا…؟

عبدو: ولك شو بدكن فيه يا عمي… هيدا فناص… 

حسونة: نكاية فيك يا عبدو، رح خبّر عنتر… (لعنتر) على شرط بيضل الحكي سر بيناتنا… 

عنتر: لا تخاف، بير غميق… ولو يا زلمي…

(يقترب عنتر من حسونة الذي يهمس له بأذنه… وفور انتهاء الحديث بينهما) قال هو

       اللي شافو لسيدنا على الطريق وهو اللي دللو على بيت عبدو… 

حسونة: يخزي العين عنك شو غميق… 

عنتر: قال سيدنا وقّف حدو لحسونة وحسونة ما عرفو إنو هيدا سيدنا…سألو وين أقرب بيت

       للطريق، دللو على بيت عبدو… 

عبدو: شو يعني…؟

حسونة: وبعد في كتير… أنا بعرف أشيا كتيره… هو هوووو… بعرف ليش فات على بيت

        عبدو وشو كان بدّو… 

نهلا: طيب قول وخلّصنا… 

حسونة: بقول… بس بشرط… بتخلوني غنّي وبتردو ورايي…

(يوافق الجميع بإشارات وكلمات مختلفة)

حسونة: هيدي غنيه من الفولكلور والتراث الشعبي، وبهديها للكل، للكل للكل يعني، دون

        استثناء…

(يغني الأغنية ملحنة على طريقة الطرب الشرقي)

ما كل ما يتمنى المرء يدركــــه

        تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

        لا تشتر العبد إلّا والعصا معه

        إن العبيد لأنجــاس مناكيـــد

        شعب إذا ضرب الحذاء برأسـه

        صاح الحذاء بأي ذنب أضـرب

عبلا: (بعد انتهاء الأغنية) تضرب على هالغنيه اللي متل وجك… 

حسونة: يخليلنا ياكي يا رب… 

نهلا: لأ، الغنيه حلوه وفيها معاني كتير… 

حسونة: وإنتي كمان يخليلنا ياكي يا رب… (يغني) صاح الحذاء، يا ويلاه، بأي ذنب

         أضرب… 

عبلا: بضربو يا عنتر… بفجملو راسو بالسكربينه… 

عنتر: لا لا لا حرام… ليش بدك تضربيه… 

عبلا: مش في ديموقراطيه… أنا حرّة بدي أضربو بالسكربينه… 

حسونة: شو مفكري سكربينتك وسيلة إعلام… نزليها من إيدك… 

عبدو: أنا كعبدو… برفض إنو ببيتي ينحكى هيك حكي… 

عنتر: برافو أستاذ عبدو برافو… 

عبلا: أخ أخ… بطني أخ… 

عنتر: عبلا… هلق وقتا يا عبلا…  

عبلا: أيمتى لكن؟

عنتر: مش هلق مش هلق… مش شايفتينا مشغولين…؟!

عبلا: (تعود إلى طبيعتها)… طيب… 

عبدو: شو إجا الطلق… بركي بدها تخلّف… 

عنتر: خلص خلص… أجّلناها شوي… يللا خلصونا… فكّرو بسرعه قبل ما يرجع سيدنا…

       شو لازم نطلب منو مساعدات… لازم نستغل هالفرصه… 

عبدو: ليش نحنا قادرين نفكّر… قصدي نحنا منعرف نفكّر… 

حسونة: لازم تفكّرو… بلا تفكير لكن… ليك أنا بعرف إشيا كتير خطيره ورا هالزياره…

        فكرو وإلا بتروح عليكن…

(الجميع يفكرون بجدية… فترة صمت قصيرة)

حسونة: يا سلام… سكوت تام وما حدا فاتح تمّو… هيدي هيي الديموقراطية الحقيقية… 

(الجميع يتابعون التفكير والصمت)

حسونة: طيب أنا بدي ريحكن… أنا بعرف ليش فات سيدكن لعند عبدو وشو كان بدو…

         وعبدو كمان بيعرف لأنو هو شافو شو فات عمل… صح يا عبدو…؟

عبدو: شو عمل…؟ أنا شو بيفهمني بالسياسه… 

حسونة: وليه عبدو… قول الحقيقه وخلص بقا… قلن إنو فات عالحمام…

الجميع: عالحمام…؟؟؟!!!

حسونة: نعم عالحمام… شافني عالطريق… وقّف حدي… قللي قرب لهون… قربت… قللي

        وين في شي بيت قريب للطريق… قلتلو لشو…؟ بقدر أعرف…؟

أحدهم: وما شفت السيارة السودا يا حمار…؟

حسونة: حمار اللي خلفو بيك…سيارة دفن الموتى كمان سودا… المهم… قلتلو لشو… قللي

         محشور، بدي فوت عالحمام… 

أحدهم: لك روح يا عمي… شو ما في معو حمام بسيارتو… أنا شفت فلم بالتلفزيون، سياره

         مثل سيارة سيدنا، فيها تلفزيون وفيديو وكل شي… 

حسونة: اسمالله عليك شو فتح انت…أنا عمقلكن إنو ميّل لعند عبدو منشان يفوت عالحمام..

         وفات عالحمام… مزبوط يا عبدو…؟

أحدهم: مش ممكن يكون مزبوط… مش معقول… 

عبدو: ليك أنا بعتقد إنو سيدنا مش ممكن ينزل لهالمستوى…مش هيدا السبب…سيدنا أهم

       من هيك

حسونة: يعني ما فات…؟

نهلا: لا ما فات…(تنظر إلى جهة الحمام) مش معقولة يفوت… سيدنا وعظمتو، بيفوت

      عالحمام…؟

عنتر: نحنا بكل الأحوال ما رح نقبل إنو واحد أهبل متل حسونة يضيعنا… ويحرمنا من شوفتو

      لما يرجع… مش قلنا بدنا نفوت عالجيش وعنا مطاليب… ها…؟ أنا كل عمري ناطر

      هالفرصة… (قبل أن يبدأ البكاء) يا رب… يا رب… خللي سيدنا يميل بالرجعه… يا

       الله… إنت على كل شيء قدير… (عنتر يصلّي) …

عبلا: (تصرخ كأنها ستلد) آخ…

عنتر:(ينفجر متوتراً) مش وقتا هلق مش وقتا… مش شايفتيني عمصلي حتى يمرق سيدنا…

       يلعن أبو النسوان… (يبكي) ولك خلينا نعرف شو بدنا نعمل يا عمي… كل شوي آخ

       آخ… شو ما حدا خلّف غيرك… بعدين من وين أنتي حبلي ها…؟ من وين…؟

عبلا: لك روق روق… بلا فضايح… 

عنتر: (وهو يبكي) مبارح ما كنتي حبلي… اليوم دغري بالشهر التاسع… شو مفكري العالم

       هبلان.

نهلا: إيه صحيح كيف…؟

عبلا: عنتر قلتلك بلا فضايح… وبلا بكي… 

عنتر: بدي إبكي…بدي إبكي على حالي وعلى عيشتي وعلى حظي التعيس… قال شو عملت

حالا حبلي حتى لمّا يشوفا سيدنا تقللو بدا تخلف وما معا مصاري ويعطيا مساعده…

        حطت ببطنا قماش… سمعتوا… مرتي حبلي بقماش… ما انا متلك يا عبدو ما فيي

       خلّف… صرلي زمان بحاول… ما عم تزبط… نحنا كلّنا رجال بالإسم… ما فينا نحبّل

       نسواننا… تفو علينا تفو علينا.

عبلا: هيك يا عنتر… ضروري الفضايح…

(تخرج الحشوة من بطنها وتنشرها على الخشبة وهي عبارة عن قطع قماش ملونة) حسونة: الحمدالله عاقيامك بخير…

نهلا: (غاضبة) شو هيدا… مثل العصفورية… هيداك عميبكي وهيدي حبلة بقماش، وهيداك

     الهبله عميضحك، وعبدو مثل المسطول…وهوديك فاتحين تمامن وقاعدين مثل الدمى…

      إيه بدنا نفهم شي، قطيعة… بركي مرق سيدنا هلق… معقوله يلاقينا بهالهيئه متل

      المجانين…؟

حسونة: (بذكاء) ما هو أكيد بدو يرجع… أنا متأكد… قصدي… هو قللي بدو يرجع…

       منشان… منشان، لأنو هو… منشان الشعب يعني… هو قللي… إنو بيحب الشعب

       كتير… 

نهلا: هو قلّك…؟

حسونة: إيه طبعاً طبعاً… قللي أنا بحب الشعب كتيراً كتيراً كتيراً… ودمعت عينو… 

عنتر: (يبكي) لازم تكون زيارة سيدنا للتعرف على مشاكلنا… منشان هيك دمعت عينو…

      خلص يا شباب رح نفوت عالجيش… انا لازم فوت عالجيش… بدي أمن مستقبلي…

(يبكي بشدة).

عبدو: روق يا عنتر… ولو… ما إنت رجال

(يتجمعون حوله ويكلمونه محاولين تهدئته).

عبلا: كل ما يفكر بوضعو… بالمستقبل، بالوظيفه… بيصيبو هيك… 

نهلا: يا عبلا شو قصتو…؟ أوعا يموت لا سمح الله… 

حسونة: ما رح يموت… بركي رجع سيدكن… معقول يموت قبل ما يشوفو…؟

عنتر: ما رح موت قبل ما أمّن مستقبلي…

(ينهض وهو في حالة هستيريا) ما رح موت… أنا ما خلقت حتى موت هيك متل

      الصرصور… بدي شوفو… 

عبلا: عنتر…!!!

عنتر: (يقاطعها) ما حدا يحكي… كلكن خرسوا… أنا عنتر… بتعرفوا مين عنتر يعني…

        عنتر بطل من أبطال العرب… عنتر ما بيخاف من حدا… حتى من سيدنا الوزير…

        وهلق لما يجي رح قللو رأيي فيه… وبكل اللي متلو… (يصرخ بصوت عال) وبدو

        يزعل يزعل… يدق راسو بالحيط… 

عبدو: بلاها يا عنتر… روق روق وهدي أعصابك… 

عنتر: استاذ عبدو إذا بتريد… من بعد إذنك… خراس…

(يقف وقد أصبح بحالة هذيان يرتجل مشهداً متخيّلاً) أهلاً وسهلاً معالي الوزير… أهلاً

      سيد عنتر… كيف الأحوال…؟ كيفك إنت…؟ والله هالوزاره فيها تعب يا أستاذ عنتر…

      وعلى طول سفر ومشاريع واجتماعات… والله يا معالي الوزير، أنا كمان صار شغلي

      كتير ومسؤولياتي عمتكبر كل يوم… وعمفكّر إنزل عالإنتخابات… سيد عنتر، أنا

     بدعمك، وإلي الشرف الكبير… وأميركا شو بدا… بالنهاية يعني… أنا مش مرتاح

     لهالسياسة العنصرية… سيد عنتر رأيك بمحلو… وأنتو بالحكومة كمان… وبمجلس

     النواب وبكل الدوله مش عمتشتغلو مزبوط… بس يا سيد عنتر… لازم تغيرو هالسياسه

     وتهتموا شوي بالناس المعترين الفقرا… في ناس جوعانه وناس بردانه وفي ناس بدا

     تفوت عالجيش، بدا تأمّن مستقبلا…سمعت شو عمقلّك… طبعاً طبعاً سيد عنتر… ولازم

     تحكو مع الناس… الشعب… لأنو الشعب خطير يا معالي الوزير… خطير جداً… قنبلة

     موقوته… إذا الشعب يوماً أراد الحياة، لا بد أن يستجيب القدر والليل أن ينجلي… لا

     بد… الشعب خطير يا معالي الوزير… بس يا عنتر بيك الشعب مثل الغنم… لأ يا معالي

     الوزير… ما بقبل تحكي هيك عن الناس… حرام، حرام الناس يا معالي الوزير…

(يتحوّل الى الحزن والبكاء شيئاً فشيئاً) والله العظيم حرام الناس…الناس طيبين…ما بدن

      شي منكن… بدن يعيشوا بس… بدن ياكلو بس… بدن يتجوّزوا ويخلفوا بس… حرام

      الناس يا معالي الوزير… لأ مش غنم أبداً… ساعدون… أمنولن عيشه كريمه

       وحكموهن… هنّي ما بدن يحكموا… بدن ياكلوا… أنا كمان بدي آكل… أنا جوعان…

(يبكي) جوعان… أنا ناطرك… بدي شوفك هلق لما ترجع… وبدي أطلب منك تدخلني

     عالجيش…أنا بحب أخدم وطني وأمن مستقبلي كمان…خايف موت جوعان… هلق بس

      شوفك يا معالي الوزير ما رح خاف منك… وانت ما تزعل مني… لازم حدا يقلّك

     الحقيقة…انت بتعرف الحقيقة بس ليش بتطنّش…؟ إنت بتطنّش والناس بتموت… مش

      مزبوط هيك… إنسانياً مش مزبوط… فوتني عالجيش دخيلك… ببوس إيدك وإجرك…

       تعبان يا معالي الوزير… تعبان… تعبان… تعبان يا عبلا…

(تقترب منه عبلا، وتضمه إليها كالطفل الصغير وهو يبكي) تعبان يا عبلا… 

عبلا: (تضمه) روق يا حبيبي روق… 

عنتر: خديني عالبيت…لازم إلبس ثياب جداد… هلّق بيرجع معالي الوزير… ولازم شوفو…

       خديني عالبيت…(يخرجان معاً).

عبدو: يا ويلي… شو صرلو…؟

نهلا: قولكن جن…؟

حسونة: لأ… بس أكيد إذا ما بيرجع سيدكن الوزير… بيجن… 

عبدو: لازم يرجع… مش هو قلّك بدو يرجع يا حسونة…؟

حسونة: (بذكاء وجد) بلا… هو قللي… أكيد رح يرجع… 

نهلا: إيه فإذن لازم نجهّز حالنا، ونلبس تياب جداد… يللا، كل واحد يروح يحضّر حالو…

      بسرعة، (تقول للدمى) أنتو رجعوا على حبل الغسيل… (الدمى تعود إلى حبل الغسيل)

      وإنت يا حسونة… 

حسونة: نعم امري ستنا… 

نهلا: ما تفهمني غلط… أنا رأيي لو بتروح عالبيت، و… وبترتاح شوي… 

حسونة: بعرف… ما بدك معالي الوزير يشوفني… بتستحي فيي… 

نهلا: لالالا…مش عمقول إنك أهبل أو أخوت أو شي… بس أنت أحلالك تروح ترتاح، أحسن

      ما يشوفك معالي الوزير وياخذوك عالعصفورية… 

حسونة: معك حق… أنا على كلٍّ مشغول، عندي زيارة كتير مهمة لازم أعملا… في ناس

       بحاجه لمساعدتي… وبتعرفي الانسان لازم يساعد خيو الانسان… مش هيك…؟

نهلا: ضروري ضروري تساعدن… أوعا تتأخّر عليهن… برافو عليك يا حسونة برافو… 

حسونة: طيب سلمولي على السيد الوزير… يللا بخاطركم… (يغني وهو خارج) صاح الحذاء

        يا ويلاه يا ويلاه بأي… 

نهلا: حرام هيدا حسونة لو الله عاطيه شوية عقل… 

عبدو: كنّا منعملّو واسطة مع معالي الوزير هلّق لما يرجع… 

نهلا: طيب حرام دبرلو شي شغلة عالخفيف… ناطور أو حارس… هلق إنت صرت

      الواسطة… 

عبدو: قولك منساعدو وألله بيوفقنا… 

نهلا: وإنت شو رح تطلب…؟

عبدو: بدي أطلب وظيفة محترمه ببيروت… بالدوله… 

نهلا: وبدك تنزل تعيش ببيروت…؟

عبدو: إيــه… 

نهلا: وأنا كمان بنزل بسكن معك…؟

عبدو: إيــه… 

نهلا: وبصير مثل نسوان بيروت، عالموضه… 

عبدو: إيــه… 

نهلا: وبيصير عنّا سياره وتلفون…؟

عبدو: إيــه… 

نهلا: ومنصير ناكل ونشبع…؟

عبدو: إيــه… 

نهلا: وسكربينه سودا وسكربينه بيضا…؟

عبدو: إيــه… 

نهلا: وكومبيوتر… 

عبدو: إيه… 

نهلا: ومنعمل متل ما بدنا ومنعيش متل ما بدنا…؟

عبدو: إيــه… 

نهلا: وبركي الله ساعتها بيرزقنا شي ولد… 

عبدو: ولد…؟

نهلا: إيـه بكرا بتشوف، الله كريم… غمض عين وفتّح عين بتلاقيني حبله… 

عبدو: وكيف…؟

نهلا: ربنا بدو هيك… 

عبدو: وإنتي شو عرّفك…؟

نهلا: هلق بيكون ربنا عمبينسّق مع معالي الوزير… وأكيد عميحكوا عنّا… فكّر فيا… لو ما

      ربنا بدو يطعمنا ولد ما كان بعتلنا سيدنا الوزير لعنّا عا نص بيتنا… حتى يغيّرلنا

      حياتنا… 

عبدو: بس شو علاقة السيد الوزير بربنا…؟

نهلا: تنيناتن حكّام… بدك أكثر من هالعلاقة… 

عبدو: شو جنيتي…؟ عمتشبّهي ربنا للسيد الوزير…؟

نهلا: ليش مين أهم…؟ طيب أنا شو بيعرفني…!!

عبدو: ولك سكتي هيدا كفر… 

نهلا: عفواً… سامحني يا معالي الوزير… ما عرفت… 

عبدو: ولك له بالعكس… ربنا أهم من معالي الوزير… 

نهلا: آه.. لكن سامحني يا ربي… أنا مش معلّمه وما بفهم بالسياسه… واصله للثاني ابتدائي

      بس… 

عبدو: ولو..؟ يعني إذا بيقولولو معالي الوزير صار متل الله… ولو…؟!

نهلا: طيب ليش بيقولولو معالي الوزير، مش لأنو عالي…؟

عبدو: ولك إيه بس مش قد الله… هلق بيكونو صحبة بس مش متلو متلو يعني… 

نهلا: طيب ليك، إنت قللو لسيدنا… 

عبدو: شو بقللو..؟

نهلا: قللو يطعمنا ولد… يعملنا واسطه مع ربنا… الحكام على طول بيخدمو بعضن… 

عبدو: صعبة صعبة… بيكون عندو طلبات أهم منّا… 

نهلا: طيب شو بتخسر… جرّب، الله كبير… والسيد الوزير مش قد الله بس كمان كبير…

     خليني خلّف ولد متل هالنسوان… 

عبدو: قولك سيدنا الوزير قادر يحبلك…؟

نهلا: بيحبّل كل نسوان البلد إذا قصد… 

عبدو: وأنا شو…؟

نهلا: إنت…؟ إنت ما شي… ما عندك صوت وما عندك ظهر… واللي صوتو واطي ما حدا

       بيسمعوا… 

عبدو: واللي ما عندو ظهر ما بيقدر يحبّل حدا… حتى مرتو… 

نهلا: (حالمة) منخلّف ولد… منربيه… بيكبر… بيصير شخصية مهمه… ويمكن ربنا يطعمو

      ويعينو وزير… بصير أنا أم الوزير وإنت بيّ الوزير…

عبدو: (حالماً) إيه… 

نهلا: ولمّا نموت أنا وإنت بعد عمر الطويل… بيكون إبنّا وزير… تص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock