نص مسرحية ” يوم ليس له فائدة “ تأليف حيدر حسين

المسرح نيوز ـ القاهرة| نصوص

ـ

مسرحية

 

 

” يوم ليس له فائدة “

 

 

تأليف

حيدر حسين

 

 

 

 

الشخصيات :

1_ الحريف  .

2_ المساعد  .

3_ العامل .

 

 

المكان : ساحة كبيرة يتوزع في كل مكان حاجات العمل من مواد وادوات بناء، بالقرب منها حائط غير مكتمل وشجرة إلى جنب ذاك الحائط.

العامل : (يدخل إلى المسرح ويجلس على الارض بنوع من الغَضب والعصبية، يأخذ كلّ شيء امامه ويرميه، ينظر إلى كل شيء في مكان وهو يأخذ الحصى ويقذف بها على الحائط كانه يريده ان يسقط، بعدها يجلس ويمدد رجليه ويستند بظهره على الحائط ويغطي راسه ووجه بقبعة ويغط بنوم عميق )

المساعد : ( وهو حامل حقيبة على ظهره) يبدو ان هذا اليوم هو اليوم الأخير في هذا المكان، كم سأشتاق لهذا المكان وبالخصوص هذا الحائط .

(وهو ينظر إلى الحائط ينتبه إلى العامل وهو نائم يتقرب منه وهو يحاول يقضه، بخطوات خفيفة يمشي حتى يصل اليه ويصرخ بأعلى صوته )

المساعد : (يصرخ بقرب العامل) إسمنت ورمل .

العامل (بنوع من الفزع يركض بكل مكان وهو يردد ) إسمنت رمل …. إسمنت رمل…… إسمنت رمل .

المساعد : توقف … توقف.. هل كنت تحلم .

العامل : (يتوقف عن الركض) وهل تراني كنت نائماً ؟

المساعد: نعم كنت كذلك .

العامل : ربّما غفوة بسيطة وأنت أتيت بكل ازعاجك وسلبتني هذه اللحظات البسيطة.

المساعد: ايقظك أنا افضل من ان يأتي الحريف وتعرف قصة أنت .

العامل : انها ليست قصة ؟

المساعد : وماذا تكون ؟

العامل : انها دوامة .

المساعد: حسناً ليست قصة ولا دوامة بل انها معركة، وجميعنا  نعرف ان النهاية واحدة.

العامل: بالفعل أنها معركة والطرف الثاني له اشبه كثيرة على مرّ التاريخ .

المساعد : بالطبع فالتاريخ لا يخلو من الأبطال.

العامل : تقصد الساذجين .

المساعد : هذا تطاول لا اسمح به .

العامل: هذا لأنكم تخافون منه .

المساعد: ومن لا يخاف الحريف انه قوي .

العامل : أنا لا أخاف، ولكن لماذا أصبح قوياً ؟

المساعد : انه مميز، ولد هكذا بطلاً شامخاً لا يستطيع أحد ان يهزمه.

العامل ( بسخرية):  هل نزل من بطنه امه وذهب وحده ليستحم .

المساعد : ربما حصل هذا، المهم أني أعمل معه ويعطيني اجرتي التي يراها تكفيني لأعيش .

العامل : اجرتك …. ومنذ متى والحريف يعطينا اجرتنا كاملة.

المساعد: كلّ يوم أخذ اجرتي كاملة .

العامل : بالفعل انها كاملة، ولكن حسب ما يقرره الحريف .

المساعد: ماذا تقصد ؟

العامل : اقصد حاول ان تطل براسك وترى العالم الآخر كيف يحترم العامل ويعطونه اجرته كاملة، عندما ترى العالم ، عندها سوف تنعل الحريف كلّ صباح ومساء .

المساعد : كم انا غبي، لابد ان نقنع الحريف ….. .

العامل : هذا كان عشمي فيك كنت دائما أقول بانك ناقم على هذا الوضع الذي نحن فيه .

المساعد: لم تدعني اكمل كلامي أنا اقصد ان نقنع الحريف بأن يذهب لهؤلاء العمال، ويعلمهم كيف يكون العمل وكيف تكون اجرة العمال، ويعطيهم القليل من فيض خبرته .

العامل : كنا في واحدة واصبحنا في اثنتين، الا يكفي وجوده هنا .

المساعد: من أين اتيت بكل هذا الكره إلا تستحي من نفسك وان تصف هذا الرجل العظيم الذي لولاه لما أكلت ولا شربت .

العامل : أكمل .. أكمل …. وايضاً لم اخلق لولاه ولا اتنفس بدونه، وهل هذه وثنية جديدة .

المساعد : حق انه ربّ .

العامل : ماذا ربّ !!

المساعد : اقصد ربّ العمل .

العامل : وهل الحريف مذكر في ميثولوجيا الخائفين .

المساعد : وما هذه الميثولوجيا ؟

العامل : (بسخرية) اسم الحريف في الحضارات القديمة .

المساعد : حتى الحضارات القديمة كانت تنتظر الحريف أي شرف نلته أنا وهو يتحدث الي وبعض الأحيان يضربني أنا أعلم جيداً ان ضرب الحبيب زبيب .

العامل : ولهذا صار لون جسدك يشبه الزبيب .

المساعد : فداه جسدي وكلّ كلي .

العامل :  كان هنالك طائر يعيش في قفص ملون بالوان زاهية وكان يملك صوتاً جميلاً، يحب اللعب والقفز والأكل وكان يعطي الحيوية لكل من راه، ولكن ذات مرة .

المساعد : ماذا هل ستروي قصة ؟

العامل :  صاحب الطائر وضع القفص عند الشباك وبدأ الطائر يغرد بصوته الجميل حتى تجمعت حوله الطيور التي كانت عند الشجرة .

المساعد: وبعدها ….

(العامل هنا يجسد شخصية الطائر، وصوت من الكواليس يؤدي شخصية الطيور )

الصوت: من الذي جعلك داخل هذا القفص .

العامل : أنا ولدت هنا وهذه حياتي .

الصوت : حياتك السماء والأشجار وليس القفص.

العامل :  لماذا أنتم خارج اقفاصكم.

الصوت : هذا لأن الأقفاص ليست لنا .

العامل:  لقد فهمت لابد انكم تريدون ان تأخذوا قفصي .

الصوت : ومن هذا الغبي الذي يبدل الحرية بالسجن .

العامل : كيف تجرأ ان تصف بيتي بالسجن ؟

الصوت : دعك من هذا الكلام و تعال لنحلق بعيداً عن هنا .

العامل : احلق … وماذا تعني بهذه الكلمة هل هو تجاوز جديد ؟

الصوت : وما فائدة هذان الجناحان ؟

العامل : نعمل منه وسادة، يقولون انه الوسادة التي تصنع من الريش مريحة جداً، هل جربتها ؟.

الصوت : كفاك مزاحاً وهيا اخرج .

العامل : لا اخرج إلى الفوضى أنا انتمي إلى هنا  .

الصوت: أنت تنتمي للتحليق .

العامل :هذا تجاوز لا اقبل به، هيا اذهبوا من هنا وإلا … .

الصوت : كنت اريد ان اريك العالم من الأعلى وترى روعة الحرية وجمالها .

العامل : وماذا تقصد بالحرية هل هذا تجاوز آخر، ثم اني سمعت مالكي سوف يأتي بقفص جديد.

الصوت : يبقى القفص قفصاً حتى لو كان مطلياً بالذهب .

العامل : لابد انك تغار مني ومن مكاني الجميل.

الصوت (يفتح باب القفص ويتحدث معه وبعدها يحلق بعيداً):  هذا ما اتيت من اجله .

العامل(يسد باب القفص ) لابد ان هذا الطائر ارتكب خطأ ما فتم معاقبته وجعله يحلق، صدع راسي بكلامه الغريب الآن همي الأول والأخير ما لون قفصي الجديد ؟

 

 

(يرجع العامل إلى شخصيته  الرئيسة )

المساعد : اذا كان لديك طير حاول ان تغير قفصه بين مرة وأخرى.

العامل : هذا تفكير عميق .

المساعد : بعض الكلمات التي حفظتها من معلمي .

العامل : معلمك ومن هو ؟

المساعد : الحريف انه معلمي وقدوتي .

العامل: انه ليس قدوة .

المساعد : ماذا اذن ؟

العامل : انه حدوة .

المساعد : وهل الحدوة اعلى منزلة من القدوة .

العامل : بالتأكيد.

المساعد : اطال بعمر حدوتنا ابد العمر .

العامل : ما هو تاريخ اليوم ؟

المساعد : لا اعرف .

العامل : حسناً في أي شهر ؟

المساعد : أيضاً لا اعرف .

العامل : في أي سنة نحن ؟

المساعد : اخبرتك باني لا اعرف لا اعرف .

العامل : حسناً ما الذي تعرفه ؟

المساعد:  اعرف بأن أذا جاء الحريف يبدأ اليوم … .

العامل : هل صار الحريف ديكاً .

المساعد :  واذا ذهب انتهى اليوم .

العامل : متى آخر مرة احتفلت بمناسبة ما ؟

المساعد : أنا احتفل كلّ عام في مناسبتين الأولى عيد الزواج والثانية عيد الميلاد .

العامل : مناسبتان رائعتان .

المساعد : بالفعل لابد للإنسان ان يهرب من واقع العمل الممل والروتين القاتل .

العامل : وكم مر من الوقت على آخر مناسبة ؟

المساعد : ليست بالبعيدة حيث كان عيد ميلاد رهيب .

العامل : لا بد انها انتهت بليلة حمراء أنت ووووو ها ها ها ها ها ها  .

المساعد (بغرابة ) عن ماذا تتكلم أنا اقصد عيد ميلاد الحريف !!

العامل: ميلاد الحريف!!!!!!!!

المساعد : وماذا كنت تظن غير هذا ؟

العامل : كنت اظن انه عيد ميلادك .

المساعد : لا عيد ميلاد الا لسيدي الحريف ، وقتها رقصت كأني واحد من الهنود الحمر .

العامل : ما لون الهنود الحمر .

المساعد (بفخر) : احمر .

العامل :  ترقص وتصفق  للحريف الذي يجعل لونك مثل لون الزبيب .

المساعد: من الواضح انك تريد ان تجعل هذا اليوم هو يومك الأخير في العمل .

العامل : وهل ستقلني رقصا  ها ها ها ها .

المساعد : أنت لا تعرف مصلحتك اصلاْ .

العامل : المصلحة التي يكون فيها الحريف لا تكون مصلحة .

المساعد: وماذا تسميها ؟

العامل : وقود، يستخدمنا متى يشاء، كأننا كتب علينا ان نستعمل لمرة واحدة .

المساعد: هذا هو الواقع .

العامل : هذه الكلمة، أول كلمة قد سمعتها من امي عندما كنت  صغيراً ، كانت تتلوها علي كل يوم، وقتها لم افهم لماذا كانت تفعل هذا، ولكن ابي كان …… .

المساعد : ماذا به ؟

العامل : دائما كان يقول لي بني لا ترضَ بفتات الخبز خذ الخبزة كلها .

المساعد : واين هو الان ؟

العامل : انه هناك بعيداً في الأعلى.

المساعد : اذا مات والحريف راضٍ عنه فله الجنان .

العامل : لقد قتله الحريف .

المساعد : لقد مات ميتّ جاهلية .

العامل : كان صباح عندنا يبدأ بنعال طائر في الهواء يستقر في صورة وجه الحريف، كان دائما يندب حظه لأنه ولد في هذه البقعة الملعونة، كان يعشق الفلسفة ولا ابالغ اذا قلت انه كان فيلسوف عصره، لم يدخلني مدارس الحريف ، حيث كان يقول بأن المتخرجين متشابهون في كل شيء كأنهم حمير، لذلك جعل بيتنا مدرسة، كانت يسمي الاشياء بطريقة مضحكة، انا ذاهب الى الحريف لأقضي حاجتي، ومرات وجدته  يبحث عن شيء ما، قلت له عن ماذا تبحث قال لي هل رأيت الحريف الايسر، قلت له ربما لازال في لاصق في صورة الحريف،ضحكنا وقتها كثير، وفي الصبح بكيت كثير .

المساعد : لقد تأخر الحريف اليوم .

العامل : ربّما مات ؟

المساعد : ما هذا الكلام الذي تتفه به، ها جننت .

العامل : ان الموت بداية جديدة.

المساعد (بحزن) كلا الحريف لا يموت.

العامل :  دائماً  تعتقدون بأن الموت لا يصل اليهم، ولكن ما هي إلا لحظات ويكون جثة عفنة، وترى مدافع من البصق يمطر عليه من كلّ جانب .

المساعد : أنت تكذب أنت تكذب.

العامل : يخرج محمولاً وعند باب البيت يجد الناقمين عليه بانتظاره، فترى من يدوس بحذائه على رأس الحريف وبعضهم تقف في وجههم حرمة الميت، أما المتعصبون فترهم يجرونه بين الأزقة والأطفال ترميه بالحجارة، فلا يضربونه بالأحذية ما ذنب الأحذية ان يكون مصيرهم في وجه الحريف .

المساعد : اقسم باني ادافع عنه حتى أموت معه .

العامل : لا تخف فالحريف لا ينساكم، تجده صنع لكم حريفاً على مقاسكم .

المساعد : دائماً لديه خطط لنا .

العامل : هؤلاء لا يعرفون ما هي الخطط ، ولكن …. .

المساعد : ولكن ماذا ؟

العامل : انتم المشكلة، ايها المعطلون ……. .

المساعد : ولكني اعمل واتحرك وليس فيّ أي شيء.

العامل : اقصد انكم اطفأتم محرك عقولكم .

المساعد : أنت تتكلم هكذا لأنك عارف بالأشياء التي تعرفها فقط ، لذلك لا تقنع نفسك أنك تعلم الحقيقة كاملة .

العامل : ماذا تعني بهذا الكلام .

المساعد : لا اعرف، ولكني حفظتها من الحريف .

العامل : الحقيقة موزعة .

المساعد : الا الحريف لديه الحقيقة الكاملة .

العامل : مبالغات .

المساعد : بدوان أشارة أو سابق انذار تنزل من مكان ضيف وجسدك لزج، وعلامة أنك حي ان تبكي، كيف يريدون ان نضحك ونفرح ونحن أول شيء عرفناه هو البكاء، كنت وقتها لا اعرف أين أنت ولا في أي مكان، المهم ان انتبهت لهذا العالم عندما رأيت أول صفعة على وجهة أمي، وكنت اسمع صرخاتها وبكاءها وهي تتوسل بأبي ارجوك اتوسل اليك لا تجعل الطفل يراني هكذا، كان يأخذها إلى الغرفة المجاورة وأنا اسمع اهات أمي ونشيجها وهي تحبس صوتها حتى لا اسمعها، وكان دائما السبب وأحد .

العامل (بحالة من الصدمة والذهول) ما هو السبب ؟

المساعد : كان أبي يشتغل أيضاً مساعداً وكان يشبه هذه الحياة التي اعيشها او ربّما أنا اشبه حياته لا يهم، كانت أمي دائماً تتكلم عن الحريف كلام لا أحد يتحمله ولآن أبي قد نشأ تنشئة صحيحة كان يضربها حتى ترجع  إلى رشدها، فكل المدينة تعرف بأننا عائلة صاحبة نهج ثابت، وهذا الثابت هو اقدس ارث لدينا، لذلك فنحن أرثناه وسوف نورثه لمن يأتي بعدنا .

العامل : وهل الحريف كان موجوداً في زمن أبيك ؟

المساعد : نعم كان موجوداً الحريف الأب، كان أبي يجلس عند سريري وقبل ان اغمض عينيّ يهمس باذني بني كن مطيعا لحريف زمانك .

العامل : انت تمتلك صفة ذيل الكلب .

المساعد : ناعم الملمس وسريع الحركة .

العامل : حسناً لا تتعب نفسك لن تفهما .

المساعد : أنا اعمل بوصية أبي واجدادي .

 

( يدخل الحريف وهو يظهر شيئاً فشيئاً، حتى يبدو واضحاً، فتى يرتدي سترة طويلة وقبعة ويحمل بيده فأساً كبيرة يتحرك في كل مكان ينظر إلى العامل بنظر خاطفة وكذلك ينظر إلى المساعد، ويبدأ يتفقد المكان بنظرات فاحصة كأنه يبحث عن خطأ ما، يذهب نحو الشجرة يقف إلى جوارها وهو يتفحص بيده فروع الشجرة القريبة منه، ينزع سترته الطويلة وتظهر الأوسمة والنياشين موزعة على صدره )

 

الحريف : طابوق موجود إسمنت موجود رمل موجود، أذا لم اكن مخطئاً فأن هذا الطابوق الموجود هنا يكفي لإكمال هذا الحائط ، لأننا ببساطة لو طرحنا المساحة غير المكتملة من الحائط من المساحة الكاملة للحائط فأن النتيجة ستكون دقيقة جداً ، لذلك لابد ان ننهي هذا العمل اليوم .

المساعد (بفرح ) : ألم اخبرك بأنه سياتي هو دائماً يأتي كلّ مرة تقولون بأنه لن يحضر فيجيكم كإعصار يزلزلكم وتقفون حائرين أمامه .

الحريف (يتكلم مع المساعد): من ذا الذي يشكك في قدومي ؟

المساعد (ينظر إلى العامل ) : الحليم تكفيه الإشارة .

الحريف : هل تقصد العامل بكلامك هذا ؟

العامل (يتحدث مع نفسه) : إذن اين الحليم ؟

الحريف( يأتي المساعد ويجلس أمامه ويصعد الحريف على ظهر المساعد ليتحول المكان إلى منصة ) : بيان… بيان إلى كلّ العاملين الذين يعملون تحت رقبتي والذين يشكلون مئة بالمئة من عدد سكان هذه البقعة التي أصبحت مباركة بوجودي لذلك ها أنا ذا اقولها لكم باني سأصدر تعليمات وقوانين جديدة تخص العمل والعاملين .

العامل : أنا لدي مقترح بسيط اريد ان اضيفه على شكل قانون وهو أيضاً يصب في مصلحة العامل .

الحريف : وتريدنا نترك العمل ونستمع لمقترح ، الوقت يمضي .

العامل : مقترح اقصر منك ،لا يأخذ من وقتك الكثير .

المساعد : أنت دائماً تفعل هكذا، لكي تتملص من العمل .

الحريف : اخبرتك بان الوقت يداهمنا هيا إلى مكانك .

العامل (بعصبية ) : اخبرتك باني لن اذهب إلى أي مكان قبل ان تسمع ما لدي من كلام .

الحريف : تصرخ في وجهي أيها النكرة، قلت لك  اذهب إلى مكانك وإلا ….. .

العامل: اقسم باني لن اتحرك من مكاني هذا حتى  تسمع ما عندي .

الحريف ( ينظر إلى المساعد ويضحكان معا )

العامل : انا اليوم مقاطع للعمل  .

الحريف(يضحك) : ها ها ها ها مقاطع، أيها المساعد هل سمعت ما يقوله هذا العامل .

المساعد : نعم لقد سمعت، يقول انه مقاطع .

العامل :  أنا مقاطع للعمل اليوم حتى تنفذ مطلبي .

الحريف (باستهزاء) : حسناً، تكلم وأنت تعمل .

العامل (ينفجر غضبا) اخبرتك بانك ستقف وتسمع ما اريده منك، وكفاك تتعامل معنا كأننا عبيد.

الحريف : الفرق بينك وبين العبيد أنك تثرثر كثيراً، وهم لا .

العامل : وهل الكلام يخيفك ؟

الحريف : وأنت قلتها كلام نهايته هاتان الشفتان القذرتان .

المساعد (يتحدث إلى العامل) : لابد أنك نسيت نفسك مع من تتكلم .

العامل (بسخرية) :  اتحدث إلى إلهك الذي صار كتماثيل الرومان اقسى ما تصله يداك قدميه المباركتين !!!

الحريف : لمثلي ان تكتب الأشعار وتصدح الحناجر وتضرب الدفوف، من ذا الذي يترك سريره الدافئ ليأتي إلى هنا، لولا مصانعي ومعاملي ما جلست ببيت لأنني أنا من يصنع الطابوق وكلّ مواد البناء، ألم تسأل من أين تأتي زوجتك بتلك الملابس المغرية أنا من يصنعها وعلى ذوقي وتصميمي، لذلك تجدني في كلّ مكان، عندما تفكر وأنت تنظر في السقف أنا انظر اليك، عندما تصفف شعرك على المرآة أنا أنظر اليك ، أنا في كلّ مكان أيها الغبي .

العامل: حتى لو كنت تسيطر على كل شيء هنا، فنحن أحرار في مكان آخر .

الحريف : وما هو هذا المكان ؟

العامل: في عقولنا .

الحريف : أنتم تفكرون عندما اسمح لكم بالتفكير، هذا يعني انكم لا تفكرون اصلا .

المساعد :  لا عليك انه  يكذب لا تصدقه، انه يحاول ان يجد ثغرة ليتكلم به، أنت بيدك كلّ شيء حتى الأحلام .

العامل : كيف لإنسان ان يعيش بلا حلم .

الحريف : أحذر ربّما بعض الأحلام ملغومة بالكوابيس .

العامل: فكيف بالذي حياته كابوس .

الحريف : حتى احلامكم أنا من يضع لها مقاستها .

العامل : ما أزال حاسماً في امري عليك ان تسمع .

الحريف : لقد سئمت منك ومن كلامك هذا قل ما لديك وخلصنا .

المساعد: ماذا هل تقصد بأنك سوف تهدر وقت للإسماع لهذا المجنون !! .

العامل : أنت لا تعرف عن المجانين شيئاً .

المساعد: وماذا يكونون غير اناس يأكلون من النفايات وينامون في العراء .

العامل : ان المجانين أنبياء الشوارع، انهم فلاسفة لم يفهمهم المجتمع .

الحريف : سحقا لك تريد ان تعطينا درساْ عن المجانين هي هات ما عندك .

العامل ( يأخذ اداة الحرف التي لديه ويمسكها كانه يمسك ميكروفون)

باسمي وباسم اليد العاملة الكادحة، القي عليكم اقتراحي الذي لطالما فكرت به كثير بيني وبين نفسي وكنت دائما اقول يجيب ان يكون من اوليتنا نحن العمال، لذلك أنا اطلب من السادة الحضور ان يصوت على ان يكون للعمال عيد وطني يحتفل به العامل ويكون عطلة رسمية في عموم البلاد .

الحريف : يا ترى ما هي  طقوس هذا العيد ؟

العامل : يمنع خروج أي عامل للعمل طيلة ثلاث أيام .

الحريف : وبعد ؟

العامل : لا نرى وجهك طيلة هذه الأيام .

الحريف : وماذا في وجهي هل أنا بشع إلى هذه الدرجة ؟

المساعد: انه يقصد بأنه أذا رأى وجهك سوف تطغي على عيد العامل، لأن وجهك عيد في كلّ الأيام.

العامل (العامل مع نفسه) قالوا للمسجون ارسم لنا، فرسم قضبان ملونة .

الحريف (يتحدث مع العامل ) : بماذا تثرثر مع نفسك ؟

العامل : كنت اقول ما هو رأي الحريف بما اقترحت ؟

الحريف (وهو يمشي بالمكان) حسناً سأقول اجابتي على مقترحك هذا، في زمن جدي الحريف المؤسس كان هنالك شاب جميل ووسيم وأنيق وكلّ الأشياء الحسنة فيه، إلا خصلة واحدة انه كان ثرثاراً إلى درجة الازعاج، بين ليلة وضحاها أصدر الحريف المؤسس  مذكرة اعتقال بحق هذا الشاب، وبعد تعذيب وضرب والشاب لا يعرف ما هي التهمة التي قذفت به هنا، حتى وصل الموضوع للإعدام، وتمت تجهيز المشنقة وجيء بالشاب أمام الحريف المؤسس، (يجسد الحريف شخصية الشاب)  أرجوك يا سيدي اتوسل أليك ما هي جريمتي التي اوصلتني إلى حبل المشنقة . (يجسد الحريف هنا شخصية الحريف المؤسس)  فقال له سأقول لكَ ما هي تهمتك  أيها الشاب، قل لي ما معنى كلمة عصيان ؟  بقى الشاب في حالة صدمة، رد الحريف المؤسس سائلا هي أجب، ( يجسد الحريف دور الشاب) اقسم يا سيدي باني سمعتها من شخص مسافر بات في الفندق الذي اعمل به، واصبح يتكلم بكلام لا افهم معناه فحفظت هذه الكلمة، وأنا اقسم لك يا سيدي بأني لا اعرف معناها اردت فقط ان أصبح أمام الناس بأني متكلم واعرف كلمات هم لا يعرفونها، اجابه الحريف المؤسس ( يجسد الحريف شخصية الحريف المؤسس) إذن سوف تموت وتموت معك هذه الكلمة .

العامل ( وهو يضحك) : لقد حفظت هذا الكلام فقط .

الحريف : أنك لا تفهم شيء .

العامل : صدقني باني فهمت ما قلت جيداً ، لذلك افعل ما شئت .

المساعد : كلّ شيء جاهز أيها الحريف .

الحريف : هيّا نفذ .

( يهجم المساعد على العامل ويبدأ بجره إلى مكان المقصلة، يضع راس العامل فيها ويقف إلى جنبه )

المساعد ( يتحدث مع الحريف)  : كأني ارى الحريف المؤسس بأم عيني .

الحريف : أنها الجينات أيها المساعد .

العامل ( يتكلم مع الحريف) : أحذر، سيكون السقوط  مدويا .

الحريف (بسخرية وهو يضحك) : حتى لو صار ما تقول لا اظن بانك سوف ترى هذا .

العامل : لا بد ان هنالك من هو قادم اليك .

الحريف : صدقني لن يأتي أحد، نمّ قرير العين يا ثائر الأعياد .

العامل :  هل لي بطلب اخير  ؟

الحريف : قل ما هو طلبك لأنه آخر طلب لك في هذه الحياة .

العامل : ارجوك عندما تتحدث عن قصتي تحدث وقل لهم القصة كاملة .

الحريف (يضحك) : اقول لهم بانه مات لان يريد عيد للعمال ؟

العامل: هل تعدني بذلك ؟

الحريف :  اعدك .

العامل :  أيها المسكين أنت مثل اسلافك لا تقرأ بين السطور .

الحريف : ماذا ؟

العامل ( يتودد للحريف وهو ينظر للحبل) : قل لهم القصة  كاملة .

الحريف : قلت لك هذا وعد .

العامل ( يضحك بهستيرية وهو ينظر للحبل) : أنت مثل اسلافك لا تقرأ بين السطور.

الحريف : ماذا تقصد ؟

العامل (يتودد للحريف وهو ينظر للحبل ) : قل لهم القصة  كاملة.

الحريف : تبا لكَ قلت لك بأني وعدتك بهذا .

العامل (يضحك بجنون وهو يضحك ) : أنت مثل اسلافك لا تقرأ بين السطور.

الحريف ( بعصبية ) : أيها المساعد نفذ الأمر .

(يفلت المساعد الحبل ويذهب إلى جانب الحريف كانه جندي )

المساعد : لقد تم تنفيذ المهمة بنجاح سيدي .

الحريف:  احسنت أيها المساعد .

المساعد : ما هو رأيك بمقترح العامل ؟

الحريف : مقترح جيد، ولكن يحتاج إلى تعديل .

المساعد : انا لدي الحل .

الحريف : هيا قل ما هو الحل .

المساعد : بما ان كلّ أيام السنة أصبحت أعياد لك، اقترح ان نضيف يوماً جديداً على السنة يكون عيد للعمال .

الحريف : احسنت مقترح رائع ، وما هي طقوسه .

المساعد : انت تنام، ونحن نعمل .

الحريف : حسناً أنا موافق .

 

 

 

انتهت

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock